باب 2- احتجاج النبي ص على اليهود في مسائل شتى

 1-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ ج، ]الإحتجاج[ بالإسناد إلى أبي محمد العسكري ع قال قال جابر بن عبد الله الأنصاري سأل رسول الله ص عبد الله بن صوريا غلام أعور يهودي تزعم اليهود أنه أعلم يهودي بكتاب الله و علوم أنبيائه عن مسائل كثيرة يعنته فيها فأجابه عنها رسول الله ص بما لم يجد إلى إنكار شي‏ء منه سبيلا فقال له يا محمد من يأتيك بهذه الأخبار عن الله تعالى قال جبرئيل قال لو كان غيره يأتيك بها لآمنت بك و لكن جبرئيل عدونا من بين الملائكة و لو كان ميكائيل أو غيره سوى جبرئيل يأتيك بها لآمنت بك فقال رسول الله ص و لم اتخذتم جبرئيل عدوا قال لأنه نزل بالبلاء و الشدة على بني إسرائيل و دفع دانيال عن قتل بخت‏نصر حتى قوي أمره و أهلك بني إسرائيل و كذلك كل بأس و شدة لا ينزلها إلا جبرئيل و ميكائيل يأتينا بالرحمة  فقال رسول الله ص ويحك أ جهلت أمر الله و ما ذنب جبرئيل إن أطاع الله فيما يريده بكم أ رأيتم ملك الموت أ هو عدوكم و قد وكله الله بقبض أرواح الخلق الذي أنتم منه أ رأيتم الآباء و الأمهات إذا أوجروا الأولاد الأدوية الكريهة لمصالحهم أ يجب أن يتخذهم أولادهم أعداء من أجل ذلك لا و لكنكم بالله جاهلون و عن حكمته غافلون أشهد أن جبرئيل و ميكائيل بأمر الله عاملان و له مطيعان و أنه لا يعادي أحدهما إلا من عادى الآخر و أنه من زعم أنه يحب أحدهما و يبغض الآخر فقد كذب و كذلك محمد رسول الله و علي أخوان كما أن جبرئيل و ميكائيل أخوان فمن أحبهما فهو من أولياء الله و من أبغضهما فهو من أعداء الله و من أبغض أحدهما و زعم أنه يحب الآخر فقد كذب و هما منه بريئان و كذلك من أبغض واحدا مني و من علي ثم زعم أنه يحب الآخر فقد كذب و كلانا منه بريئان و الله تعالى و ملائكته و خيار خلقه منه برآء

 2-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ قال الإمام ع قال الحسين بن علي بن أبي طالب ع إن الله تعالى ذم اليهود في بغضهم لجبرئيل الذي كان ينفذ قضاء الله فيهم بما يكرهون و ذمهم أيضا و ذم النواصب في بغضهم لجبرئيل و ميكائيل ع و ملائكة الله النازلين لتأييد علي بن أبي طالب ع على الكافرين حتى أذلهم بسيفه الصارم فقال قُلْ يا محمد مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ من اليهود لرفعه من بخت‏نصر أن يقتله دانيال من غير ذنب كان جناه بخت‏نصر حتى بلغ كتاب الله في اليهود أجله و حل بهم ما جرى في سابق علمه و من كان أيضا عدوا لجبرئيل من سائر الكافرين و من أعداء محمد و على الناصبين لأن الله تعالى بعث جبرئيل لعلي ع مؤيدا  و له على أعدائه ناصرا و من كان عدوا لجبرئيل لمظاهرته محمدا و عليا عليهما الصلاة و السلام و معاونته لهما و إنفاذه لقضاء ربه عز و جل في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده فَإِنَّهُ يعني جبرئيل نَزَّلَهُ يعني نزل هذا القرآن عَلى قَلْبِكَ يا محمد بِإِذْنِ اللَّهِ بأمر الله و هو كقوله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ نزل هذا القرآن جبرئيل على قلبك يا محمد مصدقا موافقا لما بين يديه من التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم و كتب شيث و غيرهم من الأنبياء ثم قال مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ لإنعامه على محمد و علي و آلهما الطيبين و هؤلاء الذين بلغ من جهلهم أن قالوا نحن نبغض الله الذي أكرم محمدا و عليا بما يدعيان و جبرئيل و من كان عدوا لجبريل لأنه جعله ظهيرا لمحمد و علي عليهما الصلاة و السلام على أعداء الله و ظهيرا لسائر الأنبياء و المرسلين كذلك وَ مَلائِكَتِهِ يعني و من كان عدوا لملائكة الله المبعوثين لنصرة دين الله و تأييد أولياء الله و ذلك قول بعض النصاب و المعاندين برئت من جبرئيل الناصر لعلي ع و هو قوله وَ رُسُلِهِ و من كان عدوا لرسل الله موسى و عيسى و سائر الأنبياء الذين دعوا إلى نبوة محمد ص و إمامة علي ع ثم قال وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ و من كان عدوا لجبرئيل و ميكائيل و ذلك كقول من قال من النواصب لما قال النبي ص في علي ع جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و إسرافيل من خلفه و ملك الموت أمامه و الله تعالى من فوق عرشه ناظر بالرضوان إليه ناصره قال بعض النواصب فأنا أبرأ من الله و من جبرئيل و ميكائيل و الملائكة الذين حالهم مع علي ع ما قاله محمد ص فقال من كان عدوا لهؤلاء تعصبا على علي بن أبي طالب ع فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ فاعل بهم ما يفعل العدو بالعدو من إحلال النقمات و تشديد العقوبات

  و كان سبب نزول هاتين الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سيئ في جبرئيل و ميكائيل و ما كان من أعداء الله النصاب من قول أسوأ منه في الله و في جبرئيل و ميكائيل و سائر ملائكة الله و أما ما كان من النصاب فهو أن رسول الله ص لما كان لا يزال يقول في علي ع الفضائل التي خصه الله عز و جل بها و الشرف الذي أهله الله تعالى له و كان في كل ذلك يقول أخبرني به جبرئيل عن الله و يقول في بعض ذلك جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و يفتخر جبرئيل على ميكائيل في أنه عن يمين علي ع الذي هو أفضل من اليسار كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الآخر الذي يجلسه على يساره و يفتخران على إسرافيل الذي خلفه في الخدمة و ملك الموت الذي أمامه بالخدمة و إن اليمين و الشمال أشرف من ذلك كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم و كان يقول رسول الله ص في بعض أحاديثه إن الملائكة أشرفها عند الله أشدها لعلي بن أبي طالب حبا و إن قسم الملائكة فيما بينها و الذي شرف عليا على جميع الورى بعد محمد المصطفى و يقول مرة إن ملائكة السماوات و الحجب ليشتاقون إلى رؤية علي بن أبي طالب كما تشتاق الوالدة الشفيقة إلى ولدها البار الشفيق آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنتهم فكان هؤلاء النصاب يقولون إلى متى يقول محمد جبرئيل و ميكائيل و الملائكة كل ذلك تفخيم لعلي و تعظيم لشأنه و يقول الله تعالى خاص لعلي دون سائر الخلق برئنا من رب و من ملائكة و من جبرئيل و ميكائيل هم لعلي ع بعد محمد ص مفضلون و برئنا من رسل الله الذين هم لعلي ع بعد محمد ص مفضلون و أما ما قاله اليهود فهو أن اليهود أعداء الله فإنه لما قدم النبي ص المدينة أتوه بعبد الله بن صوريا فقال يا محمد كيف نومك فإنا قد أخبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان فقال رسول الله ص تنام عيني و قلبي يقظان قال صدقت يا محمد قال  أخبرني يا محمد الولد يكون من الرجل أو من المرأة فقال النبي ص أما العظام و العصب و العروق فمن الرجل و أما اللحم و الدم و الشعر فمن المرأة قال صدقت يا محمد ثم قال يا محمد فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شي‏ء و يشبه أخواله ليس فيه من شبه أعمامه شي‏ء فقال رسول الله ص أيهما علا ماؤه ماء صاحبه كان الشبه له قال صدقت يا محمد فأخبرني عمن لا يولد له و من يولد له فقال إذا مغرت النطفة لم يولد له إذا احمرت و كدرت و إذا كانت صافية ولد له فقال أخبرني عن ربك ما هو فنزلت قل هو الله أحد إلى آخرها فقال ابن صوريا صدقت يا محمد بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك و اتبعتك أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله قال جبرئيل قال ابن صوريا كان ذلك عدونا من بين الملائكة ينزل بالقتل و الشدة و الحرب و رسولنا ميكائيل يأتي بالسرور و الرخاء فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك لأن ميكائيل كان يشد ملكنا و جبرئيل كان يهلك ملكنا فهو عدونا لذلك فقال له سلمان الفارسي فما بدء عداوته لك قال نعم يا سلمان عادانا مرارا كثيرة و كان من أشد ذلك علينا أن الله أنزل على أنبيائه أن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له بخت‏نصر و في زمانه و أخبرنا بالحين الذي يخرب فيه و الله يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو ما يشاء و يثبت فلما بلغنا ذلك الحين الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل و أفاضلهم نبيا كان يعد من أنبيائهم يقال له دانيال في طلب بخت‏نصر ليقتله فحمل معه وقر مال لينفقه في ذلك فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة و لا منعة فأخذه

  صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل و قال لصاحبنا إن كان ربكم هو الذي أمر بهلاككم فإنه لا يسلطك عليه و إن لم يكن هذا فعلى أي شي‏ء تقتله فصدقه صاحبنا و تركه و رجع إلينا و أخبرنا بذلك و قوى بخت‏نصر و ملك و غزانا و خرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا و ميكائيل عدو لجبرئيل فقال سلمان يا ابن صوريا بهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم أ رأيتم أوائلكم كيف بعثوا من يقتل بخت‏نصر و قد أخبر الله تعالى في كتبه و على ألسنة رسله أنه يملك و يخرب بيت المقدس أرادوا تكذيب أنبياء الله تعالى في أخبارهم و اتهموهم في أخبارهم أو صدقوهم في الخبر عن الله و مع ذلك أرادوا مغالبة الله هل كان هؤلاء و من وجهوه إلا كفارا بالله و أي عداوة تجوز أن يعتقد لجبرئيل و هو يصد عن مغالبة الله عز و جل و ينهى عن تكذيب خبر الله تعالى فقال ابن صوريا قد كان الله تعالى أخبر بذلك على ألسن أنبيائه لكنه يمحو ما يشاء و يثبت قال سلمان فإذا لا تثقوا بشي‏ء مما في التوراة من الأخبار عما مضى و ما يستأنف فإن الله يمحو ما يشاء و يثبت و إذا لعل الله قد كان عزل موسى و هارون عن النبوة و أبطلا في دعوتهما لأن الله يمحو ما يشاء و يثبت و لعل كل ما أخبراكم أنه يكون لا يكون و ما أخبراكم أنه لا يكون يكون و كذلك ما أخبراكم عما كان لعله لم يكن و ما أخبراكم أنه لم يكن لعله كان و لعل ما وعده من الثواب يمحوه و لعل ما توعد به من العقاب يمحوه فإنه يمحو ما يشاء و يثبت إنكم جهلتم معنى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ فلذلكم أنتم بالله كافرون و لإخباره عن الغيوب مكذبون و عن دين الله منسلخون ثم قال سلمان فإني أشهد أن من كان عدوا لجبرئيل فإنه عدو لميكائيل و إنهما جميعا عدوان لمن عاداهما سلمان لمن سالمهما فأنزل الله تعالى عند ذلك موافقا لقول سلمان رحمة الله عليه قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ في مظاهرته لأولياء الله على أعدائه و نزوله بفضائل علي ولي الله من عند الله فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ فإن جبرئيل نزل هذا القرآن عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ و أمره مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ من سائر كتب الله وَ هُدىً من الضلالة وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ بنبوة محمد ص و ولاية علي و من بعده من الأئمة بأنهم  أولياء الله حقا إذا ماتوا على موالاتهم لمحمد و علي و آلهما الطيبين ثم قال رسول الله ص يا سلمان إن الله صدق قيلك و وفق رأيك فإن جبرئيل عن الله يقول يا محمد إن سلمان و المقداد أخوان متصافيان في ودادك و وداد علي أخيك و وصيك و صفيك و هما في أصحابك كجبرئيل و ميكائيل في الملائكة عدوان لمن أبغض أحدهما وليان لمن والاهما و والى محمدا و عليا عدوان لمن عادى محمدا و عليا و أولياءهما و لو أحب أهل الأرض سلمان و المقداد كما تحبهما ملائكة السماوات و الحجب و الكرسي و العرش لمحض ودادهما لمحمد و علي و موالاتهما لأوليائهما و معاداتهما لأعدائهما لما عذب الله تعالى أحدا منهم بعذاب البتة

 بيان قوله إنكم جهلتم معنى يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ لعل مراده رضوان الله عليه أن البداء إنما يكون فيما لم يخبر به الأنبياء و الأوصياء ع على سبيل الجزم و الحتم و إلا يلزم تكذيبهم و هذا مما كانوا أخبروا به على الحتم و أيضا الأمر الذي يكون فيه البداء لا يمكن رفعه بالمغالبة و المعارضة بل بما يتوسل به إلى جنابه تعالى من الدعاء و الصدقة و التوبة و أمثالها كما مر تحقيقه في باب البداء و الله يعلم

 3-  ج، ]الإحتجاج[ عن ابن عباس رضي الله عنه قال خرج من المدينة أربعون رجلا من اليهود قالوا انطلقوا بنا إلى هذا الكاهن الكذاب حتى نوبخه في وجهه و نكذبه فإنه يقول أنا رسول رب العالمين فكيف يكون رسولا و آدم خير منه و نوح خير منه و ذكروا الأنبياء ع فقال النبي ص لعبد الله بن سلام التوراة بيني و بينكم فرضيت اليهود بالتوراة فقالت اليهود آدم خير منك لأن الله تعالى خلقه بيده و نفخ فيه من روحه فقال النبي ص آدم النبي أبي و قد أعطيت أنا أفضل مما أعطي آدم فقالت اليهود ما ذلك قال إن المنادي ينادي كل يوم خمس مرات  أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و لم يقل آدم رسول الله و لواء الحمد بيدي يوم القيامة و ليس بيد آدم فقالت اليهود صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة قال هذه واحدة قالت اليهود موسى خير منك قال النبي ص و لم ذلك قالوا لأن الله عز و جل كلمه بأربعة آلاف كلمة و لم يكلمك بشي‏ء فقال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك فقالوا و ما ذاك قال قوله تعالى سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ و حملت على جناح جبرئيل حتى انتهيت إلى السماء السابعة فجاوزت سدرة المنتهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى حتى تعلقت بساق العرش فنوديت من ساق العرش إني أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الرءوف الرحيم فرأيته بقلبي و ما رأيته بعيني فهذا أفضل من ذلك فقالت اليهود صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة قال رسول الله ص هذا اثنان قالوا نوح خير منك قال النبي ص و لم ذلك قالوا لأنه ركب السفينة فجرت على الجودي قال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك قالوا و ما ذلك قال إن الله عز و جل أعطاني نهرا في السماء مجراه تحت العرش عليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب و لبنة من فضة حشيشها الزعفران و رضراضها الدر و الياقوت و أرضها المسك الأبيض فذلك خير لي و لأمتي و ذلك قوله تعالى إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قالوا صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة هذا خير من ذاك قال النبي ص هذه ثلاثة قالوا إبراهيم خير منك قال و لم ذلك قالوا لأن الله تعالى اتخذه خليلا قال النبي ص إن كان إبراهيم ع خليله فأنا حبيبه محمد قالوا و لم سميت محمدا قال سماني الله محمدا و شق اسمي من اسمه هو المحمود و أنا محمد و أمتي الحامدون

  قالت اليهود صدقت يا محمد هذا خير من ذاك قال النبي ص هذه أربعة قالت اليهود عيسى خير منك قال و لم ذاك قالوا لأن عيسى ابن مريم كان ذات يوم بعقبة بيت المقدس فجاءته الشياطين ليحملوه فأمر الله عز و جل جبرئيل ع أن اضرب بجناحك الأيمن وجوه الشياطين و ألقهم في النار فضرب بأجنحته وجوههم و ألقاهم في النار قال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك قالوا و ما هو قال أقبلت يوم بدر من قتال المشركين و أنا جائع شديد الجوع فلما وردت المدينة استقبلتني امرأة يهودية و على رأسها جفنة و في الجفنة جدي مشوي و في كمها شي‏ء من سكر فقالت الحمد لله الذي منحك السلامة و أعطاك النصر و الظفر على الأعداء و إني قد كنت نذرت لله نذرا إن أقبلت سالما غانما من غزاة بدر لأذبحن هذا الجدي و لأشوينه و لأحملنه إليك لتأكله فقال النبي ص فنزلت عن بغلتي الشهباء و ضربت بيدي إلى الجدي لآكله فاستنطق الله تعالى الجدي فاستوى على أربع قوائم و قال يا محمد لا تأكلني فإني مسموم قالوا صدقت يا محمد هذا خير من ذلك قال النبي ص هذه خمسة قالوا بقيت واحدة ثم نقوم من عندك قال هاتوه قالوا سليمان خير منك قال و لم ذاك قالوا لأن الله تعالى عز و جل سخر له الشياطين و الإنس و الجن و الرياح و السباع فقال النبي ص فقد سخر الله لي البراق و هو خير من الدنيا بحذافيرها و هي دابة من دواب الجنة وجهها مثل وجه آدمي و حوافرها مثل حوافر الخيل و ذنبها مثل ذنب البقر فوق الحمار و دون البغل سرجه من ياقوتة حمراء و ركابه من درة بيضاء مزمومة بسبعين ألف زمام من ذهب عليه جناحان مكللان بالدر و الجوهر و الياقوت و الزبرجد مكتوب بين عينيه لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله ص قالت اليهود صدقت يا محمد و هو مكتوب في التوراة هذا خير من ذاك يا محمد نشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله فقال لهم رسول الله ص لقد أقام نوح في قومه و دعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما ثم وصفهم الله عز و جل فقللهم فقال وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ و لقد تبعني في  سني القليل و عمري اليسير ما لم يتبع نوحا في طول عمره و كبر سنه و إن في الجنة عشرين و مائة صف أمتي منها ثمانون صفا و إن الله عز و جل جعل كتابي المهيمن على كتبهم الناسخ لها و لقد جئت بتحليل ما حرموا و تحريم بعض ما أحلوا من ذلك أن موسى جاء بتحريم صيد الحيتان يوم السبت حتى أن الله تعالى قال لمن اعتدى منهم كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ فكانوا و لقد جئت بتحليل صيدها حتى صار صيدها حلالا قال الله عز و جل أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ و جئت بتحليل الشحوم كلها و كنتم لا تأكلونها ثم إن الله عز و جل صلى علي في كتابه قال الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً ثم وصفني الله تعالى بالرأفة و الرحمة و ذكر في كتابه لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و أنزل الله عز و جل ألا يكلموني حتى يتصدقوا بصدقة و ما كان ذلك لنبي قط قال الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ثم وضعها عنهم بعد أن افترضها عليهم برحمته

 بيان لعل ذكرهم لعيسى على نبينا و آله و عليه السلام كان من جانب النصارى و بزعمهم و إقباله ص على أكل الجدي كان قبل نزول حرمة ذبائح أهل الكتاب أو كان لظهور المعجزة لا لقصد الأكل أو كان أخبر أنه ذبحه مسلم

 4-  ج، ]الإحتجاج[ عن ثوبان قال إن يهوديا جاء إلى النبي ص فقال يا محمد  أسألك فتخبرني فركضه ثوبان برجله و قال قل يا رسول الله فقال لا أدعوه إلا بما سماه أهله فقال أ رأيت قوله عز و جل يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أين الناس يومئذ فقال في الظلمة دون المحشر قال فما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوها قال كبد الحوت قال فما طعامهم على أثر ذلك قال كبد الثور قال فما شرابهم على أثر ذلك قال السلسبيل قال صدقت يا محمد أسألك عن شي‏ء لا يعلمه إلا نبي قال و ما هو قال عن شبه الولد أباه و أمه قال ماء الرجل أبيض غليظ و ماء المرأة أصفر رقيق فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكرا بإذن الله عز و جل و من قبل ذلك يكون الشبه و إذا علا ماء المرأة ماء الرجل خرج الولد أنثى بإذن الله عز و جل و من قبل ذلك يكون الشبه ثم قال ص و الذي نفسي بيده ما كان عندي شي‏ء مما سألتني عنه حتى أنبأنيه الله عز و جل في مجلسي هذا

 ع، ]علل الشرائع[ الدقاق عن حمزة بن القاسم العلوي عن علي بن الحسين البزاز عن إبراهيم بن موسى الفراء عن محمد بن ثور عن معمر بن يحيى عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن مرة عن ثوبان أن يهوديا جاء الخبر إلا أن فيه كبد الحوت قال فما شرابهم

   -5  لي، ]الأمالي للصدوق[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبي الحسن علي بن الحسين البرقي عن عبد الله بن جبلة عن معاوية بن عمار عن الحسن بن عبد الله عن أبيه عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب ع قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص فقال يا محمد أنت الذي تزعم أنك رسول الله و أنك الذي يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران فسكت النبي ص ساعة ثم قال نعم أنا سيد ولد آدم و لا فخر و أنا خاتم النبيين و إمام المتقين و رسول رب العالمين قالوا إلى من إلى العرب أم إلى العجم أم إلينا فأنزل الله تعالى هذه الآية قُلْ يا محمد يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً قال اليهودي الذي كان أعلمهم يا محمد إني أسألك عن عشر كلمات أعطى الله موسى بن عمران في البقعة المباركة حيث ناجاه لا يعلمها إلا نبي مرسل أو ملك مقرب قال النبي ص سلني قال أخبرني يا محمد عن الكلمات التي اختارهن الله لإبراهيم ع حيث بنى البيت قال النبي ص نعم سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر قال اليهودي فبأي شي‏ء بنى هذه الكعبة مربعة قال النبي ص بالكلمات الأربع قال لأي شي‏ء سميت الكعبة قال النبي لأنها وسط الدنيا قال اليهودي أخبرني عن تفسير سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر قال النبي ص علم الله عز و جل أن بني آدم يكذبون على الله فقال سبحان الله تبريا مما يقولون و أما قوله الحمد لله فإنه علم أن العباد لا يؤدون شكر نعمته فحمد نفسه قبل أن يحمدوه و هو أول الكلام لو لا ذلك لما أنعم الله على أحد بنعمته فقوله لا إله إلا الله يعني وحدانيته لا يقبل الله الأعمال إلا بها و هي كلمة التقوى يثقل الله بها الموازين يوم القيامة و أما قوله الله أكبر فهي كلمة أعلى الكلمات و أحبها إلى الله عز و جل يعني أنه ليس شي‏ء أكبر مني لا تفتتح الصلاة إلا بها لكرامتها على الله و هو الاسم الأعز الأكرم قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء قائلها قال  إذا قال العبد سبحان الله سبح معه ما دون العرش فيعطى قائلها عشر أمثالها و إذا قال الحمد لله أنعم الله عليه بنعيم الدنيا موصولا بنعيم الآخرة و هي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها و ينقطع الكلام الذي يقولون في الدنيا ما خلا الحمد لله و ذلك قوله عز و جل دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و أما قوله لا إله إلا الله فالجنة جزاؤه و ذلك قوله عز و جل هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ يقول هل جزاء من قال لا إله إلا الله إلا الجنة فقال اليهودي صدقت يا محمد قد أخبرت واحدة فتأذن لي أن أسألك الثانية فقال النبي ص سلني عما شئت و جبرئيل عن يمين النبي ص و ميكائيل عن يساره يلقنانه فقال اليهودي لأي شي‏ء سميت محمدا و أحمد و أبا القاسم و بشيرا و نذيرا و داعيا فقال النبي ص أما محمد فإني محمود في الأرض و أما أحمد فإني محمود في السماء و أما أبو القاسم فإن الله عز و جل يقسم يوم القيامة قسمة النار فمن كفر بي من الأولين و الآخرين ففي النار و يقسم قسمة الجنة فمن آمن بي و أقر بنبوتي ففي الجنة و أما الداعي فإني أدعو الناس إلى دين ربي و أما النذير فإني أنذر بالنار من عصاني و أما البشير فإني أبشر بالجنة من أطاعني قال صدقت يا محمد فأخبرني عن الله لأي شي‏ء وقت هذه الخمس الصلوات في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل و النهار قال النبي ص إن الشمس عند الزوال لها حلقة تدخل فيها فإذا دخلت فيها زالت الشمس فيسبح كل شي‏ء دون العرش لوجه ربي و هي الساعة التي يصلي علي فيها ربي ففرض الله عز و جل

  علي و على أمتي فيها الصلاة و قال أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ و هي الساعة التي يؤتى فيها بجهنم يوم القيامة فما من مؤمن يوفق تلك الساعة أن يكون ساجدا أو راكعا أو قائما إلا حرم الله عز و جل جسده على النار و أما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله تعالى من الجنة فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة و اختارها لأمتي فهي من أحب الصلوات إلى الله عز و جل و أوصاني أن أحفظها من بين الصلوات و أما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم ع و كان بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب الله تعالى فيها عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا و في أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء فصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته و ركعة لخطيئة حواء و ركعة لتوبته فافترض الله عز و جل هذه الثلاث الركعات على أمتي و هي الساعة التي يستجاب فيها الدعاء فوعدني ربي أن يستجيب لمن دعاه فيها و هذه الصلوات التي أمرني بها ربي عز و جل فقال فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ و أما صلاة العشاء الآخرة فإن للقبر ظلمة و ليوم القيامة ظلمة أمرني الله و أمتي بهذه الصلاة في ذلك الوقت لتنور لهم القبور و ليعطوا النور على الصراط و ما من قدم مشت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله تعالى جسدها على النار و هي الصلاة التي اختارها الله للمرسلين قبلي و أما صلاة الفجر فإن الشمس إذا طلعت طلع على قرني الشيطان فأمرني الله عز و جل أن أصلي صلاة الفجر قبل طلوع الشمس و قبل أن يسجد لها الكافر فتسجد أمتي لله و سرعتها أحب إلى الله و هي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل و ملائكة النهار  قال صدقت يا محمد فأخبرني لأي شي‏ء توضأ هذه الجوارح الأربع و هي أنظف المواضع في الجسد قال النبي ص لما أن وسوس الشيطان إلى آدم و دنا آدم من الشجرة و نظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام و هو أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده ثم مسها فأكل منها فطار الحلي و الحلل عن جسده ثم وضع يده على أم رأسه و بكى فلما تاب الله عز و جل عليه فرض الله عز و جل عليه و على ذريته الوضوء على هذه الجوارح الأربع و أمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة و أمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها و أمره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه و أمره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ثم سن على أمتي المضمضة لتنقي القلب من الحرام و الاستنشاق لتحرم عليهم رائحة النار و نتنها قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء عاملها قال النبي ص أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان و إذا تمضمض نور الله قلبه و لسانه بالحكمة فإذا استنشق أمنه الله من النار و رزقه رائحة الجنة فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تبيض فيه وجوه و تسود فيه وجوه و إذا غسل ساعديه حرم الله عليه أغلال النار و إذا مسح رأسه مسح الله سيئاته و إذا مسح قدميه أجازه الله على الصراط يوم تزل فيه الأقدام قال صدقت يا محمد فأخبرني عن الخامسة لأي شي‏ء أمر الله بالاغتسال من الجنابة و لم يأمر من البول و الغائط قال رسول الله ص إن آدم لما أكل من

  الشجرة دب ذلك في عروقه و شعره و بشره فإذا جامع الرجل أهله خرج الماء من كل عرق و شعرة فأوجب الله على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة و البول يخرج من فضله الشراب الذي يشربه الإنسان و الغائط يخرج من فضله الطعام الذي يأكله فعليهم منهما الوضوء قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني ما جزاء من اغتسل من الحلال قال النبي ص إن المؤمن إذا جامع أهله بسط سبعون ألف ملك جناحه و تنزل الرحمة فإذا اغتسل بنى الله له بكل قطرة بيتا في الجنة و هو سر فيما بين الله و بين خلقه يعني الاغتسال من الجنابة قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني عن السادس عن خمسة أشياء مكتوبات في التوراة أمر الله بني إسرائيل أن يقتدوا بموسى فيها من بعده قال النبي ص فأنشدتك بالله إن أنا أخبرتك تقر لي قال اليهودي نعم يا محمد قال فقال النبي ص أول ما في التوراة مكتوب محمد رسول الله ص و هي بالعبرانية طاب ثم تلا رسول الله ص هذه الآية يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ و في السطر الثاني اسم وصيي علي بن أبي طالب و الثالث و الرابع سبطي الحسن و الحسين و في السطر الخامس أمهما فاطمة سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها و في التوراة اسم وصيي إليا و اسم السبطين شبر و شبير و هما نورا فاطمة ع قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني عن فضلكم أهل البيت قال النبي ص لي فضل على النبيين فما من نبي إلا دعا على قومه بدعوة و أنا أخرت دعوتي لأمتي لأشفع لهم يوم القيامة و أما فضل أهل بيتي و ذريتي على غيرهم كفضل الماء على كل شي‏ء و به حياة كل شي‏ء و حب أهل بيتي و ذريتي استكمال الدين و تلا رسول الله ص هذه الآية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً إلى آخر الآية قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني بالسابع ما فضل الرجال على النساء  قال النبي ص كفضل السماء على الأرض و كفضل الماء على الأرض فبالماء يحيي الأرض و بالرجال تحيا النساء لو لا الرجال ما خلق النساء لقول الله عز و جل الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ قال اليهودي لأي شي‏ء كان هكذا قال النبي ص خلق الله عز و جل آدم من طين و من فضلته و بقيته خلقت حواء و أول من أطاع النساء آدم فأنزله الله من الجنة و قد بين فضل الرجال على النساء في الدنيا أ لا ترى إلى النساء كيف يحضن و لا يمكنهن العبادة من القذارة و الرجال لا يصيبهم شي‏ء من الطمث قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني لأي شي‏ء فرض الله عز و جل الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما و فرض على الأمم أكثر من ذلك قال النبي ص إن آدم لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما و فرض ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع و العطش و الذي يأكلونه بالليل تفضل من الله عز و جل عليهم و كذلك كان على آدم ففرض الله على أمتي ذلك ثم تلا رسول الله ص هذه الآية كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء من صامها فقال النبي ص ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله له سبع خصال أولها يذوب الحرام في جسده و الثانية يقرب من رحمة الله و الثالثة يكون قد كفر خطيئة أبيه آدم و الرابعة يهون الله عليه سكرات الموت و الخامسة أمان من الجوع و العطش يوم القيامة و السادسة يعطيه الله براءة من النار و السابعة يطعمه الله من ثمرات الجنة قال صدقت يا محمد فأخبرني عن التاسعة لأي شي‏ء أمر الله بالوقوف بعرفات بعد العصر قال النبي ص إن العصر هي الساعة التي عصى فيها آدم ربه و فرض

  الله عز و جل على أمتي الوقوف و التضرع و الدعاء في أحب المواضع إليه و تكفل لهم بالجنة و الساعة التي ينصرف فيها الناس هي الساعة التي تلقى فيها آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ثم قال النبي ص و الذي بعثني بالحق بشيرا و نذيرا إن لله بابا في السماء الدنيا يقال له باب الرحمة و باب التوبة و باب الحاجات و باب التفضل و باب الإحسان و باب الجود و باب الكرم و باب العفو و لا يجتمع بعرفات أحد إلا استأهل من الله في ذلك الوقت هذه الخصال و إن لله عز و جل مائة ألف ملك مع كل ملك مائة و عشرون ألف ملك و لله رحمة على أهل عرفات ينزلها على أهل عرفات فإذا انصرفوا أشهد الله ملائكته بعتق أهل عرفات من النار و أوجب الله عز و جل لهم الجنة و نادى منادي انصرفوا مغفورين فقد أرضيتموني و رضيت عنكم قال اليهودي صدقت يا محمد فأخبرني عن العاشرة عن سبع خصال أعطاك الله تعالى من بين النبيين و أعطى أمتك من بين الأمم فقال النبي ص أعطاني الله عز و جل فاتحة الكتاب و الأذان و الجماعة في المسجد و يوم الجمعة و الإجهار في ثلاث صلوات و الرخص لأمتي عند الأمراض و السفر و الصلاة على الجنائز و الشفاعة لأصحاب الكبائر من أمتي قال اليهودي صدقت يا محمد فما جزاء من قرأ فاتحة الكتاب قال رسول الله ص من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله بعدد كل آية أنزلت من السماء فيجزي بها ثوابها و أما الأذان فإنه يحشر المؤذنون من أمتي مع النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ  و أما الجماعة فإن صفوف أمتي في الأرض كصفوف الملائكة في السماء و الركعة في الجماعة أربع و عشرون ركعة كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة و أما يوم الجمعة فيجمع الله فيه الأولين و الآخرين للحساب فما من مؤمن مشى إلى الجماعة إلا خفف الله عز و جل عليه أهوال يوم القيامة ثم يأمر به إلى الجنة و أما الإجهار فإنه يتباعد منه لهب النار بقدر ما يبلغ صوته و يجوز على الصراط و يعطى السرور حتى يدخل الجنة و أما السادس فإن الله عز و جل يخفف أهوال يوم القيامة لأمتي كما ذكر الله عز و جل في القرآن و ما من مؤمن يصلي على الجنائز إلا أوجب الله له الجنة إلا أن يكون منافقا أو عاقا و أما شفاعتي فهي لأصحاب الكبائر ما خلا أهل الشرك و الظلم قال صدقت يا محمد و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أنك عبده و رسوله خاتم النبيين و إمام المتقين و رسول رب العالمين فلما أسلم و حسن إسلامه أخرج رقا أبيض فيه جميع ما قال النبي ص و قال يا رسول الله و الذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الألواح التي كتبها الله عز و جل لموسى بن عمران و لقد قرأت في التوراة فضلك حتى شككت فيها يا محمد و لقد كنت أمحو اسمك منذ أربعين سنة من التوراة كلما محوته وجدته مثبتا فيها و لقد قرأت في التوراة أن هذه المسائل لا يخرجها غيرك و أن في الساعة التي ترد عليك فيها هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك و ميكائيل عن يسارك و وصيك بين يديك

  فقال رسول الله ص صدقت هذا جبرئيل عن يميني و ميكائيل عن يساري و وصيي علي بن أبي طالب ع بين يدي فآمن اليهودي و حسن إسلامه ل، ]الخصال[ بالإسناد المذكور عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب في حديث طويل قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أخبرنا عن سبع خصال أعطاك الله من بين النبيين إلى آخر الخبر ع، ]علل الشرائع[ بالإسناد المذكور إلى الحسن ع قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص فسأله أعلمهم فقال له أخبرني عن تفسير سبحان الله إلى قوله قال هل جزاء من قال لا إله إلا الله إلا الجنة فقال اليهودي صدقت يا محمد ع، ]علل الشرائع[ بالإسناد المذكور قال جاء نفر من اليهود إلى رسول الله ص فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أن قال أخبرني عن الله عز و جل لأي شي‏ء فرض هذه الخمس صلوات إلى قوله تشهدها ملائكة الليل و ملائكة النهار قال صدقت يا محمد ختص، ]الإختصاص[ عبد الرحمن بن إبراهيم عن الحسين بن مهران عن الحسن الحسين خ ل بن عبد الله عن أبيه عن جده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب ع مثله

 أقول سيأتي شرح أجزاء الخبر في الأبواب المناسبة لها

 6-  ع، ]علل الشرائع[ وهب اليماني قال إن يهوديا سأل النبي ص فقال يا محمد  أ كنت في أم الكتاب نبيا قبل أن تخلق قال نعم قال و هؤلاء أصحابك المؤمنون المثبتون معك قبل أن يخلقوا قال نعم قال فما شأنك لم تتكلم بالحكمة حين خرجت من بطن أمك كما تكلم عيسى ابن مريم على زعمك و قد كنت قبل ذلك نبيا فقال النبي ص إنه ليس أمري كأمر عيسى ابن مريم إن عيسى ابن مريم خلقه الله من أم ليس له أب كما خلق آدم ع من غير أب و لا أم و لو أن عيسى حين خرج من بطن أمه لم ينطق بالحكمة لم يكن لأمه عذر عند الناس و قد أتت به من غير أب و كانوا يأخذونها كما يأخذون به مثلها من المحصنات فجعل الله عز و جل منطقه عذرا لأمه

 بيان لعل غرض اليهودي من الكلام بحيث يسمع عامة الناس فلذا لم يذكر صلى الله عليه و آله كلامه الذي خص بسماعه أهله الأدنون أو لم يتعرض له لعدم إمكان إثباته على السائل مع إنكاره

 7-  ع، ]علل الشرائع[ الطالقاني عن محمد بن يوسف الحلال عن أبي جعفر محمد بن الخليل المحرمي عن عبد الله بن بكر المسمعي عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال سمع عبد الله بن سلام بقدوم رسول الله ص و هو في أرض يحترث فأتى النبي ص فقال إني أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي أو وصي نبي ما أول أشراط الساعة و ما أول طعام أهل الجنة و ما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه قال ص أخبرني بهن جبرئيل ع آنفا قال هل أخبرك جبرئيل قال نعم قال ذلك عدو اليهود من الملائكة قال ثم قرأ هذه الآية قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا  لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب و أما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت و إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه فقال أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أنك رسول الله إن اليهود قوم بهت و إنهم إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عني بهتوني فجاءت اليهود فقال أي رجل عبد الله بن سلام قالوا خيرنا و ابن خيرنا و سيدنا و ابن سيدنا قال أ رأيتم إن أسلم عبد الله قالوا أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله و قال أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله قالوا شرنا و ابن شرنا و انفضوا قال فقال هذا الذي كنت أخاف منه يا رسول الله

 توضيح زيادة الكبد هي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد و هي أهنؤها و أطيبها ذكره الكرماني في شرح البخاري و قال نزع الولد إلى أبيه و نحوه أشبهه و قال الجزري في حديث ابن سلام إنهم قوم بهت جمع بهوت من بناء المبالغة كصبور و صبر ثم يسكن تخفيفا

 8-  ع، ]علل الشرائع[ الحسن بن يحيى بن ضريس البجلي عن أبيه عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبد الله مولى رسول الله ص عن يزيد بن سلام أنه سأل رسول الله فقال لم سمي الفرقان فرقانا قال لأنه متفرق الآيات و السور أنزلت في غير الألواح و غيره من الصحف و التوراة و الإنجيل و الزبور أنزلت كلها جملة في الألواح و الورق قال فما بال الشمس و القمر لا يستويان في الضوء و النور قال لما خلقهما الله عز و جل أطاعا و لم يعصيا شيئا فأمر الله عز و جل جبرئيل ع أن يمحو ضوء القمر فمحاه فأثر المحو في القمر خطوطا سوداء و لو أن القمر ترك على حاله بمنزلة الشمس لم يمح  لما عرف الليل من النهار و لا النهار من الليل و لا علم الصائم كم يصوم و لا عرف الناس عدد السنين و ذلك قول الله عز و جل وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَ الْحِسابَ قال صدقت يا محمد فأخبرني لم سمي الليل ليلا قال لأنه يلايل الرجال من النساء جعله الله عز و جل ألفة و لباسا و ذلك قول الله عز و جل وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً قال صدقت يا محمد فما بال النجوم تستبين صغارا و كبارا و مقدارها سواء قال لأن بينها و بين السماء الدنيا بحارا يضرب الريح أمواجها فلذلك تستبين صغارا و كبارا و مقدار النجوم كلها سواء قال فأخبرني عن الدنيا لم سميت الدنيا قال لأن الدنيا دنيئة خلقت من دون الآخرة و لو خلقت مع الآخرة لم يفن أهلها كما لا يفنى أهل الآخرة قال فأخبرني عن القيامة لم سميت القيامة قال لأن فيها قيام الخلق للحساب قال فأخبرني لم سميت الآخرة آخرة قال لأنها متأخرة تجي‏ء من بعد الدنيا لا توصف سنينها و لا تحصى أيامها و لا يموت سكانها قال صدقت يا محمد أخبرني عن أول يوم خلق الله عز و جل قال يوم الأحد قال و لم سمي يوم الأحد قال لأنه واحد محدود قال فالإثنين قال هو اليوم الثاني من الدنيا قال فالثلاثاء قال الثالث من الدنيا قال فالأربعاء قال اليوم الرابع من الدنيا قال فالخميس قال هو يوم خامس من الدنيا و هو يوم أنيس لعن فيه إبليس و رفع فيه إدريس ع قال فالجمعة قال هو يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَ ذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ و هو يوم شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قال فالسبت قال يوم مسبوت و ذلك قوله عز و جل في القرآن وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ فمن الأحد إلى الجمعة ستة أيام و السبت معطل قال صدقت يا محمد فأخبرني عن آدم لم سمي آدم قال لأنه خلق من طين الأرض و أديمها قال فآدم خلق من الطين كله أو من طين واحد قال بل من الطين

  كله و لو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا و كانوا على صورة واحدة قال فلهم في الدنيا مثل قال التراب فيه أبيض و فيه أخضر و فيه أصفر و فيه أغبر و فيه أحمر و فيه أزرق و فيه عذب و فيه ملح و فيه خشن و فيه لين و فيه أصهب فلذلك صار الناس فيهم لين و فيهم خشن و فيهم أبيض و فيهم أصفر و أحمر و أصهب و أسود على ألوان التراب قال فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو خلقت حواء من آدم قال بل حواء خلقت من آدم ع و لو كان آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء و لم يكن بيد الرجال قال فمن كله خلقت أم من بعضه قال بل من بعضه و لو خلقت من كله لجاز القصاص في النساء كما يجوز في الرجال قال فمن ظاهره أو باطنه قال بل من باطنه و لو خلقت من ظاهره لانكشفن النساء كما ينكشف الرجال فذلك صارت النساء مستترات قال فمن يمينه أو من شماله قال بل من شماله و لو خلقت من يمينه لكان للأنثى حظ كحظ الذكر من الميراث فذلك صار للأنثى سهم و للذكر سهمان و شهادة امرأتين مثل شهادة رجل واحد قال فمن أين خلقت قال من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر قال صدقت يا محمد فأخبرني عن الوادي المقدس لم سمي المقدس قال لأنه قدست فيه الأرواح و اصطفيت فيه الملائكة و كلم الله عز و جل موسى تكليما قال فلم سميت الجنة جنة قال لأنها جنينة خيرة نقية و عند الله تعالى ذكره مرضية

 بيان قوله لأنه يلايل الرجال يظهر منه أن الملايلة كان في الأصل بمعنى الملابسة أو نحوها و ليس هذا المعنى فيما عندنا من كتب اللغة قال الفيروزآبادي لايلته استجرته لليلة و عاملته ملايلة كمياومة قوله ص من دون الآخرة أي في الرتبة أو بعدها زمانا قوله ص يوم مسبوت قال الجزري قيل سمي يوم السبت لأن الله تعالى خلق العالم في ستة أيام آخرها الجمعة و انقطع العمل فسمي اليوم السابع يوم السبت.  و قال الفيروزآبادي السبت الراحة و القطع و قال الأشقر من الدواب الأحمر في مغرة حمرة يحمر منها العرف و الذنب و من الناس من تعلو بياضه حمرة و قال الصهب محركة حمرة أو شقرة في الشعر و الأصهب بعير ليس بشديد البياض قوله ص لأنها جنينة أي مستورة عن الخلق و لا يستر إلا ما كان خيرة

 9-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن عبد الله بن حامد عن محمد بن حمدويه عن محمد بن عبد الكريم عن وهب بن جرير عن أبيه عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين عن شهر بن حوشب قال لما قدم رسول الله ص المدينة أتاه رهط من اليهود فقالوا إنا سائلوك عن أربع خصال فإن أخبرتنا عنه صدقناك و آمنا بك فقال عليكم بذلك عهد الله و ميثاقه قالوا نعم قال سلوا عما بدا لكم قالوا عن الشبه كيف يكون من المرأة و إنما النطفة للرجل فقال أنشدكم بالله أ تعلمون أن نطفة الرجل بيضاء غليظة و أن نطفة المرأة حمراء رقيقة فأيتهما غلبت صاحبتها كانت لها الشبه قالوا اللهم نعم قالوا فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قال أنشدكم بالله هل تعلمون أن أحب الطعام و الشراب إليه لحوم الإبل و ألبانها فاشتكى شكوى فلما عافاه الله منها حرمها على نفسه ليشكر الله به قالوا اللهم نعم فقالوا أخبرنا عن نومك كيف هو قال أنشدكم بالله هل تعلمون من صفة هذا الرجل الذي تزعمون أني لست به تنام عينه و قلبه يقظان قالوا اللهم نعم قال و كذا نومي قالوا فأخبرنا عن الروح قال أنشدكم بالله هل تعلمون أنه جبرئيل ع قالوا اللهم نعم و هو الذي يأتيك و هو لنا عدو و هو ملك إنما يأتي بالغلظة و شدة الأمر و لو لا ذلك لاتبعناك فأنزل الله تعالى قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ إلى قوله أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ

 10-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ  تَعْلَمُونَ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ قال الإمام ع خاطب الله بها قوما يهودا لبسوا الحق بالباطل بأن زعموا أن محمدا ص نبي و أن عليا وصي و لكنهما يأتيان بعد وقتنا هذا بخمسمائة سنة فقال لهم رسول الله ص أ ترضون التوراة بيني و بينكم حكما قالوا بلى فجاءوا بها و جعلوا يقرءون منها خلاف ما فيها فقلب الله عز و جل الطومار الذي منه كانوا يقرءون و هو في يد قارءين منهم مع أحدهما أوله و مع الآخر آخره فانقلب ثعبانا لها رأسان و تناول كل رأس منهما يمين من هو في يده و جعلت ترضضه و تهشمه و يصيح الرجلان و يصرخان و كانت هناك طوامير أخر فنطقت و قالت لا تزالان في هذا العذاب حتى تقرءا ما فيها من صفة محمد ص و نبوته و صفة علي ع و إمامته على ما أنزل الله فيه فقرءا صحيحا و آمنا برسول الله ص و اعتقدا إمامة علي ولي الله و وصي رسول الله فقال الله تعالى وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ بأن تقروا بمحمد و على من وجه و تجحدوا من وجه وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ من نبوة هذا و إمامة هذا وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنكم تكتمونه و تكابرون علومكم حلومكم و عقولكم فإن الله إذا كان قد جعل أخباركم حجة ثم جحدتم لم يضيع هو حجته بل يقيمها من غير حجتكم فلا تقدروا أنكم تغالبون ربكم و تقاهرونه ثم قال عز و جل لقوم من مردة اليهود و منافقيهم المحتجنين لأموال الفقراء المستأكلين  للأغنياء الذين يأمرون بالخير و يتركونه و ينهون عن الشر و يرتكبونه فقال يا معاشر اليهود أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ بالصدقات و أداء الأمانات وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ فلا تفعلون ما به تأمرون وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ التوراة الآمرة بالخيرات الناهية عن المنكرات المخبرة عن عقاب المتمردين و عن عظيم الشرف الذي يتطول الله به على الطائعين المجتهدين أَ فَلا تَعْقِلُونَ ما عليكم من عقاب الله تعالى في أمركم بما به لا تأخذون و في نهيكم عما أنتم فيه منهمكون و كان هؤلاء قوم من رؤساء اليهود و علمائهم احتجنوا أموال الصدقات و المبرات فأكلوها و اقتطعوها ثم حضروا رسول الله ص و قد حرشوا عليه عوامهم يقولون إن محمدا قد تعدى طوره و ادعى ما ليس له فجاءوا بأجمعهم إلى حضرته و قد اعتقد عامتهم أن يقعوا برسول الله ص فيقتلوه و لو أنه في جماهير من أصحابه لا يبالون بما أتاهم به الدهر فلما حضروه و كانوا بين يديه قال له رؤساؤهم و قد واطئوا عوامهم على أنهم إذا أفحموا محمدا وضعوا عليه سيوفهم فقال رؤساؤهم جئت يا محمد تزعم أنك رسول رب العالمين نظير موسى و سائر خ ل الأنبياء المتقدمين فقال رسول الله ص أما قولي إني رسول الله فنعم و أما أن أقول إني نظير موسى و الأنبياء فما أقول هذا و ما كنت لأصغر ما قد عظمه الله تعالى من قدري بل قال ربي يا محمد إن فضلك على جميع النبيين و المرسلين و الملائكة المقربين كفضلي و أنا رب العزة على سائر الخلق أجمعين و كذلك قال الله تعالى لموسى ع لما ظن أنه قد فضل على جميع العالمين فغلظ ذلك على اليهود و هموا أن يقتلوه فذهبوا يسلون سيوفهم فما منهم أحد إلا وجد يديه إلى خلفه كالمكتوف يابسا لا يقدر أن يحركهما و تحيروا فقال رسول الله ص و قد رأى ما بهم من الحيرة لا تجزعوا فخير أراد الله تعالى بكم منعكم من الوثوب على وليه و حبسكم على استماع حجته في نبوة محمد و وصية أخيه علي

  ثم قال رسول الله ص يا معاشر اليهود هؤلاء رؤساؤكم كافرون و لأموالكم محتجنون و لحقوقكم باخسون و لكم في قسمة من بعد ما اقتطعوه ظالمون يخفضون و يرفعون فقالت رؤساء اليهود حدث عن مواضع الحجة حجة نبوتك و وصية علي أخيك هذا دعواك الأباطيل و إغراؤك قومنا بنا فقال رسول الله ص و لكن الله عز و جل قد أذن لنبيه أن يدعو بالأموال التي خنتموها هؤلاء الضعفاء و من يليهم فيحضرها هاهنا بين يديه و كذلك يدعو حسباناتكم فيحضرها لديه و يدعو من واطأتموه على اقتطاع أموال الضعفاء فتنطق باقتطاعهم جوارحهم و كذلك تنطق باقتطاعكم جوارحكم ثم قال رسول الله ص يا ملائكة ربي أحضروني أصناف الأموال التي اقتطعها هؤلاء الظالمون لعوامهم فإذا الدراهم في الأكياس و الدنانير و إذا الثياب و الحيوانات و أصناف الأموال منحدرة عليهم من حالق حتى استقرت بين أيديهم ثم قال رسول الله ص ائتوني بحسبانات هؤلاء الظالمين الذين غالطوا بها هؤلاء الضعفاء فإذا الأدراج تنزل عليهم فلما استقرت على الأرض قال خذوها فأخذوها و قرءوا فيها نصيب كل قوم كذا و كذا فقال رسول الله ص يا ملائكة ربي اكتبوا تحت اسم كل واحد من هؤلاء ما سرقوه منه و بينوه فظهرت كتابة بينة لا بل نصيب كل قوم كذا و كذا فإذا أنهم قد خانوهم عشرة أضعاف ما دفعوا إليهم ثم قال رسول الله ص يا ملائكة ربي ميزوا بين هذه الأموال الحاضرة كل ما فضل عما بينه هؤلاء الظالمون لنؤدي إلى مستحقه فاضطربت تلك الأموال و جعلت ينفصل بعض من بعض حتى تميزت أجزاء كما ظهرت في الكتاب المكتوب و بين أنهم سرقوه و اقتطعوه فدفع رسول الله ص إلى من حضر من عوامهم نصيبه و بعث إلى من غاب منهم فأعطاه و أعطى ورثة من قد مات و فضح الله اليهود الرؤساء و غلب الشقاء على بعضهم و بعض العوام و وفق الله بعضهم  فقال له الرؤساء الذين هموا بالإسلام نشهد يا محمد أنك النبي الأفضل و أن أخاك هذا وصيك هو الوصي الأجل الأكمل فقد فضحنا الله بذنوبنا أ رأيت إن تبنا مما اقتطعنا ما ذا يكون حالنا قال رسول الله ص إذا أنتم في الجنان رفقاؤنا و في الدنيا و في دين الله إخواننا و يوسع الله أرزاقكم و تجدون في مواضع هذه الأموال التي أخذت منكم أضعافها و ينسى هؤلاء الخلق فضيحتكم حتى لا يذكرها أحد منهم فقالوا فإنا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك يا محمد عبده و رسوله و صفيه و خليله و أن عليا أخوك و وزيرك و القيم بدينك و النائب عنك و المناضل دونك و هو منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك فقال رسول الله ص فأنتم المفلحون ثم قال الله تعالى يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ أن بعثت موسى و هارون إلى أسلافكم بالنبوة فهديناهم إلى نبوة محمد ص و وصية علي ع و إمامة عترته الطيبين و أخذنا عليكم بذلك العهود و المواثيق التي إن وفيتم بها كنتم ملوكا في جنانه مستحقين لكراماته و رضوانه وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ هناك أي فعلته بأسلافكم فضلتهم دينا و دنيا أما تفضيلهم في الدين فلقبولهم ولاية محمد و علي و آلهما الطيبين و أما في الدنيا فبأن ظللت عليهم الغمام و أنزلت عليهم المن و السلوى و سقيتهم من حجر ماء عذبا و فلقت لهم البحر فأنجيتهم و أغرقت أعداءهم فرعون و قومه و فضلتهم بذلك على عالمي زمانهم الذين خالفوا طرائقهم و حادوا عن سبيلهم ثم قال عز و جل لهم فإذا كنت قد فعلت هذا بأسلافكم في ذلك الزمان لقبولهم ولاية محمد ص فبالأحرى أن أزيدكم فضلا في هذا الزمان إذا أنتم وفيتم بما أخذ من العهد و الميثاق عليكم ثم قال الله عز و جل وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي  نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً لا تدفع عنه عذابا قد استحقه عند النزع وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ و لا تشفع لها بتأخير الموت عنها وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ لا يقبل فداء مكانه يمات و يترك هو قال الصادق ع و هذا يوم الموت فإن الشفاعة و الفداء لا يغني عنه و أما في القيامة فإنا و أهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء

 بيان قوله احتجنوا بالنون قال الجوهري حجنت الشي‏ء و احتجنه إذا جذبته بالمحجن إلى نفسك و منه قول قيس بن عاصم عليكم بالمال و احتجانه هو ضمكه إلى نفسك و إمساكك إياه. و قال الجزري فيه ما أقطعك العقيق لتحتجنه أي تملكه دون الناس و الاحتجان جمع الشي‏ء و ضمه إليك و منه و احتجناه دون غيرنا انتهى. و في بعض النسخ بالباء أي احتجبوا بالأموال و الأول أظهر و يقال اقتطع من ماله قطعة أخذه و الحالق الجبل المرتفع و يقال جاء من حالق أي من مكان مشرف. قوله ع ما سرقوه منه و بينوه أي و ما بينوه و أظهروه و أعطوه مستحقه أو هو بصيغة الأمر خطابا للملائكة و هو أظهر و المناضلة المراماة و المراد هنا مطلق الجهاد قوله و حادوا أي مالوا

 11-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَ إِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ قال الإمام ع قال الله عز و جل ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ عست و جفت و يبست من الخير و الرحمة قلوبكم معاشر اليهود مِنْ بَعْدِ ذلِكَ من بعد ما بينت من الآيات الباهرات في زمان موسى و من الآيات المعجزات التي شاهدتموها من محمد ص   فَهِيَ كَالْحِجارَةِ اليابسة لا ترشح برطوبة و لا ينتفض منها ما ينتفع به أي إنكم لا حق الله تؤدون و لا من أموالكم و لا من حواشيها تتصدقون و لا بالمعروف تتكرمون و به تجودون و لا الضيف تقرون و لا مكروبا تغيثون و لا بشي‏ء من الإنسانية تعاشرون و تعاملون أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً إنما هي في قساوة الأحجار أو أشد قسوة أبهم على السامعين و لم يبين لهم كما يقول القائل أكلت خبزا أو لحما و هو لا يريد به أني لا أدري ما أكلت بل يريد أن يبهم على السامع حتى لا يعلم ما ذا أكل و إن كان يعلم أنه ما قد أكل و ليس معناه بل أشد قسوة لأن هذا استدراك غلط و هو عز و جل يرتفع أن يغلط في خبر ثم يستدرك على نفسه الغلط لأنه العالم بما كان و بما يكون و ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون و إنما يستدرك الغلط على نفسه المخلوق المنقوص و لا يريد به أيضا فهي كالحجارة أو أشد قسوة أي و أشد قسوة لأن هذا تكذيب الأول بالثاني لأنه قال فهي كالحجارة في الشدة لا أشد منها و لا ألين فإذا قال بعد ذلك أو أشد فقد رجع عن قوله الأول لأنه ليس بأشد و هذا مثل لمن يقول لا يجي‏ء من قلوبكم خير لا قليل و لا كثير فأبهم عز و جل في الأول حيث قال أَوْ أَشَدُّ و بين في الثاني أن قلوبهم أشد قسوة من الحجارة لا بقوله أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً بل بقوله تعالى وَ إِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ أي فهي في القساوة بحيث لا يجي‏ء منها الخير و في الحجارة ما يتفجر منه الأنهار فيجي‏ء بالخير و الغياث لبني آدم وَ إِنَّ مِنْها من الحجارة لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ و هو ما يقطر منها الماء فهو خير منها دون الأنهار التي يتفجر من بعضها و قلوبهم لا يتفجر منها الخيرات و لا يشقق فيخرج منها قليل من الخيرات و إن لم يكن كثيرا ثم قال عز و جل وَ إِنَّ مِنْها يعني من الحجارة لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ إذا أقسم عليها باسم الله و بأسماء أوليائه محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الطيبين من

  آلهم صلى الله عليهم و ليس في قلوبكم شي‏ء من هذه الخيرات وَ مَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ بل عالم به يجازيكم عنه بما هو به عادل عليكم و ليس بظالم لكم يشدد حسابكم و يؤلم عقابكم و هذا الذي وصف الله تعالى به قلوبهم هاهنا نحو ما قال في سورة النساء أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً و ما وصف به الأحجار هاهنا نحو ما وصف في قوله تعالى لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ و هذا التقريع من الله تعالى لليهود و الناصب و اليهود جمعوا الأمرين و اقترفوا الخطيئتين فغلظ على اليهود ما وبخهم به رسول الله ص فقال جماعة من رؤسائهم و ذوي الألسن و البيان منهم يا محمد إنك تهجونا و تدعي على قلوبنا ما الله يعلم منها خلافه إن فيها خيرا كثيرا نصوم و نتصدق و نواسي الفقراء فقال رسول الله ص إنما الخير ما أريد به وجه الله تعالى و عمل على ما أمر الله تعالى به و أما ما أريد به الرياء و السمعة و معاندة رسول الله ص و إظهار العناد له و التمالك و الشرف عليه فليس بخير بل هو الشر الخالص وبال على صاحبه يعذبه الله به أشد العذاب فقالوا له يا محمد أنت تقول هذا و نحن نقول بل ما ننفقه إلا لإبطال أمرك و دفع رئاستك و لتفريق أصحابك عنك و هو الجهاد الأعظم نؤمل به من الله الثواب الأجل الأجسم و أقل أحوالنا أنا تساوينا في الدعوى معك فأي فضل لك علينا فقال رسول الله ص يا إخوة اليهود إن الدعاوى يتساوى فيها المحقون و المبطلون و لكن حجج الله و دلائله تفرق بينهم فتكشف عن تمويه المبطلين و تبين عن حقائق المحقين و رسول الله محمد لا يغتنم جهلكم و لا يكلفكم التسليم له بغير حجة و لكن يقيم عليكم حجة الله التي لا يمكنكم دفاعها و لا تطيقون الامتناع من موجبها و لو ذهب محمد يريكم آية من عنده لشككتم و قلتم إنه متكلف مصنوع محتال فيه معمول أو متواطأ عليه و إذا اقترحتم أنتم فأراكم ما تقترحون لم يكن لكم أن تقولوا معمول أو متواطأ عليه أو متأتى بحيلة و مقدمات فما الذي تقترحون فهذا رب  العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم و يزيد في بصائر المؤمنين منكم قالوا قد أنصفتنا يا محمد فإن وفيت بما وعدت من نفسك من الإنصاف و إلا فأنت أول راجع من دعواك النبوة و داخل في غمار الأمة و مسلم لحكم التوراة لعجزك عما نقترحه عليك و ظهور باطل دعواك فيما ترومه من جهتك فقال رسول الله ص الصدق بيني و بينكم لا الوعيد اقترحوا ما أنتم مقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون فقالوا له يا محمد زعمت أنه ما في قلوبنا شي‏ء من مواساة الفقراء و معاونة الضعفاء و النفقة في إبطال الباطل و إحقاق المحق و أن الأحجار ألين من قلوبنا و أطوع لله منا و هذه الجبال بحضرتنا فهلم بنا إلى بعضها فاستشهده على تصديقك و تكذيبنا فإن نطق بتصديقك فأنت المحق يلزمنا اتباعك و إن نطق بتكذيبك أو صمت فلم يرد جوابك فاعلم أنك المبطل في دعواك المعاند لهواك فقال رسول الله ص نعم هلموا بنا إلى أيها شئتم فاستشهده ليشهد لي عليكم فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه فقالوا يا محمد هذا الجبل فاستشهده فقال رسول الله ص للجبل إني أسألك بجاه محمد و آله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف الله العرش على كواهل ثمانية من الملائكة بعد أن لم يقدروا على تحريكه و هم خلق كثير لا يعرف عددهم غير الله عز و جل و بحق محمد و آله الطيبين الذين بذكر أسمائهم تاب الله على آدم و غفر خطيئته و أعاده إلى مرتبته و بحق محمد و آله الطيبين الذين بذكر أسمائهم و سؤال الله بهم رفع إدريس في الجنة مكانا عليا لما شهدت لمحمد بما أودعك الله بتصديقه على هؤلاء اليهود في ذكر قساوة قلوبهم و تكذيبهم في جحدهم لقول محمد رسول الله ص  فتحرك الجبل و تزلزل و فاض عنه الماء و نادى يا محمد أشهد أنك رسول رب العالمين و سيد الخلائق أجمعين و أشهد أن قلوب هؤلاء اليهود كما وصفت أقسى من الحجارة لا يخرج منها خير كما قد يخرج من الحجارة الماء سيلا أو تفجرا و أشهد أن هؤلاء كاذبون عليك فيما به يقذفونك من الفرية على رب العالمين

 توضيح أقول تمامه في أبواب معجزات النبي ص و يقال عسا الشي‏ء إذا يبس و صلب قوله الصدق بيني و بينكم أي يجب أن نصدق فيما نقول و نأتي به و لا نكتفي بالوعد و الوعيد و في بعض النسخ ينبئ عنكم و هو أظهر

 12-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله تعالى أَ فَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ الآية قال الإمام ع فلما بهر رسول الله ص هؤلاء اليهود بمعجزته و قطع معاذيرهم بواضح دلالته لم يمكنهم مراجعته في حجته و لا إدخال التلبيس عليه في معجزاته قالوا يا محمد قد آمنا بأنك الرسول الهادي المهدي و أن عليا أخوك هو الوصي و الولي و كانوا إذا خلوا باليهود الآخرين يقولون لهم إن إظهارنا له الإيمان به أمكن لنا من مكروهه و أعون لنا على اصطلامه و اصطلام أصحابه لأنهم عند اعتقادهم أننا معهم يقفوننا على أسرارهم و لا يكتموننا شيئا فنطلع عليهم أعداءهم فيقصدون أذاهم بمعاونتنا و مظاهرتنا في أوقات اشتغالهم و اضطرابهم و أحوال تعذر المدافعة و الامتناع من الأعداء عليهم و كانوا مع ذلك ينكرون على سائر اليهود الإخبار للناس عما كانوا يشاهدونه من آياته و يعاينونه من معجزاته فأظهر الله محمد رسوله على قبح اعتقادهم و سوء دخيلاتهم و على إنكارهم على من اعترف بمشاهدة من آيات محمد و واضح بيناته و باهر معجزاته فقال عز و جل أَ فَتَطْمَعُونَ أنت و أصحابك من علي ع و آله الطيبين أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ هؤلاء اليهود الذين هم بحجج الله قد بهرتموهم و بآيات الله و دلائله الواضحة قد قهرتموهم أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ و يصدقوكم  بقلوبهم و يبدوا في الخلوات لشياطينهم شريف أحوالكم وَ قَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يعني من هؤلاء اليهود من بني إسرائيل يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ في أصل جبل طور سيناء و أوامره و نواهيه ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ عما سمعوه إذا أدوه إلى من وراءهم من سائر بني إسرائيل مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ و علموا أنهم فيما يقولونه كاذبون وَ هُمْ يَعْلَمُونَ أنهم في قيلهم كاذبون ثم أظهر الله على نفاقهم الآخر فقال فقال وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا كانوا إذا لقوا سلمان و المقداد و أبا ذر و عمارا قالُوا آمَنَّا كإيمانكم إيمانا بنبوة محمد ص مقرونا بالإيمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب ع و بأنه أخوه الهادي و وزيره المؤاتي و خليفته على أمته و منجز عدته و الوافي بذمته و الناهض بأعباء سياسته و قيم الخلق الذاب لهم عن سخط الرحمن الموجب لهم إن أطاعوه رضي الرحمن و أن خلفاءه من بعده هم النجوم الزاهرة و الأقمار النيرة و الشمس المضيئة الباهرة و أن أولياءهم أولياء الله و أن أعداءهم أعداء الله و يقول بعضهم نشهد أن محمدا صاحب المعجزات و مقيم الدلالات الواضحات و ساق الحديث كما سيأتي في أبواب معجزات الرسول ص و باب غزوة بدر إلى قوله فلما أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض قالوا أي شي‏ء صنعتم أخبرتموهم بما فتح الله عليكم  من الدلالات على صدق نبوة محمد ص و إمامة أخيه علي بن أبي طالب ع لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ بأنكم كنتم قد علمتم هذا و شاهدتموهم فلم تؤمنوا به و لم تطيعوه و قدروا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن له عليهم حجة في غيرها ثم قال عز و جل أَ فَلا تَعْقِلُونَ أن هذا الذي يخبرونهم به مما فتح الله عليكم من دلائل نبوة محمد ص حجة عليكم عند ربكم قال الله تعالى أَ وَ لا يَعْلَمُونَ يعني أ و لا يعلم هؤلاء القائلون لإخوانهم أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ من عداوة محمد ص و يضمرونه من أن إظهارهم الإيمان به أمكن لهم من اصطلامه و إبادة أصحابه وَ ما يُعْلِنُونَ من الإيمان ظاهرا ليؤنسوهم و يقفوا به على أسرارهم فيذيعونها بحضرة من يضرهم و إن الله لما علم ذلك دبر لمحمد ص تمام أمره ببلوغ غاية ما أراده الله ببعثه و أنه يتم أمره و أن نفاقهم و كيدهم لا يضره قوله تعالى وَ مِنْهُمْ أُمِّيُّونَ الآية قال الإمام ع ثم قال الله تعالى يا محمد و من هؤلاء اليهود أميون لا يقرءون الكتاب و لا يكتبون كالأمي منسوب إلى الأم أي هو كما خرج من بطن أمه لا يقرأ و لا يكتب لا يعلمون الكتاب المنزل من السماء و لا المتكذب به و لا يميزون بينهما إِلَّا أَمانِيَّ أي إلا أن يقرأ عليهم و يقال لهم إن هذا كتاب الله و كلامه و لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ أي ما يقول لهم رؤساؤهم من تكذيب محمد ص في نبوته و إمامة علي ع سيد عترته يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم ثم قال عز و جل فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ الآية قال

  الإمام ع قال الله عز و جل لقوم من هؤلاء اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة النبي ص و هو خلاف صفته و قالوا للمستضعفين هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان أنه طويل عظيم البدن و البطن أصهب الشعر و محمد بخلافه و هو يجي‏ء بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة و إنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم و تدوم لهم منهم إصاباتهم و يكفوا أنفسهم مئونة خدمة رسول الله ص و خدمة علي ع و أهل خاصته فقال الله عز و جل فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد ص و علي ع الشدة لهم من العذاب في أسوأ بقاع جهنم وَ وَيْلٌ لَهُمْ الشدة من العذاب ثانية لهم مضافة إلى الأولى مما يكسبونه من الأموال التي يأخذونها إذا أثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله ص و الجحد لوصية أخيه علي ولي الله ع و قالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً الآية قال الإمام ع قال الله عز و جل وَ قالُوا يعني اليهود المظهرين للإيمان المسرين للنفاق المدبرين على رسول الله ص و ذويه بما يظنون أن فيه عطبهم لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً و ذلك أنه كان لهم أصهار و إخوة رضاع من المسلمين يسرون كفرهم عن محمد ص و صحبه و إن كانوا به عارفين صيانة لهم لأرحامهم و أصهارهم قال لهم هؤلاء و لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون أجابهم ذلك اليهود بأن مدة ذلك العذاب نعذب به لهذه الذنوب أياما معدودة تنقضي ثم نصير بعد في النعمة في الجنان فلا نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا فإنها تفنى و تنقضي و نكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة و لذات نعمة الدنيا ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فني فقال الله عز و جل قُلْ يا محمد أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً أن عذابكم على كفركم  بمحمد ص و دفعكم لآياته في نفسه و في علي ع و سائر خلفائه و أوليائه منقطع غير دائم بل ما هو إلا عذاب دائم لا نفاد له فلا تجتروا على الآثام و القبائح من الكفر بالله و برسوله و بوليه المنصوب بعده على أمته ليسوسهم و يرعاهم سياسة الوالد الشفيق الرحيم الكريم لولده و رعاية الحدب المشفق على خاصته فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ وعده فلذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بلى أنتم في أيهما ادعيتم كاذبون

 13-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ الآية قال الإمام ع قال الله عز و جل و هو يخاطب هؤلاء اليهود الذين أظهر محمد صلى الله عليه و آله الطيبين المعجزات لهم عند تلك الجبال و يوبخهم وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التوراة المشتمل على أحكامنا و على ذكر فضل محمد و آله الطيبين و إمامة علي بن أبي طالب و خلفائه بعده و شرف أحوال المسلمين له و سوء أحوال المخالفين عليه وَ قَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ و جعلنا رسولا في أثر رسول وَ آتَيْنا أعطينا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ الآيات الواضحات إحياء الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص و الإنباء بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ و هو جبرئيل ع و ذلك حين رفعه من روزنة بيته إلى السماء و ألقي شبهه على من رام قتله فقتل بدلا منه و قيل هو المسيح

 14-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ قال الإمام ع قال الله تعالى وَ قالُوا يعني اليهود الذين أراهم رسول الله ص المعجزات المذكورات عند قوله فَهِيَ كَالْحِجارَةِ الآية قُلُوبُنا غُلْفٌ أوعية للخير و العلوم قد أحاطت بها و اشتملت عليها ثم هي مع ذلك لا نعرف لك يا محمد فضلا مذكورا في شي‏ء من كتب الله و لا على لسان أحد من أنبياء الله فقال الله تعالى ردا عليهم بَلْ ليس كما يقولون أوعية للعلوم و لكن قد لَعَنَهُمُ اللَّهُ أبعدهم  الله من الخير فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ قليل إيمانهم يؤمنون ببعض ما أنزل الله و يكفرون ببعض فإذا كذبوا محمدا في سائر ما يقول فقد صار ما كذبوا به أكثر و ما صدقوا به أقل و إذا قرئ غُلْفٌ فإنهم قالوا قُلُوبُنا غُلْفٌ في غطاء فلا نفهم كلامك و حديثك نحو ما قال الله تعالى وَ قالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَ فِي آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَيْنِنا وَ بَيْنِكَ حِجابٌ و كلا القراءتين حق و قد قالوا بهذا و بهذا جميعا ثم قال رسول الله ص معاشر اليهود أ تعاندون رسول رب العالمين و تأبون الاعتراف بأنكم كنتم بذنوبكم من الجاهلين إن الله لا يعذب بها أحدا و لا يزيل عن فاعل هذا عذابه أبدا إن آدم ع لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إلا بالتوبة فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم

 توضيح قال الطبرسي رحمه الله القراءات المشهورة غلف بسكون اللام و روي في الشواذ غلف بضم اللام عن أبي عمرو فمن قرأ بتسكين اللام فهو جمع الأغلف يقال للسيف إذا كان في غلاف أغلف و من قرأ بضم اللام فهو جمع غلاف فمعناه أن قلوبنا أوعية العلم فما بالها لا تفهم

 15-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً إلى قوله وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ قال الإمام ع قال الحسن بن علي بن أبي طالب ع إن الله تعالى لما وبخ هؤلاء اليهود على لسان رسول الله محمد ص و قطع معاذيرهم و أقام عليهم الحجج الواضحة بأن محمدا ص سيد النبيين و خير الخلائق أجمعين و أن عليا ع سيد الوصيين و خير من يخلفه بعده في المسلمين و أن الطيبين من آله هم القوام بدين الله و الأئمة لعباد الله عز و جل و انقطعت معاذيرهم و هم لا يمكنهم إيراد حجة و لا شبهة فجاءوا إلى أن كابروا فقالوا لا ندري ما تقول و لكنا نقول إن الجنة خالصة لنا من دونك يا محمد و دون علي و دون أهل دينك و أمتك  و إنا بكم مبتلون و ممتحنون و نحن أولياء الله المخلصون و عباده الخيرون و مستجاب دعاؤنا غير مردود علينا بشي‏ء من سؤالنا ربنا فلما قالوا ذلك قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة و السلام قُلْ يا محمد لهؤلاء اليهود إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ الجنة و نعيمها خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ محمد و علي و الأئمة عليهم الصلاة و السلام و سائر الأصحاب و مؤمني الأمة و إنكم بمحمد و ذريته ممتحنون و إن دعاءكم مستجاب غير مردود فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ للكاذبين منكم و من مخالفيكم فإن محمدا و عليا و ذريتهما يقولون إنهم أولياء الله عز و جل من دون الناس الذين يخالفونهم في دينهم و هم المجاب دعاؤهم فإن كنتم معاشر اليهود كما تدعون فتمنوا الموت للكاذبين منكم و من مخالفيكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بأنكم أنتم المحقون المجاب دعاؤكم على مخالفيكم فقولوا اللهم أمت الكاذب منا و من مخالفينا ليستريح منه الصادقون و لتزداد حجتك وضوحا بعد أن قد صحت و وجبت ثم قال لهم رسول الله ص بعد ما عرض هذا عليهم لا يقولها أحد منكم إلا قد غص بريقه فمات مكانه و كانت اليهود علماء بأنهم هم الكاذبون و أن محمدا ص و عليا ع و مصدقيهما هم الصادقون فلم يجسروا أن يدعوا بذلك لعلمهم بأنهم إن دعوا فهم الميتون فقال تعالى وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ يعني اليهود لن يتمنوا الموت للكاذب بما قدمت أيديهم من الكفر بالله و بمحمد رسوله و نبيه و صفيه و بعلي أخي نبيه و وصيه و بالطاهرين من الأئمة المنتجبين قال الله تعالى وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ اليهود إنهم لا يجسرون أن يتمنوا الموت للكاذب لعلمهم أنهم هم الكاذبون و لذلك أمرك أن تبهرهم بحجتك و تأمرهم أن يدعوا على الكاذب ليمتنعوا من الدعاء و يتبين للضعفاء أنهم هم الكاذبون ثم قال يا محمد وَ لَتَجِدَنَّهُمْ يعني تجد هؤلاء اليهود أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ و ذلك لإياسهم من نعيم

  الآخرة لانهماكهم في كفرهم الذين يعلمون أنهم لا حظ لهم معه في شي‏ء من خيرات الجنة وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا قال تعالى هؤلاء اليهود أحرص الناس على حياة و أحرص من الذين أشركوا على حياة يعني المجوس لأنهم لا يرون النعيم إلا في الدنيا و لا يؤملون خيرا في الآخرة فلذلك هم أشد الناس حرصا على حياة ثم وصف اليهود فقال يَوَدُّ أَحَدُهُمْ يتمنى أحدهم لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ أي التعمير ألف سنة بِمُزَحْزِحِهِ بمباعده مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ تعميره و إنما قال وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ و لم يقل و ما هو بمزحزحه فقط لأنه لو قال و ما هو بمزحزحه من العذاب و الله بصير لكان يحتمل أن يكون و ما هو يعني وده و تمنيه بمزحزحه فلما أراد و ما تعميره قال و ما هو بمزحزحه أن يعمر ثم قال وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ فعلى حسبه يجازيهم و يعدل عليهم و لا يظلمهم قال الحسن بن علي ع لما كاعت اليهود عن هذا التمني و قطع الله معاذيرهم قالت طائفة منهم و هم بحضرة رسول الله ص و قد كاعوا و عجزوا يا محمد فأنت و المؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم و علي أخوك و وصيك أفضلهم و سيدهم قال رسول الله ص بلى قالوا يا محمد فإن كان هذا كما زعمت فقل لعلي يدعو الله لابن رئيسنا هذا فقد كان من الشباب جميلا نبيلا وسيما قسيما لحقه برص و جذام و قد صار حمى لا يقرب و مهجورا لا يعاشر يناول الخبز على أسنة الرماح فقال رسول الله ص ائتوني به فأتي به فنظر رسول الله ص و أصحابه منه إلى منظر فظيع سمج قبيح كريه فقال رسول الله ص يا أبا حسن ادع الله له بالعافية فإن الله يجيبك فيه فدعا له فلما كان بعد فراغه من دعائه إذا الفتى قد زال عنه كل مكروه و عاد إلى أفضل ما كان عليه من النبل و الجمال و الوسامة و الحسن فيالمنظر فقال رسول الله ص للفتى يا فتى آمن بالذي أغاثك من بلائك قال الفتى قد آمنت و حسن إيمانه فقال أبوه يا محمد ظلمتني و ذهبت مني بابني يا ليته كان أجذم  أبرص كما كان و لم يدخل في دينك فإن ذلك كان أحب إلي قال رسول الله ص لكن الله عز و جل قد خلصه من هذه الآفة و أوجب له نعيم الجنة قال أبوه يا محمد ما كان هذا لك و لا لصاحبك إنما جاء وقت عافيته فعوفي فإن كان صاحبك هذا يعني عليا مجابا في الخير فهو أيضا مجاب في الشر فقل له يدعو علي بالجذام و البرص فإني أعلم أنه لا يصيبني ليتبين لهؤلاء الضعفاء الذين قد اغتروا بك أن زواله عن ابني لم يكن بدعائه فقال رسول الله ص يا يهودي اتق الله و تهنأ بعافية الله إياك و لا تتعرض للبلاء و لما لا تطيقه و قابل النعمة بالشكر فإن من كفرها سلبها و من شكرها امترى مزيدها فقال اليهودي من شكر نعم الله تكذيب عدو الله المفتري عليه و إنما أريد بهذا أن أعرف ولدي أنه ليس مما قلت له و ادعيته قليل و لا كثير و أن الذي أصابه من خير لم يكن بدعاء على صاحبك فتبسم رسول الله ص و قال يا يهودي هبك قلت إن عافية ابنك لم يكن بدعاء علي ع و إنما صادف دعاؤه وقت مجي‏ء عافيته أ رأيت لو دعا علي ع عليك بهذا البلاء الذي اقترحته فأصابك أ تقول إن ما أصابني لم يكن بدعائه و لكنه صادف دعاؤه وقت بلائي قال لا أقول هذا لأن هذا احتجاج مني على عدو الله في دين الله و احتجاج منه علي و الله أحكم من أن يجيب إلى مثل هذا فيكون قد فتن عباده و دعاهم إلى تصديق الكاذبين فقال رسول الله ص فهذا في دعاء علي ع لابنك كهو في دعائه عليك لا يفعل الله تعالى ما يلبس به على عباده دينه و يصدق به الكاذب عليه فتحير اليهودي لما بطلت عليه شبهته و قال يا محمد ليفعل علي هذا بي إن كنت صادقا فقال رسول الله ص لعلي ع يا أبا حسن قد أبى الكافر إلا عتوا و تمردا و طغيانا فادع عليه بما اقترح و قل اللهم ابتله ببلاء ابنه من قبل فقالها فأصاب اليهودي داء ذلك الغلام مثل ما كان فيه الغلام من الجذام و البرص و استولى عليه الألم

  و البلاء و جعل يصرخ و يستغيث و يقول يا محمد قد عرفت صدقك فأقلني فقال رسول الله ص لو علم الله صدقك لنجاك و لكنه عالم بأنك لا تخرج عن هذا الحال إلا ازددت كفرا و لو علم أنه إن نجاك آمنت به لجاد عليك بالنجاة فإنه الجواد الكريم ثم قال ع فبقي اليهودي في ذلك الداء و البرص أربعين سنة آية للناظرين و عبرة للمعتبرين و علامة و حجة بينة لمحمد ص باقية للغابرين و عبرة للمتكبرين و بقي ابنه كذلك معافى صحيح الأعضاء و الجوارح ثمانين سنة عبرة للمعتبرين و ترغيبا للكافرين في الإيمان و تزهيدا لهم في الكفر و العصيان و قال رسول الله ص حين حل البلاء باليهودي بعد زوال البلاء عن ابنه عباد الله و إياكم و الكفر لنعم الله فإنه مشوم على صاحبه ألا و تقربوا إلى الله بالطاعات يجزل لكم المثوبات و قصروا أعماركم في الدنيا بالتعرض لأعداء الله في الجهاد لتنالوا طول أعمار الآخرة في النعيم الدائم الخالد و ابذلوا أموالكم في الحقوق اللازمة ليطول غناؤكم في الجنة فقام ناس فقالوا يا رسول الله نحن ضعفاء الأبدان قليلو الأعمار و الأموال لا نفي بمجاهدة الأعداء و لا تفضل أموالنا عن نفقات العيالات فما ذا نصنع قال رسول الله ص أ لا فليكن صدقاتكم من قلوبكم و ألسنتكم قالوا كيف يكون ذلك يا رسول الله قال ص أما القلوب فتقطعونها على حب الله و حب محمد رسول الله و حب علي ولي الله و وصي رسول الله و حب المنتجبين للقيام بدين الله و حب شيعتهم و محبيهم و حب إخوانكم المؤمنين و الكف عن اعتقادات العداوات و الشحناء و البغضاء و أما الألسنة فتطلقونها بذكر الله تعالى بما هو أهله و الصلاة على نبيه محمد و آله الطيبين فإن الله تعالى بذلك يبلغكم أفضل الدرجات و ينيلكم به المراتب العاليات

   بيان كاع عنه أي هاب و جبن و الوسيم الحسن الوجه و كذا القسيم بمعناه و يقال هذا شي‏ء حمى على فعل أي محظور لا يقرب و يقال امترى الريح السحاب أي استدره

 16-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَ ما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ قال الإمام ع قال الله تعالى وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ يا محمد آياتٍ بَيِّناتٍ دالات على صدقك في نبوتك مبينات عن إمامة علي ع أخيك و وصيك و صفيك موضحات عن كفر من شك فيك أو في أخيك أو قابل أمر واحد منكما بخلاف القبول و التسليم ثم قال وَ ما يَكْفُرُ بِها بهذه الآيات الدالات على تفضيلك و تفضيل علي ع بعدك على جميع الورى إِلَّا الْفاسِقُونَ الخارجون عن دين الله و طاعته من اليهود الكاذبين و النواصب المتسمين بالمسلمين

 قال الإمام ع قال علي بن الحسين ع و ذلك أن رسول الله ص لما آمن به عبد الله بن سلام بعد مسائله التي سألها رسول الله ص و جوابه إياه عنها قال له يا محمد بقيت واحدة و هي المسألة الكبرى و الغرض الأقصى من الذي يخلفك بعدك و يقضي ديونك و ينجز عداتك و يؤدي أماناتك و يوضح عن آياتك و بيناتك فقال رسول الله ص أولئك أصحابي قعود فامض إليهم فسيدلك النور الساطع في دائرة غرة ولي عهدي و صفحة خديه و سينطق طومارك بأنه هو الوصي و ستشهد جوارحك بذلك فصار عبد الله بن سلام إلى القوم فرأى عليا ع يسطع من وجهه نور يبهر نور الشمس و نطق طوماره و أعضاء بدنه كل يقول يا ابن سلام هذا علي بن أبي طالب ع المالئ جنان الله بمحبيه و نيرانه بشانئيه الباث دين الله في أقطار الأرض و آفاقها و النافي الكفر عن نواحيها و أرجائها فتمسك بولايته تكن سعيدا و اثبت عن التسلم له تكن رشيدا فقال عبد الله بن سلام أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا ص عبده و رسوله المصطفى و أمينه المرتضى و أميره على جميع الورى  و أشهد أن عليا ع أخوه و صفيه و وصيه القائم بأمره المنجز لعداته المؤدي لأماناته الموضح لآياته و بيناته الدافع للأباطيل بدلائله و معجزاته و أشهد أنكما اللذان بشر بكما موسى و من قبله من الأنبياء و دل عليكما المختارون من الأصفياء ثم قال لرسول الله ص قد تمت الحجج و انزاحت العلل و انقطعت المعاذير فلا عذر لي إن تأخرت عنك و لا خير في إن تركت التعصب لك ثم قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت و إنهم إن سمعوا بإسلامي وقعوا في فاخبأني عندك و إذا جاءوك فسلهم عني لتسمع قولهم في قبل أن يعلموا بإسلامي و بعده لتعلم أحوالهم فخبأه رسول الله ص في بيته ثم دعا قوما من اليهود فحضروه و عرض عليهم أمره فأبوا فقال بمن ترضون حكما بيني و بينكم قالوا بعبد الله بن سلام قال و أي رجل هو قالوا رئيسنا و ابن رئيسنا و سيدنا و ابن سيدنا و عالمنا و ابن عالمنا و ورعنا و ابن ورعنا و زاهدنا و ابن زاهدنا فقال رسول الله ص أ رأيتم إن آمن بي أ تؤمنون قالوا قد أعاذه الله من ذلك ثم أعادها و أعادوها فقال اخرج عليهم يا عبد الله و أظهر ما قد أظهره الله لك من أمر محمد ص فخرج عليهم و هو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله المذكور في التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم و سائر كتب الله المدلول فيها عليه و على أخيه علي بن أبي طالب ع فلما سمعوه يقول ذلك قالوا يا محمد سفيهنا و ابن سفيهنا و شرنا و ابن شرنا و فاسقنا و ابن فاسقنا و جاهلنا و ابن جاهلنا كان غائبا عنا فكرهنا أن نغتابه فقال عبد الله هذا الذي كنت أخافه يا رسول الله ثم إن عبد الله حسن إسلامه و لحقه القصد الشديد من جيرانه من اليهود و كان رسول الله ص في حمارة القيظ في مسجده يوما إذ دخل عليه عبد الله بن سلام و قد كان بلال أذن للصلاة و الناس بين قائم

  و قاعد و راكع و ساجد فنظر رسول الله ص إلى وجه عبد الله فرآه متغيرا و إلى عينيه دامعتين فقال ما لك يا عبد الله فقال يا رسول الله قصدتني اليهود و أساءت جواري و كل ماعون لي استعاروه مني و كسروه و أتلفوه و ما استعرت منهم منعونيه ثم زاد أمرهم بعد هذا فقد اجتمعوا و تواطئوا و تحالفوا على أن لا يجالسني منهم أحد و لا يبايعني و لا يشاريني و لا يكلمني و لا يخالطني و قد تقدموا بذلك إلى من في منزلي فليس يكلمني أهلي و كل جيراننا يهود و قد استوحشت منهم فليس لي أنس بهم و المسافة ما بيننا و بين مسجدك هذا و منزلك بعيدة فليس يمكنني في كل وقت يلحقني ضيق صدر منهم أن أقصد مسجدك أو منزلك فلما سمع ذلك رسول الله ص غشيه ما كان يغشاه عند نزول الوحي عليه من تعظيم أمر الله تعالى ثم سرى عنه و قد أنزل عليه إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ قال يا عبد الله بن سلام إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ و ناصركم الله على اليهود القاصدين بالسوء لك وَ رَسُولُهُ إنما وليك و ناصرك وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ صفتهم أنهم يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ أي و هم في ركوعهم ثم قال يا عبد الله بن سلام وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا من تولاهم و والى أولياءهم و عادى أعداءهم و لجأ عند المهمات إلى الله ثم إليهم فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ جنده هُمُ الْغالِبُونَ لليهود و سائر الكافرين أي فلا يهمنك يا ابن سلام فإن الله تعالى و هؤلاء أنصارك و هو كافيك شرور أعدائك و ذائد عنك مكايدهم فقال رسول الله ص يا عبد الله بن  سلام أبشر فقد جعل الله لك أولياء خيرا منهم اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فقال عبد الله من هؤلاء الذين آمنوا فنظر رسول الله ص إلى سائل فقال هل أعطاك أحد شيئا الآن قال نعم ذلك المصلي أشار إلي بإصبعه أن خذ الخاتم فأخذته فنظر إليه و إلى الخاتم فإذا هو خاتم علي فقال رسول الله ص الله أكبر هذا وليكم بعدي و أولى الناس بعدي علي بن أبي طالب ع قال ثم لم يلبث عبد الله إلا يسيرا حتى مرض بعض جيرانه و افتقر و باع داره فلم يجد لها مشتريا غير عبد الله و أسر آخر من جيرانه فألجئ إلى بيع داره فلم يجد لها مشتريا غير عبد الله ثم لم يبق من جيرانه من جيرانه من اليهود أحد إلا دهته داهية و احتاج من أجلها إلى بيع داره فملك عبد الله تلك المحلة و قلع الله تعالى شأفة اليهود و حول عبد الله إلى تلك الدور قوما من خيار المهاجرين و كانوا له أناسا و جلاسا و رد الله كيد اليهود في نحورهم و طيب الله عيش عبد الله بإيمانه برسوله و موالاته لعلي ولي الله ع قوله عز و جل أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قال الإمام ع قال الباقر ع قال الله تعالى و هو يوبخ هؤلاء اليهود الذين تقدم ذكرهم و عنادهم و هؤلاء النصاب الذين نكثوا ما أخذ من العهد عليهم فقال أَ وَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً و واثقوا و عاقدوا ليكونن لمحمد طائعين و لعلي بعده مؤتمرين و إلى أمره صابرين نَبَذَهُ نبذ العهد فَرِيقٌ مِنْهُمْ و خالفه قال الله تعالى بَلْ أَكْثَرُهُمْ أكثر هؤلاء اليهود و النواصب لا يُؤْمِنُونَ في مستقبل أعمارهم لا يرعون و لا يتوبون مع مشاهدتهم للآيات و معاينتهم للدلالات قال رسول الله ص اتقوا الله عباد الله و اثبتوا على ما أمركم به رسول الله ص  من توحيد الله و من الإيمان بنبوة محمد ص رسول الله و من الاعتقاد بولاية علي ع ولي الله و لا يغرنكم صلاتكم و صيامكم و عبادتكم السالفة إنما تنفعكم إن وافيتم العهد و الميثاق فمن وفى وفي له و تفضل بالإفضال عليه و فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ و الله ولي الانتقام منه و إنما الأعمال بخواتيمها هذه وصية رسول الله ص لكل أصحابه و بها أوصى حين صار إلى الغار

 بيان حمارة القيظ بتشديد الراء شدة حره و في المثل استأصل الله شأفته أي أذهبه الله

 17-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل وَ لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إلى قوله لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ قال الإمام ع قال الصادق ع وَ لَمَّا جاءَهُمْ جاء اليهود و من يليهم من النواصب رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ القرآن مشتملا على فضل محمد و علي ع و إيجاب ولايتهما و ولاية أوليائهما و عداوة أعدائهما نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ اليهود التوراة و كتب أنبياء الله عليهم الصلاة و السلام وَراءَ ظُهُورِهِمْ تركوا العمل بما فيها و حسدوا محمدا ص على نبوته و عليا على وصيته و جحدوا ما وقفوا عليه من فضائلهما كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ و فعلوا فعل من جحد ذلك و الرد له فعل من لا يعلم مع علمهم بأنه حق وَ اتَّبَعُوا هؤلاء اليهود و النواصب ما تَتْلُوا ما تقرأ الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ و زعموا أن سليمان بذلك السحر و التدبير و النيرنجات نال ما ناله من الملك العظيم فصدوهم به عن سبيل الله و ذلك أن اليهود الملحدين و النواصب المشركين لهم في إلحادهم لما سمعوا من رسول الله ص فضائل علي و شاهدوا منه و من علي ع المعجزات التي أظهرها الله تعالى لهم على أيديهما أفضى بعض اليهود و النصاب إلى بعض و قالوا ما محمد إلا طالب الدنيا بحيل و مخاريق و سحر و نيرنجات تعلمها و علم عليا بعضها فهو  يريد أن يتملك علينا حياته و يعقد الملك لعلي بعده و ليس ما يقوله عن الله بشي‏ء إنما هو تقوله فيعقد علينا و على ضعفاء عباد الله بالسحر و النيرنجات التي تعلمها و أوفر الناس حظا من هذا السحر سليمان بن داود الذي ملك بسحره الدنيا كلها من الجن و الإنس و الشياطين و نحن إذا تعلمنا بعض ما كان تعلمه سليمان بن داود تمكنا من إظهار مثل ما أظهره محمد و علي و ادعينا لأنفسنا ما يجعله محمد لعلي و قد استغنينا عن الانقياد لعلي فحينئذ ذم الله الجميع من اليهود و النواصب فقال عز و جل نبذوا كتاب الله الآمر بولاية محمد ص و علي ع وَراءَ ظُهُورِهِمْ فلم يعملوا به وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا كفرة الشَّياطِينُ من السحر و النيرنجات عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ الذين يزعمون أن سليمان ملك به و نحن أيضا به نظهر العجائب حتى تنقاد لنا الناس و نستغني عن الانقياد لعلي قالوا و كان سليمان كافرا و ساحرا ماهرا بسحره ملك ما ملك و قدر على ما قدر فرد الله تعالى عليهم و قال وَ ما كَفَرَ سُلَيْمانُ و لا استعمل السحر كما قاله هؤلاء الكافرون وَ لكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا

 18-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ قال الإمام ع قال موسى بن جعفر ع إن رسول الله ص لما قدم المدينة و كثر حوله المهاجرون و الأنصار و كثرت عليه المسائل و كانوا يخاطبونه بالخطاب الشريف العظيم الذي يليق به ص و ذلك أن الله تعالى كان قال لهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ و كان رسول الله ص بهم رحيما و عليهم عطوفا و في إزالة الآثام عنهم مجتهدا حتى أنه كان ينظر إلى كل من كان يخاطبه فيعمل على أن يكون صوته مرتفعا على صوته ليزيل عنه ما توعده الله به  من إحباط أعماله حتى أن رجلا أعرابيا ناداه يوما و هو خلف حائط بصوت له جهوري يا محمد فأجابه ص بأرفع من صوته يريد أن لا يأثم الأعرابي بارتفاع صوته فقال له الأعرابي أخبرني عن التوبة إلى متى تقبل فقال رسول الله ص يا أخا العرب إن بابها مفتوح لابن آدم لا ينسد حتى تطلع الشمس من مغربها و ذلك قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ و هو طلوع الشمس من مغربها لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً و قال موسى بن جعفر ع فكانت هذه اللفظة راعنا من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله ص يقولون راعنا أي ارع أحوالنا و اسمع منا نسمع منك و كان في لغة اليهود اسمع لا سمعت فلما سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله يقولون راعنا و يخاطبون بها قالوا كنا نشتم محمدا ص إلى الآن سرا فتعالوا الآن نشتمه جهرا و كانوا يخاطبون رسول الله ص و يقولون راعنا يريدون شتمه فتفطن لهم سعد بن معاذ الأنصاري فقال يا أعداء الله عليكم لعنة الله أراكم تريدون سب رسول الله توهمونا أنكم تجرون في مخاطبته مجرانا و الله لا سمعتها من أحد منكم إلا ضربت عنقه و لو لا أني أكره أن أقدم عليكم قبل التقدم و الاستئذان له و لأخيه و وصيه علي بن أبي طالب ع القيم بأمور الأمة نائبا عنه لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا فأنزل الله تعالى يا محمد مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ يَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِي الدِّينِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا و أنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَ قُولُوا انْظُرْنا وَ اسْمَعُوا وَ لِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ لا تَقُولُوا راعِنا فإنها لفظة يتوصل بها أعداؤكم من اليهود إلى سب رسول الله ص  و سبكم و شتمكم وَ قُولُوا انْظُرْنا أي قولوا بهذه اللفظة لا بلفظة راعنا فإنه ليس فيها ما في قولكم راعنا و لا يمكنهم أن يتوصلوا بها إلى الشتم كما يمكنهم بقولكم راعنا وَ اسْمَعُوا إذا قال لكم رسول الله ص قولا و أطيعوا وَ لِلْكافِرِينَ يعني اليهود الشاتمين لرسول الله ص عَذابٌ أَلِيمٌ وجيع في الدنيا إن عادوا لشتمهم و في الآخرة بالخلود في النار ثم قال رسول الله ص يا عباد الله هذا سعد بن معاذ من خيار عباد الله آثر رضا الله على سخط قراباته و أصهاره من اليهود أمر بالمعروف و نهى عن المنكر و غضب لمحمد ص رسول الله و لعلي ولي الله و وصي رسول الله ص أن يخاطبا بما لا يليق بجلالتهما فشكر الله له لتعصبه لمحمد ص و علي و بوأه في الجنة منازل كريمة و هيأ له فيها خيرات واسعة لا تأتي الألسن على وصفها و لا القلوب على توهمها و الفكر فيها و لسلكة من مناديل موائده في الجنة خير من الدنيا بما فيها و زينتها و لجينها و جواهرها و سائر أموالها و نعيمها فمن أراد أن يكون فيها رفيقه و خليطه فليتحمل غضب الأصدقاء و القرابات و ليؤثر لهم رضا الله في الغضب لمحمد رسول الله ص و ليغضب إذا رأى الحق متروكا و رأى الباطل معمولا به و إياكم و الهوينا فيه مع التمكن و القدرة و زوال التقية فإن الله لا يقبل لكم عذرا عند ذلك

 19-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ قال الإمام ع قال علي بن موسى الرضا ع إن الله ذم اليهود و المشركين و  النواصب فقال ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ اليهود و النصارى وَ لَا الْمُشْرِكِينَ و لا من المشركين الذين هم نواصب يغتاظون لذكر الله و ذكر محمد و فضائل علي ع و إبانته عن شريف فضله و محله أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ من الآيات الزائدات في شرف محمد و علي و آلهما الطيبين عليهم صلوات الله و سلامه و لا يودون أن ينزل دليل معجز من السماء يبين عن محمد ص و علي ع فهم لأجل ذلك يمنعون أهل دينهم من أن يحاجوك مخافة أن تبهرهم حجتك و تفحمهم معجزاتك فيؤمن بك عوامهم أو يضطربون على رؤسائهم فلذلك يصدون من يريد لقاءك يا محمد ليعرف أمرك بأنه لطيف خلاق ساحر اللسان لا تراك و لا يراك خير لك و أسلم لدينك و دنياك فهم بمثل هذا يصدون العوام عنك ثم قال الله عز و جل وَ اللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ على من يوفقه لدينه و يهديه إلى موالاتك و موالاة أخيك علي بن أبي طالب ع قال فلما قرعهم بهذا رسول الله ص حضره منهم جماعة فعاندوه و قالوا يا محمد إنك تدعي على قلوبنا خلاف ما فيها ما نكره أن ينزل عليك حجة تلزم الانقياد لها فننقاد فقال رسول الله ص أما إن عاندتم محمدا هاهنا فستعاندون رب العالمين إذا أنطق صحائفكم بأعمالكم و تقولون ظلمتنا الحفظة و كتبوا علينا ما لم نجترمه فعند ذلك يستشهد جوارحكم فتشهد عليكم فقالوا لا تبعد شاهدك فإنه فعل الكذابين بيننا و بين القيامة بعد أرنا في أنفسنا ما تدعي لنعلم صدقك و لن تفعله لأنك من الكذابين  فقال رسول الله ص لعلي ع استشهد جوارحهم فاستشهدها علي ع فشهدت كلها عليهم أنهم لا يودون أن ينزل على أمة محمد ص على لسان محمد ص خير من عند ربكم آية بينة و حجة معجزة لنبوته و إمامة أخيه علي ع مخافة أن تبهرهم حجته و يؤمن به عوامهم و يضطرب عليه كثير منهم فقالوا يا محمد لسنا نسمع هذه الشهادة التي تدعي أنها تشهد بها جوارحنا فقال ص يا علي هؤلاء من الذين قال الله إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ ادع عليهم بالهلاك فدعا عليهم علي ع بالهلاك فكل جارحة نطقت بالشهادة على صاحبها انفتقت حتى مات مكانه فقال قوم آخرون حضروا من اليهود ما أقساك يا محمد قتلتهم أجمعين فقال رسول الله ص ما كنت ألين على من اشتد عليه غضب الله أما إنهم لو سألوا الله بمحمد و علي و آلهما الطيبين أن يمهلهم و يقيلهم لفعل بهم كما كان فعل بمن كان قبل من عبدة العجل لما سألوا الله بمحمد و علي و آلهما الطيبين و قال لهم على لسان موسى لو كان دعا بذلك على من قتل لأعفاه الله من القتل كرامة لمحمد و علي و آلهما الطيبين ع

 20-  ختص، ]الإختصاص[ عن ابن عباس قال لما بعث محمد ص أن يدعو الخلق إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فأسرع الناس إلى الإجابة و أنذر النبي ص الخلق فأمره جبرئيل ع أن يكتب إلى أهل الكتاب يعني اليهود و النصارى و يكتب كتابا و أملى جبرئيل ع على النبي ص كتابه و كان كاتبه يومئذ سعد بن أبي وقاص فكتب إلى يهود خيبر بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد بن عبد الله الأمي رسول الله إلى يهود خيبر أما بعد ف إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي  العظيم ثم وجه الكتاب إلى يهود خيبر فلما وصل الكتاب إليهم حملوه و أتوا به رئيسا لهم يقال له عبد الله بن سلام إن هذا كتاب محمد إلينا فاقرأه علينا فقرأه فقال لهم ما ترون في هذا الكتاب قالوا نرى علامة وجدناها في التوراة فإن كان هذا محمد الذي بشر به موسى و داود و عيسى ع سيعطل التوراة و يحل لنا ما حرم علينا من قبل فلو كنا على ديننا كان أحب إلينا فقال عبد الله بن سلام يا قوم اخترتم الدنيا على الآخرة و العذاب على الرحمة قالوا لا قال و كيف لا تتبعون داعي الله قالوا يا ابن سلام و ما علمنا أن محمدا صادق فيما يقول قال فإذا نسأله عن الكائن و المكون و الناسخ و المنسوخ فإن كان نبيا كما يزعم فإنه سيبين كما بين الأنبياء من قبل قالوا يا ابن سلام سر إلى محمد حتى تنقض كلامه و تنظر كيف يرد عليك الجواب فقال إنكم قوم تجهلون لو كان هذا محمد الذي بشر به موسى و عيسى ابن مريم و كان خاتم النبيين فلو اجتمع الثقلان الإنس و الجن على أن يردوا على محمد حرفا واحدا أو آية ما استطاعوا بإذن الله قالوا صدقت يا ابن سلام فما الحيلة قال علي بالتوراة فحملت التوراة إليه فاستنسخ منها ألف مسألة و أربع مسائل ثم جاء بها إلى النبي ص حتى دخل عليه يوم الإثنين بعد صلاة الفجر فقال السلام عليك يا محمد فقال النبي ص و على من اتبع الهدى و رحمة الله و بركاته من أنت فقال أنا عبد الله بن سلام من رؤساء بني إسرائيل و ممن قرأ التوراة و أنا رسول اليهود إليك مع آيات من التوراة تبين لنا ما فيها نراك من المحسنين فقال النبي ص الحمد لله على نعمائه يا ابن سلام جئتني سائلا أو متعنتا قال بل سائلا يا محمد قال على الضلالة أم على الهدى قال بل على الهدى يا محمد

  فقال النبي ص فسل عما تشاء قال أنصفت يا محمد فأخبرني عنك أ نبي أنت أم رسول قال أنا نبي و رسول ذلك قوله تعالى في القرآن مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ قال صدقت يا محمد فأخبرني كلمك الله قبلا قال ما لعبد أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب قال صدقت يا محمد فأخبرني تدعو بدينك أم بدين الله قال بل أدعو بدين الله و ما لي دين إلا ما ديننا الله قال صدقت يا محمد فأخبرني إلى ما تدعو قال إلى الإسلام و الإيمان بالله قال و ما الإسلام قال شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ قال صدقت يا محمد فأخبرني كم دين لرب العالمين قال دين واحد و الله تعالى واحد لا شريك له قال و ما دين الله قال الإسلام قال و به دان النبيون من قبلك قال نعم قال فالشرائع قال كانت مختلفة و قد مضت سنة الأولين قال صدقت يا محمد فأخبرني عن أهل الجنة يدخلون فيها بالإسلام أو بالإيمان أو بالعمل قال منهم من يدخل بالثلاثة يكون مسلما مؤمنا عاملا فيدخل الجنة بثلاثة أعمال أو يكون نصرانيا أو يهوديا أو مجوسيا فيسلم بين الصلاتين و يؤمن بالله و يخلع الكفر من قلبه فيموت على مكانه و لم يخلف من الأعمال شيئا فيكون من أهل الجنة فذلك إيمان بلا عمل و يكون يهوديا أو نصرانيا يتصدق و ينفق في غير ذات الله فهو على الكفر و الضلالة يعبد المخلوق دون الخالق فإذا مات على دينه كان فوق عمله في النار يوم القيامة لأن الله لا يتقبل إلا من المتقين قال صدقت يا محمد قال فأخبرني هل أنزل عليك كتابا قال نعم قال و أي كتاب هو قال الفرقان قال و لم سماه فرقانا قال لأنه متفرق الآيات و السور أنزل في غير الألواح و غير الصحف و التوراة و الإنجيل و الزبور أنزلت كلها جملا في الألواح و الأوراق فقال صدقت يا محمد فأخبرني أي شي‏ء مبتدأ القرآن و أي شي‏ء مؤخره

  قال مبتدؤه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و مؤخره أبجد قال ما تفسير أبجد قال الألف آلاء الله و الباء بهاء الله و الجيم جمال الله و الدال دين الله و إدلاله على الخير هوز الهاوية حطي حطوط الخطايا و الذنوب سعفص صاعا بصاع حقا بحق فصا بفص يعني جورا بجور قرشت سهم الله المنزل في كتابه المحكم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سنة الله سبقت رحمة الله غضبه قال لما عطس آدم صلى الله عليه قال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فأجابه ربه يرحمك ربك يا آدم فسبقت له ذلك الحسنى من ربه من قبل أن يعصي الله في الجنة فقال صدقت يا محمد فأخبرني عن أربعة أشياء خلقهن الله تعالى بيده قال خلق الله جنات عدن بيده و نصب شجرة طوبى في الجنة بيده و خلق آدم ع بيده و كتب التوراة بيده قال صدقت يا محمد قال فمن أخبرك بهذا قال جبرئيل ع قال جبرئيل عمن قال عن ميكائيل قال ميكائيل عمن قال عن إسرافيل قال إسرافيل عمن قال عن اللوح المحفوظ قال اللوح عمن قال عن القلم قال القلم عمن قال عن رب العالمين قال صدقت يا محمد قال فأخبرني عن جبرئيل في زي الإناث أم في زي الذكور قال في زي الذكور ليس في زي الإناث قال فأخبرني ما طعامه قال طعامه التسبيح و شرابه التهليل قال صدقت يا محمد فأخبرني ما طول جبرئيل قال إنه على قدر بين الملائكة ليس بالطويل العالي و لا بالقصير المتداني له ثمانون ذؤابة و قصته جعدة و هلال بين عينيه أغر أدعج محجل ضوؤه بين الملائكة كضوء النهار عند ظلمة الليل  له أربع و عشرون جناحا خضرا مشبكة بالدر و الياقوت مختمة باللؤلؤ و عليه و شاح بطانته الرحمة إزاره الكرامة ظهارتها الوقار ريشه الزعفران واضح الجبين أقنى الأنف سائل الخدين مدور اللحيين حسن القامة لا يأكل و لا يشرب و لا يمل و لا يسهو قائم بوحي الله إلى يوم القيامة قال صدقت يا محمد فأخبرني ما الواحد و ما الاثنان و ما الثلاثة و ما الأربعة و ما الخمسة و ما الستة و ما السبعة و ما الثمانية و ما التسعة و ما العشرة و ما الأحد عشر و ما الاثنا عشر و ما الثلاثة عشر و ما الأربعة عشر و ما الخمسة عشر و ما الستة عشر و ما السبعة عشر و ما الثمانية عشر و ما التسعة عشر و ما العشرون و ما الأحد و عشرون و ما الاثنان و عشرون و ثلاثة و عشرون و أربعة و عشرون و خمسة و عشرون و ستة و عشرون و سبعة و عشرون و ثمانية و عشرون و تسعة و عشرون و ما الثلاثون و ما الأربعون و ما الخمسون و ما الستون و ما السبعون و ما الثمانون و ما التسعة و التسعون و ما المائة قال نعم يا ابن سلام أما الواحد ف هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ لا شَرِيكَ لَهُ و لا صاحبة له و لا ولد له يُحْيِي وَ يُمِيتُ بيده الخير وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ و أما الاثنان فآدم و حواء كانا زوجين في الجنة قبل أن يخرجا منها و أما الثلاثة فجبرئيل و ميكائيل و إسرافيل و هم رؤساء الملائكة و هم على وحي رب العالمين و أما الأربعة فالتوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و أما الخمسة أنزل علي و على أمتي خمس صلوات لم تنزل على من قبلي و لا تفترض على أمة بعدي لأنه لا نبي بعدي و أما الستة خلق الله السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ

  و أما السبعة فسبع سماوات شداد و ذلك قوله تعالى وَ بَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً و أما الثمانية يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ و أما التسعة آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ و أما العشرة تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ و أما الأحد عشر قول يوسف لأبيه يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً و أما الاثنا عشر فالسنة تأتي كل عام اثنا عشر شهرا جديدا و أما الثلاثة عشر كوكبا فهم إخوة يوسف و أما الشمس و القمر فالأم و الأب و أما الأربعة عشر فهو أربعة عشر قنديلا من نور معلقا بين العرش و الكرسي طول كل قنديل مسيرة مائة سنة و أما الخمسة عشر فإن القرآن أنزل علي آيات مفصلات في خمسة عشر يوما خلا من شهر رمضان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَ الْفُرْقانِ و أما الستة عشر فستة عشر صفا من الملائكة حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ و ذلك قوله تعالى حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ و أما السبعة عشر فسبعة عشر اسما من أسماء الله تعالى مكتوبا بين الجنة و النار و لو لا ذلك لزفرت جهنم زفرا فتحرق من في السماوات و من في الأرض و أما الثمانية عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلق بين الكرسي و الحجب و لو لا ذلك لذابت صم الجبال الشوامخ فاحترقت الإنس و الجن من نور الله قال صدقت يا محمد  قال و أما التسعة عشر فهي سَقَرُ لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ و أما العشرون أنزل الزبور على داود في عشرين يوما خلون من شهر رمضان و ذلك قوله تعالى في القرآن وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً و أما أحد و عشرون فتلا سليمان بن داود و سبحت معه الجبال و أما الاثنان و العشرون تاب الله على داود و غفر له ذنبه و لين الحديد يتخذ منه السابغات و هي الدروع و أما الثلاثة و العشرون أنزل المائدة فيه من شهر الصيام على عيسى ع و أما الأربعة و العشرون كَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً و أما الخمسة و العشرون فلق البحر لموسى و لبني إسرائيل و أما الستة و العشرون أنزل الله على موسى التوراة و أما السبعة و العشرون ألقت الحوت يونس بن متى من بطنها و أما الثمانية و العشرون رد الله بصر يعقوب عليه و أما التسعة و العشرون رفع الله إدريس مَكاناً عَلِيًّا و أما الثلاثون وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً و أما الخمسون يوما كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ و أما الستون فالأرض لها ستون عرقا و الناس خلقوا على ستين يوما نوعا خ ل و أما السبعون وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا وأما الثمانون فشارب الخمر يجلد بعد تحريمه ثمانين سوطا و أما التسعة و التسعون لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً و أما المائة ف الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ قال صدقت يا محمد فأخبرني عن آدم ع كيف خلق و من أي شي‏ء خلق

  قال نعم إن الله سبحانه و بحمده و تقدست أسماؤه و لا إله غيره خلق آدم من الطين و الطين من الزبد و الزبد من الموج و الموج من البحر و البحر من الظلمة و الظلمة من النور و النور من الحرف و الحرف من الآية و الآية من السورة و السورة من الياقوتة و الياقوتة من كن و كن من لا شي‏ء قال صدقت يا محمد فأخبرني كم لعبد من الملائكة قال لكل عبد ملكان ملك عن يمينه و ملك عن شماله الذي عن يمينه يكتب الحسنات و الذي عن شماله يكتب السيئات قال فأين يقعد الملكان و ما قلمهما و ما دواتهما و ما لوحهما قال مقعدهما كتفاه و قلمهما لسانه و دواتهما حلقه و مدادهما ريقه و لوحهما فؤاده يكتبون أعماله إلى مماته قال صدقت يا محمد فأخبرني ما خلق الله بعد ذلك قال ن وَ الْقَلَمِ قال و ما تفسير ن وَ الْقَلَمِ قال النون اللوح المحفوظ و القلم نور ساطع و ذلك قوله تعالى ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ قال صدقت يا محمد فأخبرني ما طوله و ما عرضه و ما مداده و أين مجراه قال طول القلم خمسمائة سنة و عرضه مسيرة ثمانين سنة يخرج المداد من بين أسنانه يجري في اللوح المحفوظ بأمر الله و سلطانه قال صدقت يا محمد فأخبرني عن اللوح المحفوظ مما هو قال من زمردة خضراء أجوافه اللؤلؤ بطانته الرحمة قال صدقت يا محمد فأخبرني كم لحظة لرب العالمين في اللوح في كل يوم و ليلة قال ثلاثمائة و ستون لحظة قال صدقت يا محمد فأخبرني أين هبط آدم ع قال بالهند قال حواء قال بجدة قال إبليس قال بأصفهان قال فما كان لباس آدم حيث أنزل من الجنة قال ورقات من ورق الجنة كان متزرا بواحدة مرتديا بالأخرى و معتما بالثالث قال فما كان لباس حواء قال شعرها كان يبلغ الأرض قال فأين اجتمعا قال بعرفات  قال صدقت يا محمد فأخبرني عن أول ركن وضع الله تعالى في الأرض قال الركن الذي بمكة و ذلك قوله تعالى في القرآن إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً قال صدقت يا محمد قال فأخبرني عن آدم خلق من حواء أو حواء خلقت من آدم قال بل خلقت حواء من آدم و لو أن آدم خلق من حواء لكان الطلاق بيد النساء و لم يكن بيد الرجال قال من كله أو بعضه قال بل من بعضه و لو خلقت حواء من كله لجاز القصاص في النساء كما يجوز في الرجال قال فمن ظاهره أو من باطنه قال بل من باطنه و لو خلقت من ظاهره لكشفت النساء كما ينكشف الرجال فلذلك النساء مستترات قال من يمينه أو من شماله قال بل من شماله و لو خلقت من يمينه لكان حظ الذكر و الأنثى واحدا فلذلك للذكر سهمان و للأنثى سهم و شهادة امرأتين برجل واحد قال فمن أي موضع خلقت من آدم قال ص من ضلعه الأيسر قال من سكن الأرض قبل آدم قال الجن قال و بعد الجن قال الملائكة قال و بعد الملائكة قال آدم قال فكم كان بين الجن و بين الملائكة قال سبعة آلاف سنة قال فبين الملائكة و بين آدم قال ألفي ألف سنة قال صدقت يا محمد فأخبرني عن آدم حج البيت قال نعم قال من حلق رأس آدم قال جبرئيل قال من ختن آدم قال اختتن بنفسه قال و من اختتن بعد آدم قال إبراهيم خليل الرحمن ع قال صدقت يا محمد فأخبرني عن رسول لا من الإنس و لا من الجن و لا من الوحش قال فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ قال صدقت يا محمد فأخبرني عن بقعة أضاءته الشمس مرة و لا تعود أخرى إلى يوم القيامة قال لما ضرب موسى البحر بعصاه انفلق البحر باثنتي عشرة قطعة و أضاءت الشمس على أرضه فلما غرق الله فرعون و جنوده أطبق البحر و لا تضي‏ء الشمس إلى تلك البقعة إلى يوم القيامة  قال صدقت يا محمد فأخبرني عن بيت له اثنا عشر بابا أخرج منه اثنا عشر رزقا لاثني عشر ولدا قال لما دخل موسى البحر مر بصخرة بيضاء مربعة كالبيت فشكا بنو إسرائيل العطش إلى موسى فضربها بعصاه فانفجرت منها اثنا عشر عينا من اثني عشر بابا

 أقول إلى هنا انتهى ما وجدنا من الخبر و قد كان سقط منه أشياء في المنقول منه و كان فيه بعض التصحيف فنقلنا كما وجدنا. بيان قوله ص مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا كأنها نقلت بالمعنى و في القرآن هكذا وَ رُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَ رُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ أي كل من هؤلاء رسول نبي مثلي. قوله ص و مؤخره أبجد لعل المراد بالتأخر التأخر بحسب الرتبة أو أنه يلزم تعلم معانيه بعد تعلم القرآن و أكثر ما في الخبر مبني على ما كان مشهورا بين أهل الكتاب و من خصائصهم لا يعلمها إلا الأنبياء و الأوصياء ع و من أخذ عنهم