الفصل السادس و العشرون: فيما نذكره من زيارة جامعة مختصرة للنبي و الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين في يوم الجمعة و فضل الصلاة عليهم

حدثني جماعة بإسنادي إلى جدي أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه قال و روي عن الصادق (ع) أنه قال من أراد أن يزور قبر رسول الله (ص) و قبر أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و قبور الحجج (ع) و هو في بلده فليغتسل يوم الجمعة و ليلبس ثوبين نظيفين و ليخرج إلى فلاة من الأرض و في رواية أخرى افعله على سطح دارك ثم يصلي أربع ركعات يقرأ فيهن ما تيسر من القرآن فإذا تشهد و سلم فليقم مستقبل القبلة و ليقل السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته السلام عليك أيها النبي المرسل و الوصي المرتضى و السيدة الكبرى و السيدة الزهراء و السبطان المنتجبان و الأولاد و الأعلام و الأمناء المستخزنون جئت انقطاعا إليكم و إلى آبائكم و ولدكم الخلف على بركة الحق فقلبي لكم مسلم و نصرتي لكم معدة حتى يحكم الله لدينه فمعكم معكم لا مع عدوكم إني من القائلين بفضلكم مقر برجعتكم لا أنكر لله قدره و لا أزعم إلا ما شاء الله سبحان الله ذي الملك و الملكوت يسبح الله بأسمائه جميع خلقه و السلام على أرواحكم و أجسادكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته أقول و قد ذكرنا في كتابنا المعروف بمصباح الزائر و جناح المسافر و هو ثلاث مجلدات ما فيه نجاح لأهل الزيارات و ذكرنا في هذا الجزء الرابع في الفصل الثالث منه زيارات للنبي و لكل واحد من الأئمة عليه و عليهم أفضل الصلوات و زيارة للمهدي خاصة في يوم الجمعة عليه أبلغ التحيات و فيها بلاغ لأهل السعادات ذكر ما نورده من فضل الصلاة على النبي (ص) و الصلاة على أهل بيته و بعض الرواية بصفة ذلك و جملة من فوائدها يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه العلامة رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس كبت الله أعداءه قد عرف ذوو الألباب أن فضل الخدمة لبواب سلطان الحساب على قدر منازلهم من جلاله و إقباله و شهد لسان الحق و الصدق أن محمدا رسول الله و الخواص من آله في المقام الذي شهد لهم به مقدس بيان مقاله فإذا عرفت الله جل جلاله و عرفتهم على التحقيق و لزمت ما توجبه معرفة الله جل جلاله و معرفتهم من جميل الطريق عرفت فضل الصلاة عليهم و الخدمة لهم و إهداء الخير إليهم على سبيل الجملة و الوجه الجميل و إنما نحن نذكر الآن بعض التفصيل ذكر رواية أولى في فضل الصلاة عليهم في يوم الجمعة حدثني الجماعة الذين قدمت أسماءهم بإسنادهم إلى محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن زيد عن الحسن بن علي الوشاء عن زيد أبي أسامة الشحام عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول ما من عمل يوم الجمعة أفضل من الصلاة على محمد و على آل محمد و لو مائة مرة و مرة قال قلت كيف أصلي عليهم قال يقول اللهم اجعل صلواتك و صلوات ملائكتك و أنبيائك و رسلك و جميع خلقك على محمد و أهل بيت محمد عليهم السلام و عليه و رحمة الله و بركاته

 

ذكر رواية ثانية بتعظيم فضل الصلاة عليهم و بعض صفاتها

 

حدث أحمد بن موسى عن الحسن بن موسى عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير قال سألته عن قول الله تبارك و تعالى إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً فقال (ص) تزكيته له في السماء قلت ما معنى تزكية الله إياه قال زكاه بأن برأه من كل نقص و آفة يلزم مخلوقا قلت فصلاة المؤمنين قال يبرءونه و يعرفونه بأن الله قد برأه من كل نقص هو في المخلوقين من الآفات التي تصيبهم في بنية خلقهم فمن عرفه و وصفه بغير ذلك فما صلى عليه قلت فكيف نقول نحن إذا صلينا عليهم قال تقولون اللهم إنا نصلي على محمد نبيك و على آل محمد كما أمرتنا به و كما صليت أنت عليه فكذلك صلاتنا عليه

 

ذكر رواية ثالثة بصلاة الله جل جلاله على من يصلي على النبي

 

حدثني جماعة قد قدمت أسماءهم في عدة مواضع بإسنادهم إلى جدي أبي جعفر الطوسي بإسناده إلى محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى عن أبي محمد الأنصاري عن يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال من قال صلى الله على محمد النبي قال الله تبارك و تعالى صلى الله عليك فليكثر و ليقل ذكر رواية رابعة بصلاة الله جل جلاله و الملائكة على من صلى على النبي (ص) حدثني جماعة بالإسناد المشار إليه عن محمد بن الحسن الصفار عن سلمة بن الخطاب عن إسماعيل بن جعفر عن الحسن بن علي عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قال إذا ذكر النبي (ص) فأكثروا الصلاة عليه فإنه من صلى على النبي (ص) صلاة واحدة صلى الله عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة و لم يبق شي‏ء مما خلق الله إلا صلى على ذلك العبد لصلاة الله عليه و صلاة ملائكته فمن لا يرغب في هذا إلا جاهل مغرور قد برئ الله منه و رسوله

 

ذكر رواية خامسة في أن الله جل جلاله جعل مكان تسبيحه الصلاة على محمد و آله

 

حدثني جماعة بالإسناد المشار إليه عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله البرقي يرفعه إلى أبي عبد الله (ع) قال رجل لأبي عبد الله جعلت فداك أخبرني عن قول الله تبارك و تعالى و ما وصف من الملائكة يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ثم قال إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً كيف لا يفترون و هم يصلون على النبي (ص) فقال أبو عبد الله (ع) إن الله تبارك و تعالى لما خلق محمدا (ص) أمر الملائكة فقال انقصوا من ذكري بمقدار الصلاة على محمد في الصلاة مثل قوله سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر

 

ذكر رواية سادسة في أن الصلاة عليه (ص) لا يقبل إلا بالصلاة على أهل بيته

 

حدثني جماعة بإسنادهم المشار إليه إلى محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن علي بن سعد عن واصل بن عطا عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال قال النبي (ص) ذات يوم لعلي (ع) يا علي أ لا أبشرك فقال بلى بأبي أنت و أمي فإنك لم تزل مبشرا بكل خير فقال أخبرني جبرئيل آنفا بالعجب قلت ما الذي أخبرك يا رسول الله قال أخبرني أن الرجل من أمتي إذا صلى علي و أتبع بالصلاة على أهل بيتي فتحت له أبواب السماء و صلت عليه الملائكة سبعين صلاة و إنه لمذنب خطأ ثم تحات عنه الذنوب كما تحات الورق من الشجر فيقول الله تبارك و تعالى لبيك يا عبدي و سعديك يا ملائكتي أنتم تصلون عليه سبعين صلاة و أنا أصلي عليه سبعمائة صلاة فإذا صلى علي و لم يتبع الصلاة على أهل بيتي كان بينه و بين السماء سبعون حجابا و يقول الله تبارك و تعالى لا لبيك يا عبدي و لا سعديك يا ملائكتي لا تصعدوا دعاءه إلا أن يلحق بنبيي عترته فلا يزال محجوبا حتى يلحق بي أهل بيتي

 

ذكر رواية سابعة في صفة الصلاة على النبي (ص)

 

حدث جماعة من أصحابنا قالوا أخبرنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن سنان قال حدثني أبي عن جدي محمد بن سنان عن عبد الله بن سنان قال كنا عند أبي عبد الله (ع) جماعة من أصحابنا فقال لنا ابتداء كيف تصلون على النبي فقلنا نقول اللهم صل على محمد و آل محمد فقال كأنكم تأمرون لله عز و جل أن يصلي عليهم فقلنا فكيف نقول قال (ع) تقولون اللهم سامك المسموكات و داحي المدحوات خالق الأرض و السماوات أخذت علينا عهدك و اعترفنا بنبوة محمد (ص) و أقررنا بولاية علي بن أبي طالب (ع) فسمعنا و أطعنا و أمرتنا بالصلاة عليهم فعلمنا أن ذلك حق فاتبعناه اللهم إني أشهدك و أشهد محمدا و عليا و الثمانية حملة العرش و الأربعة الأملاك خزنة علمك أن فرض صلاتي لوجهك و نوافلي و زكواتي و ما طاب لي من قول و عمل عندك فعلى محمد و آل محمد و أسألك اللهم أن توصلني بهم و تقربني بهم لديك كما أمرتني بالصلاة عليه و أشهدك أني مسلم له و لأهل بيته عليهم السلام غير مستنكف و لا مستكبر فزكنا بصلواتك و صلاة ملائكتك إنه في وعدك و قولك هو الذي يصلي عليكم و ملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور و كان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام و أعد لهم أجرا كريما فأزلفنا بتحيتك و سلامك و امنن علينا بأجر كريم من رحمتك و اخصصنا من محمد (ص) بأفضل صلواتك و صل عليهم إن صلواتك سكن لهم و زكنا بصلاته و صلوات أهل بيته فاجعل ما آتيتنا من علمهم و معرفتهم مستقرا عندك مشفوعا لا مستودعا يا أرحم الراحمين

 

ذكر رواية ثامنة في صفة الصلاة عليهم

 

حدثني جماعة بإسنادهم إلى محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد و محمد بن عيسى بن عبيد عن زياد بن مروان القندي عن حريز قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك كيف الصلاة على النبي (ص) فقال قل اللهم صل على محمد و أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فقال فقلت في نفسي اللهم صل على محمد و أهل بيته فقال لي ليس هكذا قلت لك قل اللهم صل على محمد و أهل بيته فقال لي إنك لحافظ يا حريز فقل كما أقول لك اللهم صل على محمد و أهل بيته الذين أذهبت عنهم الرجس و طهرتهم تطهيرا قال فقلت كما قال فقال قال لي قل اللهم صل على محمد و أهل بيته الذين ألهمتهم علمك و استحفظتهم كتابك و استرعيتهم عبادك اللهم صل على محمد و أهل بيته الذين أمرت بطاعتهم و أوجبت حبهم و مودتهم اللهم صل على محمد و أهل بيته الذين جعلتهم ولاة أمرك بعد نبيك صلى الله عليه و على أهل بيته

 

ذكر رواية تاسعة بأن الصلاة عليه و على أهل بيته مغفرة لقائلها البتة صلى الله عليه و على أهل بيته

 

حدثني جماعة بالإسناد المشار إليه إلى محمد بن الحسن الصفار عن أحمد عن الحسين بن سعد عن علي بن مهزيار عن محمد بن إسماعيل عن رجل عن منصور بن بزرج عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال من قال يا رب صل على محمد و على أهل بيته غفر الله له البتة فقال كذا قال رسول الله (ص)

 

ذكر رواية عاشرة بأن الصلاة عليه (ص) مجوزة للدعاء و مرضاة للرب و زكاة للأعمال

 

حدثني جماعة بالإسناد المشار إليه عن محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم و أحمد بن أبي عبد الله و الحسين بن علي بن عبد الله عن النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه (ع) قال قال رسول الله (ص) صلاتكم علي مجوزة لدعائكم و مرضاة لربكم و زكاة لأعمالكم

 

ذكر رواية حادية عشر بأن الدعاء لا يرفع حتى يذكر النبي (ص)

 

و بهذا الإسناد عن جعفر عن أبيه عن آبائه (ع) قال إذا دعا أحدكم و لم يذكر النبي (ص) رفرف الدعاء على رأسه فإذا ذكر النبي (ص) رفع الدعاء

 

ذكر رواية ثانية عشر بأن الصلاة عليه و على أهل بيته تفتح أبواب الإجابة

 

حدثني جماعة بإسنادهم إلى محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن بشير الدهان عن عبد الملك بن عتبة عن أبي عبد الله (ع) قال قال أبو عبد الله (ع) إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة على محمد و يقول افعل بي كذا و كذا فإن العبد إذا قال اللهم صل على محمد و على أهل بيته استجاب له فإذا قال افعل بي كذا و كذا كان أجود من أن يرد بعضا و يستجيب بعضا

 

أقول فإذا كانت الصلاة على النبي (ص) قبل الدعاء هي مجوزة للدعاء و رافعة للدعاء و سببا للإجابة و بلوغ الرجاء فينبغي أن يكون قلب الداعي حاضرا عند ذكر الصلاة على النبي و آله (ص) وقت الدعوات و تكون الصلوات مقصودة في الدعاء و من أهم المهمات و لا يدرجها بالتهوين و الغفلات ذكر رواية ثالثة عشر يتضمن اسم الملك الذي يبلغ الصلوات إليه (ص)

 

حدثني جماعة بإسنادهم إلى محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أبي داود المسترق عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (ع) قال وكل الله بقبر النبي (ص) ملكا يقال له ظهليل إذا صلى عليه أحدكم و سلم عليه قال له يا رسول الله فلان سلم عليك و صلى عليك قال فيرد النبي (ص) بالسلام و مما رويناه عن محمد بن علي بن محبوب عن علي بن إسماعيل الميثمي عن العامري عن محمد الجعفري عن عمار بن ياسر قال سمعت رسول الله (ص) يقول إن الله أعطى ملكا من الملائكة أسماء الخلائق كلهم و أسماء آبائهم فهو قائم على قبري إذا مت إلى يوم القيامة فليس أحد يصلي علي صلاة إلا قال يا محمد صلى عليك فلان بن فلان بكذا و كذا و إن ربي كفل لي أن يصلي على ذلك العبد بكل واحدة عشرا يقول السيد الإمام العالم العامل الفقيه العلامة الفاضل رضي الدين ركن الإسلام جمال العارفين أفضل السادات ذو الحسبين بلغه الله آماله و ختم بالحسنى أعماله و هذا آخر ما أردنا ذكره هاهنا من فضل الصلاة على النبي (ص) و من فوائد ذلك فاغتنم أيها العبد ما يقربك من رحمة الله جل جلاله و إقباله و سيأتي بعد صلاة العصر من يوم الجمعة روايات بصلوات معينات على النبي (ص) فلا تضجر و لا تمل فعمرك ضائع و لا بد من زواله فاغتنم قبل انفصاله