فساد الصوم ووجوب الكفّارة

إذا تناول الصائم شيئاً من المفطرات فقد يفعله عالماً مختاراً ذاكراً لصومه أو ساهياً عنه أو مكرهاً عليه أو جاهلاً له ، وليس من شكّ أنّ العلم مع التذكّر مفسد للصوم وموجب للإثم والقضاء ، أمّا التكفير فيأتي التفصيل .

 

 

السهو:

ولا شيء على من أكل أو شرب أو جامع وما إلى ذاك من المفطرات ذاهلاً عن صومه ، إجماعاً ونصّاً ، ومنه قول الإمام  عليه‏السلام : « إذا نسي فأكل وشرب ثمّ تذكّر فلا يفطر ، إنّما هو شيء رزقه اللّه‏ فليتمّ صومه »([1]) . وفي معناه كثير من الروايات([2]) .

_________________

[1] الوسائل 10 : 50 ، ب9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح1 .

[2] انظر الوسائل 10 : 50 ، ب9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم .

 

 

الإكراه:

إذا تغلّب عليه إنسان وأدخل في حلقه طعاماً أو شراباً دون أن يباشر الصائم ذلك بنفسه فلا شيء عليه بالإجماع ؛ لأ نّه كالأداة المسيّرة ، وإذا توعّده متوعّد قوي إذا لم يأكل أو لم يشرب وخاف الضرر فأكل أو شرب دفعاً للضرر عن نفسه فقد ذهب أكثر الفقهاء إلى صحّة صومه ، بداهة أنّ وجوب الإمساك عن المفطرات لا يتناول مثل هذه الحال ، بل منصرف إلى حال الإرادة والاختيار ؛ إذ لا نهي مع الإكراه والاضطرار ، قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « أفطر يوماً من شهر رمضان أحبّ إليّ من أن يضرب عنقي »([1]) .

وقال صاحب العروة الوثقى : ( إنّ مباشرة الأكل للإكراه والفرار من الضرر يبطل الصوم )([2]) . ووافقه السيّد الحكيم في المستمسك ، وقال : ( إنّ حديث الرفع لا يصلح لإثبات الصحّة ؛ لأ نّه نافٍ لا مثبت )([3]) .

ويريد بقوله هذا أنّ حديث رفع عن اُمّتي ما استكرهوا عليه ينفي التحريم والبأس عن الأكل ، ولكن نفي التحريم شيء وصحّة الصوم شيء آخر . وإذن فالحديث أجنبيّ عن التعرّض لصحّة الصوم وإن دلّ على نفي الإثم والعقاب .

ونقول في جوابه : إنّ الّذي يفهمه العرف من الأدلّه الدالّة على وجوب الإمساك عن المفطرات إنّما هو الإمساك عن اختيار وإرادة ، أمّا المكره المضطرّ فالأدلّة منصرفة عنه ، ويؤيّد ذلك ما جاء في حقّ الناسي وأ نّه غير مسؤول . أمّا دعوى عدم هذا الفهم

وعدم هذا الإنصراف إلى غير المكره فهي حجّة لمدّعيها فقط دون غيره ، تماماً كدعوى الانصراف . وبتعبير أخصر وأوضح أنّ المكره غير مؤاخذ ولا معاقب بالإتّفاق ، وأ نّه لاكفّارة عليه أيضاً بالإتّفاق ؛ لأنّ التكفير إنّما يكون عن الذنب ، ولا ذنب . وإذن لا يبقى لدينا سوى القضاء ، وليس من شكّ أنّ القضاء يحتاج إلى دليل ، أمّا نفيه فلا حاجة به إلى الدليل ؛ لأ نّه على وفق الأصل .

__________________

[1] الوسائل 10 : 132 ، ب57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح4 .

[2] العروة الوثقى 2 : 32 .

[3] المستمسك 8 : 319 .

 

 

الجهل:

المشهور عند الفقهاء ـ بشهادة صاحب الجواهر([1]) ـ أنّ الصائم إذا تناول شيئاً من المفطرات جاهلاً بأ نّه مفسد للصوم فعليه القضاء والكفّارة ؛ لأنّ الأدلّة القائلة بأنّ من أفطر يجب عليه القضاء والكفّارة تصدق على الجاهل المقصّر والقاصر ، تماماً كما تصدق على العالم ؛ لأنّ كلاًّ منهما فعل عن عمد وقصد .

وذهب جمع من الفقهاء ، منهم السيّد الحكيم في المستمسك إلى أنّ الجاهل بقسميه لا شيء عليه إطلاقاً ([2]) ، خلافاً للمشهور ولصاحب العروة([3]) ، واستدلّوا بأنّ الإمامين الباقر والصادق  عليهماالسلام سئلا عن رجل أتى أهله وهو في شهر رمضان وهو محرم وكان يرى أنّ ذلك حلال له ؟ فقالا : « ليس عليه شيء »([4]) . وأيضاً قال الإمام الصادق  عليه‏السلام : « أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه »([5]) .

وإذا اختلفنا نحن مع السيّد الحكيم في مسألة المكره ، فإنّا معه على وفاق في مسألة الجاهل.

___________________

[1] الجواهر 16 : 254 .

[2] المستمسك 8 : 317 ـ 318.

[3] العروة الوثقى 2 : 32 .

[4] الوسائل 10 : 53 ، ب9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح12 ، وفيه : « سألنا أبا جعفر7 » .

[5] الوسائل 8 : 248 ، ب30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح1 .

 

 

العطش الشديد:

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن الرجل يصيبه العطش حتّى يخاف على نفسه ؟ قال : « يشرب ما يمسك رمقه ، ولا يشرب حتّى يرتوي »([1]) .

وقال له بعض أصحابه : إنّ لنا فتيات وشبّاناً لا يقدرون على الصيام من شدّة ما يصيبهم من العطش ؟ قال [  عليه‏السلام] : « فليشربوا بقدر ما تُروى به نفوسهم »([2]) .

وهذا متّفق عليه ، بالإضافة إلى أدلّة نفي الضرر والحرج .

_____________________

[1] الوسائل 10 : 214 ، ب16 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح1 .

[2] الوسائل 10 : 214 ـ 215 ، ب16 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح2 .

 

 

الكفّارة:

تارةً يكون الصوم ندباً وتارةً واجباً ، والواجب هو صوم شهر رمضان وقضاؤه ، وصوم النذر ، وصوم الاعتكاف ، وصوم الكفّارات ، أي يكفّر عن الإفطار أو غيره بالصوم ، ولا شيء إطلاقاً على الصائم ندباً ، سواء أتناول المفطر قبل الزوال أو بعده ، ويعرف حكم غيره ممّا يلي:

 

 

كفّارة رمضان:

يجب القضاء والتكفير مخيّراً بين صيام شهرين متتابعين([1]) أو عتق نسمة أو إطعام ستّين مسكيناً . [ و ] يجب القضاء والتكفير معاً على من تعمّد الإفطار في شهر رمضان بالأشياء التالية:

1 و 2 و 3 ـ  الأكل والشرب والجماع ، إجماعاً ونصّاً ، بل بضرورة الدين.

ومن أفطر في شهر رمضان على محرّم كمن شرب الخمر أو زنا أو لاط أو أكل أو شرب من أموال الناس ظلماً وعدواناً من فعل شيئاً من هذه فعليه أن يكفّر بالجمع بين الخصال الثلاث ، أي يصوم شهرين متتابعين ويعتق نسمة ويطعم ستّين مسكيناً .

فقد روي عن الإمام الرضا حفيد الإمام الصادق  عليهماالسلام أنّ سائلاً قال له : يابن رسول اللّه‏ قد رُوي عن آبائك فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر أنّ فيه ثلاث كفّارات ، وأيضاً رُوي عنهم كفّارة واحدة ، فأيّهما نأخذ ؟ قال الإمام  عليه‏السلام : « خذ بهما جميعاً ، ذلك متى جامع الرجل حراماً أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفّارات : عتق رقبة وصيام شهرين متتابعين وإطعام ستّين مسكيناً ، وقضاء ذلك اليوم ، وإن نكح حلالاً أو أفطر حلالاً فعليه كفّارة واحدة ، وإن كان ناسياً فلا شيء عليه »([2]) .

هذا ، إذا أفطر على الحرام في النهار ، أمّا إذا تناوله أوّل ما تناول بعد الغروب فلا كفّارة عليه.

4 ـ  من الأسباب الموجبة للقضاء والكفّارة في شهر رمضان الاستمناء . فقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتّى يمني ؟ قال : « عليه من الكفّارة مثل ما على الّذي يجامع »([3]) . حيث فهم الفقهاء من هذا أنّ العابث كان قاصداً ومريداً للاستمناء .

5 ـ  تعمّد البقاء على الجنابة حتّى يصبح ، حيث سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثمّ ترك الغسل متعمّداً حتّى أصبح ؟ قال : « يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستّين مسكيناً »([4]) .

6 ـ  إذا نام على نيّة عدم الاغتسال من الجنابة حتّى أصبح أو نام ناوياً الاغتسال ثمّ انتبه ثمّ نام للمرّة الثالثة على التفصيل المتقدّم في المفطرات .

7 ـ  لكلّ من الحامل في أشهرها الأخيرة والمرضعة القليلة اللبن التي يضرّ الصوم بولدها أن تفطر وتكفّر بمدّ وعليها القضاء .

قال الإمام الباقر  عليه‏السلام : « الحامل المقرّب والمرضعة القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان ؛ لأ نّهما لا تطيقان ، وعليهما أن تتصدّق كلّ واحدة منهما عن كلّ يوم بمدّ ، وعليهما قضاء كلّ يوم أفطرتا فيه »([5]) .

8 ـ  إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق ، قال صاحب الشرائع والجواهر : ( إنّه موجب للقضاء والكفّارة )([6]) . وقال آخرون : ( يوجب القضاء دون الكفّارة )([7]) .

وقال صاحب الشرائع والمدارك : ( إنّ الكذب على اللّه‏ ورسوله والارتماس بالماء لا يوجب شيء منهما القضاء ولا الكفّارة )([8]) .

وقال صاحب الشرائع : ( الحقنة بالمائع توجب القضاء فقط )([9]) .

وقال صاحب المدارك : ( لا توجب القضاء ولا الكفّارة )([10]) .

أمّا تعمّد القيء فقال صاحب الجواهر : ( إنّه يوجب القضاء فقط عند المشهور )([11]) .

______________________

[1] يكفي في تحقيق التتابع بين الشهرين أن يصوم شهراً كاملاً ويوماً من الشهر الثاني ، فإذا أفطر بعد الشهر واليوم قضى ما بقي عليه ، وإذا صام شهراً كاملاً دون أن يتبعه ويوصله بيوم من الشهر الّذي يليه استأنف وأعاد من جديد ، كأن لم يصم شيئاً . وفي ذلك روايات عن أهل البيت: [ الوسائل 10 : 371 ، ب3 من أبواب بقيّة الصوم الواجب] [ منه1 ] .

[2] الوسائل 10 : 54 ، ب10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح1 .

[3] الوسائل 10 : 39 ، ب4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح1 .

[4] الوسائل 10 : 63 ، ب16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح2 .

[5] الوسائل 10 : 215 ، ب17 من أبواب من يصحّ منه الصوم ، ح1 .

[6] الشرائع 1 : 172 . الجواهر 16 : 233.

[7] السرائر 1 : 377 .

[8] الشرائع 1 : 173 . المدارك 6 : 88 ـ 89.

[9] الشرائع 1 : 173 .

[10] المدارك 6 : 89 .

[11] الجواهر 16 : 287 ـ 288.

 

 

كفّارة قضاء رمضان:

إذا أفطر الصائم لقضاء شهر رمضان ينظر ، فإن كان قد أفطر قبل الزوال فلا شيء عليه ؛ لأنّ الإفطار والحال هذه غير محرّم من الأساس إلاّ مع تضييق الوقت ، وإن كان قد أفطر بعد الزوال فعليه أن يكفّر بإطعام عشرة مساكين ، ومع العجز عن الإطعام صام ثلاثة أيّام .

فقد سئل الإمام  عليه‏السلام عن رجل أتى أهله في يوم يقضيه من شهر رمضان ؟ قال : « إن أتى أهله قبل الزوال فلا شيء عليه إلاّ يوماً مكان يوم ، وإن كان أتى أهله بعد الزوال فإنّ عليه أن يتصدّق على عشرة مساكين ، فإن لم يقدر صام يوماً مكان يوم ،

وصام ثلاثة أيّام كفّارة لما صنع »([1]) . وهذه تسمّى كفّارة صغرى .

__________________

[1] الوسائل 10 : 347 ، ب29 من أبواب أحكام شهر رمضان ، ح1 .

 

 

كفّارة النذر المعيّن:

إذا نذر أن يصوم يوماً معيّناً بالذات لا مطلق يوم من الأ يّام فأفطر ولم يفِ بالنذر فعليه كفّارة كبرى ، وهي صيام شهرين متتابعين أو عتق رقبة أو إطعام ستّين مسكيناً .

قال صاحب الجواهر : ( هذا هو المشهور ، بل عن الانتصار الإجماع عليه ؛ لقول الإمام الصادق  عليه‏السلام في رجل جعل للّه‏ عليه أن لا يركب محرّماً سمّاه فركبه : « إنّ عليه أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستّين مسكيناً » )([1]) .

_________________

[1] الجواهر 16 : 271 .

 

 

كفّارة صوم الاعتكاف:

قال الفقهاء : من اعتكف متعبّداً للّه‏ سبحانه وصام للاعتكاف وجامع أيّام الصوم فعليه كفّارة كبرى ، حتّى ولو كان الجماع ليلاً لانهاراً ؛ لأنّ التكفير إنّما هو من أجل الاعتكاف لا من أجل الصوم ، ولا تجب الكفّارة بغير الجماع إطلاقاً ، واستدلّوا بأنّ الإمام الصادق  عليه‏السلام سئل عن معتكف واقع أهله ؟ قال : « هو بمنزلة من أفطر يوماً من شهر رمضان »([1]) . ويأتي الكلام عن الاعتكاف.

واتّفق الفقهاء كلمة واحدة على أنّ الكفّارة لا تجب في غير هذه الأربعة ، كصوم النذر غير المعيّن ـ أي في يوم من الأ يّام ـ وصوم الكفّارات ، والصوم المستحبّ .

وقال صاحب الجواهر : ( بل لايبعد جواز الإفطار قبل الزوال وبعده )([2]) في صوم هذه الأشياء غير الأربعة المتقدّمة ، حيث لا دليل يدلّ على إبطال العمل بوجه العموم .

____________________

[1] الوسائل 10 : 547 ، ب6 من أبواب الاعتكاف ، ح2.

[2] الجواهر 16 : 266 .

 

 

تعدّد الكفّارة:

إذا أتى بالمفطر الموجب للكفّارة أكثر من مرّة ، كما لو أكل وشرب وجامع أو أكل مرّات وشرب وجامع كذلك فهل تتعدّد الكفّارة بتعدّد الموجب للإفطار أو تكفي كفّارة واحدة ؟

الجواب:

إذا تناول المفطر في أكثر من يوم تعدّدت الكفّارة بتعدّد الأ يّام التي أفطر فيها بالإتّفاق ، واختلفوا فيما إذا تكرّر ذلك منه في يوم واحد ، فقال جماعة من الفقهاء ، منهم صاحب الشرائع وصاحب المدارك وصاحب المستمسك([1]) : إنّ عليه كفّارة واحدة بدون فرق بين أن يكون المفطر الّذي تعدّد من نوع واحد ، كما لو أكل مرّات عديدة أو شرب كذلك ، وبين أن يكون من أنواع عديدة ، كما لو أكل ثمّ جامع ولا بين الوط‏ء وغير الوط‏ء .

وهو الحقّ ؛ لأنّ الشارع قد أناط وجوب التكفير بتناول المفطر ، وليس من شكّ أنّ هذا التناول إنّما يصدق في نظر العرف على من أكل أو شرب للمرّة الاُولى ، ولا يصدق عليه لو كرّر ثانية ؛ إذ لا معنى لإفطار المفطر . أمّا تحريم الأكل ثانية عليه فلأنّ الإمساك واجب بذاته ، لا لأ نّه وسيلة . وبكلمة أنّ الأكل الموجب للكفّارة هو الأكل المفسد للصوم لا مطلق الأكل المحرّم ، فالأكلة الثانية وإن كانت محرّمة ولكنّها غير مفسدة ، بخلاف الاُولى فإ نّها محرّمة ومفسدة في وقت واحد ، هذا بالإضافة إلى أصل البراءة من وجوب ما زاد على كفّارة واحدة.

_________________

[1] الشرائع 1 : 175 . المدارك 6 : 111 . المستمسك 8 : 353 .

 

 

أفطر ثمّ سقط الصوم:

إذا أفطر عامداً في شهر رمضان ثمّ سافر أو تبيّن أنّ الصوم غير واجب عليه لمرض أصابه أو جنون أو إغماء أو طرأ الحيض على المرأة في آخر النهار فهل تجب الكفّارة والحال هذه أو لا ؟

الجواب:

قال صاحب المدارك : ( ذهب أكثر الفقهاء إلى وجوب الكفّارة عليه ، وأ نّها لا تسقط عنه ، واستدلّوا بأ نّه أفسد صوماً واجباً من رمضان ، فاستقرّت عليه الكفّارة ، كما لو لم يطرأ العذر من الأساس )([1]) .

والحقّ عندنا يستدعي التفصيل بين أن يتبيّن وينكشف وجود العذر واقعاً وحقيقة كما لو عرض على الصائم المرض أو الجنون أو الإغماء أو الحيض ، وبين العذر الّذي يريد أن يفتعله الصائم المفطر من تلقائه كالسفر ، وعلى الأوّل فلا قضاء عليه ولا كفّارة حيث لا تكليف من الأساس ، وعلى الثاني يلزمه القضاء والكفّارة ، معاملة له بخلاف قصده .

_________________

[1] المدارك 6 : 114 .

 

 

كفّارة وضرب:

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن رجل أتى زوجته وهو صائم وهي صائمة ؟ فقال : « إن استكرهها فعليه كفّارتان ، وإن طاوعته فعليه كفّارة وعليها كفّارة ، وإن أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطاً نصف الحدّ ، وإن كانت طاوعته ضرب خمسة وعشرين

سوطاً وضربت خمسة وعشرين سوطاً »([1]) .

وفي الحالين لا بدّ من إضافة الضرب والتعزير بالقياس إليه . وإذا أكرهت الزوجة زوجها فلا تتحمّل عنه شيئاً وقوفاً على محلّ النصّ .

__________________

[1] الوسائل 10 : 56 ، ب12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ، ح1 .

 

 

قتل المفطر المعاند والمتهاون:

من أنكر وجوب الصوم من الأساس فهو مرتدّ ، ورادّ على اللّه‏ ورسوله  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم يجب قتله بالإتّفاق ، ومن آمن بوجوبه ولكن تركه تهاوناً واستخفافاً عزّر بما يراه الحاكم ـ وقيل : بخمسة وعشرين سوطاً ([1]) ـ فإن عاد عزّر ثانية ، فإن عاد قتل ، حيث ثبت عن أهل البيت  عليهم‏السلام : « أنّ أهل الكبائر كلّها إذا اُقيم عليهم الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة »([2]) . وقيل : يقتلون في الرابعة([3]) .

____________________

[1] العروة الوثقى 2 : 5 .

[2] الوسائل 28 : 19 ، ب5 من أبواب مقدّمات الحدود ، ح1 .

[3] اختاره الشيخ في المبسوط 7 : 284.

 

 

العجز عن الكفّارة:

إذا فعل الصائم ما يوجب التكفير وعجز عن الكفّارة ولم يستطع أن يصوم شهرين ولا أن يعتق رقبة ولا أن يطعم ستّين مسكيناً فماذا يصنع ؟

الجواب:

إذا عجز عن ذلك كلّه كفاه صيام ثمانية عشر يوماً متتابعة ، وإن عجز عنها تصدّق بما يطيق ، وإن عجز عن الصدقة استغفر ربّه ، وفي ذلك روايات عن أهل البيت  عليهم‏السلام عمل بها الفقهاء :

منها  : قول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « كلّ من عجز عن الكفّارة التي تجب عليه في صوم أو عتق أو صدقة في([1])  يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك ممّا يجب على صاحبه فيه الكفّارة فالاستغفار له كفّارة ما خلا يمين الظهار »([2]) .

_______________

[1] في الطبعات السابقة: « أو » وما أثبتناه من المصدر.

[2] الوسائل 22 : 367 ، ب6 من أبواب الكفّارات ، ح1 .

 

 

مصرف الكفّارة:

من أراد أن يكفّر بإطعام ستّين مسكيناً دعا هذا العدد من الفقراء إلى بيته دفعة واحدة أو بالتتابع ، وأطعمهم حتّى يشبعهم ، وله أن يعطي كلّ نسمة مدّاً من القمح وما إليه ، على أن لا يزيد للنفر الواحد عن المدّ ، وإن زاد عليه حسب له إطعام مسكين واحد . أجل لمن كان يعول أكثر من واحد أعطاه من الأمداد بعدد ما يعول ، والمدّ الشرعيّ أكثر من ( 800 ) غرام بقليل.