سورة التّكاثر

سورة التّكاثر 

مكّيّة.

و قيل: مدنيّة.

و آيها ثمان بالإجماع.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ ألهاكم التّكاثر في فريضة، كتب اللّه له ثواب أجر مائة شهيد. ومن قرأها في نافلة، كتب اللّه  له ثواب خمسين  شهيدا وصلّى معه في فريضته  أربعون صفّا من الملائكة [إن شاء اللّه‏] .

و في مجمع البيان ، في حديث ابيّ: ومن قرأها لم يحاسبه اللّه بالنّعيم الّذي أنعم عليه في دار الدّنيا، واعطي من الأجر، كأنّما قرأ ألف آية.

و في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أبي جعفر  بن محمّدبن بشير، عن عبيد اللّه  بن الدّهقان، عن درست، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال:

قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من قرأها ألهاكم التكاثر عند نومه، وفي فتنة القبر.

أَلْهاكُمُ [شغلكم. وأصله الصّرف إلى اللّهو، منقول من «لها»: إذا غفل‏]  التَّكاثُرُ  [: التّباهي بالكثرة]  حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ .

 [قيل : إذا استوعبتم عدد الأحياء، صرتم إلى المقابر فتكاثرتم‏]  بالأموات.

عبّر عن انتقالهم إلى ذكر الموتى  بذكر المقابر.

روى : أنّ بني عبد مناف وبني سهم تفاخروا بالكثرة، فكثرهم بنو عبد مناف. فقال بنوسهم: إنّ البغي أهلكنا في الجاهلية، فعادّونا بالأحياء والأموات.

فكثرهم بنوسهم.

و إنّما حذف الملهى عنه وهو ما يعنيهم من أمر الدّين، للتّعظيم والمبالغة .

و قيل : معناه: ألهاكم التّكاثر بالأموال  والأولاد إلى أن متم وقبرتم مضيّعين أعماركم في طلب الدّنيا عمّا هو أهمّ لكم، وهو السّعي لأخراكم ، فيكون زيارة القبور عبارة عن الموت.

و في نهج البلاغة : من كلام له قاله بعد تلاوته أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (الآية): يا له مراما  ما أبعده! وزورا  ما أغفله! وخطرا ما أفظعه! لقد استخلوا منهم أيّ مدّكر ، وتناوشوهم  من مكان بعيد! أ فبمصارع آبائهم يفتخرون! أم بعديد الهلكى يتكاثرون! يرتجعون منهم أجسادا خوت ، وحركات سكنت. ولأن يكونوا عبرا أحقّ من أن يكونوامفتخرا، ولأن يهبطوا بهم جناب ذلّة أحجى  من أن يقوموا بهم مقام عزّة. لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة ، وضربوا منهم في غمرة جهالة، ولو استنطقوا عنهم عرصات تلك الدّيار الخاوية والرّبوع الخالية [لقالت‏]  ذهبوا في الأرض ضلّالا وذهبتم في أعقابهم جهّالا، تطؤون في هامهم، وتستنبتون في أجسادهم ، وترتعون فيما لفظوا : وتسكنون فيما خرّبوا.

و في مجمع البيان : وروى قتادة، عن مطرف بن عبد اللّه بن الشّخير، عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول اللّه وهو يقول: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (السّورة).

قال: يقول ابن آدم: مالي  ومالك، من مالك إلّا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأمضيت أو تصدّقت فأمضيت. أورده مسلم في الصّحيح.

و في الخصال : عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: والتكاثر لهو وشغل، واستبدال الّذي هو أدنى بالّذي هو خير.

كَلَّا: ردع وتنبيه. على أنّ العاقل ينبغي له أن لا يكون جميع همّه ومعظم سعيه للدّنيا، فإنّ عاقبة ذلك وبال وحسرة.

سَوْفَ تَعْلَمُونَ : خطاياكم إذا عاينتم ما وراءكم. وهو إنذار ليخافوا وينتبهوا من غفلتهم.

ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ : تكرير للتّأكيد. وفي «ثمّ» دلالة على أنّ الثّاني أبلغ من الأوّل. أو الأوّل عند الموت أو في القبر، والثّاني عند النّشور.

و في مجمع البيان : كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، الآية قال الحسن ومقاتل: هو وعيد بعد وعيد.

و قيل : معناه: سوف تعلمون في القبر، ثمّ سوف تعلمون في الحشر. رواه زرّ بن‏حبيش، عن عليّ- عليه السّلام- قال: ما زلنا نشكّ في عذاب القبر حتّى نزلت أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ إلى قوله: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، [يريد في القبر ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ‏]  بعد البعث.

و في شرح الآيات الباهرة ، في تفسير أهل البيت قال: حدّثنا بعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ، عن عمرو بن عبد اللّه ، عن عبد اللّه بن  نجيح اليمانيّ قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام- قوله: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ، ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ.

 

قال: يعني: مرّة في الكرّة، ومرّة أخرى يوم القيامة.

كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ، أي: لو تعلمون ما بين أيديكم علم الأمر اليقين، أي: كعلمكم ما تستيقنونه لشغلكم ذلك عن غيره. أو لفعلتم ما لا يوصف ولا يكتنه، فحذف الجواب لتفخيم .

و لا يجوز أن يكون قوله: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ  جوابا، لأنّه محقّق الوقوع، بل هو جواب قسم محذوف أكدّ به الوعيد وأوضح به ما أنذرهم منه بعد إبهامه تفخيما.

و قرأ  ابن عامر والكسائيّ، بضمّ التّاء. وروي  ذلك عن عليّ- عليه السّلام-.

و الباقون بالفتح.

و في روضة الواعظين للمفيد- رحمه اللّه -: قال ابن عبّاس: قرأ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ ثمّ قال: تكاثر الأموال، جمعها من غير  حقها ومنها من حقّها وشدّها  في الأوعية. حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ حتّى دخلتم قبوركم. [كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ لو قد دخلتم قبوركم. ثُمَ‏]  كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم. كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قال: وذلك حين يؤتى بالصّراط فينصب بين جسري جهنّم.و في محاسن البرقيّ : عنه، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ قال: المعاينة .

ثُمَّ لَتَرَوُنَّها: تكرير للتّأكيد. أو الأولى إذا رأتهم من مكان بعيد، والثّانية إذا وردوها. أو المراد بالأولى المعرفة، وبالثّانية الإبصار.

عَيْنَ الْيَقِينِ ، أي: الرّؤية الّتي هي نفس اليقين، فإنّ علم المشاهدة أعلى مراتب اليقين.

ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ : الّذي ألهاكم.

قيل : والخطاب مخصوص بكلّ من ألهاه دنياه عن دينه.

و «النّعيم» مخصوص بما يشغله، للقرينة والنّصوص الكثيرة، كقوله- تعالى-:

قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ  كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ .

و قيل : يعمّان إذ كلّ يسأل عن شكره.

و قيل: الآية مخصوصة بالكفّار.

و في روضة الواعظين للمفيد- رحمه اللّه-  متّصلا بآخر ما نقلت عنه سابقا، أعني:

جسري جهنّم. ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال: عن خمس: عن شبع البطون، وبارد الشّراب، ولذّة النّوم، وظلال المساكن، واعتدال الخلق.

و روي  في أخبارنا: أنّ النّعيم ولاية عليّ- عليه السّلام-.

و في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي سعيد، عن أبي حمزة قال: كنّا عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام- جماعة، فدعا بطعام مالنا عهد بمثله لذاذة وطيبا، وأوتينا بتمر ننظر فيه أوجهنا  من صفائه وحسنه.

فقال رجل: لتسألنّ عن هذا النّعيم الّذي نعمتم به عند ابن رسول اللّه- صلّى‏اللّه عليه وآله-.

فقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ اللّه أجلّ وأكرم من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثمّ يسألكم عنه، ولكن يسألكم عمّا أنعم به  عليكم بمحمّد وآل محمّد وآل محمّد [- صلّى اللّه عليه وعليهم-] .

عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد الجوهريّ، عن الحرث بن حريز ، عن سدير الصّيرفيّ، عن أبي خالد الكابليّ قال دخلت على أبي جعفر- عليه السّلام- فدعا بالغداء ، فأكلت معه طعاما ما أكلت [طعاما]  قطّ أطيب منه ولا أنظف.

فلمّا فرغنا من الطّعام قال: يا أبا خالد، كيف رأيت طعامك، أو قال طعامنا؟

قلت: جعلت فداك، ما رأيت أطيب منه قطّ ولا أنظف، ولكنّي ذكرت الآية الّتي في كتاب اللّه لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

فقال أبو جعفر- عليه السّلام-: [لا]  إنّما يسألكم عمّا أنتم عليه من الحقّ.

و في الاحتجاج للطّبرسيّ- رحمه اللّه- : عن عليّ- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه يقول: وألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطابا يدلّ على انفراده وتوحّده ، وبأنّ له  أولياء تجري أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله. فهم العباد المكرمون، وهم النّعيم الّذي يسأل [العباد]  عنه. لأنّ اللّه أنعم بهم على من اتّبعهم من أوليائهم.

قال السّائل: من هؤلاء الحجج؟

قال: هم رسول اللّه ومن حلّ محلّه من أصفياء اللّه  الّذي قال: فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ  الّذين قرنهم اللّه بنفسه وبرسوله الحديث .و في مجمع البيان : روى العيّاشيّ، بإسناده، في حديث طويل قال: سأل أبو حنيفة أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن هذه الآية.

فقال له: ما النّعيم عندك، يا نعمان؟

قال: القوت من الطّعام والماء فقال: لئن أوقفك اللّه يوم القيامة بين يديه حتّى يسألك عن كلّ أكلة أكلتها أو شربة شربتها، ليطولنّ  وقوفك بين يديه.

قال: فما النّعيم، جعلت فداك؟

 

قال: نحن، أهل البيت، النّعيم الّذي أنعم اللّه بنا على العباد، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين، وبنا ألّف اللّه بين قلوبهم وجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء، وبنا هداهم اللّه للإسلام، وهو النّعمة الّتي لا تنقطع، واللّه سائلهم عن حق النّعيم الّذي أنعم [اللّه‏]  به عليهم، وهو النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- وعترته.

و في تهذيب الأحكام ، في الدّعاء بعد صلاة الغدير المسند إلى الصّادق- عليه السّلام-: اللّهمّ  وكما كان من شأنك، يا صادق الوعد يا من لا يخلف الميعاد  يا من هو كلّ يوم في شأن، أن أنعمت علينا بموالاة أوليائك المسئول عنها عبادك. فإنّك قلت وقولك الحقّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : أخبرنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد، عن مسلمة  بن عطاء، عن جميل، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قلت: قول اللّه: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: قال: [تسأل‏]  هذه الأمّة  عمّا أنعم اللّه عليهم برسوله، ثمّ بأهل بيته.

و في عيون الأخبار ، بإسناده إلى إبراهيم بن عبّاس الصّوليّ الكاتب قال: كنّايوما  بين يدي عليّ بن موسى الرّضا- عليه السّلام- فقال [لي‏] : ليس في الدّنيا نعيم حقيقيّ.

فقال له بعض الفقهاء ممّن يحضره: فيقول اللّه: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ أما هذا النّعيم في الدّنيا وهو الماء البارد؟

فقال له الرّضا- عليه السّلام- وعلا صوته: كذا فسّرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب شتى فقال طائفة: هو الماء البارد. وقال غيرهم: هو الطّعام الطّيّب. وقال آخرون: هو طيب النوم.

 [قال الرضا- عليه السّلام-] : ولقد حدّثني أبي، عن أبيه، أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّ أقوالكم هذه ذكرت عنده في قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فغضب وقال: إنّ اللّه لا يسأل عباده عمّا تفضّل عليهم به، ولا يمنّ بذلك عليهم. والامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين، فكيف يضاف إلى الخالق ما لا يرضى المخلوقون به؟! ولكنّ النّعيم حبّنا، أهل البيت وموالاتنا، يسأل اللّه عنه بعد التّوحيد والنّبوّة، لأنّ العبد إذا وفي بذلك أدّاه إلى نعيم الجنّة الّذي لا يزول. ولقد حدّثني بذلك أبي، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-  أنّه قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: [يا علي! إنّ‏]  أوّل ما يسال عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وأنّك وليّ المؤمنين بما جعله اللّه وجعلته لك. فمن أقرّ بذلك وكان معتقده ، صار إلى النّعيم الّذي لا زوال له.

و في التّوحيد ، بإسناده إلى صفوان بن يحيى، عمّن حدّثه، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه سئل عن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

فقال: الباء بهاء اللّه، والسّين سناء اللّه، والميم ملك اللّه.

قال: قلت: اللّه.

قال: الألف آلاء اللّه على خلقه من النّعيم بولايتنا.

الحديث طويل. أخذت‏منه موضع الحاجة.

و في محاسن البرقيّ : عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختريّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: إنّ اللّه أكرم [من‏]  أن يسأل مؤمنا عن أكله وشربه.

عن ابن محبوب ، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب العبد المؤمن عليهنّ: طعام يأكله، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه.

و في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا من الأخبار المجموعة، وبالإسناد قال: قال [عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- في قوله اللّه- عزّ وجلّ-:]  ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: الرّطب والماء البارد.

و في من لا يحضره الفقيه ، بإسناده إلى الصّادق- عليه السّلام- قال: من ذكر اسم اللّه على الطّعام لم يسأل عن نعيم ذلك الطّعام.

و في مجمع البيان : ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ الصّحّة والفراغ.

عن عكرمة.

و يعضده ما رواه ابن عبّاس، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: نعمتان مغبون فيهما كثير من النّاس: الصّحّة والفراغ.

و

قيل : هو الأمن والصّحّة. عن عبد اللّه بن مسعود [و مجاهد] . روي ذلك عن أبي جعفر- عليه السّلام- وأبي عبد اللّه- عليه السّلام-.

و قيل : يسأل عن كلّ نعيم إلّا ما خصّه الحديث، وهو قوله: ثلاثة لا يسأل‏عنها العبد: خرقة يواري بها عورته، وكسرة يسدّ بها جوعته، وبيت يكنّه من الحرّ والبرد.

و روي: أنّ بعض الصّحابة أضاف النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- مع جماعة من أصحابه، فوجدوا عنده تمرا وماء باردا، فأكلوا. فلمّا خرجوا قال: هذا من النّعيم الّذي يسألون عنه.

و في أمالي شيخ الطّائفة ، بإسناده إلى أبي حفص الصّائغ، عن جعفر بن محمّد في قوله: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: نحن من النّعيم.

و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا عليّ بن أحمد بن حاتم، عن حسن بن عبد الواحد، عن القاسم  بن الضّحّاك، عن أبي حفص الصّائغ، عن جعفر بن محمّد- عليهما السّلام- أنّه قال: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ واللّه، ما هو الطّعام والشّراب، ولكن ولايتنا أهل البيت.

و قال - أيضا-: حدّثنا أحمد بن محمّد الورّاق، عن جعفر بن عليّ بن نجيح، عن حسن بن حسين، عن أبي حفص الصّائغ عن جعفر بن محمّد [- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: نحن النّعيم.

و قال - أيضا-: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد]  عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد اللّه بن نجيح اليمانيّ، قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام- ما معنى قوله: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ؟

قال: النّعيم الّذي أنعم اللّه به عليكم من ولايتنا وحبّ محمّد وآل محمّد [- صلوات اللّه عليهم-] .

و قال - أيضا-: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد،عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي الحسن موسى- عليه السّلام- في قوله: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: نحن نعيم المؤمن، وعلقم الكافر.

و قال- أيضا-: حدّثنا أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي الحسن موسى- عليه السّلام- في قوله: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: نحن نعيم المؤمن، وعلقم الكافر.

و قال - أيضا-: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن القاسم، عن محمّد بن عبد اللّه بن  صالح، عن مفضّل بن صالح، عن سعد بن عبد اللّه ، عن الأصبغ بن نباتة، عن عليّ- عليه السّلام- أنّه قال: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ نحن النّعيم.

و قال - أيضا-: حدّثنا علي بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ، عن إسماعيل بن بشّار، عن [علي بن‏]  عبد اللّه بن غالب، عن أبي خالد الكابليّ قال: دخلت على محمّد بن عليّ- عليه السّلام- فقدّم [لي‏]  طعاما لم آكل أطيب منه.

فقال لي: يا أبا خالد، كيف رأيت طعاما؟

فقلت: جعلت فداك، ما أطيبه غير إنّي ذكرت آية في كتاب اللّه فبغضته .

قال: وما هي؟

قلت: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: لا ، واللّه، لا تسأل عن هذا الطّعام أبدا. ثمّ ضحك حتّى افترّ ضاحكاه  وبدت أضراسه، وقال: أ تدري ما النّعيم؟

قلت: لا.

قال: فنحن النّعيم الّذي تسألون عنه.و روى الشّيخ المفيد ، بإسناده إلى محمّد بن السّائب الكلبيّ قال: لمّا قدم الصّادق- عليه السّلام- العراق نزل الحيرة، فدخل عليه أبو حنيفة وسأله [عن‏]  مسائل.

و كان ممّا  سأله أن قال له: جعلت فداك، ما الأمر بالمعروف؟

فقال: المعروف، يا أبا حنيفة، المعروف في أهل السّماء، المعروف في أهل الأرض، وذاك أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

قال: جعلت فداك، فما المنكر؟

قال: اللّذان ظلماه حقّه، وابتزّاه  أمره، وحملا النّاس على كتفه.

قال: ألا ما هو أن ترى الرّجل على معاصي اللّه فتنهاه  عنها؟

فقال أبو عبد اللّه: ليس ذاك أمرا بمعروف ولا نهيا عن المنكر، إنّما ذاك خير قدّمه.

قال أبو حنيفة: أخبرني، جعلت فداك، عن قوله- تعالى-: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ.

قال: فما هو عندك، يا أبا حنيفة؟

قال: الأمن في السّرب وصحّة البدن  والقوت الحاضر.

فقال: يا أبا حنيفة، لئن وقفك اللّه وأوقفك يوم القيامة حتّى يسألك عن كلّ شربة وكلمة ليطولنّ وقوفك.

قال: فما النّعيم، جعلت فداك؟

قال: النّعيم نحن، الّذين أنقذ اللّه النّاس بنا من الضّلالة وبصّر (هم)  بنا من العمى وعلّمهم بنا من الجهل.

قال: جعلت فداك، فكيف كان القرآن جديدا أبدا.

قال: لأنّه لم يجعل لزمان دون زمان، فتخلقه  الأيّام. ولو كان كذلك، لفنى القرآن قبل فناء العالم.