سورة آل عمران الآية 181-200

لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ:

قيل : قالته اليهود لمّا سمعوا: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً.و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: واللّه ما رأوا اللّه فيعلموا أنّه فقير، ولكنّهم رأوا أولياء اللّه فقراء فقالوا: لو كان اللّه غنيّا لأغنى أولياءه، ففخروا على اللّه في الغناء.

و في كتاب المناقب لابن شهرآشوب : عن الباقر- عليه السّلام- في قوله: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا (الآية) قال: هم الّذين يزعمون أنّ الإمام يحتاج إلى ما يحملون إليه.

سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، أي: سنكتبه في صحائف الكتبة.

أو سنحفظه في علمنا لا نهمله، لأنّه كلمة عظيمة، إذ هو كفر باللّه أو استهزاء بالقرآن والرّسول، ولذلك نظمه مع قتل الأنبياء.

و فيه تنبيه، على أنّه ليس أوّل جريمة ارتكبوها، وأنّ من اجترأ على قتل الأنبياء، لم يستبعد منه أمثال هذا القول.

و في أصول الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: ويَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ فقال: أما واللّه ما قتلوهم  بأسيافهم، ولكن كانوا أذاعوا أمرهم  وأفشوا عليهم فقتلوا.

و قرأ حمزة: «سيكتب» بالياء وضمّها، وفتح التّاء. و«قتلهم» بالرّفع. و«يقول» بالياء .

وَ نَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ، أي: وننتقم منهم، بأن نقول: ذوقوا العذاب المحرق. وفيه مبالغات في الوعيد.

و الذّوق، إدراك الطّعوم. وعلى الاتّساع يستعمل لإدراك سائر المحسوسات والحالات، وذكره هاهنا لأنّ العذاب مرتّب على قولهم النّاشئ عن البخل والتّهالك على المال، وغالب حاجة الإنسان إليه لتحصيل المطاعم، ومعظم بخله للخوف من فقدانه، ولذلك كثّر ذكر الأكل مع المال.ذلِكَ: إشارة إلى العذاب، بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ: من قتل الأنبياء، وقولهم هذا، وسائر معاصيهم. عبّر بالأيدي عن الأنفس، لأنّ أكثر أعمالها بهنّ.

وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ : عطف على «ما قدّمت» وسببيّته للعذاب، من حيث أنّ نفي الظّلم يستلزم العدل المقتضي إثابة المحسن، ومعاقبة المسي‏ء.

و في نهج البلاغة : قال- عليه السّلام-: وأيم اللّه ما كان قوم قطّ في غضّ نعمة من عيش فزال عنهم، إلّا بذنوب اجترحوها، لأنّ اللّه ليس بظلّام للعبيد.

و فيه إشكال مشهور، وهو أنّ نفي الظّلام عن اللّه تعالى لا يستلزم نفي كونه ظالما، بل يشعر بكونه كذلك، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.

و الجواب، أنّ جواز اتّصافه تعالى بكلّ صفة يستلزم اتّصافه بها على الكمال، خصوصا صفة الظّلم، فإنّه لو اتّصف بها اتّصف بما هو في الرّتبة الأعلى منها، لكمال قدرته وعدم المانع، فللإشعار بهذا المعنى أورد «الظّلام» مكان «الظالم» والمراد نفى الظّلم مطلقا، فتأمّل.

 

الَّذِينَ قالُوا: هم كعب بن الأشرف، ومالك، وحييّ، وفنحاص، ووهب بن يهوذا. إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا: أمرنا في التّوراة، وأوصانا.

أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ: بأن لا نؤمن لرسول حتّى يأتينا بهذه المعجزة الخاصّة، الّتي كانت لأنبياء بني إسرائيل، وهو أن يقرّب بقربان فيقوم النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- فيدعو فتنزل نار سماويّة، أي: تجلبه إلى طبعها بالإحراق.

و هذا من مفترياتهم وأباطيلهم، لأنّ أكل النّار القربان لا يوجب الإيمان إلّا لكونه معجزة، فهو وسائر المعجزات شرع في ذلك.

قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ : تكذيب وإلزام، بأنّ رسلا قد جاؤوهم قبله، كزكريّاء ويحيى، بمعجزات أخر موجبة للتّصديق وبما اقترحوه فقتلوهم، ولو كان الموجب للتّصديق هو الإتيان، وكان توقّفهم وامتناعهم عن الإيمان لأجله، فما لهم لم يؤمنوا بمن جاء به في معجزات أخر، واجترءوا عليه؟و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن مروك بن عبيد ، عن رجل، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لعن اللّه القدريّة، لعن اللّه الخوارج، لعن اللّه المرجئة، لعن اللّه المرجئة.

قال: قلت: لعنت هؤلاء مرّة مرّة، ولعنت هؤلاء مرّتين؟

قال: إنّ هؤلاء يقولون: إنّ قتلتنا مؤمنون، فدماؤنا  متلطّخة بثيابهم إلى يوم القيامة، إنّ اللّه حكى عن قوم  في كتابه: «لن نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قال:

كان بين القائلين والقاتلين  خمسمائة عام، فألزمهم اللّه القتل برضاهم ما فعلوا.

و في تفسير العيّاشيّ

  مثل ما في أصول الكافي، إلّا أنّ بعد: «إذ كنتم صادقين» قال: فكان بين الّذين خوطبوا بهذا القول وبين القاتلين خمسمائة عام، فسمّاهم اللّه قاتلين برضاهم بما صنع أولئك.

عن محمّد بن هاشم ، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا نزلت هذه الآية: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وقد علم أن قالوا: واللّه ما قتلنا ولا شهدنا. قال: وإنّما قيل لهم: ابرؤوا من قتلتهم، فأبوا.

عن محمّد بن الأرقط ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال لي: تنزل الكوفة؟

قلت: نعم.

قال: فترون قتلة  الحسين بين أظهركم؟

قال: قلت: جعلت فداك، ما بقي منهم أحد.

قال: فإذا أنت لا ترى القاتل إلّا من قتل، أو من ولي القتل، ألم تسمع إلى‏

قول اللّه: قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فأيّ رسول قبل الّذي  كان محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- بين أظهرهم، ولم يكن بينه وبين عيسى رسول، إنّما رضوا قتل أولئك فسمّوا قاتلين.

و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن أبي المغرا، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كانت بنو إسرائيل إذا قرّبت القربان، تخرج نار تأكل قربان من قبل منه، وإنّ اللّه جعل الإحرام مكان القربان.

و في كتاب الاحتجاج  للطبّرسيّ- رحمه اللّه-: عن موسى بن جعفر [، عن أبيه،]  عن آبائه، عن الحسين بن عليّ- عليهم السّلام- عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه قال- عزّ وجلّ- لنبيّه- صلّى اللّه عليه وآله- لمّا أسري به: وكانت الأمم السّالفة تحمل قرابينها على أعناقها إلى بيت المقدس، فمن قبلت منه أرسلت إليه  نارا فأكلته فرجع مسرورا، ومن لم أقبل ذلك منه رجع مثبورا، وقد جعلت قربان أمّتك في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبلت ذلك منه أضعفت ذلك له أضعافا مضاعفة، ومن لم أقبل ذلك منه رفعت عنه  عقوبات الدّنيا، وقد رفعت ذلك عن أمّتك، وهي من الإصار الّتي كانت على الأمم قبلك .

 [فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ: تسلية للنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- في تكذيب الكفّار إيّاه، بأنّه ليس بأوّل مكذّب من الرّسل، جاءوا بالبينات، أي: المعجزات الباهرات.

وَ الزُّبُرِ: الّتي كتب فيها الحكم، والزّواجر، وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ : الّذي ينير الحقّ لمن اشتبه عليه، والهادي إلى الحقّ.

و قيل : المراد به التّوراة والإنجيل.] كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ: وعد ووعيد، للمصدّق والمكذّب.

و قرئ: «ذائقة الموت» بالنّصب مع التّنوين، وعدمه .

و في تفسير العيّاشيّ : عن زرارة، عن الباقر- عليه السّلام- أنّه قال: قلت: فإنّ اللّه يقول : كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ من قتل لم يذق الموت .

قال: لا بدّ أن يرجع حتّى يذوق الموت.

عن محمّد بن يونس ، عن بعض أصحابنا قال: قال لي أبو جعفر- عليه السّلام-:

 «كلّ نفس ذائقة الموت أو منشورة» نزل بها على محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه ليس أحد من هذه الأمّة إلّا وينشرون ، فاما المؤمنون فينشرون إلى قرّة عين، وأمّا الفجّار فينشرون إلى خزي اللّه إيّاهم.

و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن أبي المغرا قال: حدّثني يعقوب الأحمر قال: دخلنا على أبي عبد اللّه- عليه السّلام- نعزّيه بإسماعيل، فترحّم عليه.

ثمّ قال: إنّ اللّه- عزّ وجلّ- نعى إلى نبيّه نفسه، فقال : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ و[قال:]  كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [ثمّ أنشأ يحدّث‏]  فقال: إنّه يموت أهل الأرض حتّى لا يبقى أحد [، ثم يموت أهل السّماء حتّى لا يبقى أحد،]  إلّا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل- عليهم السّلام-.قال: فيجي‏ء ملك الموت حتّى يقوم بين يدي اللّه- عزّ وجلّ- فيقال له: من بقي؟

و هو أعلم.

فيقول: يا ربّ، لم يبق إلّا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل.

فيقال له: قل لجبرئيل وميكائيل: فليموتا.

فيقول الملائكة عند ذلك: يا ربّ، رسولاك  وأميناك .

فيقول: إنّي قل قضيت على كلّ نفس فيها الرّوح الموت.

ثمّ يجي‏ء ملك الموت حتّى يقف بين يدي اللّه- عزّ وجلّ- فيقال له: من بقي؟ وهو أعلم.

فيقول: يا ربّ، لم يبق إلّا ملك الموت وحملة العرش.

فيقول: [قل‏]  لحملة العرش: فليموتوا.

قال: ثمّ يجي‏ء كئيبا حزينا لا يرفع طرفه، فيقال: من بقي؟ وهو أعلم .

فيقول: يا رب، لم يبق إلّا ملك الموت.

فيقال له: مت، يا ملك الموت.

ثمّ يأخذ الأرض بيمينه، والسّموات بيمينه، ويقول: أين الّذين كانوا يدعون معي شريكا؟ أين الّذين كانوا يجعلون معي إلها آخر؟

وَ إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ: تعطون جزاء أعمالكم خيرا كان أو شرّا، تامّا وافيا، يَوْمَ الْقِيامَةِ: يوم قيامكم عن القبور. ولفظ التّوفية، يشعر بأنّه قد يكون قبلها بعض الأجور، كما يدلّ عليه أخبار ثواب القبر وعذابه.

فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ: بعد عنها.

و الزّحزحة في الأصل، تكرير الزّحّ، وهو الجذب بعجلة.

وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ: بالنّجاة، ونيل المراد.

و الفوز، الظّفر بالبغية.

في أمالي الصّدوق»: بإسناده إلى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال حاكيا عن‏اللّه- جلّ جلاله- فبعزتي حلفت، وبجلالي أقسمت، إنّه لا يتولّى عليّا عبد من عبادي إلّا زحزحته عن النّار وأدخلته الجنّة، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلّا أبغضته وأدخلته النّار وبئس المصير.

 [و الحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة] .

و في الكافي : سهل بن زياد، عمّن حدّثه، عن جميل بن درّاج قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان والسّعي في حوائجهم، وإنّ البارّ بالإخوان ليحبّه الرّحمن، وفي ذلك مرغمة للشّيطان، وتزحزح عن النّيران  ودخول الجنان.

و الحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة.

 [و فيه : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا مات النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- سمعوا أصواتا ولم يروا  شخصا، يقول: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ.

 

و قال : إنّ في اللّه خلفا من كلّ هالك، وعزاء من كلّ مصيبه، ودركا ممّا فات، فباللّه فثقوا، وإيّاه فأرجوا، وانّما المحروم من حرم الثّواب.]

 

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن سليمان الدّيلميّ، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إذا كان يوم القيامة يدعى محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- فيكسى حلّة ورديّة ثمّ يقام عن يمين العرش، ثمّ يدعى بإبراهيم- عليه السّلام- فيكسى حلّة بيضاء فيقام عن يسار العرش، ثمّ يدعى بعليّ [أمير المؤمنين‏] - عليه السّلام- فيكسى حلّة ورديّة فيقام عن  يمين النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- ثمّ يدعى بإسماعيل‏فيكسى حلّة بيضاء فيقام عن  يسار إبراهيم، ثمّ يدعى بالحسن  فيكسى حلّة ورديّة فيقام عن  يمين أمير المؤمنين- عليه السّلام- ثمّ يدعى بالحسين- عليه السّلام- فيكسى حلّة ورديّة فيقام عن  يمين الحسن، ثمّ يدعى بالأئمّة فيكسون حللا  ورديّة فيقام  كلّ واحد عن  يمين صاحبه، ثمّ يدعى بالشّيعة فيقومون أمامهم، ثمّ يدعى بفاطمة- صلوات اللّه عليها- ونسائها من ذرّيّتها وشيعتها فيدخلون الجنّة بغير حساب.

 [ثمّ‏]  ينادي مناد- من بطنان العرش من قبل ربّ العزّة والأفق الأعلى-: نعم الأب أبوك يا محمّد وهو إبراهيم، ونعم الأخ أخوك وهو عليّ بن أبي طالب، ونعم السّبطان سبطاك وهما الحسن والحسين، ونعم الجنين جنينك وهو محسن، ونعم الأئمّة الرّاشدون [من‏]  ذرّيّتك وهم فلان وفلان، ونعم الشّيعة شيعتك، ألا إنّ محمّدا ووصيّه وسبطيه والأئمّة من ذرّيّته هم الفائزون. ثمّ يؤمر بهم إلى الجنّة، وذلك قوله: فمن زحزح عن النّار وادخل الجنّة فقد فاز.

وَ مَا الْحَياةُ الدُّنْيا، أي: لذّاتها وزخارفها، إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ : مصدر، أو جمع غار. شبّهها بالمتاع الّذي يدلّ به على المستام ويغرّ حتّى يشتريه.

 [و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن سليمان بن سماعة، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا قبض رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- جاءهم جبريل- عليه السّلام- والنّبيّ مسجّى، وفي البيت [عليّ و]  فاطمة والحسن والحسين- عليهم السّلام- فقال: السّلام عليكم يا أهل بيت الرّحمة كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ إنّ في اللّه- عزّ وجلّ- عزاء من كلّ مصيبّة، وخلفا من كلّ هالك، ودركا لما فات، فباللّه فثقوا، وإيّاه فأرجو، فإنّ المصاب من حرم‏الثّواب، هذا آخر وطء من الدّنيا.

قالوا: فسمعنا الصّوت ولم نر الشّخص.

عنه ، عن سلمة، عن عليّ بن سيف، عن أبيه، عن أبي أسامة زيد الشّحّام، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا قبض رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- جاءت التّعزية، أتاهم آت يسمعون حسّه ولا يرون شخصه، فقال: السّلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ إنّ  في اللّه- عزّ وجلّ- عزاء من كلّ مصيبة، وخلفا  من كلّ هالك، ودركا  لما فات، فباللّه فثقوا، وإيّاه فارجوا، فإنّ المحروم من حرم الثّواب، والسّلام عليكم.

عنه ، عن سلمة، عن محمّد بن عيسى الأرمنيّ، عن الحسين بن علوان، عن عبد اللّه بن الوليد، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لمّا قبض رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أتاهم آت فوقف بباب البيت فسلّم عليهم، ثمّ قال: السّلام عليكم يا آل محمّد كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ في اللّه خلف من كلّ هالك، وعزاء من كلّ مصيبة، ودرك لما فات، فباللّه فثقوا، وعليه فتوكّلوا، وبنصره لكم عند المصيبة فارضوا، فانّما  المصاب من حرم الثّواب، والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته، ولم يروا أحدا.

فقال بعض من في البيت: هذا ملك من السّماء بعثه اللّه- عزّ وجلّ- إليكم ليعزّيكم.

و قال بعضهم: هذا الخضر- عليه السّلام- جاءكم يعزّيكم بنبيّكم- صلّى اللّه عليه وآله-.]

 

لَتُبْلَوُنَّ، أي: واللّه لتختبرنّ، فِي أَمْوالِكُمْ: بتكليف الإنفاق، وما يصيبها من الآفات،وَ أَنْفُسِكُمْ: بالجهاد والقتل والأسر والجراح، وما يرد عليها من المخاوف والأمراض والمتاعب.

و في عيون الأخبار : في باب ما كتب به الرّضا- عليه السّلام- إلى محمّد بن سنان، في جواب مسائله في العلل: وعلّة الزّكاة من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الأغنياء، لأنّ اللّه- تعالى- كلّف أهل الصّحّة القيام بشأن أهل الزّمانة والبلوى، كما قال- عزّ وجلّ-: لَتُبْلَوُنَّ [فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ‏]  في أموالكم بإخراج الزّكاة، وفي أنفسكم بتوطين الأنفس على الصّبر.

وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً:

من هجاء الرّسول، والطّعن في الدّين، وإغراء الكفرة على المسلمين. أخبرهم بذلك قبل وقوعها، ليوطّنوا أنفسهم على الصّبر والاحتمال، ويستعدّوا للقائها، حتّى لا يرهقهم نزولها.

 [و في تفسير فرات بن إبراهيم  الكوفيّ: قال حدّثنا الحسين بن الحكم معنعنا، عن ابن عبّاس- رضى اللّه عنه في يوم أحد في قوله: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً نزلت في رسول اللّه خاصّة، (و في أهل بيته خاصة) .]»

 

وَ إِنْ تَصْبِرُوا: على ذلك، وَتَتَّقُوا: مخالفة أمر اللّه، فَإِنَّ ذلِكَ، يعني: الصّبر والتّقوى، مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ : من معزومات الأمور، الّتي يجب العزم عليها. أو ممّا عزم اللّه عليه، أي: أمر به وبالغ فيه.

و «العزم» في الأصل، ثبات الرّأي على الشي‏ء نحو إمضائه.

و في تفسير العيّاشيّ : عن أبي خالد الكابليّ قال: قال عليّ بن الحسين- عليه السّلام-: لوددت أنّه أذن لي فكلّمت النّاس ثلاثا، ثمّ صنع اللّه بي ما أحبّ‏- قال بيده على صدره- ثمّ قال: ولكنّها عزمة من اللّه أن نصبر، ثمّ تلا هذه الآية:

 [وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ]  وأقبل يرفع يده ويضعها على صدره.

وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ: أي، اذكر وقت أخذه، مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ: يريد به العلماء، لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ: حكاية لمخاطبتهم.

و قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم- في رواية ابن عيّاش- بالياء، لأنّهم غيّب.

و «اللّام» جواب القسم، الّذي ناب عنه قوله: أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ والضّمير، للكتاب . والمراد بيان ما فيه من نعت محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

فَنَبَذُوهُ، أي: الميثاق، وَراءَ ظُهُورِهِمْ: فلم يراعوه، ولم يلتفتوا إليه.

و النّبذ وراء الظّهر، مثل في ترك الاعتداد وعدم الالتفات. ونقيضه، جعله نصب عينيه، وإلقاؤه بين عينيه.

وَ اشْتَرَوْا بِهِ: وأخذوا بدله.

ثَمَناً قَلِيلًا: من حطام الدّنيا، وأعراضها.

فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ : ما يختارون لأنفسهم.

في تفسير عليّ بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ [مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ و]  ذلك [أنّ اللّه أخذ ميثاق الذين أوتوا الكتاب‏]  في محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- إذا خرج [لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ‏]  [وَ لا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ يقول: نبذوا عهد اللّه وراء ظهورهم وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ‏]

 

و في مجمع البيان : عن عليّ- عليه السّلام- قال: ما أخذ اللّه على أهل الجهل أن يتعلّموا، حتّى أخذ على أهل العلم أن يعلّموا.و في كتاب الاحتجاج : عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه- وقد ذكر أعداء رسول اللّه الملحدين في آيات اللّه-: ولقد أحضروا الكتاب كملا، مشتملا على التّأويل والتّنزيل، والمحكم والمتّشابه، والنّاسخ والمنسوخ، ولم يسقط منه حرف لا الألف ولا لام، فلمّا وقفوا على ما بيّنه اللّه من أسماء أهل الحقّ والباطل، وأنّ ذلك إن ظهر نقض  ما عقدوه قالوا: لا حاجة لنافيه، نحن مستغنون عنه بما عندنا. ولذلك  قال: فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ.

ثمّ دفعهم الاضطرار بورود المسائل عليهم، ممّا  لا يعلمون تأويله إلى جمعه.

و تأويله وتعظيمه من تلقائهم ما يقيمون به دعائم  كفرهم، فصرخ مناديهم: من كان عنده شي‏ء من القرآن، فليأتنا به. ووكّلوا تأليفه ونظمه  إلى بعض من وافقهم على معاداة أولياء اللّه، فألّفه على اختيارهم [و ما يدلّ للمتأمّل له على اختلال تمييزهم وافترائهم،]  وتركوا منه ما قدّروا أنّه لهم وهو عليهم، وزادوا [فيه‏]  ما ظهر تناكره وتنافره [، وعلم اللّه أنّ ذلك يظهر ويبيّن فقال: ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ‏]  وانكشف لأهل الاستبصار عوارهم  وافتراؤهم.

لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا: يعجبون بما فعلوا من التّدليس، وكتمان الحقّ. أو من الطّاعات والحسنات. والخطاب للرسول. ومن ضمّ الباء، جعل الخطاب له وللمؤمنين. والمفعول الأوّل «الّذين يفرحون».

و قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر، بالياء وفتح الباء فيه، وضمّ الباء في الآتي، على أنّ «الّذين» فاعل، ومفعولاه محذوفان، يدلّ عليهما مفعولا مؤكّده وهو «يحسبهم» الثّاني، والمفعول الأوّل محذوف، والثّاني تأكيد للفعل وفاعله ومفعوله الأوّل .

وَ يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا من الوفاء بالميثاق، وإظهار الحقّ، والإخباربالصّدق. أو كلّ خير، فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ، أي فائزين بفوز ونجاة منه.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : عن أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّه  يقول: ببعيد من العذاب.

و هو حاصل المعنى.

وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ : بكفرهم وتدليسهم.

قيل : إنّه- عليه السّلام- سأل اليهود عن شي‏ء ممّا في التّوراة، فأخبروه بخلاف ما كان فيه وأروه أنّهم قد صدقوا  وفرحوا بما فعلوا. فنزلت.

و قيل : نزلت في قوم تخلّفوا عن الغزو، ثمّ اعتذروا بأنّهم رأوا المصلحة في التّخلّف واستحمدوا به.

و قيل : نزلت في المنافقين، فإنّهم يفرحون بمنافقتهم، ويستحمدون إلى المسلمين بإيمان  لم يفعلوه على الحقيقة.

و الصّواب، أنّ الآية نزلت فيما رواه أبو الجارود، عن الباقر- عليه السّلام - وجرت في غيرهم.

وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: فهو يملك أمرهم.

وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ : فيقدر على عقابهم.

و قيل : هو ردّ لقولهم: إنّ اللّه فقير.

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ : لدلائل واضحة على وجود الصّانع ووحدته، وكمال علمه وقدرته لذوي، العقول المجلوّة الخالصة عن شوائب الحسّ والوهم.

و في مجمع البيان : وقد اشتهرت الرّواية عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لمّا نزلت هذه الآية  قال: ويل لمن لاكها بين فكّيه، ولم يتأمّل ما فيها.

قيل : ولعلّ الاقتصار على [هذه‏]  الثّلاثة في [هذه‏]  الآية، لأنّ مناط الاستدلال [هو]  التغيّر، وهذه متعرّضه لجملة  أنواعه، فإنّه إمّا أن يكون في ذات الشي‏ء كتغيّر اللّيل والنّهار، أو جزئه كتغيّر العناصر بتبدّل  صورها، أو الخارج عنه كتغيّر»

 الأفلاك بتبدّل أوضاعها.

 [و في تهذيب الأحكام : محمّد بن عليّ بن محبوب، عن العبّاس بن معروف، عن عبد اللّه بن المغيرة، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول- وذكر صلاة النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: كان يؤتى بطهور فيخمر عند رأسه ويوضع سواكه تحت فراشه ثمّ ينام ما شاء اللّه، فإذا استيقظ جلس، ثمّ قلّب بصره في السّماء، ثمّ تلا الآيات من آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ]  (الآية) ثمّ يستنّ ويتطهّر، ثمّ يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءته ركوعه، وسجوده على قدر ركوعه، يركع حتّى يقال: متى يرفع رأسه، ويسجد حتّى يقال:

متى يرفع رأسه، ثمّ يعود إلى فراشه فينام ما شاء اللّه، ثمّ يستيقظ فيجلس فيتلوا الآيات من آل عمران ويقلّب  بصره في السّماء، ثمّ يستنّ ويتطهّر ويقوم إلى المسجد فيصلّي أربع ركعات كما ركع قبل ذلك، ثمّ يعود إلى فراشه فينام ما شاء اللّه، ثمّ يستيقظ فيجلس فيتلو الآيات من آل عمران ويقلّب بصره في السّماء، ثمّ يستنّ ويتطهّر ويقوم إلى المسجد فيوتر ويصلّي الرّكعتين، ثمّ يخرج إلى الصّلاة.]

 

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ، أي: يذكرون اللّه على جميع‏الأحوال، قائمين وقاعدين ومضطجعين.

و في الكافي : عن الصّادق- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من أكثر ذكر اللّه أحبّه اللّه.

و في كتاب معاني الأخبار : خطبة لعليّ- عليه السّلام- يذكر فيها نعم اللّه يقول فيها: وأنا الذّاكر، يقول اللّه- عزّ وجلّ- الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ.

 

أو يصلّون على الهيئات الثّلاث حسب طاقتهم.

و في الكافي : عليّ، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ- (الآية)  قال: الصّحيح يصلّي قائما وقعودا، المريض يصلي جالسا، وَعَلى جُنُوبِهِمْ الّذي يكون أضعف من المريض الّذي يصلّي جالسا.

و في أمالي شيخ الطّائفة : بإسناده إلى الباقر- عليه السّلام- قال: لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر اللّه، قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إنّ اللّه- تعالى- يقول:

الّذين (الآية) .

وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: استدلالا واعتبارا، وهو أفضل العبادات.

في الكافي : عن (الصّادق)- عليه السّلام-: أفضل العبادة إدمان التّفكّر في اللّه، وفي قدرته.

و عنه- عليه السّلام - قال: كان أمير المؤمنين- عليه السّلام- يقول: نبّه بالتّفكّر قلبك، وجاف عن اللّيل جنبك، واتّق اللّه ربّك.

و عن الرّضا- عليه السّلام -: ليس العبادة كثرة الصّلاة والصّوم، إنّما العبادةالتّفكّر في أمر اللّه.

و عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله -: تفكّر ساعة خير من قيام ليلة.

و في رواية: من عبادة سنة .

و في أخرى ستيّن سنة .

و إنّما اختلفت لاختلاف مراتب التّفكّر، ودرجات المتفكّرين، وأنواع المتفكّر فيه.

و في عيون الأخبار : في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار في التّوحيد، حديث طويل، يقول فيه- عليه السّلام- لمّا نظرت إلى جسدي، فلم يمكّنني  فيه  زيادة ولا نقصان في العرض والطّول  ودفع المكاره عنه وجرّ المنفعة إليه، علمت أنّ لهذا البنيان بانيا، فأقررت به، مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته، وإنشاء السّحاب، وتصريف الرّياح، ومجرى الشّمس والقمر والنّجوم، وغير ذلك من الآيات العجيبات المتقنات، علمت أنّ لهذا مقدّرا ومنشئا.

رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا: على إرادة القول، أي: يتفكّرون قائلين ذلك.

و المشار إليه «بهذا» المتفكّر فيه. أو الخلق، على أنّه أريد به المخلوق من السّموات والأرض.

أو إليهما، لأنّهما في معنى المخلوق.

و المعنى، ما خلقته عبثا ضائعا من غير حكمة، بل خلقته لحكم عظيمة.

سُبْحانَكَ تنزيها لك عن العبث، وخلق الباطل. وهو اعتراض.

فَقِنا عَذابَ النَّارِ : للإخلال بالنّظر فيه، والقيام بما يقتضيه. وفائدةالفاء، هي الدّلالة على أنّ علمهم بما لأجله خلقت السّموات والأرض حملهم على الاستعاذة.

 [و في مجمع البيان : روى الثّعلبيّ في تفسيره- بإسناده- عن محمّد بن الحنفيّة، عن أبيه  عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-: أن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- كان إذا قام من اللّيل استاك ، ثمّ ينظر إلى السّماء، ثمّ يقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ- إلى قوله-: فَقِنا عَذابَ النَّارِ.]

 

رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ: غاية الإخزاء. ونظيره قولهم: من أدرك مرعى الضّمان فقد أدرك. والمراد تهويل المستعاذ منه، تنبيها على شدّة خوفهم وطلبهم الوقاية منه.

وَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ : أراد بهم، المدخلين. ووضع المظهر موضع المضمر، للدّلالة على أنّ ظلمهم سبب لإدخالهم النّار.

و في تفسير العيّاشيّ : عن يونس بن ظبيان قال: سألت أبا جعفر- عليه السّلام- عن قول اللّه: وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ.

 

قال: ما لهم من أئمّة يسمّونهم بأسمائهم.

و معناه: ما لهم، أي، للظّالمين من أئمّة. يسمّون الأئمّة، بأسماء الأنصار، أي، يعدّونهم أنصارهم، أي: أئمّة الجور، وأئمّة الجور لا يمكن لهم الشّفاعة.

فالحاصل، أنّ الظّالم وهو الّذي تدخله النّار وهو تارك الولاية، ليس له مخلّص من النّار، لأنّ أئمّتهم أئمّة الجور يستحيل منهم الشّفاعة والنّصرة، أمّا الشّفاعة فلأنّهم ليسوا أهلا لها، وأمّا النّصرة فلأنّ المخزي هو اللّه سبحانه. فما قاله البيضاويّ ، من أنّه لا يلزم من نفي الشّفاعة، لأنّ النّصرة دفع بقهر، جهل منه ارتكبه، لاحتياط الاستمداد منه بشفاعة أئمّته.

رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ:

أوقع الفعل على المسمع لا المسموع، لدلالة وصفه عليه، وفيه مبالغة ليس في‏إيقاعه على نفس المسموع. وفي تنكير المنادي وإطلاقه ثمّ تقييده بالوصف، تعظيم لشأنه، والمراد به الرّسول.

و قيل : القرآن.

و في تهذيب الأحكام : في الدّعاء بعد صلاة يوم الغدير المسند إلى الصّادق- عليه السّلام-: وليكن من دعائك في دبر هاتين الرّكعتين أن تقول: رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا- إلى قوله - إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ إلى أن قال: ربّنا إنّنا سمعنا بالنّداء، وصدّقنا المنادي رسول اللّه، إذ نادى بنداء عنك بالّذي أمرته به أن يبلّغ ما أنزلت إليه من ولاية وليّ أمرك.

فعلى هذا معنى أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ: آمنوا به فيما ناداكم له رسوله، وهو الإيمان بوصيّ رسوله.

فَآمَنَّا، أي: آمنّا باللّه ورسوله ووصيّ رسوله.

رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا: كبائرنا، فإنّها ذات تبعات وأذناب.

وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا: صغائرنا، فإنّها مستقبحة، ولكنّها مكفّرة عن مجتنب الكبائر.

وَ تَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ : مخصوصين بصحبتهم، معدودين في زمرتهم.

و «الأبرار» جمع برّ، وبارّ، كأرباب، وأصحاب.

رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ، أي: على تصديق رسلك من الثّواب، أو على ألسنة رسلك، أو منزلا على رسلك، أو محمولا عليهم.

وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ: بأن تعصمنا عمّا يقتضيه.

إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ : بإثابة المؤمن، وإجابة الدّاعي. وتكرير «ربّنا» للمبالغة في الابتهال، والدّلالة على استقلال المطالب وعلو شأنها.

فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ، أي: طلبتهم. وهو أخصّ من الإجابة، لجواز أن تكون الإجابة بالرّدّ. وتعدّى بنفسه، وباللّام.

أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ: بأنّي لا أضيّع.و قرئ، بالكسر، على إرادة القول .

مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى: بيان عامل.

بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ: لأنّ الذّكر من الأنثى والأنثى من الذّكر، أو لأنّهما من أصل واحد، أو لفرط الاتّصال والاتّحاد، أو للاجتماع، أو الاتّفاق في الدّين. وهي جملة معترضة، بيّن بها شركة النّساء مع الرّجال فيما وعد للعمّال.

و في عيون الأخبار ، بإسناده إلى محمّد بن يعقوب النّهشليّ قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرّضا- عليه السّلام- عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب- عليهم السّلام- عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- عن جبرئيل، عن ميكائيل، عن إسرافيل- عليهم السّلام- عن اللّه- جلّ جلاله- أنّه قال: أنا اللّه، لا إله إلّا أنا، خلقت الخلق بقدرتي، فاخترت منهم من شئت من أنبيائي، واخترت من جميعهم محمّدا حبيبا وخليلا وصفيّا فبعثته رسولا إلى خلقي، واصطفيت له عليّا فجعلته»

 له أخا ووصيّا ووزيرا ومؤدّيا عنه من بعده إلى خلقي وخليفتي إلى عبادي- إلى قوله جلّ ثناؤه-: وحجّتي في السّموات والأرضين  على جميع من فيهنّ من خلقي، لا أقبل عمل عامل منهم إلّا بالإقرار بولايته مع نبوّة أحمد  رسولي.

فَالَّذِينَ هاجَرُوا الأوطان والعشائر للدّين، وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي: بسبب إيمانهم باللّه، ومن أجله، وَقاتَلُوا الكفّار.

وَ قُتِلُوا في الجهاد.

و قرأ حمزة والكسائيّ بالعكس .

و المراد، أنّه لمّا قتل منهم قوم قاتل الباقون ولم يضعفوا.

و شدّد ابن كثير وابن عامر «قتّلوا» للتّكثير .لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، أي: أثيبهم بذلك ثوابا من عند اللّه، أي: عظيما. فهو مصدر للنّوع .

وَ اللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ : على الطّاعات.

و في أمالي شيخ  الطّائفة: بإسناده إلى أبي عبيدة، عن أبيه وابن أبي رافع- يحكيان ذهاب عليّ- عليه السّلام- من مكّة إلى المدينة ملتحقا بالنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حين هاجر من مكّة إلى المدينة، وقد قارع الفرسان من قريش، ومعه فاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وفاطمة بنت الزبير-: ثمّ سار  ظاهرا قاهرا حتّى نزل ضجنان، فلبث بها قدر يومه وليلته،  ولحق به نفر من المستضعفين  من المؤمنين، وفيهم أمّ أيمن مولاة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فصلى  ليلته تلك هو والفواطم، [طورا يصلّون وطورا]  يذكرون اللّه قياما وقعودا وعلى جنوبهم، فلم يزالوا كذلك حتّى طلع الفجر، فصلّى- عليه السّلام- بهم صلاة الفجر، ثمّ سار لوجهه يجوب  منزلا بعد منزل. لا يفتر عن ذكر اللّه والفواطم كذلك وغيرهم ممن صحبه حتّى قدموا المدينة ، وقد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم [بقوله- تعالى-:] الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً (الآيات [إلى‏] قوله)  مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى. الذّكر عليّ، والأنثى الفواطم  بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يعني، عليّ من فاطمة، أو قال: الفواطم، وهنّ من عليّ .

و ذكر عليّ بن عيسى- رحمه اللّه- في كشف الغمّة : أنّ هذه الآيات نزلت في أمير المؤمنين- صلوات اللّه عليه- في توجّهه إلى المدينة، وذكر الحكاية كما في الأمالي.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : ثمّ ذكر أمير المؤمنين- عليه السّلام- وأصحابه المؤمنين فقال: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعني، أمير المؤمنين، وسلمان، وأبا ذرّ حين أخرج، وعمّار ، الّذين أوذوا- إلى آخر الآية-.

لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ :

الخطاب للنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- والمراد أمّته، أو تثبيته على ما كان عليه، أو لكلّ أحد.

و المعنى: لا تنظر إلى ما الكفرة عليه من السّعة والحظّ، ولا تغترّ بظاهر ما ترى من تبسّطهم في مكاسبهم ومتاجرهم ومزارعهم.

نقل

: أنّ بعض المؤمنين كانوا يرون المشركين في رخاء ولين عيش فيقولون: إنّ أعداء اللّه فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد، فنزلت.

مَتاعٌ قَلِيلٌ: خبر مبتدأ محذوف، أي: ذلك التّقلّب متاع قليل، لقصر مدّته وفي جنب ما أعدّ اللّه للمؤمنين.

و في الحديث النّبويّ

: ما الدّنيا في الآخرة إلّا مثل ما يجعل أحدكم

 إصبعه في اليمّ، فلينظر بم يرجع.

ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ : ما مهّدوا لأنفسهم.لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ:

النَّزَل والنُّزُل، ما يعدّ للنّازل من طعام وشراب وصلة. وانتصابه على الحال من «جنّات» والعامل فيها الظّرف.

و قيل

: إنّه مصدر مؤكّد، والتّقدير: أنزلوه نزلا.

وَ ما عِنْدَ اللَّهِ: لكثرته، ودوامه، خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ : ممّا يتقلّب فيه الفجّار، لقلّته وسرعة زواله وامتزاجه بالآلام.

و في تفسير العيّاشيّ : عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال:

الموت خير للمؤمن، لأنّ اللّه يقول: وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ.

 

 [عن الأصبغ بن نباتة ، عن عليّ- عليه السّلام- في قوله: «ثوابا من عند اللّه خير للأبرار»]

 قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله

-: أنت الثّواب، وأصحابك

 الأبرار.

وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ:

قيل

: نزلت في ابن سلام

 وأصحابه.

و قيل: في أربعين من نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم، كانوا نصارى فأسلموا.

و قيل»

: في أصحمة النّجاشيّ لمّا نعاه جبرئيل إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فخرج فصلّى عليه، فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلّي على علج نصرانيّ لم يره قطّ.

و إنّما دخلت اللّام على الاسم، للفصل بينه وبين «إنّ» بالخبر.وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ، من القرآن، وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من الكتابين، خاشِعِينَ لِلَّهِ: حال، من فاعل «يؤمن». وجمعه باعتبار المعنى.

لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا، كما يفعله المحرّفون من أحبارهم.

أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ: ويؤتون أجرهم مرّتين، كما وعدوه في آية أخرى.

إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ : لعلمه بالأعمال، وما يستوجبه كلّ عامل من الجزاء، واستغنائه عن التّأمّل والاحتياط.

و المراد، أنّ الأجر الموعود سريع الوصول، فإنّ سرعة الحساب يستدعي سرعة الجزاء.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا، على المصائب، وَصابِرُوا، على الفرائض، وَرابِطُوا: على الأئمّة

.

 [و في الكافي : عن الصّادق- عليه السّلام-: «اصبروا» على الفرائض «و صابروا» على المصائب.]

 

 

و في كتاب معاني الأخبار : بإسناده إلى أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: «اصبروا» على المصائب و«صابروهم» على الفتنة

 «و رابطوا» على من تعتدّون

 به.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم

: قوله: اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا فإنّه حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: «اصبروا»

على المصائب «و صابروا» على الفرائض و«رابطوا» على الأئمّة.

 [و حدّثني أبي ، عن الحسن بن خالد، عن الرّضا- عليه السّلام-: إذا كان يوم القيامة ينادي مناد: أين الصّابرون؟ فيقوم فئام من النّاس، ثمّ ينادي: أين المتصبّرون؟

فيقوم فئام من النّاس.

قلت: جعلت فداك، وما الصّابرون؟

قال: على أداء الفرائض، والمتصبّرون على اجتناب المحارم.]

 

حدّثني أبي ، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ، عن أبي الطّفيل، عن أبي جعفر، عن أبيه عليّ بن الحسين- عليهما السّلام- أنّه قال- وقد ذكر عنده عبد اللّه بن عبّاس-: وأمّا قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا (الآية) ففي أبيه نزلت وفينا، ولم يكن الرّباط الّذي أمرنا به وسيكون ذلك، من نسلنا المرابط ومن نسله المرابط

و الحديث طويل أخذت، منه موضع الحاجة.

 [و في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى عن الحسين بن مختار، عن عبد اللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا قال: اصبروا على الفرائض.

عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرّحمن بن أبي نجران، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي السّفاتج، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا قال: اصبروا على الفرائض، وصابروا على المصائب، ورابطوا على الأئمّة.

عليّ بن إبراهيم، عن أبيه  ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن [أبان‏]

 ابن أبي مسافر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه عزّ وجلّ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا قال:

اصبروا على المصائب.و في رواية ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال صابروا

 على المصائب‏]

.

و في مجمع البيان

: اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا اختلفوا في معناه إلى قوله-:

و قيل إنّ معنى رابطوا، أي، رابطوا الصّلوات ، ومعناه، انتظروها واحدة بعد واحدة لأنّ المرابطة لم تكن حينئذ: روي ذلك عن عليّ- عليه السّلام-.

 [و روي عن أبي جعفر- عليه السّلام - أنّه قال: معناه، اصبروا على المصائب، وصابروا على عدوّكم، ورابطوا على عدوّكم.]

 

 

 [و عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله -: من الرّباط انتظار الصّلاة بعد الصّلاة.]

 

 [و في كتاب معاني الأخبار : حدّثنا أبي- رحمه اللّه- قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه- عليه السّلام- قال: جاء جبرائيل- عليه السّلام- إلى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- فقال له النّبيّ: يا جبرائيل، ما تفسير الصّبر؟

قال: ويصبر  في الضّرّاء كما يصبر  في السّرّاء، وفي الفاقة كما يصبر  في الغناء، وفي البلاء كما يصبر  في العافية، فلا يشكو  خالقه عند مخلوق بما يصيبه من البلاء.

و الحديث طويل، أخذت منه موضع الحاجة.]

وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ :

قيل : واتّقوه بالتّبرّؤ عمّا سواه لكي تفلحوا غاية الفلاح.و في تفسير العيّاشيّ : عن الصادق- عليه السّلام-: يعني، فيما أمركم به وافترض عليكم.

و في أصول الكافي : بعض أصحابنا- رفعه- عن محمّد بن سنان، عن داود بن كثير الرّقيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه- عليه السّلام-:

إنّ اللّه- تبارك وتعالى- لمّا خلق نبيّه ووصيّه وابنته وابنيه وجميع الأئمّة- عليهم السّلام- وخلق شيعتهم، أخذ عليهم الميثاق أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتّقوا اللّه.

و في تفسير العيّاشيّ : عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- تبارك وتعالى-: اصْبِرُوا يقول: عن المعاصي وَصابِرُوا على الفرائض وَاتَّقُوا اللَّهَ يقول: اؤمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، ثمّ قال: وأيّ منكر أنكر من ظلم الأمّة لنا وقتلهم إيّانا؟ وَرابِطُوا يقول: في سبيل اللّه، ونحن السّبيل فيما بين اللّه وخلقه، ونحن الرّباط الأدنى، فمن جاهد عنّا فقد جاهد عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- وما جاء به من عند اللّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يقول: لعلّ الجنّة توجب لكم إن فعلتم ذلك، ونظيرها في قول اللّه- تعالى-: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ولو كانت هذه الآية في المؤذنين كما فسّرها المفسّرون، لفاز القدريّة وأهل البدع معهم.

عن يعقوب السّرّاج  قال: قلت: لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع النّاس إليه؟

قال: فقال لي: إذا لا يعبد اللّه يا أبا يوسف، لا تخلوا الأرض من عالم منّا ظاهر يفزع النّاس إليه في حلالهم وحرامهم، وإنّ ذلك لمبيّن في كتاب اللّه، قال اللّه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا]  اصبروا على دينكم، وصابروا عدوّكم ممّن يخالفكم، ورابطوا إمامكم وَاتَّقُوا اللَّهَ فيما أمركم به وافترض عليكم.

 [و في رواية أخرى  عنه: اصبروا على الأذى فينا.قلت: وصابروا؟

قال: على عدوّكم مع وليّكم «و رابطوا» قال: المقام مع إمامكم وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.

 

قلت: تنزيل؟

قال: نعم.

و فيه : بإسناده إلى ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا.

 

فقال: اصبروا على المصائب، وصابروهم على التّقيّة ، ورابطوا على من تعتدّون به ، وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.]

 

و في شرح الآيات الباهرة : روى الشّيخ المفيد- رحمه اللّه- في كتاب الغيبة، عن رجاله- بإسناده- عن بريد بن معاوية العجليّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في- قوله- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا قال: اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوّكم، ورابطوا إمامكم المنتظر.

 [و في تفسير فرات بن إبراهيم  الكوفيّ: قال: حدّثنا الحسين بن الحكم معنعنا، عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنه- في يوم أحد [في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا]  اصْبِرُوا في أنفسكم وَصابِرُوا عدوّكم وَرابِطُوا في سبيل اللّه وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [قال:]  نزلت في رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- وحمزة بن عبد المطّلب- رضي اللّه عنه-]  وقد سبق ثواب قراءة هذه السّورة.

و في عيون الأخبار: عن الرّضا- عليه السّلام - قال: إذا أراد أحدكم الحاجةفليبكّر في طلبها في يوم الخميس، وليقرأ إذا خرج من منزله، آخر سورة آل عمران، وآية الكرسيّ، وانّا أنزلناه في ليلة القدر، وأمّ الكتاب، فإنّ فيها قضاء حوائج الدّنيا والآخرة.