سورة الشّعراء الآية 141-160

كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ ، إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَ لا تَتَّقُونَ  إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ ،وَ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ، أَ تُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ : إنكار لأن يتركوا كذلك. أو تذكير  بالنّعمة في تخلية اللّه- تعالى- إيّاهم في أسباب تنعّمهم آمنين، ثمّ فسرّها بقوله:

فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ : لطيف ليّن للطف التّمر. أو لأنّ النّخل أنثى، وطلع إناث النّخل [ألطف.

و إفراد النّخل لفضله على سائر أشجار الجنان.]  أو لأنّ المراد بها غيرها من الأشجار.

وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ : بطرين. أو حاذقين، من الفراهة:

و هي النّشاط، فإنّ الحاذق يعمل بنشاط وطيب قلب.

و قرئ : «فرهين» وهو أبلغ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ :

استعير الطّاعة، الّتي هي انقياد الأمر، لامتثال الأمر. أو نسب حكم الآمر إلى أمره مجازا.

الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ: وصف موضّح لإسرافهم، ولذلك عطف وَلا يُصْلِحُونَ  على «يفسدون» دلالة على خلوص فسادهم.

قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ : الّذين سحروا كثيرا حتّى غلب على عقلهم. أو من ذوي السّحر، وهي الرّئة، أي: من الأناسيّ. [و المراد أنّه كثير]  فيكون. ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تأكيدا له.

فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  في دعواك.

قالَ هذِهِ ناقَةٌ: أي: بعد ما أخرجها اللّه- تعالى- من الصّخرة بدعائه، كما اقترحوها.

لَها شِرْبٌ: نصيب من الماء.

و قرئ ، بالضّمّ.وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ  فاقتصروا على شربكم ولا تزاحموها على شربها.

و في مجمع البيان : وروي عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- أنّه قال: إنّه أوّل عين نبعت في الأرض هي الّتي فجّرها اللّه- عزّ وجلّ- لصالح، فقال: لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ.

وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ، كضرب وعقر فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ  عظّم اليوم لعظم ما يحلّ فيه، وهو أبلغ من تعظيم العذاب.

فَعَقَرُوها أسند العقر إلى كلّهم لأنّ عاقرها إنّما عقرها برضاهم، ولذلك أخذوا جميعا.

فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ  على عقرها، خوفا من حلول العذاب لا توبة. أو عند معاينة العذاب، ولذلك لم ينفعهم.

و في نهج البلاغة : قال- عليه السّلام-: أيّها النّاس، إنّما يجمع النّاس الرّضا والسّخط. وإنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم اللّه بالعذاب لمّا عمّوه بالرّضا، فقال- سبحانه-: فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ. فما كان إلّا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السّكّة المحماة في الأرض الخوّارة.

 

فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ، أي: العذاب الموعود.

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ  وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ .

قيل : في نفي الإيمان عن أكثرهم [في هذا المعرض‏]  إيماء بأنّه لو آمن أكثرهم أو شطرهم لما أخذوا بالعذاب، وأنّ قريشا إنّما عصموا عن مثله ببركة من آمن منهم.كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ