سورة الحاقّة

سورة الحاقّة

مكّيّة.

و آياتها إحدى وخمسون، أو اثنتان.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: أكثروا  من قراءة الحاقّة، فإنّ قراءتها في الفرائض والنّوافل من الإيمان باللّه ورسوله، لأنّها إنّما نزلت في أمير المؤمنين- عليه السّلام- ومعاوية، ولم يسلب قارئها دينه حتّى يلقى اللّه.

و

في مجمع البيان : وروى جابر الجعفي، [عن أبي جعفر- عليه السّلام-]  قال: أكثروا من قراءة الحاقّة، فإنّ قراءتها في الفرائض والنّوافل من الإيمان باللّه ورسوله، ولم يسلب قارئها دينه  حتّى يلقى اللّه.

ابيّ بن كعب ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: من قرأ سورة الحاقّة، حاسبه اللّه حسابا يسيرا.

الْحَاقَّةُ ، أي: السّاعة. أو الحالة الّتي يحقّ وقوعها. أو الّتي تحق فيها الأمور، أي: تعرف حقيقتها. أو يقع فيها حواق الأمور الحساب والجزاء، على الإسنادالمجازيّ.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ [قال:

الْحَاقَّةُ]  الحذر بنزول العذاب.

و في مجمع البيان : الْحَاقَّةُ اسم من أسماء  القيامة في قول جميع المفسّرين.

و هي مبتدأ خبرها مَا الْحَاقَّةُ : وأصله: ما هي، أي: أيّ شي‏ء هي؟

على التّعظيم لشأنها والتّهويل لها، فوضع الظّاهر موضع الضّمير لأنّه أهول لها.

وَ ما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ : وأيّ شي‏ء أعلمك ما هي، أي: أنّك لا تعلم كنهها، فإنّها أعظم من أن تبلغها دراية  أحد.

و «ما» مبتدأ و«أدراك» خبره.

كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ : بالحالة الّتي تقرع النّاس بالإفزاع، والأجرام بالانفطار والانتشار. وإنّما وضعت موضع ضمير «الحاقّة» زيادة في وصف شدّتها.

فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ : بالواقعة المجاوزة للحدّ في الشّدّة، وهي الصّيحة أو الرّجفة، لتكذيبهم بالقارعة، أو بسبب طغيانهم بالتّكذيب وغيره. على أنّها مصدر، كالعاقبة. وهو لا يطابق قوله: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ، أي: شديدة الصّوت. أو البرد، من الصّر، أو الصّر.

عاتِيَةٍ : شديدة العصف، كأنّها عتت على خزّانها فلم يستطيعوا ضبطها، أو على عاد فلم يقدروا على ردّها.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : كَذَّبَتْ ثَمُودُ (وَ عادٌ) بِالْقارِعَةِ قال: قرعهم بالعذاب.

وَ أَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ قال: خرجت أكثر ممّا أمرت به.

و

في من لا يحضره الفقيه : وقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: ما خرجت ريح قطّ إلّا بمكيال، إلّا زمن عاد فإنّها عتت على خزّانها فخرجت في مثل خرق الإبرةفأهلكت قومه.

و

في روضة الكافي ، بإسناده إلى أبي جعفر- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: وأمّا ريح العقيم فإنّها ريح عذاب، لا تلقح شيئا من الأرحام ولا شيئا من النّبات، وهي ريح تخرج من تحت الأرضين السّبع، وما خرجت منها ريح قطّ إلّا على قوم عاد حين غضب اللّه عليهم، فأمر الخزّان أن يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم.

قال: فعتت على الخزّان، فخرج منها على مقدار منخر الثّور تغيّظا منها على قوم عاد.

قال: فضجّ الخزّان إلى اللّه من ذلك، فقالوا: ربنا، إنّها قد عتت عن أمرنا، إنّا نخاف أن يهلك من لم يعصك من خلقك وعمّار بلادك.

قال: فبعث اللّه إليها جبرئيل فاستقبلها بجناحه فردّها إلى موضعه، وقال لها:

اخرجي على ما أمرت به.

 [قال: فخرجت على ما أمرت به‏]  وأهلكت قوم عاد ومن كان بحضرتهم.

سَخَّرَها عَلَيْهِمْ: سلّطها عليهم بقدرته.

و هو استئناف. أو صفة جي‏ء به لنفي ما يتوهم به من أنّها كانت من اتصالات فلكيّة، إذ لو كانت لكان هو المقدّر لها والمسبّب.

سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً: متتابعات، جمع حاسم، من حسمت الدّابّة: إذا تابعت بين كيّها. أو نحسات، حسمت كل خير واستأصلته. أو قاطعات، قطعت دابرهم.

و يجوز أن يكون مصدرا منتصبا على العلّة، بمعنى: قطعا. أو المصدر لفعله المقدّر حالا، أي: تحسمهم حسوما، ويؤيّده القراءة بالفتح.

و هي كانت أيّام العجوز من صبيحة الأربعاء إلى غروب الأربعاء الأخرى، وإنّما سمّيت عجوزا لأنّها عجز الشّتاء، أو لأنّ عجوزا من عاد توارت في سرب  فانتزعتها الرّيح في الثّامن فأهلكتها.و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى عثمان بن عيسى، رفعه إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: الأربعاء يوم نحس مستمرّ، لأنّه أوّل يوم وآخر يوم من الأيّام الّتي قال اللّه: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً قال: كان القمر منحوسا بزحل سبع ليال وثمانية أيّام حتّى هلكوا.

فَتَرَى الْقَوْمَ: إن كنت حاضرهم.

فِيها: في مهابّها، أو في اللّيالي والأيّام.

صَرْعى‏: موتى جمع، الصّريع.

كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ: أصول نخل.

خاوِيَةٍ : متأكلة الأجواف.

فَهَلْ تَرى‏ لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ : من بقيّة، أو نفس باقية، [أو بقاء] .

وَ جاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ: ومن تقدّمه.

و قرأ  البصريّان والكسائي: «و من قبله»، أي: ومن عنده من أتباعه. ويدلّ عليه أنّه قرئ: «و من معه».

وَ الْمُؤْتَفِكاتُ: قرى قوم لوط، والمراد: أهلها.

بِالْخاطِئَةِ : بالخطإ، أو بالفعلة، أو الأفعال ذات الخطأ.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: الْمُؤْتَفِكاتُ البصرة، والخاطئة فلانة.

و

في شرح الآيات الباهرة : روى محمّد البرقيّ، عن [الحسين بن‏]  سيف بن عميرة، عن أخيه، عن منصور بن حازم، عن عمران قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقرأ: وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ.

قال: وَجاءَ فِرْعَوْنُ، يعني: الثّالث. وَمَنْ قَبْلَهُ الأوّلين. وَالْمُؤْتَفِكاتُ أهل البصرة بِالْخاطِئَةِ الحميراء.و بالإسناد : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- مثله، قال: وَجاءَ فِرْعَوْنُ، يعني: الثّالث. وَمَنْ قَبْلَهُ، يعني: الأوّلين. وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ يعني: عائشة.

فمعنى قوله: وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ، أي: المخطئة في أقوالها وأفعالها وكلّ خطأ وقع فإنّه منسوب إليها، وكيف جاؤوا بها  بمعنى: أنّهم وثبوا بها وسنّوا لها  الخلاف لمولاها، وزر ذلك عليهم وفعل من تابعها  إلى يوم القيامة.

و قوله: وَالْمُؤْتَفِكاتُ أهل البصرة.

فقد جاء في كلام أمير المؤمنين- عليه السّلام- لأهل البصرة: يا أهل المؤتفكة، ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى اللّه تمام الرّابعة.

و معنى «ائتفكت بأهلها»، أي: خسفت بهم.

فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ، أي: فعصت كلّ أمّة رسولها.

فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً : زائدة في الشدّة زيادة أعمالهم في القبح.

إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ: جاوز حدّه المعتاد، أو طغى على خزّانه وذلك [في الطّوفان‏] ، وهو يؤيّد «من قبله».

حَمَلْناكُمْ، أي: حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم.

فِي الْجارِيَةِ : في سفينة نوح.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: الرابية الّتي أربت على ما صنعوا.

و قوله: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ، يعني: أمير المؤمنين وأصحابه.

لِنَجْعَلَها لَكُمْ‏

: لنجعل الفعلة، وهي إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين.

تَذْكِرَةً

: عبرة ودلالة على قدرة الصّانع وحكمته، وكما زجره ورحمته.

وَ تَعِيَها

: وتحفظها.

و عن ابن كثير  في الشّواذّ: «و تعيها» بسكون العين، تشبيها بكتف.

و الوعي: أن تحفظ الشّي‏ء في نفسك، والإيعاء: أن تحفظه في غيرك.أُذُنٌ واعِيَةٌ

 : من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظها، بتذكّره وإشاعته والتفكّر فيه والعمل بموجبه.

و التّنكير للدّلالة على قلّتها، أنّ من هذا شأنه مع قلّته تسبّب لإنجاء  الجمّ الغفير وإدامة نسلهم.

و قرأ  نافع: «أُذْن» بالتّخفيف.

و

في كتاب معاني الأخبار ، خطبة لعليّ- عليه السّلام- يذكر فيها نعم اللّه- عزّ وجلّ- عليه، وفيها يقول: ألا وإنّي مخصوص في القرآن بأسماء احذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم.

... إلى قوله: [و أنا]  الأذن الواعية، يقول اللّه- عزّ وجلّ-: وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

.

و

في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار المجموعة، وبإسناده: عن عليّ- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في قوله- تعالى-: وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

: ودعوت اللّه أن يجعلها أذنك، يا عليّ.

و في مجمع البيان : وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

 و

روى الطّبري- رحمه اللّه- بإسناده، عن مكحول أنّه لمّا نزلت هذه الآية قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: اللّهمّ، اجعلها أذن عليّ.

ثمّ قال عليّ- عليه السّلام-: فما سمعت شيئا من رسول اللّه فنسيته.

و

روى  بإسناده: عن عكرمة، عن بريدة الأسلميّ أنّ عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال لعليّ- عليه السّلام-: يا عليّ، إنّ اللّه أمرني أن أدنيك ولا أقصيك، وأن أعلّمك وتعي، وحقّ على اللّه أن تعي.

فنزل: وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ.و

أخبرني  فيما كتب  بخطّه [ابن‏]  المفيد، أبو الوفاء عبد الجبّار.

... إلى قوله: قال: سمعت أبا عمرو، عثمان بن الخطّاب المعمّر، المعروف:

بأبي الدّنيا الأشبح، قال: سمعت عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- يقول: لمّا نزلت وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

 قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: سألت اللّه أن يجعلها أذنك، يا عليّ.

و

في جوامع الجامع : وعن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال لعليّ عند نزول هذه الآية: سألت اللّه أن يجعلها أذنك، يا عليّ. فما نسيت شيئا بعد، وما كان لي أن أنسى.

و

في كتاب سعد السّعود  لابن طاوس- رحمه اللّه- بعد أن ذكر عليّا- عليه السّلام-: فإنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: إنّه المراد بقوله- تعالى-: وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

.

و

في بصائر الدّرجات : محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاري، عن صباح المزنيّ، عن الحارث بن حضيرة  المزنيّ، عن الأصبغ بن نباته، عن عليّ- عليه السّلام- أنّه قال في حديث طويل: أنا الّذي أنزل اللّه فيّ وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

 فإنّا كنّا عند رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فيخبرنا  بالوحي فأعيه ويفوتهم، فإذا خرجنا قالوا: ما ذا قال آنفا؟

و

في أصول الكافي ، بإسناده إلى يحيى بن سالم: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: لمّا نزلت وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

 [قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-:]  هي أذنك، يا عليّ.

و

في شرح الآيات الباهرة : أورد فيه محمّد بن العبّاس ثلاثين حديثا عن الخاصّ‏و العامّ، فممّا اخترناه:

ما رواه محمّد بن سهل القطّان، عن أحمد بن عمر الدّهقان، عن محمّد بن كثير، عن الحارث بن حضيرة ، عن أبي داود، عن أبي بريدة قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: إنّي سألت اللّه ربّي أن يجعل لعليّ أذنا واعية.

فقيل لي: قد فعل ذلك به.

و منها :

ما رواه عن محمّد بن جرير الطّبري، عن عبد اللّه بن أحمد المروزيّ، عن يحيى بن صالح، عن عليّ الحوشب  الجوثب الفزاريّ، عن مكحول في قوله- تعالى-:

وَ تَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ قال: قال: سألت اللّه أن يجعلها أذن عليّ.

 

قال: وكان عليّ- عليه السّلام- يقول: ما سمعت من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- شيئا إلّا حفظته ولم أنسه.

و منها :

ما رواه عن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن سالم الأشلّ، عن سعد  بن طريف، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

 قال: الأذن الواعية أذن عليّ- عليه السّلام- وعى  قول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وهو حجة [اللّه‏]  على خلقه، من أطاعه فقد أطاع اللّه، ومن عصاه فقد عصى اللّه.

و منها :

ما رواه- أيضا-، عن عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ، عن إسماعيل بن البشار، عن عليّ بن جعفر، عن جابر الجعفيّ، عن أبي جعفر محمّد بن علي- عليه السّلام-  قال: جاء رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- إلى عليّ- عليه السّلام- فقال: يا عليّ، نزلت عليّ اللّيلة هذه الآية وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ

 وإنّي سألت ربّي أن يجعلها أذنك، اللّهمّ اجعلها أذن عليّ، ففعل .فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ : لمّا بالغ في تهويل القيامة وذكر مآل المكذّبين  بها، تفخيما لشأنها وتنبيها على إمكانها، عاد إلى شرحها.

و إنّما حسن إسناد الفعل إلى المصدر لتقيّده  وحسن تذكيره للفصل.

و قرئ : «نفخة» بالنّصب، على إسناد الفعل إلى الجارّ والمجرور، والمراد بها:

النّفخة الأولى الّتي عندها خراب العالم.

وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ: رفعت من أماكنها بمجرّد القدرة الكاملة، أو بتوسّط زلزلة أو ريح عاصفة.

فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً : فضربت الجملتان بعضها على بعض ضربة واحدة، فيصير الكلّ هباء. أو فبسطتا بسطة واحدة، فصارتا أرضا لا عوج فيها ولا أمتا، لأنّ الدّكّ سبب التّسوية، ولذلك قيل: «ناقة  دكّاء» للّتي لا سنام لها، و«أرض دكّاء» للمستوية المتّسعة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: رفعت  فدّك بعضها على بعض.

فَيَوْمَئِذٍ: فحينئذ.

وَقَعَتِ الْواقِعَةُ : قامت القيامة.

وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ: لنزول الملائكة.

فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ : ضعيفة مسترخية.

و

في إرشاد المفيد : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: إنّ النّاس يصاح بهم صيحة واحدة، فلا يبقى ميّت إلّا نشر، ولا حيّ إلّا مات إلّا ما شاء اللّه. ثمّ ليصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات ويصفّون جميعا، وتنشقّ  [السّماء وتهدّ]  الأرض وتخرّالجبال، وترمي  النّار بمثل الجبال شرارا. (الحديث)

وَ الْمَلَكُ: الجنس المتعارف بالملك.

عَلى‏ أَرْجائِها: جوانبها، جمع رجا، بالقصر.

و لعلّه تمثيل لخراب السّماء بخراب البنيان وانضواء  أهلها إلى أطرافها وجوانبها، وإن كان على ظاهره فلعلّ هلاك الملائكة أثر ذلك.

و

في نهج البلاغة : وليس في أطباق السّماوات موضع إهاب إلّا وعليه ملك ساجد، أو ساع حافد .

وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ: فوق الملائكة الّذين هم على الأرجاء. أو فوق الثّمانية لأنّها في نيّة التّقديم.

يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ .

قيل : ثمانية أملاك، لما روي مرفوعا: أنّهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أيّدهم اللّه  بأربعة أخرى.

و قيل : ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدّتهم إلّا اللّه.

و قيل : تمثيل لعظمته، بما يشاهد من أحوال السّلاطين يوم خروجهم على النّاس للقضاء العامّ.

و

في كتاب الخصال ، في سؤال بعض اليهود عليّا- عليه السّلام- عن الواحد إلى المائة: قال له اليهودي: فربّك يحمل أو يحمل؟

قال: إنّ ربّي يحمل كلّ شي‏ء بقدرته، ولا يحمله شي‏ء.

قال: فكيف قوله: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ؟

قال: يا يهوديّ، ألم تعلم أنّ للّه ما في السّماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثّرى؟ فكلّ شي‏ء على الثّرى، والثّرى على القدرة، والقدرة تحمل كلّ شي‏ء.عن حفص بن غياث  النّخعيّ قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: إنّ حملة العرش [ثمانية] ، لكلّ واحد منهم ثمانية أعين، كل عين بطباق الدّنيا.

و

عن الصّادق - عليه السّلام- قال: إنّ حملة العرش أربعة : أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق اللّه لبني آدم، والثّاني على صورة الدّيك يسترزق اللّه للطير، والثّالث على صورة الأسد يسترزق اللّه للسّباع، والرّابع على صورة الثّور يسترزق اللّه للبهائم.

و نكس الثّور رأسه  منذ عبد بنو إسرائيل العجل، فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.

و

في كتاب التّوحيد ، بإسناده إلى زاذان: عن سلمان الفارسي أنّه قال: سأل بعض النّصارى أمير المؤمنين- عليه السّلام- عن مسائل فأجابه عنها، فكان فيما سأله أن قال له:

أخبرني عن ربّك أ يحمل أو يحمل؟

فقال: إنّ ربّنا- جلّ جلاله- يحمل ولا يحمل.

قال النّصراني: وكيف ذلك ونحن نجد في الإنجيل وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ؟

فقال عليّ- عليه السّلام-: إنّ الملائكة تحمل العرش، ولم العرش، كما تظنّ، كهيئة السّرير، ولكنّه شي‏ء محدود مخلوق مدبّر وربّك- عزّ وجلّ- مالكه، لا أنّه عليه ككون الشّي‏ء على الشّي‏ء، وأمر الملائكة بحمله، فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه.

قال النّصرانيّ: صدقت، رحمك اللّه.

و

فيه : عن عليّ بن الحسين- عليه السّلام- حديث طويل في صفة خلق العرش، وفيه يقول: له ثمانية أركان، على كلّ  ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلّا اللّه، يسبّحون اللّيل والنّهار ولا يفترون.

و

في أصول الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، رفعه قال:سأل  الجاثليق أمير المؤمنين- عليه السّلام- فقال:

أخبرني عن قوله: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ (الآية) فكيف قال ذلك: وقلت: إنّه يحمل العرش والسّماوات والأرض؟

فقال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: إنّ العرش خلقه اللّه من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرّت الحمرة ، ونور أخضر منه اخضرّت الخضرة، ونور أصفر منه اصفرّت الصّفرة، ونور أبيض منه أبيضّ البياض، وهو العلم الّذي حمّله اللّه الحملة، وذلك نور من عظمته.

فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السّماء والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة.

فكلّ محمول يحمله اللّه بنوره وعظمته وقدرته، لا يستطيع لنفسه ضرّا [و لا نفعا]  ولا موتا ولا حياة ولا نشورا.

فكلّ شي‏ء محمول، واللّه- تبارك وتعالى- الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شي‏ء ، وهو حياة كلّ شي‏ء ونور كلّ شي‏ء. سبحانه وتعالى عمّا يقولون علوّا كبيرا.

فالّذين يحملون العرش العلماء الّذين حمّلهم اللّه علمه، وليس يخرج عن هذه الأربعة شي‏ء خلق اللّه في ملكوته، وهو الملكوت الّذي أراه اللّه أصفياءه وأراه خليله، فقال :

وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ. وكيف يحمل حملة العرش اللّه وبحياته حييت قلوبهم، وبنورهم اهتدوا إلى معرفته. (الحديث)

أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام- أنّه قال له أبو قرّة- وقد قال- عليه السّلام-: والمحمول ما سوى اللّه، ولم يسمع أحد آمن باللّه وعظمته قطّ قال في دعائه: يا محمول-: فإنّه قال: وَيَحْمِلُ عَرْشَ (الآية) وقال : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ. [فقال أبو الحسن- عليه السّلام-: العرش‏]  ليس هو اللّه، العرش اسم [علم‏]  وقدرة، وعرش فيه كلّ شي‏ء، ثمّ أضاف الحمل إلى غيره، خلق من خلقه، لأنّه استبعد خلقه بحمل عرشه، وهم حملة علمه . (الحديث)

محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن أبي نصر، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبد اللّه-

عليه السّلام- قال: حملة العرش، والْعَرْشَ العلم، ثمانية: أربعة منّا، وأربعة ممّن شاء اللّه.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : [وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ]  قال: حملة العرش ثمانية، لكلّ واحد ثمانية أعين، كلّ عين طباق الدّنيا.

و

في حديث آخر : قال: حملة العرش ثمانية: أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين، فأمّا الأربعة من الأوّلين: فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وأمّا  الآخرين:

فمحمّد وعليّ والحسن والحسين. ومعنى يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ، يعني: العلم.

و في مجمع البيان : وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ من الملائكة ...

عن ابن زيد، وروي ذلك عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: أنّهم اليوم أربعة، فإذا كان يوم القيامة أيّدهم بأربعة أخرى فيكونون ثمانية.

و في روضة الواعظين  للمفيد- رحمه اللّه-: روي من طريق المخالفين في قوله:

وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ (الآية) قال: ثمانية صفوف [من الملائكة]  لا يعلم عددهم إلّا اللّه، لكلّ ملك منهم أربعة وجوه، لهم قرون كقرون الوعل، من أصول القرون إلى منتهاها مسيرة خمسمائة عام، والعرش على قرونهم، وأقدامهم في الأرض السّفلى، ورؤوسهم في السّماء العليا، ودون العرش سبعون حجابا من نور.و

في محاسن البرقيّ : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ حملة العرش لمّا ذهبوا ينهضون بالعرش لم يستقلّوه، فألهمهم اللّه: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه [العلي العظيم‏]  فنهضوا به.

و

في كتاب التوحيد : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل، يقول فيه وقد ذكر عظمة العرش: ما تحمله الأملاك إلّا بقول: لا إله إلّا اللّه، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه.

و

في شرح الآيات الباهرة : روى محمّد بن العبّاس، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن أحمد بن الحسين العلويّ، عن محمّد بن حاتم، عن هارون بن الجهم، عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر- عليه السّلام- يقول في قول اللّه : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ قال: يعني: محمّد وعليّا والحسن والحسين ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى، يعني: أنّ هؤلاء الّذين حول العرش.

و

ذكر الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه  في كتاب الاعتقادات قال: وأمّا العرش الّذي هو العلم فحملته أربعة من الأوّلين وأربعة من الآخرين، فأمّا الأربعة من الأوّلين: فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وأمّا الأربعة من الآخرين: محمّد وعليّ والحسن والحسين. وروي بالأسانيد الصحيحة عن الأئمّة- عليهم السّلام-.

يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ: تمثيل للمحاسبة بعرض السّلطان للعسكر ليعرف أحوالهم.

و هذا وإن كان بعد النّفخة الثّانية، لكن لمّا كان «اليوم» اسما لزمان متّسع يقع فيه النّفختان والصّعقة والنّشور والحساب وإدخال أهل الجنّة [الجنّة]  وأهل النّار [النار]  صحّ ، جعله ظرفا للكلّ.

لا تَخْفى‏ مِنْكُمْ خافِيَةٌ : سريرة على اللّه حتى يكون العرض للاطّلاع عليها، وإنّما المراد منه: إفشاء الحال والمبالغة في العدل. أو على النّاس، كما قال :يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ.

و قرأ  حمزة والكسائي، بالياء، للفصل.

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ: تفضيل للعرض.

فَيَقُولُ: تبهّجا هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ .

 «هاء» اسم «لخذ». وفيه لغات أجودها: هاء يا رجل، وهاء يا امرأة، وهاؤما  يا رجلان أو امرأتان، وهؤم  يا رجال، [و هاؤن‏]  يا نسوة.

و مفعوله محذوف، و«كتابيه» مفعول «اقرؤوا» لأنّه  أقرب العاملين، ولأنّه لو كان مفعول «هاؤم» لقيل: اقرؤوه، إذ الأولى إضمار حيث أمكن.

و «الهاء» فيه وفي «حسابيه» و«ماليه» و«سلطانيه» للسّكت، تثبت  في الوقف، وتسقط في الوصل.

و قرئ  بإثباتها في الوصل.

إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ : أي: علمت.

و قيل : لعلّه عبّر عنه بالظّنّ، إشعارا بأنّه لا يقدح في الاعتقاد ما يهجس في النّفس من الخطرات التي لا تنفكّ عنها العلوم النّظريّة غالبا.

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال الصّادق- عليه السّلام-: كلّ أمّة يحاسبها إمام زمانها، ويعرف الأئمّة أولياءهم وأعداءهم بسيمائهم، وهو قوله : وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ وهم الأئمة يعرفون كلّا بسيماهم فيعطون أولياءهم كتابهم بيمينهم فيمرّون إلى الجنّة بلا حساب، ويعطون أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمرّون إلى النّار بلا حساب، فإذا نظر أولياؤهم في كتابهم يقولون لإخوانهم: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ.

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه- عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-حديث طويل، يقول فيه: وأمّا قوله: وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها، يعني:

تيقّنوا أنّهم داخلوها ، وكذلك قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ (الآية). وأمّا قوله  للمنافقين:

وَ تَظُنُّونَ  بِاللَّهِ الظُّنُونَا فهو ظن شك، وليس ظنّ يقين.

و

في كتاب التوحيد ، حديث طويل: عن عليّ- عليه السّلام- يقول فيه، وقد سأله رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات: وأمّا قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ (الآية)، وقوله :

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ وقوله للمنافقين:

وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا فإنّ قوله: إِنِّي ظَنَنْتُ (الآية) يقول: إنّي أيقنت  أن ابعث فأحاسب. وقوله للمنافقين: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا فهذا الظّنّ ظنّ شكّ، وليس الظّن ظنّ يقين.

و الظّن ظنّان: ظنّ شكّ وظنّ يقين، فما كان من أمر معاد من الظّنّ فهو ظنّ يقين، وما كان من أمر الدّنيا فهو ظنّ شكّ، فافهم ما فسّرت لك.

فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ : ذات رضا على النّسبة بالصّيغة . أو جعل الفعل لها مجازا، وذلك لكونها صافية عن الشّوائب دائمة مقرونة بالتّعظيم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : أي: مرضيّة، فوضع الفاعل مكان المفعول.

فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ : مرتفعة المكان لأنّها في السّماء، أو الدّرجات، أو الأبنية والأشجار.

قُطُوفُها: جمع قطف، وهو ما يجتنى بسرعة. و«القطف» بالفتح والمصدر.

دانِيَةٌ : يتناولها القاعد والقائم.

و في مجمع البيان : فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ و

قد ورد الخبر عن عطاء بن يسار، عن‏سلمان قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لا يدخل الجنّة أحد إلّا بجواز بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من اللّه لفلان بن فلان أدخلوه جنّة عالية قطوفها دانية.

كُلُوا وَاشْرَبُوا: بإضمار القول، وجمع الضّمير باعتبار المعنى.

هَنِيئاً: أكلا وشربا هنيئا. أو هنئتم هنيئا.

بِما أَسْلَفْتُمْ: بما قدّمتم من الأعمال الصّالحة.

فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ : الماضية من أيّام الدّنيا.

و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى عبد اللّه بن مرّة: عن ثوبان قال: قال يهوديّ للنّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: فما أوّل ما يأكل أهل الجنّة إذا دخلوها؟

قال: كبد الحوت.

قال: فما شرابهم على أثر ذلك؟

قال: السّلسبيل.

قال: صدقت. (الحديث)

و

بإسناده  إلى أنس بن مالك: عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال لعبد اللّه بن سلام وقد سأله [عن مسائل‏] : وأمّا أوّل طعام يأكله أهل الجنّة فزيادة كبد الحوت.

و

في مجمع البيان : وعن زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فقال : يا أبا القاسم، تزعم أنّ أهل الجنّة يأكلون ويشربون.

فقال: والّذي نفسي بيده، إنّ الرّجل منهم ليؤتي قوة مائة رجل في الأكل والشّرب والجماع.

قال: الّذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة.

فقال: عرق يفيض مثل ريح المسك، فإذا كان  ذلك ضمر له بطنه.

و

في شرح الآيات الباهرة : [قال محمد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا]  عن‏جعفر بن عبد اللّه المحمّدي ، عن كثير بن عيّاش، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- عزّ وجلّ-: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (إلى آخر الكلام) [نزلت في عليّ- عليه السّلام- وجرت لأهل الإيمان مثلا.

و

يؤيّده : ما رواه- أيضا-، عن (أحمد بن إدريس)  أحمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عمر بن عثمان، عن حنّان بن سدير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه- عزّ وجلّ-: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (الآية)  قال: هذا أمير المؤمنين.

و معنى قوله: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ هذا أمر منه إلى الملائكة، معناه: هاكم، أي: خذوا كتابي واقرؤوه، فإنّكم لا ترون فيه شيئا غير الطّاعات.

و

يؤيّده : ما ذكره الشيخ أبو جعفر الطّوسي- رحمه اللّه- بإسناده يرفعه إلى محمّد بن عمّار بن ثابت، عن أبيه قال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: إنّ حافظي عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- ليفتخران على سائر الحفظة لكونهما مع عليّ- عليه السّلام- و[ذلك‏]  لأنّهما لا يصعدان  إلى اللّه بشي‏ء [منه‏]  يسخطه.

وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ: لما يرى من قبح العمل وسوء العاقبة.

يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ  وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ .

يا لَيْتَها: يا ليت الموتة الّتي متّها كانَتِ الْقاضِيَةَ : القاطعة لأمري [فلم أبعث‏]  بعدها. أو يا ليت هذه الحالة كانت الموتة الّتي قضت عليّ. كأنّه صادفها أمرّ من الموت فتمنّاه  عندها. أو يا ليت حياة الدّنيا كانت الموتة ولم اخلق [فيها]  حيّا.

ما أَغْنى‏ عَنِّي مالِيَهْ : ما لي من المال والتّبع.و «ما» نفي، والمفعول به محذوف. أو استفهام إنكاريّ مفعول لأغنى.

هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ : ملكي وتسلّطي على النّاس، أو حجّتي الّتي [كنت‏]  أحتجّ بها في الدّنيا.

خُذُوهُ: يقول- تعالى- لخزنة نار جهنّم.

فَغُلُّوهُ  ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ : ثمّ لا تصلّوه إلّا الجحيم، وهي النّار العظمى، لأنّه كان يتعظّم على النّاس فيها.

ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً، أي: طويلة.

فَاسْلُكُوهُ : فأدخلوه فيها، بأن تلقوها على جسده وهو فيما بينهما مرهق لا يقدر على حركة.

و تقديم السّلسلة، تقديم الجحيم، للدّلالة على التّخصيص والاهتمام بذكر أنواع ما يعذّب به. و«ثمّ» لتفاوت ما بينهما في الشّدّة .

إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ : تعليل  على طريقة  الاستئناف للمبالغة، وذكر للإشعار بأنّه هو المستحقّ للعظمة، [فمن تعظّم‏]  فيها  استوجب ذلك.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمّد بن سالم ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: وأنزل في الحاقّة: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ- إلى قوله- الْعَظِيمِ فهذا مشرك.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ قال :

نزلت في معاوية. فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ، يعني: الموت. ما أَغْنى‏ عَنِّي مالِيَهْ، يعني: ماله الّذي جمعه.هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ، أي: حجّته. [فيقال: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ، أي:

أسكنوه.]  ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ السّلسلة الّتي طولها سبعون ذراعا [لو وضعت على الدّنيا لذابت  من حرّها]  الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

و

في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلا قال: أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: وكان معاوية صاحب السّلسلة التي قال اللّه- تعالى-: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. وكان فرعون هذه الأمة.

و

في بصائر الدّرجات : عليّ ، عن العبّاس بن عامر، عن أبان، عن بشير النّبّال، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّه قال: كنت خلف أبي وهو على بغلته، فنفرت بغلته، وإذا  شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه.

فقال: يا علي بن الحسين، اسقني [اسقني‏] .

فقال الرّجل: لا تسقه، لا سقاه اللّه. وكان الشّيخ معاوية.

الحجّال ، عن الحسن بن الحسين، عن ابن سنان، عن عبد الملك القمّيّ، عن إدريس  أخيه قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: بينا أنا وأبي متوجّهان إلى مكّة، وأبي قد تقدّمني في موضع يقال له ضجنان، إذ جاء رجل في عنقه سلسلة يجرّها .

فقال لي : اسقني اسقني.

قال: فصاح بي أبي: لا تسقه، لا سقاه اللّه.

 [قال:]  ورجل يتبعه حتّى جذب سلسلته  وطرحه في أسفل درك من النّار.

أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عليّ بن‏المغيرة قال: نزل أبو جعفر- عليه السّلام- ضجنان، فقال ثلاث مرّات: لا غفر اللّه لك.

ثمّ قال لأصحابه: أ تدرون لم قلت ما قلت؟

قالوا: لم قلت ، جعلنا اللّه فداك؟

قال: [مرّ]  معاوية يجرّ سلسلة قد أدلى لسانه يسألني أن أستغفر له. وإنه ليقال: إنّ هذا واد من أودية جهنّم.

وَ لا يَحُضُّ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ : ولا يحثّ على بذل طعامه فضلا عن أن يبذل من ماله.

و يجوز أن يكون ذكر الخصّ [للإشعار بأنّ تارك الحضّ‏]  بهذه المنزلة، فكيف [بتارك‏]  الفعل.

و فيه دليل على تكليف الكفّار بالفروع، ولعلّ تخصيص الأمرين بالذّكر لأنّ أقبح العقائد الكفر باللّه وأشنع الرّذائل البخل وقسوة القلب.

فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ : قريب يحميه.

وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ : غسالة أهل النّار وصديدهم، فعلين، من الغسل.

لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ : أصحاب الخطايا. من خطئ الرّجل: إذا تعمّد الذّنب. لا من الخطأ المقابل للصّواب.

و قرئ : «الخاطيون»  بقلب الهمزة ياء. «و الخاطون»  بطرحها .

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَلا يَحُضُّ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ حقوق آل محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- الّتي غصبوها، قال اللّه: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ، أي:

قرابة.

وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ قال: عرق الكفّار.و

في شرح الآيات الباهرة : وروي، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن مسكان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنه قال: نزلت سورة الحاقة في أمير [المؤمنين ومعاوية- عليه ومن الله جزاء عمله المعزى إليه‏] .

و

يؤيّده : ما رواه محمّد بن العبّاس، عن الحسين  بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن رجل، عن الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال: قوله- تعالى-:

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (إلى آخر الآيات) فهو أمير المؤمنين. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فالشّاميّ- لعنه اللّه-.

فَلا أُقْسِمُ: لظهور الأمر واستغنائه عن التحقيق بالقسم. أو فأقسم و«لا» مزيدة. أو فلا ردّ لإنكارهم البعث [و «أقسم»]  مستأنف.

بِما تُبْصِرُونَ  وَما لا تُبْصِرُونَ : بالمشاهدات والمغيبات، وذلك يتناول الخالق والمخلوقات  بأسرها.

إِنَّهُ: إنّ القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ: يبلّغه عن اللّه، فإنّ الرّسول لا يقول عن نفسه.

كَرِيمٍ : على الله. وهو محمّد أو جبرئيل.

وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ كما تزعمون تارة.

قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ : تصدّقون لما ظهر لكم صدقة، تصديقا قليلا لفرط عنادكم.

وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ، كما تدّعون أخرى.

قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ : تذكرون تذكّرا قليلا، فلذلك يلتبس الأمر عليكم.

و ذكر الإيمان مع نفي [الشاعريّة والتذكّر مع نفي‏]  الكاهنيّة، لأنّ عدم مشابهةالقرآن للشّعر أمر بين لا ينكره إلّا معاند، بخلاف مباينته للكهانة فإنّها تتوقّف على تذكّر أحوال الرّسول ومعاني  القرآن المنافية لطريقة الكهنة ومعاني أقوالهم.

و قرأ  ابن كثير ويعقوب وابن عامر، بالياء فيهما.

تَنْزِيلٌ: هو تنزيل مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ : نزّله على لسان جبرئيل.

وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ .

سمّى الافتراء: تقوّلا، لأنّه قول متكلّف، والأقوال المفتراة أقاويل تحثيرا بها، كأنّه جمع أفعولة من القول، كالأضاحيك.

لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ  ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ، أي: نياط قلبه وبضرب عنقه. وهو تصوير لإهلاك بأفظع  ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه، وهو أن يأخذ القتال  بيمين ويكفحه بالسّيف ويضرب عنقه.

و قيل : اليمين، بمعنى: القوّة.

فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ: عن القاتل، أو المقتول.

حاجِزِينَ : دافعين. وصف «لأحد» فإنّه عامّ والخطّاب للنّاس.

وَ إِنَّهُ: وإنّ القرآن لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ : لأنّهم المنتفعون به.

وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ : فنجازيهم على تكذيبهم.

وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ : إذا رأوا ثواب المؤمنين به.

وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ : لليقين الّذي لا ريب فيه.

فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ : فسبّح الله بذكر اسمه العظيم، تنزيها له عن الرّضا بالتّقوّل عليه، وشكرا على ما أوحى إليك.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي- عليه السّلام- قال: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، يعني: جبرئيل عن اللّه في ولاية عليّ- عليه السّلام-.قلت: وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ.

قال: قالوا: إنّ محمّدا كذب  على ربّه، وما أمره اللّه بهذا في عليّ- عليه السّلام-. فأنزل الله بذلك قرآنا فقال: إنّ ولاية عليّ- عليه السّلام- تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ، وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا محمّد بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ثمّ عطف [القول‏]  فقال: إنّ ولاية عليّ- عليه السّلام- لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ للعالمين وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ وإنّ عليّا لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ- عليه السّلام- وإن ولايته لَحَقُّ الْيَقِينِ، فَسَبِّحْ يا محمّد بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ. يقول: اشكر ربّك العظيم الّذي أعطاك هذا الفضل.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و

في تفسير العيّاشي : عن زيد بن الجهم، عن أبي عبد الله- عليه السّلام- قال:

قال لي: لمّا أخذ رسول الله- صلّى اللّه عليه وآله- بيد عليّ- عليه السّلام- وأظهر ولايته قالا  جميعا: [و الله‏]  ما هذا من تلقاء اللّه، ولا هذا إلّا شي‏ء أراد أن يشرّف به ابن عمّه.

فأنزل اللّه [عليه: وَلَوْ تَقَوَّلَ‏]  عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ [لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ‏]  [وَ إِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ يعني : فلانا وفلانا. وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ، يعني: عليّا- عليه السّلام- (وَ إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ، يعني: عليّا- عليه السّلام-. فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.

و

في)  تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ‏] ، يعني: رسول الله- صلّى اللّه عليه وآله-.

لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ قال: انتقمنا منه بقوّة.

ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ قال: عرق في الظهر يكون منه الولد. قال:فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ، يعني: لا يحجز اللّه عنه أحد ولا يمنعه عن رسول اللّه وقوله:

وَ إِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ يعني: أمير المؤمنين. فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.

و في شرح الآيات الباهرة : وذكر محمّد بن العبّاس في تأويل فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ تأويلا حسنا، وهو:

ما رواه [عن أحمد بن إدريس‏]  عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عبد اللّه بن يحيى، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير ، عن أبي المقدام، عن جويرية بن مسهر قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين- عليه السّلام- بعد قتل الخوارج حتّى إذا صرنا في أرض بابل، حضرت صلاة العصر، فنزل أمير المؤمنين- عليه السّلام- ونزل النّاس.

فقال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: أيّها النّاس، إنّ هذه أرض ملعونة وقد عذبت من الدّهر ثلاث مرّات، وهي إحدى المؤتفكات، وهي أوّل أرض عبد فيها وثن، إنّه لا يحلّ لنبيّ ولا وصي نبيّ أن يصلّي فيها. فأمر الناس  فمالوا إلى جنب الطّريق يصلّون وركب بغلة رسول اللّه فمضى عليها.

قال جويرية: و[اللّه‏]  لأتبعنّ أمير المؤمنين ولأقلّدنّه صلاتي اليوم.

قال: فمضيت خلفه، واللّه، ما جزنا جسر سوراء  حتّى غابت الشّمس.

قال: فسببته، أو هممت  أن أسبه.

قال: فالتفت إليّ وقال: يا جويرية.

قلت: نعم، يا أمير المؤمنين.

قال: فنزل ناحية فتوضّأ، ثمّ قام فنطق بكلام الا أحسبه إلّا بالعبرانيّة، ثمّ نادى بالصّلاة.

قال: فنظرت، واللّه، إلى الشّمس قد خرجت من بين  جبلين لها صرير، فصلّى‏العصر وصلّيت معه، فلمّا فرغنا عن صلاتنا عاد اللّيل، كما كان، فالتفت إلي وقال:

يا جويرية، إنّ اللّه- تبارك وتعالى- يقول: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ وإنّي سألت اللّه باسمه الأعظم  فردّ عليّ الشّمس.