الصوم والقضاء

من تتبّع آثار أهل البيت  عليهم‏السلام وأقوال الفقهاء في الصوم وتوابعه يجد أنّ لتناول المفطر في رمضان حالات : منها : ما لا يوجب قضاء ولا كفّارة ، كمن أكل ذاهلاً عن صيامه . ومنها : ما يوجب القضاء والكفّارة معاً ، كمن أكل عالماً عامداً ، وتقدّم الكلام مفصّلاً في فصل « الكفّارة » . ومنها : ما يوجب الكفّارة دون القضاء . ومنها : ما يوجب القضاء دون الكفّارة . ويتعرّض هذا الفصل للأخيرين وما يتّصل بهما ويناسبهما.

 

 

كفّارة بلا قضاء:

تجب الكفّارة دون القضاء في الموارد التالية :

1 ـ الشيخ والشيخة الطاعنان في السنّ إذا كان في الصوم مشقّة زائدة عليهما ، وانهيار في قواهما فلهما والحال هذه أن يصوما ويضاعف لهما الأجر ، ولهما أن يفطرا ويكفّرا عن كلّ يوم بإطعام مسكين ، ولا قضاء عليهما.

قال الإمام الباقر أبو الإمام الصادق  عليهماالسلام : « الشيخ الكبير والّذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان ، ويتصدّق كلّ منهما عن كلّ يوم بمدّ من طعام ، ولا قضاء عليهما »([1]) . وقيل : إنّ الآية ( 184 ) من سورة البقرة نزلت في ذلك ، وهي قوله تعالى :  وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِديَةٌ طَعَامُ مِسكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيراً فَهُوَ خَيرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَّكُم إن كُنتُم تَعلَمُونَ  . ومعنى « من تطوّع خيراً » من زاد على

إطعام المسكين.

2 ـ  من به داء العُطاش ـ وهو داء لا يروى صاحبه من الماء ـ فإنّه يفطر ويكفّر بمدّ ولا يقضي ، تماماً كالشيخ والشيخة . وقيل : إذا شفي يقضي ؛ لأنّ الأدلّة الدالّة على وجوب القضاء تشمله([2]) . ونجيب بأ نّها إذا شملته بحسب الظاهر فإنّها مقيّدة بقول الإمام  عليه‏السلام : « لا قضاء على الشيخ الكبير ، ومن به العطاش »([3]) .

3 ـ  إذا تمرّض في شهر رمضان واستمرّ المرض في شهر رمضان لآخر فلا قضاء عليه ، ولكن يكفّر بمدّ عن كلّ يوم . فقد سئل الإمام الباقر  عليه‏السلام عن الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض ولا يصحّ حتّى يدركه شهر رمضان آخر ؟ قال : « يتصدّق عن الأوّل ويصوم الثاني »([4]) .

4 ـ  إذا نسي غسل الجنابة أيّام شهر رمضان كلّه أو بعضه ثمّ تذكّر فإنّ الّذي يقتضيه الأصل أن يقضي الصلاة دون الصوم ؛ لأنّ الطهارة من الحدث الأكبر شرط واقعيّ في الصلاة ، وليست شرطاً في الصوم إلاّ مع العلم بالحدث قبل طلوع الفجر ، ولذا من نام ثمّ أصبح جنباً صحّ صومه حتّى ولو تعمّد ترك الغسل طوال النهار ، وبهذا قال ابن إدريس والمحقّق الحلّي في الشرائع([5]) .

ولكن أكثر الفقهاء ذهبوا إلى وجوب قضاء الصوم والصلاة ، مع اعترافهم جميعاً بأنّ الأوفق باُصول المذهب وقواعده هو قضاء الصلاة دون الصوم ، ولكن وجب الخروج عن هذا الأصل ، والحكم بوجوبهما معاً لوجود النصّ . فقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتّى خرج رمضان ؟ قال : « عليه أن يقضي الصلاة والصيام »([6]) .

____________________

[1] الوسائل 10 : 209 ، ب15 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح1 .

[2] الجواهر 17 : 147 .

[3] الوسائل 10 : 209 ، ب15 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح1 .

[4] الوسائل 10 : 335 ، ب25 من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح2 .

[5] السرائر 1 : 407 . الشرائع 1 : 185.

[6] الوسائل 10 : 238 ، ب30 من أبواب ما يصحّ منه الصوم ، ح3 .

 

 

قضاء بلا كفّارة:

يجب القضاء دون الكفّارة بهذه الأشياء ، وهي :

1 ـ  تقدّم أنّ من أجنب في ليلة من رمضان ونام على نيّة الغسل ثمّ انتبه قبل الفجر ونام للمرّة الثانية قدّمنا أنّ هذا عليه القضاء دون الكفّارة .

2 ـ   من نسي غسل الجنابة على المشهور ، وذكرناه قريباً في الفقرة السابقة رقم  ( 4 ) .

3 ـ  من أبطل صومه بنيّة الإفطار ولم يتناول شيئاً من المفطرات ، ومثله المرائي بصيامه ولو ساعة من نهار .

4 ـ  من أكل وشرب ليلة الصيام دون أن يبحث وينظر هل طلع الفجر ثمّ تبيّن تقدّم الطلوع على الأكل والشرب ، قال صاحب الجواهر : ( لا أجد خلافاً في أنّ عليه القضاء دون الكفّارة )([1]) .

ويدلّ عليه أنّ سائلاً سأل الإمام الصادق عليه‏السلام عن رجل أكل وشرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان ؟ قال : « إن كان قد قام فنظر فلم يرَ الفجر فأكل ثمّ عاد فرأى الفجر فليتمّ صومه ولا إعادة عليه ، وإن قام فأكل وشرب ثمّ نظر إلى الفجر فرأى أ نّه قد طلع فليتمّ صومه ويقضي يوماً آخر ؛ لأ نّه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه القضاء »([2]) .

وإذا ثبت القضاء بهذه الرواية وما إليها فإنّ الكفّارة تُنفى بالأصل ، بخاصّة أنّ تناول المفطر لم يكن عن عمد وقصد.

وكذلك يجب القضاء دون الكفّارة إذا أكل وشرب ليلاً اعتماداً على قول مخبر ببقاء الليل .

قال أحد أصحاب الإمام الصادق عليه‏السلام : قلت له : آمر الجارية أن تنظر أطلع الفجر أم لا ، فتقول : لم يطلع بعدُ فآكل ثمّ أنظر فأجده قد كان طلع حين نظرت ، فقال : « تتمّ يومك وتقضيه ، أما أ نّك لو كنت أنت الّذي نظرت ما كان عليك قضاؤه »([3]) .

وهذه الرواية صريحة في أنّ السبب لسقوط القضاء هو أن يبحث الإنسان وينظر بنفسه ، ولا أثر للتعويل والاعتماد على الغير .

وتسأل : لو قامت بيّنة شرعيّة مؤلّفة من عدلين على بقاء الليل فأكل وشرب معتمداً عليها فهل يقضي إذا تبيّن الخلاف ؟

الجواب:

أجل ، إنّه يقضي ؛ لأنّ البيّنة إنّما هي سبيل لمعرفة الواقع ، وقد انكشف العكس كما هو الفرض ، ومجرّد اعتبارها وأ نّها حجّة متّبعة لا تستدعي سقوط القضاء ، وإنّما تسوّغ الأكل والشرب ، وفائدتها العذر في تناول المفطر فقط لا في سقوط القضاء .

فشأنها في ذلك تماماً كشأن الاستصحاب ، والدليل الشرعيّ قد أناط سقوط القضاء بمباشرة الصائم للبحث والنظر بنفسه لا بتوسّط غيره .

5 ـ  إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر ومع ذلك أكل وشرب ظانّاً بأ نّه غير جادٍّ فتبيّن أ نّه صادق بقوله فينفى عنه وجوب الكفّارة بالأصل ، ويثبت عليه القضاء بالإجماع والنصّ ، حيث سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل خرج في شهر رمضان وأصحابه يتسحّرون في بيت فنظر إلى الفجر فناداهم فكفّ بعضهم وظنّ بعضهم أ نّه يسخر فأكل ؟ قال : « يتمّ صومه ويقضي »([4]) .

6 ـ  من الصور التي يقضي فيها ولا يكفّر أن يخبره مخبر بدخول الليل فيأكل أو يشرب أو ما إلى ذاك اعتماداً على خبره ثمّ يتبيّن عدم دخول الليل([5]) ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المخبر واحداً أو أكثر ، ولا بين البيّنة الشرعيّة وغيرها بعد أن تبيّن الخلاف ، بل لا فرق بين من يجوز له التقليد كالعُمي ، وبين من لا يجوز له ذلك ؛ لأ نّه لا منافاة بين جواز الإفطار وبين ثبوت القضاء ، بل ولا بين ثبوت الكفّارة أيضاً كما مرّ في مسألة الشيخ ومن استمرّ مرضه عاماً كاملاً .

وتسأل إذا لم يخبره أو يشهد أحد بدخول الليل وإنّما تناول المفطر لأ نّه هو بنفسه توهّم وتخيّل دخول الليل فهل يجب عليه القضاء أو لا ؟

الجواب:

إنّه يقضي في حالة ، ولا يقضي في حالة اُخرى ، وإليك البيان :

إذا لم يعلم الصائم أنّ في السماء غيماً ولا أ يّة علّة ثمّ عرضت غمامة سوداء أوقعت الصائم في الخطأ والاشتباه وظنّ معها أنّ الليل قد دخل وبعد أن تناول المفطر انجلت الغمامة وبانت الشمس ، إذا كان الأمر كذلك وجب عليه القضاء .

والدليل على ذلك أنّ الإمام الصادق  عليه‏السلام سئل عن قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فظنّوا أ نّه ليل فأفطروا ثمّ انجلى السحاب فإذا الشمس ؟ فقال : « على الّذي أفطر صيام ذلك اليوم ، إنّ اللّه‏ يقول :  أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيلِ  فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه ؛ لأ نّه أكل متعمّداً »([6]) .

فقوله : فغشيهم سحاب أسود فظنّ أنّ السحاب ليل نصّ خاصّ في نفس الغرض الّذي افترضناه .

وإذا علم الصائم أنّ في السماء علّة من غيم وما إليه وظنّ دخول الليل فلاقضاء عليه .

ويدلّ على ذلك أنّ الإمام الصادق  عليه‏السلام قد سئل عن رجل صام ثمّ ظنّ أن الشمس قد غابت وفي السماء غيم فأفطر ثمّ أنّ السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب ؟ قال : « قد تمّ صومه ولا يقضيه »([7])([8]) .

7 ـ  إذا تمضمض للتبريد لا للوضوء فسبقه الماء ودخل في جوفه فإنّه يقضي ولا يكفّر ، حيث سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من العطش فدخل في حلقه ؟ قال : « عليه القضاء ، وإن كان في وضوء فلا بأس »([9]) .

8 ـ  أن يتعمّد الصائم القيء فإنّه موجب للقضاء دون الكفّارة ، وإذا سبقه القيء قهراً فلا شيء عليه ؛ لقول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا تقيّأ الصائم فعليه قضاء ذلك اليوم ، وإن ذرعه من غير أن يتقيّأ فليتمّ صومه »([10]) . أي إذا سبقه القيء قهراً عنه صحّ صومه ولا شيء عليه.

9 ـ  تقدّم في مطاوي الأبحاث السابقة أنّ الحائض والنفساء تقضيان الصوم دون الصلاة ، وأنّ المستحاضة يجب عليها أن تؤدّيهما في الوقت المعيّن ، وإذا أخلّت بالأداء وجب القضاء عليها بالإتّفاق.

___________________

[1] الجواهر 16 : 276 .

[2] الوسائل 10 : 115 ، ب44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح3 ، وفيه : « فعليه الإعادة » .

[3] الوسائل 10 : 118 ، ب46 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح1 .

[4] الوسائل 10 : 119 ، ب47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح1 .

[5] في الطبعات السابقة « ثمّ يتبيّن بقاء الليل » والصحيح ما أثبتناه .

[6] الوسائل 10 : 121 ، ب50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح1 .

[7] اختلف الفقهاء في هذه المسألة وتعدّدت أقوالهم تبعاً لتعدّد الروايات واختلافها ، والّذي ذكرناه هو ما ذهب إليه صاحب الجواهر  16 : 284  فتوىً ودليلاً .

وقسّم الشيخ الهمداني في مصباح الفقيه ( 14 : 512 ) هذا الصائم إلى أقسام : الأوّل أن يكون قد أقدم بعد أن بحث وتحرّى ، وحصل له العلم والجزم ، وهذا لا قضاء عليه ولا كفّارة . الثاني : أن يقدم على الإفطار بمجرّد توهّم دخول الليل دون أن يعتمد على أمر معقول بحيث يعدّ في نظر العرف غير مبالٍ ولا مكترث ، وهذا عليه القضاء والكفّارة . الثالث : أن يقدم لوجود أمارة موهمة بحيث يظنّ معها كلّ إنسان بدخول الليل ، وهذا عليه القضاء دون الكفّارة . بل إذا تحرّى هذا وكان في السماء علّة فلا قضاء عليه وإن لم يحصل القطع والعلم ، بل يكفي مجرّد الظنّ في هذه الحال وما إليها  [ منه 1 ] .

[8] الوسائل 10 : 123 ، ب51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح3 .

[9] الوسائل 10 : 71 ، ب23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح4 والرواية مضمرة .

[10] الوسائل 10 : 87 ، ب29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح3 .

 

 

المرض:

المرض المسوّغ للإفطار هو أن يكون الإنسان مريضاً بالفعل ، وإذا صام في مرضه ازداد كمّاً أو كيفاً بحيث تشتدّ آلامه أو تزيد أيّامه ، أو يكون صحيحاً ولكن يخشى إذا هو صام أن يحدث له الصوم مرضاً جديداً ، أمّا مجرّد الضعف والهزال فلا يسوّغ الإفطار ما دام متحمّلاً والجسم سالماً.

ويدلّ على هذا الأدلّة الأربعة : الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، قال تعالى :  فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّن أَيَّامٍ اُخَرَ ([1]) .

ومن السنّة : « كلّ شيء من المرض أضرّ به الصوم فهو يسعه ترك الصوم »([2]) .

وقال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « إذا خاف الصائم على عينيه من الرمد أفطر »([3]) .

وهو ظاهر في الخوف من حدوث المرض وتجدّده .

والمعوّل في معرفة الضرر على علم الإنسان ، أو ظنّه ظنّاً معقولاً ناشئاً من التجارب التي يمرّ بها ، أو من قول خبير ؛ لقول الإمام الصادق  عليه‏السلام ـ وقد سئل عن حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار ـ : « هو مؤتمن عليه مفوّض إليه ، فإن وجد ضعفاً فليفطر ، وإن وجد قوّة فليصمه كان المرض ما كان »([4]) .

هذا بالإضافة إلى أنّ الضرر المظنون يجب دفعه شرعاً وعقلاً .

ولو قال له الطبيب : يضرّك الصوم وعلم الصائم بعدم الضرر ، أو قال له :

لا يضرّك وعلم هو بالضرر عوّل على علمه لا على قول الطبيب ، حيث لا دليل على أنّ قول الطبيب حجّة متّبعة حتّى مع العلم أو الظنّ بخطئه ، وإنّما يرجع إلى الطبيب إذا حصل الظنّ بالضرر من قوله لا مطلقاً ، وعليه تكون العبرة بالظنّ الّذي يجب دفعه عقلاً وشرعاً لا بقول الطبيب.

وإذا صام المريض معتقداً عدم الضرر فبان العكس فسد صومه وعليه القضاء ؛ لقوله تعالى :  فَمَن كان مِنكُم مَّريضا ([5]) . وقول الإمام  عليه‏السلام : « فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء »([6]) . فإنّ الحكم في هذه الأدلّة وما إليها قد تعلّق بالمرض الواقعيّ ، لا بالعلم([7]) بالمرض .

أمّا ما ذهب إليه السيّد الحكيم في المستمسك([8]) من صحّة الصوم في مثل هذه الحال ؛ لأنّ الصوم محبوب في الواقع ، وإنّما سقط الأمر به لأ نّه مزاحم بواجب أهمّ وهو الأمر بحفظ النفس ، فإذا صام المريض بداعي المحبوبيّة صحّ صومه ، أمّا هذا التعليل فهو نظريّة مجرّدة لا تمت إلى الواقع بسبب .

ومهما يكن فإذا أفطر المريض أيّاماً من رمضان واستمرّ المرض إلى رمضان ثانٍ كفّر عن كلّ يوم بإطعام مسكين ، ولا قضاء عليه كما تقدّم . وإذا عوفي من مرضه قبل نهاية السنة بحيث يستطيع القضاء قبل أن يدخل رمضان آخر وجب عليه القضاء بلا كفّارة .

_____________________

[1] البقرة : 184 .

[2] الوسائل 10 : 222 ، ب20 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح9 .

[3] الوسائل 10 : 218 ، ب19 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح1 .

[4] الوسائل 10 : 220 ، ب20 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح4 .

[5] في الطبقات السابقة: « وإن كنتم مرضى» وهي متعلّقة بالتيمّم .

[6] الوسائل 10 : 224 ، ب22 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح1 .

[7] في الطبعات السابقة « لا بعدم العلم» .

[8] المستمسك 8 : 421 .

 

 

السفر:

لقد اشتهر عن الرسول وآل بيته  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم : « ليس من البرّ الصيام في السفر »([1]) .

وأيضاً اشتهر عنهم  عليهم‏السلام : « إذا قصّرت أفطرت »([2]) .

وقد تكرّر في كتب الفقهاء : أنّ كلّ سفر يوجب قصر الصلاة فإنّه يوجب الإفطار وبالعكس ، ولم يستثنوا من هذه القاعدة إلاّ أربعة موارد :

1 ـ  من سافر بقصد الصيد للتجارة فإنّه يتمّ الصلاة ويصوم .

2 ـ  من خرج من بيته مسافراً بعد الزوال يبقى على الصيام ، ويؤدّي الصلاة قصراً إن لم يكن قد صلاّها قبل سفره .

3 ـ  من دخل إلى بيته بعد الزوال فإنّه يتمّ الصلاة إن لم يكن قد أدّاها في سفره مع العلم بأ نّه مفطر .

4 ـ  من كان في حرم اللّه‏ أو حرم الرسول أو مسجد الكوفة أو الحائر الحسينيّ فإنّه مخيّر بين القصر والتمام ، ويتعيّن عليه الإفطار ، وتقدّم التنبيه على ذلك.

ومهما يكن فإنّ شروط القصر للصلاة هي شروط الإفطار في السفر ، من نيّة قطع ثمانية فراسخ امتداديّة أو ملفّقة ، وأن يكون السفر سائغاً لا محرّماً ، وأن لا يتّخذ السفر حرفة ومهنة ، ولا يقيم عشرة أيّام ، ولا يتردّد ثلاثين يوماً ، وإذا خرج المسافر من بيته قبل الزوال أفطر ، وإذا خرج بعده بقي على صومه ، وإذا عاد ودخل بيته قبل الزوال ولم يكن قد تناول المفطر تعيّن عليه الصوم ، وإن كان قد تناوله أفطر وقضى ، ولكن يستحبّ له الإمساك ظاهراً ، بحيث لا يتناول المفطر أمام الناس .

وقال صاحب الشرائع والعروة الوثقى : ( إذا أفطر المسافر قبل أن يصل إلى حدّ الترخيص وجب عليه القضاء والكفّارة )([3]) .

ونقول : وإذا تمّ هذا فإنّما يتمّ في حقّ العالم بالتحريم ؛ لأ نّه أفسد صوماً واجباً في شهر رمضان . أمّا الجاهل فلا شيء عليه ، تماماً كمن تناول شيئاً من المفطرات غير عالم بوجوب الإمساك عنها ، وقد بيّنا ذلك مع الدليل في فصل ( فساد الصوم ووجوب الكفّارة ) فقرة ( الجهل ) . فراجع.

ونقل السيّد الحكيم([4]) عن المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً أنّ للإنسان أن يسافر في شهر رمضان اختياراً ولو كان السفر فراراً من الصوم ؛ لأنّ الإمام الباقر أبا جعفر الصادق  عليهماالسلام سئل عن الصائم يعرض له السفر في شهر رمضان وهو مقيم وقد مضى منه أيّام ؟ فقال : « لا بأس بأن يسافر ويفطر »([5]) .

_______________________

[1] الوسائل 10 : 177 ، ب1 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح10 ، 11 .

[2] الوسائل 10 : 180 ، ب2 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح4 .

[3] الشرائع 1 : 191 . العروة الوثقى 2 : 39 ، م11 و 51 ، م3 .

[4] المستمسك 8 : 437 ـ 438.

[5] الوسائل 10 : 181 ، ب3 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح2 .

 

 

قضاء الوليّ عن الميّت:

إذا وجب الصوم على إنسان لقضاء رمضان أو غيره ومضى أمد تمكّن فيه من إتيان ما وجب عليه ولكنّه أهمل وتهاون حتّى مات كان على وليّه أن يقضي عنه ما فاته ، سواء أكان الفوات بسبب المرض أو السفر أو غيره .

قال صاحب الجواهر : ( بلا خلاف أجده إلاّ ما نقل عن ابن أبي([1])  عقيل )([2]) .

وقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام ؟ قال : « يقضي عنه أولى الناس بميراثه » ، قال السائل : فإن كان أولى الناس بميراثه امرأة ؟

قال الإمام  عليه‏السلام : « لا ، إلاّ الرجال »([3]) .

وقد بيّنا من هو المراد بأولى الناس بميراث الميّت وما يتّصل بهذه المسألة في باب الصلاة فصل « قضاء الصلاة » فقرة « الولد الأكبر يقضي عن والديه » فراجع([4]) إن شئت .

__________________________

[1] ليس في الطبعات السابقة.

[2] الجواهر 17 : 35 .

[3] الوسائل 10 : 331 ، ب23 من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح5 .

[4] تقدّم في 1  : 241 .