سورة الملك‏

سورة الملك‏

و تسمّى المنجية والواقية، [لأنّها تنجي صاحبها من عذاب القبر]  وهي مكّيّة.

و آياتها إحدى وثلاثون [أو ثلاثون آية] .

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: من قرأ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ في المكتوبة قبل أن ينام، لم يزل في أمان اللَّه حتّى يصبح، وفي أمانه يوم القيامة حتّى يدخل الجنّة.

و

في مجمع البيان : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- قال: من قرأ سورة تبارك، فكأنّما أحيى ليلة القدر.

و

عن ابن عبّاس  قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: وددت أن تبارك [الذي بيده‏]  الملك في قلب كلّ مؤمن.

و

روى ليث بن أبي الزّبير ، عن جابر قال: كان رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- لا ينام حتّى يقرأ الم تَنْزِيلُ وتَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ.و

عن أبي هريرة ، أنّ رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- قال: إنّ سورة من كتاب اللَّه ما هي إلّا ثلاثون آية شفعت لرجل فأخرجته يوم القيامة من النّار وأدخلته الجنّة، وهي سورة تبارك.

و

في أصول الكافي : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، جميعا، عن ابن محبوب، عن جميل، عن سدير، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سورة الملك هي المانعة، تمنع من عذاب القبر، وهي مكتوبة في التّوراة: سورة الملك.

و من قرأها في ليلته  فقد أكثر وأطاب، ولم يكتب من الغافلين. وإنّي لأركع بها بعد عشاء الآخرة وأنا جالس، وإنّ والدي كان يقرأها في يومه وليلته.

و من قرأها، إذا دخل عليه [في القبر]  ناكر ونكير من قبل رجليه، قالت رجلاه لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، فقد كان هذا العبد يقوم عليّ فيقرأ سورة الملك في كلّ يوم وليلته. وإذا أتياه من قبل جوفه قال لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد او عاني سورة الملك. وإذا أتياه من قبل لسانه، قال لهما: ليس لكما إلى ما قبلي سبيل، قد كان هذا العبد يقرأ [بي‏]  في كلّ يوم وليلة سورة الملك.

تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ: بقبضة قدرته التّصرّف في الأمور كلّها.

وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ  الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ: قدّر هما. أو أوجد الحياة وأزالها حسبما قدرّه.

و قدّم الموت لقوله: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ، ولأنّه أدعى إلى حسن العمل.

و

في روضة الكافي : ابن محبوب، عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ اللَّه خلق الحياة قبل الموت.

و

في الكافي ، بإسناده إلى موسى بن بكر: عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: الحياة والموت خلقان من خلق اللَّه، فإذا جاء الموت فدخل في الإنسان أنّه‏لم يدخل في شي‏ء إلّا وخرجت منه الحياة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ قال قدّرهما، ومعناه: قدّر الحياة، ثمّ الموت.

و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى الحسن بن عليّ بن النّاصري : عن أبيه، عن محمّد بن عليّ، عن أبيه، الرّضا، عن أبيه، موسى بن جعفر- عليه السّلام- قال: قيل للصّادق- عليه السّلام-: صف لنا الموت.

قال: للمؤمن كأطيب ريح يشمّه فينعس لطيبه  وينقطع التّعب والألم كلّه عنه، وللكافر كلسع الأفاعي ولدغ العقارب أو أشدّ.

قيل: فإنّ قوما يقولون: إنّه أصعب من نشر بالمناشير، وقرض بالمقاريض، ورضخ بالأحجار، وتدوير قطب  الأرحية في الأحداق.

قال: كذلك على بعض الكافرين والفاجرين باللَّه، ألا ترون منهم من يعاني  تلك الشّدائد؟ فذلكم الّذي هو أشدّ من هذا، إلّا أنّ من عذاب الآخرة ما هو أشدّ من عذاب الدّنيا.

قيل: فما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النّزع فينطفئ وهو يحدّث ويضحك ويتكلّم، [و في المؤمنين- أيضا- من يكون كذلك،]  وفي المؤمنين والكافرين من يقاسي عند سكرات الموت هذه الشّدائد؟

فقال: ما كان من راحة للمؤمن هناك فهو عاجل ثوابه، وما كان من شديدة فتمحيصه من ذنوبه ليرد الآخرة نقيّا نظيفا مستحقّا لثواب الأبد  لا مانع له دونه، وما كان من سهولة هناك على الكافر فليوف أجر حسناته في الدّنيا ليرد الآخرة وليس له إلّا ما يوجب عليه العذاب، وما كان من شدّة على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب اللَّه بعد حسناته، ذلكم بأنّ اللَّه عدل لا يجوز.و

في اعتقادات الإماميّة  للصّدوق: قيل لعليّ بن الحسين- عليهما السّلام-: ما الموت؟

قال: للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة أو  فكّ قيود وأغلال ثقيلة، والاستبدال بأفخر الثّياب وأطيبها روائح وأوطأ»

 المراكب وآنس المنازل، وللكافر  كخلع ثياب فاخرة والنّقل عن منازل أنيسه، والاستبدال بأوسخ الثّياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب.

و

قيل لمحمّد بن عليّ الباقر- عليه السّلام-: ما الموت؟

قال: هو النّوم الّذي يأتيكم في كلّ ليلة، إلّا أنّه طويل مدته لا ينتبه منه إلى يوم القيامة.

لِيَبْلُوَكُمْ: ليعاملكم معاملة المختبر بالتّكليف، أيّها المكلّفون.

أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا: أصوبه وأخلصه. جملة واقعة موقع المفعول الثّاني لفعل البلوى المتضمّن معنى: العلم، وليس هذا من باب التّعليق لأنّه يخلّ به وقوع الجملة خبرا فلا يعلّق الفعل عنها، بخلاف ما إذا وقعت موقع المفعولين .

و

في مجمع البيان : قال أبو قتادة: سألت النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- عن قوله:

أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ما عنى به؟

فقال: يقول: أيّكم أحسن عقلا.

ثمّ قال: أتمّكم عقلا، وأشدّكم للَّه خوفا، وأحسنكم فيما أمر اللَّه به ونهى عنه نظرا، وإن كان  أقلّكم تطوّعا.

و

عن ابن عمر ، عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- أنّه تلا تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ- إلى قوله-: أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ثمّ قال: أيّكم أحسن عقلا، وأورع عن محارم اللَّه،و أسرع في طاعة اللّه.

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسيّ: عن الرّضا- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: وأمّا قوله: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا فإنّه- تعالى- خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته، لا على سبيل الامتحان والتّجربة، لأنّه- تعالى- لم يزل عليما  بكل شي‏ء.

وَ هُوَ الْعَزِيزُ: الغالب الّذي لا يعجزه من أساء العمل.

الْغَفُورُ : لمن تاب منهم.

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً: مطابقة بعضها فوق بعض، مصدر طابقت النّعل: إذا خصفتها طبقا [على طبق‏]  وصف به. أو طوبقت طباقا. أو ذات طباق. أو جمع طبق، كجبل وجبان. أو طبقة، كرحبة ورحاب.

ما تَرى‏ فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ.

و قرأ  حمزة والكسائي: «من تفوّت» ومعناهما واحد، كالتّعاهد والتّعهّد، وهو الاختلاف وعدم التّناسب، من الفوت، فإنّ كلّا من المتفاوتين فات عنه بعض ما في الآخر.

و الجملة صفة ثانية «لسبع» وضع فيها «خلق الرّحمن» موضع الضّمير للتّعظيم، والإشعار بأنّه- تعالى- يخلق مثل ذلك بقدرته الباهرة رحمة وتفضّلا، وأنّ في إبداعها نعما جليلة لا تحصى.

و الخطاب للرّسول، أو لكلّ مخاطب [و قوله:]  فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى‏ مِنْ فُطُورٍ : متعلّق [به‏]  على معنى التّسبّب، أي: قد نظرت إليها مرارا فانظر إليها مرّة أخرى متأمّلا فيها، لتعاين ما أخبرت به من تناسبها واستقامتها واستجماعها ما ينبغي لها.

و «الفطور» الشّقوق، والمراد منه: الخلل، يقال : فطره: إذا شقّه.

ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ، أي: رجعتين أخريين في ارتياد الخلل.و المراد بالتثنية: التّكرير والتّكثير، كما في: لبّيك وسعديك، ولذلك أجاب الأمر بقوله: يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً: بعيدا عن إصابة المطلوب ، كأنّه طرد عنه طردا بالصّغار.

وَ هُوَ حَسِيرٌ : كليل، من طول المعاودة وكثرة المراجعة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: طِباقاً قال: بعضها طبق لبعض.

ما تَرى‏ فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ قال: يعني: من فساد.

ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ قال: انظر في ملكوت السّموات والأرض يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ، أي: منقطع.

وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا: أقرب السّماوات إلى الأرض.

بِمَصابِيحَ: بكواكب مضيئة باللّيل إضاءة السّرج فيها.

و التنكير، للتّعظيم. ولا ينافي ذلك كون بعض الكواكب مركوزة في سماوات فوقها، إذ التّزيين بإظهارها عليها.

وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ: وجعلنا لها فائدة أخرى وهي رجم أعدائكم بانقضاض الشّهب المسبّبة  عنها.

و قيل : معناه: [و جعلناها رجوما و]  ظنونا لشياطين الإنس، وهم المنجّمون.

و «الرّجوم» جمع رجم، بالفتح، وهو مصدر سمّي به ما يرجم به.

وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ : في الآخرة بعد الإحراق بالشّهب في الدّنيا.

وَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ: من الشّياطين وغيرهم عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ .

و قرئ  بالنّصب، على أن «للّذين» عطف على «لهم»، و«عذاب جهنّم» على «عذاب السّعير».

إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً: صوتا، كصوت الحمير.وَ هِيَ تَفُورُ : تغلي بهم غليان المرجل بما فيه.

و

في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه-، بإسناده إلى الباقر- عليه السّلام-:

عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل ، وفيه خطبة الغدير، وفيها قال- صلّى اللّه عليه وآله- بعد أن ذكر عليّا وأولاده- عليهم السّلام-: ألا ان أعدائهم الّذين يسمعون لجهنّم شهيقا وهي تفور، ولها زفير ألا إنّ أعدائهم الذّين قال اللّه فيهم: كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ  لَعَنَتْ أُخْتَها.

تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ: تتفرّق غيظا عليهم. وهو تمثيل لشدّة اشتعالها بهم.

و يجوز أن يراد: غيظ الزّبانية.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ قال: على أعداء اللّه.

كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ: جماعة من الكفرة.

سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ : يخوّفكم هذا العذاب. وهو توبيخ وتبكيت.

قالُوا بَلى‏ قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ ، أي: فكذّبنا الرّسل، وأفرطنا في التّكذيب حتّى نفينا الإنزال والإرسال رأسا، وبالغنا في نسبتهم إلى الضّلال.

فالنذير إمّا بمعنى الجمع لأنّه فعيل، أو مصدر مقدّر بمضاف، أي: أهل إنذار، أو منعوت به للمبالغة.

أو الواحد، والخطاب له ولأمثاله على التّغليب، إقامة لتكذيب الواحد مقام تكذيب الكلّ، أو على أنّ المعنى: قالت الأفواج: قد جاء إلى [كلّ‏]  فوج منّا رسول  فكذّبنا هم وضلّلناهم.

و يجوز أن يكون الخطاب من كلام الزّبانية للكفّار على إرادة القول، فيكون الضّلال ما كانوا عليه في الدّنيا، أو عقابه الّذي يكونون  فيه.

و في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه- متّصلا بآخر ما نقلناه عنه سابقا، أعني: أختها. ألا إنّ أعداءهم الّذين قال اللّه: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ- إلى قوله-:فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ .

و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى عليّ بن أبي حمزة: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه سأله رجل فقال: لأيّ شي‏ء بعث اللّه الأنبياء [و الرسل‏]  إلى النّاس؟

فقال: لئلّا يكون للنّاس على اللّه حجّة بعد الرّسل، ولئلّا يقولوا : ما جاءنا من بشير ولا نذير، وليكون حجّة للّه عليهم، ألا تسمع اللّه يقول حكاية عن خزنة جهنّم واحتجاجهم على أهل النّار بالأنبياء والرّسل: أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى‏- إلى قوله-:

كَبِيرٍ.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرّزاق بن مهران، عن الحسين بن ميمون، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- وذكر حديثا طويلا، يقول فيه: وأنزل في تبارك: كُلَّما أُلْقِيَ (الآية) فهؤلاء المشركون.

وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ: كلام الرّسول فنقبله جملة من غير بحث وتفتيش اعتمادا على ما لاح من صدقهم بالمعجزات.

أَوْ نَعْقِلُ: فنتفكّر في حكمه ومعانيه تفكّر المستبصرين.

ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ : في عدادهم، ومن جملتهم.

و

في مجمع البيان : وفي الحديث عن ابن عمر أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: إنّ الرّجل ليكون من أهل الجهاد ومن أهل الصّلاة والصّيام وممّن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وما يجزى يوم القيامة إلّا على قدر عقله.

و

عن أنس بن مالك  قال: أثنى قوم على رجل عند رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.

فقال- صلّى اللّه عليه وآله-: كيف عقل الرّجل؟

قالوا: يا رسول اللّه، نخبرك عن اجتهاده في العبادة وأصناف الخير وتسألنا عن‏عقله؟

فقال: إنّ الأحمق يصيب  بحمقه أعظم من فجور الفاجر، وإنّما يرتفع  العباد غدا في الدّرجات وينالون الزلفى من ربّهم على قدر عقولهم.

و

في أصول الكافي ، بإسناده إلى الأصبغ بن نباته: عن عليّ- عليه السّلام- قال: هبط جبرئيل على آدم، فقال: يا آدم، إنّي أمرت أن أخيّرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين.

فقال له آدم: يا جبرئيل، وما الثّلاث؟

فقال: الحياء، والعقل، والدّين.

فقال آدم: إنّي قد اخترت العقل.

فقال جبرئيل للحياء والدّين: انصرفا ودعاه .

فقالا: يا جبرئيل، إنّا أمرنا أن نكون مع العقل حيث كان.

قال: فشأنكما. وعرج.

أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن بعض أصحابنا، رفعه إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قلت له: ما العقل؟

قال: ما عبد به الرّحمن واكتسب به الجنان.

قال: قلت: فما الّذي كان في معاوية؟

قال: تلك النّكراء، تلك الشّيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل .

و

بإسناده  إلى إسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنّة.

فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ: حين لا ينفعهم.

و «الاعتراف» إقرار عن معرفة.

و الذّنب لم يجمع لأنّه في الأصل مصدر، أو المراد به: الكفر.فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ ، أي: سحقهم اللّه سحقا، أي: أبعدهم من رحمته. والتغليب  للإيجاز والمبالغة والتّعليل .

و قرأ  الكسائي، بالتّثقيل .

إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ: يخافون عذابه غائبا عنهم لم يعاينوه  بعد. أو غائبين عنه، أو عن أعين النّاس، أو بالمخفيّ منهم وهو قلوبهم.

لَهُمْ مَغْفِرَةٌ: لذنوبهم.

وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ : تصغر دونه لذائذ الدّنيا.

و في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي- رحمه اللّه- متّصلا بآخر ما نقلنا عنه سابقا، أعني قوله: فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ: ألا إنّ أولياءهم الَّذِينَ يَخْشَوْنَ (الآية).

و

في كتاب الخصال : عن أبي جعفر- عليه السّلام- [قال:]

 قال سليمان بن داود: أوتينا ما أوتي النّاس وما لم يؤتوا، وعلّمنا ما علّم  النّاس وما لم يعلّموا، فلم نجد شيئا أفضل من خشية اللّه في المغيب  والمشهد، والقصد في الغنى والفقر، وكلمة الحقّ في الرّضا والغضب، والتّضرّع إلى اللّه على كلّ حال.

وَ أَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ : بالضّمائر قبل أن يعبّر عنها، سرّا أو جهرا.أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ: ألا يعلم السّرّ والجهر من أوجد الأشياء حسبما قدّرته حكمته.

وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ : المتوصّل علمه إلى ما ظهر من خلقه وما بطن.

أو ألا يعلم اللّه من خلقه وهو بهذه المثابة، والتّقييد بهذه الحال يستدعي أن يكون «ليعلم» مفعول مقدّر .

روي  أنّ المشركين كانوا يتكلّمون فيما بينهم بأشياء فيخبر اللّه بها رسوله، فيقولون: أسرّوا قولكم حتّى لا يسمع إله  محمّد. فنبّه اللّه على جهلهم.

و

في أصول الكافي ، بإسناده إلى الفتح بن يزيد الجرجانيّ: عن أبي الحسن- عليه السّلام- حديث طويل، وفيه: فقال: يا فتح، إنّما قلنا: اللَّطِيفُ للخلق اللّطيف [و]  لعلمه بالشّي‏ء اللطيف . أو لا ترى- وفّقك اللّه وثبّتك- إلى أثر صنعه في النّبات اللّطيف [و غير اللّطيف‏] ، ومن الخلق، ومن الحيوان الصّغار، ومن البعوض والجرجس ، وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذّكر من الأنثى، والحدث المولود من القديم، فلمّا رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسّفاد  والهرب من الموت والجمع لما يصلحه، وما في لجج البحار وما في لحاء  الأشجار والمفاوز والقفار، وإفهام بعضها عن بعض منطقها  وما يفهم به أولادها عنها، ونقلهاالغذاء إليها، ثمّ تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة، وأنّه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة  خلقها لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا، علمنا أنّ خالق هذا الخلق لطيف، لطف بخلق ما سمّيناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة، وأنّ كلّ صانع شي‏ء  فمن شي‏ء صنع، واللّه الخالق اللّطيف الجليل خلق وصنع لا من شي‏ء.

عليّ بن محمّد ، مرسلا: عن أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام- قال: اعلم، علّمك اللّه الخير- وذكر حديثا طويلا، يقول فيه:

و أمّا الخبير فالّذي لا يعزب عنه شي‏ء ولا يفوته، وليس للتّجربة ولا للاعتبار بالأشياء، فعند التّجربة والاعتبار علمان ولو لا هما ما علم، لأنّ من كان كذلك كان جاهلا، واللّه لم يزل خبيرا بما يخلق، والخبير من النّاس المستخبر عن جهل المتعلّم، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا: ليّنة، يسهل لكم السّلوك فيها.

فَامْشُوا فِي مَناكِبِها: في جوانبها، أو جبالها. وهو مثل لفرط التّذليل. فإنّ منكب البعير ينبو عن أن يطأه الرّاكب ولا يتذلّل له، فإذا جعل الأرض في الذّلّ بحيث يمشى في مناكبها لم يبق شي‏ء لم يتذلّل.

وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ: والتمسوا من نعم اللّه.

وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ: المرجع، فيسألكم عن شكر ما أنعم عليكم.

أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ، يعني: الملائكة الموكّلين على تدبير هذا العالم.

أو اللّه، على تأويل مَنْ فِي السَّماءِ أمره وقضاؤه، أو على زعم العرب فإنّهم يزعمون أنّه- تعالى- في السّماء.

و عن ابن كثير : «و أمنتم»- بقلب الهمزة الأولى واوا لانضمام ما قبلها- و«آمنتم» بقلب الثّانية ألفا، وهو قراءة نافع  وأبي عمرو  ورويس.

أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ: فيغيّبكم فيها، كما فعل بقارون. وهو بدل من‏بدل الاشتمال.

فَإِذا هِيَ تَمُورُ : تضطرب.

و «المور» التّردّد في المجي‏ء والذّهاب.

أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً، أي: يمطر عليكم حصباء.

فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ : كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به، ولكن لا ينفعكم العلم حينئذ.

وَ لَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ : إنكاري عليهم بإنزال العذاب. وهو تسلية للرّسول، وتهديد لقومه.

أَ وَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ: باسطات أجنحتهنّ في الجوّ عند طيرانها، فإنّهنّ إذا بسطنها صففن قوادمها.

وَ يَقْبِضْنَ: ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهنّ وقتا بعد وقت، للاستظهار به على التّحرّك. ولذلك عدل به إلى صيغة الفعل للتفرقة بين الأصيل في الطّيران والطّارئ عليه.

ما يُمْسِكُهُنَّ: في الجوّ على خلاف الطّبع إِلَّا الرَّحْمنُ: الشّامل رحمته كلّ شي‏ء، بأن خلقهنّ على أشكال وخصائص هيّأتها للجري في الهواء.

إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ بَصِيرٌ : يعلم كيف بخلق الغرائب، ويدبّر العجائب.

أَمَّنْ هذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ: عديل لقوله:

أَ وَلَمْ يَرَوْا على معنى: ألم ينظروا في أمثال هذه الصّنائع، فلم تعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف وإرسال حاصب، أم لكم جند ينصركم من دون اللّه إن أرسل عليكم عذابه. فهو كقوله : أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا إلّا أنّه أخرج مخرج الاستفهام عن يعين من ينصرهم، إشعاراً بأنّهم اعتقدوا هذا القسم.

و «من» مبتدأ، و«هذا» خبره، و«الّذي» بصلته صفته، و«ينصركم» وصف لجند محمول على لفظه.

إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ : لا معتمد لهم.أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ: أم من يشار إليه ويقال: هذا الّذي يرزقكم.

إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ: بإمساك المطر وسائر الأسباب المحصلة والموصلة له إليكم.

بَلْ لَجُّوا: تمادوا.

فِي عُتُوٍّ: عناد.

وَ نُفُورٍ : شراد عن الحقّ لتنفّر طباعهم عن.

أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ يقال: كببته فأكبّ، وهو من الغرائب، كقشع اللّه السّحاب فأقشع.

و التّحقيق: أنّهما من باب الصّيرورة، بمعنى: صار ذا كبّ وذا قشع، وليسا مطاوعي كبّ وقشع، بل المطاوع لهما انكبّ وانقشع.

و معنى «مكبّا»: أنّه يعثر كلّ ساعة ويخرّ على وجهه، لو عورة طريقه واختلاف أجزائه، ولذلك قابله بقوله: أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا: قائما سالما من العثار.

عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ : مستوي الأجزاء والجهة.

و المراد: تمثيل المشرك والموحّد بالسّالكين، والدّينين بالمسلكين. ولعلّ الاكتفاء بما في الكبّ من الدّلالة على حال المسلك، للإشعار بأنّ ما عليه المشرك لا يستأهل أن يسمّى طريقا، كمشي المتعسّف في مكان متعاد غير مستو.

و قيل : المراد بالمكبّ: الأعمى، فإنّه يتعسّف فينكبّ، وبالسّويّ: البصير.

و قيل : من يمشي مكبّا هو الّذي يحشر على وجهه إلى النّار، ومن يمشي سويّاً هو الّذي يحشر على قدميه إلى الجنّة.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي- عليه السّلام- قال: قلت: أَ فَمَنْ يَمْشِي (الآية).

قال: إنّ اللّه ضرب مثلا من حاد عن ولاية عليّ- عليه السّلام- كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لأمره، وجعل من تبعه سويّا على صراط مستقيم ، والصّراط المستقيم:

أمير المؤمنين- عليه السّلام-

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.و

في كتاب معاني الأخبار ، بإسناده إلى سعد الخفّاف [عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: القلوب أربعة: قلب فيه نفاق وإيمان، وقلب منكوس، وقلب مطبوع، وقلب أزهر أنور.

قلت: ما الأزهر؟

قال: فيه كهيئة السراج. فأمّا المطبوع، فقلب المنافق.]  وأمّا الأزهر، فقلب المؤمن. إن أعطاه اللّه شكر، وإن ابتلاه صبر، وأمّا المنكوس فقلب المشرك. ثمّ قرأ هذه الآية: أَ فَمَنْ يَمْشِي (الآية).

و

في روضة الكافي : عليّ بن محمّد، عن عليّ بن العبّاس، عن  الحسن بن عبد الرّحمن، عن حريز، عن منصور بن عبد اللّه، عن الفضيل قال: دخلت مع أبي جعفر- عليه السّلام- المسجد الحرام، وهو متّكئ عليّ، فنظر إلى النّاس ونحن على باب بني شيبة فقال:

يا فضيل، هكذا كان يطوفون في الجاهليّة، لا يعرفون حقّا ولا يدينون دينا.

يا فضيل، انظر إليهم منكبّين  على وجوههم [لعنهم اللّه من خلق  مكبّين على وجوههم‏] . ثمّ تلا هذه الآية: [أَ فَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى‏ وَجْهِهِ أَهْدى‏ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، يعني- واللّه-: عليّا والأوصياء- عليه السّلام-.]

و

في شرح الآيات الباهرة : روى محمّد بن العبّاس، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن صالح بن خالد، عن منصور بن جرير ، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: تلا هذه الآية وهو ينظر إلى النّاس: أَ فَمَنْ يَمْشِي (الآية)، يعني- واللّه-: عليّا والأوصياء.قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ: لتسمعوا المواعظ.

وَ الْأَبْصارَ: لتنظروا صنائعه وَالْأَفْئِدَةَ: لتتفكّروا وتعتبروا.

قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ : باستعمالها فيما خلقت لأجلها.

قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ : للجزاء.

وَ يَقُولُونَ مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ، أي: الحشر. أو ما وعدوا من الخسف والحاصب.

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، يعنون: النّبيّ والمؤمنين.

قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ، أي: علم وقته عِنْدَ اللَّهِ: لا يطّلع عليه غيره.

وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ : والإنذار يكفي له العلم، بل الظّنّ بوقوع المحذّر منه.

فَلَمَّا رَأَوْهُ، أي: الوعد، فإنّه بمعنى: الموعود.

زُلْفَةً: ذا زلفة، أي: قرب منهم.

سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا: بأن علتها الكآبة، وساءتها رؤية العذاب.

وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ : به تطلبون وتستعجلون. تفتعلون، من الدّعاء. أو تدّعون أن لا بعث، فهو من الدّعوى.

و

في روضة الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد [عن محمّد]  بن خالد، عن القاسم بن محمّد، عن جميل بن صالح، عن يوسف  بن أبي سعيد قال: كنت عند أبي عبد اللّه- عليه السّلام- ذا يوم، فقال لي:

إذا كان القيامة وجمع اللّه الخلائق، كان نوح- عليه السّلام- أوّل من يدعى به، فيقال له: هل بلّغت؟

فيقول: نعم.

فيقال له: من يشهد لك؟

فيقول: محمّد بن عبد اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال : فيخرج نوح- عليه السّلام- فيتخطّى النّاس حتّى يجي‏ء إلى محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- وهو على كثيب المسك ومعه‏عليّ- صلّى اللّه عليه وآله-. وهو قول اللّه- عزّ وجلّ-: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا (الحديث).

و

فيه : في الحديث السّابق متّصلا بقوله: والأوصياء. ثمّ تلا هذه الآية: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ  أمير المؤمنين.

يا فضيل، لم يتسمّ  بهذا الإسلام غير عليّ إلّا مفتر كذّاب إلى يوم الناس  هذا.

أما واللّه، يا فضيل، ما للّه حاجّ غيركم، ولا يغفر الذّنوب إلّا لكم، ولا يتقبّل اللّه إلّا منكم.

و في مجمع البيان : وروى الحاكم، أبو القاسم الحسكانيّ، بالأسانيد الصّحيحة، عن الأعمش قال: لمّا رأوا ما لعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- عند اللّه من الزّلفى سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا.

و

عن أبي جعفر - عليه السّلام-: فلمّا رأوا مكان عليّ من النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، يعني: الّذين كذّبوا بفضله.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: إذا كان يوم القيامة، ونظر أعداء أمير المؤمنين- عليه السّلام- إليه وإلى ما أعطاه اللّه من [الكرامة و]  المنزلة الشّريفة العظيمة، وبيده لواء الحمد وهو على الحوض يسقي ويمنع، تسودّ وجوه أعدائه، فيقال لهم: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ، أي: تدّعون منزلته وموضعه واسمه.

و

في أصول الكافي : الحسين بن محمّد، [عن معلّى بن محمّد،]  عن محمّد بن جمهور، عن إسماعيل بن مهران ، عن القاسم بن عروة عن أبي السفاتج، عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ.قال: هذه نزلت في أمير المؤمنين وأصحابه الّذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين في أعبط الأماكن فتسي‏ء وجوههم، فيقال لهم: هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ الّذي انتحلتم اسمه.

و

في شرح الآيات الباهرة : روى محمّد بن العبّاس، عن حسن بن محمّد، عن محمّد بن عليّ الكنانيّ، عن حسين بن وهب الأسديّ، عن عيسى بن هاشم ، عن داود بن سرحان قال: سألت جعفر بن محمّد- عليه السّلام- عن قوله: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ.

قال: ذلك عليّ، إذ رأوا منزلته ومكانه من اللّه، أكلوا أكفّهم على ما فرّطوا في ولايته- عليه السّلام-.

 [و قال أيضا : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، عن مغيرة بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن يزيد ، عن إسماعيل بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، في قوله- عزّ وجلّ-:

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ. قال:

 

نزلت في عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-] .

و قال- أيضا- : حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، [عن زكريا بن يحيى،]  السّاجيّ، عن عبد اللّه بن الحسين الأشقر ، عن ربيعة الخيّاط، عن شريك، عن الأعمش في قوله- عزّ وجلّ-: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً (الآية) قال: لمّا رأوا ما لعليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- من النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- من قرب المنزلة سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا.

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ: أماتني.

وَ مَنْ مَعِيَ: من المؤمنين.

أَوْ رَحِمَنا: بتأخير آجالنا.

فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ : لا ينجيهم أحد من العذاب،متنا أو بقينا. وهو جواب لقولهم: نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ .

و

في شرح الآيات الباهرة : روى، عن عليّ بن أسباط، [عليّ بن‏]  أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قوله- تعالى-: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا. [قال: هذه الآية]  ممّا غيّروا وحرّفوا، ما كان اللّه ليهلك محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- ولا من كان معه من المؤمنين ، ولكن قال- تعالى-:

قل أرأيتم إن أهلككم الله جميعا ورحمنا فمن يجير (الآية).

و

يؤيّده: ما رويّ ، عن محمّد البرقيّ، يرفعه، عن عبد الرّحمن بن سالم  الأشلّ قال: قيل لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا.

قال: ما أنزل اللّه هكذا، وما كان اللّه ليهلك نبيّه ومن معه، ولكن أنزلها: قل أرأيتم إن أهلككم الله ومن معكم ونجاني ومن معي فمن يجير الكافرين من عذاب أليم.

قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ: الّذي أدعوكم إليه مولى النّعم كلّها.

آمَنَّا بِهِ: للعلم بذلك.

وَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْنا: للوثوق عليه، والعلم بأن غيره بالذّات لا يضر ولا ينفع.

و تقديم الصّلة للتّخصيص والإشعار به.

فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ : منّا ومنكم. وقرأ الكسائي، بالياء.

و

في أصول الكافي : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن [عليّ بن أسباط]، عن عليّ بن‏]  أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ: يا معشر المكذّبين، حيث أنبأتكم رسالة ربّي‏في ولاية عليّ والأئمّة من بعده، من هو في ضلال مبين. كذا نزلت (الحديث).

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً: غائراً في الأرض، بحيث لا تناله الدّلاء. مصدر وصف به.

فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ : جار، أو ظاهر سهل المأخذ.

و

في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم بن معاوية البجليّ، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه، موسى- عليه السّلام- في قول اللّه- تعالى-: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ (الآية) قال: إذا غاب عنكم إمامكم، فمن يأتيكم بماء جديد؟

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ. قال: أرأيتم أصبح إمامكم غائباً، فمن يأتيكم بإمام مثله؟

حدّثنا  محمّد بن جعفر قال: حدّثنا محمّد بن أحمد، عن القاسم بن العلا ، قال: حدّثنا إسماعيل بن عليت بالفزاريّ، عن محمّد بن جمهور، عن فضّالة بن أيّوب قال: سئل الرّضا- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ (الآية).

فقال: ماؤُكُمْ أبوابكم الأئمّة، والأئمّة أبواب اللّه [بينه وبين خلقه‏]  فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، أي: يأتيكم بعلم الإمام.

و

في عيون الأخبار ، من الأخبار المشهورة  بإسناده إلى الحسن بن محبوب: عن أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام- قال: قال لي: لا بدّ من فتنة صمّاء صيلم  تسقط فيها كلّ بطانة ووليجة، وذلك عند فقدان الشّيعة الثّالث من ولدي، يبكي عليه أهل السّماء وأهل الأرض وكلّ حرّى وحرّان  وكلّ حزين. لهفان.ثمّ قال: بأبي  وأمّي، سميّ جدّي، شبيهي وشبيه موسى بن عمران، عليه جيوب  النّور تتوقّد بشعاع  ضياء القدس، كم من حرّى  مؤمنة وكم من مؤمن متأسّف حيران حزين عند فقدان الماء المعين، كأنّي بهم آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد، كما يسمع من قرب، يكون رحمة على المؤمنين وعذاباً على الكافرين.

و

في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة : حدّثنا أبي- رحمه اللّه-، قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن معاوية بن وهب البجليّ وأبي قتادة، عليّ بن محمّد [بن حفص، عن عليّ‏]»

 بن جعفر، عن أخيه، موسى بن جعفر- عليه السّلام- قال: قلت له: ما تأويل قول اللّه: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ (الآية)؟

فقال: إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فما ذا تصنعون؟

و

بإسناده  إلى أبي بصير: عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قول اللّه- تعالى-:

قُلْ أَ رَأَيْتُمْ (الآية) فقال: هذه نزلت في الإمام  القائم- عليه السّلام-. يقول: إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو، فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السّموات والأرض وحلال اللّه وحرامه.

ثمّ قال: واللّه، ما جاء تأويل هذه الآية، ولا بدّ وأن يجي‏ء تأويلها.

و

في شرح الآيات الباهرة : روى الشّيخ المفيد، عن رجاله، بإسناده، عن [موسى بن القاسم بن‏]  معاوية البجليّ، عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه، موسى قال:

قلت له: ما تأويل هذه الآية قُلْ أَ رَأَيْتُمْ (الآية)؟

فقال: تأويله: إن فقدتم إمامكم، فمن يأتيكم بإمام جديد؟

و

يؤيّده : ما رواه محمّد بن العبّاس، عن أحمد بن القاسم، عن أحمد بن محمّد بن‏يسار ، عن محمّد بن خالد، عن النّضر بن سويد، عن يحيى الحلبيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله- تعالى-: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ قال:- عليه السّلام-: إن غاب إمامكم، فمن يأتيكم بإمام  جديد.