الأذان والإقامة

حكمة الأذان  :

الأذان في اللغة الإعلام ، وفي الشريعة أذكار مخصوصة تشير إلى دخول وقت الصلاة ، وتعلن أهم شعار من شعائر الإسلام والمسلمين ، وبه يعرفون عن غيرهم ، فأ يّة طائفة تنسب نفسها إلى الإسلام ولا تعلن من على المآذن نداء « لا إله إلاّ اللّه‏ محمّد رسول اللّه‏ » فهي كاذبة في دعواها .

وعن جماعة من علماء المسلمين القدامى : أنّ الأذان على قلّة ألفاظه يشتمل على مسائل العقيدة الإسلاميّة ؛ لأ نّه بدأ بـ « اللّه‏ أكبر » وهو يتضمّن وجود اللّه‏ وكماله ، وثنّى بـ « لا إله إلاّ اللّه‏ » وهو إقرار بالتوحيد ونفي الشرك ، ثمّ ثلّث بـ « أنّ محمّداً رسول اللّه‏ » وهو اعتراف له بالرسالة ، ثمّ بـ « حيّ على الصلاة » وهو دعوة إلى عمود الدين ، ثمّ الدعوة إلى الهداية والفلاح ، ثمّ الحثّ على الأعمال الخيّرة ، وأكّد ذلك بالتكرار .

 

 

تشريع الأذان  :

شرّع الأذان في السنة الاُولى من هجرة الرسول  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ، وهو على قسمين :

أذان الإعلام بدخول الوقت ، وأذان للصلاة اليوميّة المفروضة ، والأوّل لا يشترط فيه نيّة القربة ولا الطهارة أيضاً ، ولا بدّ من الثاني من نيّة القربة . وقد جرت السيرة واستمرّ العمل على الإتيان به بعد الوضوء ، وحين إرادة الشروع بالصلاة .

وجاء في سبب تشريعه طريقان :

أحدهما للسنّة ، وهو أنّ عبداللّه‏ بن زيد رأى صورة الأذان في المنام ، ونقلها إلى رسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم وأقرّها الرسول  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم كما رأها عبداللّه‏ في منامه([1]) .

الطريق الثاني للشيعة : وهو أنّ اللّه‏ أوحى بصورة الأذان وفصوله إلى نبيّه بواسطة جبريل ، تماماً كما أوحى إليه بصورة الصلاة وغيرها من العبادات والأحكام ، وقالوا : أمّا أخذ الأذان من رؤيا عبداللّه‏ بن زيد فلا ريب في بطلانه ؛ لأنّ الاُمور الشرعيّة مستفادة من الوحي ، بخاصّة المهم منها كالأذان . وقال الإمام الصادق  عليه‏السلاممستنكراً : « ينزل الوحي على نبيّكم فتزعمون أ نّه أخذ الأذان من عبد اللّه‏ بن زيد ؟ !»([2]) .

__________________

[1] فتح الباري 2 : 62 .

[2] الوسائل 5 : 370 ، ب1 من أبواب الأذان والإقامة ، ح3 .

 

 

صورة الأذان  :

ثبت بالإجماع أنّ الإمام الصادق  عليه‏السلام كان يؤذّن هكذا :

اللّه‏ أكبر ، اللّه‏ أكبر ، اللّه‏ أكبر ، اللّه‏ أكبر .

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‏ ، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‏ .

أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه‏ ، أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه‏ .

حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة .

حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح .

حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل .

اللّه‏ أكبر ، اللّه‏ أكبر .

لا إله إلاّ اللّه‏ ، لا إله إلاّ اللّه‏([1]) .

واتّفقوا جميعاً على أنّ قول : « أشهد أنّ عليّاً وليّ اللّه‏ » ليس من فصول الأذان وأجزائه ، وأنّ من أتى به بنيّة أ نّه من الأذان فقد أبدع في الدين وأدخل فيه ما هو خارج عنه ، ومن أحبّ أن يطّلع على أقوال كبار العلماء وإنكارهم ذلك فعليه بالجزء الخامس من مستمسك الحكيم « فصل الأذان والإقامة »([2]) فإنّه نقل منها طرفاً غير يسير ، ونكتفي نحن بما جاء في اللمعة الدمشقيّة وشرحها للشهيدين .

وهذا هو بنصّه الحرفي : ( لا يجوز اعتقاد شرعيّة غير هذه الفصول في الأذان والإقامة كالشهادة بالولاية لعليّ  عليه‏السلام ، وأنّ محمّداً وآله خير البريّة أو خير البشر وإن كان الواقع كذلك ، فما كلّ واقع حقّاً يجوز إدخاله في العبادات الموظّفة شرعاً المحدودة من اللّه‏ تعالى ، فيكون إدخال ذلك بدعة وتشريعاً ، كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهّداً ونحو ذلك من العبادات . وبالجملة : فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان ، قال الصدوق : إنّ ذلك من وضع المفوّضة ، وهم طائفة من الغلاة )([3])([4]) .

________________

[1] الوسائل 5 : 414 ، ب19 من أبواب الأذان والإقامة ، ح5 .

[2] المستمسك 5 : 544 .

[3] الروضة 1 : 240 .

[4] من البيّن أنّ ذكر الشهادة الثالثة مندوب إليه ، حيث ذهب الفقهاء والمحدّثون طوال التأريخ إلى ذلك ، حتّى أصبح واحداً من شعائر الطائفة المحقّة ، ولذلك اكتسب هذا الجانب عنواناً ثانويّاً من حيث الحرص على ممارسته في الأذان .

 

 

صورة الإقامة  :

أجمعوا على أنّ صورة الإقامة هكذا :

اللّه‏ أكبر ، اللّه‏ أكبر .

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‏ ، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه‏ .

أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه‏ ، أشهد أنّ محمّداً رسول اللّه‏ .

حيّ على الصلاة ، حيّ على الصلاة .

حيّ على الفلاح ، حيّ على الفلاح .

حيّ على خير العمل ، حيّ على خير العمل .

قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة .

[ اللّه‏ أكبر ، اللّه‏ أكبر ]([1]) .

لا إله إلاّ اللّه‏([2]) .

وأجمعوا كلمة واحدة أنّ الأذان والإقامة لا يجوزان ولا يشرعان إلاّ للفرائض اليوميّة الخمس دون غيرها من الصلوات ، واجبة كصلاة الآيات ، أو مستحبّة كأيّة صلاة يرجّح فعلها ويجوز تركها ، وأ نّهما يستحبّان مؤكّداً بخاصّة الإقامة للمكتوبة اليوميّة ، قضاءً وأداءً ، للرجل والمرأة ، والمنفرد والجماعة ، إلاّ للجماعة الثانية إن لم تتفرّق الاُولى ، وإلاّ للمنفرد إذا جاء ، وصفوف الجماعة لم تنفضّ أيضاً ، فإنّه يصلّي بلا أذان وإقامة . ولا يجوز الأذان إلاّ بعد دخول الوقت ، سوى أذان الصبح فقد رخّص أهل البيت عليهم‏السلام تقديمه على الوقت في رمضان وغير رمضان ، ولكن يستحبّ إعادته عند الوقت .

ويصحّ الاعتماد في دخول الوقت على أذان المؤذّن العارف ، شيعيّاً كان أم سنّياً ، فقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن أذان السنّة ؟ فقال : « صلّ بأذانهم ، فإنّهم أشدّ شيء مواظبة على الوقت »([3]) . وقال أمير المؤمنين عليّ  عليه‏السلام : « المؤذّن مؤتمن ، والإمام مؤتمن »([4]) .

_______________

[1] ما بين المعقوفين ليس في الطبعات السابقة .

[2] هذه الصورة للإقامة لم ترد بالنصّ الحرفي في كلمات أهل البيت  عليهم‏السلام كما هي الحال في الأذان ، ولكنّ الفقهاء استخرجوها من روايات شتّى بخاصّة رواية الجعفي [  منه  قدس‏سره ] . انظر الوسائل 5  :  413 ، ب19 من أبواب الأذان والإقامة .

[3] الوسائل 5 : 378 ، ب3 من أبواب الأذان والإقامة ، ح1 .

[4] الوسائل 5 : 378 ، ب3 من أبواب الأذان والإقامة ، ح2 ، وفيه : « والإمام ضامن » .

 

 

شروط الأذان والإقامة  :

ويشترط فيهما نيّة التقرّب إلى اللّه‏ سبحانه ؛ لأ نّهما عبادة ما عدا أذان الإعلام والعقل والإسلام ، والفوريّة والموالاة بين الفصول والأجزاء ، وتقديم الأذان على الإقامة ، واللغة العربيّة ، ودخول الوقت ما عدا أذان الفجر . أمّا الوضوء فهو شرط في الإقامة دون الأذان ؛ لقول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « لا بأس أن يؤذّن الرجل من غير وضوء ، ولا يقيم إلاّ وهو على وضوء »([1]) .

_________________

[1] الوسائل 5 : 391 ، ب9 من أبواب الأذان والإقامة ، ح2 .