الصوم

{ بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصوم وهو الامساك عما يأتي من المفطرات، بقصد القربة (1). } والمجد، كما هو أهل. وهو حسبنا ونعم الوكيل. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد وآله الغر الميامين. كتاب الصوم الصوم في اللغة: مطلق الامساك، أو إمساك الحيوان، أو خصوص الانسان، وعن ابن دريد: " كل شئ سكنت حركته فقد صام صوما ". (1) قد اختلفت عباراتهم في معناه الشرعي، ففي بعضها: أنه الكف وفي آخر: أنه التوطين، وفي ثالث: أنه الامسال. وقد اختلفت أيضا في القيود المذكورة في تعريفاته. وظاهر أكثرهم أنهم في مقام التعريف الحقيقي، لعدول كل عن تعريف الآخر، معتذرا بتوجه المناقشات على التعريف المعدول عنه، من جهة الطرد، أو العكس، أو من جهتهما معا. وليس ذلك إلا لبنائهم على التعريف الحقيقي. لكن السعي في هذا السبيل لما لم يترتب عليه مزيد فائدة كان تركه والاشتغال بما هو أهم أولى.

 

===============

 

( 193 )

 

{ وينقسم (1) إلى الواجب، والمندوب، والحرام، والمكروه، بمعنى قلة الثواب. والواجب منه ثمانية (2): صوم شهر رمضان، وصوم القضاء، وصوم الكفارة - على كثرتها - وصوم بدل الهدي في الحج وصوم النذر والعهد واليمين، وصوم الاجارة ونحوها - كالشروط في ضمن العقد - وصوم الثالث من أيام الاعتكاف، وصوم الولد الاكبر عن أحد أبويه. ووجوبه في شهر رمضان من ضروريات الدين (3)، ومنكره مترد (4) يجب قتله (5). ومن أفطر فيه - لامستحلا -، } نعم هنا شئ، وهو أنه لاريب في الاجتزاء يصوم من أكل ناسيا للصوم. وحينئذ فان كان الصوم عبارة عن الامساك عن ذوات المفطرات لم يصدق ذلك على الصوم المذكور، ووجب الالتزام بكونه بدلا عن الصوم لاصوما حقيقة، وهو خلاف ظاهر النص والفتوى. وإن كان عبارة عن الامساك عنها بقيد الالتفات إلى الصوم لزم أخذ الالتفات إليه قيدا فيه، وهو ممتنع، إذ الالتفات إلى الشئ خارج عنه. فلابد من أخذ المفطرات مهملة، لا مطلقة، ولا مقيدة بالالتفات. وهكذا الحال في أخذ قصد القربة فيه وفي غيره من العبادات، فالامر به وبسائر العبادات متعلق بالذات الملازمة لقصد القربة، لا بالذات المطلقة، ولا بالذات المقيدة بقصد القربة. فلاحظ (1) سيأتي التعرض للاقسام المذكورة. (2) الاستدلال على وجوب كل من الاقسام المذكورة موكول إلى محله. (3) كما صرح به جماعة، بل الظاهر أنه إجماع. (4) تقدم في مبحث نجاسة الكافر الكلام في أن إنكار الضروري مطلقا موجب للكفر، أو بشرط علم المنكر بأنه من الدين. فراجع. (5) إن كان ولد على فطرة الاسلام. وإلا فبعد أن يستتاب فلا يتوب،

 

===============

 

( 194 )

 

{ عالما عامدا يعزر (1) بخمسة وعشرين سوطا (2)، فان عاد عزر ثانيا (3)، فان عاد قتل على الاقوى (4). وإن كان } كما أشرنا إليه في كتاب الطهارة. ومحله مفصلا في كتاب الحدود. (1) بلا خلاف ظاهر. لصحيح بريد العجلي: " سئل أبو جعفر (ع) عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر شهر رمضان ثلاثة أيام. قال (ع): يسأل هل عليك في إفطارك شهر رمضان إثم، فان قال: لا، فان على الامام أن يقتله. وإن قال: نعم، فان على الامام أن ينهكه ضربا " (* 1) (2) لخبر المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) - فيمن أتى امرأته وهما صائمان -: " وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا، نصف الحد. وإن كانت طاوعته ضرف خمسة وعشرين سوطا، وضربت خمسة وعشرين سوطا " (* 2). وضعف سنده - لو تم - مجبور بالعمل به في مورده. لكن التعدي منه إلى مطلق الافطار - مع كونه خلاف إطلاق الصحيح المتقدم، وإطلاق مادل على إيكال تقدير التعزير إلى الامام - غير ظاهر. ولاسيما وكون التقدير المذكور خلاف ظاهر إطلاق التعزير في كلامهم، فانه عندهم يقابل الحد، وهو الذي له تقدير بعينه. وكأنه لذلك كان ماعن جماعة من التصريح بعدم التقدير. (3) بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه إطلاق الصحيح المتقدم. (4) كما عن الاكثر أو المشهور. لموثق سماعة: " سألته عن رجل أخذ في شهر رمضان، وقد أفطر ثلاث مرات، وقد رفع إلى الامام ثلاث مرات. قال (ع): يقتل في الثالثة " (* 3). ونحوه خبر أبي بصير (* 4)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب أحكام شهر رمضان ملحق الحديث: 2.

 

===============

 

( 195 )

 

{ الاحوط قتله في الرابعة (1). وإنما يقتل في الثالثة أو الرابعة إذا عزر في كل من المرتين أو الثلاث (2). وإذا ادعى شبهة محتملة في حقه درئ عنه الحد (3).