أصناف الحجّ

ثلاثة أصناف :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « الحجّ ثلاثة أصناف : حجّ مفرد ، وقران ، وتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، وبها أمر رسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ولا نأمر إلاّ بها »([1]) .

وقال أبوه الإمام الباقر  عليه‏السلام : « الحاجّ على ثلاثة وجوه : رجل أفرد الحجّ وساق الهدي ، ورجل أفرد الحجّ ولم يسق الهدي ، ورجل تمتّع بالعمرة إلى الحجّ »([2]) .

الفقهاء :

واستناداً إلى هاتين الروايتين وغيرهما قسّم الفقهاء الحجّ إلى تمتّع وإفراد وقران .

__________________

[1] الوسائل 11 : 211 ، ب1 من أبواب أقسام الحجّ ، ح1 .

[2] الوسائل 11 : 212 ، ب1 من أبواب أقسام الحجّ ، ح3 .

 

 

حجّ التمتّع :

يتأ لّف حجّ التمتّع من العمرة والحجّ معاً ، وهذه صورته :

1 و 2 ـ  النيّة والإحرام من أحد المواقيت التي يأتي بيانها .

3 ـ  الطواف حول البيت سبعاً .

4 ـ  صلاة ركعتي الطواف .

5 ـ  السعي بين الصفا والمروة سبعاً .

6 ـ  التقصير ، وهو أخذ شيء من الشعر أو الأظفار .

ومتى أتى بذلك كلّه حلّ له كلّ شيء حتّى النساء ، وهذه الأعمال بمجموعها هي العمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ ، وحجّ التمتّع يتأ لّف منها ، وممّا يلي:

1 ـ  ينشئ الحاجّ المتمتّع إحراماً آخر من مكّة في وقت يمكنه فيه أن يدرك الوقوف بعرفات حين الزوال من اليوم التاسع من ذي الحجّة ، والأفضل أن يحرم يوم التروية ، وهو اليوم الثامن من ذي الحجّة ، وأن يكون الإحرام تحت ميزاب الكعبة .

2 ـ  الوقوف في عرفات من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجّة إلى المغرب ، وتبعد عرفات أربعة فراسخ عن مكّة.

3 ـ  الوقوف في المزدلفة يوم العيد الأضحى من الفجر إلى طلوع الشمس .

4 ـ  رمي الجمار في منى .

5 ـ  النحر أو الذبح في منى يوم العيد .

6 ـ  الحلق أو أخذ شيء من الشعر أو الظفر في منى .

7 ـ  الرجوع إلى مكّة وطواف الحجّ .

8 ـ  صلاة ركعتي الطواف .

9 ـ  السعي بين الصفا والمروة .

10 ـ  طواف النساء.

11 ـ  صلاة ركعتي الطواف .

12 ـ  الرجوع إلى منى ، والمبيت فيها ليلة الحادي عشر ، والثاني عشر .

13 ـ  رمي الجمار الثلاث في اليومين المذكورين .

وبهذا يتبيّن معنى أنّ حجّ التمتّع فيه إحرامان وسعيان وثلاثة أطوفة : الأوّل للعمرة ، والثاني للحجّ ، والثالث للنساء .

 

 

التمتّع للبعيد عن مكّة :

قال تعالى :  فَإِذَا أَمِنتُم فَمنَ تَمَتَّعَ بِالعُمرَةِ إلَى الحَجِّ فَمَا استَيسَرَ مِنَ الهَدي فَمَن لَّم يَجِد فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أ يَّامٍ في الحَجِّ وَسبعةٍ إذَا رَجَعتُم تِلكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّم يَكُن أهلُهُ حَاضِرِي المَسجِدِ الحرامِ ([1]) .

وقال الإمام الصادق عليه‏السلام : « من حجّ فليتمتّع ، إنّا لا نعدل بكتاب اللّه‏ وسنّة نبيّه »([2]) .

وقال [  عليه‏السلام] : « ما نعلم حجّاً للّه‏ غير المتعة ، إنّا إذا لقينا ربّنا قلنا : عملنا بكتابك وسنّة نبيّك ، وقال القوم : عملنا برأينا ، فليجعلنا اللّه‏ وإيّاهم حيث يشاء »([3]) .

أشار الإمام  عليه‏السلام بالقوم إلى السنّة الّذين قالوا : يجوز للبعيد عن مكّة النسك والحجّ بأيّ الأنواع الثلاثة ، وهو مخالفة صريحة لنصّ القرآن الّذي جعل التمتّع بالحجّ فرضاً  لِمَن لَّم يَكُن أَهلُهُ حَاضِرِي المَسجِدِ الحَرَامِ  أي أهل مكّة وضواحيها .

الفقهاء :

أجمعوا قولاً واحداً على أنّ فرض من بعد عن مكّة هو حجّ التمتّع ، ولا يجوز له الإفراد والقران إلاّ لضرورة .

قال صاحب الجواهر : ( بإجماع علمائنا ، والمتواتر من نصوصنا ، بل لعلّه من ضرورات مذهبنا ، نعم في تحديد البعد خلاف بيننا . . . فمن قائل : إنّ البعد عن مكّة يحدّد بـ « 11 » ميلاً ، وقائل بـ « 48 » ميلاً )([4]) .

________________________

[1] البقرة : 196 .

[2] الوسائل 11 : 243 ، ب3 من أبواب أقسام الحجّ ، ح14 .

[3] الوسائل 11 : 242 ، ب3 من أبواب أقسام الحجّ ، ح7 .

[4] الجواهر 18 : 5 ـ 6 .

 

 

الإفراد والقران :

قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « المفرد للحجّ عليه طواف بالبيت ، وركعتان عند مقام إبراهيم ، وسعي بين الصفا والمروة ، وطواف الزيارة وهو طواف النساء ، وليس عليه هدي ولا اُضحية »([1]) .

وقال [  عليه‏السلام] : « إنّما نسك الّذي يقرن مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه إلاّ بسياق الهدي »([2]) .

الفقهاء :

قالوا : حجّ الإفراد أن يحرم من منزله إن كان منزله أقرب إلى مكّة من الميقات ، ومن الميقات إن كان الميقات أقرب إلى مكّة من منزله ، ثمّ يمضي توّاً إلى عرفات فيقف فيها ، ومنها إلى المشعر فيقف فيه ، ثمّ إلى منى فيقضي مناسكه ، ومنها إلى مكّة فيطوف بالبيت ويصلّي ركعتين ، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة ، ثمّ يطوف طواف النساء ويصلّي ركعتين .

قال صاحب الجواهر : ( بلا خلاف أجده في شيء من ذلك نصّاً وفتوىً )([3]) .

وعليه بعد هذا الحجّ أن يأتي بعمرة مفردة ، وله أن يوقعها بعد الحجّ بلا فاصل ، وأن يؤخّرها إلى غير أشهر الحجّ .

أمّا حجّ القران فهو وحجّ الإفراد شيء واحد لا يفترقان إلاّ في أنّ القارن يسوق الهدي عند إحرامه ويلزمه أن يهدي ما ساقه ، أ مّا حجّ الإفراد فليس فيه هدي كما قال الإمام  عليه‏السلام .

________________

[1] الوسائل 11 : 213 ، ب2 من أبواب أقسام الحجّ ، ذيل الحديث 1 ، 2.

[2] الوسائل 11 : 218 ، ب2 من أبواب أقسام الحجّ ، ح6 ، وفيه : « الّذي يقرن بين الصفا والمروة مثل . . . » .

[3] الجواهر 18 : 43 .

 

 

مسائل :

1 ـ  يجوز لمن نوى حجّة الإفراد أن يعدل عنها اختياراً إلى التمتّع بعد دخوله إلى مكّة ، بلا خلاف ؛ للنصوص المتظافرة ، كما قال صاحب الجواهر([1]) ، ولا يجوز ذلك للقارن ؛ لأنّ حجّ القران تعيّن عليه بسياق الهدي .

2 ـ  إذا بَعدُ المكّيّ عن أهله ولدى عودته صادف وقت الحجّ فعليه أن يحرم من الميقات ، وله أن يحجّ بهذا الإحرام حجّ التمتّع عند المشهور بشهادة صاحب الجواهر والحدائق([2]) .

3 ـ  إذا أقام الغريب البعيد في مكّة سنتين يبقى فرضه التمتّع ، ولا ينتقل إلى غيره ، وعليه أن يحرم من الميقات إذا أراد حجّ الإسلام ، ولا ينتقل فرضه إلى القران أو التمتّع إلاّ إذا دخل في السنة الثالثة .

4 ـ  ومن كان له منزل في مكّة أو ضواحيها ومنزل آخر ناءٍ عنها ينظر ، فإن كانت إقامته في أحدهما أكثر من الآخر لزمه حكم الأكثر الأغلب ، وإن تساوت الإقامة بين المنزلين اختار أيّ الأنواع يشاء.

_______________________________

[1] الجواهر 18 : 71 .

[2] الجواهر 18 : 79 . الحدائق 14 : 406 .