فصل في أحكام الجماعة

فصل في أحكام الجماعة (مسألة 1): الأحوط ترك المأموم القراءة (2) في الركعتين الأوليين من الاخفاتية إذا كان فيهما مع الامام، وإن كان الاقوى الجواز مع الكراهة (3). ] المأموم بلحاظ كل منهما. ولا وجه ظاهر للجزم بالجواز مطلقا، ولا للتوقف فيه. (1) الظاهر ابتناء جواز المساواة - بحسب البنية أو الدائرة وعدمه - على جواز مساواة المأموم للامام في الموقف، فمن جوزها اكتفى هنا بعدم تقدم المأموم على الامام بلحاظ أحد الامرين، ومن منعها منعها هنا. والله سبحانه أعلم. فصل في أحكام الجماعة (2) خروجا عن شبهة القول بالتحريم، كما سيأتي. (3) كما عن جماعة، بل عن المعتبر والدروس: نسبته إلى الأشهر، جمعا بين ما دل على التحريم كصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): (إذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى تفرغ، وكان الرجل مأمونا على القرآن فلا تقرأ خلفه في الأولتين) (* 1) وصحيح ابن 

 

 

____________

الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9.

 

===============

 

( 251 )

 

الحجاج، قال (ع) فيه: (أما الصلاة التي لا تجهر فيها بالقراءة فان ذلك جعل إليه، فلا تقرأ خلفه) (* 1) وغيرهما وبين ما دل على الجواز، كخبر المرافقي والبصري: (سئل عن القراءة خلف الامام، فقال (ع): إذا كنت خلف الامام تتولاه وتثق به فانه بجزئك قراءته، وان أحببت أن تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه...) (* 2) وصحيح علي بن يقطين: (عن الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام، أيقرأ فيهما بالحمد وهو إمام يقتدى به؟ فقال (ع): إن قرأت فلا بأس، وإن سكت فلا بأس) (* 3) بناء على أن المراد من الصمت الاخفات، كما هو الظاهر. وحكاه في الوسائل عن جماعة من الأصحاب. وقد يشهد بالكراهة صحيح سليمان بن خالد: (أيقرأ الرجل في الأولى والعصر خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرأ؟ فقال (ع): لا ينبغي له أن يقرأ، يكله إلى الامام) (* 4) وإن كان محل تأمل، لأن مورده صوره الشك في قراءة الامام - لعدم سماعها، من جهة كون الصلاة إخفاتيه - بقرينة تخصيص السؤال بالأولى والعصر. اللهم إلا أن يستفاد حكم صورة العلم بالقراءة بالأولوية. أو يدعى: أن المراد من قوله: (لا يعلم أنه يقرأ) أنه لا يسمع القراءة، لبعد فرض الشك في القراءة ويشير إليه قوله (ع) - في الجواب -: (يكله إلى الامام)، لأن المراد منه الاجتزاء بقراءته، لا مجرد إيكال أمر القراءة إليه وإن لم يقرأ. وضعف رواية المرافقي منجبر بالشهرة فتأمل. وتفسير الصمت في صحيح ابن يقطين بترك القراءة - كما عن الوافي - غير ظاهر، فان الصمت وإن كان هو السكوت، لكن مع تعذر إرادته

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 15. (* 3) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 13. (* 4) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 8.

 

===============

 

( 252 )

 

[ ويستحب - مع الترك - أن يشتغل بالتسبيح (1)، والتحميد، والصلاة على محمد وآله. وأما في الأوليين من الجهرية، فان سمع صوت الامام - ولو همهمة - وجب عليه ترك القراءة (2)، ] فأقرب المجازات إليه الاخفات. ولأجل ذلك يضعف: احتمال حملها على الأخيرتين، لأن الاخفات والجهر - حيث - أطلقا يراد منهما ما يكون في الأولتين. مع أن قوله (ع): (إن سكت فلا بأس) ينافي ذلك، إذ السكوت إنما يشرع في الأولتين. ومنه يظهر: ضعف ما حكي عن ظاهر المقنع والغنية والتحرير والتبصرة والمسالك وجماعة من متأخري المتأخرين: من المنع عن القراءة. (1) ففي صحيح ابن جعفر (ع): (عن رجل صلى خلف إمام يقتدي به في الظهر والعصر يقرأ؟ قال (ع): لا، ولكن يسبح ويحمد ربه ويصلي على نبيه صلى الله عليه وآله (* 1) وفي صحيح بكر بن محمد: (إني لاكره للمؤمن أن يصلي خلف الامام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار. قلت: جعلت فداك فيصنع ماذا؟ قال (ع): يسبح) (* 2) وفي خبر أبي خديجة: الأمر بالتسبيحة الكبرى، من دون تقييد في الصلاة الاخفاتية (* 3). (2) أما السقوط فقد حكي الاجماع عليه عن جماعة، كالتذكرة وغاية المراد والتنقيح والروض والروضة والنجيبية وغيرها. وأما التحريم فهو المحكي عن السيدين والشيخ - في النهاية - وظاهر المبسوط، وعن المقنع والفقيه والقاضي والحلبي وابن حمزة والعلامة - في جملة من كتبه - وكشف الرموز

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 253 )

 

والمدارك والذخيرة وغيرهم. للنهي في كثير من النصوص، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): (وإن كنت خلف امام فلا تقرأن شيئا في الأولتين وأنصت لقراءته، ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين، فان الله عزوجل يقول للمؤمنين: (وإذا قرئ القرآن - يعني: في الفريضة خلف الامام - فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) (* 1) فالاخيرتان تبع للاولتين " (* 2) وصحيح ابن جعفر (ع): " عن الرجل يكون خلف الامام يجهر بالقراءة وهو يقتدي به، هل له أن يقرأ من خلفه؟ (ع): لا، ولكن ينصت للقرآن) (* 3) وفي الصحيح - أو الحسن - عن قتيبة عن الصادق (ع): (وإن كنت تسمع الهمهمة لا تقراء) (* 4). ونحوه ما في خبر عبيد بن زرارة (* 5) ونحوها غيرها. وعن جماعة: الكراهة، بل عن الدروس وغاية المراد وظاهره الروضة: نسبته إلى المشهور، لتعليل النهي عن القراءة بالانصات في صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع)، وصحيحه الآخر - أو حسنه - عن أحدهما (ع): (إذا كنت خلف إمام تأتم به فأنصت وسبح في نفسك) (* 6) وخبر المرافقي قال (ع) - بعد ما تقدم في المسألة السابقة -: (فإذا جهر فأنصت، قال الله تعالى: (وانصتوا لعلكم ترحمون)) (* 7) وصحيح ابن الحجاج، قال (ع) فيه - بعد ما سبق - (وأما الصلاة التي يجهر فيها فانما أمر بالجهر لينصت من خلفه، فان سمعت فأنصت، وإن لم تسمع فاقرا) (* 8).

 

 

____________

(* 1) الأعراف: 204. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث:. 3 (* 3) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 16. (* 4) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 7) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 15. (* 8) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5.

 

===============

 

( 254 )

 

والانصات مندوب إجماعا إلا من ابن حمزة، كما عن ظاهر التنقيح والنجيبية. ويشهد به عدم تعرضهم لوجوبه في واجبات الجماعة. والسيرة المستعمرة على تركه - كما قيل - بل قد يشهد به ما في ذيل الآية من قوله تعالى: (لعلكم ترحمون)، فان تعريض النفس للرحمة ليس بواجب وإن وجب تعريضها للغفران ودفع العذاب. لكن دعوى ذلك في الأول غير ظاهرة، إذ تطبيق آية الانصات فيه يمكن أن يكون بلحاظ الامر به، لا بلحاظ النهي عن القراءة. ودعواه في الثاني أشكل، لعدم تضمنه النهي عن القراءة، فضلا عن تعليله بالانصات. نعم يفهم من الأمر بالانصات فيه والتسبيح المفروغية عن سقوط القراءة. وهو أجنبي عن المدعى. ومنه يظهر: ما في الاستشهاد بحديث المرافقي. والتعليل في الرابع إنما كان لأمر الامام بالجهر - الذي هو واجب عليه جزما - لا للنهي عن القراءة. وحينئذ لو فرض كون المراد من الانصات ترك القراءة كان دالا على حرمتها، لأن علة الواجب واجبة. ولو أريد منه الاصغاء كانت الرواية دالة على المفروغية عن ترك القراءة، من دون تعرض لحرمتها أو كراهتها. وبالجملة: رفع اليد عن ظاهر النهي بمجرد ذلك غير ظاهر ولا سيما وبعض نصوصه آب عن الحمل على الكراهة، كالصحيح المتضمن: (من قرأ خلف إمام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة) (* 1) بعد تخصيصه باخراج الاخفاتية أو الجهرية في صورة عدم السماع. فلاحظ. وقد يستشهد للكراهة بجمع الجهرية والاخفاتية في النهي عن القراءة فيهما - بتقريب -: أن قيام القرينة على ارادة الكراهة من النهي بالاضافة إلى الاخفاتية، يقتضي حمله عليها بالاضافة إلى الجهرية أيضا، فان ذلك أولى من حمله على عموم المجاز. وفيه: أنه مبني على كون استعمال

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 255 )

 

[ بل الأحوط والأولى الانصات (1)، وإن كان الاقوى جواز الاشتغال بالذكر (2) ونحوه. ] النهي في الكراهة مجازا. والمحقق في محله خلافه. مع أن مقتضى الجمع - بين ما تضمن النهي عن القراءة في خصوص الجهرية، وبين ما دل على كراهتها في الاخفاتية - حمل النهي عن القراءة فيهما معا على عموم المجاز، أخذا بمقتضى الدليلين معا. وعن الشيخ (ره) - في النهاية والمبسوط - وابن حمزة - في الواسطة -: التفصيل بين سماع القراءة فتحرم، وسماع الهمهمة فالمأموم بالخيار. ولا وجه له ظاهر، غير ما في موثق سماعة: (عن الرجل يؤم الناس فيسمعون صوته ولا يفقهون ما يقول، فقال (ع): إذا سمع صوته فهو يجزئه، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه) (* 1). وفيه: أن مقتضى إطلاق إجزاء ما وقع عدم المشروعية. لاأقل من وجوب حمله على ذلك بقرينة الشرطية الثانية إذ لو حمل الاجزاء على جواز الاكتفاء بالسماع، لكان مفاد الشرطية الثانية عدم الاكتفاء بقراءة الامام ووجوب القراءة عليه، مع أنه لا تجب القراءة مع عدم السماع، كما سيأتي. (1) كما يقتضيه الأمر في الآيه الشريفة، وفي النصوص التي منها صحيح زارة وخبر المرافقي المتقدمان (* 2). (2) ففي صحيح أبي المعزا: " كنت عند أبي عبد الله (ع) فسأله حفص الكلبي، فقال: إني أكون خلف الامام وهو يجهر بالقراءة فأدعو وأتعوذ. قال (ع): نعم فادع) (* 3). وحمله على صورة عدم السماع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث 10. (* 2) تقدم ذكرهما في التعليقة السابقة. (* 3) الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 256 )

 

[ وأما إذا لم يسمع - حتى الهمهمة - جاز له القراءة (1) بل الاستحباب قوي (2) ] - ولو للهمهمة - بعيد. وفي حسن زرارة أو صحيحه -: (فانصت وسبح في نفسك) (* 1). وظاهره: عدم منافاة التبسيح في النفس للانصات وكأن المراد من التسبيح في النفس التسبيح الخفي. وعليه فلا منافاة بين صحيح أبي المعزا والأمر بالانصات. ويشهد به ما عن الثعلبي في تفسيره: (من أنه قد يسمى الرجل منصتا - وهو قارئ أو مسبح - إذا لم يكن جاهرا به. ألا ترى أنه قيل للنبي صلى الله عليه وآله: ما تقول في إنصاتك؟ قال صلى الله عليه وآله أقول اللهم أغسلني من خطاياي). فتأمل (1) وعن الرياض: (أطبق الكل على الجواز بالمعني الأعم). وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده بين الاصحاب، ولا حكي عن أحد منهم عدا الحلي)، مع أنه لا صراحة في عبارته في السرائر ولا ظهور. ولا يبعد أنه وهم الحاكي. (2) وعن الروض والروضة: أنه المشهور. وعن الدروس والغرية: أنه الاشهر. للأمر بها في النصوص، ففي صحيح الحلبي - بعد النهي عن القراءة - قال (ع): (إلا أن تكون صلاة تجهر فيها بالقراءة ولم تسمع قاقرا) (* 2). وفي صحيح ابن الحجاج - في الصلاة الجهرية - قال (ع): (وإن لم تسمع فاقرأ) (* 3). وفي موثق سماعة - المتقدم - قال (ع): (وإذا لم يسمع قرأ لنفسه) (4). وفي خبر قتيبة: (إذا

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكره في التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 3) تقدم ذكره في اوائل الكافم من هذا الفصل. (* 4) تقدم ذكره قريبا.

 

===============

 

( 257 )

 

[ لكن الأحوط القراءة بقصد القربة (1) المطلقة لابنية الجزئية، وإن كان الاقوى الجواز بقصد الجزئية أيضا. وأما في الاخيرتين من الاخفاتية أو الجهرية فهو كالمنفرد ] كنت خلف إمام ترضى به، في صلاة يجهر فيها بالقراءة، فلم تسمع قراءته، فاقرأ أنت لنفسك) (* 1) المحمول على الاستحباب، بقرينة صحيح علي بن يقطين: " سألت أبا الحسن الأول (ع) عن الرجل يصلي خلف إمام يقتدي به، في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة. قال (ع): لا بأس، إن صمت وإن قرأ) (* 2). ومنه يظهر: ضعف المحكي عن ظاهر المبسوط والتهذيب والنهاية والواسطة والاشارة والغنية وغيرها: من وجوب القراءة، أخذا بظاهر الأمر. نعم قد يشكل القول بالاستحباب، بأنه يمكن الجمع بين النصوص بحمل الأمر بالقراءة على الرخصة، لوروده مورد توهم المنع، بناء على ما عرفت: من المنع عن القراءة مع السماع. ولا ينافيه ما في موثق سماعة المتقدم، من قوله (ع): (إذا سمع صوته فهو يجزئه، وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه)، لأن المراد من قوله (ع) - فيه -: (يجزيه) على نحو العزيمة. وكأنه لذلك كان ما نسب إلى الراوندي وابن نما والقاضي: من القول بالاباحة. (1) خروجا عن شبهة الخلاف في المشروعية المنسوب إلى الحلي. ولا ينافيه قصد القربة المطلقة، لأن خلافه إن ثبت - فهو في مشروعيته بنحو الجزئية، على نحو مشروعيتها في سائر الموارد. وربما يتوهم: أن الاحتياط المذكور للخروج عن شبهة القول بالاباحة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 11.

 

===============

 

( 258 )

 

[ في وجوب القراءة أو التسبيحات مخيرا بينهما (1)، سواء قرأ الامام فيهما أو أتى بالتسبيحات، سمع قراءته أو لم يسمع. ] في مقابل القول بالوجوب أو الاستجباب، كما تقدم. وفيه: أنه إنما يتم لو كانت عند القائلين بالاباحة من قبيل الأفعال المباحة المقارنة للصلاة لكنه خلاف المقطوع به منهم، بل المراد من إباحة القراءة: أنها جزء من الصلاة، لا توجب أفضلية الفرد المشتمل عليها من الفرد الخالي عنها. كما أن المراد من استحبابها: أنها جزء يوجب أفضلية الفرد المشتمل عليه من الفرد الخالي عنه، لامثل استحباب القنوت. كما أن المراد من كراهتها - كما تقدم في الاخفاتية: أنها جزء يوجب مرجوحية الفرد المشتمل عليه للفرد الخالي عنه، نظير كراهة السورة الثانية - بناء على كراهة القرآن لامثل كراهة العبث. كما أن المراد من الحرمة: نفي الجزئية، لامثل قراءة الجنب للعزائم. ومنه يظهر: أنه بناء على مشروعيتها - ولو على القول بالاباحة - لا مانع من الاتيان بها بقصد الجزئية والوجوب، فإنها وإن لم تكن جزءا من الماهية الواجبة، لكنها جزء من الفرد الذي تنطبق الماهية الواجبة عليه بتمام أجزائه التي منها القراءة، نظير انطباق الماهية التشكيكية على المرتبة القوية، فتتصف القراءة بالوجوب بعين اتصاف سائر اجزاء الصلاة به. فتأمل جيدا. (1) أما في الاخيرتين من الاخفاتية فهو المحكي عن جماعة، منهم السيد ابن زهرة - في الغنية - والحلبي في ظاهر الاشارة - والاردبيلي - في ظاهر مجمع البرهان -. لأدلة التخيير الشاملة للمقام. وصحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): (إذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى تفرغ، وكان الرجل مأمونا على القرآن، فلا تقرأ خلفه في الاولتين. وقال (ع): يجزيك التسبيح في الاخيرتين. قلت: أي شئ

 

===============

 

( 259 )

 

تقول أنت؟ قال (ع): أقرأ فاتحة الكتاب) (* 1). وإجمال ذيله - لاحتمال إرادة السؤال عما يقوله (ع) حينما يكون إمام الجماعة، أو لارادة السؤال عما يقوله (ع) حينما يكون مأموما بمن لا تصح إمامته، أو لارادة السؤال عن الأرجح من الأمرين، القراءة والتسبيح - لا يمنع من دلالة قوله (ع): " يجزيك " على عدم تعينه، فيدل على التخيير بينهما. وعن جماعة، منهم السيد - في ظاهر كلامه - وأبناء إدريس وحمزة وسعيد والعلامة - في المنتهي -: عدم وجوبهما معا، يعني: القراءة والتسبيح ويستدل له بما عن المعتبر: (روى ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) إذا كان مأمونا على القراءة فلا تقرأ خلفه في الأخيرتين) (* 2). وبصحيح زرارة: (وإن كنت خلف إمام فلا تقرأن شيئا في الاولتين وأنصت لقراءته، ولا تقرأن شيئا في الاخيرتين... (إلى أن قال) (ع): فالأخيرتان تبعان للاولتين) (* 3). وبصحيح ابن خالد المتقدم في أول الفصل، بناء على أن المراد من قوله في السؤال: " وهو لا يعلم " أنه لا يدري أنه يقرأ أو يسبح. وبصحيح بن يقطين المتقدم هناك أيضا، بناء على أن المراد من الركعتين اللتين يصمت فيهما الامام الأخيرتان. لكن الأول - مع أن المظنون كما في الجواهر أنه عين صحيح ابن سنان المتقدم (* 4)، ويكون السهو من المحقق في روايته كذلك. وأن مقتضى الجمع بينهما حمله على الصحيح، لاطلاقه وتقييد الصحيح بالاخفاتية. أو حمل النهي على الرخصة في الترك، لكونه مظنة الحرمة، كما يشعر به التعرض

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 9. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 27 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 3) مر ذكر الرواية في اوائل الكالام من هذا المسألة. (* 4) تقدم ذكره في اول المسألة.

 

===============

 

( 260 )

 

لاجزاء التسبيح في الصحيح المتقدم، ومعارضته بما في ذيل خبر أبي خديجة من قوله (ع): (فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذي خلفه أن يقرءوا فاتحة الكتاب، وعلى الامام أن يسبح...) (* 1) إنما يدل على حرمة القراءة، فيكون مقيدا لأدلة التخيير بينها وبين التسبيح. وعدم القول بالفصل بين حرمة القراءة وحرمة التسبيح لا يجدي، ما لم يكن إجماعا على عدم الفصل. ولو تم اقتضى ذلك حرمتهما معا - كما ذهب إليه الحلي - لا عدم وجوبهما، كما هو المدعى. والثاني مورده الجهرية، بقرينة ذكر الانصات، فالتعدي منها إلى الاخفاتية غير ظاهر الوجه. وأما صحيح ابن خالد فلا يبعد أن يكون المراد من قوله: (لا يعلم) أنه لا يسمع، لكون الصلاة إخفاتية فلا يعلم. وأما صحيح ابن يقطين - فبعد حمل الصمت فيه على الاخفات - يتعين حمله على الاولتين في الاخفات، لأن إطلاق الجهر والاخفات منصرف إلى الجهر والاخفات في الأوليين. وبذلك سميت الصلاة جهرية وإخفاتية، كما سبق. ومما ذكرنا يظهر وجه ماعن الحلي: من سقوطهما حتما في أخيرتي الجهرية كما يظهر ضعفه أيضا. نعم لا بأس بدعوى: لزوم ترك القراءة فيهما وتعين التسبيح، لصحيح زرارة المذكور، بناء على حرمة القراءة في الأولتين، إذ لا معارض له معتد به. أما رواية أبي خديجة فيمكن حملها على الاخفاتية لاطلاقها، واختصاص الصحيح بالجهرية. ومنه يظهر: وجه الجمع بين رواية أبي خديجة وصحيحة معاوية بن عمار: (عن القراءة خلف الامام في الركعتين الأخيرتين. قال (ع): الامام يقرأ فاتحة الكتاب، ومن خلفه يسبح، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما، وإن شئت فسبح) (* 2) إذ بعد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 42 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 2 ورواها أيضا في باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5 إلى قوله (ع): (يسبح).

 

===============

 

( 261 )

 

[ (مسألة 2): لا فرق في عدم السماع بين أن يكون من جهة البعد، أو من جهة كون المأموم أصم، أو من جهة كثرة الاصوات أو نحو ذلك (1). (مسألة 3): إذا سمع بعض قراءة الامام (2) ] تخصيص الأولى بالاخفاتية - بحملها عليها - تقيد بها الثانية فتحمل على الجهرية كما يحمل صحيح ابن سنان - المروي في المعتبر - على الجهرية أيضا. وعلى ما ذكرنا يرتفع التعارض بين النصوص، ويتلخص منها: بقاء الوجوب التخييري في الاخفاتية، وثبوت الوجوب التعييني للتسبيح في الجهرية، كما عن ظاهر التبصرة ومجمع البرهان. لكن ينبغي تخصيص ذلك بالجهرية التي تسمع القراءة في أولييها ولو همهمة. ومنه يظهر ضعف ما عن السيد (ره) وواسطة ابن حمزة - وربما نسب إلى القاضي وأبي الصلاح وغيرهم - من الاستحباب التخييري إذ لا يظهر الوجه فيه. إلا الجمع بين المطلقات السقوط والأمر بالقراءة في النصوص، فيحمل الامر بها على الاستحباب. لكن المطلقات منصرفة إلى القراءة في الأوليين، لأنهما الموظف فيهما القراءة، كما يظهر بأدنى مراجعة في أدلة الذكر فيهما. ولم نقف على الأمر بالقراءة في أخيرتي الجهرية مع سماع القراءة في أولييها. نعم عن السرائر أنه قال: (روي: أنه لا قراءة على المأموم في الأخيرتين ولا تسبيح (* 1) قال: وروي: أنه يقرأ فيهما ويسبح (* 2) فيجمع بينهما بالحمل على الاستحباب. لكن إرسالهما مانع عن الاعتماد عليهما. فتأمل جيدا. والله سبحانه أعلم. (1) كما نص عليه شيخنا الاعظم. ويقتضيه إطلاق النص. (2) قال في الجواهر: (في إلحاقه بالمسموع تماما، أو عدمه كذلك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 10. (* 2) الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 11.

 

===============

 

( 262 )

 

[ فالأحوط الترك مطلقا (1). (مسألة 4): إذا قرأ بتخيل أن المسموع غير صوت الامام ثم تبين أنه صوته لا تبطل صلاته (2). وكذا إذا قرأ سهوا في الجهرية (3). (مسألة 5): إذا شك في السماع وعدمه، أو أن المسموع صوت الامام أو غيره فالأحوط الترك (4)، وإن كان الأقوى الجواز (5). ] أو كل منهما بكل منهما وجوه، لا يخلو أخيرها من قوة). وكأن مبنى الوجه الاول: إطلاق النص. ومبنى الثاني: انصرافه إلى خصوص التمام. ومبنى الثالث: إطلاق السماع وتقييد القراءة بما سمع. ويكون معناه - على الأخير -: أنه إذا سمع قراءته - ولو آية منها - لم يقرأ خصوص ما سمع. وهناك وجه رابع، وهو تقييد الحرمة بحال السماع، مع إطلاق المقروء والمسموع: فإذا سمع الآية الأولى من الفاتحة - مثلا - حرمت عليه القراءة ما دام يسمع، فإذا لم يسمع الآية الثانية جاز له أن يقرأ من أول الفاتحة ما دام لم يسمع، فإذا قرأ المأموم الآيه الاولى منها فسمع الآية الثالثة حرمت عليه القراءة، فإذا خفيت عليه الرابعة قرأ الآية الثانية من الفاتحة. ولعله أقرب الوجوه. (1) يعنى: ترك القراءة بقصد المشروعية. أما فعلها برجاء المشروعية أو بقصد القربة المطلقة فلا بأس به، لما عرفت من أن الحرمة في المقام تشريعية لا ذاتية. (2) لعدم قدح زيادة القراءة سهوا. (3) يعني: مع السماع. (4) يجري فيه ما عرفت. (5) لأصالة عدم السماع، فيثبت حكمه وهو المشروعية. فان قلت:

 

===============

 

( 263 )

 

[ (مسألة 6): لا يجب على المأموم الطمأنينة (1) حال قراءة الامام، وإن كان الأحوط ذلك. وكذا لا تجب المبادرة إلى القيام حال قراءته، فيجوز أن يطيل سجوده ويقوم، بعد أن يقرأ الامام في الركعة الثانية بعض الحمد. ] وجود السماع معلوم، وإنما الشك في كونه متعلقا بصوت الامام، فأصالة عدم السماع لا مجال لها. وأصالة عدم تعلقه بصوت الامام موقوف جريانها على جريان الأصل في العدم الأزلي. قلت: لو سلم عدم جريان الاصل في عدم الذات - للعلم بالانقلاب إلى الوجود - فإنما هو فيما لو كان اختلاف الوصف لا يوجب اختلاف الموضوع، وليس هناك كذلك، فإن السماع المتعلق بصوت الامام غير المتعلق بغيره، لأن سماعه عبارة عن حضوره في القوة السامعة. والاختلاف بين حضوره وحضور غيره، كالاختلاف بين وجود زيد وعمرو، لا كالاختلاف بين الضرب الواقع على زيد أو عمرو لتردد موضوعه بينهما. بل التحقيق: أن العلم بوجود الضرب وتردد موضوعه بين زيد وعمرو لا يمنع من جريان أصالة عدم ضرب زيد، لأن المعلوم إنما هو وجود الضرب مهملا، ووجود ضرب زيد معينا مشكوك أيضا فلا مانع من استصحاب عدمه. (1) لاختصاص دليلها بقراءة نفسه. ولا دليل على تنزيل قراءة الامام منزلة قراءة نفسه في هذه الجهة. واعتبارها في صحة الجماعة مقطوع بعدمه. ومن هذا تعرف الحكم في القيام حال قراءة الامام، فإن وجوبه في الصلاة إما لأنه قيد للقراءة الواجبة، أو واجب في حال القراءة، فمع سقوط القراءة لا دليل على وجوبه. وضمان الامام للقراءة لا يدل على تنزيلها منزلة قراءة نفسه من هذه الجهة. نعم لو بني على وجوب المتابعة وجب

 

===============

 

( 264 )

 

[ (مسألة 7): لا يجوز أن يتقدم المأموم (1) على الامام في الأفعال، بل يجب متابعته - بمعني: مقارنته - أو تأخره عنه تأخرا غير فاحش (2). ] القيام تحقيقا لها، لعدم اختصاص دليلها بما كان أجزاء الصلاة، كما سيأتي فيمن رفع رأسه قبل الامام، وفيمن أجلسه الامام في موضع القيام. (1) بلا خلاف ولا اشكال، ونقل الاجماع عليه محكي عن جماعة، منه الفاضلان والشهيدان والسيد في المدارك. وقد يستفاد من النبويين المحكيين عن مجالس الصدوق وغيرها، المنجبرين بالاشتهار والعمل - كما قيل -، أحدهما: (إنما جعل الامام إماما ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فسجدوا). وثانيهما: (أما يخشى الذي يرفع رأسه والامام ساجدا يحول الله تعالى رأسه رأس حمار) (* 1) ويمكن الخدش في الأخير، باحتماله الكراهة. وباحتمال كونه لرغبته عن إطالة السجود مع الامام، لا لمجرد تقدمه عليه. وأما الاول فظاهر سياقه وان كان هو المنع عن التأخير لا المنع عن التقدم، إلا أن قوله صلى الله عليه وآله: (ليؤتم) وتفريع ذلك عليه ظاهر في المنع عن كل ما ينافي الائتمام اللازم من جعل الامامة للامام. ومنه التقدم، فيكون ممنوعا. ويومئ للمنع عنه ما تضمن الأمر بالعود إلى الركوع أو السجود لو رفع رأسه منهما قبل الامام وما دل على وجوب الانتظار لو فرغ المأموم من القراءة قبل الامام. (2) كما هو ظاهر المشهور، حيث فسروها بأن لا يتقدم الامام، بل عن شرح الارشاد للفخر والمفاتيح: الاجماع عليه، إذ المستفاد من النبوي

 

 

____________

(* 1) جاء في كنز العمال ج: 4 صفحة: 128 احاديث كثيرة ترجع إلى مضمون الروايتين. وفي الوسائل: باب: 70 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6 نقلا عن المجالس ما يستفاد منه مضمون الرواية الأولى.

 

===============

 

( 265 )

 

- بمقتضى التفريع - كون الأمر بالركوع والسجود إذا ركع الامام أو سجد لاجل تحقق الائتمام، الذي هو الغاية من جعل الامامة. وهو كما يتحقق في صورة التأخر يتحقق مع المقارنة، فمقتضى إطلاق الغاية جواز كل منهما. ومنه يظهر أنه لا يحتاج في إثبات جواز المقارنة إلى دعوى: كون فاء الجزاء لمجرد الترتب بالعلية، كما في قوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا...) (* 1) كي يورد عليه: بأن ذلك ممكن إذا لم يكن الجزاء أمرا، وإلا كان الظاهر الترتب الزماني. والآية الشريفة لا تنافيه، إذ المراد من القراءة صرف الوجود، وهو متقدم على الاستماع، لا مجموع القراءة لتكون مقارنة له. مع أن القرينة في الآية قائمة، فلا مجال لقياس المقام بها. وتوضيح عدم الاحتياج إلى ذلك: أنه لو سلم ظهور الجملة الشرطية في التأخير، فلا مجال للاخذ به في المقام، لأجل تفريعه على لزوم الائتمام وظهور العلة مقدم على ظهور المعلول. مع أن الايراد غير ظاهر التوجه، إذ الامر لا يقتضي التراخي. مع أن التحقيق: أن الوجوب المشروط بشئ إنما هو مشروط بوجوده العلمي، فيكون متقدما عليه خارجا، وان كان تأثيره مشروطا بوجود الشرط خارجا مضافا إلى إشكال تقدم صرف وجود القراءة على الاستماع. اللهم إلا أن يكون من جهة أن تأثر القوة السامعة للصوت متأخر زمانا عن وجود الصوت. فتأمل. نعم يمكن الاستشكال في تحقق الائتمام بالاقتران، إذ الامامية والمأمومية لا تكونان بعناية الترتب بالعلية مطلقا، بحيث يكون فعل الامام داعيا إلى فعل المأموم، إذ عليه يجوز التقدم كالتأخر، بل تكونان بعنايه ذلك مع الترتب الزماني، وهو لا يكون إلا مع التأخر. وكأنه لذلك فسرت المتابعة بالتأخر، كما عن إرشاد الجعفرية. وربما مال إليه في الحدائق. اللهم إلا أن يستفاد جواز المقارنة مما عن قرب الاسناد (في الرجل يصلي، أله أن

 

 

____________

(1) الأعراف: 204.

 

===============

 

( 266 )

 

[ ولا يجوز التأخر الفاحش (1). (مسألة 8): وجوب المتابعة تعبدي (2) وليس شرطا ] يكبر قبل الامام؟ قال (ع): لا يكبر إلا مع الامام) (* 1) بضميمة عدم الفصل بين جوازها في التكبير وجوازها في الأفعال. لكن مجرد عدم القول بذلك لا يثبت الملازمة بينهما. ولا سيما بملاحظة الفرق بينهما، من جهة أن التكبير شرط في انعقاد الصلاة، فيكون شرطا في انعقاد الجماعة، بخلاف بقية الأجزاء. وان التكبير من الأقوال التي لا يعتبر فيها المتابعة، كما سيأتي. (1) لمنافاته عرفا للائتمام، كما تقدم، بل عرفت كون النبوي مسوقا للمنع عنه. وقد يشعر بذلك - أو يدل عليه - بعض النصوص، كصحيح معاوية عن الصادق (ع): (عن الرجل يدرك آخر صلاة الامام - وهي أول صلاة الرجل - فلا يمهله حتى يقرأ، فيقضي القراءة في آخر صلاته؟ قال (ع): نعم) (* 2) وما في صحيح زرارة - الوارد في المسبوق - من قول الباقر (ع): (قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بأم الكتاب وسورة، فان لم يدرك السورة تامة أجزأه أم الكتاب) (* 3). (2) كما عن المشهور، بل عن جماعة: نسبته إلى الاصحاب. لاشرطي للجماعة، بحيث يكون ترك المتابعة موجبا لبطلان الجماعة وارتفاع أحكامها ولا شرطي للصلاة كذلك. وتوضيح ذلك: أنك عرفت الاشارة إلى أن المستفاد من النبوي الأول أن الامامة من الاعتبارات المجعولة للامام، يجعلها له المأموم بلحاظ الأفعال الصلاتية - من قيام وقعود وركوع وسجود - كسائر الامور الاعتبارية،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 267 )

 

مثل القضاوة والوكالة والولاية المجعولة للقاضي والوكيل والولي. فإذا جعل المأموم الامام إماما له في الركوع - مثلا - كان مقتضى إمامته له فيه متابعته له فيه. وهذه المتابعة هي المعبر عنها بالائتمام، إذا لائتمام وهو الجري على مقتضى الامامة - وهو المتابعة - فلو لم يتابعه فيه كان جاريا على خلاف إمامته، ولم يكن مؤتما به. فإذا كان جعل الامامة بيد المأموم، وكان نافذا صحيحا، لم يكن معنى لصحته ونفوذه إلا وجوب المتابعة له، فإذا لم تجب المتابعة لم يكن معنى لصحته، كما في سائر الانشائيات المجعولة. ولا سيما مع ظهور التسالم عليه بل في المدارك: أنه مجمع عليه بين الاصحاب. وفي الذكرى: (أن المأموم إذا ركع قبل الامام وبعد تمام القراءة أثم. وفي بطلان صلاته قولان). فان الاثم من لوازم الوجوب التكليفي النفسي. وقريب منه ما ذكره (ره) في الدروس. فراجع نعم ظاهر المحكي عن كشف الالتباس: أن المتابعة شرط في بقاء الامامة، فإذا تركها المأموم بطلت إمامة إمامه، وصار هو منفردا، مع صحة صلاته، لكن في محكي الذكري: (ولا يتحقق فوات القدوة بفوات ركن أو أكثر، عندنا). وفى محكي التذكرة: (التوقف في بطلان القدوة بالتأخر بركن. وأن المروي: بقاء القدوة، رواه عبد الرحمن عن أبي الحسن (ع) فيمن لم يركع ساهيا حتى انحط الامام للسجود) (* 1). وكيف كان فعدم بطلان الامامة بترك المتابعة هو الذي يقتضيه أصالة بقاء الامامة، للشك في ارتفاعها بمجرد ترك المتابعة. نعم ترك المتابعة في فعل ترك للائتمام فيه، لكن ترك الائتمام فيه لا يلازم بطلان الامامة، بل الاصل يقتضي بقاءها، بل ظاهر النبوى: كون الائتمام غاية للامامة فلا يكون شرطا لها ليلزم من عدمه عدمها. وأما دعوى: شرطية المتابعة لصحة الصلاة، بحيث يكون تركها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 64 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 268 )

 

[ في الصحة، فلو تقدم أو تأخر فاحشا عمدا أثم، ولكن صلاته صحيحة، وإن كان الأحوط الاتمام والاعادة (1)، ] موجبا لبطلانها، فنسب إلى الشيخ (ره) في المبسوط لقوله فيه: (ومن فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته)، وإلى الصدوق (ره) لقوله: (إن من المأمومين من لا صلاة له، وهو الذي يسبق الامام في ركوعه وسجوده ورفعه). وربما نسب إلى ابن إدريس أيضا، ولم يعرف لأحد - غيرهم - من القدماء والمتأخرين. لكن في النسبة المذكورة تأملا، بل جزم في مفتاح الكرامة بخلافها ولا سيما بالنسبة إلى الشيخ (ره) وابن إدريس (ره)، لقول الاول في المبسوط والنهاية: (فان فعل ذلك - يعني: رفع رأسه من الركوع قبل الامام - متعمدا لم يجز له العود إليه أصلا، بل يقف حتى يلحقه الامام). ونحوه كلام الثاني. وعليه فصحة الصلاة حينئذ مظنة الاجماع، بل الاجماع ظاهر التذكرة ونهاية الاحكام. وكأن ما تقدم في الذكرى: من وجود القول بالبطلان ناشي من فهم ذلك من عبارة المبسوط المتقدمة، كما يستفاد ذلك من ملاحظة عبارة الدروس. وكيف كان فالبطلان على خلاف أصالة البراءة بل على خلاف النصوص الآتية، فانها - على اختلافها - متصادقة على صحة الائتمام. نعم يتم القول بالبطلان - بناء على أن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده - لمضادة الفعل الجاري على خلاف المتابعة للفعل الواجب الذي تكون به المتابعة، فحرمته توجب بطلان الصلاة. لكن المحقق في محله بطلان المبنى. مع أنه لا يجدي فيما لو تقدم على الامام في مقدمات الافعال - كالرفع من الركوع أو السجود - ولم يصل إلى حد القيام أو الجلوس،، وكالهوي اليهما، بناء على كون المذكورات مقدمات للواجب، إذ حرمتها لا توجب فساد الصلاة. فلاحظ. (1) خروجا عن شبهة الخلاف.

 

===============

 

( 269 )

 

[ خصوصا إذا كان التخلف في ركنين (1)، بل في ركن. نعم لو تقدم أو تأخر على وجه تذهب به هيئة الجماعة (2) بطلت جماعته. (مسألة 9): إذا رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الامام - سهوا، أو لزعم رفع الامام رأسه - وجب عليه العود والمتابعة (3). ] (1) لم تتضح خصوصية للتخلف في ركنين، إذ لم أعثر على قول بالبطلان في خصوص هذه الصورة. نعم عن العلامة (ره) في التذكرة: التوقف في بطلان القدوة بالتأخير بركن، كما سبق. (2) يعني: في ارتكاز المتشرعة، الكاشف عن ذهابها شرعا، كما تقدم في نظيره. (3) على المشهور، كما عن جماعة. للنصوص الآمرة به، كصحيحة ابن يقطين: (سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يركع مع الامام يقتدي به ثم يرفع رأسه. قال (ع): يعيد ركوعه) (* 1) ونحوها رواية سهل الأشعري (* 2) وكصحيحة ربعي والفضيل عن أبي عبد الله (ع): (عن رجل صلى مع إمام يأتم به، ثم رفع رأسه من السجود قبل أن يرفع الامام رأسه من السجود. قال (ع): فليسجد) (* 3) ونحوها رواية محمد بن علي بن فضال (* 4) نعم روى غياث بن ابراهيم: (سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام، أيعود فيركع إذا أبطأ الامام

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 48 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 48 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 48 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5.

 

===============

 

( 270 )

 

[ ولا يضر زيادة الركن حينئذ، لأنها مغتفرة في الجماعة في نحو ذلك. وإن لم يعد أثم وصحت صلاته (1)، لكن الأحوط إعادتها (2) ] ويرفع رأسه معه؟ قال (ع): لا ((* 1) وحمل الأولى على السهو والثانية على العمد - كما عن الشيخ (ره) وغيره - تقييد للدليلين من غير شاهد عليه، بل الجمع العرفي يقتضي حمل الاولى على الفضل، والثانية على نفي الوجوب. ولأجله اختار في محكي التذكرة ونهاية الاحكام: استحباب الاعادة ومال إليه في المدارك، على تقدير صحة الرواية. ولا بأس به. وتوهم: أن الجمع يتوقف على حجية رواية غياث، وهي موهونة باعراض المشهور. مندفع: بعدم ثبوت الاعراض القادح في الحجية، بعد حملهم لها على العمد. مع احتمال اعتقادهم للتعارض والترجيح، فإذا ظهر لنا إمكان الجمع العرفي بينها - بالحمل على الفضيلة والرخصة - كان هو المتعين. (1) كما عن الهلالية والميسية والروضة. لما عرفت من كون وجوب المتابعة نفسيا، لا غيريا لصحة الامامة، ولا لصحة الصلاة، فلا يقتضي ترك العود إلا المخالفة الموجبة للاثم. ولا يوجب بطلان الامامة ولا بطلان الصلاة. (2) وعن المدارك: أنها أظهر. وعن حواشي الشهيد وغيرها: حكاية ذلك قولا. وكأنه لدعوى: ظهور الأمر بالعود في الارشاد إلى الجزئية. لكنها ممنوعة، ولو تمت اقتضت القضاء أيضا. فما عن الذخيرة والكفاية: (من وجوب الاعادة في الوقت. وفي القضاء نظر) لا يخلو من نظر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6.

 

===============

 

( 271 )

 

[ بعد الاتمام، بل لا يترك الاحتياط إذا رفع رأسه قبل الذكر الواجب ولم يتابع، مع الفرصة لها (1). ولو ترك المتابعة حينئذ - سهوا، أو لزعم عدم الفرصة - لا يجب الاعادة، وإن كان الرفع قبل الذكر (2). هذا ولو رفع رأسه عامدا لم يجز له المتابعة (3). وإن ] (1) تحصيلا للذكر الواجب. لكن في الجواهر: (لا ريب في عدم البطلان). وكأنه لوضوح كون الذكر واجبا في الركوع يفوت برفع الرأس منه. فلو قيل بوجوب الذكر في الركوع الثاني - على تقدير العود إليه - لم يكن تداركا لذكر الركوع الفائت - بل هو واجب آخر في قبال الفائت. نعم لو كان الذكر واجبا قيدا في الركوع تم ما ذكر. إلا أنا لا نقول به. ولذا لا يجب العود لتدارك الذكر مع عدم الفرصة، بأن رفع الامام رأسه. (2) إذ يكون حينئذ كما لو تابع في الرفع وقد نسي الذكر، فإنه لا مجال لاحتمال وجوب العود إليه، لتجب الاعادة بتركه. (3) وعن جماعة: نسبته إلى المشهور. وعن المدارك: إنه مذهب الاصحاب. لموثق غياث المتقدم، بناء على تخصيصه بالعمد. وحمل نصوص الأمر بالعود على خصوص السهو، كما تقدم عن المشهور أو لقصور النصوص أجمع عن شمول العمد، لأنه خلاف ظاهر حال المأموم القاصد للائتمام، فيجب الرجوع فيه إلى أدلة قدح الزيادة العمدية، فإن تلك الادلة دالة على بطلان الصلاة، فيحرم لحرمة إبطالها. وفيه: أن الاول قد عرفت حاله. وقصور النصوص عن شمول المقام ممنوع. وظهور حال المأموم لا يصلح لصرفها، مع معارضة - كما قيل - بظهور حال العاقل

 

===============

 

( 272 )

 

[ تابع عمدا بطلت صلاته للزيادة العمدية (1). ولو تابع سهوا فكذلك إذا كان ركوعا (2)، أو في كل من السجدتين وأما في السجدة الواحدة فلا (3). (مسألة 10): لو رفع رأسه من الركوع قبل الامام سهوا ثم عاد إليه للمتابعة، فرفع الامام رأسه قبل وصوله إلى حد الركوع فالظاهر بطلان الصلاة، لزيادة الركن، من غير أن يكون للمتابعة، واغتفار مثله غير معلوم (4). وأما ] في العمد (* 1)، ولأجل ذلك قيل: باستحباب العود هنا - كما في الفرض السابق - جمعا بين النصوص. وربما قيل: بوجوبه، ونسب إلى المفيد في المقنعة. وكأنه لاطلاق نصوص ال عود، وطرح لرواية غياث. وهو غير واضح. (1) بل لو لم تقدح الزيادة العمدية أمكن القول بالبطلان، للنهي في رواية غياث. نعم لو كان مفاد النهي مجرد نفي المشروعية أو نفي وجوب العود - كما عرفت - إنحصر وجه البطلان بالزيادة العمدية. (2) لعموم قدح زيادة الركن. (3) لعدم قدح زيادتها. والنهي لو فرض شموله للسجود - من جهة عدم القول بالفصل - فمحكوم، لما دل على عدم قدح زيادة السجدة سهوا. (4) لقصور نصوص المقام عن مشروعية مثله، وإنما تضمنت مشروعية الركوع ثانيا مع الامام. إلا أن يقال: الركوع المأتي به للمتابعة لم يقصد به الجزئية، وإنما قصد به المتابعة لا غير، فلا يكون زيادة في الصلاة،

 

 

____________

(* 1) العمد - الذي يقتضيه ظهور حال العاقل - مقال السهو في نفس الفعل، لا مقابل السهو مطلقا حتى في مقدماته، فإذا رفع رأسه - لتوهم أن الامام رفع رأسه - لا يكون مثل هذا السهو على خلاف ظهور حال العاقل. (منه مد ظله).

 

===============

 

( 273 )

 

[ في السجدة الواحدة إذا عاد إليها ورفع الامام رأسه قبله فلا بطلان، لعدم كونه زيادة ركن ولا عمدية، لكن الأحوط الاعادة (1) بعد الاتمام. (مسألة 11): لو رفع رأسه من السجود، فرأى الامام في السجدة فتخيل أنها الأولى، فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية حسبت ثانية (2). وإن تخيل أنها الثانية، فسجد أخرى بقصد الثانية، فبان أنها الأولى حسبت متابعة. والأحوط إعادة الصلاة في الصورتين بعد الاتمام. (مسألة 12): إذا ركع أو سجد قبل الامام عمدا لا يجوز له المتابعة (3)، لاستلزامه الزيادة العمدية (4). ] كي تبطل به. اللهم إلا أن يستفاد من الصحيح - الوارد في المنع عن قراءة العزيمة، معللا بأن السجود زيادة في المكتوبة - قدح مثل ذلك. مضافا إلى ظهور التسالم عليه. (1) لم تظهر خصوصية في المقام تقتضي الاحتياط المذكور، فلعله من الاحتياط بالاعادة في مطلق زيادة السجدة. (2) لانه من الجهل بالتطبيق غير المنافي للامتثال. وكذا الحال فيما بعده. لكن يشكل: بأن سجود المتابعة لم يقصد به الجزئية، فلا يغني عن السجود الجزء، ولا ينطبق أحدهما على الآخر. (3) كما هو المشهور شهرة عظيمة. (4) يعني: التي هي قادحة في صحة الصلاة. لكن لو تم عدم الفصل بين الهوي والرفع - كما يظهر من جماعة - جرى في المقام ما تقدم في الرفع من أن مقتضى الجمع بين إطلاق رواية غياث وغيرها هو الحكم باستحباب

 

===============

 

( 274 )

 

وأما إذا كانت سهوا وجبت المتابعة (1)، بالعود إلى القيام أو المتابعة أيضا. لكن في تمامية عدم الفصل تأمل أو منع، كما عن ظاهر المنتهى وغيره، فالاقتصار في النصوص على خصوص موردها - وهو الرفع - والرجوع في المقام إلى القواعد المقتضية للمنع عن المتابعة - من جهة لزوم الزيادة المبطلة على تقدير المتابعة، بناء على البطلان بها وإن لم يقصد بها الجزئية، على ما تقدم في المسألة العاشرة - أو المقتضية للجواز، لاصالة البراءة عن القدح بمثل ذلك متعين. (1) ولزوم الزيادة العمدية غير مبطل للصلاة في المقام. لموثق ابن فضال: (كتبت إلى أبي الحسن الرضا (ع) في الرجل كان خلف إمام يأتم به، فركع قبل أن يركع الامام، وهو يظن أن الامام قد ركع، فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد ركوعه مع الامام، أيفسد ذلك عليه صلاته أم تجوز الركعة؟ فكتب (ع): تتم صلاته بما صنع، ولا تفسد صلاته) (* 1). ومورده وإن كان الظان، إلا أنه يمكن إلحاق مطلق المعذور به، لالغاء خصوصيته عرفا. كما أن مورده وإن كان هو الركوع إلا أنه يمكن التعدي عنه إلى السجود بالاولوية، وعدم القول بالفصل، كما اعترف به غير واحد، وان حكي عن الذخيرة: التشكيك فيه. لكن الظاهر أنه مجرد شبهة لا مجال لها. ثم إن الموثق لا تعرض فيه لوجوب المتابعة، ولا لاستحبابها، فالحكم بوجوبها مبني إما على ما تقدم من وجوب المتابعة في السهو في الرفع، بناء على عدم الفصل بينه وبين الهوي، مما عرفت اشكاله. أو على عموم وجوب المتابعة، الذي هو غير ظاهر، لاختصاصه بالافعال الصلاتية، فلا يصلح لتشريع كون الركوع المأتي به ثانيا صلاتيا، كى تجب المتابعة فيه. إلا أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 48 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 275 )

 

[ الجلوس، ثم الركوع أو السجود معه. والأحوط الاتيان بالذكر في كل من الركوعين (1) أو السجودين بأن يأتي بالذكر ثم يتابع، وبعد المتابعة - أيضا - يأتي به. ولو ترك المتابعة عمدا أو سهوا لا تبطل صلاته، وإن أثم في صورة العمد (2). نعم لو كان ركوعه قبل الامام في حال قراءته فالاحوط البطلان (3) ] يقال: قوله (ع): (تتم صلاته...) ظاهر في أن ما صنع متمم لصلاته ولأجل البناء على صحة الصلاة بدونه يتعين حمله على الاستحباب، فانه أقرب من حمله على صحة الصلاة معه، بدون فائدة له أصلا. (1) بل هو متعين في الأول، لما دل على وجوبه في ركوع الصلاة المنطبق عيله لا غير، لأن الركوع الصلاتي ملحوظ بنحو صرف الوجود الذي لا ينطبق إلا على الوجود الأول. ودعوى: كون الثاني مع الأول بمنزلة ركوع واحد يكفي الذكر في أيهما شاء. غير ثابته، بل ممنوعة. وأما وجوبه في الثاني فيتوقف على ظهور دليل فعله ثانيا في لزوم فعله كركوع الصلاة، نظير دليل القضاء الظاهر في فعله كالأداء. لكنه غير ثابت، إذ المقصود منه مجرد المتابعة، والأصل البراءة من وجوب الذكر فيه. (2) كما تقدم. (3) وعن التذكرة ونهاية الاحكام: (أطلق أصحابنا الاستقرار مع العمد والوجه التفصيل: وهو ان المأموم إن سبق إلى الركوع بعد فراغ الامام من القراءة استمر. وإن كان قبل فراغه ولم يقرأ المأموم، أو قرأ ولكن منعناه منها، أو قلنا إن الندب لا يجزئ عن الواجب بطلت صلاته وإلا فلا). وعن جماعة موافقته، منهم الشهيد في الذكري والبيان والدروس

 

===============

 

( 276 )

 

[ مع ترك المتابعة (1). كما أنه الاقوى إذا كان ركوعه قبل الامام عمدا في حال قراءته (2)، لكن البطلان حينئذ إنما هو من جهة ترك القراءة (3)، وترك بدلها، وهو قراءة الامام، كما أنه لو رفع رأسه عامدا قبل الامام، وقبل الذكر الواجب بطلت صلاته، من جهة ترك الذكر. (مسألة 13): لا يجب تأخر المأموم أو مقارنته مع ] وحواشيه على القواعد، وأبو العباس - في الموجز - والصيمري - في كشفه - والمحقق الثاني وشيخه ابن هلال وغيرهم. وفيه: أن الركوع المذكور إن وقع صحيحا مجزئا عن ركوع الصلاة فلا موجب للبطلان بترك المتابعة، بعد ما عرفت من عدم اقتضائها البطلان. وإن كان باطلا غير مجزئ عن ركوع الصلاة كان مبطلا لها، من دون فرق بين ترك المتابعة والرجوع إلى المتابعة. وإذ أن مقتضى حديث: (لا تعاد الصلاة...) صحة الركوع وفوات محل القراءة - لوقوع الركوع سهوا - يتعين القول بالصحة وان ترك المتابعة، بل لا تجدي المتابعة في تدارك القراءة - ولو ببدلها - لما عرفت من فوات محلها بالركوع الصحيح. (1) يعني: المتابعة بعد الركوع. (2) يعني: قراءة الامام. (3) فيكون الركوع واقعا في غير محله، لكون محله بعد القراءة أو بدلها والمفروض حصوله قبل ذلك، فيكون زيادة عمدية مبطلة. نعم لو كان دليل سقوط القراءة عن المأموم غير ظاهر إلا في السقوط فقط، بلا جعل لقراءة الامام بدلا عن قراءة المأموم، كان اللازم القول بالصحة، لوقوع الركوع في محله. لكنه خلاف ظاهر الدليل.

 

===============

 

( 277 )

 

[ الامام في الأقوال، فلا تجب فيها المتابعة (1)، ] (1) كما عن الأكثر. لا وجوبا نفسيا، ولا شرطا في صحة الصلاة، ولا شرطا في بقاء القدوة. أما انتفاء الأخيرين فلما عرفت في المتابعة في الأفعال. وأما انتفاء الاول: فلأن العمدة في اثباته في الافعال هو الاجماع وكونها من شؤن الامامة. وانتفاء الاول هنا ظاهر. وأما الثاني: فلعدم ثبوت كون الامامة المجعولة للامام بلحاظ الاقوال كالافعال، بل لعل المرتكز في أذهان المتشرعة عدمه. كيف! ولا يجب اسماع الامام المأمومين فيها - بل لا يمكن في كثير من الموارد - ولا تجب موافقتهم له في خصوصيات الاقوال، فكيف يمكن أن تكون الامامة مجعولة بلحاظها؟ ومع الشك يكفي أصل البراءة في نفيه. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن الدروس والبيان والجعفرية وإرشادها وكشف الالتباس: من وجوب المتابعة فيها أيضا، كضعف الاستدلال له باطلاق معقد الاجماع على وجوبها المحكي عن بعضهم. وبالنبوي (* 1) حيث ذكر فيه التكبير الذي هو من قبيل الاقوال، فيكون ذكره من باب المثال كذكر الركوع والسجود مثالا للافعال إذ لا مجال للتمسك باطلاق معقد الاجماع، مع ذهاب الاكثر إلى خلافه. والنبوي لما كان ذكر التكبير فيه - كذكر الركوع والسجود - تفريعا على الائتمام الذي هو من مقتضيات الامامة فإذا كانت الامامة مجعولة بلحاظ الافعال، يتعين حمل ذكر التكبير فيه على كونه لوحظ مرآة للدخول في الصلاة فكأنه صلى الله عليه وآله قال: فإذا دخل في الصلاة فادخلوا معه وتابعوه، لاأنه ملحوظ من حيث كونه قولا في قبال الفعل. مضافا إلى أن وجوب المتابعة في التكبير - بمعنى: عدم جواز التأخر الفاحش كما هو ظاهر النبوي - لعله خلاف الاجماع. ومن هنا لا يبعد حمل كلام

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكره في المسألة: 7 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 278 )

 

[ سواء الواجب منها والمندوب، والمسموع منها من الامام وغير المسموع (1)، وإن كان الأحوط التأخر (2)، خصوصا مع السماع (3)، وخصوصا في التسليم (4). وعلى أي حال لو تعمد فسلم قبل الامام لم تبطل صلاته. ولو كان سهوا لا تجب إعادته (5) بعد تسليم الامام. هذا كله في غير تكبيرة الاحرام. وأما فيها فلا يجوز ] من أطلق وجوب المتابعة على المتابعة في الافعال خاصة. ولا سيما بقرينة دعوى الاجماع من بعضهم عليه، وتفريع خصوص الرفع والهوي قبل الامام عليه أيضا. (1) لعدم الفرق بينها في جريان الأصول المذكورة. نعم لو قيل بالوجوب، - أخذا باطلاق معقد الاجماع على وجوب المتابعة، أو بظاهر النبوي - أمكن التفصيل بينها، لانصراف الدليل إلى الواجب أو المسموع دون غيره. (2) خروجا عن شبهة الخلاف. (3) وكذا في الواجب. لتأكد شبهة الخلاف فيهما. (4) لاحتمال اختصاصه بوجود المتابعة، وان لم نقل به في غيره. من الاقوال، كما يومئ إليه تقييد جماعة جواز التسليم قبل الامام بالعذر أو بقصد الانفراد. وإن كان مندفعا بصحيح أبي المعزا: (في الرجل يصلي خلف إمام فسلم قبل الامام. قال (ع): ليس بذلك بأس " (* 1) ونحوه صحيح الحلبي في الامام يطيل التشهد (* 2). وحملهما على صورة قصد الانفراد خلاف إطلاقهما. (5) كما يقتضيه الأصل، ويستفاد من النص

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 64 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 64 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 279 )

 

[ التقدم على الامام (1)، بل الأحوط تأخره عنه (2)، ] (1) إجماعا صريحا، كما عن الروض والحدائق، وبلا خلاف، كما عن الذخيرة والكفاية. لامتناع تحقق الاقتداء بلا مقتدى به. وللمروي في قرب الاسناد في أحكام صلاة الأموات - عن الكاظم (ع): (في الرجل يصلي أله أن يكبر قبل الامام؟ قال (ع): لا يكبر إلا مع الامام، فإن كبر قبله أعاد) (* 1). مع أن الشك كاف في الحكم بالعدم، لأصالة عدم الامامة. (2) وعن المدارك والذخيرة وغيرهما تعينه. وعن الرياض: نسبته إلى فتوى الأصحاب. للأصل المتقدم، والنبوي المشهور. لكن الأصل لا مجال له مع الدليل. ودلالة المروي عن قرب الاسناد لا مجال للاشكال فيها. وظهوره في تعين المقارنة - الذي هو خلاف الاجماع - لا يقدح في حجيته، لامكان حمله على الحصر الاضافي، ولا بأس به. والنبوي قد عرفت قرب دعوى: ظهوره في المنع عن التأخر المنافي للائتمام، لا في مقام إيجاب التأخر. مع أنه لو سلم أنه في هذا المقام وجب حمله على الأول، جمعا بينه وبين المروي عن قرب الاسناد. وحمل الثاني على مجرد نفي التقدم مجاز لا يصار إليه بلا قرينة عليه. ومثله حمله على التقية، فالقول بجواز المقارنة فيها - كما عن المبسوط والذكرى - أنسب بقواعد العمل بالأدلة. اللهم إلا أن يستشكل في خبر قرب الاسناد، للمناقشة في سنده. لأن فيه: (عبد الله بن الحسن) العلوي المجهول، لاهمال ذكره في كتب الرجال. وفي دلالته باحتمال إرداة التكبير المستحب، بقرينة فرض كون الرجل مصليا، وأمره (ع) بالاعادة مطلقا. ولو أريد تكبيرة الاحرام

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب صلاة الجنازة حديث: 1.

 

===============

 

( 280 )

 

[ بمعنى أن لا يشرع (1) فيها إلا بعد فراغ الامام منها، وإن كان في وجوبه تأمل (2). (مسألة 14): لو أحرم قبل الامام سهوا أو بزعم أنه كبر كان منفردا (3)، ] كانت الاعادة مبطلة. وحمله على أن الاعادة للتكبير بعد إبطال الصلاة بفعل المبطل المحرم في نفسه خلاف الظاهر. فلاحظ. (1) هذا أحد معاني التأخر. والمعنى الثاني: أن يتأخر عنه في الشروع في التكبير والفراغ عنه. والثالت: أن يتأخر عنه في الشروع فيه وإن فرغ معه أو قبله. وهذا المعاني مترتبة في الاحتياط. والأول منها قواه في الجواهر، (لا مكان منع صدق الاقتداء بالمصلي عرفا قبل الائتمام، لا أقل من عدم انصراف الاطلاق إليه). لكن الأقوى الثالث، لأنه أوفق بالمرتكز العرفي من معنى الامامة والقدوة - بناء على اقتضائه التأخر كما سبق - إذ يكفي في التأخر التأخر في الشروع لأن التكبير جزء من الصلاة، فالشروع فيه شروع في الصلاة، ولا يتوقف صدق المصلي على الفراغ منه. بل هو أوفق بالنبوي أيضا، بقرينة سياقه مساق الركوع والسجود، إذ المراد فيهما التأخر في الشروع، كما هو ظاهر. (2) قد عرفت وجهه. ثم إني لم أقف على من تعرض لعدم جواز التأخر الفاحش في التكبير. ومقتضى أصالة عدم انعقاد القدوة إلا به جوازه لأصالة البراءة من حرمته. لكن ظاهر النبوي انعقاد الامامة للامام قبل التكبير والشروع في الصلاة. وحينئذ تجب المتابعة له في ذلك، كما تجب المتابعة له في الركوع والسجود ولا مانع الأخذ به. إلا أن ينعقد إجماع على خلاصه، كما لعله الظاهر. فراجع. (3) وحينئذ فإن كانت صلاته مما تصح منفردا صحت كذلك،

 

===============

 

( 281 )

 

[ فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة (1)، وأتمها أو قطعها. (مسألة 15): يجوز للمأموم أن يأتي بذكر الركوع والسجود أزيد من الامام. وكذا إذا ترك بعض الأذكار المستحبة يجوز له الاتيان بها، مثل تكبيرة الركوع والسجود وبحول الله وقوته ونحو ذلك (2). (مسألة 16): إذا ترك الامام جلسة الاستراحة لعدم كونها واجبة عنده لا يجوز للمأموم - الذي يقلد من يوجبها أو يقول بالاحتياط الوجوبي - أن يتركها. وكذا إذا اقتصر في التسبيحات على مرة. مع كون المأموم مقلدا لمن يوجب الثلاث. وهكذا. ] بناء على أن بطلانها جماعة لا يلازم بطلانها فرادى، كما هو الظاهر، حسبما عرفته. والأمر بالاعادة في المروي عن قرب الاسناد - بناء على كونه فيما نحن فيه - محمول إما على صلاة لا تصح فرادى. أو على مشروعية القطع لادراك الجماعة في التكبير، بناء على جواز الائتمام بعد الانفراد، أو في الصلاة - في الجملة - بناء على عدم جوازه. (1) أما جواز ذلك فيأتي بيان وجهه في المسألة السابعة والعشرين. وأما تعين ذلك في تحصيل الائتمام في الصلاة فهو خلاف إطلاق رواية قرب الاسناد، بناء على بعض محتملاتها، كما عرفت. (2) إذ لاريب في عدم وجوب متابعة المأموم للامام في أمثال ذلك فيجوز له أن يخالفه في كيفية التسبيح. كما يجوز أن يخالفه في كميته أيضا فأدلة مشروعية كل من الكيف والكم محكمة. لكن ذلك حيث لا يلزم إخلال بالمتابعة، وإلا جرى عليه حكمه، من إثم أو بطلان أو غيرهما. وكذا

 

===============

 

( 282 )

 

[ (مسألة 17): إذا ركع المأموم ثم رأي الامام يقنت في ركعة لا قنوت فيها يجب عليه العود إلى القيام (1)، لكن يترك القنوت (2). وكذا لو رآه جالسا يتشهد في غير محله وجب عليه الجلوس معه، لكن لا يتشهد معه. وهكذا في نظائر ذلك. (مسألة 18): لا يتحمل الامام عن المأموم شيئا من أفعال الصلاة (3)، غير القراءة في الأولتين إذا أئتم به فيهما. وأما في الاخيرتين فلا يتحمل عنه، بل يجب عليه بنفسه أن يقرأ الحمد أو يأتي بالتسبيحات، وإن قرأ الامام فيهما وسمع قراءته (4). وإذا لم يدرك الأولتين مع الامام وجب عليه ] الكلام في المسألة اللاحقة، فان أدلة وجوب الفعل - عقليا كان أم شرعيا - محكمة. (1) يعنى: للمتابعة. والظاهر أنه لا إشكال في ذلك عندهم، وإن كان يشكل من جهة عدم كون القيام المذكور مشروعا. ولكن يدفع: بأن الرجوع لتحصيل المتابعة في الركوع المشروع، وكذا الحال في أمثاله. (2) إذ لا دليل على مشروعيته. وأدلة وجوب المتابعة قاصرة عن إثباتها فلو فعله بقصد المشروعية كان تشريعا محرما، يترتب عليه ما يترتب على مطلق التشريع. (3) بلا اشكال ظاهر. والنصوص به وافية، ففي موثق سماعة: (أن الامام ضامن للقراءة، وليس يضمن الامام صلاة الذين خلفه، إنما يضمن القراءة) (* 1) ونحوه غيره. (4) كما تقدم في المسألة الأولى. فراجع.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 283 )

 

[ القراءة فيهما (1)، لانهما أولتا صلاته. وإن لم يمهله الامام ] (1) كما عن المرتضى والشيخ في التهذيبين، وظاهر النهاية والمبسوط وابن زهرة والحلبي وجماعة من متأخري المتأخرين، كالمحدث البحراني والمحقق البهبهاني وغيرهما. للنصوص الظاهرة فيه، كصحيح ابن الحجاج عن الصادق (ع) (عن الرجل يدرك الركعتين الاخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة؟ فقال (ع): إقرأ فيهما، فانهما لك الأولتان، ولا تجعل أول صلاتك آخرها) (* 1) وصحيح ابن أبي عبد الله عنه (ع): (إذا سبقك الامام بركعة فأدركت القراءة الاخيرة، قرأت في الثالثة من صلاته، وهي اثنتان لك، فان لم تدرك معه إلا ركعه واحدة قرأت فيها وفي التي تليها. وإن سبق بركعة جلست في الثانية لك - والثالثة له - حتى تعتدل الصفوف قياما) (* 2). وصحيح زرارة: (إن أدرك من الظهر - أو من العصر أو من العشاء - ركعتين وفاته ركعتان، قرأ في كل ركعة - مما أدرك خلف الامام - في نفسه بأم الكتاب وسورة، فان لم يدرك السورة تامة أجزأته أم الكتاب... (إلى أن قال): وإن أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام، فإذا سلم الامام قام فقرأ بأم الكتاب وسورة، ثم قعد فتشهد، ثم قال فصلى ركعتين ليس فيها قراءة) (* 3) وقريب منها غيرها، المعتضدة بما دل على وجوب القراءة في الصلاة. وبها يخرج عما دل على سقوطها على المأموم وضمان الامام لها مع إمكان دعوى: انصرافه إلى المأموم في الأوليين، كما يشهد به إطلاق الضمان. إذ لا يتحملها الامام مطلقا إلا وهو فيهما. ومنه يظهر ضعف ما عن المنتهى والتذكرة والمختلف والنفلية والفوائد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 4.

 

===============

 

( 284 )

 

[ لا تمامها اقتصر على الحمد وترك السورة (1) وركع معه. وأما إذا أعجله عن الحمد أيضا فالأحوط إتمامها (2) واللحوق به ] الملية، بل وعن السرائر: من استحباب القراءة، جمعا بين النصوص المتقدمة وبين ما دل على ضمان الامام لها. أو لقصور النصوص عن إثبات الوجوب لاشتمالها على الأمر بالمندوب والنهي عن المكروه ونحو ذلك، مما لا يصلح لرفع اليد عن ظاهر الطلب. مع عدم اطراد بعضه في جميعها. ولقد أطال في الجواهر في استقصاء ذلك ودفعه. فراجعه. (1) بلا إشكال، كما في الجواهر. ويدل عليه صحيح زرارة السابق (* 1) (2) وقواه في المستند، وحكي عن المحقق القمي. وهو الذي تقتضيه أدلة وجوبها. ولا مجال لمعارضتها بدليل وجوب المتابعة - سواء أكان مفاده شرطيتها في بقاء الائتمام. في الصلاة، أم وجوبها النفسي، أم شرطيتها في صحة الصلاة - لأن المتابعة - بأي نحو اعتبرت - إنما تعتبر في الصلاة الصحيحة فأدلة الجزئية للصلاة والشرطية مقدمة على دليلها، فلا يكون دليل وجوب المتابعة مزاحما لدليل وجوب القراءة، ولا وجوب غيرها من الاجزاء والشرائط بوجه. وهكذا الحال في الموانع. إلا أن يقوم دليل بالخصوص على سقوط الجزئية أو الشرطية أو المانعية فيجب حينئذ إعمال دليل وجوب المتابعة. ولذا قوى في الجواهر وغيرها: وجوب المتابعة في المقام وترك الفاتحة، لصحيح معاوية: (عن الرجل يدرك آخر صلاة الامام - وهي أول صلاة الرجل - فلا يمهله حتى يقرأ، فيقضي القراءة في آخر صلاته؟ قال (ع): نعم) (* 2) (* 3) فان الظاهر من عدم

 

 

____________

(* 1) تقدم في التعليقة السابقة. (* 2) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. * (3) قد تشكل الرواية: بعدم ظهورها في تشريع ترك القراءة بل في مقام قضاء ما ترك. لكنه ظاهرة في المفروغية عن جواز تركها إذا لم يمهله الامام. (منه مد ظله).

 

===============

 

( 285 )

 

[ في السجود أو قصد الانفراد. ويجوز له قطع الحمد والركوع معه، لكن في هذه لا يترك الاحتياط باعادة الصلاة (1). (مسألة 19): إذا أدرك الامام في الركعة الثانية تحمل عنه القراءة (2) فيها، ووجب عليه القراءة في ثالثة الامام ] إمهال الامام ركوعه قبل قراءة المأموم، لا رفع رأسه قبلها. وإطلاقه وان كان يقتضي اختصاصه بصورة عدم الشروع في القراءة أصلا، فيكون المرجع - في صورة الشروع فيها - القاعدة المتقدمة المقتضية لوجب إتمامها. إلا أنه يمكن التعدي إليها عرفا، بالغاء خصوصية المورد. ولا سيما مع احتمال دخول الصورة الثانية في الرواية، بأن يكون المراد القراءة الموظفة. ومنه يظهر الاشكال في كون الاتمام أحوط - بناء على ما اختاره من وجوب المتابعة إذ أنه يلزم من الاتمام ترك المتابعة الواجبة. نعم هو أحوط، بلحاظ صحة الصلاة لاغير. نعم قصد الانفراد أحوط من حيث الوضع والتكليف معا، بناء على جوازه، كما جزم به سابقا. ثم إنه لو بني على التزاحم بين وجوب القراءة ووجوب المتابعة، وجب إعمال قواعد التزاحم بينهما من التخيير أو الترجيح، ويمكن أن يقال حينئذ: بوجوب قصد الانفراد في نظر العقل، فرارا عن الابتلاء بالتزاحم بينهما والوقوع في خلاف غرض الشارع، لعدم الفرق في القبح عند العقل بينه وبين تفويت الغرض بالمعصية. وقد أشرنا إلى ذلك في مبحث قراءة العزيمة في الفريضة. (1) قد عرفت وجهه. (2) لما تقدم. ويشير إليه صحيح ابن أبي عبد الله المتقدم (* 1) كما تضمن أيضا: القراءة في ثالثة الامام.

 

 

____________

(* 1) مر ذلك في المسألة: 18 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 286 )

 

[ الثانية له، ويتابعه في القنوت (1) في الأولى منه، وفي التشهد (2) والأحوط التجافي فيه (3). ] (1) ففي موثق عبد الرحمن بن أبى عبد الله عن أبي عبد الله (ع): (في الرجل يدخل الركعة الاخيرة من الغداة مع الامام، فقنت الامام، أيقنت معه؟ قال (ع): نعم، ويجزئه من القنوت لنفسه) (* 1). ولاجل احتماله السؤال عن المشروعية بل لعل ظاهره ذلك - لا يكون ظاهرا في الوجوب ولأجل ذلك حكي التصريح بالاستحباب عن جماعة. وفي الجواهر: جعله مما ينبغي. ولعله ظاهر المتن. (2) ففي موثق الحسين بن المختار وداود بين الحصين: (سئل عن رجل فاتته صلاة ركعة من المغرب مع الامام، فأدرك الثنتين، فهي الأولى له والثانية للقوم، ويتشهد فيها؟ قال (ع): نعم. قلت: والثانية أيضا؟ قال (ع): نعم. قلت: كلهن؟ قال (ع): نعم، وإنما هي بركة) (* 2). ونحوه خبر إسحاق بن يزيد (* 3). وقد يستفاد ذلك من غيرهما. (3) بل عن الصدوق: وجوبه. وربما نسب إلى ظاهر السرائر والغنية والحلبي وابن حمزة. وفي الجواهر: (لا يخلو عن قوة). للأمر به في النصوص، كصحيح الحلبي: (ومن أجلسه الامام في موضع - يجب أن يقوم فيه - تجافى، أو أقعى إقعاء ولم يجلس متمكنا) (* 4) وفي صحيح ابن الحجاج: (يتجافى ولا يتمكن من القعود) (* 5). لكن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب القنوت حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 66 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 66 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 67 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 67 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 287 )

 

[ كما أن الأحوط التسبيح (1) عوض التشهد، وإن كان الأقوى جواز التشهد، بل استحبابه (2) أيضا. وإذا أمهله الامام في الثانية له للفاتحة والسورة والقنوت أتى بها (3). وإن لم يمهله ترك القنوت (4). وإن لم يمهله للسورة تركها (5). وإن لم يمهله لاتمام الفاتحة - أيضا - فالحال كالمسألة المتقدمة (6 (). من أنه يتمها ويلحق الامام في السجدة. أو ينوي الانفراد. أو يقطعها ويركع مع الامام ويتم الصلاة ويعيدها. (مسألة 20): المراد بعدم إمهال الامام - المجوز ] ظاهر الأكثر - حيث أطلقوا الجلوس -: هو العدم، حملا للأمر على الندب. لبعد تقييد القعود المذكور في بعض النصوص بذلك، لأنه فرد خفي يأبى المطلق عن حمله عليه. فتأمل. (1) بل عن النهاية وظاهر محكي السرائر: الامر بالتسبيح والمنع عن التشهد، بل لعله ظاهر غيرهم، ممن اقتصر على الامر بالتسبيح. وفي الجواهر: (لم نعرف لهم شاهدا على ذلك). (2) لما عرفت من الأمر به، المحمول على الاستحباب إجماعا، ويقتضيه - أيضا - ظاهر كونه بركة، كما في الموثق السابق. (3) لعموم أدلتها. (4) لاستحبابه، فلا يزاحم الواجب، وهو المتابعة. (5) لصحيح زرارة المتقدم (* 1). (6) ولا مجال للاقتصار على مورد الصحيح - وهو الركعة الاولى - والرجوع في الثانية إلى القاعدة المتقدمة، لعدم الفصل بينهما. فتأمل.

 

 

____________

(* 1) مر ذكره في اواخر المسألة: 7 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 288 )

 

[ لترك السورة - ركوعه قبل شروع (1) المأموم فيها، أو قبل إتمامها، وإن أمكنه إتمامها قبل رفع رأسه من الركوع، فيجوز تركها بمجرد دخوله في الركوع ولا يجب الصبر إلى آواخره وإن كان الأحوط قراءتها، ما لم يخف (2) فوت اللحوق في الركوع، فمع الاطمئنان بعدم رفع رأسه قبل إتمامها لا يتركها ولا يقطعها. (مسألة 21): إذا اعتقد المأموم إمهال الامام له في قراءته فقرأها ولم يدرك ركوعه لا تبطل صلاته، بل الظاهر عدم البطلان إذا تعمد (3) ذلك، بل إذا تعمد الاتيان بالقنوت مع علمه بعدم درك ركوع الامام فالظاهر عدم البطلان. ] (1) فإنه الظاهر من صحيح معاوية المتقدم (* 1). (2) هذا على إطلاقه غير ظاهر، إذ قد يؤدي ذلك إلى التأخر الفاحش الذي قد تقدم: أنه ينافي المتابعة الواجبة، فاللازم تقييده بذلك، لا بما في المتن، إذ قد يكون بقاء المأموم قائما إلى زمان رفع الامام رأسه من ركوعه لا ينافي المتابعة، فلا يمنع من كون الأحوط قراءة السورة حينئذ. وكيف كان، فالوجه في كون الاحوط هو القراءة - مع ظهور النص في جواز تركها بمجرد ركوع الامام - احتمال أن يكون المراد من عدم الامهال في النص فوات المتابعة على تقدير القراءة، فيختص الترخيص في ترك السورة بصورة فوات المتابعة من قراءتها. (3) لما تقدم: من عدم اقتضاء ترك المتابعة للبطلان. وكذا التخلف في ركن بل ركنين. ومنه يظهر الوجه في بقية المسألة.

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 18 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 289 )

 

[ (مسألة 22): يجب الاخفات في القراءة خلف الامام وإن كانت الصلاة جهرية، سواء كان في القراءة الاستحبابية (1) - كما في الأولتين مع عدم سماع صوت الامام - أو الوجوبية، كما إذا كان (2) مسبوقا بركعة أو ركعتين. ولو جهر جاهلا أو ناسيا لم تبطل صلاته (3). ] (1) ليس في النصوص ما يدل على وجوب الاخفات في المقام، بل الجهر فيه هو مقتضى إطلاق أدلة الجهر. بل الظاهر: أن الادلة الدالة على مشروعية القراءة أو استحبابها ظاهرة في اتحادها مع قراءة المنفرد في جميع الخصوصيات الراجعة إلى المادة والهيئة، حتى الجهر والاخفات، والتشكيك في ذلك في غير محله. نعم ربما يستفاد وجوب الاخفات مما يأتي في المسبوق، بدعوى: كون المفهوم منه أن ذلك من أحكام الجماعة مطلقا بلا خصوصية لمورده. وهو غير بعيد، فان تم، وإلا كان المتعين الجهر لا التخيير. وإن استظهره في المستند، لأجل قصور أدلة وجوب الجهر عن إثباته في المقام. والاجماع المركب غير معلوم. إذ فيه: ما عرفت من وفاء الادلة به. (2) لما في صحيح زرارة المتقدم من قوله (ع): (قرأ في كل ركعة - مما أدرك خلف الامام - في نفسه بأم الكتاب وسورة) (* 1) وفي المستند اختار الاستحباب، لعدم ظهور الجملة الخبرية في الوجوب. ولكنه ممنوع كما حقق في محله. (3) لصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): (في رحل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه، وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه، فقال (ع): أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الاعادة، فان فعل ذلك ناسيا،

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 18 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 290 )

 

[ نعم لا يبعد استحباب الجهر بالبسملة (1)، كما في سائر موارد وجوب الاخفات. (مسألة 23): المأموم المسبوق بركعة يجب عليه التشهد في الثانية (2) منه الثالثة للامام، فيتخلف عن الامام ويتشهد ثم يلحقه في القيام، أو في الركوع إذا لم يمهله للتسبيحات (3) فيأتي بها - ويكتفي بالمرة (4) - ويلحقه في الركوع أو السجود وكذا يجب عليه التخلف عنه في كل فعل وجب (5) عليه دون الامام - من ركوع أو سجود أو نحوهما - فيفعله ثم ] أو ساهيا، أو لا يدري فلا شئ عليه، وقد تمت صلاته) (* 1) وقد تقدم الكلام فيه في القراءة. (1) لاطلاق أدلة استحبابه، الشامل للمقام. ويمكن أن يقال: المطلق منها ضعيف لا يمكن رفع اليد به عن الصحيح. وأدلة التسامح - لو تمت في نفسها - لا تجري في قبال أدلة الحرمة. وفيه: أنه لو سلم الضعف فمنجبر بعمل الأصحاب. وعدم ثبوت العمل في المقام غير قادح في الجبر لكفاية العمل في الجملة في حصوله. وقد تقدم بعض الكلام فيه في القراءة فراجع. (2) إجماعا، ففي صحيح عبد الرحمن البصري: (إذا سبقك الامام بركعة جلست في الثانية - والثالثة له - حتى تعتدل الصفوف قياما) (* 2) (3) يعني: لم يمهله لأن يقوم إلى التسبيحات، بأن ركع الامام قبل أن يقوم المأموم. (4) فانها تكفي ولو للمنفرد. (5) للقاعدة المتقدمة في المسألة الثامنة عشرة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 47 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 291 )

 

[ يلحقه، إلا ما عرفت من القراءة في الأوليين (1). (مسألة 24): إذا أدرك المأموم الامام في الأخيرتين فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه، وجب عليه قراءة (2) الفاتحة والسورة إذا امهله لهما، وإلا كفته الفاتحة على ما مر. ولو علم أنه لو دخل معه لم يمهله لاتمام الفاتحة أيضا فالأحوط عدم الاحرام، إلا بعد ركوعه (3)، فيحرم حينئذ ويركع معه، وليس عليه الفاتحة حينئذ (4). ] (1) وفي الجواهر: ألحق بها التسبيحات في الركعات الاخيرة، والأذكار في الركوع والسجود. ولكنه غير ظاهر من النصوص. والتعدي من القراءة إليها أشبه بالقياس مع الفارق، لقلة الاهتمام بالقراءة في الاوليين. ولذا تسقط مع الائتمام بأولتي الامام، ولا كذلك المذكورات. (2) تقدم وجهه. (3) منشؤه: التوقف في سقوط الفاتحة إذا لم يمهله لها، المؤدي إلى الدوران - على تقدير الاحرام قبل ركوع الامام - بين احتمال فساد الصلاة على تقدير المتابعة وترك الفاتحة، وبين احتمال الاثم على تقدير القراءة وترك المتابعة. قال في محكي الحدائق: (الأحوط للمأموم - الذي لا يعلم التمكن من القراءة - ألا يدخل مع الامام، إلا عند تكبيرة الركوع، فانه لا قراءة حينئذ). ومثله محكي الرياض. لكن لما عرفت من أن الظاهر: جواز ترك القراءة لو لم يمهله الامام، فالاحتياط المذكور استحبابي. نعم لو بني على كون المقام من باب التزاحم بين وجوب القراءة ووجوب المتابعة تعين ترك الدخول في الجماعة. كما أنه لو دخل تعين الانفراد، كما أشرنا إلى ذلك في المسألة الثامنة عشرة. (4) وظاهر ما تقدم عن الحدائق والرياض: المفروغية عنه، كما يظهر

 

===============

 

( 292 )

 

[ (مسألة 25): إذا حضر المأموم الجماعة ولم يدر أن الامام في الأوليين أو الأخيرتين قرأ الحمد والسورة بقصد القربة (1)، فإن تبين كونه في الأخيرتين وقعت في محلها، وإن تبين كونه في الأوليين لا يضره ذلك (2). (مسألة 26): إذا تخيل أن الامام في الأوليين فترك القراءة ثم تبين أنه في الأخيرتين، فإن كان التبين قبل الركوع قرأ - ولو الحمد (3) فقط - ولحقه. وإن كان بعده صحت صلاته (4). وإذا تخيل أنه في إحدى الأخيرتين فقرأ ثم تبين ] ذلك أيضا مما ورد في المشي إلى الصف، وفي إدراك الركعة بادراك الركوع فلاحظ البابين المعقودين لذلك في الوسائل (* 1) (1) هذا مقتضى الاحتياط. وأما مقتضى الأصل فعدم وجوب قراءتها للشك فيه. اللهم إلا أن يرجع إلى عموم ما دل على وجوب القراءة، بناء على الرجوع إلى العام في الشبهة المصداقية مطلقا. أو في خصوص ما لو أمكن نفي عنوان الخاص بأصالة العدم، إذ الخاص في المقام المأموم في أوليي الامام، والأصل عدم كونه كذلك. وأما أصالة بقاء الامام في الأوليين فلا يصلح لنفي القراءة، الا إذا كان عنوان الخاص في المقام المأموم بامام هو في الاوليين. لكنه غير ظاهر من الأدلة، بل الظاهر منها: أن عنوان الخاص المأموم بامام في ركعة هي إحدى الاوليين. وأصالة بقاء الامام في الاوليين لا تصلح لاثبات كون الركعة هي إحدى الاوليين.، إلا بناء على الاصل المثبت (2) لعدم قدح القراءة غير الموظفة بالخصوص. (3) لعموم دليل وجوب القراءة. (4) لعدم قدح نقص القراءة - سهوا - إجماعا، لأنها سنة، والسنة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 45 و 46 من ابواب صلاة الجماعة.

 

===============

 

( 293 )

 

[ كونه في الاوليين فلا بأس (1). ولو تبين في أثنائها لا يجب اتمامها (2). (مسألة 27): إذا كان مشتغلا بالنافلة فأقيمت الجماعة وخاف من إتمامها عدم إدراك الجماعة - ولو كان بفوت الركعة الأولى منها - جاز له قطعها، بل استحب ذلك (3)، ولو ] لا تنقض الفريضة، كما في النص (* 1). (1) لعدم قدح زيادة القراءة - سهوا - إجماعا. وسيأتي في محله إن شاء الله. (2) لما عرفت من سقوط القراءة عنه في الأوليين. (3) كما هو المعروف. لصحيح عمر بن يزيد: (سأل أبا عبد الله (ع) عن الرواية التي يروون: أنه لا يتطوع في وقت فريضة، ما حد هذا الوقت؟ قال (ع): إذا أخذ المقيم في الاقامة، فقال له: إن الناس يختلفون في الاقامة. فقال (ع): المقيم الذي يصلي معه) (* 2) واستظهار الابتداء دون ما يعم الاستدامة - كما في الجواهر - غير ظاهر. ولا سيما بملاحظة مناسبة الحكم والموضوع. (ودعوى): كون القرينة عليه حرمة قطع النافلة الملازم لوجوب فعلها بعد الشروع فيها، فلا تكون حينئذ من التطوع، كما في المستند. (مندفعة أولا): بالمنع من حرمة قطع النافلة، (وثانيا): بأن الظاهر من التطوع: ما كان تطوعا لا بالنظر إلى حرمة القطع، بل يكون صرف وجوده تطوعا، وإن وجب إتمامه على تقدير الشروع فيه. كما أن مقتضى النص القطع حال إقامة المقيم، وإن أمكنه إدراك الركعة الاولى،

 

 

____________

(* 1) اشارة إلى حديث: (لا تعاد الصلاة...) لاحظ الوسائل باب: 14 من افعال الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 44 من ابواب الأذان والاقامة حديث: 1.

 

===============

 

( 294 )

 

[ قبل إحرام الامام للصلاة. ولو كان مشتغلا بالفريضة منفردا وخاف من إتمامها فوت الجماعة، استحب له العدول بها (1) ] بل وإن أمكنه إدراك التكبير للافتتاح. لكن الظاهر من غير واحد: اعتبار خوف فوت الجماعة، إما مطلقا - كما عن الاردبيلى واحتمله غيره - أو خصوص الركعة الاولى - كما لعله ظاهر أكثرهم - أو خصوص القراءة، كما عن المحقق الثاني. نعم عن الدروس والبيان واللمعة والنفلية والموجز الحاوي وايضاح النافع: عدم التقييد بذلك واستحسنه في محكي المسالك، وهو الاوفق بظاهر الصحيح. كما أن الظاهر منه: أفضلية القطع لتدارك فضل الجماعة، كما هو ظاهر الاكثر. وعن الشيخ في النهاية وغيره: التعبير بالجواز. وعن الروض: (لعل الاستحباب متفق عليه، وإن عبر جملة منهم بالجواز المطلق، لان الظاهر إرادتهم الاستحباب لا الاباحة). وفي مفتاح الكرامة: دعوى الاجماع المعلوم على الاستحباب (1) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل ظاهر جماعة الاجماع عليه. لصحيح سليمان بن خالد: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل دخل المسجد، فافتتح الصلاة، فبينما هو قائم يصلي إذ أذن المؤذن وأقام الصلاة، قال (ع): فليصل ركعتين، ثم ليستأنف الصلاة مع الامام ولتكن الركعتان تطوعا " (* 1) وموثق سماعة: (عن رجل كان يصلي، فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة، قال (ع): إن كان إماما عدلا فليصل أخرى ولينصرف، ويجعلها تطوعا، وليدخل مع الامام في صلاته...) (* 2) والمناقشة في الاستحباب: بعدم ظهور الامر فيه - لوروده مورد توهم الحضر - لا يصغى إليها - كما في الجواهر - لعدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 56 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 56 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 295 )

 

[ إلى النافلة وإتمامها ركعتين، إذا لم يتجاوز محل العدول (1)، بأن دخل في ركوع الثالثة، بل الأحوط عدم العدول (2) إذا قام للثالثة وإن لم يدخل في ركوعها. ولو خاف من إتمامها ركعتين فوت الجماعة - ولو الركعة الاولى منها - جاز له القطع بعد العدول (3) إلى النافلة على الاقوى، ] ظهور القرينة المذكورة. مع حكاية ظاهر الاجماع عليه، كما عرفت. (1) لقصور الحديثين عن إثبات الحكم حينئذ. (2) لقصور الحديثين أيضا عن إثبات الحكم. أما ثانيهما: فظاهر. وأما الاول: فمقتضى الامر بصلاة ركعتين عدم بلوغهما، فضلا عن صورة الزيادة عليهما. مع أن البناء على عدم جواز العدول بعد الدخول في ركوع الثالثة يقتضي البناء على عدمه قبله أيضا، لأن الزائد على الركعتين كان في محله حين الاتيان ولم يكن زيادة في الصلاة، فدليل العدول إن شرع العدول في بعض المأتي به فليشرعه ولو بعد ركوع الثالثة. وإن لم يشرعه في البعض دون البعض لم يشرعه في المقامين، فالتفكيك بين ما قبل الركوع وما بعده - في جواز العدول وعدمه - غير ظاهر. وكأنه لذلك منع عن العدول في الفرض في التذكرة والنهاية ومجمع البرهان وغيرها، على ما حكي. (3) لأن الصلاة بعد العدول تكون نافلة ويجوز قطع النافلة. وفي الجواهر: (إن صيرورتها بعد العدول نافلة أيضا لا يستلزم جريان حكم النافلة ابتداء عليها). وكأنه لاستصحاب حرمة القطع. والمنع عنه - لتعدد الموضوع - غير ظاهر، إذ الموضوع - عرفا - نفس الصلاة، والفرضية والنفلية من الحالات المتبادلة على الموضوع الواحد. واما احتمال: كون العدول بعد الاتمام - كما في الجواهر وعن مجمع البرهان: نفي البعد عنه.

 

===============

 

( 296 )

 

[ وإن كان الاحوط عدم قطعها (1) بل إتمامها ركعتين، وإن استلزم ذلك عدم إدراك الجماعة في ركعة أو ركعتين. بل لو علم عدم إدراكها أصلا - إذا عدل إلى النافلة وأتمها - فالأولى والأحوط عدم العدول وإتمام الفريضة (2)، ثم إعادتها جماعة إن اراد وأمكن. (مسألة 28): الظاهر عدم الفرق - في جواز العدول من الفريضة إلى النافلة لادراك الجماعة - بين كون الفريضة التي اشتغل بها ثنائية أو غيرها، ] وأما قبل الاتمام فهي على فرضيتها، فقطعها قطع للفريضة - فهو خلاف ظاهر النص جدا. نعم لا تبعد دعوى: جواز القطع قبل العدول، لعدم الدليل على عموم المنع. والاجماع على المنع عنه في المقام غير ثابت، بل معلوم العدم فقد حكي عن جماعة من الاساطين: جوازه، كالشيخ في موضعين من المبسوط، والقاضي والشهيد في الذكرى والدروس والبيان، وجماعة من متأخري المتأخرين. والاقتصار في النص على العدول إلى النافلة لا يدل على المنع عن القطع، لا قبل العدول، ولا بعده، لجواز أن يكون محافظة على صحة العمل، كما لعله ظاهر (1) فرارا عن احتمال الاثم. (2) لقصور النص عن إثبات جوازه في الفرض، إذ الأمر بالعدول فيه لأجل إدراك الجماعة، فيقصر عن شمول صورة العلم بعدم امكانه. وحينئذ فالمرجع - في جواز العدول فيها - هو الأصل المقتضي للمنع عنه، على ما حرر في محله من المواقيت.

 

===============

 

( 297 )

 

[ ولكن قيل بالاختصاص بغير الثنائية (1). (مسألة 29): لو قام المأموم مع الامام إلى الركعة الثانية أو الثالثة - مثلا - فذكر أنه ترك من الركعة السابقة سجدة - أو سجدتين أو تشهدا أو نحو ذلك - وجب عليه العود (2) للتدارك. وحينئذ فإن لم يخرج عن صدق الاقتداء وهيئة الجماعة عرفا (3) فيبقى على نية الاقتداء، وإلا فينوي الانفراد (4). (مسألة 30): يجوز للمأموم الاتيان (5) بالتكبيرات الست الافتتاحية قبل تحريم الامام، ثم الاتيان بتكبيرة الاحرام بعد إحرامه، وإن كان الامام تاركا لها. ] (1) قال في المستند: (لو كانت الفريضة التي يصليها ثنائية، فهل يجوز العدول عنها إلى النافلة إذا شرع الامام في الصلاة؟ الظاهر: لا، لخروجه عن مورد الأخبار). (2) للقاعدة المتقدمة في المسألة الثامنة عشرة. (3) لابد أن يكون المراد عرف المتشرعة - كما تقدم - إذ العرف العام مما لا يرجع إليه في أمثال المقام، مما كان للشارع الأقدس فيه مراد خاص. (4) بل لا موجب للنية المذكورة، فانه بالرجوع إلى الواجب يكون منفردا قهرا حسب الفرض. (5) لعموم أدلة الاستحباب. ولا يلزم منه الدخول في الصلاة قبل الامام، لأن دخوله يكون بتكبيرة الاحرام. وهي بعد تكبير الامام. ومجرد ترك الامام لها لا يوجب على المأموم تركها. لعدم وجوب المتابعة في مثل ذلك. وهذا مبني على أن تكبيرة الاحرام واحدة، وأن له أن

 

===============

 

( 298 )

 

[ (مسألة 31): يجوز إقتداء أحد المجتهدين أو المقلدين أو المختلفين بالآخر، مع اختلافهما في المسائل الظنية المتعلقة بالصلاة، إذا لم يستعملا محل الخلاف واتحدا في العمل (1). مثلا: إذا كان رأي أحدهما - إجتهادا أو تقليدا - وجوب السورة، ورأي الآخر عدم وجوبها، يجوز اقتداء الأول بالثاني، إذا قرأها (2) وإن لم يوجبها. وكذا إذا كان أحدهما يرى وجوب تكبير الركوع أو جلسة الاستراحة أو ثلاث مرات في التسبيحات في الركعتين الاخيرتين، يجوز له الاقتداء بالآخر الذي لا يرى وجوبها، لكن يأتي بها بعنوان الندب (3)، بل وكذا يجوز مع المخالفة (4) في العمل أيضا ] يجعلها الأخيرة. أما لو كانت كلها للاحرام. أو يتعين عليه جعلها الأولى، فليس له الشروع فيها قبل الامام. وقد تقدم الكلام في ذلك في مبحث تكبيرة الاحرام. (1) لا ينبغي الاشكال فيه إذا لم يحصل ما يوجب اختلال قصد الامتثال للعلم بعدم اعتبار اتفاق الامام والمأموم في الاجتهاد أو التقليد، مع الاتفاق في العمل المحكوم بصحته عند كل منهما. (2) إما بقصد القربة المطلقة. أو بقصد الندب. إذا كان بنحو الجهل بالتطبيق، لا بنحو التقييد، ولا بنحو الاهمال الملازم له. وكأن هذا هو المراد بما عن التذكرة وأبي العباس والصيمري: من المنع لو قرأها بقصد الندب، لأن الندب لا يغني عن الواجب. (3) يعني: إذا كان بنحو الجهل بالتطبيق، كما عرفت. (4) قد عرفت: أنه لا إطلاق في المقام يرجع إليه في نفي احتمال

 

===============

 

( 299 )

 

شرطية ما يحتمل اعتباره في انعقاد الجماعة، وأن المرجع أصالة عدم المشروعية وعدم الانعقاد. وحينئذ فإذا احتمل اعتبار اتفاق الامام والمأموم في العمل في صحة الائتمام وجب البناء على اعتباره. نعم قد يستفاد من صحيح جميل: (في إمام قوم أجنب، وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل ومعهم ما يتوضئون به، أيتوضأ بعضهم ويؤمهم؟ قال (ع): لا، ولكن يتيمم الامام ويؤمهم فان الله جعل التراب طهورا) (* 1). الاكتفاء في صحة الاقتداء بصحة صلاة الامام، لأن الظاهر من التعليل كونه تعليلا لصحة إمامة الجنب - كما يقتضيه ظاهر السؤال - لا لصحة صلاة المتيمم. فإذا كان المراد من طهورية التراب إباحته للصلاة - كما هو المشهور - أو الطهورية الناقصة - كما هو الظاهر - فقد دل على كلية جواز الائتمام بكل من تباح له الصلاة وتصح منه وإن كانت ناقصة وعليه فلابد للمأموم في جواز اقتدائه بامام من أن تصح صلاته عنده، بحيث يرى المأموم صحتها، سواء أكان منشأ ذلك حديث: (لا تعاد...) (* 2) ونحوه - كما في ترك الأجزاء والشروط العلمية - أم أدلة الأبدال الاضطرارية - كما في الواجبات الواقعية الثانوية: مثل ائتمام المتوضئ بالمتيمم - أم أدلة الحجية - بناء على السببية والموضوعية - كما في ائتمام المختلفين اجتهادا أو تقليدا، فان عمل الامام محكوم بصحته عند المأموم كالامام، لأن المأموم إذا كان يرى السببية والموضوعية لأدلة الحجية

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1 وباب: 24 من ابواب التيمم حديث: 2. إلا ان متن الرواية بالنحو المذكور يغاير ما في الوسائل في الموضعين. وكذا يخالف رواية الفقيه ج 1 صفحة 60 طبع النجف، والتهذيب ج 1 صفحة 404 وج 3 صفحة 167 طبع النجف، وفروع الكافي ج 3 صفحة 66 طبع ايران الحديث. اللهم إلا أن يكون المقصود النقل بالمعنى. (* 2) مرت الاشارة إلى الرواية قريبا في المسألة: 26 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 300 )

 

فهو يرى أن عمل الامام موافق للتكليف الواقعي الحقيقي الفعلي المتوجه إليه نظير صلاة الامام بالتيمم إذا كان فاقدا للماء. أو أدلة الاجزاء على تقدير تماميتها - ولو بناء على الطريقية - بناء على كشفها عن صحة العمل ووفائه بالمصلحة ولو في الجملة. فلو لم يحكم المأموم بصحة صلاة الامام، لفقدها بعض ما يعتبر في الصلاة الواقعية الأولية بحسب نظره، ولم يكن مجرى لحديث: (لا تعاد...) ولا لأدلة الأبدال، ولا كان يرى المأموم السببية والموضوعية لأدلة الحجية بل كان يرى الطريقية والعذرية، ولا يرى تمامية أدلة الاجزاء أصلا، أو لا يرى دلالتها على صحة العمل ووفائه بالمصلحة، بل يحتمل كون سقوط الاعادة والقضاء لمجرد التسهيل، فلا يجوز له ترتيب آثار صحة الائتمام، للاصل المتقدم إليه الاشارة. ومجرد ثبوت الحكم الظاهري في حق الامام لا يجدي. ولاسيما وأن مقتضى إطلاق أدلة الحجية في حق المأموم وجوب ترتيب آثار الفساد على صلاة الامام، لأنه يراها فاسدة، فكيف يصح له الائتمام به؟ ولا فرق بين ظن المأموم بفسادها - إذا كان حجة مطلقا - وبين علمه بفسادها. والتفصيل بينهما أشكل من الحكم بصحة الائتمام مطلقا. هذا والمحقق في محله: أن ظاهر أدلة الحجية الطريقية والعذرية المحضة فهي لا تقتضي الاجزاء بوجه. لكن ادعي: الاجماع على الاجزاء بالنسبة إلى الاعمال الماضية فيما لو تبدل رأي المجتهد. والظاهر منه الصحة، لا مجرد عدم وجوب الاعادة أو القضاء. وعليه فلا مانع من الاقتداء مع المخالفة في العمل، من دون فرق بين علم أحدهما ببطلان صلاة الآخر وعدمه، وإن كان بعد لا يخلو من تأمل، إذ الاجماع - على تقدير تماميته - غير ظاهر ادعاؤه على نفي الاعادة أيضا، كنفي القضاء. كما أنه غير واضح في الصحة - ولو في الجملة - وقد تقدم الكلام في ذلك في مسائل التقليد. فراجع.

 

===============

 

( 301 )

 

[ في ما عدا ما يتعلق بالقراءة في الركعتين الأوليين، التي يتحملها الامام عن المأموم، فيعمل كل على وفق رأيه (1). نعم لا يجوز اقتداء من يعلم وجوب شئ بمن لا يعتقد وجوبه، مع فرض كونه تاركا له، لأن المأموم حينئذ عالم ببطلان (2) صلاة الامام، فلا يجوز له الاقتداء به، بخلاف المسائل الظنية حيث أن معتقد كل منهما حكم شرعي ظاهري في حقه، فليس لواحد منهما (3) الحكم ببطلان صلاة الآخر، بل كلاهما في عرض واحد في كونه حكما شرعيا. وأما فيما يتعلق بالقراءة في مورد تحمل الامام عن المأموم وضمانه له ] (1) هذا مسلم، لكن لازمه عدم جواز الائتمام، لأن المأموم يرى فساد صلاة الامام، فمقتضى وجوب عمله على وفق رأيه أن لا يأتم به فيها، كما لو كانت صلاة الامام معلومة الفساد عند الامام والمأموم. نعم لو فرض ائتمام المأموم به غفلة، جاز للامام ترتيب آثار الائتمام، إذا كان يرى صحة صلاة المأموم. ولو كانت صلاة الامام صحيحة في نطر المأموم، وصلاة المأموم فاسدة في نظر الامام، جاز للمأموم ترتيب آثار صحة الائتمام، ولم يجز ذلك للامام، عكس الفرض السابق. (2) علمه لا يمنع من ثبوت الحكم الظاهري في حق الامام فان كان ثبوته في حقه كافيا في ترتيب المأموم آثار الواقع عليه، كان اللازم ترتيبها مع العلم بخلافه. والعلم والحكم الظاهري إنما يتنافيان بالاضافة إلى شخص واحد، لأن موضوع الحكم الظاهري هو الشك المنافي للعم، لا بالاضافة إلى شخصين. (3) هذا خلاف إطلاق دليل الحجية بالاضافة إلى كل منهما، كما عرفت.

 

===============

 

( 302 )

 

[ فمشكل، لأن الضامن حينئذ لم يخرج عن عهدة الضمان (1) ] (1) الضمان المذكور قد تضمنته جملة من النصوص (* 1). إلا أن المراد به - سواء أكان اشتغال ذمة الامام بقراءة المأموم، كما هو معنى الضمان في الأموال، أم سقوط القراءة عن المأموم، كما تضمنه بعض النصوص (* 2)، أم اجتزاء المأموم بقراءة الامام كما تضمنه بعض آخر (* 3) - لا يمنع من صحة الائتمام في الفرض، بل أنما يقتضي - لو حمل على المعنى الأول - بقاء القراءة في ذمة الامام. كما يقتضي - لو حمل على المعني الأخير - وجوب القراءة على المأموم، ولا يقتضيان هما بطلان الامامة بوجه. نعم يمكن تقريب الاستدلال به - لو حمل على المعنى الأول - بأن يقال: إن قاعدة: (الامام يضمن القراءة) تنعكس - بعكس النقيض - إلى أن من لا يضمن القراءة فليس بامام، فإذا ثبت عدم وجوب القراءة على الامام - بمقتضى اجتهاده أو تقليده في عدم وجوبها - يثبت أنه ليس بامام. وفيه: أنه يتوقف على حجية العام في عكس نقيضه. والمحقق في محله خلافه. مع أن الحمل على المعنى الأول خلاف ظاهر الفتوى، بل خلاف مقتضى الجمع بين النصوص أيضا، كما سيأتي. بل لعل الضمان لا ينافي عدم الوجوب ظاهرا على الامام. وعلى هذا فينحصر وجه بطلان الائتمام بأصالة عدم المشروعية، بناء على عدم إطلاق صالح للمرجعية. لكن هذا البناء ينافي القول بصحة ائتمام أحد المختلفين - إجتهادا أو تقليدا - بالآخر، ولاسيما إذا كان الاختلاف بمثل القراءة - الذي قد عرفت أن المستفاد من صحيح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1، 3. (* 2) و (* 3) يدل على ذلك بعض الروايات التي رواها في الوسائل باب: 12، 31 من ابواب صلاة الجماعة.

 

===============

 

( 303 )

 

[ بحسب معتقد المضمون عنه. مثلا: إذا كان معتقد الامام عدم وجوب السورة - والمفروض أنه تركها - فيشكل جواز اقتداء من يعتقد وجوبها به. وكذا إذا كان قراءة الامام صحيحة عنده وباطلة بحسب معتقد المأموم، من جهة ترك إدغام لازم أو مد لازم أو نحو ذلك. نعم يمكن أن يقال بالصحة إذا تداركها المأموم بنفسه، كأن قرأ السورة في الفرض الأول، أو قرأ موضع غلط الامام صحيحا، بل يحتمل أن يقال: إن القراءة في عهدة الامام، ويكفي خروجه عنها باعتقاده. لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بترك الاقتداء. ] جميل: جوازه - لأن تركها لا يوجب البطلان، لحديث (لا تعاد...) - بناء على جريانه مع الجهل بالحكم - كما هو الظاهر. فلا حظ. وتأمل. وكأنه لأجل ذلك قال المصنف (قده): (نعم يمكن أن يقال بالصحة إذا تداركها المأموم). ثم إنك إذا عرفت أن مقتضى القاعدة المستفادة من صحيح جميل (* 1) هو صحة الاقتداء، فوجوب تدارك المأموم للقراءة - حينئذ - موقوف على أحد الأمرين، إما على دعوى: قصور أدلة سقوط القراءة عن المأموم عن شمول صورة ترك الامام لها، لانصرافها إلى صورة تحقق القراءة منه. وإما على دعوى: أن مقتضى الجمع بين نصوص السقوط: الحكم بأن المراد اجتزاء المأموم بقراءة الامام، فتكون قراءة الامام من قبيل المسقط لقراءة المأموم. لكن الأولى يمكن منعها في بعض النصوص، فاطلاقه محكم. وأما

 

 

____________

(* 1) تقدم ذلك في اوائل المسألة.

 

===============

 

( 304 )

 

[ (مسألة 32): إذا علم المأموم بطلان صلاة الامام من جهة من الجهات - ككونه على غير وضوء، أو تاركا لركن أو نحو ذلك - لا يجوز له الاقتداء به، وإن كان الامام معتقدا صحتها، من جهة الجهل، أو السهو أو نحو ذلك (1). ] الدعوى الثانية فغير بعيدة، لأن النصوص - كما عرفت - قد تضمن بعضها: مجرد ضمان الامام للقراءة، وبعضها تضمن: مجرد سقوط القراءة عن المأموم وبعضها تضمن: أن قراءة الامام تجزي المأموم، كخبر المرافقي: (إذا كنت خلف الامام تتولاه وتثق به فانه يجزيك قراءته) (* 1)، وموثق سماعة: (إذا سمع صوته فهو يجزئه) (* 2). والأول وإن كان ظاهرا في فراغ ذمة المأموم عن القراءة واشتغال ذمة الامام بها، لكن لابد من حمله على خلافه، إذ لا يحتمل اشتغال ذمة الامام بقراءة المأموم. والثاني لابد من حمله على الأخير لأنه أشبه بالحاكم المفسر له، فدعوى: كون سقوط القراءة عن المأموم بنحو اجتزائه بقراءة الامام - فيكون لازمها وجوبها في الفرض على المأموم، بالأدلة الأولية الدالة على وجوب القراءة مطلقا - في محلها. نعم قد يقال: إنه لا مجال للتفكيك بين صحة الجماعة وسقوط القراءة فيمتنع الحكم بصحة الجماعة ووجوب القراءة. لكن قد عرفت. أنه لا يقتضيه النص، إلا بناء على حجية العام في عكس نقيضه، على ما عرفت. ولكنه ممنوع. وأما الاجماع فلم يثبت انعقاده على عدم التفكيك، وإن كاد أن يدعيه بعض. فراجع كلماتهم وتأمل. (1) يعلم الوجه في هذه المسألة مما سبق. ومجرد اعتقاد الامام الصحة للخطأ في الموضوع لا يوجب الاجزاء، كما حرر في محله. ولم يدع أحد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 15. (* 2) الوسائل باب: 31 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 10.

 

===============

 

( 305 )

 

[ (مسألة 23): إذا رأي المأموم في ثوب الامام أو بدنه نجاسة غير معفو عنها لا يعلم بها الامام لا يجب عليه إعلامه (1). وحينئذ فإن علم أنه كان سابقا عالما بها ثم نسيها لا يجوز له الاقتداء به، لأن صلاته حينئذ باطلة واقعا (2). ولذا يجب عليه الاعادة أو القضاء إذا تذكر بعد ذلك. وإن علم كونه جاهلا بها يجوز الاقتداء، لأنها حينئذ صحيحة (3). ولذا لا يجب عليه الاعادة أو القضاء إذا علم بعد الفراغ، ] الاجماع عليه، كما ادعي في المسألة السابقة. (1) تقدم وجهه في أحكام النجاسات. (2) على ما تقدم في أحكام النجاسات. نعم إذا كان الامام يرى صحة صلاة الناسي للنجاسة، ينبغي أن يجوز الاقتداء به، بناء على ما ذكره سابقا: من جواز اقتداء المختلفين - اجتهادا أو تقليدا - مع اختلافهما في العمل. فان قلت: الناسي حال العمل - لغفلته - ليس له حكم ظاهري كي يجري فيه ما سبق من الوجه في جواز الاقتداء، وإنما يثبت له الحكم الظاهري بعد الالتفات إلي النجاسة، وذلك بعد الفراغ من الصلاة. قلت: يكفي في الصحة المطابقة لرأيه ولو مع الغفلة عن تطبيقه. ولذا لو تبدل رأيه قبل الالتفات إلى النجاسة ثم التفت لم تجب عليه الاعادة. فتأمل. (3) على ما سبق في أحكام النجاسات. ثم إن التفصيل المذكور بين الناسي والجاهل في جواز الاقتداء وعدمه محكي عن نهاية الاحكام والموجز وكشف الالتباس. وعن جماعة: إطلاق المنع، بل عن الغرية: أن عليه الفتوى. وينبغي أن يكون مبنى الخلاف هو القول بصحة صلاة الامام وعدمه.

 

===============

 

( 306 )

 

[ بل لا يبعد جوازه إذا لم يعلم المأموم أن الامام جاهل أو ناس (1) وإن كان الأحوط الترك في هذه الصورة. هذا ولو رأي شيئا هو نجس في اعتقاد المأموم بالظن الاجتهادي، وليس بنجس عند الامام، أو شك في أنه نجس عند الامام أم لا - بأن كان من المسائل الخلافية - فالظاهر جواز الاقتداء مطلقا، سواء كان الامام جاهلا، أو ناسيا، أو عالما (2). (مسألة 34): إذا تبين بعد الصلاة كون الامام فاسقا أو كافرا، أو غير متطهر، أو تاركا لركن - مع عدم ترك المأموم له - أو ناسيا لنجاسة غير معفو عنها في بدنه، أو ثوبه انكشف بطلان الجماعة (3)، ] (1) لأصالة عدم علم الامام بالنجاسة، فيترتب عليه صحة صلاته، فيجوز الاقتداء به. (2) الجواز في حال الجهل ظاهر لصحة الصلاة معه. وأما في حال النسيان والعلم، فجواز الاقتداء به وعدمه مبنيان على جواز الائتمام مع الاختلاف في الاجتهاد، كما تقدم. هذا مع العمل برأيه. وأما مع الجهل برأيه فالمرجع أصالة صحة صلاته، لان كون رأيه الطهارة لما كان شرطا في صحة الصلاة فأصالة الصحة تثبته، كما في سائر الشرائط المشكوك وجودها. (3) أما مع تبين الفسق أو الكفر. فلفقدان شرط الامام الموجب لبطلان الائتمام، لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه. ودعوى: أن الشرط في الامام الوثوق بعدالته، لانفس العدالة الواقعية، كما يظهر من قوله (ع): (لا تصل إلا خلف من تثق بدينه وأمانته) (* 1). فيها: أن الظاهر منه اعتبار الوثوق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب صلاة الجماعة ملحق حديث: 2.

 

===============

 

( 307 )

 

[ لكن صلاة المأموم صحيحة (1) ] طريقا. لا أقل من حمله على ذلك، جمعا بينه وبين ما دل على اعتبار العدالة الواقعية من النصوص والاجماع، الآتي اليهما الاشارة في شرائط الامام. وأما مع تبين عدم الطهارة وما بعده فلتقوم الجماعة بصلاتي الامام والمأموم معا، فإذا انكشف بطلان إحداهما إنكشف بطلانها. لا أقل من الشك في ذلك، الموجب للرجوع إلى أصالة عدم انعقادها من أول الأمر. ودعوى: أنه يكفي في انعقادها عدم العلم بكون صلاة الامام غير الصلاة الواقعية، غير ثابتة، ولم يقم عليها دليل. وقد عرفت: أن الشك كاف في نفيها. (1) على المشهور، كما عن جماعة كثيرة، بل عن الرياض: أن عليه عامة أصحابنا - ما عدا السيد، والاسكافي - بل عن الخلاف: الاجماع على الصحة لو تبين كفر الامام. وتقتضيها النصوص في جملة منها، كصحيح الحلبي: (من صلى بقوم وهو جنب، أو هو على غير وضوء، فعليه الاعادة، وليس عليهم أن يعيدوا، وليس عليه أن يعلمهم) (* 1). ونحوه صحاح محمد بن مسلم، (* 2) وزرارة، (* 3) وعبد الله بن أبي يعفور (* 4) وموثق ابن بكير (* 5). وكمرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد الله (ع): " في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال، وكان يؤمهم رجل، فلما صاروا إلى الكوفة علموا أنه يهودي. قال (ع): لا يعيدون (* 6)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3، 4. (* 3) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 7. (* 5) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 8. (* 6) الوسائل باب: 37 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 308 )

 

وكصحيح زرارة: (قلت لابي جعفر (ع): (رجل دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة، فأحدث إمامهم، فأخذ بيد ذلك الرجل فقدمه فصلى بهم، أتجزئهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاة؟ فقال (ع): لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة بل ينبغي له أن ينويها صلاة وإن كان قد صلى، فإن له صلاة أخرى، وإلا فلا يدخل معهم. وقد تجزئ عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها) (* 1). بل وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: (في رجل يصلي بالقوم ثم يعلم أنه قد صلى بهم إلى غير القبلة. قال (ع): ليس عليهم إعادة شئ) (* 2)، بناء على ظهوره في اختصاص الامام بالانحراف عن القبلة، وأن ضمير (عليهم) راجع إلى) (القوم). فتأمل. وهذه النصوص وإن لم يمكن استفادة الكلية من كل واحد منها، إلا أن مجموعها قد يستفاد منه ذلك. مع أنه يكفي - في إثبات الصحة في غير موردها -، أصالة البراءة من قدح الائتمام لو لم يكن خلل أصلا. أو مع عموم: (لا تعاد الصلاة...) لو فرض الخلل ببعض ما يعتبر وجوده أو عدمه. ودعوى: أنه لو صحت الصلاة فرادى حينئذ يلزم وقوع ما لم يقصد، إذ المقصود هو الصلاة جماعة. مندفعة - كما عرفت - بأن صفة الجماعة من الخصوصيات الزائدة على أصل الصلاة فقصد الصلاة، المقيدة بها لا يمنع من قصد ذات الصلاة، على نحو تعدد المطلوب في القصد. نعم لو قصد الصلاة جماعة بنحو وحدة المطلوب، بحيث لا تكون مطلق ذات الصلاة مقصودة أصلا، كان القول بالبطلان في محله. لكنه خارج عن المفروض فإن قلت: وصفا الجماعة والفرادي من الأوصاف المتباينة، فيمتنع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 39 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 38 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 309 )

 

أن يكون قصد المقيد بأحدهما داخلا في قصد المقيد بالآخر ولو بنحو تعدد المطلوب، فالصلاة فرادى مما لا يمكن أن تكون مقصودة في ضمن الصلاة جماعة. قلت: وصف الفرادى مما لم يؤخذ قيدا في الصلاة الواجبة، ولا المستحبة، فلا يعتبر قصده في الامتثال أصلا، وإنما المأخوذ موضوعا للوجوب ذات مطلق الصلاة، وللاستحباب وصف الجماعة، فإذا قصد الصلاة جماعة - بنحو تعهدد المطلوب - فقد قصد موضوعي الوجوب والاستحباب معا، فإذا بطل موضوع الاستحباب، أمكن بقاء موضوع الوجوب تحت القصد. وقد تقدم في نية الائتمام بعض الكلام في المقام. فلاحظ. هذا وعن الاسكافي وعلم الهدى: وجوب الاعادة في الثلاثة الاول، لصحيح معاوية: (قلت لأبي عبد الله (ع): أيضمن الامام صلاة الفريضة؟ فان هؤلاء يزعمون: أنه يضمن، فقال (ع): لا يضمن. أي شئ يضمن؟ إلا أن يصلي بهم جنبا، أو على غير طهور) (* 1). فتأمل. ولما في خبر الدعائم: (فإذا فسدت صلاة الامام فسدت صلاة المأمومين) (* 2). وما عن نوادر الراوندي: (من صلى بالناس وهو جنب أعاد هو وأعاد الناس) (* 3). لكنها - مع ضعف الأخيرين منها، واختصاص ثانيهما، - كالاول - في خصوص فقد الطهارة، وإمكان حملها على الاستحباب، وإعراض المشهور عنها، بل قد عرفت عن الخلاف: الاجماع على خلاف الأول والأخير منها - لا تصلح للاعتماد عليها في وجوب الاعادة. وعن الشيخ عن الصدوق - وعن جماعة من مشايخه -: التفصيل بين الجهرية فلا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 6. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 32 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3.

 

===============

 

( 310 )

 

[ إذا لم يزد - ركنا أو نحوه مما (1) يخل بصلاة المنفرد - للمتابعة (2). وإذا تبين ذلك في الأثناء نوى الانفراد (3)، ] بعيد المأموم، والاخفاتية فيعيد في خصوص ما لو تبين حدث الامام. وفي الوسائل: حكاية ذلك في خصوص ما لو تبين كفره. وكيف كان، فليس له وجه ظاهر، لاطلاق النصوص، بل مرسل ابن أبي عمير كالصريح في نفي التفصيل في مورده. - ومثله في الضعف -: ما في محكي السرائر: من وجوب الاعادة في الوقت، لو تبين كون صلاة الامام لغير القبلة، لعدم الدليل عليه، بل قد عرفت احتمال صحيح الحلبي لخلافه. مع احتمال كلامه - كالصحيح أيضا - إرادة ما لو صلى الامام والمأموم معا إلى غير القبلة، فلا يكون مما نحن فيه. (1) وإلا بطلت. لدليل قدح ذلك في صحة الصلاة. ولا مجال للتمسك - في إثبات الصحة - باطلاق النصوص المتقدمة، فانه غير ثابت، لقرب دعوى: ورودها في مقام نفي اقتضاء فساد صلاة الامام لصلاة المأموم من غير تعرض فيها لغير ذلك. ولعل إطلاق الفتاوى منزل عليه أيضا. مع أنه لو فرض إطلاقها، فحملها على ذلك - للجمع العرفي بينها وبين أدلة القادحية - أولى من تقييد أدلة القادحية بغير المقام. أو من البناء على التعارض والرجوع إلى أصالة البراءة. ومن ذلك يظهر: أنه لو كانت الصلاة مما يعتبر في صحتها الجماعة بطلت ووجبت اعادتها. (2) متعلق بقوله (يزد). وقد عرفت الاشكال في صدق الزيادة على الجزء المأتي به يقصد المتابعة، وأن ظاهرهم القدح به. (3) وصحت صلاته. للاصل المتقدم، وإطلاق بعض النصوص المشار إليها آنفا، وصريح بعض آخر، كصحيح زرارة: (عن رجل صلى بقوم ركعتين ثم أخبرهم أنه ليس على وضوء. قال (ع): يتم القوم

 

===============

 

( 311 )

 

[ ووجب عليه القراءة (1) مع بقاء محلها. وكذا لو تبين كونه امرأة (2) ونحوها، مما لا يجوز إمامته للرجال خاصة، أو ] صلاتهم، فانه ليس على الامام ضمان) (* 1). وقيل بالبطلان. وكأنه للزوم وقوع ما لم يقصد، كما تقدم تقريبه. ولما عن السرائر والمنتهى والذكرى: من أن في رواية حماد عن الحلبي: (يستقبلون صلاتهم لو أخبرهم الامام في الاثناء أنه لم يكن على طهارة) (* 2) لكن عرفت ضعف الأول والرواية لم يعثر عليها في كتب الحديث، كما اعترف به جماعة - منهم المحدث البحراني - فلا يمكن الاعتماد عليها. ولا سيما مع هجرها، وأنها لا تصلح لمعارضة الصحيح السابق، للجسع العرفي بينهما بحملها على الاستحباب. (1) لعموم دليل وجوبها. (2) فتبطل الجماعة، لفقد الشرط. وتصح الصلاة، للاصل المتقدم مضافا إلى ما يدعى: من استفادته من النصوص المتقدمة في الكافر والمحدث للأولوية. ومن تعليل الأمر بالائتمام: بأنه ليس على الامام ضمان في صحيح زرارة. لكن الأولوية ظنية لا تصلح للاثبات. والتعليل محتمل لارادة عدم ضمان الامام لاتمام الصلاة بالقوم، كما عن الصدوق (ره). فتأمل. ومثله: التعليل فيما ورد: (في الأعمى يؤم القوم وهو على غير القبلة. قال (ع): يعيد ولا يعيدون، فانهم قد تحروا) (* 3). إذ الظاهر منه كونه تعليلا لعدم قدح الانحراف عن القبلة في صحة صلاة القوم، لا لعدم قدح فساد صلاة الامام فيها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2. (* 2) راجع الذكرى في ذيل اشتراط الاقتداء بعدالة الامام، والسرائر في اواخر باب الجماعة المطبوع في الهامش. (* 3) الوسائل باب: 38 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 312 )

 

[ مطلقا - كالمجنون وغير البالغ - إن قلنا بعدم صحة إمامته، لكن الأحوط إعادة الصلاة في هذا الفرض (1)، بل في الفرض الاول، وهو كونه فاسقا أو كافرا... (مسألة 35): إذا نسي الامام شيئا من واجبات الصلاة ولم يعلم به المأموم صحت صلاته (2)، حتى لو كان المنسي ركنا، إذا لم يشاركه في نسيان ما تبطل به الصلاة. وأما إذا علم به المأموم نبهه عليه ليتدارك إن بقي محله، وإن لم يمكن، أو لم ينتبه، أو ترك تنبيه - حيث إنه غير واجب عليه - (3) وجب عليه نية الانفراد إن كان المنسي ركنا، أو ] (1) خروجا عن شبهة الخلاف. بل في نجاة العباد: (الأقوى والأحوط استئناف الصلاة). وعلله في الجواهر: بقاعدة الاشتغال، وعدم اليقين بصدق الامتثال. ولكنه كما ترى. (2) كما تقدم (3) للأصل. نعم في صحيح ابن مسلم: (عن الرجل يؤم القوم فيغلط. قال (ع): يفتح عليه من خلفه) (* 1) وموثق سماعة: (عن الامام إذا أخطأ في القرآن فلا يدري ما يقول. قال (ع): يفتح عليه بعض من خلفه) (* 2). وخبر جابر: (فان نسي الامام أو تعايا قوموه) (* 3). وظاهرها: وجوب التنبيه. إلا اني لم أجد من احتمله، بل ظاهر المتن وحواشيه: المفروغية عن عدمه، بل لعله - أيضا - ظاهر: (نجاة العباد) وحواشيها. فراجع.

 

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 7 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 313 )

 

[ قراءة - في مورد تحمل الامام - مع بقاء محلها (1)، بأن كان قبل الركوع. وإن لم يكن ركنا ولا قراءة، أو كانت قراءة وكان التفاوت المأموم بعد فوت محل تداركها - كما بعد الدخول في الركوع - فالاقوى جواز بقائه على الائتمام، وإن كان الأحوط الانفراد (2)، أو الاعادة بعد الاتمام. (مسألة 36): إذا تبين للامام بطلان صلاته من جهة كونه محدثا، أو تاركا لشرط أو جزء، ركن أو غير ذلك. فإن كان بعد الفراغ لا يجب عليه إعلام (3) المأمومين. وإن كان في الأثناء فالظاهر وجوبه (4). ] (1) لكن مقتضى ما تقدم في المسألة الواحدة والثلاثين: أن بقاء المحل يقتضي وجوب تدارك القراءة على المأموم، لا غير، فلا موجب لنية الانفراد. غاية الامر: أنه يجب عليه التدارك واللحوق بالامام، لما عرفت من أن أدلة المتابعة - مهما كان مفادها - لا توجب تخصيص أدلة الجزئية، ولا تصلح لمزاحمتها بوجه. (2) لاحتمال بطلان الائتمام. (3) للاصل. ولما تقدم من النصوص في المسألة الرابعة والثلاثين. (4) للاجماع ظاهرا، كما في المستند. ولمرسل الفقيه: (قال أمير المؤمنين (ع)، ما كان من إمام تقدم في الصلاة - وهو جنب - ناسيا أو حدث حدثا، أو رعف رعافا، أو أذى في بطنه فليجعل ثوبه على أنفه، ثم لينصرف وليأخذ بيد رجل فليصل مكانه، ثم ليتوضأ وليتم ما سبقه من الصلاة. وإن كان جنبا فليغتسل وليصل الصلاة كلها) (* 1).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 72 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 314 )

 

[ (مسألة 37): لا يجوز الاقتداء بإمام يرى نفسه مجتهدا - وليس بمجتهد - مع كونه عاملا برأيه (1). وكذا لا يجوز الاقتداء بمقلد لمن ليس أهلا للتقليد إذا كانا مقصرين في ذلك بل مطلقا على الأحوط (2) ]. لكن الاجماع غير محقق. والمرسل قاصر الدلالة. نعم ظاهر قوله (ع): (وليأخذ بيد رجل) أنه يجب على المأموم أن يقدم للمأمومين من يؤمهم، ولا دخل له في وجوب الاعلام. مع أن مورده الرعاف غير الموجب لفساد صلاة الامام - كما هو ظاهر الأمر باتمام الصلاة - ولا يظن الالتزام بوجوب تقديم الامام، لا على الامام، ولا على المأمومين، بل لعل عدم وجوب ذلك على الامام ظاهر ما ورد: فيما لو عرض على الامام ما يمنعه من الامامة، فليحمل المرسل على الارشاد، كما قد يقتضيه التأمل في سياقه. هذا مضافا إلى صحيح زرارة - الوارد فيمن صلى مع القوم وهو لا ينويها صلاة - المتقدم في المسألة الرابعة والثلاثين. فان عدم إنكار الامام (ع) فيه تقدمه للامامة، وعدم إعلامه للمأمومين بحاله، مع الانكار عليه بأنه لا ينبغي له أن يدخل في الصلاة وهو لا ينوي الصلاة، كالصريح في عدم وجوب الاعلام، كما يظهر بأدنى تأمل.. ويعضده: إطلاق بعض نصوص نفي وجوب الاعلام لو تبين الفساد بعد الفراغ، فانه شامل لما إذا تبين للامام في الأثناء. فلاحظ. (1) لعدم صحة عمله، حتى بالاضافة إلى الحكم الظاهري في حقه. ومثله الوجه في الاقتداء بالمقلد لمن ليس أهلا للتقليد. (2) بل لعله الأقوي. لعدم الفرق بين القاصر والمقصر في عدم صحة عمله بالاضافة إلى الحكم الظاهري في حقه، وإنما يفترقان بالعذر العقلي وعدمه وليس هو فارقا فيما نحن فيه.

 

===============

 

( 315 )

 

[ إلا إذا علم أن صلاته موافقة للواقع (1)، من حيث أنه يأتي بكل ما هو محتمل الوجوب - من الأجزاء والشرائط - ويترك كل ما هو محتمل المانعية. لكنه فرض بعيد، لكثرة ما يتعلق بالصلاة من المقدمات والشرائط والكيفيات، وإن كان آتيا بجميع أفعالها وأجزائها. ويشكل حمل فعله على الصحة (2)، مع ما علم منه من بطلان اجتهاده أو تقليده. (مسألة 38): إذا دخل الامام في الصلاة معتقدا دخول الوقت، والمأموم معتقد عدمه أو شاك فيه لا يجوز له الائتمام في الصلاة (3). نعم إذا علم بالدخول في أثناء صلاة الامام جاز له الائتمام به (4). نعم لو دخل الامام نسيانا من غير مراعاة للوقت، أو عمل بظن غير معتبر لا يجوز الائتمام به، وإن علم المأموم بالدخول في الأثناء، لبطلان صلاة الامام حينئذ واقعا. ولا ينفعه دخول الوقت في الأثناء - في هذه ] (1) وكذا لو علم بموافقتها لرأي المأموم، أو من قلده المأموم، لأنها حينئذ تكون صحيحة عنده. هذا إذا لم تكن دعوى الاجتهاد، أو العمل عليه موجبة لانتفاء العدالة، وإلا لم تجز إمامته. لكن ما في المتن ليس ناظرا إلى هذه الجهة. (2) بل الظاهر ذلك، لبناء العقلاء عليه مطلقا. وليس هو من باب الظهور ليختص بالمجتهد أو المقلد، كما هو موضح في محله. (3) لعدم مشروعية الصلاة حينئذ للامام، ولا للمأموم، ولو صلى منفردا (4) يعني: بعد دخول الوقت، لمشروعية الصلاة، واجتماع شرائط الائتمام.

 

===============

 

( 316 )

 

[ الصورة - لأنه مختص بما إذا كان (1) عالما، أو ظانا بالظن المعتبر.