أحكام الجماعة

لو وجد الإمام راكعاً :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا أدركت الإمام وقد ركع فكبّرت وركعت قبل أن يرفع رأسه فقد أدركت الركعة ، وإن رفع الإمام رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة »([1]) .

الفقهاء  :

عمل المشهور بهذه الرواية ، وما عداها فمتروك ، ويستحبّ للإمام إذا أحسّ بداخل أن يطيل ركوعه حتّى يلحق به .

إذا كبّر المأموم وركع ثمّ شكّ هل ركع هو قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع أو لا ؟ ينظر ، فإن كان الشكّ بعد أن انتهى هو من الركوع يمضي ولا يعتني بشكّه ؛ لأ نّه شكّ بعد التجاوز ، وإن حصل له هذا الشكّ وهو بعد في الركوع بطلت الصلاة واستأنفها من جديد .

وتسأل لماذا لا نجري استصحاب بقاء الإمام راكعاً إلى حين ركوع المأموم ونحكم بصحّة الصلاة ؟

الجواب  :

إنّ الاستصحاب إنّما يكون حجّة متّبعة إذا ترتّب عليه ابتداء ، وبلا واسطة أثر شرعي ، كاستصحاب بقاء الطهارة الّذي يترتّب عليه جواز الدخول بالصلاة شرعاً ، أمّا إذا ترتّب عليه لازم عقليّ لا أثر شرعيّ فلا يكون الاستصحاب حجّة ، كما هو الشأن فيما نحن فيه ، فإنّ استصحاب بقاء ركوع الإمام يلزمه أن يكون ركوع المأموم مقارناً له ، وبديهة أنّ المقارنة ليست من الآثار الشرعيّة بل من اللوازم العقليّة ، وعليه فلا يكون الاستصحاب حجّة .

__________________

[1] الوسائل 8 : 382 ، ب45 من أبواب صلاة الجماعة ، ح2 .

 

 

القراءة مع الإمام :

سئل الإمام  عليه‏السلام عن الركعتين الاُوليين يصمت ـ أي يخفت ـ فيهما الإمام : أيقرأ ـ  أي المأموم ـ بالحمد ؟ قال : « إن قرأت فلا بأس ، وإن سكتّ فلا بأس »([1]) .

وأيضاً سئل : أيقرأ الرجل في الاُولى والعصر خلف الإمام وهو لا يعلم أ نّه يقرأ ؟ فقال [  عليه‏السلام] : « لا ينبغي له أن يقرأ ، يكله إلى الإمام »([2]) .

الفقهاء  :

قالوا : إنّ الإمام لا يتحمّل القراءة عن المأموم في الركعة الثالثة من المغرب ، والأخيرتين من العشاء والظهرين . وأنّ المأموم مخيّر بين قراءة الفاتحة ، أو التسبيحات ، تماماً كالمنفرد ؛ لقول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « لا تقرأ خلفه في الاُوليين ، ويجزيك التسبيح في الأخيرتين »([3]) .

وأيضاً قالوا : إنّ الإمام يتحمّل القراءة عن المأموم في الركعتين الاُوليين ، ولكنّهم اختلفوا هل تحرم القراءة ولا تجوز إطلاقاً في الصلاة الجهريّة والاخفاتيّة ، أو تجوز كذلك بلا كراهة ، أو على كراهة ، أو لا بدّ من التفصيل بين الصلاة الجهريّة والاخفاتيّة ؟

قال صاحب مفتاح الكرامة : ( اختلف الفقهاء في هذه المسألة اختلافاً شديداً ، حتّى أنّ الفقيه الواحد اختلف مع نفسه )([4]) .

وقال صاحب المدارك : ( الأقوال في هذه المسألة منتشرة . . . وليس للتعرّض لها كثير فائدة )([5]) .

ونكتفي نحن بذكر ما ذهب إليه صاحب الجواهر من جواز القراءة في الركعتين الاُوليين على كراهة([6]) ، جمعاً بين الروايات الناهية والروايات المجيزة ، والجامع بينها قول الإمام  عليه‏السلام : « إن قرأت فلا بأس ، وإن سكتّ فلا بأس » . وقوله : « لا ينبغي له أن يقرأ » لأنّ لفظ « لا ينبغي » يشعر بالكراهة([7]) .

ومهما يكن فالأولى ترك القراءة ما دامت غير واجبة بالإتّفاق .

________________________

[1] الوسائل 8 : 359 ، ب31 من أبواب صلاة الجماعة ، ح13 .

[2] الوسائل 8 : 357 ، ب31 من أبواب صلاة الجماعة ، ح8 .

[3] الوسائل 8 : 357 ، ب31 من أبواب صلاة الجماعة ، ح9 .

[4] مفتاح الكرامة 3 : 445 .

[5] المدارك 4 : 323 .

[6] الجواهر 13 : 181 .

[7] الجمع بين الأدلّة المتضاربة ينحصر بأمرين : العرف والشرع ، والجمع العرفي هو حمل العامّ على

الخاصّ ، والمطلق على المقيّد ، فإذا قال الإمام  عليه‏السلام : « الماء ينجس بمماسّته للنجاسة » ، ثمّ قال : « الماء الكثير لا ينجّس بذلك » ، قلنا : إنّ المراد بالتنجّس من المماسّة الماء القليل ، ومن عدم التنجّس بها الماء الكثير ، والعرف لا يأبى ذلك ، بل يستحسنه ، أمّا الجمع الشرعي هو أن يوجد دليل ثالث من الشرع يجمع بين الأدلّة الشرعيّة المتنافية بظاهرها ، كما لو ورد عن الشرع قوله : لا تقرأ خلف الإمام ، وورد قول آخر : تجوز القراءة خلف الإمام ، ودليل ثالث يقول : لا تنبغي القراءة خلف الإمام ، كان هذا الثالث هو الجامع بين الاثنين ، ونقول : المراد جواز القراءة على كراهة [  منه  قدس‏سره ] .

 

 

المتابعة في الأفعال والأقوال :

قال رسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم : « إنّما جعل الإمام إماماً ليؤتمّ به ، فإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا »([1]) .

الفقهاء  :

أجمعوا على العمل بهذا الحديث الشريف . قال الشيخ الأنصاري في ملحقات المكاسب فضل صلاة الجماعة : ( يجب متابعة الإمام في الأفعال بالإجماع المستفيض ، والأصل في هذا الإجماع ما رواه السنّة عن الرسول الأعظم  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم : « إنّما جعل الإمام إماماً ليؤتمّ به » )([2]) .

والمراد بالمتابعة أن لا يسبق الإمام المأموم بشيء من أفعاله ، بل يتأخّر عنه يسيراً ، ويجوز أن يقارنه ما دام قاصداً أن يربط فعله بفعل الإمام .

_____________________

[1] سنن البيهقي 3 : 112 ـ 113 ، ح5071 .

[2] كتاب الصلاة 2 : 485 .

 

 

لو ركع قبل الإمام :

وإذا سبق المأموم الإمام إلى الركوع أو السجود ، فلا يخلو إمّا أن يفعل ذلك عمداً ، وإمّا سهواً ، فإن كان عن عمد بقي على حاله حتّى يلحقه الإمام ويتمّ الصلاة معه وتقع صحيحة ، ولكنّه يكون آثماً لمكان العمد والقصد ؛ لأنّ المتابعة في الأفعال واجبة بنفسها وجوباً مستقلاًّ ، وليست شرطاً في صحّة الجماعة ، ولا في صحّة الصلاة.

ولا يجوز له أن يرجع ويركع أو يسجد ثانية مع الإمام ؛ لأ نّه يستدعي الزيادة العمديّة ، وهي مبطلة بالإجماع حتّى في هذا الحال .

وإن سجد أو ركع سهواً قبل الإمام عاد إلى الإمام وركع أو سجد معه ؛ لأنّ الإمام الرضا حفيد الإمام الصادق  عليهماالسلام سئل عن الرجل يكون خلف إمام يأتمّ به فركع قبل أن يركع الإمام وهو يظنّ أنّ الإمام قد ركع فلمّا رآه لم يرفع رأسه أعاد ركوعه مع الإمام ، أيفسد عليه صلاته أم تجوز الركعة ؟ فقال : « تتمّ صلاته بما صنع ولا تفسد »([1]) .

وبما أنّ الأدلّة الدالّة على بطلان الصلاة بزيادة الركن سهواً مطلقة وشاملة لصلاة المفرد وصلاة الجماعة ، وهذه الرواية خاصّة ومقيّدة بصلاة الجماعة ، فيجب تقييد الإطلاق وحمل تلك على هذه . وتكون النتيجة أنّ زيادة الركن سهواً مبطلة في المنفرد دون الجماعة .

هذا هو حكم المتابعة في الأفعال ، أمّا المتابعة في الأقوال فقد اتفق الفقهاء على وجوبها في تكبيرة الإحرام ، واختلفوا في غيرها من القراءات ، فذهب الأكثرون إلى عدم وجوب المتابعة فيها ، كما جاء في كتاب مفتاح الكرامة([2]) .

____________________

[1] الوسائل 8 : 391 ، ب48 من أبواب صلاة الجماعة ، ح4 .

[2] مفتاح الكرامة 3 : 459 .

 

 

لو رفع رأسه قبل الإمام :

الفرض السابق كان في ركوع أو سجود المأموم قبل الإمام ، والفرض هنا بالعكس ، أي في رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام .

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل صلّى مع إمام يأتمّ به ثمّ رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الإمام رأسه من السجود ؟ قال : « فليسجد »([1]) .

وسئل حفيده الإمام الرضا  عليه‏السلام عن رجل يركع مع إمام يقتدي به ثمّ يرفع رأسه قبل الإمام ؟ قال : « يعيد ركوعه معه »([2]) .

والحكم هنا هو الحكم في الفرض السابق ، فإنّهما من وادٍ واحد على حدّ تعبير صاحب مفتاح الكرامة([3]) ، فإن رفع رأسه عمداً وجب أن ينتظر الإمام ، ثمّ يسري معه فإن عاد إلى الركوع أو السجود والحال هذه بطلت صلاته لمكان الزيادة العمديّة .

وإن رفعه سهواً عاد إلى الركوع أو السجود مع الإمام ، واغتفرت هذه الزيادة في صلاة الجماعة ؛ لهاتين الروايتين المقيّدتين للأدلّة الدالّة على أنّ زيادة الركوع والسجود سهواً مبطلة ، ويختصّ البطلان في صلاة المفرد فقط .

وتقول : إنّ الروايتين المذكورتين أوجبتا العودة إلى الركوع والسجود إطلاقاً وبدون تفصيل بين العمد والسهو ، فعلى أيّ شيء استند الفقهاء حين فصّلوا وفرّقوا بينهما ؟

الجواب  :

أجل ، أنّ لفظ الروايتين بما هو يشمل العامد والناسي ، ولكن لمّا كان الغالب أنّ المأموم لا يرفع رأسه من الركوع والسجود قبل الإمام إلاّ سهواً ، فقد أجرى الفقهاء اللفظ مجرى الغالب ، هذا إلى أنّ قيام الإجماع على أنّ العامد لا يعود إلى الركوع والسجود يخصّص الروايتين في السهو فقط .

__________________

[1] الوسائل 8 : 390 ، ب48 من أبواب صلاة الجماعة ، ح1 .

[2] الوسائل 8 : 390 ، ب48 من أبواب صلاة الجماعة ، ح2 .

[3] مفتاح الكرامة 3 : 461 .

 

 

الإمام النجس :

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وكان يؤمّهم في الصلاة رجل فلمّا صاروا إلى الكوفة علموا أ نّه يهوديّ ؟ قال : « لا يعيدون »([1]) .

وسئل أبوه الإمام الباقر  عليه‏السلام عن قوم صلّى بهم إمامهم وهو على غير طهر أتجوز صلاتهم أو يعيدونها ؟ قال : « لا إعادة عليهم ، تمّت صلاتهم ، وعليه هو الإعادة ، وليس عليه أن يعلمهم ، هذا عنه موضوع »([2]) .

الفقهاء  :

اتّفقوا على العمل بهاتين الروايتين ، وقد ذكرنا في أوصاف الإمام أنّ الإيمان والعدالة شرط في إمام الجماعة ، ولا بدّ هنا من التنبيه إلى أنّ هذا الشرط إنّما هو شرط علمي لا واقعي ، تماماً كالنجاسة الخبثيّة ، فمن صلّى بصلاة الفاسق عالماً بفسقه بطلت صلاته لمكان النهي عنها ، وإذا صلّى بصلاته واثقاً من دينه وأمانته ثمّ تبيّن العكس صحّت صلاته ، ولذا لا يجب على الإمام أن ينبّه المأموم إذا تبيّن له أ نّه كان قد صلّى بغير طهارة ، حتّى ولو نبّهه لا تجب الإعادة على المأموم ، بل تجب على الإمام فقط.

______________________

[1] الوسائل 8 : 374 ، ب37 من أبواب صلاة الجماعة ، ح1 .

[2] الوسائل 8 : 372 ، ب36 من أبواب صلاة الجماعة ، ح5 .

 

 

لا مجتهد ولا مقلّد :

لو أنّ معمّماً اعتقد بنفسه الاجتهاد وهو في الواقع جاهل مركّب يكون عمله فاسداً ؛ لأ نّه عمل بغير تقليد ولا اجتهاد ، وعلى هذا فمن صلّى خلفه عالماً بحاله تبطل صلاته . اللّهم إلاّ إذا كانت مطابقة للواقع وعلى وفقه بحيث أتى الإمام بكلّ ما يُحتمل وجوبه من الأجزاء والشروط .

ولا فرق في ذلك بين الجاهل القاصر والمقصّر ؛ لأنّ الصحّة والفساد من الأحكام الوضعيّة([1]) التي لا فرق فيها بين الكبير والصغير ، ولا بين العاقل والمجنون إلاّ بالمؤاخذة والعقاب .

وبهذه المناسبة أذكر بعض ما جرى بيني وبين شيخ من الأحناف ، وكنت اُحاوره ، فقد قلت له فيما قلت :

هل أنت مجتهد أو مقلّد ؟

قال : بل مقلّد .

قلت : ولمن ؟

قال : لأبي حنيفة .

قلت : إنّ أبا حنيفة لا يجيز التقليد ، وعلى هذا فأنت غير مجتهد ولا مقلّد فضحك وكفى .

ولو علم هذا الشيخ بحالنا لأجاب بأنّ هذا يرد على الكثيرين منكم ممّن يدّعون الاجتهاد وهم ليسوا بأهل ؛ لأنّ عملهم بلا اجتهاد ولا تقليد .

________________________

[1] في الطبعات السابقة « الوصفيّة » والصحيح ما أثبتناه .

 

 

لو خاف فوات الركعة :

إذا دخل المصلّي موضعاً تقام فيه الجماعة فوجد الإمام راكعاً وخاف أن يفوته الركوع إذا لحق بالصفّ فماذا يصنع ؟

الجواب  :

ينوي ويكبّر ويركع في موضعه ثمّ يمشي في ركوعه حتّى يلحق بالصفّ فلقد سئل الإمام  عليه‏السلام عن الرجل يدخل المسجد فيخاف أن يفوته الركوع ؟ قال : « يركع قبل أن يبلغ إلى القوم ، ويمشي وهو راكع حتّى يبلغهم »([1]) .

والأفضل أن ينبّه الإمام بقوله : يااللّه‏ وما إلى ذلك كي يطيل الإمام الركوع ، اللّهم إلاّ إذا كانت الصفوف كثيرة وتعذّر التنبيه .

_________________________

[1] الوسائل 8 : 384 ، ب46 من أبواب صلاة الجماعة ، ح1 .

 

 

قطع الصلاة :

قال الإمام  عليه‏السلام : « إن كنت في صلاة نافلة واُقيمت الصلاة فاقطعها وصلّ الفريضة مع الإمام »([1]) .

وسئل عن رجل دخل المسجد فافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلّي أذّن المؤذّن وأقام الصلاة ـ أي الجماعة ـ ؟ قال [  عليه‏السلام] : « فليصلّ ركعتين ، ثمّ يستأنف الصلاة مع الإمام ، ولتكن الركعتان تطوّعاً »([2]) .

الفقهاء  :

قالوا : إذا شرع المأموم بالنافلة فأحرم الإمام واُقيمت الجماعة قطعها المأموم واستأنف مع الإمام الفريضة إن خشي الفوات ، وإن كانت الصلاة التي شرع فيها فريضة نقل نيّته إلى النافلة ، كلّ ذلك لأهمّية الجماعة في نظر الشريعة([3]) .

وقال الفقهاء : لا يجوز العدول من نيّة الإنفراد في الصلاة إلى نيّة الجماعة ، ويجوز العكس ، أي العدول من الجماعة إلى الإنفراد .

______________________

[1] المستدرك 6 : 497 ، ب44 من أبواب صلاة الجماعة ، ح1 .

[2] الوسائل 8 : 405 ، ب56 من أبواب صلاة الجماعة ، ح1 .

[3] في الطبعات السابقة « الشرعيّة » والصحيح ما أثبتناه .

 

 

لو سبقه الإمام :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا فاتك شيء مع الإمام فاجعل أوّل صلاتك ما استقبلت منها ـ أي ما بقي منها ـ ولا تجعل أوّل صلاتك آخرها »([1]) .

وقوله  عليه‏السلام : « لا تجعل أوّل صلاتك آخرها » هو نهي عمّا عليه الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة الّذين قالوا : إنّ على المأموم في مثل هذه الحال أن يقدّم المؤخّر ، ويؤخّر المقدّم ، فيجعل ما يصلّيه مع الإمام الّذي أدركه في الركعة الأخيرة آخر صلاته ، وما يصلّيه بعد الإمام أوّل صلاته([2]) .

وقال أبوه الإمام الباقر  عليه‏السلام : « إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف إمام جعل أوّل ما أدرك أوّل صلاته ، فإن أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه باُمّ الكتاب وسورة ـ لأنّ الإمام لا يتحمّل القراءة عن المأموم في ركعتيه الأخيرتين ـ فإن لم يدرك السورة تامّة أجزأته اُمّ الكتاب ، فإذا سلّم الإمام قام فصلّى ركعتين لا يقرأ فيهما ؛ لأنّ الصلاة إنّما يقرأ فيها في الاُوليين في كلّ ركعة باُمّ الكتاب وسورة ، وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما ، إنّما هو تسبيح وتهليل ودعاء ، وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الإمام ، فإذا سلّم الإمام قام

فقرأ باُمّ الكتاب وسورة ، ثمّ قعد فتشهّد ، ثمّ قام فصلّى ركعتين ليس فيهما قراءة »([3]) أي لا يتعيّن عليه قراءة الفاتحة فيهما ، بل هو مخيّر بينها وبين التسبيح ، كما تدلّ على ذلك الروايات الاُخر التي أشرنا إليها في القراءة .

الفقهاء  :

قالوا : إذا حضر المأموم الجماعة ورأى أنّ الإمام قد سبقه بركعة أو أكثر نوى وكبّر وصلّى مع الإمام ما يدركه ، وجعله أوّل صلاته ، وأتمّ ما بقي عليه حسب تكليفه الشرعي ، تماماً كما لو كان منفرداً من أوّل الصلاة .

وعلى هذا فإن أدركه في الركعة الثانية جعلها المأموم الركعة الاُولى من صلاته ، ولا يقرأ فيها شيئاً ؛ لأنّ الإمام يتحمّل القراءة عن المأموم في الاُولى والثانية ، والمفروض أ نّها ثانية الإمام . ويقرأ المأموم في ثالثة الإمام التي هي ثانية للمأموم ؛ لأنّ الإمام لا يتحمّل القراءة في الثالثة والرابعة ، وإن أدركه في الثالثة أو في الرابعة قرأ المأموم فيهما . هذا إذا أدركه قبل أن يركع ، أمّا إذا أدركه وهو راكع كبّر وركع معه ، وسقطت القراءة .

وإذا ضاق الوقت عن قراءة الحمد والسورة بحيث لو قرأهما المأموم سبقه الإمام إلى الركوع اكتفى بالحمد خاصّة . ويجب أن يخفت المأموم خلف الإمام ، حتّى ولو كانت الصلاة جهريّة كالمغرب والعشاء ؛ لقول الإمام  عليه‏السلام : « قرأ ممّا أدرك خلف الإمام في نفسه باُمّ الكتاب »([4]) .

______________________

[1] الوسائل 8 : 387 ، ب47 من أبواب صلاة الجماعة ، ح1 .

[2] المجموع 4 : 220 .

[3] الوسائل 8 : 388 ب47 من أبواب صلاة الجماعة ، ح4 .

[4] الوسائل 8 : 388 ، ب47 من أبواب صلاة الجماعة ، ح4 .

 

 

الأولى بالإمامة :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إنّ النبيّ  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم قال : يتقدّم القومَ أقرأهم للقرآن ، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة ـ أي أسبقهم إلى الإيمان ـ فإن كانوا في

الهجرة سواء فأكبرهم سنّاً ، فإن كانوا في السنّ سواء فليؤمّهم أعلمهم بالسنّة وأفقههم في الدين ، ولا يتقدّمن أحدكم الرجل في منزله ، وصاحب السلطان في سلطانه »([1]) .

وعنه   عليه‏السلام : « أنّ النبيّ  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم نهى أن يؤمّ الرجل قوماً إلاّ بإذنهم »([2]) .

الفقهاء  :

قالوا : إذا تعدّدت الأ ئمّة فإمام المسجد أولى من غيره في التقديم ، وكذا صاحب المنزل ومن يرتضيه المأمومون أولى ممّن لا يرتضونه وإن كان أعلم ، والأقرأ يقدّم على غير الأقرأ وإن كان أعلم ، والأسبق إيماناً على غيره ، والأسنّ ، والأصبح وجهاً ، وكذا الهاشمي أولى ؛ إكراماً لأجداده الكرام ، وإلاّ فلا دليل عليه ، كما قال صاحب المسالك([3]) وصاحب مصباح الفقيه([4]) .

ونقل صاحب الجواهر عن كتاب الروض أنّ أكثر المتقدّمين لم يذكروه إطلاقاً ([5]) .

______________________

[1] الوسائل 8 : 351 ، ب28 من أبواب صلاة الجماعة ، ح1 .

[2] الوسائل 8 : 349 ، ب27 من أبواب صلاة الجماعة ، ح2 .

[3] المسالك 1 : 315 .

[4] مصباح الفقيه  الصلاة  : 683 ( حجريّة) .

[5] الجواهر 13 : 353 .

 

 

يرجع الشاكّ إلى الحافظ :

إذا شكّ المأموم وحفظ الإمام أو شكّ الإمام وحفظ المأموم رجع الشاكّ منهما إلى الحافظ .

قال الشيخ الهمداني في مصباح الفقيه : ( بلا خلاف في شيء منهما على الظاهر في الجملة ، ويدلّ عليه قول الإمام  عليه‏السلام : ليس على الإمام سهو ، ولا على من خلف الإمام سهو )([1]) .

__________________

[1] مصباح الفقيه  الصلاة  : 577 ( حجريّة) .