كتاب المزارعة

[ بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المزارعة وهي المعاملة على الارض بالزراعة بحصة من حاصلها (1) وتسمى مخابرة أيضا، ولعلها من الخبرة بمعنى النصيب، ] بسم الله الرحمن الرحيم كتاب المزارعة المزارعة من باب المفاعلة، مصدر (فاعل) وهو للسعي نحو الفعل، بخلاف فعل، فانه لوقوع الفعل، فإذا قلت: قتل زيد عمروا فقد أخبرت عن وقوع القتل على عمرو من زيد، فإذا قلت: قاتل زيد عمروا، فقد أخبرت عن سعي زيد لقتل عمرو، فإذا قلت: زارع زيد عمروا، كان المراد أنه سعى زيد لتحقيق الزرع ووقوعه من عمرو، ففي المثالين يراد من فاعل السعي ويختلفان في كيفية وقوع الفعل، ولا يقال: زراعت الحب بمعنى سعيت إلى زرعه، كما يقال: قاتلت زيدا، فهذا الاختلاف ناشئ من اختلاف الموارد. (1) تفترق المزارعة عن إجارة الارض: بأن إجارة الارض لا يملك مؤجرها على المستأجر لها شيئا غير الاجرة، وهنا يملك المؤجر لها مضافا

 

===============

 

( 46 )

 

[ كما يظهر من مجمع البحرين (1) ولا إشكال في مشروعيتها، بل يمكن دعوى استحبابها. لما دل على استحباب الزراعة، بدعوى كونها أعم من المباشرة والتسبيب (2). ففي خبر الواسطي قال: " سألت جعفر بن محمد (ع) عن الفلاحين قال: هم الزراعون كنوز الله في أرضه، وما في الاعمال شئ احب إلى الله من الزراعة، وما بعث الله نبيا إلا زارعا ] إلى الحصة، أن يعمل العامل، وليس له الامتناع عن العمل. كما أنها تفترق عن إجارة الاجير بأن في إجارة الاجير لا يملك الاجير على المستأجر شيئا غير الاجرة، وهنا يملك على مالك الارض بذل الارض مضافا إلى الحصة، فالمزارعة كأنها إجارة للارض وإجارة للعامل، فهي كأنها إجارتان لان كلا من العامل والمالك يملك على الآخر شيئا غير الحصة. ولاجل ذلك احتمل أن تكون المزارعة معاوضة بين عمل العامل ومنفعة الارض، أو بذلها، وتكون الحصة من قبيل الشرط فيها، لا أن الحصة هي العوض. لكن الارتكاز العرفي لا يساعد عليه، بل يساعد على ما ذكره الاصحاب لا غير. وسيأتي في المسألة التاسعة عشرة من مبحث المساقاة بعض الكلام في ذلك. (1) وفي القاموس: " الخبرة: النصيب تأخذه من لحم أو سمك "، وفي المسالك: " وقد يعبر عن المزارعة بالمخابرة، إما من الخبير وهو الاكار أو من الخبارة وهي الارض الرخوة، أو مأخوذة من معاملة النبي صلى الله عليه وآله لاهل خيبر ". وقد أشار في القاموس إلى المعنيين الاولين مضافا إلى المعنى السابق. (2) أو كون الاستحباب من باب: تعاونوا على البر والتقوى.

 

===============

 

( 47 )

 

[ إلا ادريس (ع) فانه كان خياطا ". (* 1) وفي آخر عن ابي عبد الله (ع): " الزارعون كنوز الانام يزرعون طيبا أخرجه الله وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاما وأقربهم منزلة يدعون المباركين " (* 2). وفي خبر عنه (ع) قال: " سئل النبي صلى الله عليه وآله أي الاعمال خير؟ قال: زرع يزرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده. قال: فأي الاعمال بعد الزرع؟ قال: رجل في غنم له قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة. قال: فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر يغدو بخير ويروح بخير. قال: فأي المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات في الوحل المطعمات في المحل: نعم المال النخل. من باعها فانما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدت به الريح في يوم عاصف، إلا أن يخلف مكانها. قيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله: فأي المال بعد النخل خير فسكت، فقام إليه رجل فقال له: فاين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة لا يأتي خيرها الا من جانبها الاشأم أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة " (* 3). وعنه (ع) " الكمياء الاكبر الزراعة " (* 4). وعنه (ع): " إن الله جعل أرزاق أنبيائه في الزرع والضرع كيلا يكرهوا شيئا من قطر السماء " (* 5) ]

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب مقدمات التجارة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 3 من كتاب المزارعة والمسقاة: 7. (* 3) الوسائل باب: 48 من ابواب احكام الدواب حديث: 1. (* 4) الكافي الجزء: 5 الصفحة: 261 الطبعة الحديثة. الوافي الجزء: 3 الصفحة: 23 آواخر باب فضل المزارعة، مجمع البحرين مادة: " كرم ". (* 5) الوسائل باب: 3 من كتاب المزارعة والمسقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 48 )

 

[ وعنه (ع): " أنه سأله رجل فقال له: جعلت فداك أسمع قوما يقولون: إن المزارعة مكروهة. فقال: ازرعوا فلا والله ما عمل الناس عملا أحل ولا أطيب منه " (* 1). ويستفاد من هذا الخبر ما ذكرنا من أن الزراعة أعم من المباشرة والتسبيب وأما ما رواه الصدوق مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله: " أنه نهى عن المخابرة. قال: وهي المزارعة بالنصف أو الثلث أو الربع " (* 2). فلابد من حمله على بعض المحامل، لعدم مقاومته لما ذكر. وفي مجمع البحرين: " وما روي من أنه صلى الله عليه وآله نهى عن المخابرة، كان ذلك حين تنازعوا، فنهاهم عنها ". ويشترط فيها أمور. أحدها: الايجاب والقبول (1). ويكفي فيهما كل لفظ دال (2)، سواء كان حقيقة أو مجازا مع القرينة، ك‍ " زارعتك أو سلمت إليك الارض على أن تزرع على كذا " ولا يعتبر فيهما العربية (3)، ولا الماضوية، فيكفي الفارسي ] (1) لانها من العقود، بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه عليه. كذا في الجواهر. (2) كما يقتضيه عمومات الصحة و إطلاقاتها من دون مخصص ولا مقيد، كما حرر في أوائل مباحث البيع. (3) لما عرفت من العمومات والاطلاقات، لعدم اعتبار ذلك في مفهومها عرفا.

 

 

____________

) (* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب المزارعة حديث: 1. (* 2) معاني الاخبار الجزء: 2 باب: 133 الصفحة: 80. بحار الانوار المجلد: 23 كتاب المزارعة الحديث: 2.

 

===============

 

( 49 )

 

[ وغيره، والامر (1) كقوله: " ازرع هذه الارض على كذا " أو المستقبل أو الجملة الاسمية مع قصد الانشاء بها. ] (1) قال في الشرائع: " وعبارتها أن يقول: زارعتك " أو ازرع هذه الارض " قال في المسالك: " وأما قوله: إزرع هذه الارض - بصيغة الامر - فان ذلك لا يجيزونه في نظائره من العقود، ولكن المصنف وجماعة أجازوه، استنادا إلى رواية أبي الربيع الشامي والنضر بن سويد عن أبي عبد الله (ع). وهما قاصرتان عن الدلالة على ذلك، فالاقتصار على لفظ الماضي أقوى ". ومراده من رواية أبى الربيع ما رواه الشيخ والصدق عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله (ع): " أنه سئل عن الرجل يزرع أرض رجل آخر، فيشترط على ثلثا للبذر وثلثا للبقر. فقال: لا ينبغي أن يسمي بذرا ولا بقرا، ولكن يقول لصاحب الارض: ازرع في أرضك ولك منها كذا وكذا نصفا وثلثا وما كان من شرط، ولا يسمي بذرا ولا بقرأ، فانما يحرم الكلام " (* 1). ومراده من رواية النظر ما رواه الكليني والشيخ عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان: " أنه قال: في الرجل يزارع فيزرع أرض غيره، فيقول: ثلث للبقر وثلث للبذر وثلث للارض، قال: لا يسمي شيئا من الحب والبقر، ولكن يقول: ازرع فيها كذا وكذا إن شئت نصفا وإن شئت ثلثا " (* 2). هذا والمذكور في الروايتين لفظ المضارع لا لفظ الامر. كما أن رواية النضر عن عبد الله بن سنان لا عن أبي عبد الله (ع) كما ذكر، وقد سبقه إلى ذلك في جامع المقاصد. وايضا فان الامر لو فرض أنه كان في الروايتين فهو من العامل، لا من صاحب الارض.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 10. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 5.

 

===============

 

( 50 )

 

ولعل مراد المستدل بالروايتين الاستدلال بهما بتوسط الاولوية، فانه إذا جاز الايجاب بالمضارع جاز بالامر بالاولوية، كما حكي ذلك عن الايضاح. لكن الاشكال فيه ظاهر. وكان الاولى الاستدلال بصحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " سألته عن رجل يعطي الرجل أرضه فيها ماء (رمان خ ل) أو نخل أو فاكهة، ويقول: إسق هذا من الماء واعمره ولك نصف ما أخرجه الله (عزوجل. خ ل) قال: لا بأس " (* 1) بضميمة عدم القول بالفصل، أو فهم عدم الخصوصية وإن أمكن الاشكال فيه: بأنه لم يثبت كون الامر إنشاء للمساقاة، بل من المحتمل - بل الظاهر - أنه من قبيل؟ الة. والاولى أن يقال: إن المائز بين العقد والايقاع أن المفهوم المنشأ إن كان متعلقا بطرفين على وجه يكون تعلقه بكل منهما خلاف السلطنة عليه يكون عقديا، أولا يكون كذلك، فيكون ايقاعا. مثلا تمليك مال إنسان لآخر لما كان على خلاف سلطنة المالك والمتملك - فان خروج مال إنسان عن ملكه إلى ملك غيره خلاف سلطنة المالك على ماله، وخلاف سلطنة المتملك على نفسه -، كان التمليك مفهوما عقديا. واسقاط ما في الذمة لما لم يكن خلاف سلطنة من له الذمة كان إيقاعا، فيجوز وقع الثاني بلا حاجة إلى إعمال سلطنة صاحب الذمة، ولا يجوز وقوع الاول بلا سلطنة المتملك. ومن ذلك تعرف أن إنشاء المفهوم العقدي لا يكون إلا باعمال سلطنة كل من الطرفين، فيكون إيجابا من طرف وقبولا من طرف آخر. وربما يحصل باعمال السلطنة من دون صدق القول " كما إذا قال زيد لعمرو: بعني فرسك، فانه إذا قال عمرو: بعتك الفرس، حصل البيع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب كتاب المزرعة والمساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 51 )

 

بلا حاجة إلى قبول، لحصول الاعمال للسلطنة من جهة زيد بمجرد الامر. وكذا إذا قال: أذنت لك في أن تبيعني فرسك، فانه إذا قال عمرو: بعتك فرسي، صح من دون حاجة إلى القبول، وكذلك الوكيل للمتعاقدين معا، فانه إذا قال: بعت فرس أحدهما للآخر، صح من دون حاجة إلى القبول، ومالك العبد والامة إذا انشأ تزويج أمته من عبده صح من دون حاجة إلى قبوله، كما أفتى بذلك جماعة. وعلى هذا فالامر بالزرع ليس إيجابا ولا قبولا، لعدم صدوره في مقام الانشاء للمفهوم الانشائي، فانه أمر بالزرع وطلب له من دون إنشاء للمزارعة، فصحة المعاملة مع ذلك ليس لانه إيجاب أو قبول، بل لانه إعمال للسلطنة. ومثله أن يقول: أذنت لك في أن تزرع الارض بحصة كذا، أو أذنت لك في أن تزارعني على الثلث، فذلك بمنزلة الايجاب، لانه إعمال لسلطنة صاحب الارض الذي وظيفته الايجاب، إذ الاحتياج إلى الايجاب في حصول المفهوم العقدي لاجل كونه إعمالا للسلطنة، وهو حاصل بالامر، فإذا قال زيد لعمرو: تملك مالي، فقال عمرو: تملكت مال زيد، حصل الملك من دون حاجة إلى قول زيد: قبلت. ومن ذلك يظهر أن الاكتفاء بالامر في الايجاب ليس من باب استعمال الامر في المعنى الانشائي، بأن يكون قوله: ازرع هذه الارض، مستعملا في إنشاء المزارعة مجازا، كي يكون من المجازات المستنكرة، ولا من باب الكناية عن الانشاء النفساني، فيكون الامر حاكيا عنه بالدلالة العقلية، نظير حكاية تصرف من له الخيار في العين المبيعة الحاكي عن إنشاء الفسخ، بل هو من باب إعمال السلطنة الكافي عن القبول. وربما يكون الامر بنفسه انشاء على الحقيقة. بأن يكون أمرا تكوينيا لا تشريعيا، كما إذا قال البائع للمشتري: اشتر هذا الفرس بدرهم منشئا

 

===============

 

( 52 )

 

[ وكذا لا يعتبر تقديم الايجاب على القبول (1). ويصح الايجاب ] نفس الشراء، كما في قوله تعالى: (كن فيكون) (* 1) فيقول المشتري: قبلت، ويتم العقد، فيكون قوله: اشتر، إيجابا على الحقيقة، وفي المقام يقول صاحب الارض للفلاح: كن مزارعا، فيقول الفلاح: قبلت، و في باب النكاح يقول الرجل للمرأة: كوني زوجة " فتقول المرأة: قبلت، أو تقول هي: كن لي زوجا، فيقول: قبلت، وهكذا ينشأ المفهوم الانشائي بصيغة الامر، فيكون جعلا تكوينيا للمعنى الانشائي، ويكون إيجابا، فإذا لحقه القبول كان عقدا. ويتحصل مما ذكرنا: أن الاكتفاء بالامر في العقود يكون على أربعة أنحاء: (الاول): أن يكون من باب إعمال السلطنة، فيكون كافيا عن الايجاب أو القبول. لا أنه إيجاب أو قبول. (الثاني): أن يكون إيجابا أو قبولا، كما إذا كان أمرا تكوينيا. (الثالث): أن يكون حاكيا عن الالتزام النفسي ودالا على بالدلالة العقلية، نظير تصرف من له الخيار، ويكون جزء العقد في الحقيقة هو ذلك الالتزام النفسي ويكون الامر تشريعيا دالا عليه دلالة المعلول على علته. (الرابع): أن يكون مستعملا مجازا في معنى فعل الماضي أو المضارع، على نحو الانشاء لا الاخبار فيكون من المجازات المستنكرة التي لا يجوز إنشاء العقد بها. (1) لا يخفى أن مفهوم القبول لغة وعرفا مثل مفهوم الرضا يمكن أن يتعلق بالمستقبل كما يتعلق بالماضي، بل قد يتعلق بالمفهوم اللحاضي من دون أن يكون له خارجية ومطابق عيني. أما القبول العقدي فلا يتعلق إلا بما هو واقع، فإذا تعلق بما يقع في المستقبل لم يكن قبولا عقديا،

 

 

____________

(* 1) يس: 82.

 

===============

 

( 53 )

 

[ من كل من المالك والزارع (1). بل يكفي القبول الفعلي (2) بعد الايجاب القولي على الاقوى (3). ] بل هو قبول عرفي، وحينئذ يمتنع تقدم القبول على لايجاب. نعم إذا تقدم كان إعمالا للسلطنة، ويكفي ذلك عن القبول وإن كان خبرا لا إنشاء لا أنه قبول متقدم. وكذا يمكن أن يكون إنشاء ممن وظيفته القبول فيكون إيجابا، ويكون الانشاء من الآخر قبولا، كما إذا قال المشتري للبائع: اشتريت منك الفرس بدرهم، فيقول البائع: بعتكها بدرهم، فان ما صدر من المشتري إيجاب، وما صدر من البائع قبول، لا أن ما صدر من المشتري قبول متقدم، وكذلك في المقام. (1) لا يختص ذلك بالمقام، بل يجري في عامة العقود، كما أشرنا إليه. ويدل عليه في المقام روايتا أبي الربيع الشامي والنضر بن سويد المتقدمتان. (2) بأن يكون الفعل دالا على الالتزام النفسي دلالة عقلية دلالة المعلول على علته، لا دلالة لفظية كدلالة اللفظ على معناه، كما تقدم نظيره. (3) كما صرح به في القواعد، قال: " ومن قبول، وهو كل لفظ أو فعل دل على الرضا "، وفي المسالك: استظهر من عدم تعرض الشرائع للقبول مع تعرضه للايجاب أنه لا يعتبر اللفظ فيه، كما ذكره في الايجاب وفي مفتاح الكرامة: أن القبول الفعلي ليس بقبول، وأن العقود عبارة عن الصيغة من الطرفين، وأن تسمية ما اشتمل على القبول الفعلي عقدا مسامحة. انتهى. لكنه - كما ترى - خلاف مرتكزات العرف، فانه لا فرق عندهم بين القول والفعل في الدلالة على الالتزام النفسي الذي هو قوام العقد، غاية الامر أن دلالة اللفظ لفظية ودلالة الفعل عقلية، وليس بفارق في انطباق عنوان العقد أو عنوان المزارعة أو غيرهما من العناوين. وحينئذ يتعين العمل باطلاقات الصحة وعموماتها.

 

===============

 

( 54 )

 

[ وتجري فيها المعاطاة (1)، وإن كانت لا تلزم (2) إلا بالشروع في العمل (3). الثاني: البلوغ، والعقل، والاختيار، وعدم الحجر (4) ] (1) كما نص على ذلك في الجواهر، لاطراد الوجه المصحح لها في البيع هنا، كما عرفت. نعم لا يمكن هنا حصول التعاطي من الطرفين، وإنما يكون من طرف صاحب الارض لا غير. نعم يكون القبول بأخذ الارض من الفلاح، فيكون العقد بالاعطاء والاخذ. لا بالتعاطي من الطرفين. (2) للاجماع على عدم لزوم المعاطاة إلا بالتصرف المانع من الرد. (3) لان استيفاء الفعل إتلاف له، فيكون ملزما لها. ثم إنه قد تشكل صحة المعاطاة في المقام بأنه يعتبر في المزارعة اشتراط أمور: من تعيين الحصة، والاجل، ومن عليه البذر، والزرع، والفعل لا يقبل الاشتراط لانه لا يقبل الاطلاق، فلا يقبل التقييد. وفيه: أن التقييد للالتزام النفساني كما هو كذلك في العقد اللفظي فان اللفظ أيضا لا يقبل التقييد، وكما أن اللفظ في العقد اللفظي حاك عن الالتزام المشروط، كذلك بالفعل أيضا يكون حاكيا عن الالتزام المشروط. نعم الفعل لا يصلح للحكاية عن الاشتراط، لكن يمكن استفادة الشرط من القرائن الحافة بالعقد الفعلي بأن يكون الالتزام المحكي بالفعل مبنيا على الشروط المذكورة، وربما تكون الاستفادة من اللفظ. (4) الشروط المذكورة شروط عامة لمطلق التصرف، وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في بعض الكتب السالفة، وتحرير الاستدلال على الوجه الاكمل يكون في كتاب البيع، لانه الكتاب الاول من كتب العقود والايقاعات، وقد تعرضنا لذلك في كتاب: (نهج الفقاهة) تعليقا على كتاب المكاسب لشيخنا الاعظم (قدس سره)

 

===============

 

( 55 )

 

[ لسفه أو فلس، ومالكية التصرف (1) في كل من المالك والزارع. نعم لا يقدح فلس الزارع إذا لم يكن منه مال، لانه ليس تصرفا ماليا. الثالث: أن يكون النماء مشتركا بينهما، فلو جعل الكل لاحدهما لم يصح مزارعة (2). الرابع: أن يكون مشاعا بينهما. فلو شرطا اختصاص أحدهما بنوع - كالذي حصل أولا - والآخر بنوع آخر، أو شرطا ان يكون ما حصل من هذه القطعة الارض لاحدهما وما حصل من القطعة الاخرى للآخر، لم يصح (3). الخامس: تعيين الحصة بمثل النصف أو الثلث أو الربع أو نحو ذلك، فلو قال: " ازرع هذه الارض على أن ] (1) الظاهر من العبارة أنها شرط آخر زائد على ما ذكر. وكأن وجهه أن ما سبق يختص بقصور في المتصرف، وهذا الشرط القصور في موضوع التصرف، كالمرهون ونحوه. ويحتمل أن يكون المراد بيان الجامع بين الشروط المذكورة، لان مرجع الجميع إلى مالكية التصرف. (2) إجماعا. ويشهد له ما سيأتي من الصحيح. (3) بلا خلاف ظاهر، وعن مجمع البرهان: " كأنه إجماع ". ويشهد له مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " لا تقبل الارض بحنطة مسماة، ولكن بالنصف والثلث والربع والخمس لا بأس به. وقال: لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس ".

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 3.

 

===============

 

( 56 )

 

[ يكون لك أو لي شئ من حاصلها " بطل (1). السادس: تعيين المدة (2) بالاشهر والسنين، فلو أطلق بطل. نعم لو عين المزروع، أو مبدأ الشروع في الزرع لا يبعد صحته إذا لم يستلزم غررا. بل مع عدم تعيين ابتداء الشروع أيضا إذا كانت الارض مما لا يزرع في السنة إلا مرة، ] (1) إجماعا، كما عن التذكرة. ويشهد له النصوص التي منها المصحح المتقدم. (2) كما صرح به في كلماتهم، بل عن التذكرة: الاجماع على أنه لا يجوز مع جهالة المدة، وفي الجواهر: " بلا خلاف معتد به، بل لعل الاجماع عليه ". ولم يظهر عليه دليل، فإن ما دل على النهي عن بيع الغرر لا يشمل المقام. وما دل على نهي النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر (* 1) غير ثابت. وما في الشرائع من الاستدلال عليه بأنه عقد لازم فهو كالاجارة " فيشترط فيه تعيين المدة، دفعا للغرر - وإليه يرجع ما في المسالك من الاستدلال عليه: بأن مقتضى العقد اللازم ضبط أجله، وكذا ما في الجواهر من الاستدلال: بأن المزارعة أشبه بالاجارة - كما ترى لا يرجع إلى دليل، ومثلها الاستدلال بخبر أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها، فأي وجوه القبالة أحل؟ قال: يتقبل الارض من أربابها بشئ معلوم إلى سنين مسماة فيعمر ويؤدي الخراج " (* 2). ونحوه غيره. فان الظاهر من القبالة غير المزارعة نعم يستفاد من مجموع كلماتهم أنه لابد من تعيين المدة في الجملة بحيث لا يؤدي إلى الغرر، فان تم اجماعا - كما هو الظاهر - فهو المعتمد

 

 

____________

(* 1) تقدم التعرض لمصادر الحديث المذكور في الجزء الثاني عشر صفحة: 246 من هذه الطبعة (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 5

 

===============

 

( 57 )

 

[ لكن مع تعيين السنة، لعدم الغرر فيه (1). ولا دليل على اعتبار التعيين تعبدا، والقدر المسلم من الاجماع على تعيينها غير هذه الصورة. وفي صورة تعيين المدة لابد وأن تكون بمقدار يبلغ فيه الزرع (2)، فلا تكفي المدة القليلة التي تقصر عن إدراك النماء. ] لا غير. لكنه لا يقتضي لزوم تعيين المدة بحيث لا تقبل الزيادة والنقيصة، بل يكفي التعيين في الجملة ولو بتعيين الزرع والبدء به وإن جهل زمان بلوغه. بل ربما يكون تعيين المدة موجبا للغرر إذا كان من المحتمل عدم بلوغ الزرع فيها، لان في ذلك تعريضا لضياع الزرع بناء على استحقاق المالك قلعه عند انتهاء المدة أو الخسارة المالية بناء على غير ذلك. (1) لان الغرر إنما يكون للجهل بالخصوصيات التي تختلف باختلافها الرغبات وتتفاوت بها المالية، فإذا كانت الارض لا تزرع الا مرة واحدة في السنة لا تتفاوت المالية باختلاف الابتداء والانتهاء. (2) في الجواهر: " صرح جماعة بوجوب كون المدة فيها مما يعلم فيها إدراك الزرع ولو من جهة العادة، لان إدراك الزرع هو الملحوظ في المزارعة، بل ركنها الاعظم، حتى أنه ظن من جعل ذلك هو المدار في بعض النصوص عدم اعتبار المدة في المزارعة وأن ادراك الزرع هو الغاية فيها قال ابراهيم الكرخي لابي عبد الله (ع): " أشارك العلج فيكون من عندي الارض والبذر والبقر، ويكون على العلج القيام والسقي والعمل في الزرع حتى يكون حنطة أو شعيرا، ويكون القسم، فيأخذ السلطان حقه ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي. قال (ع): لا بأس " (* 1). بل بناء على ما ذكره من أن قوام المزارعة هو الزرع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب المزارعة والمساقاة حديث: 1. ويأتي التعرض الحديث بتمامه في اواخر المسألة: 5 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 58 )

 

فذكر المدة الزائدة على بلوغ الزرع و المساوية له بلا فائدة، وذكر المدة الناقصة مفوت للمقصود منها، بناء على ما سيأتي الكلام فيه في المسألة السادسة. وعلى هذا فالاولي المنع من اشتراط المدة زائدا على اشتراط زمان الشروع في الزرع. إلا أن يكون المقصود من اشتراط المدة اشتراط عدم التواني في الاعمال المعتلقة بالزرع بحيث يتأخر الانتاج، أو يكون المراد من اشتراط المدة تعيين السنين والاعوام التي تستمر فيها المزارعة، فلا يصح أن يقول: زارعتك على هذه الارض مرات من دون تعيين. فيكون الواجب التعيين بذكر عدد المرات أو بالسنين والاعوام. في مقابل بقاء المزارعة و استمرارها إلى أجل مبهم. وإن كان يكفي أيضا التعيين في عدد الزرع، فيقول: زارعتك على أن تزرع الشعير فيها مرتين أو خمسا أو عشرا، فيكون التعيين في عدد الزرع وإن لم يعلم مقدار الزمان. وبالجملة: تعيين الزرع ووقت الشروع فيه والاستمرار على الاعمال على النحو المتعارف بلا مماهلة كاف في رفع الغرر، وكذلك ذكر عدد الزرع والخصوصيات المتعلقة به كاف في رفع الغرر، (ومن ذلك) يظهر أن ما ذكر في الشرائع بقوله: " ولو اقتصر على تعيين المزروع من غير ذكر المدة فوجهان أحدهما يصح، لان لكل زرع أمد فيبني على العادة - كالقراض - والاخر يبطل، لانه عقد لازم فهو كالاجارة، فيشترط فيه تعيين المدة رفعا للغرر، لان أمد الزرع غير مضبوط. وهو أشبه "، (ضعيف) وأول الوجهين أصح وأشبه بالقواعد حتى لو بنى على منع الغرر من الصحة إذ لا غرر ولا خطر، كما عرفت. والمتحصل مما ذكرنا أمور: (الاول): أنه لا دليل لفظي على مانعية الغرر في المقام (الثاني): أن مانعية الغرر في المقام مستفادة

 

===============

 

( 59 )

 

[ السابع: أن تكون الارض قابلة للزرع ولو بالعلاج فلو كانت سبخة لا يمكن الانتفاع بها، أو كان يستولي عليها الماء قبل أو ان ادراك الحاصل أو نحو ذلك، أو لم يكن هناك ماء للزراعة ولم يمكن تحصيله ولو بمثل حفر البئر أو نحو ذلك ولم يمكن الاكتفاء بالغيث، بطل (1). الثامن: تعيين المزروع من الحنطة والشعير وغيرهما مع اختلاف الاغراض فيه، فمع عدمه يبطل (2) إلا أن يكون هناك انصراف يوجب التعيين، أو كان مرادهما التعميم (3) وحينئذ فيتخير الزارع بين أنواعه. التاسع: تعيين الارض ومقدارها، فلو لم يعينها بأنها هذه القطعة أو تلك القطعة، أو من هذه المزرعة أو تلك، ] من ظهور الاجماع. (الثالث): اندفاع الغرر بتعيين المزروع وأو ان الزرع أو نحو ذلك، بلا حاجة إلى تعيين المدة. (الرابع): أن تعيين المدة غير جائز، إما لانه مفوت للمقصود، أو أنه عبث ولغو، فلا يكون له أثر. (1) لان امتناع الموضوع يوجب امتناع المضمون. مع أن الحكم إجماعي ظاهرا، وإن كان البطلان أوضح من أن يستدل عليه بالاجماع. (2) الظاهر من العبارة البطلان حتى مع إرادة التعميم. لكن ينافيه ما سيأتي من الصحة حينئذ فيختص البطلان - على هذا - بما إذا كان المراد من الزرع المردد. وحينئذ فالبطلان ظاهر الوجه، لان المردد لا خارجية له، كي يكون موضوعا للاحكام. على أنه فرض نادر. ولاجل ذلك لم يتعرض الجماعة لذكر هذا الشرط بهذا المعنى. (3) يعني: المفهوم الجامع بين الافراد. لكن لا يخفي إن إرادة

 

===============

 

( 60 )

 

[ أو لم يعين مقدارها، بطل مع اختلافها، بحيث يلزم الغرر (1). نعم مع عدم لزومه لا يبعد الصحة، كأن يقول: " مقدار جريب من هذه القطعة من الارض التى لا اختلاف بين أجزائها " أو " أي مقدار شئت منها ". ولا يعتبر كونها شخصية فلو عين كليا موصوفا على وجه يرتفع الغرر فالظاهر صحته وحينئذ يتخير المالك في تعيينه (2). العاشر: تعيين كون البذر على أي منهما (3)، وكذا سائر المصارف واللوازم إذا لم يكن هناك انصراف مغن عنه ولو بسبب التعارف. ] التعميم لا توجب ارتفاع الغرر، وإنما توجب الاقدام على الغرر، فإذا كان دليل على مانعية الغرر فهو حاصل في الفرض مع اختلاف الافراد في الضرر وعدمه أو شدة الضرر وخفته، والرضا بالتعميم لا يرفع مانعية الغرر. نعم لا دليل على مانعية الغرر من هذه الجهة، و الاطلاق يقتضي الصحة. (1) الكلام في هذا الشرط هو الكلام فيما قبله، فإذا كان الغرر مانعا فهو في المقامين سواء، وإلا فلا موجب للبطلان فيهما أيضا. (2) كما في بيع الكلي. (3) قال في القواعد: " والاطلاق يقتضي كون البذر على العامل. ويحتمل البطلان " وحكى الاول عن جماعة. وكأن وجهه: أن المزارعة تقتضي لزوم العمل على الفلاح بنحو الواجب المطلق المقتضي وجوب مقدماته ومنها البذر. كالعوامل وآلات الحرث ونحو ذلك، كما أن إطلاق الاجارة على الخياطة يقتضي كون الخيوط على الاجير لا على المستأجر. فيكون وجه البطلان الذي احتمله في القواعد المنع من ذلك، وأن مقتضي المزارعة

 

===============

 

( 61 )

 

[ (مسألة 1): لا يشترط في المزارعة كون الارض ملكا للمزارع، بل يكفي كونه مسلطا عليها بوجه من الوجوه كأن يكون مالكا لمنفعتها بالاجارة أو الوصية أو الوقف عليه أو مسلطا عليها بالتولية كمتولي الوقف العام أو الخاص والوصي ] مجرد العمل بنحو الوجوب المشروط بوجود البذر، فإذا لم يتعين من عليه البذر كان المفهوم المنشأ بلا موضوع، فيبطل. وعن الايضاح وجامع المقاصد: أنه الاصح. لكن في صحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام: " وسألته عن المزارعة قال (ع): النفقة منك والارض لصاحبها، فلما أخرج الله تعالى من شئ قسم على الشطر. وكذلك أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر حين أتوه، فأعطاهم إياها على أن يعمروها ولهم النصف مما أخرجت " (* 1). لكن في جامع المقاصد الاطباق على صحة المزارعة مع كون البذر على المالك، فان تم - كما هو الظاهر، كما يشهد به تقسيم المزارعة في كلامهم إلى صور متعددة، ومنها كون البذر على العامل تارة، وعلى صاحب الارض أخرى، وعليهما معا ثالثة - فلا مجال للعمل بظاهر الرواية، ويتعين تأويلها والرجوع إلى القواعد المقتضية لوجوب التعيين إذا لم يكن تعين، وربما يختلف ذلك باختلاف الاصقاع والازمان، فقد يكون البذر على صاحب الارض فيكون الفلاح كالبناء، وقد يكون على الفلاح فيكون الفلاح كالخياط والصحاف في زماننا وقد لا يكون تعارف، وحينئذ لابد من التعيين، ومع عدمه تبطل لعدم الموضوع. إلا أن يكون إطلاق فيقتضي كونه على العامل، كما ذكر في القواعد: و سيأتي في المسألة التاسعة عشرة ماله نفع في المقام.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 62 )

 

[ أو كان له حق اختصاص بها بمثل التحجير والسبق، ونحو ذلك (1)، أو كان مالكا للانتفاع بها، كما إذا أخذها بعنوان المزارعة فزارع غيره (2) أو شارك غيره. بل يجوز أن يستعير الارض للمزارعة. نعم لو لم يكن له فيها حق أصلا لم يصح مزارعتها، فلا يجور المزارعة في الارض الموات مع عدم تحجير أو سبق أو نحو ذلك، فان المزارع والعامل فيها سواء. نعم يصح الشركة في زراعتها مع اشتراك البذر، أو باجارة أحدهما نفسه للاخر في مقابل البذر أو نحو ذلك. لكنه ليس حينئذ من المزارعة المصطلحة (3). ولعل هذا مراد الشهيد في المسالك من عدم جواز المزارعة في الاراضي الخراجية التي هي للمسلمين قاطبة (4) إلا مع الاشتراك في البذر أو بعنوان آخر، فمراده هو فيما إذا لم يكن للمزارع جهة اختصاص بها، وإلا فلا إشكال في جوازها بعد الاجارة من السلطان، كما يدل عليه جملة من الاخبار. (مسألة 2): إذا أذن لشخص في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما، فالظاهر ] (1) كما إذا وضع فيه شيئا. (2) كما سيأتي التعرض لذلك في المسألة الثالثة عشرة. (3) من المعلوم أن الشركة في الزرع ليست مزارعة - كما عرفت - مفهوما عرفا ولغة وشرعا. (4) قال في المسالك: " واعلم أنه قد استفيد من حقيقة المزارعة ومن صيغتها أن المعقود عليه هو الارض المملوكة المنتفع بها - كما سيتحرر

 

===============

 

( 63 )

 

من شرائطها - ويبقى من لوازمها البذر والعمل والعوامل، وهي بحسب ما ينفقان عليه في مقابلة الارض أو بعضها مضافا إليها من صاحب الارض وبعضها على العامل، وصورها المتشعبة بينها كلها جائزة، وأنه لا تشرع المزارعة إذا لم تكن الارض ملكا لاحدهما كما في الارض الخراجية... ". وأشكل عليه: بأن صيغة المزارعة - التي هي: زارعتك ونحوها - لا تقتضي اعتبار ملكية الارض لا عينا ولا منفعة، بل يكفي فيها الاولوية الحاصلة في أرض الخراج بالاحياء أو بالتفويض ممن هي بيده. وعن الكفاية: الجزم بعدم اعتبار ذلك في المزارعة، وذكر جملة من النصوص الدالة على جواز مزارعة أرض الخراج، كصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في حديث: " أنه سئل عن مزارعة أهل الخراج بالربع والنصف والثلث. قال: نعم لا بأس به، قد قبل رسول الله صلى الله عليه وآله خيبر أعطاها اليهود حين فتحت عليه بالخبر، والخبر هو النصف " (* 1) وخبر الفيض بن المختار: " قلت لابي عبد الله (ع): جعلت فداك ما تقول في أرض أتقبلها من السلطان ثم أو اجرها أكرتي على أن ما أخرج الله منها من شئ كان لي من ذلك النصف والثلث بعد حق السلطان. قال: لا بأس به، كذلك أعامل أكرتي " (* 2)، وصحيح يعقوب المتقدم في الشرط العاشر. لكن في الجواهر حمل كلام المسالك على إرادة ما في المتن... إلى أن قال: " ودعوى ظهور كلامه في اعتبار ملكية العين في المزارعة، مقطوع بفسادها، فان القواعد والنصوص والفتاوى صريحة في خلافها، ويبعد خفاء مثل ذلك على مثله " أقول: صريح كلامه اعتبار الملكية وعدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 3.

 

===============

 

( 64 )

 

[ صحته وإن لم يكن من المزارعة المصطلحة. بل لا يبعد كونه منها أيضا (1). وكذا لو أذن لكل من يتصدى للزرع وإن لم يعين شخصا (2). وكذا لو قال: " كل من زرع أرضي هذه أو مقدارا من المزرعة الفلانية فلي نصف حاصله أو ثلثه " - مثلا - فاقدم واحد على ذلك، فيكون نظير الجعالة (3) ] صحة المزارعة على الارض الخراجية لعدم كونها ملكا للمزارع، فدعوى ظهور كلامه في ذلك مقطوع بصحتها لا بفسادها. والقواعد والفتاوى والنصوص إنما تدل على فساد دعوى اعتبار الملكية، لا على فساد دعوى ظهور كلامه في ذلك. (1) قد تقدم وسيأتي أن المزارعة المصطلحة من العقود اللازمة ومن المعلوم أن الاذن في الفعل الخارجي ليس عقدا، فضلا عن أن يكون لازما. نعم إذا كان المراد من الاذن في زرع الارض الاذن في إيقاعه للمزارعة الانشائية، وكان المزارع في مقام إنشائها، كان إنشاؤها بذلك إيجابا لها، ويكون الاذن السابق قائما مقام القبول " لكونه اعمالا للسلطنة. وكذا إذا كان من قبيل الدال على ايجاب المزارعة بالدلالة العقلية، نظير دلالة التصرف على امضاء العقد أو فسخه، كما سبق ذلك في مبحث الايجاب والقبول. لكن الظاهر خروج ذلك عن الفرض المقصود من العبارة. وبالجملة: الاذن في زرع الارض لشخص إيقاع بحت، لا عقد ولا جزء عقد. (2) الفرق أن الاول إذن لشخص بعينه، والثاني إذن عام، والثالث ليس إذنا، وإنما هو جعل على نفسه، ويستفاد منه الاذن بالقرينة، وهو جعل العوض للمأذون الدال على الترغيب إليه. (3) لان الجعالة جعل شئ على نفسه فتشترك مع الفرض الاخير في ذلك. لكن يشكل ما ذكره بأن الجعالة إيقاع على المشهور، فكيف يكون

 

===============

 

( 65 )

 

[ فهو كما لو قال: " كل من بات في خاني أو داري فعليه في كل ليلة درهم " " أو كل من دخل حمامي فعليه في كل مرة ورقة " فان الظاهر صحته للعمومات، إذ هو نوع من المعاملات العقلائية، ولا نسلم انحصارها في المعهودات، ولا حاجة إلى الدليل الخاص لمشروعيتها، بل كل معاملة عقلائية صحيحة إلا ما خرج بالدليل الخاص، كما هو مقتضى العمومات. (مسألة 3): المزارعة من العقود اللازمة (1) لا تبطل ] الفرض الاخير إيقاعا وقد جعله من المزارعة المصطلحة؟ اللهم إلا أن يكون بناؤه على أن الجعالة من العقد، كما هو قول لبعضهم. والتحقيق: أن الفروض المذكورة وكذلك الجعالة ليست من العقود إذ لم يجعل فيها للعامل عنوان من العناوين الموقوف على إعمال سلطنته وقبوله. مع أنها لو كانت عقدا احتاجت إلى القبول، وهو مفقود، فان العمل من العامل لم يكن بقصد القبول للايجاب، بل كان بقصد الجري على مقتضى الايجاب بناء منه على تمامية اقتضائه، فلا يكون قبولا فعليا. مع أنه في الصورتين الاخيرتين وفي الجعالة قد لا يكون مواليا للايجاب أو لا يكون مطابقا له، كما إذا كان العمل بقصد عوض آخر غير ما ذكر في الايجاب، أو كان صادرا من غير البالغ، أو من غير الرشيد أو من غير المميز أو من المجنون الذي لا يصح قصده. ولعله لذلك قال في الشرائع في مبحث الجعالة: أنها لا تحتاج إلى قبول. وإن كان ينافيه قوله بعد ذلك: " ويجوز أن يكون العمل مجهولا " لانه عقد جائز كالمضاربة " إلا أن يكون مراده من العقد معنى آخر، لا ما اشتمل على الايجاب والقبول، وإن كان بعيدا. وكيف كان فالتحقيق ما ذكرنا. (1) اجماعا - كما عن جامع المقاصد - وفي المسالك: أنه اتفاق، وفي

 

===============

 

( 66 )

 

[ إلا بالتقايل (1) أو الفسخ بخيار الشرط (2) أو بخيار الاشتراط (3) أي: تخلف بعض الشروط المشترطة على أحدهما. وتبطل أيضا بخروج الارض عن قابلية الانتفاع (4) لفقد الماء أو استيلائه أو نحو ذلك. ولا تبطل بموت أحدهما (5)، فيقوم وارث الميت منهما مقامه (6). ] الجواهر: " بلا خلاف، بل لعل الاجماع بقسميه عليه " وعن الكفاية: كأنه إجماع ". ويقتضيه ما دل على اللزوم في عامة العقود. (1) لما دل على مشروعية الاقالة في عامة العقود اللازمة. وعن الرياض: الظاهر أنه لا خلاف في البطلان بالتقايل، ونحوه عن غيره. (2) لما دل على صحة اشتراط الخيار في عامة العقود اللازمة، لعموم صحة الشروط. (3) فان فوات الشرط يوجب الخيار، إما لانه من الاحكام العرفية الممضاة لدى الشارع المقدس، أو لان لازم اشتراط الشرط اشتراط الخيار عند فقده. هذا وقد اقتصر المصنف في الخيار على السببين المذكورين مع أن الخيار قد يكون بالغبن، بناء على عموم دليله لجميع المعاوضات المالية وقد أثبته المصنف وغيره في الاجارة، ولا فرق بينها وبين المقام. نعم لو كان دليله الاجماع اختص بالبيع، لاختصاص الاجماع به، وحينئذ لا يشمل الاجارة ولا المقام، فالتفكيك بين الاجارة والمقام غير ظاهر، إذ المقام إما من قبيل إجارة الارض، أو إجارة الاجير العامل، أو إجارتهما. (4) كما صرح به غير واحد، لما تقدم في الشرط السابع. (5) كما في الشرائع والقواعد وغيرهما، وفي جامع المقاصد: " لا نعرف خلافا في أن المزارعة لا تبطل بموت أحد المتعاقدين. " ويقتضيه الاصل. (6) كما نص على ذلك في جامع المقاصد والمسالك وغيرهما.

 

===============

 

( 67 )

 

[ نعم تبطل بموت العامل مع اشتراط مباشرته للعمل (1)، سواء كان قبل خروج الزرع أو بعده (2). وأما المزارعة المعاطاتية فلا تلزم إلا بعد التصرف (3). وأما الاذنية فيجوز فيها الرجوع دائما (4)، لكن إذا كان بعد الزرع وكان البذر من ] (1) كما ذكره في المسالك. لكنه يختص بما إذا كان الشرط راجعا إلى تقييد العمل بعمل العامل مباشرة، بأن كان موضوع المزارعة الارض ومنفعة العامل نفسه، والبطلان فيه ظاهر، لفوات الموضوع الموجب لفوات الحكم. أما إذا كان الشرط راجعا إلى اشتراط شئ زائد على العامل، فالموضوع نفس العمل في الذمة، الشامل لعمل غيره، فيكون الشرط تطبيقه على عمل نفسه، فإذا مات العامل فقد تعذر العامل بالشرط، ويكون الحكم صحة العقد والخيار في الفسخ، لفوات الشرط. (2) في المسالك: " هو مشكل لو كان موته بعد خروج الثمرة لانه قد ملك الحصة وإن وجب عليه بقية العمل، فخروجه عن ملكه بعد ذلك بعيد ". ورده في الجواهر: بأن الملك وإن حصل، لكنه متزلزل إلى حصول تمام العمل نحو ملك العامل في المضاربة في بعض الاحوال ". وهو في محله عملا بمقتضى العقد الخاص. (3) لما حرر في مبحث البيع المعاطاتي من عدم لزومها الا بالتصرف. (4) قد تقدم منه أن المزارعة الاذنية من المزارعة المصطلحة، وقد عرفت أن المزارعة المصطلحة من العقود، فتكون لازمة، عملا بأصالة اللزوم في العقود. نعم إذا كانت من الايقاع جاز الرجوع فيها، لكن بالنسبة إلى المستقبل الذي هو محل الابتلاء، لا بالنسبة إلى الماضي الخارج عن محل الابتلاء، فإذا قال زيد: أذنت لك أن تسكن داري شهرا، فسكنت فيه أياما، ثم رجع عن الاذن صح ذلك بالنسبة إلى اللاحقة، لا

 

===============

 

( 68 )

 

[ العامل يمكن دعوى لزوم ابقائه إلى حصول الحاصل، لان الاذن في الشئ إذن في لوازمه (1)، وفائدة الرجوع أخذ أجرة الارض منه حينئذ ويكون الحاصل كله للعامل. (مسألة 4): إذا استعار أرضا للمزارعة (2) ثم أجرى ] الماضية، فانه لا يجوز الرجوع فيها، لخروجها عن محل الابتلاء. (1) الاذن في بقاء الرزع ليس مستندا إلى الاذن في الزرع، ليكون من باب: الاذن في الملزوم إذن في اللازم، بل هو مقتضى صريح العبارة الدالة على استحقاق حصة الناتج. مضافا إلى أن ثبوت الاذن في بقاء الزرع لا يجدي بعد فرض رجوع المالك عن الاذن، كما هو المفروض. اللهم إلا أن يكون مراده أنه إذا أذن المالك في إبقاء الزرع فرجع عن إذنه ليس له قلع الزرع الذي كان مأذونا في ابقائه. لكن - على هذا - يكون المناسب التعرض لاثبات هذه الدعوى ووجهها، لا التعليل بما ذكر. وأيضا فان جواز رجوع المالك بعد عمل العامل غير ظاهر، إذ لا دليل على عموم الرجوع عن الاذن، ومقتضى الاصل عدم تأثير الرجوع شيئا وبقاء الاستحقاق للحصة المعينة، وعدم الرجوع إلى أجرة المثل بحاله. فالذي يتحصل في الاشكال على ما في المتن أمور: (الاول): أن الاذن في بقاء الزرع ليس مستندا إلى الملازمة والاذن في الملزوم، بل مستند إلى صريح القول. (الثاني): أن الكلام ليس في الاذن من المالك " بل في تأثير الرجوع عن الاذن في جواز القلع وعدمه. (الثالث): أنه لا دليل على جواز رجوع المالك عن إذنه بعد عمل العامل، لا سيما إذا كان النتاج لا يحتاج إلى عمل. (2) الظاهر أنه لا مانع من صحة استعارة الارض للمزارعة، فان الاستعارة استباحة العين للاستفادة بمنافعها، أعم من أن تكون الاستفادة

 

===============

 

( 69 )

 

[ عقدها لزمت، لكن للمعير الرجوع في إعارته (1)، فيستحق أجرة المثل لارضه على المستعير، كما إذا استعارها للاجارة (2) فآجرها، بناء على ما هو الاقوى من جواز كون العوض لغير مالك المعوض. ] بالمباشرة أو بالتسبيب، فالحصة التي تكون للمستعير بالمزارعة نتيجة استعارة الارض للمزارعة. (1) لا يخلو من نظر، فان المزارعة قد اقتضت على وجه اللزوم استحقاق المستعير والعامل لمنفعة الارض، فلا يمكن رجوع المنفعة إلى مالكها كي يترتب على الرجوع فائدة. ودعوى: أن فائدة الرجوع عن الاذن ضمان أجرة المثل. مدفوعة: بأنه لا موجب لهذا الضمان. وثبوت الضمان فيما لو باع المشتري العين ثم ظهر غبن البائع، فانه إذا فسخ يرجع على المشتري ببدل العين، لانها مضمونة بالمعاوضة، لا يقتضي ثبوت الضمان هنا، إذ لا معاوضة في العارية. (2) في صحة هذه الاستعارة نظر، فإن الاستعارة استباحة الانتفاع بالعين واستيفاء منفعتها، والاجارة ليست استيفاء للمنفعة، بل استيفاء لعوضها، فلا تصح الاستعارة لها. لكن المصنف (ره) لم يهتم لهذا الاشكال واهتم لاشكال آخر، وهو أن الاجارة من المعاوضات، وهي تقتضي دخول العوض في ملك من خرج عنه المعوض، فيجب أن تدخل الاجرة في ملك مالك المنفعة وهو المعير، ولا يمكن أن تدخل في ملك غيره وهو المستعير. وأجاب عنه: بأن العوض في المعاوضات لوحظ فيه العوضية في الجملة ولا يجب أن يدخل في ملك مالك المعوض. لكن قد تقدم الاشكال في ذلك، وأنه خلاف المرتكز في باب المعاوضة. نعم لا يبعد عدم اعتبار دخول المعوض في ملك من

 

===============

 

( 70 )

 

[ (مسألة 5): إذا شرط أحدهما على الآخر شيئا في ذمته أو في الخارج - من ذهب أو فضة أو غيرهما - مضافا إلى حصته من الحاصل صح (1)، ] يخرج منه العوض. ثم إنه قد يقال بصحة الاستعارة للاجارة، بملاحظة أن الاجرة تدخل في ملك المعير، ثم تدخل في ملك المستعير، فمرجع الاستعارة للاجارة الاذن في تملك الاجرة. ولكن لا يخفى أن ذلك بعيد عن مفهوم الاستعارة جدا، إذا العين المستعارة على هذا لم يقصد الاستفادة بمنفعتها، ولا بعوض المنفعة. وانما قصد الاذن في الاجارة للمعير ثم تملك الاجرة، لا الاجارة للمستعير فلم تكن الاستعارة للاجارة (1) كما هو المشهور، بل عليه عامة من تأخر، كما في الجواهر. وفي الشرائع: حكاية القول بالبطلان، لكن عن جماعة أنه لم يعرف قائله، بل ولا دليله، لمخالفته لعموم نفوذ الشروط من غير مخصص أو مقيد. مضافا إلى ما رواه المشايخ الثلاثة: (رض) عن محمد بن سهل بن اليسع عن أبيه قال: " سألت أبا الحسن (ع) موسى (ع) عن الرجل يزرع له الحراث بالزعفران، ويضمن له أن يعطيه في كل جريب أرض يمسح عليه وزن كذا وكذا درهما، فربما نقص وغرم، وربما استفضل وزاد. قال (ع): لا بأس به إذا تراضيا " (* 1). وقد استدل به على الحكم كما عن جماعة، مستظهرين دلالته، منهم الخراساني والكاشاني والسيد فئ الرياض، وفي الجواهر: " في المفاتيح: في بعض الاخبار عليه دلالة (يعني: على جواز الشرط المذكور) قيل: ولعله ما أشار إليه في الكفاية من بعض المعتبرة: عن الرجل... " ثم ذكر الحديث ولم يتعرض لوجه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 71 )

 

[ وليس قراره مشروطا بسلامة الحاصل (1)، ] الدلالة. لكن الدلالة على ما نحن فيه غير ظاهرة، لوروده في اشتراط حصة معينة من الحاصل لا من غيره، والتعدي إلى غيره غير ظاهر. (1) قال في المسالك: " القول بالمنع لا نعلم القائل به. وعلى القول بالجواز يكون قراره مشروطا بالسلامة، كاستثناء أرطال معلومة من الثمرة في البيع، فلو تلف البعض سقط منه بحسابه، لانه كالشريك وإن كانت حصته معينة. مع احتمال أن لا يسقط منه شئ بتلف البعض متى بقي قدر نصيبه، عملا باطلاق الشرط ". والذي يظهر من العبارة أن في المسألة احتمالين: (الاول): أنه يسقط من الشرط بنسبة التالف إلى الحاصل، فيكون من قبيل الجزء المشاع فإذا تلف من الحاصل الربع - مثلا - سقط من الشرط الربع. (الثاني): أنه لا يسقط منه ما دام الباقي من الحاصل بمقداره، فإذا تلف الحاصل كله سقط الشرط حينئذ، فيكون من قبيل الكلي في المعين، والاول أقوى في نظره الشريف من الثاني، ولكن الاحتمالين خلاف عموم صحة الشرط وإطلاقها الشامل لصورتي تلف الحاصل أو بعضه وعدمه، فلا يسقط من الشرط شئ وان تلف جميع الحاصل، نظير الدين في الذمة. ولا مجال لقياس المقام على صورة استثناء البائع للثمرة بعض الحاصل الذي ذكر الاصحاب أنه يسقط من المستثنى بالنسبة، لان الاستثناء يقتضي وحدة السنخية بين المستثنى والمستثنى منه، ولما كان المستثنى منه خارجيا كان المستثنى أيضا خارجيا، فيكون جزءا مشاعا لا كليا في المعين ولا في الذمة، وفي المقام لا وحدة جنسية بين الحاصل وبين الشرط، كي يبنى على وحدة السنخية ليترتب ما ذكر. فلاحظ ما ذكرناه في تلك المسألة في باب (بيع صاع من صبرة) من كتابنا نهج الفقاهة.

 

===============

 

( 72 )

 

[ بل الاقوى صحة استثناء مقدار معين من الحاصل لاحدهما (1) مع العلم ببقاء مقدار آخر ليكون مشاعا بينهما، فلا يعتبر إشاعة جميع الحاصل بينهما على الاقوى. كما يجوز استثناء ] (1) قال في المختلف: " منع بعض أصحابنا أن يشترط أحدهما شيئا من الحاصل والباقي يكون بينهما. والوجه عندي الجواز. وقد نص الشيخ وجماعة - كابن البراج وابن ادريس وغيرهما - على جواز اشتراط إخراج البذر أولا "، وفي التحرير: " لو شرط أحدهما قفيزا معلوما من الحاصل وما زاد بينهما ففي البطلان نظر "، وظاهره أن الصحة أقرب، وعن الكفاية: أنه غير بعيد. لكن في القواعد الحكم بالبطلان على إشكال، وهو المحكي عن كثير من كتب الاصحاب، وهو المشهور، كما في المسالك. وفي الشرائع: " لو شرط أحدهما قدرا من الحاصل وما زاد على بينهما لم يصح، لجواز أن لا تحصل الزيادة "، ولا يخفى ضعف التعليل، فان الاحتمال المذكور لا يبطل المزارعة في صورة عدم الشرط، فكيف صار يبطلها مع فرضه. مضافا إلى أنه قد يحصل العلم بالزيادة، فلا وجه للمنع مطلقا. نعم لابد من حصول الزيادة في الواقع، لا أن العلم به شرط في الصحة. وفي جامع المقاصد: الاستدلال بأصالة عدم المشروعية فيما لم يثبت مشروعيته، لان العقود بالتلقي، وفي المسالك: الاستدلال بأن ذلك مناف لوضع المزارعة، وكون العقد على خلاف الاصل، حيث أن العوض فيه مجهول، فيقتصر فيه على موضع النقل. انتهى. وفيه: أنه لا دليل على قدح الجهالة كلية. كما أنه لم يثبت منافاته لوضع المزارعة. وأما أصالة عدم المشروعية فهي خلاف إطلاق دليل صحة المزارعة، فضلا عن صحة العقود. نعم لابد من إثبات كونها مزارعة عرفا، أما مع الشك في ذلك فالاصل عدم ترتب

 

===============

 

( 73 )

 

[ مقدار البذر لمن كان منه (1)، أو استثناء مقدار خراج السلطان، أو ما يصرف في تعمير الارض، ثم القسمة. وهل ] أحكام المزارعة، وإن قيل بصحتها من حيث كونها عقدا. ثم إن ظاهر النصوص المتقدمة أن قوام المزارعة المعاملة على الارض بالصحة المشاعة، وهو في المقام حاصل، غايه الامر أنه اشترط فيه شرط ودليل صحة الشروط يقتضي صحته، كما في المسألة السابقة، ولا فرق بين أن يكون الشرط متعلقا بالحاصل كما هنا، أو متعلقا بخارج الحاصل كما في المسألة السابقة، فالتفصيل بينهما - كما عن الاكثر - بلا فاصل. ودعوى: كون الشرط المتعلق بالحاصل منافيا لوضع المزارعة، فيكون منافيا لمقتضى العقد، فيكون باطلا. ممنوعة. لما عرفت. ويمكن الاستدلال على الصحة برواية سهل بن اليسع المتقدمة، إذ تقدم أن موردها ما نحن فيه دون ما تقدم. (1) الظاهر أنه لا إشكال في صحة اشتراط ذلك واستثنائة، والنصوص تدل عليه، ففي خبر ابراهيم الكرخي قال: " قلت لابي عبد الله (ع): أشارك العلج (المشرك. خ ل) فيكون من عندي الارض والبقر والبذر ويكون على العلج القيام والسقي (السعي. خ ل) والعمل في الزرع حتى يصير حنطة أو شعيرا، وتكون القسمة فيأخذ السلطان حقه (مثله. خ ل) ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي. قال: لا بأس بذلك. قلت: فلي عليه أن يرد علي مما أخرجت الارض البذر ويقسم ما بقي؟ قال: إنما شاركته على أن البذر من عندك و عليه السقي والقيام (القيام والسعي. خ ل) " (* 1). وظاهر التعليل في الاخير جواز اشتراط أخذ البذر قبل القسمة. وصحيح يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن الرجل تكون له الارض من أرض الخراج فيدفعها إلى الرجل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 74 )

 

[ يكون قراره في هذه الصورة مشروطا بالسلامة كاستثناء الارطال في بيع الثمار (1) أولا؟ وجهان (2). ] على أن يعمرها ويصلحها ويؤدي خراجها " وما كان من فضل فهو بينهما. قال: لا بأس " (* 1). وظاهره اشتراط الامور الثلاثة جميعها. (1) قد أشرنا في أوائل المسألة إلى أنه قد ذكر الفقهاء - قدس الله اسرارهم - أنه إذا باع الثمرة واستثنى مقدارا معينا فخاست الثمرة ينقص من المستثنى على حسب النسبة. قال في الشرائع: " يجوز أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها، وأن يستثني حصة مشاعة أو أرطالا معلومة. ولو خاست الثمرة سقط من الثنيا بحسابه ". وفي الجواهر: " بلا خلاف أجده فيه ". كما أنهم ذكروا في بيع الصاع من صبرة أنه إذا تلف بعض الصبرة لم ينقص من المبيع شئ. ولاجل ذلك استشكل في وجه الفرق بين المسألتين جماعة، والاقرب في وجه الفرق: أن المبيع في بيع صاع من صبرة الكلي الذي لا ينقص بنقصان الصبرة، والمستثنى في بيع الثمرة المقدار المشاع لا الكلي، لان حمله على الكلي يوجب عدم السنخية بين المستثنى والمستثنى منه، وإذا حمل على المقدار المشاع لابد أن يرد عليه النقص الوارد على الكل، بخلاف بيع الصاع، فان الظاهر من المبيع الكلي، ولا مقتضى لحمله على المشاع، كما أشرنا إلى ذلك آنفا. (2) الظاهر اختلاف الحكم باختلاف التعبير، فان كان بنحو الاستثناء - كما عبر به في المتن - حمل على الاشاعة - كما ذكرنا - وإن كان على نحو آخر حمل على الكلي في المعين أو في الذمة على اختلاف العبارات " والمصنف (ره) عبر بالاستثناء، وغيره بالشرط، والشرط قد يكون بنحو الاشاعة، وقد يكون بنحو الكلي في المعين، وقد يكون بنحو الكلي في الذمة، وقد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب كتاب المزارعة ولمساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 75 )

 

[ (مسألة 6): إذا شرط مدة معينة يبلغ الحاصل فيها غالبا فمضت والزرع باق لم يبلغ فالظاهر أن للمالك الامر بازالته (1) بلا أرش (2) أو إبقائه ومطالبة الاجرة إن رضي العامل باعطائها ولا يجب عليه الابقاء بلا أجرة، كما لا يجب عليه الارش مع إرادة الازالة، لعدم حق للزارع بعد المدة والناس مسلطون على أموالهم (3). ولا فرق بين أن يكون ] عرفت حكم كل منها. فان كان التعبير من المصنف بالاستثناء يريد به معناه فاللازم الفتوى بسراية النقص، ولا وجه للتردد، وإن كان يريد به الشرط - كما ذكر الفقهاء - فالحكم يختلف باختلاف التعبير. (1) قال في الشرائع: " ولو مضت المدة والزرع باق كان للمالك إزالته على الاشبه، سواء كان بسبب الزارع - كالتفريط - أو من قبل الله سبحانه، كتأخر المياه، أو تغير الاهوية "، ونحوه ما في المسالك، وما عن التحرير والارشاد والروض ومجمع البرهان والكفاية وغيرها مما هو كثير. (2) للاصل. (3) هذا الاستدلال ذكره في المسالك. وفيه: أن قاعدة السلطنة معارضة بقاعدة الضرر، لان إزالة الزرع ضرر على الزارع، وقاعدة الضرر مقدمة على قاعدة السلطنة، نعم إذا اتفق أن منع المالك عن التصرف في أرضه ضرر عليه - لما فيه من تفويت المنفعة الخاصة - تعارضت قاعدة الضرر في الطرفين، فيرجع إلى عموم قاعدة السلطنة. وعليه يتعين التفصيل بين صورة ما إذا كان حبس المالك عن التصرف في أرضة ضررا وبين غيرها، فتجوز الازالة في الاولى، ولا تجوز في الثانية. فإذا جازت الازالة في الاولى فأزاله الزارع فلا موجب لاستحقاق الارش على مالك

 

===============

 

( 76 )

 

[ ذلك بتفريط الزارع (1) أو من قبل الله، كتأخير المياه أو تغير الهواء. وقيل بتخييره بين القلع مع الارش والبقاء مع الاجرة (2). وفيه: ما عرفت (3)، خصوصا إذا كان ] الارض، للاصل - كما سبق - ولا مجال لاحتمال أن قاعدة الضرر تقتضي ذلك، أولا لما عرفت من سقوطها، وثانيا لانها نافية فلا تصلح للاثبات وكذا إذا امتنع الزارع من الازالة فازاله المالك. واحتمال الضمان - لان النقص جاء بفعله - ضعيف، لان الزرع لما لم يكن مستحق البقاء لم تكن في إزالة المالك له نوع من التعدي، كي يوجب الضمان. وإذا لم تجز الازالة في الثانية فبقي الزرع إستحق المالك أجرة الارض، وقاعدة الضرر الموجبة لجواز الابقاء لا تقتضي الابقاء مجانا، فاستيفاء منفعته الارض تقتضي ضمانها. (1) يمكن أن يقال بعدم جريان قاعدة الضرر في هذه الصورة، لان تفريطه يوجب نسبة الضرر إليه. لا إلى الحكم الشرعي. كي يرتفع بقاعدة الضرر. ولكنه كما ترى، إذ الضرر يحصل بالازالة التي سوغها الشارع. نعم قد يقال: إن تفريطه إقدام على الضرر، فلا تشمله القاعدة لاختصاصها بغير المقدم. وهو أيضا مشكل إذ قد يكون تفريطه برجاء بلوغ الزرع مع التفريط، أو رضا المالك بابقائه، أو نحو ذلك من الوجوه التي لا يكون فيها الاقدام على الضرر. (2) القائل العلامة في القواعد قال: " ولو ذكر مدة يظن الادراك فيها فلم يحصل فالاقرب أن للمالك الازالة مع الارش أو التبقية بالاجرة. سواء كان بسبب الزارع، كالتفريط بالتأخير أو من قبل الله تعالى كتغيير الاهوية وتأخير المياه ". (3) من أنه لا دليل على الارش.

 

===============

 

( 77 )

 

[ بتفريط الزارع (1). مع أنه لا وجه لالزامه العامل بالاجرة بلا رضاه (2). نعم لو شرط الزارع على المالك إبقاءه إلى ] (1) ولذلك فصل جماعة بين صورة التفريط من الزارع فتجوز الازالة بلا أرش، وبين غيرها فلا تجوز الازالة. (2) كما ذكره في جامع المقاصد، وتبعه عليه غيره، فان ذلك خلاف قاعدة السلطنة على النفس المانعة من إلزام الزارع بالاجرة. والذي يتحصل مما ذكرنا أمور: (الاول): أن قلع الزرع عند انتهاء المدة إذا لم كن موجبا للضرر فيه جاز للمالك الامر بالزالته، عملا بقاعدة السلطنة من دون معارض. (الثاني): أنه إذا كان قلع الزرع موجبا للضرر فيه كان مقتضى قاعدة نفي الضرر - المقدمة على قاعدة السلطنة - عدم جواز قلعه، ويتعين دفع الاجرة للمالك في مقابل المنفعة المستوفاة من بقاء الزرع، فان استيفاء المنفعة موجب للضمان. (الثالث): إذا كان قلع الزرع ضررا عليه وإبقاؤها في الارض ضررا عليها، كان مقتضى تعارض الضررين سقوط القاعدة فيهما والرجوع إلى قاعدة السلطنة ولا يقدم أقول الضررين، لان المقام من تعارض التطبيقين ونسبة الدليل اليهما نسبة واحدة من دون ترجيح، وليس المقام من التزاحم، كي يقدم الاقوى على الاضعف. ثم إذا رجع إلى قاعدة السلطنة جاز للمالك الامر بالازالة من دون أرش عليه، إذ لا موجب له، وقاعدة الضرر غير جارية مع مع أنها لا تصلح للاثبات لانها نافية لا مثبتة، مع أنه لو ثبت الارش لم يكن ذلك لعدم الضرر، وإنما كان لتدارك الضرر، وليس من شأن القاعدة إثبات التدارك. (الرابع): أن التفريط بالتأخير لا يوجب نسبه الضرر إلى المفرط، ولا يقتضي الاقدام عليه، فقاعدة الضرر بحالها، كما في غير المفرط.

 

===============

 

( 78 )

 

[ البلوغ - بلا أجرة، أو معها - إن مضت المدة قبله لا يبعد صحته (1) ووجوب الابقاء عليه. (مسألة 7): لو ترك الزارع الزرع بعد العقد وتسليم الارض إليه حتى انقضت المدة، ففي ضمانه أجرة المثل للارض - كما أنه يستقر عليه المسمى في الاجارة - أو عدم ضمانه أصلا غاية الامر كونه آثما بترك تحصيل الحاصل، أو التفصيل بين ما إذا تركه اختيارا فيضمن أو معذورا فلا، أو ضمانه ما يعادل الحصة المسماة من الثلث أو النصف أو غيرها بحسب التخمين في تلك السنة، أو ضمانه بمقدار تلك الحصة من منفعة الارض - من نصف أو ثلث - ومن قيمة عمل الزارع، أو الفرق بين ما إذا اطلع المالك على تركه للزرع فلم يفسخ المعاملة لتدارك ] (1) قال في الشرائع: " لو شرط في العقد تأخيره إن بقي بعد المدة المشروطة بطل العقد على القول باشتراط تقرير المدة ". وفي المسالك: " وجه البطلان على القول المذكور أن المدة تصير في الحقيقة هي المجموع من المذكور وما بعده إلى أن يدرك الزرع، وهي مجهولة، فيبطل العقد للاخلال بالشرط. وعلى تقدير عدم جهالة الجملة فالمدة المشروطة مجهولة وشرطها في ضمن العقد من جملة العوض، فإذا تضمن جهالة بطل العقد... (إلى أن قال): ويحتمل على هذا القول صحة الشرط المذكور، لان المدة مضبوطة، وما تضمنه الشرط بمنزلة التابع، ذكر إحتياطا لاجل الحاجة وجهالة التابع غير مضرة ". لكن في الجواهر: " فيه ما لا يخفى " وكأنه لعدم الفرق في قدح الجهالة بين التابع والمتبوع. وفيه: أن عموم دليل المنع للامرين غير ظاهر، إذ بناء على اعتبار تعيين المدة فالدليل عليه

 

===============

 

( 79 )

 

[ استيفاء منفعة أرضه فلا يضمن، وبين صورة عدم اطلاعه إلى أن فات وقت الزرع فيضمن، وجوه، وبعضها أقوال، فظاهر بل صريح جماعة الاول (1)، ] الاجماع، وهو غير شامل للتابع. ثم إنه قال في الجواهر. " قد يقال بالبطلان حتى مع تعيين المدة المشروطة، للتعليق، وللجهالة ولو لاعتبار الترديد بين المدتين ". وهو كما ترى، إذ لا دليل على البطلان في التعليق في التابع أيضا، إذ العمدة في دليله الاجماع، وهو غير شامل للتابع. ومن ذلك ظهر أن ما في القواعد من قوله: " ولو شرط في العقد تأخيره عن المدة إن بقي بعدها فالاقرب البطلان " أولى بالضعف. (1) قال في الشرائع: ولو ترك المزارعة حتى انقضت المدة لزمه أجرة المثل. ولو كان استأجرها لزمته الاجرة "، ونحوه ما في القواعد وعن التذكرة والتحرير والارشاد والروض والمفاتيح ومجمع البرهان، وعن الاخير: أنه ظاهر وهو المنسوب إلى ظاهر الاصحاب في كلام غير واحد. وعلله في المسالك: بأن منفعة الارض صارت مستحقة له بحيث لا يتمكن المالك من استيفائها، وقد فوتها، فيلزم الاجرة ". وفيه: أنه لا يظهر وجه الملازمة بنى تفويته ما يستحق وبين ضمان الاجرة للمالك. وكان الاولى تعليله: بأن منفعة الارض صارت مستحقة له بعوض لم يسلم لتعذره، فينتقل إلى أجرة المثل. وإن كان يشكل أيضا: بأن تعذر العوض موجب للبطلان فاستحقاق أجرة المثل يحتاج إلى دليل. إلا أن يقال: يكفي في الضمان عموم قاعدة: ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، ولما كانت منفعة الارض مضمونة في المزارعة الصحيحة بالحصة فهي مضمونة في المزارعة الفاسدة بالاجرة. كذا استدل. وفيه تأمل

 

===============

 

( 80 )

 

[ بل قال بعضهم (1): يضمن النقص الحاصل بسبب ترك الزرع إذا حصل نقص، واستظهر بعضهم الثاني (2)، وربما يستقرب الثالث (3)، ] (1) القائل الشهيد الثاني في المسالك، قال: " وحيث يلزم ضمان الاجرة يلزم أرشها لو نقصت بترك الزرع، كما يتفق في بعض الارضين، لاستناد النقص إلى تفريطه ". وهو في محله، لانه بحكم الامين، وهو يضمن النقص بالتفريط. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما في الجواهر من أن ضمان النقص من أحكام يد الضمان التي ليست هذه اليد منها. (2) يريد به صاحب الجواهر (قده) حيث ذكر، في الاشكال على الضمان أن الرجوع إلى أجرة المثل مما لا يرجع إلى قاعدة، ضرورة عدم العدوان في يده حتى يندرج في عموم: " على اليد... " وعدم صدق إتلاف مال الغير، لان عقد المزارعة جعله بحكم ماله. نعم يجب عليه الاستنماء وتسليم الحصة، وذلك إنما يترتب عليه الاثم لا الضمان. وقاعدة " لا ضرر ولا ضرار... " لا يستفاد منها الضمان، ولكن ترفع اللزوم، وحينئذ يتسلط على الخيار. لم ينسب ذلك لاحد قولا أو احتمالا. (3) هو ظاهر الشهيد الثاني في المسالك، قال: " وهل يفرق فيهما (يعني: في ضمان أجرة المثل وضمان النقص) بين ما إذ ترك العامل الانتفاع اختيارا وغيره؟ ظاهرهم عدمه. ولا يبعد الفرق، لعدم التقصير في الثاني، خصوصا في الارش ومقتضي العقد لزوم الحصة خاصة، ولم يحصل منه تقصير يوجب الانتقال إلى ما لا يقتضيه العقد " وقد يظهر منه أن القول المذكور يختص به. وفيه: أن التقصير والقصور إنما يختلفان في الاثم وعدمه واستحقاق العقاب وعدمه، لا في الضمان وعدمه، فان الضمان بعموم: " على اليد... " أو عموم: من أتلف، لا يفرق فيه بين القصور

 

===============

 

( 81 )

 

[ ويمكن القول بالرابع (1)، والاوجه الخامس (2)، ] والتقصير. وكذا في ضمان المعاوضات، فان ضمان كل من العوضين عند الفسخ لا يفرق فيه بين القصور والتقصير. وكذا الضمان بالتفريط في الامانات لا يفرق فيه بين الامرين، فالتفصيل بين القصور والتقصير في الضمان وعدمه ضعيف جدا. (1) لان الحصة المسماة في العقد مستحقة للمالك بمقتضي القعد، وقد فوتها عليه العامل، فيضمنها له، ولما لم يمكن ضبطها على وجه التحقيق انتقل إلى وجه التقريب والتخمين. وفيه: أن الحصة المستحقة إنما هي من الحاصل، والمفروض عدمه، فيبطل العقد، لانتفاء موضوعه، فيبطل أثره وهو الاستحقاق، وليست هي في الذمة حتى تكون مضمونة. (2) لان الحاصل لما كان نتيجة منفعة الارض وعمل الزارع، فنصفه نتيجة نصفهما، وربعه نتيجة ربعهما، فإذا كان للمالك حصة من الحاصل فهو نتيجة ما يملكه من حصة منفعة الارض وعمل الزارع، فلما فوتهما الزارع على المالك كان ضامنا لهما، لا لاجرة المثل، ولا للحصة من الزرع. وفيه: أن الذي تضمنه عقد المزارعة هو ملك مالك الارض نفس الحصة من الزرع فقط في مقابل تمام منفعة الارض، أو في مقابل بذل الارض، وأما عمل الزارع فليس موضوعا لعقد المزارعة، إذ لا يستفاد من قولهم في شرح مفهوم المزارعة أنها المعاملة على الارض بحصة من حاصلها إلا ذلك، فلا يملك مالك الارض إلا الحصة الخاصة من الحاصل، ولما تعذرت بطلت المزارعة وصارت كأن لم تكن، وقد فاتت منفعة الارض بيد العامل، فيكون ضامنا لها - على ما ذكره المشهور - أولا - كما ذكر في الجواهر - على ما سبق ويأتي. وكان الاقرب من هذا الوجه أن يقال: إن المزارعة مأخوذة من

 

===============

 

( 82 )

 

[ وأضعفها السادس (1). ثم هذا كله إذا لم يكن الترك بسبب ] الزرع، فهي معاملة على الارض على أن تزرع، فيكون عوض بذل الارض عمل الزارع، وأما الحصة من الحاصل فهي من قبيل الشرط في المزارعة، فيكون صاحب الارض مالكا على العامل العمل، وهو الزرع فإذا لم يزرع يكون ضامنا لقيمة العمل المملوك عليه. وهذا الوجه أقرب عرفا من الوجه الخامس، ويكون وجها سابعا. لكن يشكل: بأن الاعمال المملوكة لا تكون مضمونة إذا فاتت، ولذا ذكر المشهور أن الاجير إذا لم يعل ما استؤجر عليه لم يستحق الاجرة، ولم يذكروا أنه يستحق الاجرة ويستحق عليه المستأجر قيمة العمل. وكذا إذا شرط العمل في عقد لازم ففات الشرط، ولم يكن للمشروط له - عند المشهور - مطالبة المشروط عليه بقيمة العمل، وإنما يكون للمشروط له الفسخ لا غير، فالاعمال إذا كانت في الذمة لا تكون مضمونة بقيمتها عند التعذر والفوات، وإنما يستلزم ذلك الفوات إما بطلان العقد أو الخيار. وهذا الاشكال كما يجري على هذا الوجه يجري على الوجه الخامس، فانه لا يصح تضمين حصة من العمل بالقيمة. وسيأتي في المسألة الحادية عشرة من كتاب المساقاة ماله نفع في المقام. (1) لان مجرد ترك الفسخ عند اطلاع المالك على تمرد العامل عن العمل لا يوجب نسبة تفويت المنفعة إليه، بل هل منسوب إلى العامل لا غير. مع أنه قد لا يتمكن المالك من تدارك المنفعة بالفسخ، لعدم وجود عامل آخر، أو لوجود مانع من استعماله ومزارعته، أو لغير ذلك. فهذه الوجوه الاربعة الاخيرة كلها ضعيفة، ويبقى الوجهان الاولان أولهما - المنسوب إلى ظاهر الاصحاب - أقواهما، إذ المزارعة إما أن تكون عبارة عن بذلك الارض في مقابل العمل أو بذل الارض في مقابل الحصة

 

===============

 

( 83 )

 

من الزرع، كما قد يظهر من الاصحاب، وكيف كانت فهي معاوضة، فإذا بطلت لعدم العمل أو لعدم الحصة كان موضوعها مضمونا بضمان المعاوضة، وهو نوع آخر من الضمان، لا يكون باليد ولا بالاتلاف. فان المبيع مضمون على المشتري إذا قبضه فتلف ففسخ البيع، وكذلك الثمن مضمون على البائع إذا قبضه فتلف ففسخ البيع، وكذلك الحكم في سائر المعاوضات إذا وقع القبص، فان القبض موجب للضمان عند بطلان المعاوضة وإن كان قبضا لماله لا لمال غيره، ومنها المقام، فان الارض إذا قبضها العامل من المالك ليزرعها فلم يفعل، مضمونة على العامل بعد انفساخ المزارعة بتعذر العمل أو بتعذر الحصة. ونظير المقام: أن يدفع مالك الشبكة شبكته إلى الصياد ليصطاد بها ويكون الحاصل بينهما، فيأخذها الصياد ولا يستعملها في الصيد، فانه أيضا يكون ضامنا لمنفعة الشبكة. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما سبق نقله عن الجواهر من أن الرجوع إلى أجرة المثل مما لا يرجع إلى قاعدة، لعدم العدوان في يده حتى يندرج في عموم: " على اليد... "، وعدم صدق إتلاف مال الغير، لانه بحكم ماله. إذ لا ينحصر الضمان بالسببين المذكورين، بل يكون بسبب غيرهما كما في الضمان في المعاوضات التي تكون اليد فيها على مال نفسه والاتلاف لمال نفسه، ومع ذلك يكون مضمونا عند الفسخ. كما قد يرد الاشكال على التمسك على الضمان بقاعدة: ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، لكون الظاهر اختصاصها بالفاسد من أول الامر فلا تشمل ما طرأ عليه الفساد كما نحن فيه. والذي يتحصل مما ذكرنا أمور: (الاول): أن المزارعة معاوضة قائمة بذل الارض في مقابل العمل أو في مقابل الحصة. (الثاني):

 

===============

 

( 84 )

 

[ عذر عام، وإلا فيكشف عن بطلان المعاملة (1). ولو انعكس المطلب، بأن امتنع المالك من تسليم الارض بعد العقد فللعامل الفسخ (2)، ومع عدمه ففي ضمان المالك ما يعادل حصته من منفعة الارض (3)، أو ما يعادل حصته من الحاصل بحسب ] أن تعذر العمل يوجب بطلان المزارعة، لفوات العوض. كما أن تعذر العمل في الاجارة يوجب بطلان الاجارة. (الثالث): أن الضمان لا ينحصر باليد والاتلاف، بل يكون بغيرهما، كالمعاوضة. (الرابع): أن العمل لا يكون مضونا بمثله أو قيمته، والضمان يختص بالمنافع والاعيان. (الخامس): أنه لا فرق في أسباب الضمان بين الاختيار واللاختيار. (السادس): إختصاص قاعدة: ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، بالفاسد من أول الامر. (1) لفوات شرط إمكان الانتفاع بالارض الذي تقدم أنه من شرائط الصحة. ثم إن المصنف لم يتعرض للضمان في هذه الصورة، ولعله لوضوح عدم الضمان، لعدم منفعة الارض لتكون مضمونة. لكن يختص ذلك بما إذا لم يمكن الانتفاع بالارض من وجه آخر غير الزراعة، أما إذا كان يمكن الانتفاع بها في غير الزراعة فاللازم البناء على الضمان، كما في المقبوض بالاجارة الفاسدة. اللهم إلا أن يكون إقدام مالك الارض على إهمال تلك المنافع مانعا عن ضمانها. (2) لان التسليم وإن لم يكن قوام المزراعة، إذ هي قائمة بين بذل الارض، وعمل الزارع والحصة، والتسليم أمر آخر، لكن مبنى المزارعة عليه، فهو شرط إرتكازي زائد على مفهومها. فمع تخلفه يكون الخيار في الفسخ. (3) فيه: أن الزارع لم يملك شيئا من منفعة الارض، لعدم اقتضاء

 

===============

 

( 85 )

 

[ التخمين (1)، أو التفصيل بين صورة العذر وعدمه (2)، أو عدم الضمان حتى لو قلنا به في الفرض الاول، بدعوى الفرق بينهما (3)، وجوه. ] عقد المزارعة ذلك، وإنما يملك بذلك الارض للزراعة. (1) وفيه: أن ضمان الحصة من الحاصل موقوف على ملكها، وملكها موقوف على وجود الحاصل، والمفروض إنتفاؤه، كما سبق نظيره. (2) قد عرفت أن العذر وعدمه لا فرق بينهما في الضمان وعدمه، وإنما الفرق بينهما في الاثم وعدمه. ولم يتعرض المصنف رحمه الله لكيفية الضمان بناء على التفصيل المذكور، وأن الضمان على النحو الاول أو الثاني أو نحو آخر، والمظنون أن الضمان حينئذ لاجرة مثل العمل. (3) قال في الجواهر هنا في ذيل المسألة السابقة: " بل عدم الضمان فيه (يعني: في مقامنا) أولى، لعدم صيرورة منفعة الارض ملكا له بعقد المزارعة، حتى تكون يد المالك عليها عادية يترتب عليها الضمان ". يعني: أنه يمكن في المسألة السابقة أن تقول: بأن عمل الزارع مملوك لمالك الارض فتفويته على المالك يوجب ضمانه، وفي هذه المسألة لا يمكن القول بأن منفعة الارض مملوكة للزارع، حتى تكون مضمونة على المالك باليد العادية. هذا وقد عرفت أن الضمان في المسألة السابقة لم يكن من جهة أن عمل الزارع مملوك للمالك وقد فوته، لما عرفت من أن الاعمال لا تكون مضمونة، وإنما كان الضمان ضمان المعاوضة وفي المسألتين على نهج واحد، فان بذل الزارع نفسه للعمل جريا على مقتضى العقد بمنزلة استيفاء عمله، فيكون مضمونا على المبذول له، نظير ما لو استأجره على عمل بأجرة، فبذل العامل نفسه للعمل، فلم يستوفه المالك، ثم طرأ الفسخ، فان عمل الاجير مضمون على المستأجر، كالاجارة الصحيحة. فالاقوى في المقام أن يكون

 

===============

 

( 86 )

 

[ (مسألة 8): إذا غصب الارض بعد عقد المزارعة غاصب ولم يمكن الاسترداد منه، فان كان ذلك قبل تسليم الارض إلى العامل تخير بين الفسخ وعدمه (1)، وإن كان بعده لم يكن له الفسخ، وهل يضمن الغاصب تمام منفعة الارض ] المالك ضامنا لعمل الزارع بأجرة المثل، كما سبق، نعم بناء على ما اختاره المصنف (ره) من كون الضمان في المسألة السابقة من جهة أن المالك يملك حصة من منفعة الارض وحصة من عمل العامل، وقد فوتها العامل على المالك، فالوجه المذكور غير آت هنا، لان العامل لا يملك حصة من منفعة نفسه، فلا يضمنها له المالك. ولذا ذكروا أن منافع الحر لا تضمن. نعم يملك حصة من منفعة الارض، وقد فوتها عليه المالك، فيضمنها، فيختص الضمان بحصة من منفعة الارض، ولا يكون بحصة، من منفعة العامل، فالفرق بين المسألتين يكون في عموم الضمان وخصوصه. ولا وجه للتوقف من المصنف في أصل الضمان. والذي يتحصل أنه بناء على الضمان بنحو الوجه السابع - الذي ذكرناه سابقا - فالفرق بين المسألتين بالضمان وعدمه في محله، و بناء على الضمان على الوجه الخامس فالفرق يكون بعموم الضمان وخصوصه، وبناء على الضمان بالمعاوضة فلا فرق بين المسألتين في ثبوت الضمان. (1) لما سبق من أن مبنى المزارعة على تسليم الارض، فهو شرط زائد على قوامها، فإذا فات كان للمشروط له الخيار، فان فسخ كان أجنبيا عن المعاملة، ولم تجر له الاحكام الآتية، وأن لم يفسخ كان محكوما بالاحكام الآتية. لكن بناء على ما هو التحقيق من أنه لا ضمان بالنسبة إلى العامل - كما يأتي - لا فرق بين الفسخ وعدمه، وحينئذ يبطل أثر العقد قهرا، فيكون انفساخا للعقد.

 

===============

 

( 87 )

 

[ في تلك المدة للمالك فقط (1)، أو يضمن له بمقدار حصته - من النصف أو الثلث - من منفعة الارض ويضمن له أيضا مقدار قيمة حصته من عمل العامل، حيث فوته عليه (2)، ويضمن للعامل أيضا مقدار حصته من منفعة الارض (3)؟ وجهان (4). ويحتمل ضمانه لكل منهما ما يعادل حصته من الحاصل بحسب التخمين (5). (مسألة 9): إذا عين المالك نوعا من الزرع - من حنطة أو شعير أو غيرهما - تعين ولم يجز للزارع التعدي ] (1) لان منفعة الارض باقية عى ملك المالك، وقد فاتت في يد الغاصب العادية، فتكون مضمونة للمالك. (ودعوى): أن منفعة الارض صارت مملوكة للعامل، كما أن منفعة العامل صارت مملوكة لصاحب الارض (ممنوعة) والقدر الثابت لزوم بذل الارض للعامل، لا تمليكه منفعة الارض - كما سبق وسيأتي في المسألة الخامسة عشرة - فالعامل له أن ينتفع بالارض، لا أنه يملك منفعة الارض، لا تماما ولا بمقدار الحصة المعينة له. (2) لا دليل على الضمان بهذا التفويت، فان من حبس انسانا فقد فوت عليه الانتفاع بداره و بدابته وبالآلات التي يستعملها. والحابس لا يضمن شيئا من هذه المنافع التي فوتها عليه، لا شرعا ولا عرفا. (3) لم يضف إليها حصته من منفعة نفسه، لان منافع الحر لا تضمن لانها غير مملوكة له. (4) أقواهما الاول، كما عرفت. و كان المناسب لاختيار المصنف (ره) القول الخامس في المسألة السابقة إختيارة الوجه الثاني هنا، ولا وجه للتوقف (5) قد عرفت إشكاله في المسألة السابقة.

 

===============

 

( 88 )

 

[ عنه (1)، ولو تعدى إلى غيره ذهب بعضهم (2) إلى أنه إن كان ما زرع إضر مما عينه المالك كان المالك مخيرا بين الفسخ وأخذ أجرة المثل للارض، والامضاء وأخذ الحصة من المزروع مع أرش النقص الحاصل من الاضر، وإن كان أقل ضررا لزم وأخذ الحصة منه. وقال بعضهم (3): يتعين أخذ أجرة المثل للارض مطلقا، لان ما زرع غير ما وقع عليه العقد، فلا يجوز أخذ الحصة منه مطلقا (4). والاقوى أنه إن علم ] (1) قطعا، كما في الجواهر، وفي الرياض: أنه لا خلاف فيه، وعن الغنية: أنه إجماع. ويقتضيه عموم الوفاء بالعقد والشرط. (2) قال في الشرائع: " ولو زرع ما هو أضر والحال هذه كان للمالك أجرة المثل إن شاء أو المسمى مع الارش، وان كان أقل ضررا جاز " ونحوه عن التذكرة والتحرير واللمعة. وفي القواعد: " فان زرع الاضر فللمالك الخيار بين المسمى والارض وبين أجرة المثل، ولو زرع الاخف تخير المالك بين الحصة مجانا وأجرة المثل " فلم يفرق بين الاضر والاخف في الخيار بين المسمى وأجرة المثل، وفي مفتاح الكرامة: أنه من منفردات القواعد. وكأنه لذلك لم يتعرض له المصنف، كما أنه في الشرائع والقواعد وغيرهما لم يتعرض لحكم المساوي ضررا، وكان اللازم التعرض له كغيره. اللهم إلا أن يكون ذكر الارش في الاضر بالخصوص يقتضي الحاق المساوي بالاخف. (3) يشير إلى ما في جامع المقاصد والمسالك، وعن الروضة ومجمع البرهان، حيث حكموا بأجرة المثل في جميع صور التعدي. (4) هذا مذكور في المسالك. وأما المذكور في جامع المقاصد فهو

 

===============

 

( 89 )

 

[ أن المقصود مطلق الزرع وان الغرض من التعيين ملاحظة مصلحة الارض (1) وترك ما يوجب ضررا فيها يمكن أن يقال إن الامر كما ذكر من التخيير بين الامرين في صورة كون المزروع أضر وتعين الشركة في صورة كونه أقل ضررا. لكن التحقيق مع ذلك خلافه. وإن كان التعيين لغرض متعلق بالنوع الخاص لا لاجل قلة الضرر وكثرته، فاما أن يكون التعيين على وجه التقييد والعنوانية (2)، أو يكون على وجه تعدد المطلوب ] التعليل بأن المزروع غير معقود عليه. والحصة المسماة إنما هي من غيره، فكيف تجب الحصة منه؟... إلى أن قال: " فالاصح حينئذ وجوب أجرة المثل ". وظاهره أن المانع ليس مجرد المخالفة، وإنما المانع أن الحصة المجعولة للمالك إنما هي مما عينه، وهي متعذرة فيتعين الرجوع إلى أجرة المثل. (1) هذا ذكره في جامع المقاصد، وأشكل عليه. والاولى في الاشكال عليه أن يقال: إن تعيين زرع بعينه إن كان دخيلا في المزارعة كان قيدا، وتركه يوجب البطلان، لفوات المقيد بفوات قيده، وإن كان أجنبيا عن المعاملة فلا يوجب الخيار. فالجمع بين المسمى والخيار غير ممكن. إلا أن يكون التقييد بنحو تعدد المطلوب، وسيأتي. ولعله إلى ذلك أشار المصنف (ره) بقولة: " لكن التحقيق... ". لكن لا يتناسب قوله هذا مع قوله سابقا، " والاقوى أنه إن علم... "، فانه كيف يكون أقوى مع أنه خلاف التحقيق؟. (2) المقابلة بين الامرين غير ظاهرة، وقد سبقه إلى ذلك في الجواهر فجعل القيود علا قسمين: منوع وشرط، والاول فواته يوجب البطلان، والثاني فواته يوجب الخيار، والمقام من الثاني، لان حقيقة المزراعة ليست إلا زرع الارض بحصة من حاصلها كائنا ما كان الحاصل، وإنما يذكر

 

===============

 

( 90 )

 

التعيين من الشرط، لا أنه منوع للمزارعة... وهو كما ترى، فان الخصوصيات المقومة للمزارعة التي هي داخلة في قوامها. من زارع ومزروع ومكان الزرع وزمانه - لابد أن تكون قيودا لموضوع المزارعة، ويمتنع أن تكون شروطا لها مجعولة بجعل مستقل، لانها عينية غير قابلة للجعل المختص بالامور الاعتبارية اللهم إلا أن يكون المراد من الشرط ما يرادف القيد لا ما يقابله، كما يستعمل بهذا المعنى في مقابل الجزء، فيقال أجزاء الصلاة وشرائطها، وحينئذ يكون وجه المقابلة بين القسمين أن المنوع هو القيد على نحو وحدة المطلوب والثاني هو القيد على نحو تعدد المطلوب. لكن القسم الثاني مجرد فرض لا خارجية له. ولذا كان بناء الفقهاء (رض) على وحدة المطلوب في باب الوكالة والعارية والوديعة والاجارة وغيرها من المفاهيم المقيدة. فلو وكل شخصا على شراء عبد فاشترى جارية لم يحتمل أحد الصحة من باب تعدد المطلوب، وكذا إذا استأجره على أن يصلي عن زيد فصلى عن عمرو فانه لا مجال لاحتمال الصحة لتعدد المطلوب... وهكذا، فكذا في المقام. وهذه كقاعدة مطردة في جميع العقود الواردة على المفاهيم الذهنية، فانه لا مجال للقول بكونها بنحو تعدد المطلوب، سواء كان التعبير بقوله: وكلتك على شراء العبد، أم: وكلتك على شراء مملوك ولابد أن يكون عبدا، أو عليك أن تشريه عبدا، وكذا مثل: إستأجرتك أن تخيط هذا الثوب بخيط إبريسم، أو: وعليك أن تخيطه بخيط إبريسم، فان الجميع من باب التقييد بنحو وحدة المطلوب، فيختص تعدد المطلوب بالقيود للموضوعات الخارجية، مثل موارد خيار الاشتراط وخيار العيب وخيار الرؤية في البيع أو في الاجارة، ونحو ذلك. بل تقدم في بعض المباحث السابقة أن تعدد المطلوب في موارد الخيارات ليس على نحو الحقيقة، بأن يكون هناك غرضان أحدهما قائم بالمقيد والآخر قائم بالمطلق، بل المراد منه تعدد المطلوب حكما فتجري

 

===============

 

( 91 )

 

[ والشرطية، فعلى الاول إذا خالف ما عين فبالنسبة إليه يكون كما لو ترك الزرع أصلا (1) حتى انقضت المدة، فيجري فيه الوجوه الستة المتقدمة في تلك المسألة (2)، وأما بالنسبة إلى الزرع الموجود فان كان البذر من المالك فهو له، ويستحق العامل أجرة عمله، على إشكال في صورة عمله بالتعيين وتعمده الخلاف، لاقدامه حينئذ على هتك حرمة عمله (3). وإن ] عند العرف أحكام تعدد المطلوب وإن لم يكن إلا مطلوب واحد، كما يظهر من ملاحظة كثير من الموارد التي يكون فيها خيار الرؤية والاشتراط والعيب، وكذلك خيار تبعض الصفقة، فانه وإن لم يكن لاجل تخلف القيد، بل لاجل تخلف ما يشبه القيد، لكنهم ذكروا في تصحيحه أنه من باب تعدد المطلوب، ولم يريدوا أنه من ذلك الباب على الحقيقة ضرورة أنه قد لا يكون للمشتري أقل مطلوب في بعض الصفقة، وإنما المطلوب في مجموع الصفقة، فان من اشترى بابا وتبين أن أحد مصراعيه لغير البائع صح البيع في المصراع الآخر، وليس للمشتري أقل مطلوب فيه، وإنما مطلوبه في تمام المصراعين، فالمراد من تعدد المطلوب فيه الحكمي لا الحقيقي " فتجري أحكام التعدد حتى مع وحدة المطلوب على الحقيقة. (1) لانه ترك ما عينه له وزرع غير ما عينه المالك. (2) قد عرفت أن الصحيح هو الوجه الاول منها في تلك المسألة، وكذا هنا، وهو الذي اختاره الجماعة هناك وهنا. (3) كأنه يريد بهذا التعليل ما ذكره مكررا في الاجارة والمضاربة وغيرها من أن العامل إذا كان يعلم بعدم استحقاق الاجرة شرعا لا يستحق شيئا، لانه إقدام منه على هتك حرمة عمله، وقد تكرر دفع الاشكال المذكور بأن العلم بعدم الاستحقاق شرعا لا يقتضي الاقدام على المجانية وهتك

 

===============

 

( 92 )

 

[ كان البذر للعامل كان الزرع له ويستحق المالك عليه أجرة الارض (1) مضافا إلى ما استحقه من بعض الوجوه المتقدمة (2) ولا يضر استلزامه الضمان للمالك من قبل أرضه مرتين على ] حرمة عمله. وكان الاولى له الاشكال بأن استحقاق الاجرة يتوقف على كون العمل بأمر المالك، أما إذا لم يكن بأمره فلا وجه للاستحقاق وإن كان جاهلا بالتعيين فخالف فضلا عما إذا كان عالما بالتعيين، لان العمل باعتقاد أمر إنسان لا يقتضي ضمان ذلك الانسان، فكذا في المقام، فان زرع حب صاحب الارض بغير إذن منه ولا دعوة منه لا يقتضي استحقاق الزارع أجرة عمله. نعم إذا كان بأمر من المالك - ولو بتوسط عقد باطل - كان موجبا للاستحقاق وإن كان عالما بالبطلان، على إشكال من المصنف في ذلك الذي قد تكرر ذكره غير مرة وذكر الجواب عنه كما عرفت. والمقام نظير ما إذا استأجره بدينار ليصلي عن زيد فصلى عن عمرو، فانه لا يستحق الاجرة المسماة ولا أجرة المثل. ثم إن مقتضى ما ذكرنا كونه ضامنا للبذر إذ تصرف فيه بغير إذن المالك، إلا إذا كان المالك قد أعده للزرع، فان زارعه يعد محسنا، فلا يكون ضامنا، إذ ما على المحسنين من سبيل. وحينئذ لا يكون ضامنا لاجرة الارض، لانه استوفى المنفعة لمصلحة المالك، فضمان البذر يلازم ضمان الارض. (1) لاستيفائه منافعها. (2) قد عرفت ضعف الوجوه المتقدمة عدا الاول منها، وهو وارد في المقام، لانه في المقام قد ترك زرع ما عينه المالك الذي هو موضوع المسألة السابقة.

 

===============

 

( 93 )

 

[ ما بيناه في محله، لانه من جهتين (1) وقد ذكرنا نظير ذلك في الاجارة أيضا (2). ] (1) يعني من جهة بطلان المعاوضة بترك ما عينه المالك، فتكون العين مضمونة بضمان القبض بالمعاوضة المقتضي لضمان منافعها بأجرة المثل، ومن جهة أنه قد زرعها بما لم يأذن به المالك، فيكون قد استوفى منفعتها فتطن أيضا مضمونة. ومقتضى ذلك أن يكون الغاصب للارض إذا زرعها ضمن أيضا من وجهين: ضمان اليد العادية للعين بمنافعها، واستيفائه منفعتها، ولا يلتزم به أحد " بل هو خلاف ظاهر صحيح أبى ولاد (* 1) الوارد فيمن اكترى بغلا من الكوفة إلى قصر بنى هبيرة، فتجاوز فسافر إلى النيل ثم إلى بغداد ثم إلى الكوفة...، حيث حكم الامام (ع) بضمانه أجرة البغل من القصر إلى النيل ومن النيل إلى بغداد ومن بغداد إلى الكوفة، ولم يحكم بأجرة أخرى للبغل. وهو الذي تقتضيه الارتكازيات العرفية العقلائية. ولا مجال لمقايسة المقام بباب الاجارة. فان المستأجر إذا تعدى عما أذن له به المالك لا يكون ذلك مبطلا للاجارة، فاستحقاقه الاجرة بالعقد بحاله، فيمكن أن يقال بوجود سبب آخر الضمان وهو التصرف العدواني أما في المقام فعقد المزارعة باطل بترك العمل، فيكون الضمان باليد، ومع الضمان بها لا ضمان آخر باستيفاء المنفعة، كما ذكرنا ذلك في الغاصب الذي قيل إنه يؤخذ بأشق الاحوال، فحمل المقام على الاجارة في غير محله، نعم بناء على صحة المزارعة وضمان العامل قيمة الحصة بمقتضى العقد يمكن دعوى الضمان ثانيا بسبب العدوان، نظير الاجارة. (2) قد تقدم في الاجارة التعرض لتحقيق ذلك. ويمكن أن نقول

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب كتاب الاجارة حديث: 1.

 

===============

 

( 94 )

 

هنا: بأن الاجرة في مثل إجارة الدابة للركوب وإجارة الدار للسكنى ليست في مقابل المنفعة الخارجية - أعني الركوب والسكنى - ضرورة إستحقاق المالك لاجرة وإن لم يتحقق الركوب والسكنى، بل هي في مقابل معنى قائم في الدابة والدار حصل الركوب والسكنى أم لم يحصلا. وحينئذ فاشتراط الركوب في الدابة أو اشتراط عدم تحميلها حديدا، واشتراط السكنى في الدار أو اشتراط عدم إخلائها، يكون شرطا خارجا عن قوام الاجارة كسائر الشروط في العقود يكون ترك العمل به موجبا للخيار، لا أنه شرط مقوم للعقد أو شرط لما هو في قوام العقد فيكون قيدا من قيود العقد. وإلا لزم من فواته بطلان العقد، وهو خلاف المبنى، لما عرفت من أن ترك ركوب الدابة لا يوجب بطلان العقد، بل الاجرة مستحقة على المستأجر وإن لم يركب الدابة أو يسكن الدار. فلما كان الشرط المذكور - وجوديا كان، كما إذا اشترط سكنى الدار، أو عدميا، كما إذا اشترط أن لا يحمل الدابة حديدا - شرطا زائدا على مفاد العقد كان موجبا للخيار، فان فسخ المالك إستحق أجرة المثل، وإن أمضى العقد إستحق الاجرة المسماة، فلا وجه حينئذ لاستحقاق أجرة المثل والمسماة معا، كما اختاره المصنف (ره) وتفرد به. وكذلك الكلام فيما إذا استأجر أجيرا وشرط عليه أن يكتب فاشتغل بالخياطة، فانه أيضا يكون للمستأجر الخيار، فان أمضى العقد إستحق الاجير الاجرة المسماة وكان للمستأجر أجرة الخياطة، وإن فسخ العقد لم يستحق الاجير شيئا، بخلاف ما إذا استأجره للكتابة، فانه إذا ترك الكتابة بطل العقد، لان الكتابة الخارجية أخذت عوضا عن الاجرة، فإذا انتفت إنتفت الاجرة وبطل العقد. والمتحصل مما ذكرنا: أن قول المالك: آجرتك الدابة بشرط أن لا تحملها حديدا، لم تجعل فيه الاجرة في مقابل المنفعة الخارجية المضادة

 

===============

 

( 95 )

 

[ وعلى الثاني (1) يكون المالك مخيرا بين أن يفسخ المعاملة لتخلف شرطه - فيأخذ أجرة المثل للارض، وحال الزرع الموجود حينئذ ما ذكرنا من كونه لمن له البذر (2) - وبين أن لا يفسخ ويأخذ حصته من الزرع الموجود باسقاط حق شرطه، وبين أن لا يفسخ ولكن لا يسقط حق شرطه أيضا (3) بل يغرم العامل على بعض الوجوه الستة المتقدمة. ويكون ] لتحميلها الحديد، بل جعلت الاجرة في مقابل المعنى القائم بالدابة، سواء حصل الركوب أو تحميل الحديد أم لم يحصلا فيكون شرط الركوب، أو عدم تحميل الحديد من قبيل الشرط الزائد على ما هو قوام العقد، فيكون ترك العمل به موجبا للخيار. (1) يعني: لوحظ التعيين على وجه الشرطية، (2) يعني: فإذا كان البذر للمالك كان الحاصل له. ولكن يستحق عليه العامل أجرة العمل هنا وإن لم نقل بالاستحقاق في المسألة السابقة، لان التصرف في هذه المسألة باذن المالك، وعلى هذا لا وجه لاستحقاق المالك عليه أجرة المثل للارض، لانه لم يستوف منفعة الارض لنفسه، وإنما استوفاها للمالك، فلا موجب للضمان كما ذكرنا ذلك في الفرض السابق. نعم إذا كان البذر للعامل كان للمالك عليه أجرة المثل. (3) يعنى يطالب بشرطه، بأن يطالب العامل بضمان التصرف غير المأذون فيه. ويشكل: بأنه لم يظهر خصوصية للشرط في المقام يمتاز بها عن سائر الشروط، فان أحكامها مجرد الخيار عند فوات الشرط، فلم صار حكم الشرط في المقام أنه يجوز للمشروط له عدم اسقاطه والمطالبة بالضمان؟! وكيف يصح الضمان والتغريم مع اعتراف المالك بأن التصرف كان عن إذن منه وصحة العقد؟! نعم ذكروا جواز مطالبة المالك بالارش في خيار العيب،

 

===============

 

( 96 )

 

[ حال الزرع الموجود كما مر من كونه لمالك البذر (1). (مسألة 10): لو زارع على أرض لا ماء لها فعلا لكن أمكن تحصيله بعلاج - من حفر ساقية أو بئر أو نحو ذلك - فان كان الزارع عالما بالحال صح ولزم (2)، وإن كان جاهلا كان له خيار الفسخ (3). وكذا لو كان الماء مستوليا عليها وأمكن قطعه عنها (4). وأما لو لم يمكن التحصيل في الصورة الاولى أو القطع في الثانية كان باطلا (5) سواء كان ] وقال بعض تجوز المطالبة بالارش في شرط البكارة وشرط الختان، وهو إن ثبت فغير ما نحن فيه. ثم على تقدير المطالبة بحق الشرط كيف تحقق أن غرامته تكون بالضمان على أحد الوجوه السابقة. وكان الاولى للمصنف أن يدعي بأنه يجوز للمشروط له المطالبة بشرطه وضمانه على المشروط عليه بقيمته، لانه فوته على مالكه، فانه أبعد عن الاشكال. وإن كان هو أيضا محل اشكال، فان الشروط الايجابية من قبيل الاعمال، وهي غير مضمونة، كما عرفت في المسألة السابعة. (1) يشكل ما ذكره: بأنه مخالف لمقتضى العقد الذي لم يفسخ، فان مقتضاه كون الحاصل بينهما، فما الذي دعا إلى مخالفة مقتضى العقد؟ والمتحصل مما ذكرناه: أنه إن فسخ وكان البذر للمالك كان الزرع له وعليه أجرة العمل للزارع وإن كان البذر للزارع كان الزرع له وعليه أجرة المثل للمالك. (2) كما يقتضيه إطلاق الادلة. (3) لما في ذلك من الضرر عليه. (4) إذ لا فرق بين الابتداء والاستدامة. (5) لما عرفت في الشرط السابع من شرائط المزارعة.

 

===============

 

( 97 )

 

[ الزارع عالما أو جاهلا. وكذا لو انقطع في الاثناء ولم يمكن تحصيله أو استولى عليها ولم يمكن قطعه. وربما يقال بالصحة مع علمه بالحال (1). ولا وجه له (2) وإن أمكن الانتفاع ] (1) القائل الفاضلان في ظاهر الشرايع حيث قال: " ولو زارع عليها أو آجرها للزراعة ولا ماء لها مع علم المزارع لم يتخير، ومع الجهالة له الفسخ "، وفي ظاهر القواعد حيث قال: " ولو زارعها أو آجرها ولا ماء لها تخير مع الجهالة لا مع العلم " ونحوه عن التذكرة، وعن الارشاد: " ولو زارع على ما لا ماء لها بطل إلا مع علمه "، وظاهره التفصيل بين العلم فيصح والجهل فيبطل. (2) لما عرفت من أنه خلاف ما ذكر في الشرط السابع. ولعل مراد الشرائع والقواعد والتذكرة صورة ما إذا لم يكن للارض ماء فعلي وأمكن تحصيله بحفر ونحوه مما يوجب صعوبة غير معتادة، كما ذكره المصنف في أول المسألة لكن قال في المسالك: " وربما تكلف للجمع بين الحكمين بحمل هذا التخيير على مالو كان للارض ماء يمكن الزرع والسقي به، لكنه غير معتاد من جهة المالك، بل يحتاج معه إلى تكلف من إجراء ساقية ونحوه، والمنع على ما لو لم يكن لها ماء. وهو جيد لو ثبت أن مثل هذا القدر يوجب التخيير وأن الاطلاق يقتضي كون الماء معتادا بلا كلفة، إلا أن إطلاق كلامهم يأباه. فانهم اقتصروا في الحكم بالجواز على إمكان السقي بالماء من غير تفصيل وفي التخيير على عدم الامكان... " وفيه: أنه يكفي في التخيير قاعدة الضرر ونحوها مما يرفع اللزوم، وهو محمل كلامهم في التخيير واقتصارهم في الحكم بالجواز على إمكان السقي بالماء من غير تفصيل لا ينافي وقوع التفصيل في اللزوم والخيار وإن صح العقد في المقامين، ويحمل

 

===============

 

( 98 )

 

[ بها بغير الزرع لاختصاص المزارعة بالانتفاع بالزرع (1). نعم لو استأجر ارضا للزراعة مع علمه بعدم الماء وعدم إمكان تحصيله أمكن الصحة لعدم اختصاص الاجارة بالانتفاع بالزرع إلا أن يكون على وجه التقييد فيكون باطلا أيضا. (مسألة 11): لا فرق في صحة المزارعة (2) بين أن يكون البذر من المالك أو العامل (3) أو منهما. ] حكمهم بالتخيير على عدم الامكان الفعلي مما يوجب الضرر والمشقة حصول الماء الكافي. (1) فيكون المراد من قوله سابقا: " إستأجر أرضا للزراعة، أن يكون الداعي الزراعة. (2) قال في الشرائع: " إذا كان من أحدهما الارض حسب ومن الآخر البذر والعمل والعوامل صح بلفظ المزارعة، وكذا لو كان من أحدهما الارض والبذر ومن الآخر العمل " أو كان من أحدهما الارض والعمل ومن الآخر البذر، نظرا إلى الاطلاق ". قال في الجواهر: " جميع الصور المتصورة في هذه الاربعة كلا أو بعضا بين الزارع والمزارع جائزة، نظرا إلى العموم والاطلاقات بلا خلاف أجده في شئ منها عندنا، بل ربما ظهر من بعضهم الاجماع عليه ". وذكر نحو ذلك في الحدائق وبعد ما ذكر ذلك قال: " وهو مما لا خلاف فيه ولا إشكال فيما إذا كان عقد المزارعة بين اثنين خاصة، فانه لا خلاف في الصحة ". (3) هذه الصورة متيقنة من النصوص التي هي الاصل في المزارعة وهي ما ورد في مزارعة النبي صلى الله عليه وآله لاهل خيبر. والظاهر أن البذر منهم - كما صرح به جماعة - بل هو صريح يعقوب بن شعيب عن أبى عبد الله عليه السلام قال: " وسألته عن المزارعة فقال: النفقة منك والارض

 

===============

 

( 99 )

 

[ ولابد من تعيين ذلك (1)، إلا أن يكون هناك معتاد ينصرف إليه الاطلاق. وكذا لا فرق بين أن يكون الارض مختصة بالمزارع أو مشتركة بينه وبين العامل. وكذا لا يلزم أن يكون ] لصاحبها فلما أخرج الله من شئ قسم على الشطر. وكذلك أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله خبيرا حين أتوه فأعطاهم إياها على أن يعمروها ولهم النصف مما أخرجت " (* 1). والصورة الاولى تستفاد من خبر إبراهيم الكرخي: " قلت لابي عبد الله (ع): أشارك العلج (المشرك خ ل) فيكون من عندي الارض والبقر والبذر، ويكون على العلج القيام والسقي (والسعي خ ل) والعمل في الزرع حتى يصير حنطة أو شعيرا وتكون القسمة فيأخذ السلطان حقه (مثله خ ل) ويبقى ما بقي على أن للعلج منه الثلث ولي الباقي، قال: لا بأس بذلك " (* 2) لكن ليس في الرواية أنها مزارعة، ومجرد الصحة أعم من ذلك، وفي جامع المقاصد: جعل الصورة الاخيرة صحيحة عندنا. لكن الكلام في كونها مزارعة. وقد تقدم ما في الشرائع من الاستدلال بالاطلاق، وكذا ما في الجواهر. والمراد من الاطلاق إن كان إطلاق المزارعة فغير ثابت، وإن كان إطلاق صحة العقود فهو وإن كان يقتضي الصحة، لكنه لا يقتضي كونها مزارعة، بل ظاهر صحيح يعقوب أن المزارعة خصوص الصورة الثانية لا غير، فهي تقيد الاطلاق إن ثبت. (1) إذ لولا التعيين إمتنع كل منهما عن أدائه فتقف المعاملة ويفوت الغرض منها. وفي الجواهر احتمل لزوم التعيين وإلا بطل العقد للغرر، واحتمل كونه على العامل لصحيحة يعقوب، فانها كالاصل الشرعي في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 100 )

 

[ تمام العمل على العامل فيجوز كونه عليهما. وكذا الحال في ساير المصارف. وبالجملة هنا أمور أربعة (1): الارض والبذر والعمل والعوامل، فيصح أن يكون من أحدهما أحد هذه ومن الاخر البقية، ويجوز أن يكون من كل منهما اثنان منها، بل يجوز أن يكون من أحدهما بعض أحدها ومن الآخر البقية، كما يجوز الاشتراك في الكل فهي على حسب ما يشترطان. ولا يلزم على من عليه البذر دفع عينه، فيجوز له دفع قيمته، وكذا بالنسبة ] ذلك. ويشكل الوجه الاول: بأنه لا دليل على بطلان ما فيه الغرر كلية، والثاني: بأن الصحيحة واردة في مقام التحديد الواقعي فان عمل بها لزم كونه على العامل دائما، وإلا أجمل المراد منها، وحملها على أنها كالاصل الشرعي - كما ترى - غير ظاهر. (1) قال في الحدائق: " وبالجملة فان هنا أمورا أربعة: الارض والبذر والعمل والعوامل. والضابط أن الصور الممكنة في اشتراك هذه الاربعة بينهما كلا أو بعضا جائزة، لاطلاق الاذن في المزارعة من غير تقييد يكون بعض ذلك بخصوصه من أحدهما ". لكن الاطلاق المذكور يتوقف على صدق المزارعة على الجميع، وهو غير ظاهر، بل عرفت أن ظاهر صحيح يعقوب خلافه. نعم في موثق سماعة: " سألته عن مزراعة المسلم المشرك فيكون من عند المسلم البذر والبقر، ويكون الارض والماء والخراج والعمل على العلج. قال: لا بأس به " (* 1). لكنه ليس واردا في مقام بيان مفهوم المزارعة، فلا يعارض غيره. ولذلك يشكل ما في الحدائق فانه بعد ما ذكر روايات يعقوب وإبراهيم وسماعة المذكورة قال: " والظاهر من هذه الاخبار بعد ضم بعضها إلى بعض هو ما قدمنا من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 101 )

 

[ إلى العوامل كما لا يلزم مباشرة العامل بنفسه، فيجوز له أخذ الاجير على العمل (1) إلا مع الشرط. (مسألة 12): الاقوى جواز عقد المزارعة بين أزيد من اثنين (2) ] الضابط ". إذ لا تدل الخبار الثلاثة على الضابط المذكور. فلاحظ. (1) عملا باطلاق العمل المجعول عليه، فانه أعم من المباشرة ولا مجال للتمسك بأصالة عدم جواز التصرف في مال الغير للشك في إذن المالك إذ فيه: أنه إذا ثبت إطلاق العمل الشامل لعمل الاجير فهذا الاطلاق يثبت الاذن، لان الاذن في الشئ إذن في لوازمه. ثم إن قول القائل: زارعتك على الارض الفلانية، أعم من المباشرة، لكن إذا قال: عاملتك على أن تزرع هذه الارض، أو: إزرع هذه الارض ولك نصف حاصلها مثلا، فظاهر النسبة المباشرة، وكذا إذا قال: إستأجرتك على أن تخيط ثوبي بكذا " فان ظاهر النسبة المباشرة. ولذلك ذكروا أن قول القائل: بنى الامير المدنية مجاز، لان النسبة ليست بنحو المباشرة. ولاجل ذلك قد يقال: إن الاصل المباشرة لا أن ثبوت المباشرة يحتاج إلى شرط وذكر. لكن لما كان بناء العرف فيما يقبل النيابة. هو العموم كان الاصل ذلك العموم وأن المباشرة محتاجة إلى شرط وذكر. وعليه أيضا بناء الفقهاء في مختلف الابواب. ولذا ذكروا أن من استأجر أجيرا على عمل فمات قام وارثه مقامه إلا أن يشترط المباشرة، ومن استأجر دارا فمات انتقلت المنفعة إلى وارثه. (2) كما اختاره في الحدائق، وحكاه عن المحقق الاردبيلي، عملا باطلاق الادلة، وفي القواعد:، في صحة كون البذر من ثالث نظر وكذا لو كان البذر من ثالث والعوامل من رابع "، وفي جامع المقاصد: " منشأ الاشكال من عموم (أوفوا بالعقود) من أن المعاملة بتوقيف

 

===============

 

( 102 )

 

[ بأن تكون الارض من واحد والبذر من آخر والعمل من ثالث والعوامل من رابع. بل يجوز أن يكون بين أزيد من ذلك، كأن يكون بعض البذر من واحد وبعضه الآخر من آخر، وهكذا بالنسبة إلى العمل والعوامل. لصدق المزارعة (1)، وشمول الاطلاقات بل يكفي العمومات العامة (2). فلا وجه لما في المسالك من تقوية عدم الصحة (3) بدعوى أنها على خلاف الاصل، فتتوقف على التوقيف من الشارع ولم يثبت عنه ذلك. ودعوى: أن العقد لابد أن يكون بين طرفين موجب وقابل، فلا يجوز ] الشارع، ولم يرد النص بمثل هذا. والاصل عدم الجواز ". (1) الصدق عرفا غير ثابت. فلا مجال للتمسك باطلاق مشروعية المزارعة. (2) العمومات تكفي في الصحة ولا تكفي في كونها مزارعة (3) قال في المسالك: " فلو جعلا معهما ثالثا وشرطا عليه بعض الاربعة، أو رابعا كذلك، ففي الصحة وجهان من عموم الامر بالوفاء بالعهد، والكون مع الشرط. ومن توقف المعاملة - سيما التي هي على خلاف الاصل - على التوقيف من الشارع ولم يثبت منه ذلك. والاصل في المزارعة قصة خيبر ومزارعة النبي اليهود عليها على أن يزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها وله شطره الآخر. وليس فيها أن المعاملة مع أكثر من واحد. وكذلك باقي النصوص التي وردت من طرقنا. ولان العقد يتم باثنين موجب - وهو صاحب الارض - وقابل، فدخول ما زاد يخرج العقد عن وضعه، أو يحتاج إثباته إلى دليل. والاجود عدم الصحة ". وفيه: أنه إن كان المراد عدم صحته مزارعة - بمعنى أنه لا تجري عليها أحكام المزارعة - فهو في محله، لعدم الدليل على مشروعية المزارعة

 

===============

 

( 103 )

 

[ تركبه من ثلاثة أو أزيد على وجه تكون أركانا له. كدفوعة: بالمنع، فانه أول الدعوى (1). ] مع ثالث. وإن كان المراد عدم صحته عقدا من العقود ففيه: أن ذلك خلاف الاطلاق - كما عرفت - فالاطلاق محكم. ومن الغريب ما في الحدائق من الاشكال ثانيا على ما ذكره في المسالك بقوله: " فان ما ادعاه من أن معاملة النبي صلى الله عليه وآله مع أهل خيبر لا تدل على أن المعاملة مع أكثر من واحد من أعجب العجاب عند ذوي الالباب، لاستفاضة الاخبار بأنه صلى الله عليه وآله بعد فتح خيبر أقر الارض في أيدي الذين فيها وقاطعهم بالنصف، يعنى جميع من كان فيها من اليهود، لا شخصا بعينه أو اثنين أو ثلاثة " ثم ذكر جملة من الاخبار ثم قال: " فهل ترى هنا بعد ذكرهم بطريق الجمع في هذه الموارد مجالا للحمل على واحد منهم بل الظاهر لكل ناظر إنما هو دفع الارض إليهم كملا... " إلى آخر ما ذكره. وقد سبقه إلى الاشكال بذلك المحقق الاردبيلي (قده). وفيه: أن الكثرة التي تضمنتها أخبار خيبر إنما هي في العامل وليس ذلك محل الكلام، ضرورة جواز كون كل من صاحب الارض والعامل أكثر من واحد، وإنما الكلام في دخول غير صاحب الارض والعامل في قوام المزارعة، بحيث تقوم بهما وبثالث، أو بهما وباثنين آخرين أو أكثر وأين ذلك من أخبار خيبر؟! مضافا إلى أنه لم يثبت أن كل أرض بعينها كان لها أكثر من زارع، ومن الجائز أن تكون كل أرض لها زارع واحد فتكون مزارعات كثيرة. (1) لا إشكال في أن العقد متقوم بالايجاب والقبول، فلا يحتاج إلى أكثر من موجب وقابل، ولكن لا يعتبر فيه وحدة الموجب والقابل، فمن الجائز تعدد الموجب والقابل، وإذا كانت المزارعة قائمة بأربعة كان أحدهم

 

===============

 

( 104 )

 

[ (مسألة 13): يجوز للعامل أن يشارك غيره في مزارعة أو يزارعه في حصته (1) من غير فرق بين أن يكون البذر منه أو من المالك (2)، ولا يشترط فيه إذنه. ] موجبا والباقون قابلا، فلم يكن إلا إيجاب واحد وقبول واحد. هذا وفي الجواهر الميل إلى المنع، لخبر أبي الربيع الشامي وغيره مما تضمن المنع عن التسمية للبذر ثلثا، وللبقر ثلثا، قال (ع): " ولكن يقول لصاحب الارض: إزرع في أرضك ولك منها كذا وكذا، نصفا أو ثلثا وما كان من شرط، ولا يسمي بذرا ولا بقرا، فانما يحرم الكلام " (* 1). لكن الرواية المذكورة مهجورة بظاهرها عند الاصحاب، فلا مجال للاعتماد عليها. مع أن موردها الاثنان لا الاكثر، فحملها على ذلك بلا قرينة غير جائز. (1) قال في الشرائع: " للمزارع أن يشارك غيره في حصته وأن يزارع عليها غيره، ولا يتوقف على إذن المالك. لكن لو شرط المالك الزرع بنفسه لزم ولم تجز المشاركة إلا باذنه " وفي الجواهر: " بلا خلاف أجده في شئ من ذلك، بل عن ظاهر الغنية: الاجماع عليه ". (2) أشار بذلك إلى ما حكاه في المسالك عن بعضهم قال فيها: " اشترط بعضهم في جواز مزارعة غيره كون البذر منه ليكون تمليك الحصة منوطا به، وبه يفرق بينه وبين عامل المساقاة حيث لا يصح له أن يساقي غيره، ولان البذر إذا كان من صاحب الارض فالاصل أن لا يتسلط عليه إلا مالكه أو من أذن له وهو الزارع. وهو حسن في مزارعة غيره، وأما المشاركة فلا، لان المراد بها أن يبيع بعض حصته في الزرع مشاعا بعوض معلوم، وهذا لا مانع منه لمالكه لها فيتسلط على بيعها كيف شاء،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 10 وفي الباب أحاديث أخر تتضمن ذلك.

 

===============

 

( 105 )

 

بخلاف ابتداء المزارعة، إذ لا حق له حينئذ الا العمل، وبه يستحق الحصة مع احتمال الجواز مطلقا، لان لزوم عقدها إقتضى تسليطه على العمل بنفسه وغيره، وتملكه للمنفعة والتصرف في البذر بالزرع وإن لم يكن بنفسه حيث لا يشترط عليه الاختصاص يجوز (* 1) نقله إلى الغير كما تجوز الاستنابة. ويضعف: بأن البذر حينئذ ليس ملكا له، وإنما هو مأذون في التصرف فيه بالزرع، وبه يملك الحصة. وقد يقال: إن هذا كاف في جواز مزارعة الغير، لانها عبارة عن نقل حقه في ذلك وتسليطه على العمل، فيجوز كما يجوز له التوكيل فيه والاستنابة بغيرها من الوجه ". ولم يعرف هذا البعض ولا وجود القائل. بل في مفتاح الكرامة: " تتبعنا كتب الاصحاب من المقنع إلى المسالك فلم نجد أحدا حكاه ولا نقل حكايته من الخاصة والعامة ". وكيف كان فالمتحصل: أن الوجه في الشرط المذكور عند قائله أمران: (الاول): أنه إذا كان البذر من المالك فليس للعامل شئ يصح نقله إلى غيره على نحو الشركة أو المزارعة عليه. (الثاني): أن البذر لمالكه فلا يجوز لاحد التصرف فيه بغير إذنه، وإذن العامل ليست إذنا من المالك، فلا يجوز لغير الزارع التصرف فيه. وفيه: أن مفاد عقد المزارعة ثبوت حق لكل من المالك والزارع على الآخر فحق المالك على الزارع العمل، وحق الزارع على المالك بذل الارض ومنفعتها أو نحو ذلك، ولذا لو مات المالك انتقل إلى وارثه، فذلك الامر القابل للانتقال إلى الوارث هو القابل للنقل إلى الغير على نحو التشريك أو على نحو آخر، فاندفع الوجه الاول. وأما الوجه الثاني فيدفعه ما عرفت من أنه يجوز لمن عليه العمل أن

 

 

____________

(* 1) فاعله ضمير يرجع إلى التملك السايق. منه؟ قدس سره.

 

===============

 

( 106 )

 

[ نعم لا يجوز تسليم الارض إلى ذلك الغير إلا باذنه (1)، وإلا كان ضامنا، كما هو كذلك في الاجارة أيضا. والظاهر جواز نقل مزارعته إلى الغير - بحيث يكون كأنه هو الطرف للمالك - بصلح ونحوه بعوض - ولو من خارج - أو بلا عوض. كما يجوز نقل حصته إلى الغير، سواء كان ذلك قبل ظهور الحاصل أو بعده، كل ذلك لان عقد المزارعة من العقود اللازمة الموجبة لنقل منفعة الارض (2) نصفا أو ثلثا أو نحوهما إلى العامل، فله نقلها إلى الغير بمقتضى قاعدة السلطنة. ولا فرق فيما ذكرنا ] يأخذ أجيرا للعمل فإذا جاز أخذ الاجير جاز للاجير التصرف، لان الاذن في الشئ إذن في لوازمه. وأيضا إذا مات العامل قام وارثه مقامه في العمل وإذا مات مستأجر الدار كانت المنفعة للوارث ولم تبطل الاجارة، وهكذا الحكم في جميع الامور التي تقبل النيابة عرفا، فان الاصل فيها جواز النيابة إلا مع شرط المباشرة، كما تقدم في المسألة الحادية عشرة، مضافا إلى أن الوجه الثاني لو تم منع من نقل الحق إلى الغير حتى في صوره كون البذر منه، لان كون البذر منه إنما يجوز التصرف في البذر لغيره، لانه في ماله باذنه ولا يجوز التصرف في الارض التي هي للمالك. (1) قد عرفت الاشكال فيه وأن مقتضى جواز أخذ الاجير جواز تسليم الارض إليه، ولا فرق بين جواز التصرف في الارض وجواز تسليمها وقد تقدم في كتاب الاجارة جواز ذلك أيضا. (2) هذا دفع للوجه الاول من وجهي الاشكال. وفيه: أنه لم يثبت أن عقد المزارعة اقتضى تملك العامل منفعة الارض، بل هو ممنوع فالوجه في دفعه ما عرفت.

 

===============

 

( 107 )

 

[ بين أن يكون المالك شرط عليه مباشرة العمل بنفسه أولا (1) إذ لا منافاة بين صحة المذكورات وبين مباشرته للعمل (2)، إذ لا يلزم في صحة المزارعة العمل، فيصح ان يشارك أو يزارع غيره ويكون هو المباشر دون ذلك الغير. (مسألة 14): إذا تبين بطلان العقد فاما أن يكون قبل الشروع في العمل أو بعده وقبل الزرع - بمعنى نثر الحب في الارض - أو بعده وقبل حصول الحاصل، أو بعده. فان كان قبل الشروع فلا بحث ولا اشكال (3) وإن كان بعده وقبل الزرع - بمعنى الاتيان بالمقدمات من حفر النهر وكري ] (1) إشارة إلى التفصيل الذي أشار إليه في الشرايع والقواعد والمسالك بين صوره اشتراط المباشرة على العامل فلا يجوز له نقل حصته أو مزارعة غيره، وبين صورة عدم اشتراط المباشرة عليه فيجوز ذلك. (2) إشارة إلى الاشكال في التفصيل المذكور بأن نقل الحصة إلى الغير أو مزارعته لا يقتضي مباشرته للعمل، لجواز المباشرة من الزارع الاول بالنيابة عن الزارع الثاني أو من نقل إليه بعض حصته. وسبقه إلى هذا الاشكال في الجواهر وغيرها. لكن الظاهر عدم توجه الاشكال المذكور على المفصلين، لان مورد كلامهم في جواز التشريك للغير أو مزارعته صورة التشريك في العمل أيضا، لا مجرد نقل الحق فقط، وحينئذ لابد في جواز ذلك من عدم اشتراط المالك على العامل المباشرة، وإلا كان التشريك للغير أو مزارعته مخالفة للشرط. (3) إذ لا يحتمل وجوب شئ للعامل لعدم العمل، ولا للمالك لعدم التصرف في أرضه بما له قيمة.

 

===============

 

( 108 )

 

[ الارض وشراء الآلات ونحو ذلك - فكذلك (1). نعم لو حصل وصف في الارض يقابل بالعوض - من جهة كريها أو حفر النهر لها أو إزالة الموانع عنها - كان للعامل قيمة ذلك الوصف (2)، وإن لم يكن كذلك وكان العمل لغوا فلا شئ له. كما أن الآلات لمن أعطى ثمنها. وإن كان بعد الزرع كان الزرع (3) لصاحب البذر (4)، فان كان للمالك كان الزرع له وعليه للعامل أجرة عمله وعوامله (5)، وإن كان للعامل كان له وعليه أجرة الارض للمالك (6) وإن كان منهما كان لهما على النسبة نصفا أو ثلثا، ولكل منهما على الاخر أجرة مثل ما يخصه من تلك النسبة (7)، وإن كان من ثالث فالزرع له وعليه للمالك أجرة الارض (8) ] (1) لان المعاملة كانت على الزرع لا غير، فما لم يكن العمل زرعا لا أمر به من الملك ولا استيفاء منه له. اللهم إلا أن يقال: المراد من الزرع كل عمل يتعلق بالزرع ومنه حفر النهر وحرث الارض. (2) لانه أثر عمله، فيملكه تبعا له. (3) هذه الاحكام ذكرها في الجواهر نافيا لوجدان الخلاف فيها حاكيا ذلك عن الرياض أيضا. (4) لانه نماء ملكه، فيتبعه في إضافة المالك، كما تقدم مرارا: (5) لما تقدم مرارا في الاجارة والمضاربة من الضمان بالاستيفاء. (6) لاستيفاء منفعتها بالزرع فيضمنها ضرورة. (7) لما سبق. (8) لاستيفائه منفعة أرضه. من دون فرق بين كونها تحت يده أو

 

===============

 

( 109 )

 

[ وللعامل أجرة عمله وعوامله (1) ولا يجب على المالك إبقاء الزرع إلى بلوغ الحاصل (2) إن كان التبين قبله، بل له أن يأمر بقلعه، وله أن يبقى بالاجرة إذا رضي صاحبه، وإلا فليس له الزامه بدفع الاجرة (3)، هذا كله مع الجهل بالبطلان وأما مع العلم فليس للعامل منهما الرجوع على الاخر بعوض أرضه أو عمله، لانه هو الهاتك لحرمة ماله أو عمله (4) فكأنه متبرع به وإن كان الاخر أيضا عالما بالبطلان. ولو كان العامل بعد ما تسلم الارض تركها في يده بلا زرع فكذلك يضمن أجرتها للمالك مع بطلان المعاملة، لفوات منفعتها تحت يده (5)، إلا في صورة علم المالك بالبطلان، لما مر (6). ] يد الزارع لصدق الاستيفاء بالنسبة إليه في المقامين بعد ما كان تسليم الارض للزرع فيها بداعي الوفاء بالعقد الواقع بينهم. (1) لما سبق بعينه. (2) لان الزرع بعد أن لم يكن باذن المالك وإنما كان جريا على العقد الفاسد يكون بحكم غرس الغاصب الذي ليس لعرقه حق، لان المقبوض بالعقد الفاسد بمنزلة المغصوب. (3) كما تقدم في المسألة السادسة. (4) تقدم أنه لما كان العمل بقصد الجري على مقتضى المعاملة والمعاوضة لا يكون تبرعا، ولا هو هاتك لحرمة عمله أو ماله. (5) وذلك كاف في الضمان، إما لعموم: " على اليد ما أخذت... " بناء على شموله للمنافع، وإما لملاك ضمان الاعيان باليد. (6) قد مر الاشكال فيه مرارا.

 

===============

 

( 110 )

 

[ (مسألة 15): الظاهر من مقتضى وضع المزارعة ملكية العامل لمنفعة الارض بمقدار الحصة المقررة له (1)، وملكية المالك للعمل على العامل بمقدار حصته، واشتراك البذر بينهما على النسبة (2)، سواء كان منهما أو من أحدهما أو من ثالث، ] (1) قد عرفت فيما سبق أن مفاد عقد المزارعة أن يزرع الارض بحصة من الحاصل، وهذا المعنى يقتضي أن يكون عمل الزرع مملوكا لصاحب الارض، ولا يقتضي كون منفعة الارض مملوكة للعامل إذ كون الارض موضوعا للزرع لا يقتضي إلا تعلق الزرع بالارض ولو على نحو البذل من المالك لارضه، إذ لا دليل على ملك العامل لمنفعة الارض. وأما التحصيص الذي ذكره المصنف (ره) فغريب لا مأخذ له كما عرفت في المسألة السابقة، ومجرد الاشتراك في الحاصل لا يقتضي الاشتراك في مقدماته. (2) هذا غير ظاهر، بل هو خلاف ظاهر قولهم في تعريف المزارعة بأنها المعاملة على الارض بحصة من حاصلها، فانه ظاهر في أن الاشتراك في الحاصل، لا في غيره من المراتب السابقة عليه. مع أن ذلك لا يناسب ما ذكره في المسالك من الاشكال في جواز مشاركة العامل لغيره أو مزارعته إذا كان البذر من المالك، لانه لا يملك شيئا ليجوز له نقله، فإذا كان مقتضى المزارعة المشاركة في البذر لا مجال لتوهم الاشكال المذكور. كما أن من تأخر عن المسالك لم يدفع الاشكال بما ذكر، وإنما دفعه من وجه آخر. مضافا إلى أن المزارعة إذا اقتضت المشاركة في البذر كان اللازم التعرض لحكم ما إذا لم يزرع العامل وأنه يرجع البذر إلى مالكه أو أنه يقسم بين المالك والعامل، أو غير ذلك. وبالجملة: دعوى الاشتراك في البذر غريبة.

 

===============

 

( 111 )

 

[ فإذا خرج الزرع صار مشتركا بينهما على النسبة (1)، لا أن يكون لصاحب البذر إلى حين ظهور الحاصل، فيصير الحاصل مشتركا من ذلك الحين، كما ربما يستفاد من بعض الكلمات (2) أو كونه لصاحب البذر إلى حين بلوغ الحاصل وادراكه، فيصير مشتركا في ذلك الوقت، كما يستفاد من بعض آخر. نعم الظاهر جواز إيقاع العقد على أحد هذين الوجهين مع التصريح والاشتراط به من حين العقد (3). ويترتب على هذه الوجوه ثمرات (منها): كون التبن أيضا مشتركا بينهما ] وكأن الذي دعا إليها هو التحصيص الذي دعا المصنف إلى القول بالاشتراك في منفعة الارض وفي عمل العامل، الذي عرفت غرابته أيضا، وغرابة استفادته من تحصيص الحاصل. (1) الذي يظهر من عبارة المسالك المتقدمة في المسألة الثالثة عشرة أن خروج الزرع هو وقت حدوث الاشتراك بين المالك والزارع لا قبله ولا بعده. (2) هذا مقتضى ما ذكره الاصحاب في تعريف المزارعة بأنها المعاملة على الارض بحصة من حاصلها، إذ جعل فيه موضع التحصيص هو الحاصل الشامل لهذا المعنى ولما بعده، فلا تحصيص قبله. اللهم إلا أن يكون المراد من الحاصل الاعم من الزرع، والتعبير بالحاصل لمزيد الاهتمام به وكونه الغرض الاولي. وهذا وإن كان خلاف الظاهر، لكن يجب الحمل عليه عملا بالارتكاز العرفي، فان بناء العرف على عدم الاشتراك في البذر والاشتراك في جميع مرات النماء والتحولات للبذر. (3) لكن الشرط المذكور إذا كان منافيا للمزارعة لا يكون العقد مزارعة وإن كان صحيحا.

 

===============

 

( 112 )

 

[ على النسبة على الاول، دون الاخيرين (1) فانه لصاحب البذر. (ومنها): في مسألة الزكاة (2). (ومنها): في مسألة الانفساخ أو الفسخ في الاثناء قبل ظهور الحاصل (3) (ومنها): في مسألة مشاركة الزارع مع غيره ومزارعته معه (4) (ومنها): في مسألة ترك الزرع إلى ان انقضت المدة (5).. إلى غير ذلك. (مسألة 16): إذا حصل ما يوجب الانفساخ في الاثناء قبل ظهور الثمر أو بلوغه - كما إذا انقطع الماء عنه ولم يمكن تحصيله، أو استولى عليه ولم يمكن قطعه، أو حصل مانع آخر عام - فالظاهر لحوق حكم تبين البطلان من الاول - على ] (1) فان التبن جزء من الزرع، فيكون مشتركا على الاول ولا يكون جزءا من الحاصل، فلا يكون مشتركا بناء على الاخيرين. (2) كما يأتي في المسألة الحادية والعشرين. (3) كما يأتي في المسألة السابعة عشرة. (4) يظهر مما ذكرنا في المسألة الثالثة عشرة الاشكال في هذه الثمرة وأنه يصح مشاركة الغير ومزارعته وإن لم نقل بالاشتراك بالبذر. نعم يترتب على ذلك عدم توجه الاشكال أصلا، بخلاف القول بعدم الاشتراك فانه يتوجه الاشكال، وإن كان يمكن اندفاعه بما عرفت فالثمرة وضوح الحكم وعدم وضوحه، لا ثبوت الحكم وعدمه. (5) فانه بناء على الاشتراك في البذر يكون البذر مشتركا بناء على الاشتراك في البذر، وبناء على الوجهين الاخيرين يختص المالك به.

 

===============

 

( 113 )

 

[ ما مر - لانه يكشف عن عدم قابليتها للزرع (1)، فالصحة كانت ظاهرية، فيكون الزرع الموجود لصاحب البذر. ويحتمل بعيدا كون الانفساخ من حينه (2)، فيلحقه حكم الفسخ في الاثناء - على ما يأتي - فيكون مشتركا بينهما على النسبة. (مسألة 17): إذا كان العقد واجدا لجميع الشرايط وحصل الفسخ في الاثناء - إما بالتقايل، أو بخيار الشرط لاحدهما، أو بخيار الاشتراط بسبب تخلف ما شرط على أحدهما - فعلى ما ذكرنا من مقتضى وضع المزارعة - وهو الوجه الاول من الوجوه المتقدمة - فالزرع الموجود مشترك بينهما على النسبة وليس لصاحب الارض عل العامل أجرة أرضه، ولا للعامل أجرة عمله بالنسبة إلى ما مضى، لان المفروض صحة المعاملة وبقاؤها إلى حين الفسخ (3). وأما بالنسبة إلى الاتي فلهما التراضي على البقاء إلى البلوغ بلا أجرة أو معها، ولهما التراضي ] (1) التي هي شرط للصحة من الاول - كما تقدم في أول الكتاب - فإذا تبين فقد الشرط فقد تبين فقد المشروط. (2) مبنى هذا الاحتمال أن يكون اعتقاد القابلية للزرع شرطا لصحة المزارعة، لا وجود القابلية واقعا. (3) هذا لا يجدي بعد وقوع الفسخ، لانه يرد على أصل المعاملة، فتكون بعد الفسخ كأنها لم تكن، فيرجع الزرع إلى مالكه، فان كان هو المالك ضمن عمل العامل بالاستيفاء، وإن كان هو العامل ضمن منفعة الارض بالاستيفاء، وإن كان غيرهما ضمن كلا من الامرين لمالكه. ولاجل ذلك احتمل المصنف (ره) في كتاب الاجارة - في المسألة الخامسة من

 

===============

 

( 114 )

 

[ على القطع قصيلا. وليس للزارع الابقاء إلى البلوغ بدون رضى المالك (1) ولو بدفع أجرة الارض، ولا مطالبة الارش إذا أمره المالك بالقلع. وللمالك مطالبة القسمة (2) وأبقاء حصته في أرضه إلى حين البلوغ وأمر الزارع بقطع حصته قصيلا. هذا وأما على الوجهين الآخرين فالزرع الموجود لصاحب البذر. والظاهر عدم ثبوت شئ عليه من أجرة الارض أو العمل، لان المفروض صحة المعاملة إلى هذا الحين وإن لم يحصل للمالك أو العامل شئ من الحاصل، فهو كما لو بقي الزرع إلى الآخر ولم يحصل حاصل (3) من جهة آفة سماوية أو أرضية. ] فصل: يملك المستأجر المنفعة في إجارة الاعيان - الرجوع إلى أجرة المثل فيما مضى من المدة وجعل الاحتمال المذكور قريبا، فراجع. وحينئذ فالعمدة فيما ذكره المصنف (ره) هنا: أن بناء العرف في المقام ونحوه على التبعيض، نظير باب تبعض الصفقة، فيكون من قبيل تعدد المطلوب، فيكون فسخ المزارعة من حينه. لا من الاول. (1) لانه خلاف سلطنة المالك على أرضه. نعم إذا كان في قلع الزرع ضرر على الزارع ولم يكن ضرر على مالك الارض في إبقاء الزرع كانت قاعدة السلطنة المذكورة محكومة بقاعدة نفي الضرر، وكان له الابقاء بدفع الاجرة، كما تقدم نظير ذلك في المسألة السادسة. (2) لعموم مادل على جواز طلب الشريك القسمة. (3) والوجه فيه في المقامين: أن البذر إذا كان للعامل فمالك الارض لم يبذل أرضه على وجه الضمان مطلقا، وإنما كان بذله لها على وجه الضمان

 

===============

 

( 115 )

 

[ ويحتمل ثبوت الاجرة عليه إذا كان هو الفاسخ (1). ] في صورة وجود الحاصل لامع عدمه، وكذا الكلام إذا كان البذر لصاحب الارض، فان العامل لم يعمل بقصد العوض مطلقا، وإنما كان بقصد العوض على تقدير وجود الحاصل لا مع عدمه، وحينئذ لا موجب لضمان منفعة الارض، ولا لضمان عمل العامل. وفيه: أن البذل في المقامين لم يكن بقصد التبرع والمجانية، وإنما كان برجاء الحاصل وبانتظاره، غاية الامر أنه إذا فات الحاصل لامر سماوي ونحوه لم يكن له شئ ولم يكن مقدما على البذل مجانا مع فوات الحاصل من جهة الفسخ، فاستيفاء عمله حينئذ يوجب ضمانه. وبذلك افترت هذه المسألة عن المسألة السابقة، فان البذل في المسألة السابقة مضمون بالمسمى فيها، وهنا لا ضمان له بالمسمى، فإذا بنى على الفسخ من حينه يكون البذل بلا عوض وهو خلاف قاعدة الضمان بالاستيفاء، فانه يوجب الضمان إما بالمسمى أو بأجرة المثل، ولما لم يسلم المسمى هنا تعين الضمان بأجرة المثل. وقد اعترف بذلك المصنف في المسألة التاسعة إذا كان التعيين على وجه التقييد، وكذلك في المسألة الرابعة عشرة في صورة البطلان، ولا فرق في موجب الضمان بين الفسخ والبطلان. وسيأتي في المسألة الثامنة والعشرين من كتاب المساقاة الحكم بالضمان بأجرة المثل. وفي المسألة السابقة بناء على الفسخ من حينة يكون الضمان بالمسمى، فلا موجب للرجوع إلى أجرة المثل. (1) لانه ضيع الحاصل على شريكه، بخلاف ما إذا كان الفاسخ غير من له البذر، فانه هو الذي ضيع الحاصل على نفسه. لكن عرفت أن الاستيفاء هو الموجب للضمان، فإذا كان الفسخ مفوتا للضمان بالمسمى وجب أن يكون بأجرة المثل، وهذا المعنى لا يختص بفسخ من له البذر،

 

===============

 

( 116 )

 

[ (فذلكة): قد تبين مما ذكرنا في طي المسائل المذكورة أن ههنا صورا (الاولى): وقوع العقد صحيحا (1) جامعا للشرايط والعمل على طبقه إلى الآخر، حصل الحاصل أو لم يحصل لآفة سماوية أو أرضية (الثانية): وقوعه صحيحا مع ترك الزارع للعمل إلى أن انقضت المدة (2)، سواء زرع غير ما وقع عليه العقد أو لم يزرع أصلا (الثالثة): تركه العمل في الاثناء بعد أن زرع (3) اختيارا أو لعذر خاص به (الرابعة): تبين البطلان من الاول (4) (الخامسة): حصول الانفساخ في الاثناء (5)، لقطع الماء أو نحوه من الاعذار العامة (السادسة): حصول الفسخ بالتقايل أو بالخيار في الاثناء (6). وقد ظهر حكم الجميع في طي المسائل المذكورة، كما لا يخفى. (مسألة 18): إذا تبين بعد عقد المزارعة أن الأرض كانت مغصوبة فمالكها مخير بين الاجازة، فتكون الحصة له - ] بل يكون بفسخ غيره أيضا. (1) هذا تبين من بيان صحة المزارعة. (2) هذا تبين من المسألة السابعة. (3) هذا تبين مما قبله، ولم يتعرض له المصنف. (4) تبين ذلك من المسألة الرابعة عشرة. (5) تبين ذلك من المسألة السادسة عشرة. (6) تبين ذلك من المسألة السابعة عشرة. وقد تبين أمور كثيرة غير ما ذكر لم يتعرض لها المصنف (ره) لانه في مقام ما يتعلق بالصحة والبطلان من الاول أو في الاثناء.

 

===============

 

( 117 )

 

[ سواء كان بعد المدة أو قبلها في الاثناء أو قبل الشروع بالزرع - بشرط أن لا يكون هناك قيد أو شرط لم يكن معه محل للاجازة (1)، وبين الرد، وحينئذ فان كان قبل الشروع في الزرع فلا إشكال، وإن كان بعد التمام فله أجرة المثل لذلك الزرع (2)، وهو لصاحب البذر. وكذا إذا كان في الاثناء (3) ويكون بالنسبة إلى بقية المدة الامر بيده (4)، فاما يأمر بالازالة وإما يرضى بأخذ الاجرة، بشرط رضا صاحب البذر. ثم المغرور من المزارع والزارع يرجع فيما خسر على غاره (5)، ] (1) لم يتضح الوجه في هذا الشرط، فان القيود والشروط المذكورة في ضمن العقد لا تمنع من إجازته، لان الاجازة تتعلق به على ما هو عليه من قيد أو شرط. (2) وهي على المباشر، لاعلى المالك للبذر وان كان قد أمره به، لان المباشر أقوى من الآمر فتصح نسبة الاستيفاء إليه لا إلى المالك وان كان آمرا، والضمان على المستوفي لا على الآمر بالاستيفاء. نعم المباشر يرجع على صاحب البذر بأجرة العمل مع ملاحظة كون العمل في أرض مضمومنة منفعتها على العامل، وبذلك تزيد الاجرة. (3) لعين ما سبق. (4) لما سبق. (5) لقاعدة الغرور المستفادة من النبوي المشهور (* 1). ولبعض

 

 

____________

(* 1) هذا الحديث وان وجد في بعض الكتب الفقهية الا أنه لم نعثر عليه بعد الفحص في كتب الحديث العامة والخاصة وبعد الاستعانة ببعض الفهارس المعدة لضبط السنة النبوية. وقد تعرضنا لذلك في الجزء العاشر الصفحة: 144 من هذه الطبعة.

 

===============

 

( 118 )

 

[ ومع عدم الغرور فلا رجوع. وإذا تبين كون البذر مغصوبا فالزرع لصاحبه، وليس عليه أجرة الارض، ولا أجرة العمل (1). نعم إذا كان التبين في الاثناء كان لمالك الارض الامر بالازالة (2). هذا إذا لم يكن محل للاجازة - كما إذا وقعت المعاملة على البذر الكلي لا المشخص في الخارج (3) أو نحو ذلك - أو كان ولم يجز (4)، وإن كان له محل وأجاز يكون هو الطرف للمزارعة (5) ويأخذ الحصة التي كانت ] الصحاح الواردة في باب تدليس الزوجة المتضمنة رجوع الزوج على المدلس معللا بقوله (ع): " كما غر الرجل وخدعه " (* 1). وقد تعرضنا لذلك في بعض المباحث المتقدمة من هذا الشرح. (1) لانه لم يكن الزرع بأمره حتى يصدق الاستيفاء الموجب للضمان فان جاء بالبذر العامل كان عليه أجرة الارض لصاحبها، وان جاء به صاحب الارض كان عليه أجرة المثل للعامل، وقد بطلت المزارعة. (2) كما سبق وجهه. (3) إذ حينئذ لا يكون البذر الشخصي دخيلا في المزارعة حتى يكون لصاحبه سلطان عليها بالاجازة والرد، فلو فرض أن مالك الشخصي أجاز لم تكن إجازته مصححة للمزارعة، بل تكون إجازته رخصه منه في تملكها لزرعه كل على حصته، مع بطلان المزارعة، لفقد البذر منهما. (4) أما إذا أجاز حينئذ صحت المزارعة، لانه يكفي في صحتها كون البذر مباحا لهما ولو باجازة متأخرة. (5) بناء على ما تقدم منه من جواز كون صاحب البذر طرفا للمزارعة ولو بني على بطلان ذلك لم تنفع الاجازة في إثبات الحصة للمجيز، كما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب العيوب والتدليس من كتاب النكاح حديث: 1.

 

===============

 

( 119 )

 

[ للغاصب. وإذا تبين كون العامل عبدا غير مأذون فالامر إلى مولاه (1). وإذا تبين كون العوامل أو ساير المصارف مغصوبة فالمزارعة صحيحة (2)، ولصاحبها أجرة المثل أو قيمة الاعيان التالفة. وفي بعض الصور يحتمل (3) جريان الفضولية (4) وإمكان الاجازة، كما لا يخفى. (مسألة 19): خراج الارض على صاحبها (5)، ] إذا كان البذر من صاحب الارض أو الزارع، فذكر شرطا عليه دون رضا مالكه، فان الاجازة تقتضي ثبوت الحصة لاحدهما كما هو مضمون العقد، ولا توجب انقلاب مضمونه وثبوت الحصة للمجيز. (1) يعني: إن أجاز صحت المزارعة وكانت له حصة، وإلا بطلت، وحينئذ فان كان البذر من صاحب الارض كان عليه أجرة عمل العبد، وإن كان من غيره كان على العبد أجرة مثل الارض. (2) لان العوامل ليست مقومة للمزارعة، بخلاف البذر، فان الحاصل الذي هو مورد التحصيص قائم بالبذر. (3) كان المناسب الجزم لا الاحتمال. (4) كما سبق في البذر، بأن يكون المتولي لها طرفا ثالثا أو رابعا، فيجيز المالك، وتكون له الحصة. (5) بلا خلاف ظاهر، وفي المسالك: أنه محل وفاق، وفي مفتاح الكرامة: أن الاجماع معلوم، وحكى عن مجمع البرهان: أن الحكم معلوم، وفي الحدائق: " الظاهر أنه لا خلاف فيه بينهم ". ويقتضيه: أن خراج الارض موضوع على صاحب الارض " ولا يرتبط بالعامل، والاصل براءة ذمته، فإذا طالب السلطان العامل بالخراج كان عاديا عليه وظالما له.

 

===============

 

( 120 )

 

[ وكذا مال الاجارة إذا كانت مستأجرة (1)، وكذا ما يصرف في إثبات اليد عند أخذها من السلطان، وما يؤخذ لتركها في يده ولو شرط كونها على العامل - بعضا أو كلا - صح (2) وإن كانت ربما تزاد وربما تنقص على الاقوى (3)، فلا يضر مثل هذه الجهالة، للاخبار (4). ] (1) الحكم فيه أوضح مما قبله. وكذا ما بعده. (1) عملا بعموم الصحة في الشروط. (3) قال في الشرائع: " خراج الارض ومؤنتها على صاحبها، إلا أن يشترط على الزارع ". وظاهره صحة الشرط مطلقا. لكن في المسالك: " فان شرط عليه (يعنى: على الزارع) لزم إذا كان القدر معلوما. وكذا لو شرط بعضه معينا أو مشاعا مع ضبطه. ولو شرط عليه الخراج فزاد السلطان فيه زيادة فهي على صاحب الارض، لان الشرط لم يتناولها ولم تكن معلومة فلا يمكن اشتراطها ". وفيه: أنه لا دليل على قدح الجهالة في المقام، وعموم الصحة ينفي ذلك. (4) يشير بذلك إلى جملة من النصوص، كصحيح داود بن سرحان عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل تكون له الارض يكون عليها خراج معلوم، وربما زاد وربما نقص، فدفعها إلى رجل يكفيه خراجها ويعطيه مائتي درهم في السنة. قال (ع): لا بأس " (* 1). ومثله ما رواه في كتاب من لا يحضره الفقيه عن يعقوب بن شعيبب عن أبي عبد الله عليه السلام (* 2). وصحيح يعقوب بن شعيب المروي في الكافي عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن الرجل تكون له الارض من أرض

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 121 )

 

[ وأما ساير المؤن (1) - كشق الانهار، وحفر الآبار، وآلات السقي، وإصلاح النهر وتنقيته، ونصب الابواب مع الحاجة إليها والدولاب، ونحو ذلك مما يتكرر كل سنة أو لا يتكرر - فلابد من تعيين كونها على المالك أو العامل، إلا إذا كان هناك ] الخراج، فيدفعها إلى رجل على أن يعمرها ويصلحها ويؤدي خراجها وما كان من فضل فهو بينهما. قال: لا بأس " (* 1). قال في الحدائق بعدما ذكر هذه الروايات الثلاث: وهذه الاخبار - كما ترى - ظاهرة في عدم جهالة الشرط المذكور هنا سيما الخبرين الاولين " وسبقه إلى ذلك في الكفاية. ويشكل ما ذكره: بأن الخبرين الاولين ليسا في المزارعة، وإنما هما في موضوع آخر، والخبر الثالث لا ظهور فيه في جهالة الخراج وتردده بين الاقل والاكثر، فالعمدة في عدم الجهالة هي القواعد العامة. ومن ذلك يظهر لك الاشكال فيما ذكره المصنف (ره) من الاستدلال بالاخبار لا غير. (1) قد تقدم عن الشرائع الحاق المؤن مطلقا بالخراج في كونها على صاحب الارض، ونحوه ما في القواعد وعن التذكرة والسرائر وجامع المقاصد وغيرها. وفي جملة من الكتب اقتصر على الخراج ولم يتعرض للمؤنة، وظاهر ذلك كونها على العامل. وفي المسالك فصل بين أنواع المؤنة، فقال: " والظاهر أن المراد من المؤنة ما يتوقف عليه الزرع ولا يتعلق بنفس عمله وتتميته، كاصلاح النهر والحائط ونصب الابواب - إن احتيج إليها - وإقامة الدولاب، وما لا يتكرر كل سنة، كما فصلوه في المساقاة. والمراد بالعمل الذي على المزارع ما فيه صلاح الزرع وبقاؤه مما يتكرر كل سنة، كالحرث والسقي وآلاتهما وتنقية النهر من الحماة وحفظ الزرع وحصاده ونحو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2.

 

===============

 

( 122 )

 

[ عادة ينصرف الاطلاق إليها. وأما ما يأخذه المأمورون من الزارع ظملا من غير الخراج فليس على المالك (1)، وإن كان أخذهم ذلك من جهة الارض. ] ذلك: وبالجملة فكلامهم في هذا المحل قاصر جدا ". وفيه: أنه لا قرينة على ما ذكره من التفصيل في مرادهم. وما ذكروه في السقي - لو تم - لا يكون قرينة على ما نحن فيه، لاختلاف المقامين. مضافا إلى أنه لا دليل على التفصيل المذكور. ولذا ذكر في الجواهر: أنه لا إشكال في كون المرجع مع الاطلاق التعارف فيما هو على المالك والعامل وإلا أشكل الحال. انتهى. وكأن المصنف (ره) تبعه في ذلك. وإن كان يشكل ما ذكره: بأن مقتضى الاطلاق كونه على العامل ما لم تقم قرينة على خلافه، كما تقدم في كتاب الاجارة أن مؤنة عمل الاجير عليه لا على المستأجر، إلا أن تقوم قرينة على خلاف ذلك. والوجه فيه: أن العمل المملوك على الاجير والزرع المملوك على الزارع إذا كان مطلقا كان مقتضى ملكيته وجوب الاتيان به على كل حال، فتجب جميع مقدماته من دون فرق بين مقدمة وأخرى، والتخصيص ببعضها دون بعض يتوقف على القرينة، ومع الاطلاق وفقد القرينة يجب الجميع. لكن المصنف في الاجارة جعل الاقوى وجوب التعيين مع عدم القرينة، وذكر أن كونها على المستأجر لا يخلو من وجه. (1) لاصالة البراءة. لكن في خبر سعيد الكندي: " قلت لابي عبد الله (ع): إنى آجرت قوما أرضا فزاد السلطان عليهم. قال: أعطهم فضل ما بينهما. قلت: أنا لم أظلمهم ولم أزد عليهم. قال: إنهم إنما زادوا على أرضك " (* 1). والظاهر أنه غير ما نحن فيه وإنما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 10.

 

===============

 

( 123 )

 

[ (مسألة 20): يجوز لكل من المالك والزارع أن يخرص على الاخر (1) بعد إدراك الحاصل (2) بمقدار منه بشرط القبول والرضا من الاخر (3) لجملة من الاخبار (4) ] فيما زاده السلطان من الخراج، مع أن الخبر ضعيف. (1) الظاهر أنه لا خلاف فيه إلا من ابن ادريس، وفي الحدائق: " الظاهر اتفاق الاصحاب عليه "، وفي الجواهر: " لا أجد خلافا فيه ". وقد ذكره في الشرائع والقواعد وغيرهما. (2) كما يظهر اشتراط ذلك من مرسل محمد بن عيسى الآتي والرويات الواردة في أهل خيبر. لكن خبر سهل الآتي خال من ذلك. (3) كما صرح به جماعة. ويدل عليه خبر سهل الآتى. (4) كخبر سهل قال: " سألت أبا الحسن موسى (ع) عن الرجل يزرع له الحراث بالزعفران ويضمن له على أن يعطيه في كل جريب يمسح عليه وزن كذا وكذا درهما، فربما نقص وغرم وربما استفضل وزاد. قال (ع): لا بأس به إذا تراضيا " (* 1). ومرسل محمد بن عيسى عن بعض أصحابه قال: " قلت لابي الحسن (ع): إن لنا أكرة فنزارعهم فيقولون: قد حزرنا هذا الزرع بكذا وكذا فأعطوناه ونحن نضمن لكم أن نعطيكم حصة على هذا الحزر. قال (ع): وقد بلغ؟ قلت: نعم. قال: لا بأس بهذا. قلت: فانه يجئ بعد ذلك فيقول لنا: إن الحزر لم يجئ كما حزرت قد نقص. قال: فإذا زاد يرد عليكم؟ قلت: لا. قال: فلكم أن تأخذوه بتمام الحزر، كما أنه إذا زاد كان له كذلك إذا نقص " (* 2) ونحوه غيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 4.

 

===============

 

( 124 )

 

[ هنا وفي الثمار (1). فلا يختص ذلك بالمزارعة والمساقاة (2). بل مقتضى الاخبار جوازه في كل زرع مشترك أو ثمر مشترك (3) والاقوى لزومه بعد القبول (4) وإن تبين بعد ذلك زيادته أو ] (1) كصحيح يعقوب بن شعيب في حديث، قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجلين يكون بينهما النخل فيقول أحدهما لصاحبه: اختر إما أن تأخذ هذا النخل بكذا وكذا كيل (كيلا خ ل) مسمى وتعطيني نصف هذا الكيل إما زاد أو نقص وإما أن آخذه أنا بذلك. قال: نعم لا بأس به " (* 1) والنصوص الواردة في إرسال النبي صلى الله عليه وآله عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر ليخرص عليهم حصته صلى الله عليه وآله، كصحيح الحلبي: " أخبرني أبو عبد الله (ع) أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطى خيبر بالنصف أرضها ونخلها، فلما أدركت الثمرة بعث عبد الله بن رواحة فيقوم عليه قيمة، وقال لهم إما أن تأخذوه وتعطوني نصف المثر (المثن. خ ل) وإما أعطيكم نصف الثمر، فقالوا: بهذا قامت السماوات والارض " (* 2) ونحوه صحيح يعقوب بن شعيب (* 3) وصحيح أبي الصباح الكناني (* 4). (2) فان روايات أهل خيبر واردة فيها. الظاهر أن أصل العبارة: بل يجري في المساقاة. (3) كأنه لفهم عدم الخصوصية فيما ورد في الثمر المشترك، مثل صحيح يعقوب المتقدم. (4) كما عن صريح جماعة - كالمهذب والوسيلة وجامع المقاصد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب بيع الثمار حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب بيع الثمار حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب بيع الثمار حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 10 من ابواب بيع الثمار حديث: 3.

 

===============

 

( 125 )

 

[ نقيصته، لبعض تلك الاخبار (1). مضافا إلى العمومات العامة (2). خلافا لجماعة (3). والظاهر انه معاملة مستقلة (4) ] والمهذب البارع ومجمع البرهان - وظاهر آخرين. وتقتضيه أصالة اللزوم وظاهر النصوص. (1) وهو مرسل محمد بن عيسى المتقدم، (2) يعني عمومات صحة العقود. (3) منهم فخر المحققين في الايضاح وشرح الارشاد، فذكر فيهما أن الاصح أنه إباحة، وأن الخرص لا يملك ولا يضمن، وفي القواعد: " ولو زاد فاباحة على اشكال " وفي الجواهر: " عن التنقيح وايضاح النافع والميسية: الجزم بالعدم ". وكيف كان يظهر ضعف ذلك مما سبق. (4) قال في المسالك: " وعلى تقدير قبوله - يعنى الزارع - يتوقف نقله إليه على عقد كغيره من الاموال بلفظ الصلح أو التقبيل، على ما ذكره الاصحاب ". وفي النسبة إلى الاصحاب تأمل ظاهر، فان عبارة الشيخ في النهاية - التي هي الاصل لهذه المعاملة - خالية عن ذلك. وكذلك عبارة الشرائع، قال فيها: " يجوز لصاحب الارض أن يخرص على الزارع، والزارع بالخيار في القبول والرد "، ونحوها عبارة القواعد وغيرها. نعم عن المختلف أنه نوع تقبيل وصلح، وعن الدروس والمهذب البارع أنه نوع من الصلح. لكن ذلك لا يدل على لزوم إيقاع عقد الصلح أو التقبيل زائدا على الخرص وقبوله. نعم عن جامع المقاصد: أنه لابد من صيغة عقد، وفي المقام قال: " لابد من إيجاب وقبول بلفظ التقبيل أو الصلح أو ما أدى هذا المعنى ". ولكنه غير ظاهر. وحينئذ لا دليل على لزوم إنشاء المعاملة بعقد زائد على الخرص وقبوله، والاخبار وتأباه وتمنعه.

 

===============

 

( 126 )

 

[ وليست بيعا (1)، ولا صلحا معاوضيا (2)، ] (1) في مفتاح الكرامة: " اتفقوا على أنه ليس بيعا، غير أنه في التذكرة تردد في جواز عقدها بلفظ البيع "، وفي الجواهر: " عن التذكرة أنه احتمل كونها بيعا "، ثم قال: " إنه بعيد، لشدة مخالفته لقواعد البيع، وذكر الاصحاب له في بيع المثار أعم من ذلك ". لكن المخالفة لقواعد البيع لاتهم، لجواز اختلاف أنواع البيع في الاحكام، ولذا اختلف بيع الثمار عن بيع غيرها، فجاز فيها بيع المعدوم والمحتمل الوجود والمجهول المقدار والصفات وغير ذلك. والعمدة أن في حاق البيع اعتبار مبادلة بين مالين " والمقام لم يقصد فيه ذلك، وإنما قصد فيه تحديد الجزء المشاع لا غير. نعم قد أخذ فيه شرطا الاذن في التصرف لكنه زائد على مفهومه، فالخرص من قبيل تبديل وصف الشئ بوصف آخر، لا تبديل ذات الشئ بذات أخرى الذي هو داخل في قوام البيع. (2) قد تقدم ما عن الدروس والميسية من أنه نوع من الصلح، وكذلك ما عن المختلف من أنه نوع تقبيل وصلح، وعن بيع جامع المقاصد أن الذي يقتضيه النظر أنه نوع من الصلح، ومال إليه في الجواهر، ولكنه كما ترى، إذ الصلح يجب أن يكون منشأ بعنوان كونه صلحا، فيقول الموجب: صالحت، ويقول القابل: قبلت " فلو كان المنشأ متعلق الصلح كان عقدا آخر، لا صلحا ضرورة. وبذلك افترق الصلح عن غيره من العقود، فإذا قال الرجل للمرأة: صالحتك على أن أكون زوجا لك وتكوني زوجة لي، فقبلت، كان صلحا، وإذا قال لها: تزوجتك، فقالت: قبلت، كان تزويجا، فالفرق بين الصلح وغيره من العقود: أن الصلح يكون منشأ بعنوان كونه صلحا وفي غيره يكون المنشأ أمرا آخر

 

===============

 

( 127 )

 

[ فلا يجري فيها إشكال اتحاد العوض والمعوض (1)، ولا إشكال النهي عن المحاقلة والمزابنة (2)، ولا اشكال الربا (3) ولو بناء على ما هو الاقوى من عدم اختصاص حرمته بالبيع (4) ] وحيث أن المنشأ في المقام الخرص والتحديد كان مفهوما مقابلا للصلح ولا يكون صلحا. (1) يكفي في تحقق المعاوضة الاختلاف ولو في الجملة، فقد ذكر في الجواهر أن المعوض عنه الحصة المشاعة، والعوض المقدار المخصوص من مجموع الحصتين. (2) أشار بذلك إلى ما ذكره الحلي في السرائر، قال: " الذي ينبغي تحصيله أنه لا يخلو أن يكون قد باعه حصته من الغلة والثمرة بمقدار في ذمة من الغلة والثمرة، أو باعه الحصة بغلة من هذه الارض فعلى الوجهين معا البيع باطل، لانه داخل في المزابنة والمحاقلة، وكلاهما باطلان. وإن كان ذلك صلحا لا بيعا فان كان ذلك بغلة وثمرة في ذمة الاكار - الذي هو الزارع - فانه لازم له سواء هلكت الغلة بالآفة السماوية أو الارضية، وإن كان ذلك الصلح بغلة من تلك الارض فهو صلح باطل، لدخوله في باب الغرر، لانه غير مضمون، فان كان ذلك فالغلة بينهما سواء زاد الخرص أو نقص تلفت منهما أو سلمت لهما، فليلحظ ذلك، فهو الذي يقتضيه أصول مذهبنا وتشهد به الادلة، فلا يرجع عنهما بأخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ". ولا يخفى ما فيه بناء على ما ذكر في المتن. من أنه معاملة مستقلة وليست بيعا ولا صلحا، إذ لا يشملها النهي عن بيع المزابنة والمحاقلة. (3) لاختصاصه بالمعاوضات، والمقام ليس منها، وإنما هو تحديد وتقدير. (4) تقدم الكلام فيه في المسألة الثالثة والعشرين من فصل: " لا يجوز

 

===============

 

( 128 )

 

[ وجريانه في مطلق المعاوضات. مع أن حاصل الزرع والشجر قبل الحصاد والجذاذ ليس من المكيل والموزون (1). ومع الاغماض عن ذلك كله يكفي في صحتها الاخبار الخاصة. فهو نوع من المعاملة عقلائية ثبت بالنصوص. ولتسم بالتقبل (2) وحصر المعاملات في المعهودات ممنوع (3). نعم يمكن أن يقال: إنها في المعنى راجعة إلى الصلح الغير المعاوضي (4)، فكأنهما يتسالمان على أن يكون حصة أحدهما من المال المشترك كذا مقدارا والبقية للاخر، شبه القسمة أو نوع منها. وعلى ذلك يصح إيقاعها بعنوان الصلح (5) على الوجه المذكور ] إجارة الارض... " من كتاب الاجارة. (1) كما صرح به في الجواهر في كتاب البيع، والربا في البيع يختص بالمكيل والموزون. (2) قال في المسالك في باب بيع الثمار: " ظاهر الاصحاب أن الصيغة تكون بلفظ القبالة وأن لها أحكاما خاصة زائدة على البيع والصلح... (إلى أن قال): لا دليل على ايقاعه بلفظ التقبيل أو اختصاصه به،. وهو كما ذكر، لكن نسبة الحكم إلى ظاهر الاصحاب غير ظاهرة - كما عرفت - وأن عبارات الشيخ والمحقق والعلامة - في القواعد - وغيرهم تأناه فانهم عبروا بالخرص، وهو مجرد التقدير والتحديد. (3) ولو سلمت فالخرص من المعهود شرعا وعرفا، فلا إشكال في شمول عمومات صحة العقود له. (4) قد عرفت أن الصلح يجب أن يكون إنشاؤه بعنوان الصلح، فإذا كان الانشاء بعنوان آخر لم يكن صلحا. (5) صحة الايقاع بعنوان الصلح لا تتوقف على ما ذكره، بل تكون

 

===============

 

( 129 )

 

[ - مع قطع النظر عن الاخبار (1) أيضا - على الاقوى من اغتفار هذا المقدار من الجهالة فيه إذا ارتفع الغرر بالخرص المفروض (2) وعلى هذا لا يكون من التقبيل والتقبل (3). ثم إن المعاملة المذكورة لا تحتاج إلى صيغة مخصوصة (4)، بل يكفي كل لفظ دال على التقبل. بل الاقوى عدم الحاجة إلى الصيغة أصلا (5)، فيكفي فيها مجرد التراضي، كما هو ظاهر الاخبار ] حتى إذا قلنا بأنها غير الصلح، فان جميع عناوين العقود يصح إيقاعها في ضمن إيقاع الصلح، ولا يقتضي أنها نوع من الصلح، كما عرفت ذلك في صدر المسألة. (1) اعتمادا على مادل على صحة الصلح وأنه جائز بين المسلمين (* 1). (2) وكذا إذا لم يرتفع، إذ لا دليل على قدح الغرر في الصلح، وكذا في غيره غير البيع ونحوه. (3) الظاهر أن التقبيل والتقبل يختص اصطلاحا بالارض، ومفهومه قريب من معنى الاجارة، ولا يكون في غير الارض إلا مجازا. (4) كما تقدم عن المسالك، وإن كان قد نسب الاحتياج إلى ظاهر الاصحاب. (5) هذا غير ظاهر، بل ظاهر النصوص والفتوى أن الخرص من العقود المحتاجة إلى إنشاء بايجاب وقبول، وفي الجواهر:، لا ريب في اعتبار الصيغة، وخلو نصوصها عنه كخلو أكثر نصوص العقود عن ذلك " وفيه: أن النصوص مشتملة على الاقوال على اختلاف في مضامين تلك الاقوال، وكلها ظاهرة فيما ذكرنا من الانشاء بالعقد اللفظي.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب كتاب الصلح حديث: 1، 2 وفي بقية أخبار الابواب دلالة على المطلوب.

 

===============

 

( 130 )

 

[ والظاهر اشتراط كون الخرص بعد بلوغ الحاصل وإدراكه (1) فلا يجوز قبل ذلك. والقدر المتيقن من الاخبار كون المقدار المخروص عليه من حاصل ذلك الزرع (2)، فلا يصح الخرص وجعل المقدار في الذمة من جنس ذلك الحاصل (3) نعم لو أوقع المعاملة بعنوان الصلح (4) - على الوجه الذي ] (1) كما يشهد به مرسل محمد بن عيسى (* 1) وصحاح الحلبي والكناني ويعقوب بن شعيب الواردة في إرسال النبي صلى الله عليه وآله عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر بعد ما أدركت الثمرة أو بلغت (* 2)، فان ذكر القيد المذكور في مقام البيان يدل على اعتباره في الحكم، ويظهر من المسالك المفروغية من اعتبارة. (2) في الجواهر أنه المنساق من النصوص، وصرح به جماعة، بل هو المشهور، بل ظاهر جامع المقاصد نسبته إلى تصريح الاصحاب. انتهى. وقد عرفت أن المفهوم من الخرص في النص والفتوى ليس إلا تقدير الحصة المشاعة المبهمة بقدر معين من دون تبديل شئ بشئ ولا معاوضة بين شيئين. (3) لانه لما كان معاوضة والعوض في الذمة فلا يكون من الخرص المذكور في النصوص والفتوى، وإنما يكون بمعنى آخر، ويكون حينئذ من قبيل البيع، إذ هو معاوضة بين الحصة المشاعة وبين ما في الذمة. ولا يلزم محذور الربا، لكون المبيع ليس من المكيل والموزون، كما لا يلزم الغرر، للاعتماد على قول أهل الخبرة إذا كان الخرص منهم. (4) قد عرفت أن الصلح يجري في جميع المعاملات على أن يكون المنشأ نفس الصلح، وتكون المعاملة موردا للصلح وموضوعا له

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 4 (* 2) راجع الوسائل باب: 10 من أبواب بيع الثمار.

 

===============

 

( 131 )

 

[ ذكرنا - لا مانع من ذلك فيه. لكنه - كما عرفت - خارج عن هذه المعاملة (1). ثم إن المشهور بينهم أن قرار هذه المعاملة مشروط بسلامة الحاصل (2)، فلو تلف بآفة سماوية أو أرضية كان عليهما. ولعله لان تعيين الحصة في المقدار المعين (3) ليس من باب الكلي في المعين (4)، بل هي باقية على إشاعتها، غاية الامر تعيينها في مقدار معين. مع احتمال أن يكون ذلك من الشرط الضمني بينهما، والظاهر أن المراد ] (1) لكنه داخل في عنوان الصلح. (2) في جامع المقاصد: أنه ذكره الاصحاب، وفي المسالك: أنه المشهور بين الاصحاب. ومستنده غير واضح، وحكمه لا يخلو من إشكال إن لم يكن انعقد عليه الاجماع وأنى لهم به؟! وإنما هو شئ ذكره الشيخ في بعض كتبه وتبعه عليه الباقون معترفين بعدم النص ظاهرا على هذه اللوازم. (3) قد عرفت أن هذا هو الذي يقتضيه ظاهر النصوص والفتاوى. (4) وفي الجواهر: " لا يحتاج ذلك (يعني ما ذكره المشهور) إلى تنزيل العوض على الاشاعة، إذ يمكن أن لا يكون كذلك وإن كان كليا مضمونا في العين بشرط السلامة، للدليل نحو ما سمعته في خبر الاطنان " (* 1). ولعله إلى ذلك يشير ما في بعض الحواشي من أن مجرد كون التلف عليهما لا يوجب البقاء على الاشاعة. انتهى. لكن الدليل الذي ذكره غير ظاهر والقواعد تقتضي كون التلف على غير مالك الكلي، ولا يشاركه مالك الكلي فيه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب عقد البيع حديث: 1.

 

===============

 

( 132 )

 

[ من الآفة الارضية (1) ما كان من غير الانسان، ولا يبعد لحوق إتلاف متلف من الانسان أيضا به (2). وهل يجوز خرص ثالث حصة أحدهما أو كليهما في مقدار؟ وجهان أقواهما العدم (3). (مسألة 21): بناء على ما ذكرنا من الاشتراك من من أول الامر في الزرع يجب على كل منهما الزكاة (4) إذا كان نصيب كل منهما بحد النصاب، وعلى من بلغ نصيبه إن بلغ نصيب أحدهما. وكذا إن اشترطا الاشتراك حين ظهور الثمرة، لان تعلق الزكاة بعد صدق الاسم (5) وبمجرد الظهور لا يصدق (6). وإن اشترطا الاشتراك بعد صدق ] (1) يعني المذكور في كلام الجماعة. (2) لوجود المناط فيه، وهو الاشاعة المقتضية للاشتراك. وكان المناسب للمصنف الجزم بذلك. (3) لقصور نصوص المقام عن شمول ذلك. نعم إذا كان المراد من الخرص معنى آخر - غير المعنى الاصطلاحي المذكور في النصوص والفتاوى - وهو المعاوضة على الحصة المشاعة بعوض في الذمة صح - كما تقدم - عملا بالعمومات، حتى إذا كان المقصود البيع، لارتفاع الغرر بخرص أهل الخبرة ولعدم كون المبيع من المكيل والموزون فلا يلزم الربا. (4) لان الشرط في وجوب الزكاة الملك، والمفروض حصوله بالنسبة إليهما. (5) تقدم في كتاب الزكاة الاستدلال عليه. (6) فإذا حصل الملك حينئذ فقد تحقق الملك بالنسبة إليهما، وإذا

 

===============

 

( 133 )

 

[ الاسم أو حين الحصاد والتصفية فهي على صاحب البذر منهما لان المفروض أن الزرع والحاصل له إلى ذلك الوقت، فتتعلق الزكاة في ملكه (1). (مسألة 22): إذا بقي في الارض أصل الزرع بعد انقضاء المدة والقسمة، فنبت بعد ذلك في العام الاتي، فان كان البذر لهما فهو لهما، وإن كان لاحدهما فله، إلا مع الاعراض (2)، وحينئذ فهو لمن سبق. ويحتمل أن يكون لهما مع عدم الاعراض (3) مطلقا (4)، لان المفروض شركتهما في الزرع وأصله وإن كان البذر لاحدهما أو لثالث، وهو الاقوى (5). ] كان الشرط الملك حال صدق الاسم فالظاهر وجوب الزكاة عليهما، عملا باطلاق الادلة. وكان المناسب للمصنف التعرض له، فتكون الصور أربع ولا وجه للاقتصار على الصور الثلاث. (1) دون صاحبه، لتأخره عن ذلك، فيجب عليه دون صاحبه. (2) لكن الاعراض لا يوجب الخروج عن الملك، لعدم الدليل عليه، كما تقدم في كتاب الاجارة. نعم مع الاعراض يجوز تملكه لمن سبق إليه إذا بقي الاعراض بحاله، أما إذا زال الاعراض حين صيرورته زرعا فلا يملكه من سبق إليه، بل هو لمالكه. (3) وكذا مع الاعراض، لان الاعراض لا يرفع الملكية. (4) يعني: وإن كان البذر من أحدهما. (5) قد عرفت في المسألة الخامسة عشرة أن الاشتراك يكون في جميع التطورات الواردة على البذر، ولا يختص بالحاصل، ومنها أصول الزرع

 

===============

 

( 134 )

 

[ وكذا إذا بقي في الارض بعض الحب (1) فنبت، فانه مشترك بينهما مع عدم الاعراض (2). نعم لو كان الباقي حب مختص بأحدهما (3) اختص به. ثم لا يستحق صاحب الارض أجرة لذلك الزرع النابت على الزارع في صورة الاشتراك أو الاختصاص به وإن انتفع بها، إذ لم يكن ذلك من فعله (4)، ولا من معاملة واقعة بينهما (5). ] فتكون مشتركة بينهما. ثم إن المصنف حرر المسألة بما إذا نبت أصل الزرع ولا ينبغي التأمل في اشتراك النابت بينهما، لاشتراك أصل الزرع. وفي التذكرة حرر المسألة بما إذا نبت الحب، ومثله في الجواهر. ولا ينبغي التأمل في اختصاص النابت بصاحب البذر للتبعية، ولذا نسب في التذكرة ذلك إلى علمائنا والشافعي، معللا له: بأنه عين ماله، وحكى عن أحمد القول بأنه لصاحب الارض، ولم يحك عن أحد القول بالاشتراك. ومن ذلك تعرف اختلاف حكم المسألتين. (1) يعني: من الحاصل المشترك. (2) وكذا مع الاعراض، كما عرفت (3) من جهة قسمة الحاصل. (4) كما لو أطارت الريح الحب إلى أرض زيد فصار زرعا. اللهم إلا أن يقال: الاستيفاء الموجب للضمان أعم من ذلك. لكنه غير ظاهر والاصل البراءة، ولاجل ذلك يظهر ما جزم في الجواهر من أن عليه أجرة الارض لمالكها. (5) يعني حتى يكون الامر الحاصل من المعاملة موجبا لصدق الاستيفاء فان الاستفياء كما يحصل بمباشرة استيفاء المنفعة يحصل أيضا بالامر بالفعل، كما إذا أمره بحلق رأسه فامتثل الامر وحلق، فان الآمر يكون هو المستوفي للمنفعة.

 

===============

 

( 135 )

 

[ (مسألة 23): لو اختلفا في المدة وأنها سنة أو سنتان مثلا فالقول قول منكر الزيادة (1). وكذا لو قال أحدهما: إنها ستة أشهر والاخر قال: إنها ثمانية أشهر (2). نعم لو ادعى المالك مدة قليلة لا تكفي لبلوغ الحاصل ولو نادرا ففي تقديم قوله إشكال (3). ولو اختلفا في الحصة قلة وكثرة فالقول قول صاحل البذر المدعي للقلة. هذا إذا كان نزاعهما في زيادة المدة أو الحصة وعدمها. وأما لو اختلفا في تشخيص ما وقع عليه العقد وأنه وقع على كذا أو كذا، فالظاهر التحالف (4) ] (1) بلا خلاف أجده فيه، كما في الجواهر، بل في جامع المقاصد: الاجماع عليه، ويقتضيه الاصل. فان قلت: إذا كان الشك في المدة أنها سنة أو سنتان فقد شك في بقاء المزارعة بعد السنة، والاصل بقاؤها. قلت: الشك في البقاء ناشئ من الشك في جعل المتعاقدين والاصل عدم جعل الزيادة، فيكون حاكما على أصالة بقاء المزارعة. (2) لعين ما سبق. (3) لمخالفته لاصالة الصحة المقدمة على أصالة عدم الزيادة، لما عرفت من اعتبار كون المدة كافية في بلوغ الزرع في صحة المزارعة. (4) قال في جامع المقاصد: " لو لا الاجماع لامكن أن يقال: إن اتفاقهما على عقد تضمن تعيين مدة وحصة نقل عن الاصل المذكور وكل منهما مدع لشئ ومنكر لما يدعيه الآخر، وليس إذا ترك دعوى الزيادة مطلقا يترك، فانه إذا ترك العمل طالبه به. نعم يجئ هذا إذا وقع الاختلاف عند انتهاء الامر. فيجب التحالف، وهو قول الشافعي في نظيرة في المساقاة ". وأشكل عليه في المسالك: بأن العقد المتضمن لهما

 

===============

 

( 136 )

 

(يعني المدة والحصة) إنما أخرج عن حكم الاصل - أصل المدة والحصة - أما في قدر معين فلا فيبقى إنكار الزيادة فيهما بحاله لم يخرج عن حكم الاصل بشئ. والمراد بمن يترك إذا ترك في نفس ذلك المدعى، وهو هنا المدة الزائدة، والحصة الزائدة، أما العمل فهو أمر خارج عن الدعوى فلا أثر للمطالبة في هذه المنازعة ". أقول: إذا كان مدعي الزيادة الزارع فهو إذا ترك الدعوى ترك ولا يطالب حتى بالعمل، لان المالك المنكر للزيادة ليس له المطالبة بالعمل لانها مطالبة بغير حق اعترافه بعدم الزيادة ولاجله يشكل ما يظهر من المسالك من جواز مطالبة المنكر بالعمل. لكنه خارج عن محل الدعوى. وأما ما في جامع المقاصد من دعوى التحالف في المقام فقد تكرر منه نظيره في موارد كثيرة - كما يظهر من مراجعة ما ذكرناه في كتاب الاجارة في جملة من مباحث التنازع - ووافقه عليه في الجواهر في بعضها وربما وافقه هنا أيضا في الجملة. قال (ره): " لا ريب في عدم التحالف في مسألة المدة لو كانت في نفس استحقاق الزائد منها من دون تعرض في الدعوى لسببه، ضرورة كون إنكارها على مقتضى الاصل، أما لو كانت الدعوى في سبب استحقاقها بعد اتفاقهما على كونه عقدا مشخصا ووقع النزاع في كيفية تشخيصه - فقال المالك مثلا: إنه بمدة قليلة، وقال العامل: إنه بمدة كثيرة - فلا ريب في أن المتجه التحالف لكون كل منهما مدعيا ومنكرا، ودعوى كل منهما مخالفة للاصل، والقلة والكثرة بالنسبة إلى تشخيصهما العقد على حد سواء في مخالفة الاصل. إلا أن ظاهر الاصحاب هنا تقديم قول مدعي القلة حتى لو كانت الدعوى على الفرض المزبور ". وما نسبه إلى ظاهر الاصحاب هو المتعين. وما ذكره في توجيه التحالف إنما يتم بناء على أن المعيار في تشخيص

 

===============

 

( 137 )

 

المدعي والمنكر مصب الدعوى. لكن الظاهر خلافه، وأن المعيار في تشخيص ذلك الغرض المقصود من الدعوى، كما أشرنا إلى ذلك في شرح المسألة الاولى من فصل التنازع من كتاب الاجارة، وأشار إليه المصنف (ره) في كتاب القضاء. وقد قال في الجواهر في مسألة مالو اختلف المتبايعان في قدر الثمن أو في قدر الاجل أو نحو ذلك، قال - بعد أن ذكر اختلاف الحكم باختلاف إبراز الدعوى -: " قد يقال: بأن القول قول مدعي الاقل على أي حال أبرزت الدعوى إذا كان المراد اشغال الذمة بالاكثر، ضرورة أن أقضاه الاختلاف في السببين - أي السبب الموجب للاقل والسبب الموجب للاكثر - ولا ريب في موافقة الاصل للاول. ومن هنا أفتى الاصحاب من غير خلاف يعتد به في سائر المقامات حتى في الجنايات الموجبة للمال لو وقع النزاع في السبب الموجب للاقل منها أو الاكثر. فلاحظ وتأمل، فان ذلك هو التحقيق في المسألة، بل هو الذي يوافق صدق المدعي عرفا ". والمتحصل مما ذكرناه أمور: (الاول) أن جامع المقاصد أرجع النزاع في جميع هذه الموارد إلى النزاع في تشخيص العقد وجعله من التداعي. (الثاني): أن صاحب الجواهر فصل بين أن يكون مصب الدعوى تشخيص العقد وأن يكون الزيادة والنقصان، فعلى الاول يكون من التداعي وعلى الثاني يكون من المدعي والمنكر. وتبعه عليه المصنف (ره) هنا وفي بعض الموارد الاخرى. (الثالث): أن ظاهر الاصحاب - هنا وفي جميع الموارد - أن المدار في تشخيص المدعي والمنكر الغرض المقصود، كما اعترف به جامع المقاصد والجواهر والمصنف. (الرابع): أن صاحب الجواهر قد حقق في بعض كلام له في كتاب البيع أن التحقيق ما هو ظاهر الاصحاب.

 

===============

 

( 138 )

 

[ - وإن كان خلاف اطلاق كلماتهم (1) - فان حلفا أو نكلا فالمرجع أصالة عدم الزيادة. (مسألة 24): لو اختلفا في اشتراط كون البذر أو العمل أو العوامل على أيهما فالمرجع التحالف (2)، ومع حلفهما أو نكولهما تنفسخ المعاملة (3). (مسألة 25): لو اختلفا في الاعارة والمزارعة، فادعى الزارع أن المالك أعطاه الارض عارية للزارعة، والمالك ادعى المزارعة، فالمرجع التحالف أيضا (4)، ومع حلفهما أو نكولهما ] (1) قد عرفت أنه هو الذي يقتضيه التحقيق، وقد تقدم في كتاب الاجارة ماله نفع في المقام. (2) قد تقدم القول بأن إطلاق المزارعة يقتضي كون البذر على العامل وعليه فالخلاف يكون بينهما في اشتراط كونه على المالك وعدمه، ومقتضى ذلك كون القائل بكونه على المالك مدعيا لمخالفة قوله الاصل والاطلاق، وخصمه منكرا لموافقة قوله الاطلاق، فيكون على الاول البينة وعلى الثاني اليمين. (3) لعدم الباذل للبذر الذي لابد منه في قوامها. وكذا في بقية الامور. ثم إن هذا الانفساخ ليس واقعيا، بل هو بحسب حكم القاضي فمن يعلم أن عليه البذر يجب عليه بذله والعمل بمقتضى الشرط والعقد. (4) لان كلا منهما يدعي خلاف الاصل، إذ الاصل عدم المزارعة وعدم العارية. قال في الشرايع: " لو اختلفا فقال الزارع: أعرتنيها، وأنكر المالك وادعى الحصة أو الاجرة، ولا بينة، فالقول قول صاحب الارض، ويثبت له أجرة المثل مع يمين الزارع. وقيل: يستعمل القرعة.

 

===============

 

( 139 )

 

[ تثبت أجرة المثل للارض (1). فان كان بعد البلوغ فلا اشكال ] والاول أشبه ". وكأن راده أن القول قول صاحب الارض في عدم العارية، لافي دعواه الحصة أو الاجرة، كما عبر بذلك في القواعد، قال: " ولو ادعى العامل العارية والمالك الحصة أو الاجرة قدم قول المالك في عدم العارية، وله أجرة المثل مع يمين العامل ما لم تزد عن المدعى "، ونحوها عبارة التذكرة. ولا يخفى ما فيها من سقم التعبير، فانها توهم أن المالك منكر والعامل مدع، مع أن كلا منهما مدع من جهة ومنكر من جهة، فان المالك مدع للحصة ومنكر للعارية والعامل مدع للعارية ومنكر للحصة، فيقدم قول كل منهما في نفي دعوى الآخر بيمينه، وهذا هو التداعي الذي حكمه التحالف، كما عبر به العلامة في التحرير، قال: " لو ادعى العارية وادعى المالك الحصة أو الاجرة ولا بينة تحالفا، ويثبت لصاحب الارض أجرة المثل "، وتبعه في ذلك المصنف. وهو واضح معنى ودليلا. (1) قد عرفت أن البناء على التحالف واضح. ولكن الاشكال في استحقاق المالك أجرة المثل، فانه لا يدعيه وإنما يدعي الحصة المسماة، ولم تثبت بالبينة، بل بنى على انتفائها بيمين المنكر، فما الذي اقتضى إثبات أجرة المثل؟! ولذلك حكي عن عارية الخلاف والمبسوط والغنية واللمعة والكفاية: العدم. وذكر الاردبيلي (ره) في شرحه للارشاد في مسألة ما لو ادعى مالك العين الاجارة والمتصرف بها العارية أنه إذا حلف المتصرف على نفي الاجارة لم يلزمه شي عوض التصرف، لاصالة البراءة، ولا نسلم أن الاصل حصول أجرة وعوض لصاحب المال. انتهى. وظاهر كلامه - يعني كلام الاردبيلي (ره) - إنكار أصالة ضمان المال. ولذلك أشكل عليه في الجواهر: بأن أصل البراءة مقطوع بقاعدة

 

===============

 

( 140 )

 

الضمان المستفادة من قوله: " على اليد... " و " من أتلف... " ونحوهما، وإلا لزم عدم ضمان كل متلف لكل مال شخص بدعوى الهبة، بل لا يحتاج إلى الدعوى بأصالة البراءة، والتزامه واضح الفساد. والفرق بين المنفعة والعين أوضح فسادا، وذهاب اليمين بما فيها إنما هو بالنسبة إلى ما نفته من الاجرة والحصة المسماة لاغيرهما، كما هو واضح. انتهى. وكان الاولى الاستدلال بما دل على ضمان المنفعة بالاستيفاء من إجماع العرف والمتشرعة عليه. وكيف كان فإذا كان الوجه في عدم ضمان أجرة المثل في المقام عدم الدليل على ضمان المنفعة بالاستيفاء فاشكاله ظاهر، وضعفه واضح. وإن كان الوجه فيه أن دعوى المالك الاجرة المعينة أو الحصة تستلزم الاعتراف بعدم استحقاق غيرها من أجرة المثل أو غيرها، فيؤخذ باعترافه واقراره. ففي محله، عملا بعموم: إقرار العقلاء على أنفسهم جائز. اللهم إلا أن يقال: إن دعوى الضمان بالاجرة المعينة أو الحصة راجعة إلى دعوى الضمان المقيد، فان كان التقييد على نحو وحدة المطلوب تم ما ذكر، أما إذا كان على نحو تعدد المطلوب " بأن كان المالك يدعي الضمان ويدعي كونه على نحو خاص، فإذا بطلت دعوى الخصوصية بيمين العامل بقي أصل الضمان بحاله، ولا اعتراف منه حينئذ بعدم الاستحقاق. ولا يبعد أن المرتكزات العرفية توافق على ذلك، فلا مجال إذا للمناقشة فيه. وقد تقدم في المسألة الستين من كتاب المضاربة بعض الكلام في ذلك. فراجع. هذا وقد أطلق المصنف وجوب أجرة المثل بعد التحالف، كما في الشرائع وغيرها. لكن عرفت التقييد في كلام القواعد بعدم زيادة أجرة المثل على الاجرة أو الحصة، ووجهه: أن دعواه الاجرة أو الحصة يقتضى

 

===============

 

( 141 )

 

[ وإن كان في الاثناء فالظاهر جواز الرجوع للمالك (1). وفي ] الاعتراف بعدم استحقاق الزائد عليها، فيؤخذ باعترافه ولا يدفع له الزائد ولاجل ذلك وافق القواعد جماعة ممن تأخر عنه. وأشكل عليه في الحدائق: بأن اعترافه بعدم استحقاق الزائد مبني على صحة دعواه وثبوتها، فإذا بني على بطلانها فقد بني على بطلان ما يترتب عليها وفرضهما معدومين وفيه: أن الاعتراف بعدم استحقاق الزائد لا مجال لفرضه كالعدم، فانه خلاف إطلاق الادلة، ولا ملازمة بين بطلان الدعويين وبطلان ما يترتب عليهما من اللوازم الخارجية، وإنما الملازمة بين بطلانهما وبطلان ما يترتب عليهما شرعا، لا عقلا. هذا ولم يتعرض المصنف (ره) لوجه إهمال القيد المذكور كما أنه لم يصرح بالاطلاق، وهل ذلك كان من جهة موافقته للحدائق في الاشكال المذكور، أو من جهة أن موضوع المسألة المزارعة، وعوض منفعة الارض فيها الحصة، وليست هي من جنس أجرة المثل حتى يصح فرض الزيادة والنقيصة بينهما، لاختصاص ذلك بما كانا متحدي الجنس. لكن التقييد بعدم الزيادة في عبارة القواعد كان في مورد المزارعة صريحا، وحمل كلامه على صورة ما إذا كانت الحصة مساوية لاجرة المثل بعيد، ولو كان المراد ذلك كان اللازم في التعبير أن يقال: إنه بعد التحالف يحكم بالاجرة المسماة، فلابد أن يحمل كلامه على صورة كون الزيادة بحسب القيمة لا العين. والوجه المقتضي للتقييد بعدم زيادة أجرة المثل أيضا وارد في ذلك، إذ المالك أيضا يعترف بعدم استحقاق الزيادة في القيمة على المسمى من أجرة أو حصة، فيؤخذ باعترافة. ومن أجل ذلك يتوجه الاشكال على المصنف على كل حال. (1) يعني: الرجوع عن العقد الواقع بينه وبين العامل، لان العامل

 

===============

 

( 142 )

 

[ وجوب إبقاء الزرع إلى البلوغ عليه مع الاجرة إن أراد ] يدعي كونه عارية يجوز للمعير الرجوع فيها، وليس له الاعتراض على المالك بأنه يعترف بكونها مزارعة، وهي لا يجوز الرجوع فيها، وذلك لان عدم جواز الرجوع في المزارعة من جهة حق العامل، والمفروض اعتراف العامل بأنه لا حق له. اللهم إلا أن يقال: انما يجوز العمل بالاقرار مع احتمال الموافقة للواقع، لا مع العلم بالخلاف، فإذا كان المالك يعلم بأن العقد مزارعة لا يجوز له الرجوع فيه إلا مع التقابل، ولا يكفي اعتراف العامل بأنه عارية. هذا بالنظر إلى الحكم الواقعي الاولي، أما بالنظر إلى حكم الحالكم بنفي كل من العارية والمزارعة بعد التحالف فيجوز الرجوع عن العقد، لا بمعنى فسخ العقد، بل بمعنى عدم ترتيب آثار العقد، وهذا الجواز جاء من حكم الحكام الذي يحرم رده. والمراد من جواز ذلك أنه إذا فعله المالك فليس للعامل الاعتراض عليه، لان الاعتراض عليه رد لحكم الحالكم لا أنه يجوز ذلك واقعا شرعا. بمعنى أنه لا يؤاخذ عليه، فان حكم الحاكم لا موضوعية له في تبديل الحكم الواقعي، بل الحكم الواقعي على ما هو عليه، ففي صحيح هشام بن الحكم: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما أقضي بينكم بالبينات والايمان، و بعضكم ألحن بحجته من بعض، فايما رجل اقتطعت له من مال أخيه شيئا فانما قطعت له به قطعة من النار " (* 1). فإذا حكم الحالكم للمدعي بالبينة أو اليمين المردودة لم يجز له أن يأخذ المال من المدعي عليه إذا كان يعلم ببطلان دعواه. وحكم الحاكم لا يسوغ له أكل مال الغير بغير رضا منه. وإن شئت قلت: حكم الحاكم تارة: يكون اقتضائيا، وأخرى:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوي حديث: 1.

 

===============

 

( 143 )

 

لا يكون اقتضائيا، وكذلك الحكم الواقعي يكون اقتضائيا تارة، وأخرى لا يكون اقتضائيا، فان كان الحكم الواقعي اقتضائيا وحكم الحاكم لا اقتضائيا وجب العمل على الحكم الواقعي، لان العمل عليه لا يكون ردا لحكم الحاكم كما في المثال المذكور، فان ترك أخذ المال من المدعى عليه ظلما لا يكون ردا لحكم الحاكم لجواز الاخذ. وإذا كان الامر بالعكس - بأن كان الحكم الواقعي لا اقتضائيا وحكم الحاكم اقتضائيا - وجب الحكم بحكم الحاكم من دون مزاحم، كما في المثال المذكور بالنسبة إلى الحكومة عليه، فانه يجب على بمقتضى حكم الحاكم دفع المال إلى المدعي، ولا يحرم عليه ذلك بمقتضى الحكم الواقعي فيجب العمل بمقتضى حكم الحاكم، لان ترك العمل به رد لحكم الحاكم وهو حرام. وإذا كانا - معا - اقتضائيين وجب العمل بمقتضى حكم الحالكم بمقدار المزاحمة، لئلا يلزم رده، ويجب العمل بالحكم الواقعي فيما زاد على مقدار المزاحمة، كما إذا ادعى رجل زوجية امرأة ظلما، فحكم الحاكم له فوجب عليها مطاوعته بمقدار المزاحمة، ولا يجوز لها ما زاد على ذلك، فإذا طلب منها المدعي الاستمتاع بها، فان أمكنها صرفه وجب عليها ذلك، وإن أصر على الاستمتاع بها وجب عليها المطاوعة، وتسقط حرمة المطلوعة للاجنبي بدليل حرمة رد الحكم الذي تكون نسبته إلى الحكم الواقعي نسبة الحكم الواقعي الثانوي إلى الواقعي الاولي مقيدا له، وفي غير حال وجوب المطاوعة يحرم عليها التعرض له والتكشف، ولا يجوز لها ذلك، عملا بالحكم الواقعي مادام لا يصدق رد حكم الحاكم. وفي المقام نقول: إن حكم الحاكم بنفي المزارعة ليس حكما اقتضائيا فلا يزاحم الحكم الواقعي بوجوب العمل على عقد المزارعة إذا كان المالك عالما بذلك حسب دعواه، كما أنه يجب على العامل العمل بمقتضى العقد إذا

 

===============

 

( 144 )

 

[ الزارع، وعدمه وجواز أمره بالازالة، وجهان (1). وإن كان النزاع قبل نثر الحب فالظاهر الانفساخ بعد حلفهما أو نكولهما (2). (مسألة 26): لو ادعى المالك الغصب والزارع ادعى المزارعة، فالقول قول المالك (3) مع يمينه على نفي المزارعة. ] كان عالما بذلك. (1) أقواهما الاول، لان الزرع كان باذن المالك وقلعه ضرر على العامل، فلا يجوز، لقاعدة نفي الضرر، ولا يعارض بالضرر الوارد على المالك من ابقاء الزرع، لان المالك مقدم على هذا الضرر، سواء كان العقد مزارعة أم عارية. (2) قد عرفت أن حكم الحاكم بعد التحالف كان ينفي كلا من العارية والمزارعة، فبالنظر إليه يبنى على نفيهما معا، أما بالنظر إلى الواقع فان كان عارية فانكارها رجوع بها، أما إذا كان مزراعة فانكارها لا أثر له وحكم الحاكم لا يبدل الواقع، فلا موجب للانفساخ، بل يبقى وجوب العمل بها على تقدير ثبوتها بحاله حتى ينتهي الوقت، كما عرفت في الحاشية السابقة. (3) إذا كان المعيار في تشخيص المدعي والمنكر مصب الدعوى فهما متداعيان، لان كلا منهما يدعي خلاف الاصل، فكما يقدم قول المالك في نفي المزارعة يقدم قول العامل في نفي الغصب. وإذا كان المعيار الغرض المقصود من الدعوى فدعوى المالك الغصب راجعة إلى دعوى ضمان العامل بأجرة المثل وهو منكر للمزارعة، وكلاهما على وفق الاصل. وقد عرفت أن التحقيق الثاني، فيكون القول قول المالك. ومنه يظهر ضعف ما عن التذكرة من أنه يحلف العامل على نفي الغصب، كما عرفت في

 

===============

 

( 145 )

 

[ (مسألة 27): في الموارد التي للمالك قلع زرع الزارع هل يجوز له ذلك بعد تعلق الزكاة وقبل البلوغ؟ قد يقال بعدم الجواز (1) إلا أن يضمن حصتها للفقراء، لانه ضرر عليهم والاقوى الجواز (2)، وحق الفقراء يتعلق بذلك الموجود وإن لم يكن بالغا. (مسألة 28): يستفاد من جملة الاخبار (3) أنه يجوز لمن بيده الارض الخراجية أن يسلمها إلى غيره ليزرع لنفسه ويؤدي خراجها عنه. ولا بأس به. ] المسألة السابقة. (1) نسبه في الجواهر إلى ظاهر المحكي عن ابن الجنيد، وعبارته المحكية في المتخلف هكذا: " لو استحقت الارض كان للمالك أن يطالب المزارع بقلع الزرع، إلا أن يكون في ذلك ضرر على أهل الزكاة وغيرهم بتلف حقوقهم منه، فان ضمنه رب الارض لهم وقلع الارض كان مخيرا بين أن يأخذ الجزء منه على تلك الحال وبين أن يضمن الذي غر المزارع قيمة نصف الزرع ثابتا وسلم الزرع كله إليه ". لكن ظاهر ذيل كلامه أن مورده صورة صحة المزارعة وانتهاء المدة إذ لو كانت المزارعة منتفية لم يكن وجه لاخذه الجزء من الزرع. (2) جعله في المختلف هو الوجه، لان حق الفقراء لا يزيد على حق صاحب الزرع، فإذا جاز قلعه بلا ضمان للمزارع جاز أيضا بالنسبة إلى مستحق الزكاة. (3) يشير بذلك إلى خبر ابراهيم بن ميمون، قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن قرية لاناس من أهل الذمة، لا أدري أصلها لهم أم

 

===============

 

( 146 )

 

[ مسائل متفرقة: الاولى: إذا قصر العامل في تربية الزرع فقل الحاصل، فالظاهر ضمانه التفاوت (1) بحسب تخمين أهل الخبرة، كما صرح به المحقق القمي (قده) في أجوبة مسائله. الثانية: إذا ادعى المالك على العامل عدم العمل بما اشترط في ضمن عقد المزارعة من بعض الشروط، أو ادعى ] لا، غير أنها في أيديهم، وعليها خراج، فاعتدى عليهم السلطان فطلبوا إلي فاعطوني أرضهم وقريتهم على أن أكفيهم (يكفيهم. خ ل) السلطان بما قل أو كثر، ففضل لي بعد ذلك فضل بعدما قبض السلطان ما قبض قال (ع): لا بأس بذلك، لك ما كان من فضل " (* 1). ونحوه خبر أبي الربيع (* 2)، وخبر أبي بردة بن رجا (* 3). (1) ظاهره ضمان نقص الحاصل الذي ملكه بالمزارعة. لكن لا دليل على ضمان النقص إلا قاعدة الاتلاف، وهي تختص بالنقص الطارئ على الموجود كاملا، ولا تشمل مالو وجد ناقصا. ويحتمل أن يكون المراد نقص العمل المؤدي إلى نقص الحاصل، فان المالك يملك على الزارع العمل الكامل، ولم يأت به كاملا وإنما جاء به ناقصا، فيضمن تفاوت العمل. لكن عرفت - فيما سبق - أن الاعمال الذمية لا تكون مضمونة والاجير على عمل إذا لم يأت به تبطل الاجارة، ولا يستحق الاجرة، لا أنه يستحق الاجرة ويكون ضامنا للعمل للمستأجر. نعم في المقام لما لم يأت بالعمل كاملا يكون للمالك الخيار في فسخ المزارعة، فان كان البذر له كان للعامل أجرة مثل العمل، وإن كان البذر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 17 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 17 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 3.

 

===============

 

( 147 )

 

[ عليه تقصيره في العمل على وجه يضر بالزرع، وأنكر الزارع عدم العمل بالشرط أو التقصير فيه، فالقول قوله، لانه مؤتمن في عمله (1). وكذا لو ادعى عليه التقصير في ] للزارع عليه أجرة المثل للارض للمالك، فنقص العمل يستوجب الخيار لا الضمان. (1) لولا ذلك لكان القول قول المالك، لمطابقة قوله للاصل، إذ الاصل عدم فعل الشرط وعدم فعل تمام ما يلزم العامل الذي هو معنى التقصير. لكن القاعدة المذكورة مقدمة على الاصل، فيكون العامل منكرا لموافقة قوله للحجة. والوجه في هذه القاعدة السيرة المستمرة على قبول قول الامين فيما اؤتمن عليه، والموظف لاداء عمل في أداء وظيفته، وفي الجواهر عد من الضروريات قبول اخبار الوكيل في التطهير، وهو في محله. ويظهر ذلك واضحا من مراجعة سيرة المتشرعة في جميع الموارد من هذا القبيل، سواء كان أجيرا على عمل فيخبر عن فعله، أو مأمورا متبرعا في عمل فيخبر عن وقوعة. ولعل من هذا الباب قاعدة: (من ملك شيئا ملك الاقرار به) التي ادعى على صحتها الاجماع كثير من الاعاظم، فان الوكيل إذا أخبر عن الفعل الموكل فيه يقبل خبره، والزوج إذا أخبر عن طلاق زوجته يقبل خبره، والحاكم إذا أخبر عن حكمه بالهلال - مثلا - يقبل خبره، والولي إذا أخبر عن العقد للمولى عليه يقبل خبره... وهكذا. والجامع بين ما نحن فيه وبين القاعدة المذكورة هو أنه إذا كان الفعل وظيفة الانسان فأخبر بوقوعه يقبل، سواء كان الجاعل للوظيفة الشارع المقدس أم غيره من الناس، والاول هو مورد قاعدة: (من ملك...) والثاني مورد قاعدة: قبول خبر المؤتمن على فعل إذا أخبر بفعله.

 

===============

 

( 148 )

 

[ حفظ الحاصل بعد ظهوره (1) وأنكر. الثالثة: لو ادعى أحدهما على الآخر شرطا متعلقا بالزرع وأنكر أصل الاشتراط، فالقول قول المنكر (2). الرابعة: لو ادعى أحدهما على الآخر الغبن في المعاملة فعليه إثباته (3)، وبعده له الفسخ. الخامسة: إذا زارع المتولي للوقف الارض الموقوفة بملاحظة مصلحة البطون إلى مدة لزم ولا تبطل بالموت، وإما إذا زارع البطن المتقدم من الموقوف عليهم الارض الموقوفة ثم مات في الاثناء قبل انقضاء المدة فالظاهر بطلانها من ذلك الحين، لانتقال الارض إلى البطن اللاحق (4). كما أن الامر كذلك في إجارته لها. لكن استشكل فيه المحقق القمي (قده) بأن عقد المزارعة لازمة ولا تنفسخ إلا بالتقايل أو ببعض الوجوه التي ذكروها، ولم يذكروافي تعدادها هذه الصورة مع أنهم ذكروا في الاجارة بطلانها إذا أجر البطن المتقدم ثم ] وعلى هذه القاعدة إذا نازعه منازع كان مدعيا، لمخالفة قوله للحجة على ما عرفت من أن المدعي من يكون قوله مخالفا للحجة، في مقابل المدعى عليه أو المنكر، وهو من يكون قوله موافقا للحجة. (1) لما عرفت. (2) لموافقة قوله لاصالة عدم الاشتراط. (3) لان الغبن مفهوم وجودي مسبوق بالعدم، فدعواه على خلاف أصالة عدمه. (4) كما هو مقتضى الوقف الترتيبي.

 

===============

 

( 149 )

 

[ مات في أثناء المدة، ثم استشعر عدم الفرق بينهما بحسب القاعدة، فالتجأ إلى أن الاجارة أيضا لا تبطل بموت البطن السابق في أثناء المدة وإن كان البطن اللاحق يتلقى الملك من الواقف لا من السابق، وأن ملكية السابق كانت إلى حين موته، بدعوى: أنه إذا أجر مدة لا تزيد على عمره الطبيعي ومقتضى الاستصحاب بقاؤه بمقداره، فكما أنها في الظاهر محكومة بالصحة كذلك عند الشارع وفي الواقع، فبموت السابق ينتقل ما قرره من الاجرة إلى اللاحق (1)، لا الارض بمنفعتها (2)... إلى آخر ما ذكره من النقض والابرام. وفيه ما يخفى (3). ولا ينبغي الاشكال في البطلان بموته في المقامين. ] (1) قال في كتاب المزارعة من كتابه جامع الشتات: " فالالى أن يقال: بعدم بطلان الاجارة في الوقف أيضا إذا مات كل منهما إذا جعل مقدار المدة ما لا يزيد على العمر العادي، اعتمادا على استصحاب البقاء، فيصح عقد الاجارة الذي مقتضاه اللزوم، ويتلقى البطن الثاني وجه الاجارة عن الوقف بواسطة جعل البطن الاول وتصرفه، ويتم الكلام في إطلاقهم في المزارعة وعدم استثنائهم... " (2) لان المنفعة انتقلت إلى المستأجر بالاجارة الصحيحة التي لا تبطل بالموت. (3) إذ لا دليل على ولاية التصرف للبطن الاول على المنفعة الراجعة إلى البطن الثاني. (ودعوى): أن البناء على جواز إجارة البطن الاول في مدة لا تزيد على العمر الطبيعي يقتضي صحتها، فكأن الواقف جعل ولاية التصرف لهم (ممنوعة) إذ لم يثبت الجواز الواقعي، وإنما الثابت

 

===============

 

( 150 )

 

[ السادسة: يجوز مزارعة الكافر، مزارعا كان أو زارعا (1). ] الجواز الظاهري الذي ينتفي بانكشاف الخلاف، ويتعين حينئذ العمل بالواقع، فيحكم بصحة الاجارة في مدة حياة البطن الاول دون ما بعد موته. وأشكل من ذلك ما ذكره في إجارة المالك، فانه بعد كلامه السابق قال: " وظهر من جميع ذلك أن المصحح لاجارة المالك في مدة لا يبقى عمره بها في علم الله تعالى وانتقال العين قبل انتهائها إلى الوارث في نفس الامر إنما هو الاستصحاب، مثل اجارة الوقف بعينها، لا لانه ملكه بعد فوته أيضا كما هو واضح ". إذ فيه: أن المالك يصح تصرفه في ماله بالاجارة مدة يعمل بموته في أثنائها، عملا بقاعدة السلطنة، ولا دخل له بالاستصحاب، إذ لا مجال للاستصحاب مع العلم. وقد حكى هو عن حماعة التصريح: بأنه لا تتقدر مدة إجارة الارض بقدر، وفي التذكرة قال: " يجوز إلى مائة ألف سنة "، وجعله قول علمائنا أجمع، فلما الذي دعى إلى إهمال هذا الاجماع وقاعدة السلطنة والعمل بغيرهما مما لا محصل له؟ ومجرد كون المنفعة للوارث بعد موت المالك لا يقتضي قصور سلطنة المالك، فان الوارث يملك ما تركه الميت، لا ما عاوض عليه وأخرجه عن ملكه بالاجارة. (1) لعموم أدلة الصحة. مضافا في الثاني إلى نصوص خيبر (* 1)، وموثق سماعة (* 2).

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 10 من ابواب بيع الثمار، وباب: 8، 10 من أبواب كتاب المزارعة والمساقاة، وغيرها. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب كتاب المزارعة والسماقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 151 )

 

[ السابعة: في جملة من الاخبار (1) النهي عن جعل ثلث للبذر وثلث للبقر وثلث لصاحب الارض، وأنه لا ينبغي أن يسمي بذرا ولا بقرا، فانما يحرم الكلام. والظاهر كراهته (2) وعن ابن الجنيد وابن البراج حرمته، فالاحوط الترك. الثامنة: بعد تحقق المزارعة على الوجه الشرعي يجوز لاحدهما (3) بعد ظهور الحاصل أن يصالح الآخر عن حصته بمقدار معين من جنسه (4) أو غيره بعد التخمين (5) بحسب المتعارف، بل لا بأس به قبل ظهوره أيضا (6). كما أن الظاهر جواز مصالحة أحدهما مع الآخر عن حصته (7) في هذه القطعة ] (1) تقدمت الاشارة إلى هذه الاخبار في المسألة الثانية عشرة. (2) لان الاخبار المذكورة مهجورة عند الاصحاب، كما تقدم في المسألة الثانية عشرة، وتقدم أنه في الجواهر مال إلى القول بظاهرها وتقدم الاشكال عليه. فراجع. (3) لعمومات صحة الصلح. (4) تقدم في المسألة العشرين أنه لا ربا ولو مع التفاوت، لعدم كونه من المكيل والموزون. (5) أو بدونه. لعموم صحة الصلح، ولا دليل على اعتبار التخمين وما دل على النهي عن الغرر مختص بالبيع. (6) مع العلم بوجوده في المستقبل، أما مع عدمه فلا دليل على صحة الصلح، لعدم ثبوت موضوعه. (7) لعمومات الصحة. وقد تقدم في المسألة العشرين ماله نفع في المقام.

 

===============

 

( 152 )

 

[ من الارض بحصة الآخر في الاخرى، بل الظاهر جواز تقسيمهما بجعل إحدى القطعتين لاحدهما والاخرى للآخر. إذ القدر المسلم لزوم جعل الحصة مشاعة من أول الامر وفي أصل العقد (1). التاسعة: لا يجب في المزارعة على أرض إمكان زرعها من أول الامر (2) وفي السنة الاولى. بل يجوز المزارعة على أرض بائرة لا يمكن زرعها إلا بعد إصلاحها وتعميرها سنة أو أزيد. وعلى هذا إذا كانت ارض موقوفة - وقفا عاما أو خاصا - وصارت بائرة يجوز للمتولي أن يسلمها - إلى شخص بعنوان المزارعة إلى عشر سنين أو أقل أو أزيد - حسب ما تقتضيه المصلحة - على أن يعمرها ويزرعها إلى سنتين مثلا لنفسه (3) ثم يكون الحاصل مشتركا بالاشاعة بحصة معينة. العاشرة: يستحب للزارع - كما في الاخبار - الدعاء عند نثر الحب، بأن يقول: " اللهم قد بذرنا وأنت الزارع واجعله ] (1) فلا ينافي التقسيم بعد ذلك، كما لا ينافيه تقسيم الحاصل بعد بلوغه. (2) عملا بعمومات الصحة بعد عدم وجود مقيد. (3) هذا لادخل له في تفريع جواز المزارعة على أرض الوقف البائرة على ما ذكره من جواز انفصال الزرع عن سنة عقد المزارعة. بل كان الاولى له تركه، لان اختصاص الزرع بالعامل في السنتين الاوليين - مثلا - ينافي وضع المزارعة من لزوم كون الحاصل مشتركا. (ودعوى): أن ما ذكروه في شرط المزارعة من لزوم الاشتراك في الحاصل يراد به اشتراطه في الجملة، بحيث لا ينافي اختصاص أحدهما به في بعض السنين

 

===============

 

( 153 )

 

[ حبا متراكما " (* 1) وفي بعض الاخبار: " إذا أردت أن تزرع زرعا فخذ قبضة من البذر واستقبل القبلة، وقل: (أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) (* 2) ثلاث مرات ثم تقول: " بل الله الزارع، ثلاث مرات، ثم قل: اللهم اجعله حبا مباركا، وارزقنا فيه السلامة. ثم انثر القبضة التي في يدك في القراح " (* 2) وفي خبر آخر: " لما هبط آدم (ع) إلى الارض احتاج إلى الطعام والشراب، فشكى ذلك إلى جبرئيل فقال له جبرئيل: يا آدم كن حراثا، فقال (ع): فعلمني دعاء قال: قل: اللهم اكفني مؤنة الدنيا وكل هول دون الجنة وألبسني العافية حتى تهنئني المعيشة " (* 4). ] (إن صحت) كان اللازم التنبيه عليه في مسألة مستقله، فيقال فيها: إنه لا يشترط في المزارعة أن يكون الزرع مشتركا دائما، بل يكفي أن يكون مشتركا في بعض السنين وإن كان مختصا في بعضها الآخر، فيقول المالك: زارعتك على هذه الارض على أن يكون الزرع مشتركا في السنة الاولى ومختصا بك في الثانية ومختصا بي في الثالثة، لا أن يجعل ذلك من فروع ما حررت له المسألة. مع أن الظاهر عدم تمامية ذلك، فانه خلاف إطلاق الفتاوى والنصوص، مثل صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " لاتقبل الارض بحنطة مسماة، ولك بالنصف و الثلث والربع والخمس لا بأس به. وقال:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من ابواب المزارعة والمساقاة حديث: 3. (* 2) الواقعة: 63. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب المزارعة والمساقاة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 5 من ابواب المزارعة والمساقاة حديث: 1.

 

===============

 

( 154 )

 

لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس " (* 1). نعم يمكن البناء على صحته لا بعنوان المزارعة، بل بعنوان عقد آخر غيرها، على ما عرفت من الاخذ بعموم صحة العقود وان لم تكن متعارفة بل الظاهر أنه متعارف عند أهل الزراعة، لكنه ليس من الكتب المحررة في كتب الفقهاء.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب كتاب المزارعة والمساقاة حديث: 3.