فصل في أحكام الاوقات

فصل في أحكام الاوقات (مسألة 1): لا يجوز الصلاة قبل دخول الوقت، فلو صلى بطلت (4) ] (1) كما يقتضيه التعبير عنه بالاستواء في رواية المناهي (* 1)، وعبر عنه في رواية الجعفري بإنتصاف النهار، وبقرينة قوله (عليه السلام): " فإذا زالت.. " لا يراد منه إنتصاف ما بين الطلوع والغروب، فلا يبعد أن يكون المراد نصف ما بين الفجر والغروب. (2) المعبر عنه بالاصفرار والاحمرار في روايات صلاة الطواف (* 2) (3) كما صرح به في الجواهر وحكاه عن بعض، لان المنساق من الادلة كراهة الشروع في النافلة في هذه الاوقات. وفيه: أن متقضى الاطلاق ولا سيما بملاحظة التعليل في بعضها كراهة صرف وجود الصلاة فيها لا مجرد الشروع. نعم قد يزاحم ذلك كراهة قطع النافلة. فتأمل جيدا فصل في أحكام الاوقات (4) بلا خلاف ولا إشكال، ويقتضيه مضافا إلى ما دل على إعتبار

____________
(* 1) تقدم ذكرها في صفحة: 145. (* 2) الوسائل باب: 76 من أبواب الطواف حديث: 7 و 8.

===============

( 149 )

[ وإن كان جزء منها قبل الوقت. ويجب العلم بدخوله حين الشروع فيها (1) ولا يكفي الظن (2) ] الوقت رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام): " من صلى في غير وقت فلا صلاة له " (* 1)، وحديث: " لا تعاد الصلاة إلا من خمسة " (* 2) التي هو أحدها. وإطلاق الجميع يقتضي عدم الفرق بين الكل والجزء. (1) لقاعدة الاشتغال العقلية الموجبة لتحصيل العلم بالفراغ. مضافا إلى رواية عبد الله بن عجلان: " قال ابو جعفر (ع): إذا كنت شاكا في الزوال فصل ركعتين فإذا أستيقنت أنها قد زالت بدأت الفريضة " (* 3) وما في رواية علي بن مهزيار عن أبي جعفر (عليه السلام) الواردة في الفجر: " فلا تصل في سفر ولا حضر حتى تتبينه.. " (* 4)، ورواية علي إبن جعفر (عليه السلام) عن أخيه موسى (عليه السلام): " في الرجل يسمع الاذان فيصلي الفجر ولا يدري طلع أم لا غير أنه يظن لمكان الاذان أنه قد طلع. قال (عليه السلام): لا يجزؤه حتى يعلم أنه قد طلع " (* 5). (2) كما هو المشهور شهرة عظيمة، بل عن مجمع الفائدة والمفاتيح وكشف اللثام: الاجماع عليه. ويقتضيه ما تقدم من القاعدة والنصوص. نعم حكي عن ظاهر الشيخين في المقنعة والنهاية: الاكتفاء به. ومحكي عبارة الاولى غير ظاهر قطعا، ومحكي عبارة الثانية لا يبعد فيه ذلك. نعم عن الحدائق إختياره للصحيح عن إسماعيل بن رباح عن أبي عبد الله (عليه السلام):

____________
الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت حديث: 7 و 10. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب الوضوء حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 58 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 58 من أبواب المواقيت حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 58 من أبواب المواقيت حديث: 4.

===============

( 150 )

[ لغير ذوي الاعذار. نعم يجوز الاعتماد على شهادة العدلين على الاقوى (1) ] " إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك " (* 1)، وللاخبار المستفيضة الدالة على جواز الاعتماد على أذان المؤذنين وإن كانوا من المخالفين (* 2)، إذ غاية ما يفيده الاذان هو الظن، وإن تفاوت شدة وضعفا بإعتبار إختلاف المؤذنين وما هم عليه من زيادة الوثاقة والضبط في معرفة الاوقات وعدمه. وفيه: أن الرؤية في الصحيح غير ظاهرة في الظن، ولو سلم فلا إطلاق لها، لورود الكلام مورد بيان حكم آخر، ولو سلم فهو مقيد بالظن الخاص جمعا بينه وبين ما تقدم مما دل على إعتبار العلم. أللهم إلا أن يدعى أنه حاكم عليه فيقدم ويؤخذ بإطلاقه، لكنه لا يتم بالاضافة إلى خبر إبن جعفر (عليه السلام) وأما أخبار الاذان فلو وجب العمل بها لم يمكن أن يستفاد منها جواز العمل بالظن مطلقا. (1) كما عن جماعة، بل عن الذخيرة: عليه الاكثر، وكأنه لما عن الاكثر من عموم حجية البينة في الموضوعات الذي يمكن إستفادته من النصوص الخاصة الدالة على حجيتها في موارد كثيرة جدا. مضافا إلى رواية مسعدة بن صدقة (* 3) التي قد تقدم في المياه تقريب إستفادة عموم الحجية منها (* 4). فراجع. وإلى ما دل على حجية خبر الثقة حتى في الموضوعات من

____________
(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 2) راجع الوسائل باب: 3 من أبواب الأذان. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب ما يكتسب به حديث: 4. (* 4) راجع مسألة: 6 في ذيل ماء البئر في الجزء الأول.

===============

( 151 )

[ وكذا على أذان العارف (1) ] بناء العقلاء. نعم لو تم الاستدلال على العموم برواية مسعدة كان بمقتضى الاستثناء الموجب للحصر رادعا عن البناء المذكور، كما تقدمت الاشارة إلى ذلك في المباحث السابقة. وعليه فحجية البينة لا بد من الالتزام بها إما لرواية مسعدة أو لبناء العقلاء. نعم على الثاني لا تكون خصوصيه للبينة بما هي بل بما أنها خبر ثقة. (1) قال في المعتبر: " لو سمع الاذان من ثقة يعلم منه الاستظهار قلده لقوله (عليه السلام): (المؤذن مؤتمن) (* 1)، ولان الاذان مشروع للاعلام بالوقت فلو لم يجز تقليده لما حصل الغرض به ". وعن الذخيرة: الميل إليه. ويشهد له صحيح ذريح المحاربي قال: " قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): صلى الجمعة بأذان هؤلاء فإنهم أشد شئ مواظبة على الوقت " (* 2) وصحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: " فقال النبي (صلى الله عليه وآله) إن إبن أم مكتوم يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا وأشربوا حتى تسمعوا أذان بلال " (* 3)، فإنه وإن كان واردا في الصوم إلا أن الظاهر منه أن أذان (بلال) حجة على دخول الوقت مطلقا، ولا سيما بملاحظه أنه وارد في مقام الردع عن أذان إبن مكتوم. ونحوه غيره وصحيح حماد بن عثمان عن محمد بن خالد القسري: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أخاف أن نصلي يوم الجمعة قبل أن تزول الشمس. فقال (عليه السلام): إنما ذلك على المؤذنين " (* 4)، وخبر سعيد الاعرج المحكي عن تفسير العياشي:

____________
(* 1) أشتملت عليه رواية الهاشمي الآتية في نفس هذه التعليقة. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب الأذان حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب الأذان حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب الأذان حديث: 3.

===============

( 152 )

" دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وهو مغضب وعنده جماعة من أصحابنا وهو يقول: يصلون قبل أن تزول الشمس، قال: وهم سكوت. قال: فقلت: أصلحك الله ما نصلي حتى يؤذن مؤذن مكة قال (عليه السلام): فلا بأس، أما إنه إذا أذن فقد زالت الشمس " (* 1)، ورواية الهاشمي عن علي (عليه السلام): " المؤذن مؤتمن والامام ضامن " (* 2)، ومرسل الفقيه في المؤذنين: " إنهم الامناء " (* 3)، ورواية عبد الله بن علي عن بلال في حديث -: " سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم لا يسألون الله عزوجل شيئا إلا أعطاهم.. " (* 4) ودلالتها على حجية أذان المواظب على الوقت مما لا ينبغي إنكاره. وإطلاق بعضها محمول عليه جمعا بينه وبين رواية إبن جعفر المتقدمة في مسألة إعتبار العلم (* 5). والظاهر من التعليل بالمواظبة على الوقت هو الموثوق به في معرفة الوقت، وكون أذانه فيه لا قبله. والخدش في النصوص من جهة إعراض المشهور عنها لا يهم، لامكان كون المنشأ فيه بناءهم على معارضتها برواية إبن جعفر (عليه السلام) المتقدمة المعتضدة بما دل على إعتبار العلم مما تقدمت الاشارة إليه الموجب لحملها على التقية أو على صورة العذر، أو على صورة حصول العلم. وقد عرفت أن الجمع العرفي يقتضي ما ذكرنا من إعتبار أذان الثقة ولا تنتهي النوبة إلى ما ذكر. وأما خبر علي بن جعفر (عليه السلام) عن أخيه: " عن رجل صل الفجر

____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب الأذان حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب الأذان حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب الأذان حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب الأذان حديث: 7. (* 5) راجع أول هذا الفصل.

===============

( 153 )

[ العدل (1). وأما كفاية شهادة العدل الواحد فمحل إشكال (2) ] في يوم غيم أو بيت وأذن المؤذن وقعد وأطال الجلوس حتى شك فلم يدر هل طلع الفجر أم لا؟ فظن أن المؤذن لا يؤذن حتى يطلع الفجر قال (عليه السلام): أجزأه أذانهم " (* 1) فلا يبعد ظهوره في حصول اليقين بدخول الوقت من الاذان وطروء الشك بعد الشك، فلا يكون مما نحن فيه من الاعتماد على الاذان، وإلا كان مورد روايته السابقة. (1) لم يظهر وجه لاعتبار العداله لاطلاق النصوص المتقدمة، بل ظاهر صحيح المحاربي العدم، لان الظاهر أن المراد من " هؤلاء " المخالفون. وفي الجواهر: " إن المصنف (ره) وصاحب الذخيرة يريدان من الثقة الموثوق به لا العدل الشرعي لعدم المصنف (ره) وصاحب الذخيرة يريدان من الثقة الموثوق به لا العدل الشرعي لعدم نصبه للاذان في تلك الازمان غالبا فتأمل " نعم في موثق عمار: " عن الاذان هل يجوز أن يكون من غير عارف؟ قال عليه السلام: لا يستقيم الاذان ولا يجوز أن يؤذن به إلا رجل مسلم عارف فإن علم الاذان وأذن به ولم يكن عارفا لم يجزئ أذانه ولا إقامته ولا يقتدى به " (* 2). لكن الظاهر من العارف المؤمن لا خصوص العادل. ولو سلم فمن المحتمل أن يكون المراد بعدم إجزاء أذانه عدم الاكتفاء به في سقوط الاذان، لا عدم الاعتماد عليه. (2) للاشكال في تمامية دلالة آية النبأ وغيرها على عموم حجية خبر العادل. نعم قد عرفت الاشارة إلى إستقرار سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة، فلا بأس بالبناء عليه، إلا أن يتم الاستدلال على عموم حجية البينة برواية مسعدة فتكون رادعة عنه.

____________
(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب ألاذأن حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب الأذان حديث: 1.

===============

( 154 )

[ وإذا صلى مع عدم اليقين بدخوله، ولا شهادة العدلين، أو أذان العدل بطلت (1)، إلا إذا تبين بعد ذلك كونها بتمامها في الوقت مع فرض حصول قصد القربة منه. (مسألة 2): إذا كان غافلا عن وجوب تحصيل اليقين أو ما بحكمه فصلى ثم تبين وقوعها في الوقت بتمامها صحت (2) كما أنه لو تبين وقوعها قبل الوقت بتمامها بطلت. وكذا لو لم تتبين الحال (3). وأما لو تبين دخول الوقت في أثنائها ففي الصحة إشكال (4)، فلا يترك الاحتياط بالاعادة. ] وأما دعوى إستفاده حجية خبر الثقة من أخبار الاذان، لان الاذان خبر فعلي، والخبر القولي أولى بالحجية منه. فهي وإن كنا قد بنينا عليها في شرح التبصرة، لكن في النفس منها شي، لان الاذان عبادة مبنية على الاعلان غالبا، ويتحقق الاستظهار فيه بنحو لا يحصل في الاخبار بالوقت. (1) يعنى: ظاهرا، لقاعدة الاشتغال، أو إستصحاب عدم دخول الوقت. وهو المراد من النصوص المتقدمه المتضمنة لاعتبار العلم، جمعا بينها وبين ما دل على كون شرط الصلاة واقعا هو الوقت لا غير. (2) لمطابقتها للواقع. وقد عرفت أن العلم بالوقت ليس شرطا لها واقعا شرعا بل ظاهرا عقلا. (3) لكن البطلان هنا ظاهري عقلي لا واقعي كما في الصورة السابقة. (4) ينشأ من أن مقتضى إعتبار الوقت في تمام أجزاء الصلاة هو البطلان، وليس ما يوجب الخروج عنها إلا رواية إبن رباح، والموضوع فيها من يرى أنه في وقت، وهو غير حاصل، إذ المفروض كون الصلاة في حال عدم اليقين بالوقت، غاية الامر أنه صلى غافلا عن وجوب تحصيل

===============

( 155 )

[ (مسألة 3): إذا تيقن دخول الوقت فصلى أو عمل بالظن المعتبر كشهادة العدلين وأذان العدل العارف، فإن تبين وقوع الصلاة بتمامها قبل الوقت بطلت (1) ووجب الاعادة. وإن تبين دخول الوقت في أثنائها ولو قبل السلام صحت (2) ] اليقين " فإذا لم يدخل الفرض في الرواية بقي داخلا تحت القاعدة الموجبة للبطلان. ومن إحتمال كون المراد من قوله (عليه السلام): " وأنت ترى.. " مجرد الاتيان بالصلاة بقصد الامتثال وتفريغ الذمة، ولو لاجل الغفلة عن وجوب تحصيل اليقين، بلا خصوصية لرؤية أنه في وقت، لكن الاحتمال المذكور خلاف الظاهر، فلا مجال للاعتماد عليه. (1) إجماعا محصلا ومنقولا، كما في الجواهر. ويقتضيه مضافا إلى ما دل على إعتبار الوقت، وحديث: " لا تعاد " (* 1) صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " في رجل صلى الغداة بليل غره من ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس فأخبر أنه صلى بليل. قال (عليه السلام): يعيد صلاته " (* 2)، وصحيحه الآخر: " قال أبو جعفر (عليه السلام): وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيت بعد ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك " (* 3). ومن ذلك يظهر أنه لا مجال في المقام للاعتماد على قاعدة الاجزاء في الامتثال الظاهري لو تمت في نفسها. مع أنها في نفسها غير تامة. (2) على الاشهر بل المشهور كما في الجواهر، لصحيح إبن أبي عمير عن إسماعيل بن رباح المتقدم: " إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت

____________
(* 1) تقدم ذكره أول هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 59 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب المواقيت حديث: 17.

===============

( 156 )

[ وأما إذا عمل بالظن غير المعتبر فلا تصح وإن دخل الوقت في أثنائها. وكذا إذا كان غافلا على الاحوط، كما مر (1). ولا فرق في الصحة في الصورة الاولى بين أن يتبين دخول الوقت في الاثناء بعد الفراغ أو في الاثناء (2)، لكن بشرط أن يكون الوقت داخلا حين التبين. وأما إذا تبين أن ] ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك " (* 1). وعن المترضى، والاسكافي، والعماني، والعلامة في أول كلامه في المختلف، وإبن فهد في موجزه، والصيمري في كشفه، والاردبيلي، وتلميذه وغيرهم: البطلان، بل عن المرتضى: نسبته إلى محققي أصحابنا ومحصليهم للقاعدة المتقدمة، وضعف النص، لجهالة إسماعيل. وفيه: أن عمل الاصحاب وكون الراوي عن إسماعيل إبن أبي عمير الذي قيل: " إنه لا يروي إلا عن ثقة "، وكون الخبر مرويا في الكتب الثلاثة، وفي بعض أسانيده أحمد بن محمد بن عيسى المعروف بكثرة التثبت، وجميع أسانيده مشتملة على الاعيان والاجلاء، كاف في إدخال الخبر تحت القسم المعتبر. وظاهر قوله (عليه السلام) " وأنت ترى " وإن كان هو العلم، إلا أن دليل حجية الظن وتنزيله منزلة العلم يوجب إلحاقه به حكما، كما في سائر أحكام العلم الموضوع على نحو الطريقية حسبما حرر في محله. أما الظن غير المعتبر فحيث لا دليل على تنزيله منزلة العلم لا وجه لالحاقه بالعلم في الحكم المذكور. (1) ومر وجهه. (2) لاطلاق النص الشامل للصورتين. * (4 هامش) * (* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب المواقيت حديث: 1. وقد تقدم ذكره في المسألة الأولى من هذا الفصل.

===============

( 157 )

[ الوقت سيدخل قبل تمام الصلاة فلا ينفع شيئا (1). (مسألة 4): إذا لم يتمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه لمانع في السماء من غيم أو غبار، أو لمانع في نفسه من عمى أو حبس أو نحو ذلك، فلا يبعد كفاية الظن (2). لكن الاحوط التأخير حتى يحصل اليقين، بل لا يترك هذا الاحتياط. ] (1) إذ في الفرض المذكور يكون بعض الصلاة واقعا منه ولا يرى أنه في وقت، وظاهر النص كون موضوع الحكم خصوص ما إذا كانت الصلاة بقصد الامتثال لاعتقاد كونها في الوقت. (2) كما هو المشهور، بل في المدارك وعن غيرها: " قيل: إنه إجماع " بل عن التنقيح: أنه إجماع. وأستدل له بالاصل الذي لا أصل له وبنفي الحرج الذي لا مجال له في المقام، لامكان الصبر إلى أن يعلم الوقت كما هو محل الكلام. وبتعذر اليقين الذي لا يوجب الانتقال إلى الظن إلا بعد تمامية مقدمات الانسداد، لكنها غير تامة، لان الشك في الوقت يوجب الشك في أصل التكليف بناء على أنه شرط الوجوب، ومن جملة المقدمات أن يكون التكليف معلوما. ولو كان شرطا للواجب فألاحتياط ممكن بالصبر والانتظار، ومن جملة المقدمات عدم التمكن من الاحتياط. وبالاجماع المحكي عن التنقيح الممنوع حصوله لتحقق الخلاف. وبقبح التكليف بما لا يطاق الذي لا موضوع له في المقام، لما سبق من الشك في التكليف وإمكان الاحتياط. وبنصوص الاذان المتقدمة التي لا طريق للتعدي عن موردها. وبالمرسل في بعض الكتب: " المرء متعبد بظنه " الذي لا دليل على حجيته، ولا سيما مع عدم العمل به في أكثر موارده، وكون لسانه شاهدا بأنه عبارة فقيه لا معصوم. وبنصوص الديكة التي لو وجب العمل

===============

( 158 )

بها كانت كنصوص الاذان يقتصر على موردها. مع أن إعتبار إرتفاع أصواتها وتجاوبها أو الصياح ثلاثة أصوات ولاء يأبى عن إستفادة الكلية المذكورة منها، لظهورها في الطريقية التعبدية. وبموثق سماعة: " سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم تر الشمس ولا القمر ولا النجوم. فقال عليه السلام: تجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك " (* 1) الظاهر في وروده في القبلة كما قد يظهر من السؤال أيضا، لا أقل من عدم ظهوره في المقام وبخبر إسماعيل بن جابر عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث -: " إن الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها دليلا على أوقات الصلاة فموسع عليهم تأخير الصلاة لتبين لهم الوقت.. " (* 2) الذي هو مع ضعفه لجهالة سنده غير ظاهر في حجية الظن، وقوله (عليه السلام): " فموسع عليهم.. " لو سلمت دلالته على جواز التقديم وليس هو حثا على التأخير، فلا إطلاق له يدل على جواز العمل بالظن. وبموثق إبن بكير: " ربما صليت الظهر في يوم غيم فأنجلت فوجدتني صليت حين زوال النهار. فقال (عليه السلام): لا تعد ولا تعد " (* 3) الذي هو على خلاف المطلوب أدل، فإن النهي عن العود إن كان يدل على أن إبن بكير كان قد عمل بالظن يدل على عدم جواز ذلك منه لا جوازه وأما نفي الاعاده فهو لوقوعها في الوقت. نعم يدل على الاكتفاء بالموافقة الظنية مع المطابقة للواقع وإن أمكنت الموافقة الجزمية. وبصحيح زرارة: " قال أبو جعفر (عليه السلام): وقت المغرب إذا غاب القرص فإن رأيته بعد

____________
(* 1) الوسائل باب: 6 من أبواب القبلة: حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 58 من أبواب المواقيت حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب الموقيت حديث: 16.

===============

( 159 )

[ (مسألة 5): إذا اعتقد دخول الوقت فشرع، وفي أثناء الصلاة تبدل يقينه بالشك لا يكفي في الحكم بالصحة (1) ] ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك " (* 1)، الذي لا يظهر منه كون الصلاة كان بظن الغياب إلا من جهة بعد الخطأ مع العلم به، وهو كما ترى. ولو سلم فهو غير ظاهر في جواز العمل. وبخبر الكناني: " عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء علة فأفطر ثم إن السحاب إنجلى فإذا الشمس لم تغب. قال (عليه السلام): قد تم صومه ولا يقضيه " (* 2) الذي مع أن الاستدلال به مبني على عدم الفصل بين الصوم والصلاة وهو غير ظاهر، للاتفاق على حجية الظن في الاول والاختلاف في الثاني لا إطلاق له يشمل كل ظن، لجواز أن يكون المراد من الظن فيه ظنا خاصا تثبت حجيته عند السائل، بشهادة ترتب الافطار عليه بقرينة فاء الترتيب الظاهر في الترتيب الطبيعي لا الزماني. فلاحظ. وبخبر القروي الحاكي عن الامام موسى بن جعفر (عليه السلام): " أنه كان في حبس الفضل بن الربيع يقوم للصلاة إذا أخبره الغلام بالوقت " (* 3) الذي فيه مع ضعف السند أنه لم يعلم كون الحاصل من قول الغلام هو الظن، كما لا يظهر منه (عليه السلام) أنه كان عاجزا عن العلم بالوقت، بل الظاهر خلافه، لانه كان تحت السماء في صحن السجن. (1) لعدم الدليل على كفاية الاعتقاد الزائل بالشك.

____________
(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب المواقيت حديث: 17. (* 2) الوسائل باب: 51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 59 من أبواب المواقيت حديث: 2.

===============

( 160 )

[ إلا إذا كان حين الشك عالما بدخول الوقت (1)، إذ لا أقل من أنه يدخل تحت المسألة المتقدمة من الصحة مع دخول الوقت في الاثناء (2). (مسألة 6): إذا شك بعد الدخول في الصلاة في أنه راعى الوقت وأحرز دخوله أم لا؟ فإن كان حين شكه عالما بالدخول فلا يبعد الحكم بالصحة (3) وإلا وجبت الاعادة بعد الاحراز (4). ] (1) يعني: بكونه في الوقت. أما لو كان عالما بأنه يكون في الوقت قبل الفراغ فالظاهر البطلان كما تبين في آخر المسألة الثالثة. (2) إذ هنا يحتمل دخول الوقت حين الشروع، وهناك يعلم بعدمه حينه. (3) لقاعدة الصحة التي إستقر عليها بناء العقلاء في كل ما يحتمل فيه الصحة والفساد، عبادة كان أو معاملة، بعضا كان أو كلا، مضافا إلى دخوله تحت قوله (عليه السلام) في رواية إبن مسلم: " كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فأمضه ولا إعادة عليك فيه " (* 1) بناء على عمومه للبعض والكل، كما هو الظاهر. (4) لقاعدة الاشتغال الموجبة لتحصيل اليقين بالامتثال. نعم له المضي على الشك برجاء دخول الوقت، وبعد الفراغ لا تجب الاعادة إن أحرز دخوله ولو في أثناء الصلاة قبل حدوث الشك، وتجب إن لم يحرز ذلك. نظيره ما لو شك في الوقت قبل الشروع في الصلاه فشرع فيها برجاء دخوله، وبعد الفراغ تبين دخوله، فإنه لا حاجة إلى الاعادة.

____________
(* 1) الوسائل باب: 42 من أبواب الوضوء حديث 6.

===============

( 161 )

[ (مسألة 7): إذا شك بعد الفراغ من الصلاة في أنها وقعت في الوقت أو لا، فإن علم عدم الالتفات إلى الوقت حين الشروع وجبت الاعادة (1)، وإن علم أنه كان ملتفتا ومراعيا له ومع ذلك شك في أنه كان داخلا أم لا بنى على الصحة (2). وكذا إن كان شاكا في أنه كان ملتفتا أم لا. هذا كله إذا كان حين الشك عالما بالدخول وإلا لا يحكم بالصحة مطلقا، ولا تجري قاعدة الفراغ، لانه لا يجوز له حين الشك الشروع في الصلاة (3) فكيف يحكم بصحة ما مضى مع هذه الحالة؟ ] (1) لقاعدة الاشتغال، ولا تجري قاعدة الصحة أو قاعدة الفراغ، لعدم جريانها مع إحراز الغفلة وعدم الالتفات. لكن عرفت في الوضوء الاشكال في ذلك (* 1) وإمكان دعوى عموم الدليل لصورة الغفلة. ولخصوص حسن الحسين بن أبي العلاء (* 2). (2) لقاعدة الفراغ. وكذا في الفرض الآتي لعموم دليلها له أيضا. (3) هذا غير كاف في المنع عن القاعدة بعد عموم دليلها، كما لو شك في الطهارة بعد الفراغ من الصلاة، فإنه يبني على صحة الصلاة ولا يجوز له الدخول في صلاة أخرى. نعم هنا شئ وهو أنه بناء على كون الوقت شرطا للوجوب لا للوجود

____________
(* 1) تقدم في المسألة الخمسين من فصل شرائط الوضوء وتعرض له مفصلا في المسألة الحادية عشرة من فصل الماء المشكوك. (* 2) الوسائل باب: 41 من أبواب الوضوء حديث: 2.

===============

( 162 )

[ (مسألة 8): يجب الترتيب بين الظهرين (1) بتقديم الظهر، وبين العشائين بتقديم المغرب، فلو عكس عمدا بطل. وكذا لو كان جاهلا بالحكم (2). وأما لو شرع في الثانية قبل الاولى غافلا أو معتقدا لاتيانها، عدل بعد التذكر إن كان محل العدول باقيا، وإن كان في الوقت المختص بالاولى على الاقوى كما مر (3)، لكن الاحوط الاعادة في هذه الصورة. وإن تذكر بعد الفراغ صح وبنى على أنها الاولى في متساوي ] يمكن أن يستشكل في جريان قاعدة الفراغ، لاختصاص دليلها بالشك في تمامية الوجود في ظرف الفراغ عن تعلق الامر به، وكونه في عهدة المكلف فلا تشمل صورة ما لو كان الشك في الصحة من جهة تعلق الامر به، وكونه موضوعا للغرض مع إحراز تماميته في نفسه، لكن لو تم لم تجر القاعدة في جميع الفروض المذكورة في هذه المسألة. فلاحظ. (1) تقدم الكلام فيه في المسألة الثالثة من فصل الاوقات فراجع. (2) هذا مبني على إلحاق الجاهل الحكم بالعامد في عدم شمول حديث: " لا تعاد " (* 1) كما هو ظاهر المشهور، إذ حينئذ لا بد من البناء على البطلان فيه، لعموم ما دل على إعتبار الترتيب، لكن في المبنى المذكور إشكال، لعموم الحديث، وتخصيصه بالناسي مما لا قرينة عليه، كما أشرنا إلى ذلك في مبحث الخلل. نعم يختص بمقتضى الانصراف بمن صلى بانيا على صحة صلاته وأنه في مقام الامتثال. فلا يشمل العامد ولا المتردد سواء أكان تردده للجهل بالحكم أم الموضوع. (3) في المسألة الثالثة من فصل أوقات اليومية، وقد مر الاشكال فيه.

===============

( 163 )

[ العدد كالظهرين تماما أو قصرا وإن كان في الوقت المختص على الاقوى، وقد مر أن الاحوط أن يأتي بأربع ركعات أو ركعتين بقصد ما في الذمة. وأما في غير التساوي كما إذا أتي بالعشاء قبل المغرب وتذكر بعد الفراغ فيحكم بالصحة ويأتي بالاولى، وإن وقع العشاء في الوقت المختص بالمغرب (1) لكن الاحوط في هذه الصورة الاعادة. (مسألة 9): إذا ترك المغرب ودخل في العشاء غفلة أو نسيانا أو معتقدا لاتيانها فتذكر في الاثناء عدل، إلا إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة (2)، ] وكذا ما بعده. (1) لا بأس بهذا التعميم هنا، لدخول الوقت قبل الفراغ، فتصح معه الصلاة. (2) أما جواز العدول قبل الركوع وإن قام إلى الرابعة وجاء بالتسبيح الواجب فنسبه في الجواهر إلى ظاهرهم. والعمدة فيه إطلاق خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نسي صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى. فقال (عليه السلام): إذا نسي الصلاة أو نام عنها صلى حين يذكرها، فإن ذكرها وهو في الصلاة بدأ بالتي نسي وإن ذكرها مع إمام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى المغرب.. " (* 1) بناء على ظهور قوله (عليه السلام): " بدأ.. " في العدول. وإطلاقه شامل لصورتي تجاوز القدر المشترك وعدمه كإطلاق، قوله (عليه السلام): " أتمها بركعة " الشامل لصورة كونه في التشهد.

____________
(* 1) الوسائل باب: 63 من أبواب المواقيت حديث: 2.

===============

( 164 )

[ فإن الاحوط حينئذ إتمامها عشاء ثم إعادتها بعد الاتيان بالمغرب (1). (مسألة 10): يجوز العدول في قضاء الفوائت أيضا من اللاحقة إلى السابقة (2) بشرط أن يكون فوت المعدول ] نعم قد يمنع من العمل به ضعف سنده، أو ظهور الفقرة الاولى بقرينة السؤال في إرادة وقت الصلاة لا فيها نفسها. وفيه: أن المعلى إبن محمد بن معتبر الحديث. والفقرة الاولى ظاهرة في إرادة نفس الصلاة. والسؤال لا يصلح قرينة كما يظهر من ملاحظة الفقرة الثانية. مع أن فيها كفاية في إثبات المطلوب. وظاهر الحديث العدول بتمام ما هو موضوع المعدول إليه فلا عدول بالزيادة، بل تبقى زيادة غير قادحة. وبذلك يندفع الاشكال بأنه إن أريد منه العدول بتمام المأتي به حتى الزيادة فهو مما لا يلتزم به، وإن أريد العدول ببعض ما أتي به، لزم أيضا ما لا يمكن الالتزام به، فلا بد أن يكون المراد العدول بتمام المأتي به في ظرف الامكان، فيختص بصورة عدم تجاوز القدر المشترك، إذ مع التجاوز لا يمكن العدول بالجميع. فلاحظ. (1) وقد تقدم منه في المسألة الثالثة من فصل أوقات اليومية الجزم بالبطلان في الفرض، وتقدم وجهه وضعفه، وأن الاوجه صحتها عشاء لحديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1). يمكن القول بجواز العدول أيضا، لان الركوع حين ما وقع وقع صحيحا للاتيان به بقصد العشاء، وبالعدول لا دليل على قدح مثله. والاجماع لو تم إنما قام على قدح زيادة الركوع بقصد الصلاة الخارج هو عنها لا مطلقا. (2) بلا خلاف أجده فيه كما في الجواهر، بل عن حاشية الارشاد

____________
(* 1) تقدمت الاشارة إلى موضوعه في أول هذا الفصل.

===============

( 165 )

[ عنه معلوما. وأما إذا كان إحتياطيا فلا يكفي العدول في البراءة من السابقة وإن كانت إحتياطية أيضا، لاحتمال إشتغال الذمة واقعا بالسابقة دون اللاحقة، فلم يتحقق العدول من صلاة إلى أخرى. وكذا الكلام في العدول من حاضرة إلى سابقتها فإن اللازم أن لا يكون الاتيان باللاحقة من باب الاحتياط، وإلا لم يحصل اليقين بالبراءة من السابقة بالعدول، لما مر. (مسألة 11): لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة (1) في الحواضر ولا في الفوائت، ولا يجوز من الفائتة إلى الحاضرة. وكذا من النافلة إلى الفريضة ولا من الفريضة إلى النافلة، إلا في مسألة إدراك الجماعة (2). وكذا من فريضة ] للمحقق الثاني: الاجماع عليه. والنصوص غير وافية به، وإنما تضمنت العدول من الحاضرة إلى الحاضرة أو إلى الفائتة. نعم ربما أستفيد المقام بالاولوية، أو بإلغاء خصوصية موردها، أو لان القضاء عين الاداء فيجري عليه حكمه. ولكن الجميع غير ظاهر، ولا سيما الاخير، فإن إطلاق دليل القضاء إنما يقتضي مماثلته للاداء موضوعا لا حكما، فيجوز أن يكون الشئ الواحد بإختلاف كونه في الوقت وفي خارجه مختلف الحكم. فالعمدة فيه ظهور الاجماع عليه المؤيد بما ذكر، فأفهم. (1) لما عرفت من أنه خلاف الاصل، ولا دليل عليه في الموارد المذكورة لما تقدم من إختصاص نصوصه بالعدول من الحاضرة إلى السابقة الموارد المذكورة لما تقدم من إختصاص نصوصه بالعدول من الحاضرة إلى السابقة الحاضرة أو الفائتة لا غير. والتعدي منهما إلى هذه الموارد المذكورة في المتن يحتاج إلى إلغاء خصوصيتهما عرفا، وهو غير ثابت. (2) ففي صحيح سليمان بن خالد قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام)

===============

( 166 )

[ إلى أخرى إذا لم يكن بينهما ترتيب. ويجوز من الحاضرة إلى الفائتة (1)، بل يستحب في سعه وقت الحاضرة. (مسألة 12): إذا أعتقد في أثناء العصر أنه ترك الظهر فعدل إليها ثم تبين أنه كان آتيا بها فالظاهر جواز العدول منها إلى العصر ثانيا، لكن لا يخلو عن إشكال (2)، فالاحوط بعد الاتمام الاعادة أيضا. ] عن رجل دخل المسجد فأفتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلي إذ أذن المؤذن وأقام الصلاة. قال (عليه السلام): فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام وليكن الركعتان تطوعا " (* 1) ونحوه موثق سماعة (* 2). (1) بلا خلاف، لخبر عبد الرحمن المتقدم (* 3) وصحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) (* 4). (2) أما إذا تبين له ذلك قبل الاتيان ببعض الافعال بقصد الظهر: فلا ينبغي الاشكال في الصحة، إذ لا دليل على قدح هذه النية المحضة في بطلان العصر وعدم إمكان إتمامها. وأما إذا تبين ذلك بعد الاتيان ببعض الافعال بقصد الظهر: فلا ينبغي الاشكال في الفساد، بناء على ما عرفت من عدم إمكان التعدي عن مورد نصوص العدول إلى غيره. إلا أن يقال بعد بطلان العدول إلى الاولى لم يكن ما يوجب القدح في الصلاة المعدول عنها إلا وقوع بعض الاجزاء بنية الاولى فيها، وفي بطلان الصلاة بذلك إذا وقع سهوا إشكال كما يأتي في مبحث القواطع.

____________
(* 1) الوسائل باب: 56 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 56 من أبواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 63 من أبواب المواقيت حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 63 من أبواب المواقيت حديث: 1.

===============

( 167 )

[ (مسألة 13): المراد بالعدول، أن ينوي كون ما بيده هي الصلاة السابقة بالنسبة إلى ما مضى منها وما سيأتي (1). (مسألة 14): إذا مضى من أول الوقت مقدار أداء الصلاة بحسب حاله في ذلك الوقت من السفر والحضر، والتيمم والوضوء، والمرض والصحة، ونحو ذلك، ثم حصل أحد الاعذار المانعة من التكليف بالصلاة كالجنون، والحيض والاغماء وجب عليه القضاء، وإلا لم يجب. وإن علم بحدوث العذر قبله وكان له هذا المقدار وجبت المبادرة إلى الصلاة. وعلى ما ذكرنا فإن كان تمام المقدمات حاصلة في أول الوقت يكفي مضي مقدار أربع ركعات للظهر، وثمانية للظهرين، وفي السفر يكفي مضي مقدار ركعتين للظهر وأربعة للظهرين، وهكذا بالنسبة إلى المغرب والعشاء. وإن لم تكن المقدمات أو بعضها حاصلة لا بد من مضي مقدار الصلاة وتحصيل تلك المقدمات (2). وذهب بعضهم إلى كفاية مضي مقدار الطهارة ] (1) كما هو الظاهر من قوله (عليه السلام) في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: " فانوها الاولى " وقوله (عليه السلام): " فانوها العصر " وقوله عليه السلام: " فانوها المغرب "، وقوله (عليه السلام): " فانوها العشاء " (* 1) وفي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) " فليجعلها الاولى " (* 2)، وغير ذلك. (2) قد عرفت في مبحث الحيض الاشكال في إعتبار مضي مقدار

____________
(* 1) الوسائل باب: 63 من أبواب المواقيت حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 63 من أبواب المواقيت حديث: 3.

===============

( 168 )

[ والصلاة في الوجوب وإن لم يكن سائر المقدمات حاصلة. والاقوى الاول. وإن كان هذا القول أحوط. ] من الوقت يسع المقدمات في وجوب القضاء، وأن الظاهر وجوبه بمجرد سعة الوقت لنفس الفعل، لان الظاهر من دليل نفي القضاء على الحائض والمجنون والمغمى عليه إختصاصه بصورة إستناد الفوت إلى الاعذار المذكورة فلو إستند إلى أمور أخرى لم يكن مجال لتحكيمه، بل كان المرجع فيه عموم وجوب قضاء الفائت، وإذا مضى من الوقت مقدار أداء الصلاة التامة الاجزاء، ثم طرأ أحد الاعذار المذكورة فقد تحقق الفوت مستندا إلى غيرها لا إليها، ولذا لو هيأ المقدمات قبل الوقت فصلى عند دخوله لم تفته ففواتها عند عدم فعل المقدمات قبل الوقت لم يكن مستندا إلى العذر، والمحكم حينئذ دليل وجوب قضاء الفائت، لا دليل نفي القضاء عن المعذورين. وهذا ظاهر بناء على كون دليل نفي القضاء عنهم مخصصا لدليل وجوب قضاء ما فات، بأن يكون الفوت متحققا بالنسبة إليهم وغير موجب للقضاء. أما إذا كان مخصصا لدليل التكليف بالصلاة بأن كان كاشفا عن عدم المصلحة في صلاتهم، ومانعا عن صدق الفوت بالاضافة إليهم، فيكون واردا على دليل قضاء الفائت، رافعا لموضوعه فقد يشكل وجوب القضاء، لعدم إحراز الفوت في الفرض المذكور. ويندفع الاشكال بأنه إذا كان دليل نفي القضاء مختصا بصورة إستناد الترك إلى أحد الاعذار المذكورة، ولم يكن مجال لتطبيقه في الفرض المذكور فلابد أن يكون المرجع عموم التكليف. ومقتضاه ثبوت المصلحة فيه حينئذ فلا بد من صدق الفوت، لانه منوط وجودا وعدما بوجود المصلحة وعدمها فإذا صدق وجب القضاء، لعموم وجوب القضاء الفائت.

===============

( 169 )

[ مسألة 15): إذا إرتفع العذر المانع (1) من التكليف في آخر الوقت، فإن وسع للصلاتين وجبتا، وإن وسع لصلاة واحدة أتي بها، وإن لم يبق إلا مقدار ركعة وجبت الثانية فقط، وإن زاد على الثانية بمقدار ركعة وجبتا معا، كما إذا بقي إلى الغروب في الحضر مقدار خمس ركعات، وفي السفر مقدار ثلاث ركعات، أو إلى نصف الليل مقدار خمس ركعات في الحضر، وأربع ركعات في السفر. ومنتهى الركعة تمام الذكر الواجب من السجدة الثانية (2). وإذا كان ذات الوقت واحدة كما في الفجر يكفي بقاء مقدار ركعة. ] ولافرق فيما ذكرنا بين المقدمات المطلقة كالطهارة، والمختصة بحال الاختيار، لجريان ما ذكرنا في الجميع بنحو واحد. كما لا فرق أيضا فيه بين القول بوجوب تحصيل المقدمات شرعا أو عقلا قبل الوقت إذا علم بعدم التمكن منها بعده للبناء على الوجوب المعلق أو للبناء على حرمة التفويت عقلا، وبين القول بعدمه، إذ عدم حرمة التفويت لا يلازم عدم صدق الفوت الذي هو موضوع القضاء. نعم لو ثبت توقيت المقدمات بالوقت كأصل الواجب، كان اللازم الحكم بنفي القضاء، لاستناد العدم إلى العذر لا غير، فيرتفع موضوع القضاء أعني: الفوت أو حكمه. لكنه يختص حينئذ بالمقدمات المعتبرة مطلقا كالطهارة، لا غيرها مما يسقط في حال الاضطرار، فإن إعتبار سعة الوقت له مما ليس له وجه ظاهر. ومن ذلك تعرف وجه القول بإعتبار سعة الوقت للطهارة. فلاحظ وتأمل. (1) تقدم الكلام في هذه المسألة في فصل الاوقات. فراجع. (2) لان الظاهر من الركعة في لسان الشارع مجموع الافعال حتى

===============

( 170 )

[ (مسألة 16): إذا إرتفع العذر في أثناء الوقت المشترك بمقدار صلاة واحدة. ثم حدث ثانيا كما في الاغماء والجنون الادواري فهل يجب الاتيان بالاولى، أو الثانية، أو يتخير وجوه (1). (مسألة 17): إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد (2). ] السجدتين، لا واحدة الركوع، كما قد يتوهم من الهيئة، ولا ما ينتهي بمسمى السجود، لان الذكر وإن كان خارجا عن السجود غير خارج عن الركعة. ولا يدخل فيها رفع الرأس من السجود، لكونه من المقدمات العقلية لما بعده من الافعال، لا من الواجبات الصلاتية. ولا تتوقف على إتمام السجود وإن قلنا بالوجوب التخييري بين السجود القصير والطويل لان الظاهر من إدراك الوقت بإدراك الركعة إدراك أقل الواجب منها لا غير. وقد تعرضنا في الخلل لتحديد الركعة فراجعه فإن له نفعا في المقام. (1) قد تقدم في فصل الاوقات ترجيحه للاخير. كما تقدم أيضا بيان وجهه ووجه الاول. ولم يتضح لي وجه الثاني إلا ما ربما يمكن أن يقال: بأن وقت الاختصاص بالعصر يراد به آخر وقت بعد الوقت الاول يمكن فيه فعل العصر، فيكون الوقت المذكور وقت إختصاص العصر يتعين فعلها فيه. (2) لعموم دليل التكليف بالصلاة من غير مخصص. مع عموم: " من أدرك ركعة.. " (* 1).

____________
(* 1) راحع المسألة: 11 من فصل أوقات اليومية في هذا الجزء.

===============

( 171 )

[ ولو صلى قبل البلوغ، ثم بلغ في أثناء الوقت فالاقوى كفايتها (1)، وعدم وجوب إعادتها وإن كان أحوط. وكذا الحال لو بلغ في أثناء الصلاة. (مسألة 18): يجب في ضيق الوقت الاقتصار على أقل الواجب إذا إستلزم الاتيان بالمستحبات وقوع بعض الصلاة خارج الوقت، فلو أتى بالمستحبات مع العلم بذلك يشكل صحة صلاته، بل تبطل على الاقوى (2). ] (1) لما عرفت غير مرة من أن عموم حديث: " رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم " (* 1) بمناسبة وروده في مقام الامتنان: إنما يرتفع التكليف والالزام لانه الذي في رفعه الامتنان لا غير، فيكون فعل الصبي كفعل البالغ من جميع الجهات إلا من حيث الالزام، فإنه غير ملزم به وإن كان واجدا لملاك الالزام كفعل البالغ، فإذا جاء به الصبي في حال صباه فقد حصل الغرض وسقط الامر، فلا مجال للامتثال ثانيا. وكذا الحال فيما لو بلغ في أثناء الصلاة. (2) إن كان البطلان من جهة النهي فهو مع أنه مبني على أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده إنما يقتضي بطلان ذلك المستحب لا أصل الصلاة. وإن كان من جهة الزيادة فهو مبني على أن الاجزاء الاستحبابية مأتي بها بقصد الجزئية، وقد أشرنا في مبحث الخلل إلى أن التحقيق خلافه، وإلا لم تكن مستحبة، بل كانت واجبة، فإن جزء الشئ عينه فلا بد أن يكون له حكمه. وإن كان من جهة التشريع لعدم إستحباب ما يفوت به الوقت فالاتيان به بقصد العبادة تشريع محرم، فهو مبني على إبطال التشريع، والتحقيق خلافه، لعدم الدليل عليه، ولا

____________
(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب مقدمة العبادات حديث: 11.

===============

( 172 )

[ (مسألة 19): إذا أدرك من الوقت ركعة أو أزيد يجب ترك المستحبات (1) محافظه على الوقت بقدر الامكان. نعم في المقدار الذي لابد من وقوعه خارج الوقت لا بأس بإتيان المستحبات. (مسألة 20): إذا شك في أثناء العصر في أنه أتى بالظهر أم لا، بنى على عدم الاتيان وعدل إليها إن كان في الوقت المشترك، ولا تجري قاعدة التجاوز (2). نعم لو كان ] ينافي التعبد بالصلاة. وإن كان من جهة كونه من الكلام المبطل عمدا، فهو مع أنه مختص بالمستحب الكلامي، ولا يجري في الفعل المستحب كجلسة الاستراحة ونحوها لا يتم، لان المستحبات الكلامية كلها من قبيل الذكر والدعاء، ومثله غير مبطل، وقد عرفت أن تحريمه غير ثابت كي تمكن دعوى الابطال به بناء على إبطال الدعاء والذكر المحرمين. (1) قد عرفت أن هذا الوجوب عرضي جاء من وجوب إيقاع الركعة في الوقت. (2) إما لان الترتيب شرط ذكري لاواقعي، والمفروض في الشك أن الظهر على تقدير تركها متروكة نسيانا فلا ترتيب ولا تجاوز. وإما لان الترتيب كما يعتبر في الاجزاء السابقة على الشك يعتبر في الاجزاء اللاحقة له أيضا فإجراؤها لاثبات صحة الاجزاء السابقة لا يجدي في إحراز صحة الاجزاء اللاحقة. وفيه: أنه يكفي في جريان قاعدة التجاوز شرطية الترتيب بلحاظ الجعل الاولي وإن إنتفت بلحاظ الجعل الثانوي الثابت من جهة النسيان وقد صرح في صحيح زرارة بجريانها إذا شك في القراءة وهو في الركوع (* 1)

____________
(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب خلل صلاة حديث: 1.

===============

( 173 )

[ في الوقت المختص بالعصر يمكن البناء على الاتيان بإعتبار كونه من الشك بعد الوقت. ] مع أن القراءة ليست جزءا في حال النسيان، وأن الترتيب منتزع من فعل العصر بعد الظهر والبعدية للظهر وإن كانت معتبرة في جميع أجزاء العصر، ولا تختص بجزء دون جزء، إلا أن الظهر لما كان لها موضع معين ومحل مخصوص يصدق التجاوز عنها بالاضافة إلى جميع الاجزاء بمجرد التعدي عن موضعها والشروع في العصر، ولا يحتاج إلى الدخول في جميع الاجزاء والفراغ من العصر بتمامها. فالاقوى إذن صحة جريان قاعدة التجاوز، وإتمام الصلاة بعنوان العصر، ولا يجوز العدول منها إلى الظهر. بل لا تبعد دعوى عدم الحاجة إلى فعل الظهر بعد إتمام العصر، لان الظاهر من دليل القاعدة إثبات الوجود المشكوك فيه بلحاظ جميع الآثار العملية، لا خصوص صحة ما بعد المشكوك كما قد يظهر ذلك من إجرائها في صحيح زرارة في الشك في القراءة وهو في الركوع، فإن إثبات القراءة إنما يكون بلحاظ وجوب سجود السهو الذي هو أثر عملي خارج عن الصلاة، وإلا فالركوع صحيح في ظرف ترك القراة نسيانا. بل يمكن أن يكون إجراؤها في صحيح زرارة في الشك في الاذان والاقامة إذا كبر من ذلك القبيل، بأن يكون المقصود إثباتهما بلحاظ سقوط الامر بهما، لا بلحاظ تصحيح الصلاة، لصحتها ولو علم ترك الاذان والاقامة. ولا بلحاظ كمالها، لامكان دعوى كون إستحبابهما لذاتهما لا لتكميل الصلاة. فتأمل. فإن قلت: لازم ذلك أنه لو شك بعد الفراغ من الصلاة وهو في التعقيب في كون الصلاة في حال الطهارة تجري قاعدة التجاوز لاثبات