سورة الأعراف الآية 101-120

تِلْكَ الْقُرى: قرى الأمم المارّ ذكرهم.

نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها: حال، إن جعل «القرى» خبرا، ويكون إفادته بالتّقييد. وخبر، إن جعلت صفته. ويجوز أن يكونا خبرين.

و «من» للتّبعيض، أي: نقصّ بعض أنبائها، ولها أنباء غيرها لا نقصّها.

وَ لَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ: بالمعجزات.

فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا: عند مجيئهم بها.

بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ: بما كذّبوه من قبل  الرّسل، بل كانوا مستمرّين على التّكذيب. أو فما كانوا ليؤمنوا مدّة عمرهم بما كذّبوا به أوّلا حين جاءتهم الرّسل، ولم يؤثّر فيهم قطّ دعوتهم المتطاولة والآيات المتتالية .

و «اللّام» لتأكيد النّفي، والدّلالة على أنّهم ما صلحوا للإيمان لمنافاته لحالهم في التّصميم على الكفر والطّبع على قلوبهم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: لا يؤمنون في الدّنيا بما كذّبوا في الذّرّ. وهو ردّ على من أنكر الميثاق في الذّرّ الأوّل.

قال: حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى. قلت معاينة كان هذا؟قال: نعم، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه. ولولا ذلك، لم يدر أحد من خالقه ورازقه. فمنهم من أقرّ بلسانه في الذّرّ ولم يؤمن بقلبه، فقال اللّه: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ.

و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد اللّه بن محمّد الجعفريّ، عن حفص .

 

و عن عقبة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه خلق الخلق. فخلق من  أحبّ ممّا أحبّ، وكان ما أحبّ أن خلقه من طينة الجنّة. وخلق من  بغض ممّا أبغض، وكان ما أبغض أن خلقه من طينة السّجين. ثمّ بعثهم في الظّلال.

فقلت: وأيّ شي‏ء الظّلال؟

قال: ألم تر إلى ظلّك في الشّمس، شي‏ء وليس بشي‏ء؟ ثمّ بعث اللّه فيهم  النّبيّين، فدعوهم إلى الإقرار باللّه. وهو قوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ .

ثمّ دعاهم إلى الإقرار بالنّبيّين، فأقرّ بعضهم وأنكر بعض. ثمّ دعوهم إلى ولايتنا، فأقرّ بها- واللّه- من أحبّ وأنكرها من أبغض. وهو قوله: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ.

ثمّ قال- عليه السّلام-: كان التّكذيب [ثمّ‏] .

و في تفسير العيّاشي : إنّ اللّه خلق الخلق وهم أظلّة. فأرسل إليهم رسوله محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- فمنهم من آمن به، ومنهم من كذّبه. ثمّ بعثه في الخلق الآخر، فآمن به من آمن به في الأظلّة وجحده من جحده يومئذ. فقال: فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ.

و عن الصّادق - عليه السّلام- في هذه الآية: بعث اللّه الرّسل إلى الخلق، وهم في أصلاب الرّجال وأرحام النّساء. فمن صدّق حينئذ، صدّق بعد ذلك. ومن كذّب‏حينئذ، كذّب بعد ذلك.

كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ : فلا تدين شكيمتهم بالآيات والنّذر.

وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ: لأكثر النّاس. والآية اعتراض. أو لأكثر الأمم المذكورين.

مِنْ عَهْدٍ: وفاء عهد، فإن أكثرهم نقضوا ما عهد اللّه إليهم في الإيمان والتّقوى بإنزال الآيات ونصب الحجج. أو ما عهدوا إليه حين كانوا في ضرّ ومخافة، مثل لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ.

وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ، أي: علمناهم.

لَفاسِقِينَ : من وجدت زيدا ذا الحفاظ. لدخول «أن» المخفّفة و«اللّام» الفارقة. وذلك لا يجوز إلّا في المبتدأ والخبر والأفعال الدّاخلة عليهما.

و عند الكوفيّين «إن» للنّفي، و«اللّام» بمعنى: «إلا».

في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن الحكم قال: كتبت إلى العبد الصّالح- عليه السّلام- أخبره أنّي شاكّ، وقد قال إبراهيم: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى . وأنا أحبّ أن تريني شيئا.

فكتب- عليه السّلام- إليه: إنّ إبراهيم كان مؤمنا، وأحبّ أن يزداد إيمانه.

و أنت شاكّ، والشّاكّ لا خير فيه. وإنّما الشّك، ما لم يأت اليقين. فإذا جاء اليقين، لم يجز  الشّكّ.

و كتب: إنّ اللّه- عزّ وجلّ- يقول: وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ. قال: نزلت في الشّاكّ.

ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى:

الضّمير للرّسل، في قوله: وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ. أو للأمم.

بِآياتِنا، يعني: المعجزات.

إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها: بأن كفروا بها مكان الإيمان الّذي هو من‏حقّها لوضوحها. ولهذا المعنى وضع «ظلموا» موضع «كفروا».

 «و فرعون» لقب لمن ملك مصر، ككسرى لملك فارس، وقيصر لمن ملك الروم، وكان اسمه قابوس.

و قيل : الوليد بن مصعب بن الرّيّان.

فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ .

في كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- حديث طويل. يقول فيه: ثمّ أنّ اللّه- تبارك وتعالى- أرسل الأسباط أثني عشر بعد يوسف. ثمّ موسى وهارون إلى فرعون وملائه إلى مصر وحدّها .

و في تفسير العيّاشي ، عن عاصم المصريّ رفعه قال: إنّ فرعون بنى سبع مدائن يتحصّن فيها من موسى- عليه السّلام- وجعل فيما بينها آجاما وغياظا ، وجعل فيها الأسد ليتحصّن  بها من موسى.

قال: فلمّا بعث اللّه موسى إلى فرعون فدخل المدينة، فلمّا رآه الأسد تبصبصت  وولت مدبرة.

قال: ثمّ لم يأت مدينة، إلّا انفتح له بابها حتّى انتهى إلى قصر فرعون الّذي هو فيه.

قال: فقعد على بابه، وعليه مدرعة من صوف ومعه عصاه. فلمّا خرج الآذن قال له موسى: استأذن لي على فرعون. فلم يلتفت إليه.

 [قال: فقال له موسى: إنّي رسول ربّ العالمين.

قال: فلم يلتفت إليه‏] .

قال: فمكث بذلك ما شاء اللّه، يسأله أن يستأذن له.قال: فلمّا أكثر عليه، قال له: أما وجد ربّ العالمين من يرسله غيرك؟

قال: فغضب موسى. فضرب الباب بعصاه، فلم يبق بينه وبين فرعون باب إلّا انفتح حتّى نظر إليه فرعون وهو في مجلسه.

فقال: أدخلوه.

قال: فدخل عليه وهو في قبّة له مرتفعة كثيرة الارتفاع ثمانون ذراعا.

قال: فقال: إنّي رسول ربّ العالمين إليك.

قال: فقال: فأت بآية إن كنت من الصّادقين.

قال: فألقى عصاه، وكان لها شعبتان.

قال: فإذا هي حيّة، قد وقع إحدى الشّعبتين في الأرض والشّعبة الأخرى في أعلى القبّة.

قال: فنظر فرعون إلى جوفها وهو يلتهب نيرانا.

قال: وأهوت إليه، فأحدث وصاح: يا موسى، خذها.

وَ قالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ : إليك.

حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، كأنّه جواب لتكذيبه إيّاه في دعوى الرّسالة، كأنّ أصله: حقيق عليّ أن لا أقول. فقلب «لا» من الالتباس. أو لأنّ ما لزمك، فقد لزمته. أو للإغراق في الوصف بالصّدق، يعني: أنّه حقّ واجب عليّ القول الحقّ أن أكون أنا قائله، لا يرضى إلّا بمثلي ناطقا به. أو ضمّن حقيق معنى: حريص. أو وضع على مكان الباء، كقولهم: رميت على القوس.

و قرئ: «عليّ» على الأصل.

و عن ابن أبيّ، أنّه قرأ: بالباء.

و قرئ، بحذف «على».

قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ : فخلّهم، حتّى يرجعوا معي إلى الأرض المقدّسة الّتي هي وطن آبائهم. وكان قد استعبدهم واستخدمهم في الأعمال الشّاقّة.

قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ: من عند من أرسلك.

فَأْتِ بِها: فأحضرها عندي، ليثبت بها صدقك.

إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ : في الدّعوى.

 

فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ : ظاهر أمره لا يشكّ في أنّه ثعبان. وهو الحيّة العظيمة.

وَ نَزَعَ يَدَهُ: من جيبه، أو من تحت إبطه.

فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ ، أي: عليه يغلب نوره شعاع الشّمس. أو بيضاء للنّظّار، لا أنّها كانت بيضاء في جبلتها.

نقل : أنّ موسى كان [آدم‏]  شديد الأدمة. فأدخل [يده‏]  في جيبه أو تحت إبطه ثمّ نزعها، فإذا هي بيضاء نورانيّة غلب شعاعها شعاع الشّمس.

و في عيون الأخبار ، بإسناده إلى [أبي‏]  يعقوب البغداديّ قال: قال ابن السّكيت لأبي الحسن الرّضا- عليه السّلام-: لما ذا بعث اللّه- تعالى- موسى بن عمران بيده البيضاء والعصاء وآلة السّحر، وبعث عيسى بالطّبّ، وبعث محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- بالكلام والخطب؟

فقال له أبو الحسن- عليه السّلام-: إنّ اللّه لمّا بعث موسى- عليه السّلام-، كان الأغلب على أهل عصره السّحر. فأتاهم من عند اللّه بما لم يكن من عند القوم وفي وسعهم مثله، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجّة عليهم. (الحديث).

و قد مضى عند قوله- تعالى-: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ .

و في باب  ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من خبر الشّاميّ وما سأل عنه أمير المؤمنين- عليه السّلام- في جامع الكوفة. حديث طويل. وفيه: وسأله عن شي‏ء شرب وهو حيّ، وأكل وهو ميّت.

فقال: تلك عصا موسى.

و فيه  وقال: أخبرنا عن أوّل شجرة غرست في الأرض.

فقال: العوسجة، ومنها عصا موسى- عليه السّلام-.

قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ .قيل . قاله هو وأشراف قومه على سبيل التّشاور في أمره، فحكي عنه في سورة الشّعراء [بقوله: «قال للملإ حوله» وعنهم ها هنا.]

يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ : تشيرون في أن نفعل.

قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ: أخّرهما وأصدرهما عنك، حتّى نرى رأيك فيهما.

و «الإرجاء» التّأخير. وأصله: أرجئه، كما قرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب.

و قرأ  حمزة وحفص: «أرجه» بسكون الهاء.

و قرأ  بن كثير وهشام، عن ابن عامر: «أرجئهوه».

و قرأ  نافع في رواية ورش وإسماعيل والكسائيّ: «أرجهي».

و قرأ  ابن عامر: «أرجئه» بالهمزة وكسر الهاء.

و في تفسير العيّاشيّ : يونس بن ظبيان قال: قال: إنّ موسى وهارون حين دخلا إلى فرعون، لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح. كانوا ولد نكاح كلّهم. ولو كان [فيهم ولد سفاح‏] ، لأمر بقتلهما. فقالوا: «أرجه وأخاه». وأمروه بالتّأنّي والنّظر. ثمّ وضع يده على صدره وقال: وكذلك نحن لا يسرع  إلينا إلّا كلّ خبيث الولادة.

وَ أَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ  يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ .

و قرأ1»

 حمزة والكسائيّ: «بكلّ سحّار» فيه ويونس. ويؤيّده اتّفاقهم عليه في الشّعراء.

وَ جاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ: بعد ما أرسل في طلبهم حاشرين.

قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ : استئناف، كأنّه جواب سؤال قال: ما قالوا إذ جاؤوا؟

و قرأ  ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم: إِنَّ لَنا لَأَجْراً على الإخبار وإيجاب الأجر، كأنّهم قالوا: لا بدّ لنا من الأجر. فالتّنكير، للتّعظيم.

قالَ نَعَمْ: إنّ لكم أجرا.

وَ إِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ : عطف على ما سدّ مسدّه «نعم»، وزيادة على الجواب لتحريضهم.

قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ : خيّروا موسى مراعاة للأدب، أو إظهارا للجلادة. ولكن كان رغبتهم في أن يلقوا قبله. فنبهّوا عليها بتغيير النّظم إلى ما هو أبلغ، وتعريف الخبر وتوسيط الفصل أو توكيد الضّمير المتّصل بالمنفصل. فلذلك قالَ أَلْقُوا: إكراما وتسامحا. أو ازدراء بهم، ووثوقا على شأنه.

فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ: بأن خيّلوا إليها ما الحقيقة بخلافه بالحيل والشّعبذة.

وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ: وأرهبوهم إرهابا شديدا، كأنّهم طلبوا رهبتهم.

وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ : في فنّه.

نقل : أنّهم ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا، كأنّها حيّات، ملأت الوادي وركب بعضها بعضا.

وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ: فألقاها، فصارت حيّة عظيمة.

فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ : ما يزوّرونه. من الإفك: وهو الصّرف وقلب الشّي‏ء عن وجهه.

و يجوز أن يكون «ما» مصدريّة. وهي مع الفعل بمعنى: المفعول.

نقل : أنّها لمّا تلقّفت حبالهم وعصيّهم وابتلعتها بأسرها، أقبلت على الحاضرين. فهربوا وازدحموا، حتّى هلك جمع عظيم. ثمّ أخذها موسى، فصارت عصا، كما كانت. فقالت السّحرة: لو كان هذا سحر، لبقيت حبالنا وعصيّنا.

و قرأ  حفص: «تلقف» هنا وفي طه  وفي الشّعراء.

و في أصول الكافي ، بإسناده إلى محمّد بن العيص: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: كانت عصا موسى- عليه السّلام- لآدم- عليه السّلام-. فصارت إلى شعيب- عليه‏السّلام- ثمّ صارت إلى موسى- عليه السّلام-. وإنّها لعندنا. وإنّ عهدي بها آنفا وهي خضراء، كهيئتها حين انتزعت من شجرتها. وإنّها لتنطق إذا استنطقت. أعدّت لقائمنا، يصنع بها ما كان يصنع موسى. [و إنّها]  لتروع وتلقف بها ما يأفكون، وتصنع ما تؤمر به. إنّها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون. يتشج  لها شعبتان: إحداهما في الأرض والأخرى في السّقف، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون [بلسانها] .

فَوَقَعَ الْحَقُّ: فحصل وثبت، لظهور أمره.

وَ بَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ : من السّحر والمعارضة. فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ : صاروا أذلّاء مبهوتين. أو رجعوا إلى المدينة أذلّاء مقهورين.

و الضّمير لفرعون وقومه.

وَ أُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ : جعلهم ملقين على وجوههم، تنبيها على أنّ الحقّ بهرهم واضطرهم إلى السّجود بحيث لم يبق لهم تمالك. أو أنّ اللّه ألهمهم ذلك وحملهم عليه، حتّى ينكسر فرعون بالّذين أراد بهم كسر موسى- عليه السّلام-. وينقلب الأمر عليه. أو مبالغة في سرعة خرورهم وشدّته.