باب ما جاء في النميمة

النمام لا تصدقه لأنه فاسق مردود الشهادة و قد قال الله تعالى إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فيجب أن تنهاه عن ذلك و تنصحه و تقبح فعله له قال الله تعالى وَ أْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ انْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ لئلا تظن بأخيك الغائب السوء لقوله تعالى اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ و لا يحملك ما حكي لك على التجسس و البحث و ينبغي بعد ذلك ألا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه فلا تحكي نميمة فتقول فلان قد حكى كذا و كذا فتكون به نماما و مغتابا و تكون قد أتيت بما عنه نهيت .

روي أن عمر بن عبد العزيز دخل إليه رجل فذكر عنده عن رجل شيئا فقال عمر إن شئت نظرنا في أمرك فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ و إن كنت صادقا فأنت من أهل هذه الآية هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ و إن شئت عفونا عنك فقال العفو لا أعود إلى مثل ذلك أبدا .

و ذكر أن حكيما من الحكماء زاره بعض إخوانه و أخبره بخبر عن غيره فقال له الحكيم قد أبطأت في الزيارة و أتيتني بثلاث جنايات بغضت إلى أخي و شغلت قلبي الفارغ و اتهمت نفسك الأمينة .

و قال رجل لبعض الأمراء إن فلانا لا يزال يذكرك في قصصه بشر فقال له ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه و لا أديت حقي حين أبلغتني عن أخي و لكن أعلمه أن الموت يعمنا و القيامة تضمنا و الله يحكم بيننا و هو خير الحاكمين .