سورة الكوثر

سورة الكوثر

قيل : مكيّة.

و قيل : مدنيّة.

و آيها ثلاث بالإجماع.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من كان قراءته إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ في فرائضه ونوافله، سقاه اللّه من الكوثر يوم القيامة، وكان محلّه  عند رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- في أصل طوبى.

و في مجمع البيان: في حديث ابيّ: من قرأها سقاه اللّه من أنهار الجنّة، واعطي من الأجر بعدد كلّ قربان قرّبه العباد في يوم عيد ويقرّبون من أهل الكتاب والمشركين.

إِنَّا أَعْطَيْناكَ وقرئ : «أنطيناك».

الْكَوْثَرَ .

قيل : الخير المفرط الكثير  من العلم والعمل وشرف الدّارين.و في مجمع البيان : خاطب اللّه نبيّه- صلّى اللّه عليه وآله- محمّدا  على وجه التّعداد لنعمه عليه، فقال: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ. اختلفوا في تفسير الكوثر، فقيل: هو نهر في الجنّة. عن عائشة وابن عمر.

قال ابن عبّاس: لمّا نزل إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ صعد رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- المنبر فقرأها على النّاس. فلمّا نزل قالوا: يا رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه وآله-]   ما هذا الّذي أعطاك اللّه؟

قال: نهر في الجنّة أشدّ بياضا من اللّبن وأشدّ استقامة من القدح، حافّتاه قباب الدّرّ والياقوت، ترده طير خضر لها أعناق كأعناق البخت .

قالوا: يا رسول اللّه، ما أنعم تلك الطّير! قال: أفلا أخبركم بأنعم منها؟

قالوا بلى.

قال: من أكل الطّائر وشرب الماء  وفاز برضوان اللّه.

و روي  عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: نهر في الجنّة أعطاه اللّه نبيّه عوضا عن أبنه.

و قال أنس: بينا رسول اللّه ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاء، ثمّ رفع رأسه متبسّما . فقلت: ما أضحكك، يا رسول اللّه؟

قال: أنزلت عليّ آنفا سورة، [فقرأ سورة]  الكوثر. ثمّ قال: أ تدرون ما الكوثر؟

قلنا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: فإنه نهر وعدنيه عليه ربّي  خيرا كثيرا، [هو حوضي‏]  ترد عليه أمتّي يوم‏القيامة، آنيته عدد نجوم السّماء، فيختلج القرن منهم فأقول: يا ربّ، إنّهم من أمّتي.

فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. أورده مسلم في الصّحيح.

و قيل : هو الشّفاعة. رووه عن الصّادق- عليه السّلام-.

و في الخصال : فيما علّم أمير المؤمنين أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه: أنا مع رسول اللّه [- صلّى اللّه عليه وآله-]  ومعي عترتي [و سبطي‏]  على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا. فإنّ لكلّ أهل نجيبا  [و لنا نجيب‏]  ولنا شفاعة ولأهل مودّتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فإنّا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحبّاءنا وأولياءنا. من شرب منه شربة، لم يظمأ بعدها أبدا. حوضنا [مترع‏]  فيه مثعبان  ينصبّان من الجنّة، أحدهما من تسنيم والآخر من معين، على حافّتيه الزّعفران وحصاة اللّؤلؤ [و الياقوت‏] ، وهو الكوثر.

عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: أعطاني اللّه خمسا وأعطى عليّا خمسا، أعطاني الكوثر وأعطاه السّلسبيل.

 (الحديث)

و في معاني الأخبار ، بإسناده إلى الحسين بن أعين قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قول الرّجل للرّجل: جزاك اللّه خيرا، [ما يعني به‏] ؟

فقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ الخير نهر في الجنّة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش. والحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و في روضة الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن يزيد النّوفليّ، عن الحسين بن أعين ، وذكر مثل ما في معاني الأخبار.و في تفسير عليّ بن إبراهيم : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل ذكرته بتمام  أوّل الإسراء. وفيه يقول- صلّى اللّه عليه وآله-: ثمّ قال: مضيت مع جبرئيل فدخلت البيت المعمور، فصلّيت في ركعتين ومعي أناس من أصحابي عليهم ثياب جدد وآخرون عليهم ثياب  خلقان ، فدخل أصحاب الجدد وحبس أصحاب الخلقان.

ثمّ خرجت فانقاد لي  نهران، نهر يسمّى الكوثر ونهر يسمّى الرّحمة، فشربت من الكوثر واغتسلت من الرّحمة. ثمّ انقاد إليّ جميعا حتّى دخلت الجنّة.

و فيه : قال: الكوثر نهر في الجنّة أعطاه  اللّه محمّدا عوضا عن ابنه إبراهيم.

و في الاحتجاج للطبرسيّ- رحمه اللّه- : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل في مكالمة بينه وبين اليهود. وفيه قالوا: نوح خير  منك.

قال: النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: ولم ذاك؟

قالوا: لأنّه ركب في السّفينة وجرت على الجوديّ.

قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: ولقد أعطيت أنا أفضل من ذلك.

قالوا وما ذلك؟

قال: إنّ اللّه أعطاني نهرا في السّماء، مجراه من تحت  العرش، وعليه ألف ألف قصر لبنة من ذهب ولبنة من فضّة، حشيشها الزّعفران ورضاضها  الدّرّ والياقوت، وأرضها المسك الأبيض. فذلك خير لي ولأمّتي [من ذلك‏] ، وذلك قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ.

قالوا: صدقت، يا محمّد. وهو مكتوب في التّوراة. وهذا خير من ذلك.

و في أمالي الصّدوق : عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل. وفيه قال‏عليّ- عليه السّلام-: يا رسول اللّه، أصابتني جنابة البارحة من فاطمة بنت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فطلبت في البيت ماء فلم أجد الماء، فبعثت الحسن كذا والحسين كذا فأبطا عليّ، فاستلقيت على قفاي فإذا أنا بهاتف من سواد البيت: قم، يا عليّ، وخذ السّطل [و اغتسل. فإذا أنا بسطل من ماء مملوء عليه منديل من سندس، فأخذت السطل واغتسلت ومسحت بدني بالمنديل، ورددت المنديل على رأس السّطل فقام السّطل‏]  في الهواء، فسقط من السّطل جرعة فأصابت هامتي، فوجدت بردها على فؤادي.

فقال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: بخ بخ يا ابن أبي طالب- عليه السّلام- أصبحت وخادمك جبرئيل أمّا الماء فمن [نهر]  الكوثر، وأمّا السّطل والمنديل فمن الجنّة [كذا أخبرني جبرئيل، كذا]  أخبرني جبرئيل كذا  [أخبرني جبرئيل‏] .

و في المناقب لابن شهرآشوب : عن يوسف بن مازن الرّاسبيّ ، أنّه لمّا صالح الحسن بن عليّ- عليهما السّلام- عذل، وقيل: يا مذلّ المؤمنين ومسوّد الوجوه.

فقال- عليه السّلام-: لا تعذلوني فإنّ فيها مصلحة، ولقد رأى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- في منامه تخطب بنو أميّة واحدا بعد واحد فحزن، فنزل جبرئيل بقوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ وإِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.

و في أمالي شيخ الطّائفة ، بإسناده إلى عبد اللّه بن العبّاس قال: لمّا نزل على رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال له عليّ- عليه السّلام-: ما هذا الكوثر، يا رسول اللّه؟- صلّى اللّه عليه وآله-.

قال: نهر أكرمني اللّه به.

قال عليّ- عليه السّلام-: إنّ هذا لنهر  شريف فانعته لنا، يا رسول اللّه.- صلّى اللّه عليه وآله-.

قال: نعم، يا عليّ. الكوثر نهر يجري  تحت عرش اللّه، ماؤه أشدّ بياضا من‏اللّبن وأحلى من العسل وألين من الزّبد، حصاه الزّبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزّعفران، ترابه المسك الأذفر ، قواعده تحت عرش اللّه.

ثمّ ضرب رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- على جنب عليّ- عليه السّلام- وقال:

يا عليّ، هذا النّهر لي  ولك ولمحبيّك من بعدي.

و في الكافي : علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعد بن صدقة، عن جعفر، عن آبائه- عليهم السّلام- أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال: السّخيّ محبّب في السّموات محبّب في الأرض، خلق من طينة عذبة وخلق ماء عينيه من ماء الكوثر، [و البخيل مبغض في السّماوات مبغض في الأرض خلق من طينة سبخة وخلق ماء بين عينيه من ماء العوسج‏] .

و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن سعيد العمّاريّ من ولد عمّار بن ياسر، عن إسماعيل بن زكريّاء، عن محمّد بن عون، عن عكرمة، عن ابن عبّاس في قوله: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ قال: نهر في الجنّة، عمقه في الأرض سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشدّ بياضا من اللّبن وأحلى من العسل، شاطئاه من اللّؤلؤ الزّبرجد والياقوت، خصّه  اللّه به نبيّه وأهل بيته [- صلوات اللّه عليهم-]  دون الأنبياء.

و يؤيّده ما رواه- أيضا-  عن أحمد بن محمّد (عن أحمد بن الحسن، عن أبيه)  عن  حصين بن مخارق، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ، عن أبيه، عن عليّ- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أراني جبرئيل منازلي (في الجنّة)  ومنازل أهل بيتي على الكوثر.

و يعضده ما رواه- أيضا-  عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن مسمع بن أبي سيّار، عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: لمّااسري بي إلى السّماء السّابعة قال لي جبرئيل: تقدّم، يا محمّد، أمامك وأراني الكوثر.

و قال: يا محمّد، هذا الكوثر لك دون النّبيّين. فرأيت عليه قصورا كبيرة من اللّؤلؤ والياقوت والدّرّ. وقال: يا محمّد، هذه مساكنك ومساكن وزيرك ووصيّك، عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- وذرّيّته الأبرار. قال: فضربت بيدي إلى بلاطه فشممته، فإذا هو مسك، وإذا أنا بالقصور لبنة من  ذهب ولبنة من فضّة.

و روى- أيضا-  عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن حمران بن أعين، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- صلّى الغداة، ثمّ التفت إلى عليّ فقال: يا عليّ، ما هذا النّور الّذي أراه قد غشيك؟

قال: يا رسول اللّه، أصابتني جنابة في هذه اللّيلة، فأخذت بطن الوادي فلم أصب الماء. فلمّا ولّيت ناداني مناد: يا أمير المؤمنين. فالتفت فإذا خلفي إبريق مملوء من ماء وطشت من ذهب مملوء من ماء، فاغتسلت.

فقال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: يا عليّ، أمّا المنادي فجبرئيل، والماء من نهر يقال له: الكوثر، عليه اثنا عشر ألف شجرة كلّ شجرة لها ثلاثمائة وستّون غصنا.

فإذا أراد أهل الجنّة الطّرب، هبت ريح، فما من شجرة ولا غصن إلّا وهو أحلى صوتا من الآخر. ولولا أنّ  اللّه كتب على أهل الجنّة أن لا يموتوا  لماتوا فرحا من شدّة حلاوة تلك الأصوات. وهذا النّهر في جنّة عدن، وهو لي ولك ولفاطمة والحسن والحسين وليس لأحد فيه شي‏ء.

فَصَلِّ لِرَبِّكَ: فدم على الصّلاة خالصا لوجه اللّه ، خلاف السّاهي عنها والمرائي فيها، شكرا لإنعامه. فإنّ الصّلاة جامعة لأقسام الشّكر.

وَ انْحَرْ .

قيل : انحر البدن  الّتي هي خيار أموال العرب، وتصدّق على المحاويج خلافالمن يدعّهم ويمنع عنهم الماعون. فالسّورة كالمقابلة للسّورة المتقدّمة. وقد فسّرت الصّلاة بصلاة العيد، والنّحر بالأضحيّة.

و في مجمع البيان : فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.

عن عمر بن يزيد قال: سمعت أبا عبد اللّه يقول في قوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ: هو رفع يديك حذاء وجهك.

و روى  عنه عبد اللّه بن سنان مثله.

و عن جميل  قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.

فقال بيده هكذا، يعني: استقبل بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصّلاة.

و روي  عن مقاتل بن حيّان، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- قال: لمّا نزلت هذه السّورة، قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لجبرئيل: ما هذه النّحيرة الّتي أمرني بها ربّي؟

قال: ليست بنحيرة، ولكن يأمرك إذا تحرّمت الصّلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت وإذا ركعت وإذا رفعت رأسك من الرّكوع وإذا سجدت، فإنّه صلاتنا وصلاة الملائكة في السّموات السّبع. فإنّ لكلّ شي‏ء زينة، وإنّ زينة الصّلاة رفع الأيدي عند  كلّ تكبيرة.

قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: رفع الأيدي من الاستكانة.

قلت: وما الاستكانة؟

قال ألا تقرأ هذه الآية فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ. أورده الثّعلبيّ والواحديّ في تفسيريهما .

و أمّا ما روي  عن عليّ- عليه السّلام- «أنّ معناه: ضع يدك اليمنى على اليسرى حذاء النّحر في الصّلاة» فممّا لا يصّح عنه. لأنّ جميع عترته الطّاهرين قد رووه عنه بخلاف ذلك، وهو أنّ معناه: ارفع يديك إلى النّحر في الصّلاة.

و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن حمّاد، عن حريز، عن‏رجل، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت له: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.

قال: النحر الاعتدال في القيام، أن يقيم صلبه ونحره.

و في عوالي اللّآلي : [و روى‏]  مقاتل، عن حمّاد بن عثمان قال: سألت الصّادق- عليه السّلام-: ما النّحر؟

فرفع يديه إلى صدره، فقال: هكذا. ثمّ رفعهما فوق ذلك، فقال: هكذا حتّى استقبل بيديه القبلة في افتتاح  الصّلاة.

إِنَّ شانِئَكَ: إنّ من أبغضك لبغضه اللّه .

هُوَ الْأَبْتَرُ : الّذي لا عقب له، إذ لا يبقى له نسل ولا حسن ذكر. وأمّا أنت فتبقى ذرّيّتك [و حسن صيتك‏]»

. وآثار فضلك إلى يوم القيامة، ولك في الآخرة [ما لا]  يدخل تحت الوصف.

و في الاحتجاج للطّبرسي- رحمه اللّه- : عن الحسن بن عليّ- عليهما السّلام- حديث طويل. يقول فيه- عليه السّلام-: وأمّا أنت، يا عمرو بن العاص، الشّانئ اللّعين الأبتر. فإنّما أنت كلب أوّل أمرك. إنّ أمّك لبغيّة، وإنّك ولدت على فراش مشترك، فتحاكمت فيك رجال قريش، منهم أبو سفيان بن حرب  والوليد بن المغيرة وعثمان بن الحرث والنّضر بن الحرث بن كلدة  والعاص بن وائل، كلّهم يزعم أنّك ابنه، فغلبهم عليك من بين قريش ألأمهم حسبا وأخبثهم نسبا  وأعظمهم بغيّة، ثم قمت خطيب وقلت: أنا شانئ [محمد] . وقال العاص بن وائل: إنّ محمّدا رجل أبتر لا ولد له. فلو مات انقطع ذكره، فأنزل اللّه- تبارك وتعالى-: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ. وكانت أمّك تمشي إلى عبد قيس لطلب  البغية، تأتيهم في دورهم ورحالهم وبطون أوديتهم.و في الخصال : فقال أبو ذرّ: أنا أحدّثكم بحديث سمعتموه، ألستم تشهدون أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال: شرّ الأوّلين والآخرين اثنا عشر، ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين- إلى أن قال-: وأمّا السّتّة من الآخرين: فالعجل وهو نعثل، وفرعون وهو معاوية، وهامات هذه الأمّة زياد، وقارونها وهو سعيد، والسّامريّ وهو أبو موسى، عبد اللّه بن قيس، لأنّه قال كما قال سامريّ قوم موسى: لا مساس، أي: لا قتال، والأبتر وهو عمرو بن العاص.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال دخل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- المسجد وفيه عمرو بن العاص وحكم بن [أبي‏]  العاص، فقال عمرو: يا أبا الأبتر. وكان الرّجل في الجاهليّة إذا لم يكن له ولد سمّي أبتر. ثمّ قال عمرو: إنّي لأشنأ محمّدا، أي:

أبغضه. فأنزل اللّه على رسوله إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ، أي: مبغضك، عمرو بن العاص هو الأبتر، يعني: لا دين له ولا نسب.