سورة يوسف الآية 101-111

رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ: بعض الملك، وهو ملك مصر.

و في الكافي : عن الصّادق- عليه السّلام- في حديث يذكر فيه يوسف- عليه السّلام-: إنّ اللَّه لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلّا أربعة.

... إلى أن قال: وأمّا يوسف فملك مصر وبراريّها، ولم يتجاوزها إلى غيرها.

و في الكافي : عن الصّادق- عليه السّلام- في حديث يذكر فيه يوسف، وفيه: فكان من أمره الّذي كان أن اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمن.

و في كتاب الخصال : عن الباقر- عليه السّلام-: إنّ اللَّه لم يبعث الأنبياء ملوكافي الأرض إلّا أربعة.

... إلى أن قال: وأمّا يوسف فملك مصر وبراريّها، ولم يتجاوزها إلى غيرها.

وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ: الكتب. أو الرّؤيا.

و «من»- أيضا- للتّبعيض، لأنّه لم يؤت كلّ التّأويل.

و في كتاب الاحتجاج  للطّبرسيّ- رضي اللَّه عنه-: عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ- عليهما السّلام- قال: إنّ يهوديا من يهود الشّام وأحبارهم [جاء إلى مجلس فيه أصحاب رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- وفيهم عليّ‏]  قال لأمير المؤمنين- عليه السّلام-: فإنّ هذا يوسف قاسى  مرارة الفرقة، وحبس في السّجن توقّيا للمعصية، وألقي في الجبّ وحيدا.

فقال له عليّ- عليه السّلام-: لقد كان كذلك، ومحمّد- صلّى اللَّه عليه وآله- قاسى مرارة الغربة وفراق الأهل والأولاد والمال، مهاجرا  من حرم اللَّه- تعالى- وأمنه.

فلمّا رأى اللَّه- عزّ وجلّ- كآبته  واستشعاره الحزن أراه- تبارك وتعالى- رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها، وأبان للعالمين صدق تحقيقها، فقال: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ .

و لئن كان يوسف حبس في السّجن، فلقد حبس رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- نفسه في الشّعب ثلاث سنين، وقطع منه أقاربه وذووا الرّحم وألجأوه إلى أضيق  المضيق، ولقد كادهم اللَّه- عزّ وجلّ- كيدا مستبينا إذ بعث أضعف خلقه فأكد عهدهم الّذي كتبوه بينهم في قطيعة رحمه .

و لئن كان يوسف القي في الجبّ، فلقد حبس محمّد- صلّى اللَّه عليه وآله- نفسه مخافة عدوّه في الغار حتّى قال لصاحبه: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا  ومدحه اللَّه بذلك في كتابه.و في روضة الكافي : عليّ، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ، عن أبي جعفر الصّائغ، عن محمّد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- وعنده أبو حنيفة، فقلت له: جعلت فداك، رأيت رؤيا عجيبة.

فقال له: يا ابن مسلم، هاتها، فإنّ العالم بها جالس- وأومأ بيده إلى أبي حنيفة-.

قال: فقلت: رأيت كأنّي دخلت داري، وإذا أهلي قد خرجت عليّ، فكسرت جوزا كثيرا ونثرته عليّ، فتعجّبت من هذه الرّؤيا.

فقال أبو حنيفة: أنت رجل تخاصم وتجادل لئاما في مواريث أهلك، فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها- إن شاء اللَّه تعالى-.

فقال أبو عبد اللَّه- عليه السّلام-: أصبت، واللَّه، يا أبا حنيفة.

قال: ثمّ خرج أبو حنيفة من عنده، فقلت: جعلت فداك، إنّي كرهت تعبير هذا النّاصب.

فقال: يا ابن مسلم، لا يسوؤك اللَّه، فما يواطئ تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم، وليس التّعبير كما عبّره.

قال: فقلت له: جعلت فداك، فقولك: «أصبت» وتحلف عليه وهو مخطئ؟

قال: نعم، حلفت عليه أنّه أصاب  الخطأ.

قال: قلت: فما تأويلها؟

قال: يا ابن مسلم، إنّك تتمتّع بامرأة فتعلم بها أهلك فتمزّق عليك  ثيابا جددا، فإن القشر كسوة اللّبّ.

قال ابن مسلم: فو اللَّه، ما كان بين تعبيره وتصحيح الرّؤيا إلّا صبيحة الجمعة، فلمّا كان غداة الجمعة أنا جالس بالباب إذ مرّت بي جارية فأعجبتني، فأمرت غلامي فردّها ثمّ أدخلها داري، فتمتّعت بها، فأحسّت بي وعلمت بها أهلي، فدخلت علينا البيت فبادرت الجارية نحو الباب وبقيت أنا، فمزّقت عليّ ثيابا [جددا]  كنت ألبسها في الأعياد.و جاء موسى الزّوّار العطّار إلى أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- فقال له: يا ابن رسول اللَّه، رأيت رؤيا هالتني، رأيت صهرا لي ميّتا وقد عانقني، وقد خفت أن يكون الأجل قد اقترب.

فقال: يا موسى، توقّع الموت صباحا ومساء فإنّه ملاقينا، ومعانقة الأموات للأحياء أطول لأعمارهم، فما كان اسم صهرك؟

قال: حسين.

فقال: أمّا إنّ  رؤياك تدلّ على بقائك وزيارتك أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- فإنّ كلّ من عانق سمّي الحسين- عليه السّلام- يزوره- إن شاء اللَّه-.

فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: مبدعهما.

و انتصابه على أنّه صفة المنادى، أو منادى برأسه.

أَنْتَ وَلِيِّي: ناصري، أو متولّي أمري.

فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ: أو الّذي يتولّاني بالنّعمة فيهما.

تَوَفَّنِي مُسْلِماً: اقبضني مسلما.

وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ : من آبائي. أو بعامّة الصّالحين في الرّتبة والكرامة.

و في تفسير العيّاشيّ : عن عبّاس بن يزيد قال: سمعت أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- يقول: بينا رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- جالس في أهل بيته إذ قال: أحبّ يوسف أن يستوثق  لنفسه.

قال: فقيل: بماذا، يا رسول اللَّه؟

قال: لمّا عزل  له عزيز مصر [عن مصر] ، لبس ثوبين جديدين، أو قال:

نظيفين، وخرج إلى فلاة من الأرض، فصلّى ركعات. فلمّا فرغ رفع رأسه إلى السّماء، فقال: يا  رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ.قال: فهبط إليه جبرئيل فقال له: [يا يوسف‏]  ما حاجتك؟

فقال: تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ.

فقال أبو عبد اللَّه- عليه السّلام-: خشي الفتن .

و في كمال الدّين وتمام النّعمة : عن الصّادق، عن أبيه، عن جدّه- عليهم السّلام-، عن رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: عاش يعقوب بن إسحاق مائة وأربعين سنة، وعاش يوسف بن يعقوب مائة وعشرين سنة.

و في مجمع البيان : عن الصّادق- عليه السّلام- قال: دخل يوسف السّجن وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ومكث فيه ثماني عشرة سنة، وبقي بعد خروجه ثمانين سنة، فذلك مائة سنة وعشر سنين.

و عن الباقر - عليه السّلام- أنّه سئل: كم عاش يعقوب مع يوسف بمصر؟

قال: عاش حولين.

قيل: فمن كان الحجّة للّه في الأرض، يعقوب أم يوسف؟

قال: كان يعقوب [الحجّة] ، وكان الملك ليوسف. فلمّا مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشّام، فدفنه  في بيت المقدس، فكان يوسف بعد يعقوب الحجّة.

قيل : فكان يوسف رسولا نبيّا؟

قال: نعم، أما تسمع قوله: وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ.

و في تفسير العيّاشيّ : عنه- عليه السّلام- ما يقرب منه.

 

و في من لا يحضره الفقيه : عن الصّادق- عليه السّلام-: أنّ اللَّه- عزّ وجلّ- أوحى إلى موسى بن عمران: أن أخرج عظام يوسف- عليه السّلام- من مصر. ووعده طلوع‏القمر ، فأبطأ [طلوع‏]  القمر [عليه‏] ، فسأل عمّن يعلم موضعه، فقيل له: ها هنا عجوز تعلم [علمه‏] . فبعث إليها، فاتي بعجوز مقعدة عمياء.

فقال: تعرفين قبر يوسف- عليه السّلام-؟

قالت: نعم.

قال: فأخبريني بموضعه.

فقالت: لا أفعل حتّى تعطيني خصالا، تطلق رجلي، وتعيد إليّ بصري، وتردّ إليّ شبابي، وتجعلني معك في الجنّة.

فكبر ذلك على موسى، فأوحى اللَّه إليه: إنّما تعطي عليّ، فأعطها ما سألت.

ففعل، فدلّته على قبر يوسف- عليه السّلام- واستخرجته من شاطئ النّيل في صندوق مرمر. فلمّا أخرجه طلع القمر، فحمله إلى الشّام، فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم إلى الشّام. وهو يوسف بن يعقوب- عليه السّلام- وما ذكر اللَّه- عزّ وجلّ- في القرآن غيره.

و في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد  الكنّاسيّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- كان نزل على رجل بالطّائف قبل الإسلام، فأكرمه. فلمّا أن بعث اللَّه محمّدا- صلّى اللَّه عليه وآله- إلى النّاس قيل للرّجل: أ تدري من الّذي أرسله اللَّه- عزّ وجلّ- إلى النّاس؟

قال: لا.

قالوا: هو محمّد بن عبد اللَّه، يتيم أبي طالب، وهو الّذي كان نزل [بك‏]  بالطّائف يوم كذا وكذا، فأكرمته.

قال: فقدم الرّجل على رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- فسلّم عليه وأسلم، ثمّ قال له: تعرفني، يا رسول اللَّه؟

قال: ومن أنت؟

قال: أنا ربّ المنزل الّذي نزلت به بالطّائف في الجاهليّة يوم كذا وكذا،فأكرمتك.

فقال له رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: مرحبا بك، سل حاجتك.

فقال: أسألك مائتي شاة برعاتها.

فأمر له رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- بما سأل، ثمّ قال لأصحابه: ما كان على هذا الرّجل أن يسألني سؤال عجوز بني إسرائيل لموسى؟

فقالوا: وما سألت عجوز بني إسرائيل لموسى؟

فقال: إنّ اللَّه- عزّ وجلّ- أوحى إلى موسى: أن أحمل عظام يوسف من مصر من قبل أن تخرج منها إلى الأرض المقدّسة بالشّام. فسأل موسى عن قبر يوسف- عليه السّلام- فجاءه شيخ فقال: إن كان أحد يعرف قبره ففلانة. فأرسل موسى- عليه السّلام- إليها، فلمّا جاءته قال: تعلمين موضع قبر يوسف- عليه السّلام-؟

قالت: نعم.

قال: فدلّيني عليه، ولك ما سألت.

قالت: لا أدلّك عليه إلّا بحكمي.

قال: فلك الجنّة.

قالت: لا، إلّا بحكمي عليك.

فأوحى اللَّه- عزّ وجلّ- إلى موسى: لا يكبر عليك أن تجعل لها حكمها.

فقال موسى: فلك حكمك.

قالت: فإنّ حكمي أن أكون معك في درجتك الّتي تكون فيها يوم القيامة في الجنّة.

فقال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: ما كان على هذا لو سألني ما سألت عجوز بني إسرائيل.

و في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى عبد اللَّه بن المغيرة: عمّن ذكره، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: استأذنت زليخا على يوسف.

فقيل لها: إنا نكره أن نقدم بك عليه، لما كان منك إليه.

قالت: إنّي لا أخاف من يخاف اللَّه.

فلمّا دخلت قال لها: يا زليخا، ما لي أراك قد تغيّر لونك؟

قالت: الحمد للّه الّذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا.

فقال لها: ما الّذي دعاك [يا زليخا]  إلى ما كان منك؟

قالت: حسن وجهك، يا يوسف.

فقال: كيف لو رأيت نبيّا يقال له: محمّد، يكون  في آخر الزّمان، أحسن منّي وجها، وأحسن منّي خلقا، وأسمح منّي كفّا؟

قالت: صدقت.

قال: وكيف علمت أنّي صدقت؟

قالت: لأنّك حين ذكرته وقع حبّه في قلبي.

فأوحى اللَّه- عزّ وجلّ- إلى يوسف: أنّها قد صدّقت، وأنّي قد أحببتها لحبّها محمّدا- صلّى اللَّه عليه وآله-. فأمره اللَّه- تبارك وتعالى- أن يتزوّجها.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني محمّد بن عيسى، أنّ يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمّد بن عليّ بن موسى مسائل، فعرضها على أبي الحسن، فكانت إحداها :

أخبرني عن قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً. وقد سبق أكثر الحديث عند هذه الآية، ويتّصل بآخر ما سبق قال: ولمّا مات العزيز  في السّنين المجدبة افتقرت امرأة العزيز، واحتاجت حتّى سألت [النّاس‏] .

فقالوا لها : لو قعدت للعزيز. وكان يوسف سمّي بالعزيز، وكلّ ملك كان لهم سمّي بهذا الاسم.

فقالت: أستحيي منه. فلم يزالوا بها حتّى قعدت له [على الطريق‏]  فأقبل يوسف في موكبه، فقامت إليه فقالت: سبحان الّذي  جعل الملوك بالمعصية عبيدا،و جعل العبيد بالطّاعة ملوكا.

فقال لها يوسف: أنت هاتيك ؟

فقالت: نعم. وكان اسمها زليخا.

قال: هل لك فيّ؟

قالت: دعني بعد ما كبرت، أ تهزأ بي؟

قال: لا.

قالت: نعم.

فأمر بها فحوّلت إلى منزله، وكانت هرمة، فقال لها: أ لست فعلت بي كذا وكذا؟

فقالت: يا نبيّ اللَّه، لا تلمني، فإنّي بليت ببليّة لم يبتل بها أحد.

قال: وما هي؟

قالت: بليت بحبّك ولم يخلق اللَّه لك في الدّنيا نظيرا، وبليت [بحسني‏]  بأنّه لم يكن بمصر امرأة أجمل منّي ولا أكثر مالا منّي نزع عنّي مالي وذهب عنّي جمالي ، وبليت بزوج عنّين.

فقال لها يوسف: فما حاجتك ؟

فقالت: تسأل اللَّه أن يردّ عليّ شبابي. فسأل اللَّه، فردّ عليها شبابها، فتزوّجها وهي بكر.

و في أمالي شيخ الطّائفة - قدّس سرّه- بإسناده إلى أبي جعفر، محمّد بن عليّ الباقر- عليهما السّلام- قال: لمّا أصابت امرأة العزيز الحاجة، قيل لها: لو أتيت يوسف بن يعقوب- عليهما السّلام-.

فشاورت في ذلك، فقيل لها: إنّا نخافه عليك.

قالت: كلّا، إنّي لا أخاف من يخاف اللَّه. فلمّا ادخلت  عليه، فرأته في ملكه‏قالت: الحمد للّه الّذي جعل العبيد ملوكا بطاعته، وجعل الملوك عبيدا بمعصيته.

فتزوّجها، فوجدها بكرا.

فقال: أليس هذا أحسن، أليس هذا أجمل؟

فقالت: إنّي كنت بليت منك بأربع خصال: كنت أجمل أهل زماني، وكنت أجمل أهل زمانك، وكنت بكرا، وكان زوجي عنّينا.

ذلِكَ: إشارة إلى ما ذكر من أنباء يوسف، والخطاب فيه للرّسول- صلّى اللَّه عليه وآله-. وهو مبتدأ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ خبران له.

وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ، كالدّليل عليها.

و المعنى: أنّ هذا النّبأ غيب لم تعرفه إلّا بالوحي، لأنّك لم تحضر إخوة يوسف حين عزموا على ما همّوا به، من أن يجعلوه في غيابة الجبّ، وهم يمكرون به وبأبيه ليرسله معهم. ومن المعلوم الّذي لا يخفى على مكذّبيك، أنّك ما لقيت أحدا سمع ذلك فتعلّمته منه. وإنّما حذف هذا الشّقّ استغناء بذكره في غير هذه القصّة، كقوله: ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا.

وَ ما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ: على إيمانهم وبالغت في إظهار الآيات عليهم.

بِمُؤْمِنِينَ : لعنادهم وتصميمهم على الكفر.

وَ ما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ: على الأنباء والقرآن.

مِنْ أَجْرٍ: جعل، كما يفعله حملة الأخبار.

إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ: عظة من اللَّه.

لِلْعالَمِينَ : عامّة.

وَ كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ: وكم من آية .

و المعنى: وكأيّ عدد من الدّلائل الدّالة على وجود الصّانع وحكمته وكمال قدرته وتوحيده.

فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها: على الآيات ويشاهدونها.

وَ هُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ : لا يتفكّرون فيها، ولا يعتبرون بها.و قرئ : «و الأرض» بالرّفع، على أنّه مبتدأ خبره «يمرّون»، فيكون لها الضّمير في «عليها». وبالنّصب، على ويطئون الأرض.

و قرئ : «و الأرض يمشون عليها»، أي: يتردّدون فيها فيرون آثار الأمم الهالكة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: «الآيات» الكسوف والزّلزلة والصّواعق.

وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ، أي: في إقرارهم بوجوده وخالقيّته.

إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ :

في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن موسى بن بكر، عن الفضيل، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: شرك طاعة وليس شرك عبادة، والمعاصي الّتي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشّيطان فأشركوا باللّه في الطّاعة لغيره، وليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير اللَّه.

و في كتاب التّوحيد ، بإسناده إلى حنان بن سدير: عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: وله  الأسماء الحسنى الّتي لا يسمّى بها غيره، وهي الّتي وصفها في الكتاب فقال: فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ جهلا بغير علم. فالّذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم، ويكفر به وهو يظنّ أنّه يحسن، فلذلك قال: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ فهم الّذين يلحدون في أسمائه بغير علم ويضعونها غير مواضعها.

و في أصول الكافي : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن يحيى بن المبارك، عن عبد اللَّه بن جبلة، عن سماعة، عن أبي بصير وإسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ- إلى قوله- مُشْرِكُونَ.

قال: يتبع الشّيطان من حيث لا يعلم فيشرك.

عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس [عن‏]  ابن بكير، عن ضريس، عن أبي عبد اللَّه- (عليه السّلام- في قول اللَّه- عزّ وجلّ-: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ (الآية) قال: [شرك طاعة وليس شرك عبادة] . [عن زرارة ، قال: سألت أبا جعفر- عليه السّلام- عن قول اللَّه وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ قال:]  من ذلك قول الرّجل: لا، وحياتك.

عن محمّد بن الفضيل ، عن الرّضا-)  عليه السّلام- قال: شرك لا يبلغ به الكفر.

أبو بصير ، عن أبي إسحاق قال: هو قول الرّجل: لو لا اللَّه وأنت ما فعل بي كذا وكذا، ولو لا اللَّه وأنت ما صرف عنّي كذا وكذا، وأشباه ذلك.

عن مالك بن عطيّة ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- في قوله: وَما يُؤْمِنُ- إلى قوله- وَهُمْ مُشْرِكُونَ قال: هو الرّجل يقول: لو لا فلان لهلكت، ولو لا فلان لأصبت كذا وكذا، ولو لا فلان لضاع عيالي. ألا ترى أنّه قد جعل للّه شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه؟

قال: قلت: فيقول: لو لا أن منّ اللَّه عليّ بفلان لهلكت؟

قال: نعم، لا بأس بهذا.

عن زرارة  وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللَّه- عليهما السّلام- قالوا: سألناهما.

فقالا: شرك النّعم.

و في مجمع البيان : اختلف في معناه على أقوال:

أحدها: أنّهم مشركوا قريش، كانوا يقرّون باللّه خالقا ومحييا ومميتا ويعبدون الأصنام ويدعونها آلهة، مع أنّهم كانوا يقولون: اللَّه ربّنا وإلهنا يرزقنا، وكانوا مشركين بذلك.

و ثانيها: أنّها نزلت في مشركي العرب، إذ سئلوا: من خلق السّماوات والأرض وينزّل القطر ؟ قالوا: اللَّه، ثمّ هم يشركون. وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك‏لك، إلّا شريك هو لك تملكه وما ملك.

و ثالثها: أنّهم أهل الكتاب، آمنوا باللّه واليوم الآخر والتّوراة والإنجيل، ثمّ أشركوا بإنكار القرآن وإنكار نبوّة نبيّنا- صلّى اللَّه عليه وآله-. [عن الحسن‏] . وهذا القول مع ما تقدّمه رواه دارم بن قبيصة، عن عليّ بن موسى الرّضا، عن أبيه، عن جدّه، أبي عبد اللَّه- عليه السّلام-.

و رابعها: أنّهم المنافقون، يظهرون الإيمان ويشركون في السّرّ.

و خامسها: أنّهم المشبّهة، آمنوا في الجملة وأشركوا في التّوحيد.

و سادسها:

أنّ المراد بالإشراك: شرك الطّاعة لا [شرك‏]  العبادة. عن أبي جعفر- عليه السّلام-.

أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ: عقوبة تغشاهم وتشملهم.

أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً: فجأة من غير سابقة علامة.

وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ : بإتيانها، غير مستعدّين لها.

قُلْ هذِهِ سَبِيلِي، يعني: الدّعوة إلى التّوحيد، والإعداد للمعاد. ولذلك فسّر السّبيل بقوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ.

و قيل : هو حال من الياء .

عَلى بَصِيرَةٍ: بيان وحجّة واضحة، غير عمياء أَنَا: تأكيد للمستتر في «أدعو» أو «على بصيرة» ، لأنّه حال منه. أو مبتدأ خبره «على بصيرة».

وَ مَنِ اتَّبَعَنِي: عطف عليه.

و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: ذلك رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه‏و آله- وأمير المؤمنين- عليه السّلام- والأوصياء من بعدهم.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه قال: قال عليّ بن حسّان لأبي جعفر الجواد:

يا سيّدي، إنّ النّاس ينكرون عليك حداثة سنّك.

قال: وما ينكرون؟ ذلك قول اللَّه- عزّ وجلّ-، لقد قال لنبيّه: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي (الآية) فو اللَّه ما تبعه إلّا عليّ- عليه السّلام- وله تسع سنين، فأنا ابن تسع سنين.

و في روضة الواعظين : قال الباقر- عليه السّلام-: قُلْ هذِهِ- إلى قوله- وَمَنِ اتَّبَعَنِي قال: عليّ اتّبعه.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: قُلْ هذِهِ- إلى قوله- وَمَنِ اتَّبَعَنِي، يعني: نفسه، ومن تبعه، [يعني‏]  عليّ بن أبي طالب وآل محمّد- صلّى اللَّه عليه وعليهم أجمعين-.

و في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن يزيد، عن أبي عمرو الزّبيريّ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: قلت له: أخبرني عن الدّعاء إلى اللَّه والجهاد في سبيله، أهو لقوم لا يحلّ إلّا لهم ولا يقوم به إلّا من كان منهم، أم هو مباح لكلّ من وحّد اللَّه- عزّ وجلّ- وآمن برسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-، ومن كان كذا فله أن يدعو إلى اللَّه- عزّ وجلّ- إلى طاعته وأن يجاهد في سبيله؟

فقال: ذلك لقوم لا يحلّ إلّا لهم، ولا يقوم بذلك إلّا من كان منهم.

قلت: من أولئك؟

قال: من قام بشرائط اللَّه- عزّ وجلّ- في القتال والجهاد على المجاهدين، فهو المأذون له في الدّعاء إلى اللَّه- عزّ وجلّ-. ومن لم يكن قائما بشرائط اللَّه- عزّ وجلّ- في الجهاد على المجاهدين، فليس بمأذون له في الجهاد ولا الدّعاء إلى اللَّه، حتّى يحكّم في نفسه ما أخذ اللَّه عليه من شرائط الجهاد.

قلت: فبيّن لي، يرحمك اللَّه.

قال: إنّ اللَّه- تبارك وتعالى- أخبر في كتابه الدّعاء إليه، ووصف الدّعاة إليه.... إلى أن قال: ثمّ أخبر عن هذه الأمّة، وممّن هي، وأنّها من ذريّة إبراهيم ومن ذريّة إسماعيل، من سكّان الحرم، ممّن لم يعبدوا غير اللَّه قطّ، والّذين وجبت لهم الدّعوة دعوة إبراهيم وإسماعيل، من أهل المسجد الّذين أخبر عنهم في كتابه أنّه أذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا، الّذين وصفناهم قبل هذا في صفة أمّة إبراهيم- عليه السّلام-، الّذين عناهم اللَّه- تبارك وتعالى- في قوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي، يعني: أوّل من اتّبعه على الإيمان به والتّصديق له وبما جاء به من عند اللَّه- عزّ وجلّ- من الأمّة الّتي بعث فيها ومنها وإليها قبل الخلق، ممّن لم يشرك باللّه قطّ، ولم يلبس إيمانه بظلم، وهو الشّرك.

و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

و في تهذيب الأحكام ، في الدّعاء بعد صلاة يوم الغدير المسند إلى الصّادق- عليه السّلام-: ربّنا آمنا، واتّبعنا مولانا ووليّنا وهادينا وداعينا، وداعي الأنام وصراطك المستقيم السّويّ، وحجّتك وسبيلك الدّاعي إليك على بصيرة، هو ومن اتّبعه، وسبحان اللَّه عمّا يشركون بولايته وبما يلحدون وباتّخاذ الولائج دونه.

وَ سُبْحانَ اللَّهِ: وأنزّهه تنزيها من الشّركاء.

وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ : عطف على سبيل التّفسير.

و في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- عن سُبْحانَ اللَّهِ.

فقال: أنفة للّه .

أحمد بن مهران ، عن عبد العظيم بن عبد اللَّه الحسنيّ، عن عليّ بن أسباط، عن سليمان، مولى طربال، عن هشام الجواليقيّ قال: سألت أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- عن قول اللَّه: سُبْحانَ اللَّهِ ما يعني به؟

قال: تنزيهه .و في الكافي»: عليّ، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن المغيرة [عن هشام بن الحكم‏]  قال: قلت لأبي عبد اللَّه- عليه السّلام-: ما تفسير سُبْحانَ اللَّهِ؟

قال: أنفة للّه. أما ترى الرّجل إذا عجب من الشّي‏ء قال: سبحان اللَّه.

وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا: ردّ لقولهم: لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً.

و قيل : معناه: نفي استنباء النّساء.

نُوحِي إِلَيْهِمْ، كما أوحي إليك، وتميّزوا بذلك عن غيرهم.

و قرأ  حفص: «نوحي» في كلّ القرآن، ووافقه حمزة والكسائي في الحرف الثّاني في سورة الأنبياء.

و حمزة والكسائي يميلانه على أصلها ها هنا، وفي النّحل، والأوّل من سورة الأنبياء.

مِنْ أَهْلِ الْقُرى: لأنّ أهلها أعلم وأحلم من أهل البدو.

و في عيون الأخبار : وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ، يعني: إلى الخلق. إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فأخبر أنّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة أو حكّاما، وإنّما أرسلوا  إلى أنبياء اللَّه.

أَ فَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ: من المكذّبين بالرّسل والآيات، فيحذروا تكذيبك. أو من المشغوفين بالدّنيا المتهالكين عليها، فيقلعوا عن حبّها ويزهدوا فيها.

وَ لَدارُ الْآخِرَةِ: ولدار الحال، أو السّاعة، أو الحياة الآخرة.

خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا: الشّرك والمعاصي.

أَ فَلا تَعْقِلُونَ : يستعملون عقولهم ليعرفوا أنّها خير.

و قرأ  نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب، بالتّاء، حملا على قوله: «قل هذه سبيلي» [أي قل لهم: أفلا تعقلون‏] .حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ: غاية محذوف دلّ عليه الكلام، أي: لا يغررهم تمادي أيّامهم، فإنّ من قبلهم أمهلوا حتّى أيس الرّسل عن النّصر عليهم في الدّنيا.

أو عن إيمانهم، لانهماكهم في الكفر مترفّهين متمادين فيه من غير وازع.

وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا، أي: كذّبتهم أنفسهم حين حدّثتهم بأنّهم ينصرون.

أو كذّبهم القوم بوعد الإيمان.

و قيل : الضّمير للمرسل إليهم، أي: وظنّ المرسل إليهم أنّ الرّسل قد كذّبوهم بالدّعوة والوعيد.

و قيل : الأوّل للمرسل إليهم. والثّاني للرّسل، أي: وظنّوا أنّ الرّسل قد كذبوا وأخلفوا فيما وعد لهم من النّصر، وخلط الأمر عليهم.

و في الجوامع : أنّ قراءة التّخفيف قراءة أئمّة الهدى- عليهم السّلام-.

و قرأ  غير الكوفيّين، بالتّشديد، أي: وظنّ الرّسل أنّ القوم قد كذّبوهم فيما أوعدوهم.

و قرئ : «كذبوا» بالتّخفيف وبناء الفاعل، أي: أنّهم قد كذبوا فيما حدّثوا به عند قومهم لما تراخى عنهم ولم يروا له أثرا.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: وكلهم اللَّه إلى أنفسهم، فظنّوا أنّ الشّياطين قد تمثّلت لهم في صورة الملائكة.

و في تفسير العيّاشيّ : عن ابن شعيب ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال:

و كلهم [اللَّه‏]  إلى أنفسهم أقلّ من طرفة عين.

عن زرارة  قال: قلت لأبي عبد اللَّه- عليه السّلام-: كيف لم يخف رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- فيما يأتيه من قبل اللَّه، أن يكون ذلك ما ينزغ به الشّيطان؟قال: فقال: إنّ اللَّه إذا اتّخذ عبدا رسولا أنزل عليه السّكينة والوقار، فكان يأتيه من قبل اللَّه مثل الّذي يراه بعينه.

جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ: النّبيّ والمؤمنين. وإنّما لم يعيّنهم للدّلالة على أنّهم الّذين يستأهلون أن يشاء نجاتهم، لا يشاركهم فيه غيرهم.

و قرأ ابن  عامر وعاصم ويعقوب، على لفظ الماضي المبنيّ للمفعول.

و قرئ : «فنجى».

وَ لا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ : إذا نزل بهم.

و في عيون الأخبار ، في باب مجلس الرّضا- عليه السّلام- عند المأمون في عصمة الأنبياء- عليهم السّلام-: حدّثنا تميم بن عبد اللَّه بن تميم القرشيّ- رضي اللَّه عنه- قال:

 

حدّثنا أبي، عن حمدان بن سليمان النّيشابوريّ، عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرّضا- عليه السّلام-.

فقال له المأمون: يا ابن رسول اللَّه، أليس من قولك: إنّ الأنبياء معصومون؟

قال: بلى.

قال: فما معنى قول اللَّه- عزّ وجلّ-؟

... إلى أن قال: فأخبرني عن قول اللَّه- تعالى-: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا.

قال الرّضا- عليه السّلام-: يقول اللَّه- تعالى-: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ من قومهم، وظنّ قومهم أنّ الرّسل قد كذبوا جاء الرّسل نصرنا.

فقال المأمون: للّه درّك، يا أبا الحسن.

لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ: في قصص الأنبياء وأممهم. أو في قصّة يوسف وإخوته.

عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ: لذوي العقول المبرّأة من شوائب الإلف والرّكون إلى الحسّ.

ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى: ما كان القرآن حديثا يفترى.

وَ لكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: من الكتب الإلهيّة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : يعني من  كتب الأنبياء.

وَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْ‏ءٍ: يحتاج إليه في الدّين.

وَ هُدىً: من الضّلالة.

وَ رَحْمَةً: ينال بها خير الدّارين.

لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ : يصدّقونه