مواعظ لقمان في مصاحبة الناس

يا بني : صاحب مائة ولا تعاد واحدا.

يا بني : انما هو خلافك وخلقك ، فخلافك دينك وخلقك بينك وبين الناس فلا تبغضن اليهم وتعلم محاسن الاخلاق.

يا بني : كن عبدا للاخيار ولا تكن ولدا للاشرار.

يا بني : اد الامانة تسلم دنياك وآخرتك ، وكن امينا فان الله لا يحب الخائنين.

يا بني : لا تر الناس انك تخشى الله وقلبك فاجر.

يا بني : ان الناس قد جمعوا قبلك لاولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له ، وانما انت عبد مستأجر قد امرت بعمل ووعدت عليه اجرا فاوف عملك واستوف اجرك.

يا بني : ليكن مما تتسلح به على عدوك فتصرعه : المماسحة ـ اي المصادقة واعلان الرضا عنه ـ ولا تزاوله بالمجانبة فيه ، فيبدو له ما في نفسك فيتأهب لك.

يا بني : اني حملت الجندل والحديد وكل حمل ثقيل فلم احمل شيئا اثقل من جار السوء ، وذقت المرارات كلها فلم اذق شيئا امر من الفقر.

يا بني : اتخذ الف صديق والالف قليل ، ولا تأخذ عدوا واحدا والواحد كثير.

يا بني : لا تامر الناس بالبر وتنسى نفسك فيكون مثلك مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه.

يا بني : اياك والكذب فانه يفسد دينك وينقص عند الناس مروءتك فعند ذلك يذهب حياؤك وبهاؤك وجاهك وتهان ، ولا يسمع منك اذا حدثت ، ولا تصدق اذا قلت : ولا خير في العيش اذا كان هكذا.

يا بني : اجعل معروفك في اهله ولا تضعه في غير اهله فتخسره في الدنيا وتحرم ثوابه في الآخرة.

يا بني : للحاسد ثلاث علامات :

يغتاب صاحبه ان غاب ، ويتملق اذا شهد ، ويشمت فيه بالمصيبة (1).

يا بني : واكتم سرك ، واحسن سريرتك ، فانك اذا فعلت ذلك امنت بسر الله ان يصيب عدوك منه عورة ، او يقدر منك على زلة ، ولا تامنن مكره فيصيب منك غرة (2) في بعض حالاتك ، واذا استمكن منك وثب عليك ولم يقلك عثرة.

وليكن مما تتسلح به على عدوك اعلان الرضى عنه ، واستصغر الكثير في طلب المنفعة ، واستعظم الصغير في ركوب المضرة.

يا بني : لا تجالس الناس بغير طريقتهم ، ولا تحملن عليهم فوق طاقتهم ، فلا يزال جليسك عنك نافرا ، والمحمول عليه فوق طاقته مجانبا لك ، فاذا انت فرد لا صاحب لك يؤنسك ، ولا اخ لك يعضدك ، واذا بقيت وحيدا كنت مخذولا وصرت ذليلا ...

وليكن اخوانك واصحابك الذين تستخلصهم وتستعين بهم على امورك ، اهل المروءة والكفاف والثروة والعقل والعفاف ، الذين ان نفعتهم شكروك ، وان غبت عن جيرتهم ذكروك (3).

يا بني : الجار ثم الدار ، والرفيق ثم الطريق.

يا بني : الوحدة خير من صاحب السوء ، والصاحب الصالح خير من الوحدة ، ومن لا يكف لسانه يندم.

يا بني : شاور الكبير ولا تستحي من مشاورة الصغير.

يا بني : اياك ومصاحبة الفساق فانما هم كالكلاب ، ان وجدوا عندك شيئا اكلوه ، والا ذموك وفضحوك ، وانما حبهم بينهم ساعة.

يا بني : صاحب العلماء وجالسهم ، وزرهم في بيوتهم لعلك ان تشبههم فتكون منهم.

________________________________________

1 ـ قصص الانبياء.

2 ـ الغرة : الغفلة.

3 ـ البحار : ج 13 ص 418.