فصل في اعتبار العمد والاختيار في الافطار

فصل في اعتبار العمد والاختيار في الافطار المفطرات المذكورة، ما عدا البقاء على الجنابة - الذي مر الكلام فيه تفصيلا - إنما توجب بطلان الصوم إذا وقعت على وجه العمد والاختيار. وأما مع السهو وعدم القصد فلا توجبه (1). } فصل في اعتبار العمد والاختيار في الافطار (1) أما في السهو وعدم القصد إلى فعل المفطر فقولا واحدا، ونصوصا - كما في الجواهر - وبلا ريب ولا خلاف، كما في المستند. والظاهر أن النصوص المشار إليها في الجواهر: ما ورد في الكذب والقئ من التقييد بالعمد (* 1) وما ورد في قضاء من أفطر قبل الغروب من التعليل: بأنه أكل متعمدا (* 2) ومثل خبر مسعدة: " سئل عن الذباب يدخل في حلق الصائم. قال (ع): ليس عليه قضاء، لانه ليس بطعام " (* 3) بناء على أن المراد أنه ليس باختيار المكلف، وما ورد في تعليل عدم مفطرية الاحتلام من أنه مفعول به (* 2) وما ورد في سبق ماء المضمضة الذي سيأتي - إن

 

 

____________

(* 1) لاحظ نصوص الكذب في الوسائل باب: 2 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1، 2، 3، وأما نصوص القئ فقد تقدمت قريبا في المفطر العاشر. (* 2) الوسائل باب: 50 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 39 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 35 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 4.

 

===============

 

( 316 )

 

شاء الله - الكلام فيه. وأما النصوص المتضمنة للقضاء على من أفطر متعمدا (* 1) فلا تصلح لاثبات ذلك، لان التقييد بالعمد إنما كان في السؤال، فلا تصلح لتقييد وجوب القضاء على من أفطر. نعم في رواية المشرقي ذكر في الجواب (* 2) إلا أن الجزاء فيها مجموع الحكمين: من القضاء والكفارة، فلا تدل على تقييد القضاء به. فالعمدة في النصوص: ما ذكرنا. وأما في السهو عن الصوم فلا خلاف ظاهر في عدم الافطار. وعن غير واحد: نفي الخلاف. وفي المستند: دعوى الاجماع المحقق، وحكاه عن بعض. ويشهد به جملة من النصوص المتضمنة لعدم الافطار لو أكل أو شرب أو جامع ناسيا. منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " عن رجل نسي فأكل وشرب. ثم ذكر. قال (ع): لا يفطر: إنما هو شئ رزقه الله، فليتم صومه " (* 3) وصحيح محمد بن قيس: " كان أمير المؤمنين (ع) يقول: من صام فنسي فأكل وشرب فلا يفطر، من أجل أنه نسي، فانما هو رزق رزقه الله تعالى، فليتم صيامه " (* 4) وموثق عمار: " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل ينسى وهو صائم فجامع أهله. فقال (ع): يغتسل، ولا شئ عليه " (* 5) ونحوها غيرها. واختصاصها بالثلاثة لا يقدح في عموم الحكم، لما في الصحيح الثاني: من التعليل بالنسيان، المطرد في الجميع. ولعدم الفصل، أو فهم عدم الخصوصية. مضافا الى عموم: " ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر " (* 6)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 11. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 9. (* 5) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 24 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 6.

 

===============

 

( 317 )

 

{ من غير فرق بين أقسام الصوم (1)، من الواجب المعين، والموسع، والمندوب ولافرق في البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه (2) والعالم، } الوارد في نفي القضاء عن المغمى عليه، بناء على أن تطبيقه بلحاظ نفي القضاء موجب للتصرف فيه بحمل العذر على العذر حتى من أجل القضاء، لا للتصرف في تطبيقه، ليختص بمورده. وفيه تأمل. (1) بلا خلاف. لاطلاق جملة من النصوص. واختصاص بعض النصوص برمضان أو النافلة لا يستوجب تقييد المطلق. ولاسيما مع إمكان إلحاق غيرهما بهما في الحكم، بالغاء خصوصية المورد. ولما عن الفقيه: من أنه - بعد روايتي الحلبي وعمار - قال: " روي عن الائمة (ع): أن هذا في شهر رمضان وغيره. ولا يجب فيه القضاء " (* 1) (2) على المشهور. لاطلاق دليل المفطرية. وعن ظاهر الحلي، والشيخ في موضع من التهذيب: العدم مطلقا، وحكي أيضا عن ظاهر الجامع، واختاره في الحدائق. لاطلاق موثق أبي بصير وزرارة، قالا جميعا: " سألنا أبا جعفر (ع) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، أو أتى أهل وهو محرم وهو لا يرى إلا أن ذلك حلال له. قال (ع): ليس عليه شئ " (* 2) المعتضد باطلاق صحيح عبد الصمد، الوارد فيمن لبس قميصا حال الاحرام: " أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي عليه " (* 3) وحمل الموثق على الجاهل القاصر غير ظاهر. ومثله: حمله على نفي خصوص الكفارة، فانه خلاف إطلاقه. ودعوى: أن بينه وبين أدلة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 12. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب تروك الاحرام حديث: 3.

 

===============

 

( 318 )

 

{ ولابين المكره وغيره (1). فلو أكره على الافطار فأفطر } المفطرية عموما من وجه، والترجيح لها من وجوه: منها: الشهرة. ومنها: ظهور جملة من أدلة القضاء في الجاهل. غير ظاهرة، إذ الشهرة الفتوائية لا تصلح للترجيح. مع أن إعمال الترجيح في تعارض العامين من وجه خلاف التحقيق. وظهور جملة من أدلة القضاء في الجاهل أول الكلام. فالتحقيق: أن إطلاق الموثق في نفي القضاء أقوى من إطلاق أدلة المفطرية، كما هو الحال في أمثاله مما يظهر لعنوان الموضع خصوصية تناسب الحكم، كالجهل في المقام. ولو سلم عدم الترجيح في الظهور فاللازم الرجوع إلى الاصل المتقتضي لنفي المفطرية. وأما التقييد بغير المقصر فخال عن الوجه. فالبناء على الصحة في الجاهل وإن كان مقصرا أقوى. نعم لا تشمل الجاهل المتردد الذي لا يحكم عقله بالحل، فالرجوع فيه إلى عموم المفطرية ووجوب القضاء أولى. ونحوه: الجاهل بالموضوع وإن كان عقله حاكما بالحل، لاختصاص الموثق بالجاهل بالحكم. وصحيح عبد الصمد وإن كان يشمله وغيره، ويقتضي نفي القضاء والكفارة، لكن الاعتماد عليه في ذلك لا يخلو من إشكال، لامتناع الاخذ باطلاقه، للزوم كثرة التخصيص الموهنة له. فلا يبعد اختصاصه بمورده: من الجهل بالحكم مع حكم عقله بالحل، فيكون كالموثق. فالمرجع في الجاهل بالموضوع مطلقا عموم المفطرية. فتأمل جيدا. (1) كما عن المبسوط، والتذكرة، والمسالك، والحدائق، لاطلاق أدلة المفطرات، المؤيد بما ورد في الافطار تقية، كمرسل رفاعة عن رجل عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع): دخلت على أبي العباس بالحيرة... (إلى أن قال): فأكلت معه وأنا أعلم والله أنه يوم من شهر رمضان،

 

===============

 

( 319 )

 

{ مباشرة فرارا عن الضرر المترتب على تركه بطل صومه على الاقوى. نعم لو وجر في حلقه من غير مباشرة منه لم يبطل (1). (مسألة 1): إذا أكل ناسيا، فظن فساد صومه، فأفطر عامدا بطل صومه (2). وكذا لو أكل بتخيل أن صومه } فكان إفطاري يوما وقضاؤه أيسر علي من أن يضرب عنقي ولا أ عبد الله " (* 1) لكن المحكي عن الاكثر: عدم الافطار. للاصل، بعد انصراف أدلة المفطرية الى غير المكره. ولحديث رفع الاكراه الحاكم على إطلاقها (* 2) وفيه: أن الانصراف ممنوع فلا مجال للاصل. وحديث الرفع لا يصلح لاثبات الصحة، لانه ناف لامثبت، كما أشرنا إلى ذلك آنفا. وأما ما ورد في إكراه الزوجة على الجماع: من أن على الزوج كفارتين (* 3) فلا يدل على عدم إفطارها، بل على إفطارها أدل، بقرينة تعدد الكفارة. وأما ما ورد في نفي القضاء عن المغمى عليه: من قوله (ع): " كلما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر " (* 4) فلا يبعد اختصاصه بالاجبار، كما في الاغماء، فلا يشمل الاكراه. مع أنك عرفت في أول الفصل: التأمل في صحة التسمك به في غير مورده. (1) بلا خلاف - كما جزم به جماعة - لانتفاء العمد المعتبر في المفطرية إجماعا، كما سبق. (2) هذا بناء على ما سبق: من إلحاق الجاهل بالعامد ظاهر، لان الافطار مقتضى الاطلاق. أما بناء على إلحاقه بالساهي فقد يشكل الحكم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 57 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 24 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 6.

 

===============

 

( 320 )

 

{ مندوب يجوز إبطاله، فذكر أنه واجب (1). (مسألة 2): إذا أفطر تقية من ظالم بطل صومه (2). } بالافطار في الفرض، لكون الوجه في الافطار جهله بكونه صائما شرعا، والظاهر عدم الفرق بين أفراد الجهل بالحكم. اللهم إلا أن يقال: مورد موثق أبي بصير وزرارة المتقدم خصوص الجهل بالمفطرية مع العلم بالصوم (* 1) والمقام عكس ذلك، فالتعدي إليه يحتاج الى دليل مفقود. إلا أن يثبت عدم الفصل. لكنه ممنوع، كما يظهر من المحقق حيث تردد في حكم الجاهل، وجزم في المقام بالافطار والقضاء. (1) فانه لا ينبغي التأمل في البطلان، لاطلاق أدلة المفطرية. وخروج نسيان الصوم عنها لا يلازم خروج ما نحن فيه، للفرق الظاهر بين المقامين. (2) لما تقدم في المكره. وقال في المدارك - بعدما اختار الصحة في المكره -: " وفي معنى الاكراه: الافطار في يوم يجب صومه للتقية، أو التناول قبل الغروب لاجل ذلك ". ونحوه في الذخيرة. وقال في الحدائق: " قالوا: في معنى الاكراه: الافطار في يوم... ". فكأن الخلاف فيه مبني عندهم على الخلاف في المكره. نعم ظاهر جملة من النصوص الواردة في الامر بالتقية: صحة العمل الجاري على طبق التقية وإن وجد مانعا أو فقد شرطا أو جزءا، مثل المصحح عن أبي عمر الاعجمي: " قال لي أبو عبد الله (ع): يا أبا عمر أن تسعة أعشار الدين التقية، ولادين لمن لاتقية له. والتقية في كل شئ، إلا في النبيذ، والمسح على الخفين " (* 2) فان استثناء المسح على الخفين يقتضي

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكرهما في أول هذا الفصل. (* 2) لاحظ صدر الرواية في الوسائل باب: 24 من ابواب الامر بالمعروف حديث: 2، وذيلها في باب: 25 حديث: 3.

 

===============

 

( 321 )

 

شمول المستثنى منه للحكم الوضعي، ومصحح زرارة: " قلت له: في مسح الخفين تقية؟ فقال (ع): ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا: شرب المسكر، ومسح الخفين، ومتعة الحج " (* 1) وفي رواية أبي الصباح عن جعفر بن محمد (ع): " ما صنعتم من شئ، أو حلفتم عليه من يمين في تقية، فأنتم منه في سعة " (* 2) فان إطلاق السعة يقتضي الصحة. فتأمل، وموثق سماعة: " وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو، ويصلي ركعة أخرى، ويجلس قدر ما يقول: " أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة. وليس شئ من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها إن شاء الله " (* 3). وقريب منها غيرها. وحينئذ لامانع من الالتزام بالصحة في المقام، كما هو صريح جماعة، بل هو المشهور في غير المقام. فراجع ما تقدم في الوضوء. نعم القدر المتيقن صورة مالو كان العمل موافقا لمذهبهم من حيث الحكم الكلي، مثل استعمال ما ليس مفطرا عندهم مع كونه مفطرا عندنا كالارتماس. أما لو كان موافقا لمذهبهم من حيث الموضوع الخارجي، فان شمول النصوص له غير ظاهر، كما لو ثبت عندهم هلال شوال فأفطروا، فان الافطار معهم ليس موافقة لهم إلا في اعتقاد كون يوم الافطار عيدا وهو من قبيل الموضوع لا الحكم. إلا أن يرجع ذلك إلى مذهبهم في الحكم بحجية الشهادة، أو في حجية حكم حكامهم التي هي من قبيل الحكم الكلي الظاهري. ولافرق بين الحكم الواقعي والظاهري في دخولهما تحت دليل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب الامر بالمعروف حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب الايمان حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 56 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 322 )

 

{ (مسألة 3): إذا كانت اللقمة في فمه، وأراد بلعها لنسيان الصوم، فتذكر وجب إخراجها، وإن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه، بل تجب الكفارة أيضا. وكذا لو كان مشغولا بالاكل فتبين طلوع الفجر. } الاجزاء. ويشير إليه خبر أبي الجارود: " إنا شككنا سنة في عام من تلك الاعوام في الاضحى، فلما دخلت على أبي جعفر (ع) وكان بعض أصحابنا يضحي، فقال (ع): الفطر يوم يفطر الناس، والاضحى يوم يضحي الناس، والصوم يوم يصوم الناس " (* 1). إلا أن يقال: أدلة الاجزاء مختصة بالعمل الناقص الموافق للتقية، مثل الوضوء مع المسح على الخف، أو غسل الرجلين، والصلاة مع القراءة بدون البسملة، والصوم مع الارتماس ونحو ذلك. ولا تشمل صورة ترك العمل الواجب بحيث تقتضي عدم وجوب قضائه إذا كان مما يقضى. والافطار في عيدهم من قبيل ذلك، لان الموافقة لهم في الجواز الافطار، لافي صحة الصوم، لانه خلاف معتقدهم، فنفي القضاء يحتاج الى دليل مفقود. ومجرد كون المورد من باب الموافقة لهم في الحكم الكلي غير كاف في نفي القضاء مع كون مذهبهم جواز الافطار وعدم صحة الصوم. فالمقام نظير مالو كان مذهبهم ترك صلاة موقتة، فتركها تقية، فان ذلك لا يوجب نفي القضاء. وبالجملة: الادلة ظاهرة في إجزاء العمل الناقص إذا كان الموجب لنقصه التقية، فيسقط الامر به، ولايحتاج الى الاعادة. ولاتعرض فيها لسقوط الامر بالفعل إذا كانت التقية تقتضي تركه. ومن الاول - الذي هو موضوع النصوص -: الافطار عند سقوط القرص تقية، فانه موافقة لهم في مذهبهم في امتثال الحكم الكلي الواقعي، وهو انتهاء اليوم بسقوط القرص.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 57 من أبواب ما يمسك عنه الصائم حديث: 7.

 

===============

 

( 323 )

 

{ (مسألة 4): إذا دخل الذباب، أو البق، أو الدخان الغليظ، أو الغبار في حلقه من غير اختياره لم يبطل صومه. } وما في الجواهر من الاشكال فيه وفي الافطار في عيدهم - بالشك في شمول دينية التقية لمثل ذلك، الذي مرجعه الى موضوع مصداقا أو مفهوما لا إلى حكم غير ظاهر، فان الاختلاف في المسح على الخف، وجزئية البسملة، ومانعية التكتف أيضا اختلاف في مفهوم الموضوع، ولا ريب في ثبوت التقية فيها، وأنها من الدين، فالاختلاف في الموضوعات المستنبطة اختلاف مذهبي تشمله أدلة التقية. نعم الاختلاف في الموضوع من جهة الامور الخارجية ليس اختلافا مذهبيا، فلا تشمله الادلة الخاصة بها، مثل الاختلاف في العيد للاختلاف في الرؤية وعدمها. وأما لو كان من جهة الاختلاف في الحكم الظاهري للاختلاف في حجية الشهادة أو حكم حاكمهم، فهو وإن كان اختلافا مذهبيا - كما اعترف به في الجواهر - لكنه لا تشمله أدلتها بنحو لا توجب القضاء كما عرفت. نعم لو حكم حاكمهم بهلال ذي الحجة فالحج الجاري على مقتضى الحكم المذكور مجزئ عن الاعادة. وكذا لو حكم حاكمهم بطهارة ماء فتوضأ به وصلى أجزأت صلاته عن الاعادة والقضاء. ومما ذكرنا يظهر قوة ما في نجاة العباد: من الاجزاء إذا تناول ما ليس مفطرا عندهم، أو أفطر قبل الغروب تقية، ووجوب القضاء لو أفطر في عيدهم. كما يظهر أيضا ضعف القول بالصحة في الجميع، اعتمادا على نصوص مشروعية التقية، كضعف القول بعدم الاجزاء، اعتمادا على أدلة وجوب القضاء، بعد الاستشكال في دلالة نصوص التقية على الصحة، كما في المسالك، والحدائق. وبالجملة: التفصيل الذي ذكرناه هو الظاهر من النصوص المتقدمة،

 

===============

 

( 324 )

 

{ وإن أمكن إخراجه وجب، ولو وصل إلى مخرج الخاء (1). (مسألة 5): إذا غلب على الصائم العطش، بحيث خاف من الهلاك، يجوز له أن يشرب الماء (2)، مقتصرا على مقدار الضرورة (3)، ولكن يفسد صومه بذلك (4). } والقول بالصحة مطلقا. أو ببطلان الصوم مطلقا ضعيف. ومن ذلك يظهر: أن مرسل رفاعة المتقدم - المتضمن وجوب القضاء على من أفطر في عيدهم تقية (* 1) موافق لما ذكرنا، لا مخالف له، وإن كان هو ضعيفا لا يصلح للحجية. (1) لحرمة أكله في نفسه. (2) لادلة وجوب حفظ النفس عن الهلاك. وكذا لو كان حرجا أو خاف ضررا، لدليل نفي الحرج والضرر. (3) بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه موثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يصيبه العطاش حتى يخاف على نفسه؟ قال (ع): يشرب بقدر ما يمسك رمقه، ولا يشرب حتى يروي " (* 2) وخبر المفضل قال: " قلت لابي عبد الله (ع): إن لنا فتيات وشبانا لا يقدرون على الصيام من شدة ما يصيبهم من العطش. قال (ع): فليشربوا بقدر ما تروى به نفوسهم وما يحذرون " (* 3). (4) لاستعمال المفطر اختيارا. وأدلة رفع الاضطرار لا تصلح لتصحيح الصوم (* 4).

 

 

____________

(* 1) راجع أوائل الكلام من هذا الفصل: (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: 2. (* 4) راجع الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس.

 

===============

 

( 325 )

 

{ ويجب عليه الامساك بقية النهار (1) إذا كان في شهر رمضان وأما في غيره من الواجب الموسع والمعين فلا يجب الامساك (2) وإن كان أحوط في الواجب المعين. (مسألة 6): لا يجوز للصائم أن يذهب إلى المكان الذي يعلم اضطراره فيه إلى الافطار (3) باكراه أو إيجار في حلقه أو نحو ذلك، ويبطل صومه لو ذهب وصار مضطرا ولو كان بنحو الايجار. بل لا يبعد بطلانه بمجرد القصد إلى ذلك، فانه كالقصد إلى الافطار (4). } (1) كما يفهم من الخبرين السابقين. (2) لعدم الاطلاق في الموثق، والمتيقن منه شهر رمضان. والخبر - مع ضعفه في نفسه - لاتبعد أيضا فيه دعوى الانصراف إلى شهر رمضان كما يظهر ذلك بملاحظة السؤال. لا أقل من الاجمال فيه، فأصالة البراءة من وجوب الامساك في غير رمضان محكمة. (3) يعني: إذا كان صومه معينا، فان العمد الى الذهاب عمد الى الافطار المحرم، وقد عرفت: أن الافطار عمدا مفطر موجب للقضاء. نعم يمكن الاشكال في الايجار: بأنه غير مفطر، نظير الاحتلام، لانه مفعول به، فالعمد إليه ليس عمدا إلى المفطر، حتى يكون حراما. فالعمد إليه بالذهاب ليس عمدا الى الحرام، كما لو علم أنه إذا نام يحتلم، أو إذا أكل في الليل شيئا احتلم. بل قد يشكل الامر في القئ. بناء على ما تقدم من المصنف (ره): من التوقف في كفاية العمد المصحح للعقاب في تحقق العمد المعتبر في مفطريته. (4) فقد تقدم أنه مفطر. هذا والحكم في المسألة الآتية ظاهر.

 

===============

 

( 326 )

 

{ (مسألة 7): إذا نسي فجامع لم يبطل صومه. وإن تذكر في الاثناء وجب المبادرة إلى الاخراج، وإلا وجب عليه القضاء والكفارة.