المعمر بن غوث السنبسي وزوال ملك بني العباس

في مجموعة نفيسة عندي كلها بخط العالم الجليل شمس الدين محمّد ابن عليّ بن الحسن الجباعي جد شيخنا البهائي وهو الذي ينتهي نسخ الصحيفة الكاملة إلى الصحيفة التي كانت بخطه، وكتبها من نسخة الشهيد الأوّل رحمه الله وقد نقل عنه عن تلك المجموعة وغيرها العلامة المجلسي كثيرا في البحار، وربما عبر هو وغيره كالسيد نعمة الله الجزائري في أول شرح الصحيفة عنه بصاحب الكرامات، مالفظه: قال السيد تاج الدين محمّد بن معية الحسني أحسن الله إليه، حدثني والدي القاسم بن الحسن بن معية الحسني تجاوز الله عن سيئاته أن المعمر بن غوث السنبسي ورد إلى الحلة مرتين إحداهما قديمة لا أحقق تاريخها والاخرى قبل فتح بغداد بسنتين قال والدي: وكنت حينئذ ابن ثمان سنوات، ونزل على الفقيه مفيد الدين ابن جهم، وتردد إليه الناس، وزاره خالي السعيد تاج الدين بن معية، وأنا معه طفل ابن ثمان سنوات، ورأيته وكان شخصا طوالا من الرجال، يعد في الكهول وكان ذراعه كأنه الخشبة المجلدة، ويركب الخيل العتاق، وأقام أياما بالحلة وكان يحكي أنه كان أحد غلمان الامام أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام وأنه شاهد ولادة القائم عليه السلام.

قال والدي رحمه الله: وسمعت الشيخ مفيد (الدين) بن جهم يحكي بعد مفارقته وسفره عن الحلة أنه قال: أخبرنا بسر لا يمكننا الآن إشاعته، وكانوا يقولون إنه أخبره بزوال ملك بني العباس، فلما مضى لذلك سنتان أو ما يقاربهما أخذت بغداد وقتل المستعصم، وانقرض ملك بني العباس، فسبحان من له الدوام والبقاء.

وكتب ذلك محمّد بن عليّ الجباعي من خط السيد تاج الدين يوم الثلاثاء في شعبان سنة تسع وخمسين وثمانمائة.

ونقل قبل هذه الحكاية عن المعمر خبرين(1) هكذا من خط ابن معية ويرفع الاسناد عن المعمر بن غوث السنبسي، عن أبي الحسن الداعي بن نوفل السلمي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله خلق خلقا من رحمته لرحمته برحمته وهم الذين يقضون الحوائج للناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن.

وبالاسناد عن المعمر بن غوث السنبسي، عن الإمام الحسن بن عليّ العسكري عليهما السلام أنه قال: أحسن ظنك ولو بحجر يطرح الله شره فيه فتتناول حظك منه.

فقلت: أيدك الله، حتّى بحجر؟

قال: أفلا ترى حجر الأسود.

قلت: أما الولد فهو القاضي السيد النسابة تاج الدين أبو عبد الله محمّد بن القاسم عظيم الشأن جليل القدر، استجاز منه الشهيد الأوّل لنفسه ولولديه محمّد وعلي، ولبنته ست المشايخ،(2) وأما والده فهو السيد جلال الدين أبو جعفر القاسم بن الحسن بن محمّد بن الحسن بن معية بن سعيد الديباجي الحسني الفقيه الفاضل العالم الجليل عظيم الشأن تلميذ عميد الرؤساء وابن السكون، ومعاصر العلامة والراوي للصحيفة الشريفة الكاملة عنهما عن السيد بهاء الشرف المذكور في أول الصحيفة كما تبين في محله، وأما ابن جهم فهو الشيخ الفقيه محمّد بن جهم، وهو الذي لما سأل الخاجة نصير الدين عن المحقق أعلم تلامذته في الاصوليين، أشار إليه وإلى سديد الدين والد العلامة.

 

 

(1) وروى هذين الخبرين الشيخ الفاضل ابن أبي جمهور الاحسائي في أول كتاب غوالي اللئالى مسندا عن شيخ الفقهاء أبي القاسم جعفر بن سعيد المحقق رحمه الله عن مفيد (الدين) ابن جهم المذكور عن المعمر بن غوث السنبسي عن أبي الحسن العسكري عليه السلام مثله وهذا مما يشبهه بصحة الحكاية المذكورة، مع أن سندها في أعلا درجات الصحة، (منه رحمه الله).

(2) مخفف (سيدة المشايخ).