فصل في التسليم

فصل في التسليم وهو واجب على الاقوى، وجزء من الصلاة (4)، ] سبع مرات " (* 1). (1) ففي صحيح محمد بن مسلم: " إذا جلست في الركعتين الاولتين فتشهدت ثم قمت فقل: بحول الله وقوته أقوم وأقعد " (* 2)، لكن عن بعض النسخ سقوط " وقوته ". (2) لما سبق في صحيح زرارة في المرأة: " فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها، ورفعت ركبتيها من الارض " (* 3). (3) مر الكلام فيه. فصل في التسليم (4) كما عن جماعة كثيرة من القدماء والمتأخرين، بل عن الروض:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب التشهد حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 13 من ابواب السجود حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 4 وقد تقدم في المورد الثامن والعشرين من مستحبات السجود.

 

===============

 

( 452 )

 

أنه مذهب أكثر المتأخرين لخبر القداح المروي في الكافي عن أبي عبد الله (ع): " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إفتتاح الصلاة الوضوء، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم " (* 1)، وأرسله فيما عن الفقيه (* 2) والتهذيب (* 3) عن أمير المؤمنين عليه السلام، وعن الهداية: " قال الصادق (ع): تحريم الصلاة التكبير، وتحليلها التسليم " (* 4)، وخبر الفضل المروي عن العيون والعلل عن الرضا عليه السلام: " إنما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدلها تكبيرا أو تسبيحا أو ضربا آخر لانه لما كان الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين... " (* 5)، وخبره الآخر المروي عن العيون في كتاب الرضا (ع) إلى المأمون: " قال (ع): تحليل الصلاة التسليم " (* 6)، وخبر المفضل المروي عن العلل: " سألت أبا عبد الله (ع) عن العلة التي من أجلها وجب التسليم في الصلاة. قال عليه السلام: لانه تحليل الصلاة " (* 7)، وخبر الاعمش عن الصادق (ع): " ولايقال في التشهد الاول: السلام علينا وعلى عباد الصالحين لان تحليل الصلاة هو التسليم " (* 8)، وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي: " سألت أبا عبد الله (ع) عن معنى التسليم في الصلاة. فقال (ع): التسليم علامة الامن وتحليل الصلاة " (* 9)، وخبر أبي حازم المروي عن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم: ملحق حديث: 8. (* 4) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب التسليم حديث: 2. (* 5) الوسائل باب الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 10. (* 6) الوسائل باب: 12 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 7) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 11. (* 8) الوسائل باب: 29 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 9) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 13.

 

===============

 

( 453 )

 

مناقب ابن شهراشوب: " سئل علي بن الحسين (ع): ما افتتاح الصلاة؟ قال (ع): التكبير. قال: ما تحريمها؟ قال: التكبير. قال: ما تحليلها؟ قال (ع): التسليم " (* 1)، وعن جماعة كثيرة من القدماء والمتأخرين إرسال خبر: تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم عن النبي صلى الله عليه وآله وفي المنتهي: ان هذا الخبر تلقته الامة بالقبول، ونقله الخاص والعام، ومثل هذا الحديث البالغ في الشهرة قد يجبر روايته الاعتماد. انتهى، وعن المختلف، وجامع المقاصد: أنه من المشاهير، وعن الروض: أنه مشهور. وبعد ذلك كله لا مجال للمناقشة في سنده كما عن المدارك تبعا لشيخه (قدس سرهما) ولاسيما بملاحظة اعتماد الاصحاب عليه، واستدلالهم به، وفيهم من لا يعمل إلا بالقطعيات كالسيدين (قدس سرهما). كما لا مجال للمناقشة في دلالته على حصر المحلل فيه: بأن المراد بالاخبار الاسناد في الجملة لا دائما، فيجوز الاخبار بالاعم من وجه كزيد قائم وبالاخص مطلقا كحيوان يتحرك كاتب. وبمنع كون إضافة المصدر للعموم لجواز كونها للعهد والجنس، وبأن التحليل قد يكون بالمنافيات وان لم يكن الاتيان بها جائزا، وحينئذ فلابد من تأويل التحليل بالذي قدره الشارع، وحينئذ كما يمكن إرادة التحليل الذي قدره على سبيل الوجوب يمكن إرادة الذي قدره على سبيل الاستحباب. وبأن الخبر غير مراد الظاهر لان التحليل ليس نفس التسليم، فلابد من اضمار ولا دليل على ما يقتضي الوجوب. لظهور ضعف ما ذكر، إذ قد يكون المراد من الاخبار حصر الخبر بالمبتدأ، ويتعين حمل الكلام عليه إذا كان ظاهرا فيه كما في المقام، وكون الاضافة للعهد لاقرينة عليه كما لاقرينة على كونه للعموم فيتعين بمقدمات الحكمة ارادة الطبيعة المطلقة - كما في سائر موارد الحكم بالاطلاق-

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 1.

 

===============

 

( 454 )

 

فيكون مفاده مفاد العموم في الدلالة على الحصر. هذا والظاهر من التحريم والتحليل في الخبر الوضعيان، بمعنى قدح المنافيات في الصلاة وعدمه، ولذا يعم الفريضة والنافلة، فالتكبير يوجب قدح وقوعها في صحة الصلاة، والتسليم يوجب عدم قدحه فيها فتصح الصلاة إذا وقعت بعد التسليم. وعليه فلا مجال للنقض بتحقق التحليل بالمنافيات قبله، فان المنافيات إذا اقتضت بطلان الصلاة لم يكن مورد لحصر المحلل بالتسليم ولايكون ذلك نقضا عليه، بل البناء على قدح المنافيات قبل التسليم التزام بحصر المحلل به كما لا يخفى. ويصح حمل التحليل على التسليم بنحو من العناية كما في زيد عدل، ولا حاجة إلى التقدير كي يدعى الاجمال. وبالجملة: ظهور الخبر في الحصر - ولاسيما بملاحظة بعض النصوص المتقدمة - أوضح من أن يهتم لدفع المناقشات المذكورة فيه. نعم لا دلالة فيه على جزئية التسليم، لان انحصار المحلل به أعم من كونه جزءا وشرطا وأجنبيا. نعم يدل على جزئيته موثق أبي بصير: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل صلى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل أن يتشهد رعف. قال (ع): فليخرج فليغسل أنفه ثم ليرجع فليتم صلاته، فان آخر الصلاة التسليم " (* 1)، وموثقه الآخر: " إذا نسي الرجل أن يسلم فإذا ولى وجهه عن القبلة وقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد فرغ من صلاته " (* 2)، وخبره: " وتقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة " (* 3) فتأمل. ويشير إليه صحيح زرارة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب التسليم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 8.

 

===============

 

( 455 )

 

في صلاة الخوف: " فصار للاولين التكبير وافتتاح الصلاة، وللآخرين التسليم " (* 1)، وفي مصحح علي بن اسباط عنهم (ع) فيما وعظ الله سبحانه عيسى (ع) في وصف النبي صلى الله عليه وآله: " ويفتتح بالتكبير ويختم بالتسليم " (* 2)، ونحوهما غيرهما مما يشعر أو يظهر في جزئيته للصلاة على نحو جزئية غيره من أجزائها. مضافا إلى الامر به في النصوص الكثيرة الواردة في الابواب المتفرقة المدعى تواترها. لظهورها في اعتباره في الصلاة اعتبار غيره من أجزائها وان كان لا يخلو من تأمل لورود أكثر تلك النصوص في مورد بيان حكم آخر فلاحظ. هذا، وحكي القول باستحباب التسليم عن المقنعة، والنهاية، والسرائر وكثير من كتب المتأخرين، وعن الخلاف: أنه الاظهر من مذهب أصحابنا وعن جامع المقاصد: " ذهب إليه أجلاء الاصحاب "، وفي الذكرى: " وهو مذهب أكثر القدماء " وعن المدارك وأكثر المتأخرين، وعن البهائي أنه مذهب مشايخنا المتأخرين عن عصر الشهيد. واستدل لهم - مضافا إلى أصالة البراءة المحكومة لما سبق - بصحيح ابن مسلم المتقدم في التشهد: " إذا استويت جالسا فقل: أشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم تنصرف " (* 3) وصحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " عن الرجل يكون خلف الامام فيطول الامام بالتشهد فيأخذ الرجل البول، أو يتخوف على شي يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع؟ قال (ع): يتشهد هو وينصرف ويدع الامام " (* 4).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب صلاة الخوف حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 2. (* 3) تقدم في المورد الاول من واجبات التشهد. (* 4) الوسائل باب: 64 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 2.

 

===============

 

( 456 )

 

وفيه - مع أن الصحيحين المذكورين خاليان عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله، وأن المحكي عن الفقيه وموضع من التهذيب رواية ثانيهما: " يسلم وينصرف " (* 1) -: أن المراد بالانصراف التسليم، بقرينة مثل صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " وان قلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت " (* 2)، وخبر أبي كهمس عن أبي عبد الله عليه السلام: " سألته عن الركعتين الاولتين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس: السلام عليك أيها النبي انصراف هو؟ فقال (ع): لا، ولكن إذا قلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف " (* 3) وصحيح محمد بن مسلم: " إذا انصرفت من الصلاة فانصرف عن يمينك " (* 4) ونحوه موثق سماعة (* 5). واستدل له أيضا بصحيح الفضلاء: محمد، وزرارة، والفضيل عن أبي جعفر (ع): " إذا فرغ الرجل من الشهادتين فقد مضت صلاته، فان كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم وانصرف أجزأه " (* 6). وفيه - مع أنه خال عن ذكر الصلاة على النبي كسابقيه -: أن ما في ذيله من الامر بالتسليم في مورد السؤال - أعني الاستعجال - دليل على

 

 

____________

(* 1) راجع: الفقيه ج: 1 صفحة: 261 والتهذيب ج: 2 صفحة: 283. لكن في صفحة: 349 من ج 2 من التهذيب تجد الحديث خاليا عن ذلك كما في نسخة الوسائل وقرب الاسناد المطبوع في ايران صفحة: 95. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب التسليم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب التسليم حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 13. (* 5) الوسائل باب: 12 من ابواب التشهد حديث: 1. (* 6) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 5.

 

===============

 

( 457 )

 

وجوبه، فيتعين حمل قوله (ع) في الصدر: " مضت صلاته " على مضي معظمها. أو ماكان من سنخ العبادة، أو نحو ذلك مما لا ينافي وجوب التسليم. وبصحيح معاوية بن عمار: " إذا فرغت من طوافك، فأت مقام ابراهيم (ع)، فصل ركعتين، واجعله أمامك واقرأ في الاولى منهما قل هو الله أحد، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، ثم تشهد واحمد الله تعالى وأثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله واسأله أن يتقبل منك " (* 1). وفيه - مع أن الوجه في ترك ذكر التسليم عدم كونه في مقام بيانه كالركوع والسجود وغيرهما من الواجبات -: أنه بقرينة ما سبق يتعين حمل التشهد فيه على ما يعم التسليم، فيكون الحمد والثناء بعد التسليم. ومثله صحيح زرارة الوارد في الشك بين الثنتين والاربع، قال (ع): " يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب، ويتشهد ولا شي عليه " (* 2) وبموثق يونس بن يعقوب قال: قلت " لابي الحسن (ع): صليت بقوم فقعدت للتشهد ثم قمت فنسيت أن أسلم عليهم. فقالوا: ما سلمت علينا. فقال (ع): ألم تسلم وأنت جالس؟ قلت: بلى. قال (ع): فلا بأس عليك " (* 3) وفيه: أن تعليق نفي البأس على تسليمه وهو جالس ظاهر في وجوب التسليم، والظاهر أن المراد من التسليم عليهم الذي نسيه هو صيغة: " السلام عليكم "، ومن تسليمه وهو جالس صيغة: " السلام علينا... "، وفيه دلالة على أن استعمال التشهد فيما يعم التسليم متداول مألوف، كما حملنا عليه الروايات السابقة. وبأنه لو وجب التسليم لبطلت الصلاة بتخلل المنافي بينه وبين التشهد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 71 من ابواب الطواف حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب التسليم حديث: 5.

 

===============

 

( 458 )

 

واللازم باطل فالملزوم مثله. أما الملازمة فاجماعية، وأما بطلان اللازم فلصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " سأله عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم، قال (ع): تمت صلاته، وان كان مع امام فوجد في بطنه أذى فسلم في نفسه وقام فقد تمت صلاته " (* 1)، ومصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا، وان كنت قد تشهدت فلا تعد " (* 2) وموثق غالب بن عثمان عنه (ع): " عن الرجل يصلي المكتوبة فيقضي صلاته ويتشهد ثم ينام قبل أن يسلم، قال (ع): تمت صلاته، وان كان رعافا فاغسله ثم ارجع فسلم " (* 3)، ونحوها صحيح زرارة المتقدم في وجوب التشهد (* 4)، وخبر الحسن بن الجهم المتقدم في كيفية الشهادتين (* 5). وأورد عليه بمنع الاجماع على الملازمة المدعاة لتحقق القول بالوجوب وعدم الجزئية الملازم للقول بعدم البطلان بتخلل المنافي بينه وبين الصلاة وإن وجب. وفيه: أن عمدة الادلة المتقدمة على الوجوب نصوص التحليل (* 6) وأنه آخر الصلاة (* 7)، وبه تنقطع (* 8) وبه يفرغ منها (* 9)، ونحو ذلك مما لا يمكن حمله على الوجوب مع البناء على الصحة بتخلل المنافي. نعم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب التسليم حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب التسليم حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب التسليم حديث: 6. (* 4) راجع صفحة 432. (* 5) راجع صفحة: 439. (* 6) راجع اول الفصل:. (* 7) راجع صفحة: 454. (* 8) راجع صفحة: 454. (* 9) راجع صفحة 454.

 

===============

 

( 459 )

 

البناء المذكور لا ينافي الاحذ بظاهر الامر به في بعض النصوص أعني الوجوب. لكن عرفت أن الاستناد في دعوى وجوبه إلى ظاهر الامر محل إشكال. ومثله في الاشكال دعوى كون المراد من التسليم في النصوص المذكورة التسليم الاخير، لشيوع استعماله فيه كما عن جماعة، ويشير إليه موثقة أبي بصير الطويلة (* 1)، وحديث ميسر (* 2)، وخبر الفضل بن شاذان (* 3)، وخبر عبد الله بن الفضل الهاشمي (* 4)، إذ لو تمت اقتضت حمل نصوص التحليل عليه، فيتعين حملها على الاستحباب لعدم وجوبه، وكذا غيرها مما أطلق فيه التسليم: كموثق أبي بصير الاول (* 5)، والنصوص المتضمنة للامر به إذ الفرق بين الطائفتين غير ظاهر. مع أن هذه الدعوى لاتتأتى في صحيح زرارة، ولافي خبر الحسن بن الجهم لعدم ذكر التسليم فيهما ليحمل على هذا المعنى. اللهم إلا أن يكون الوجه في سقوطهما عن الحجية في المقام ظهورهما في الحدث قبل الصلاة المجمع على قاطعيته. وكيف كان فالاولى أن يقال: إن النصوص المذكورة معارضة بما دل على انحصار المحلل بالتسليم، والجمع بينهما - بحمل الثانية على الاستحباب - ليس عرفيا، لان نصوص التحليل ظاهرة في أن التحريم الثابت بالتكبير، سواء أكان وضعيا كما هو الظاهر أم تكليفيا ينحصر رافعه بالتسليم، وحملها على أن التحريم يرتفع قبل التسليم ويثبت تحريم تنزيهي يرتفع بالتسليم مما تأباه تلك النصوص جدا على اختلاف ألسنتها، فيتعين الرجوع إلى الترجيح، وهو مع نصوص التحليل كما سبق، لمخالفتها للعامة، واتحاد لسان الاولى

 

 

____________

(* 1) تقدمت في المورد السابع من مستحبات التشهد. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب التشهد حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 4.

 

===============

 

( 460 )

 

مع لسان مثل صحيح زرارة (* 1) وخبر ابن الجهم (* 2) المجمع على خلاف ظاهرهما. مضافا إلى الاضطراب في صحيح زرارة الاول (* 3) لظهور صدره في تمامية الصلاة بدون التسليم، وظهور ذيله في توقفها عليه. بل لاتبعد دعوى ذلك في مصحح الحلبي (* 4)، وموثق عثمان (* 5)، فان مرجع ذيل أولهما إلى عدم قدح الالتفات الفاحش من غير فراغ المنافي لصدره ومرجع ذيل ثانيهما إلى وجوب التسليم المنافي لصدره، فلاجل ذلك كله لا تصلح لمقاومة تلك النصوص. نعم لو أمكنت دعوى اختصاصها بغير صورة العمد أمكن تقييد نصوص التحليل بها فتحمل على صورة العمد، لكن - مع أنه لاقرينة عليه - يصعب الالتزام به مع بناء الاصحاب على عدم الفصل. ثم إنك عرفت وجود القول بالوجوب وعدم الجزئية فيجوز وقوعه حال وجود موانع الصلاة وفقد شرائطها اختيارا، وحكي عن ظاهر الجعفي وصريح ابن جمهور، والحبل المتين، والمفاتيح، وجماعة أخرى جمعا بين الامر به في النصوص وبين ما تضمن الفراغ من الصلاة قبل التسليم، كصحيح عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) فيمن نسي التشهد الاول: " فقال (ع): يتم صلاته ثم يسلم " (* 6)، وصحيح سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع): " وإن لم يذكر حتى يركع فليتم صلاته، حتى إذا فرغ

 

 

____________

(1 8) تقدم في اول فصل التشهد صفحة: 432. (* 2) تقدم في المورد الثاني من واجبات التشهد. (* 3) تقدم في صفحة: 457. (* 4) تقدم في صفحة: 458. (* 5) تقدم في صفحة: 458. (* 6) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 4.

 

===============

 

( 461 )

 

[ فيجب فيه جميع ما يشترط فيها: من الاستقبال، وستر العورة، والطهارة، وغيرها، ومخرج منها، محلل للمنافيات المحرمة بتكبيرة الاحرام، وليس ركنا، فتركه عمدا مبطل لا سهوا، فلو سها عنه وتذكر بعد إتيان شئ من المنافيات عمدا وسهوا أو بعد فوات الموالاة لا يجب تداركه (1)، ] فليسلم " (* 1)، وما في صحيح زرارة المتقدم: " وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته " (* 2)، وما في صحيحه الآخر: " فيمن يجلس فيحدث قبل أن يسلم. قال (ع): تمت صلاته " (* 3)، والنصوص المتضمنة صحة الصلاة مع تخلل المنافي المتقدمة. لكن عرفت الاشكال في جميع ذلك، وأنه لا يصلح لمعارضة نصوص التحليل المعتضدة بما دل على أنه آخر الصلاة، وبه يفرغ منها، وبه تنقطع ونحو ذلك المستفاد من مجموعة الجزئية، وعدم جواز إيقاع المنافيات قبله. وأن الاعتماد على ظاهر الامر محل إشكال لعدم كونه في مقام التشريع ليدل على الوجوب، فلاحظ وتأمل. (1) كما اختاره غير واحد من شراح الشرائع، لعموم حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 4) الموجب لسقوطه عن الجزئية في حال السهو كغيره من الاجزاء التي يلزم من ثبوت جزئيتها في حال السهو الاعادة. اللهم إلا أن يقال: مجرد السقوط عن الجزئية غير كاف في تحقق المحلل للمنافيات فما لم يثبت وقوع المحلل بدليل فالمنافيات على حالها في اقتضاء البطلان.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 2) راجع اول فصل التشهد. (* 3) تقدم في هذه التعليقة. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 462 )

 

نعم لو كان مفاد حديث: " تحليلها التسليم " (* 1) أن محلليته بلحاظ كونه الجزء الاخير، فإذا فرض سقوطه عن الجزئية كان الاخير هو ما قبله، فالمنافي يكون بعد الفراغ فلا يكون قادحا، لكن الظاهر من الخبر انحصار المحلل بالتسليم مع قطع النظر عن كونه آخر الاجزاء، فمع فقده لا يتحلل من الصلاة وإن كان قد فرغ منها. وبالجملة: لو قصرنا النظر على أدلة المنافيات كان مقتضاها البطلان لو وقعت في أثناء الصلاة، ولم تقتضه لو كانت قبلها أو بعدها. وبلحاظ هذا الحديث يكون المدار في البطلان وقوعها قبل التسليم، فيكون الحديث تأسيسا لحكم لا تفيده تلك الادلة. فان قلت: إذا كان حديث: " لا تعاد الصلاة " شاملا للتسليم المنسي أمكن أن يستفاد من الحكم بعدم إعادة الصلاة لتركه الحكم بمحللية التشهد للملازمة فتكون محللية التشهد مدلولا التزاميا له. قلت: الحديث المذكور لانظر فيه إلا إلى صحة الصلاة من جهة نقص التسليم، وصحتها من هذه الجهة لا تلازم صحتها من وجود المحلل، وإنما تكون الملازمة بين صحة الصلاة من جميع الجهات في حال نسيان التسليم وبين ثبوت المحلل، لكن صحتها كذلك ليس منظورا إليها في الحديث. اللهم إلا أن يقال: لازم البناء على كون تحليلها التسليم تأسيسا البناء على كون تحريمها التكبير كذلك، ومقتضى كذلك عدم حرمة إيقاع المنافيات قبل تمام التكبير، وهو مناف لاطلاق مادل على عدم جواز ايقاعها في أثناء الصلاة، بل لا يظن الالتزام من أحد بجواز وقوعها في حال التكبير قبل تمامه، فإذا وجب صرف " تحريمها التكبير " إلى كونه أول الاجزاء فلا يكون تأسيسا وجب بقرينة المقابلة صرف " تحليلها التسليم " إلى كونه آخر الاجزاء لاغير، لاأقل من الاجمال الموجب للرجوع إلى أصالة البراءة من إبطال

 

 

____________

(* 1) راجع صفحة: 452.

 

===============

 

( 463 )

 

[ نعم عليه سجدتا السهو للنقصان بتركه (1)، وإن تذكر قبل ذلك أتى به (2) ولا شئ عليه إلا أن يتكلم فيجب عليه سجدتا السهو (3)، ويجب فيه الجلوس (4)، وكونه مطمئنا وله صيغتان هما: " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " ] المنافي. وفيه: أن المنافاة المذكورة إنما تقتضي كون المحرم الشروع في التكبير بأن يكون المراد منه الطبيعة السارية في الاجزاء لا تمامها، فالبناء على ظهور كل من قوله (ع): " تحريمها التكبير "، وقوله (ع): " تحليلها التسليم " متعين. وأما النصوص الواردة في نسيان التسليم كموثق أبي بصير الآتي في التحليل بالصيغة الاولى وغيره فلا إطلاق لها يشمل صورة وقوع المحلل، بل مقتضى الامر بالتسليم فيها الاختصاص بصورة عدمه وبقائه على الجزئية لا سقوطه عنها. وأما الاستدلال على المقام بالنصوص المتقدمة في الحدث قبل التسليم فغير ظاهر الوجه بعد عدم ظهورها في نسيان التسليم، بل ظهورها في عدمه وامتناع الاخذ بظاهرها لا يصحح حملها على خلاف الظاهر والاستدلال به وكأنه لذلك اختار في الشرائع وغيرها البطلان. (1) بناء على وجوبهما لكل زيادة ونقيصة. (2) لعدم الموجب لسقوط وجوبه. (3) لما يأتي إن شاء الله من وجوبهما للكلام ساهيا. (4) بلا خلاف ظاهر، وعن جماعة التصريح به، وفي المستند: أنه الاظهر، كما يستفاد من عمل الناس في جميع الاعصار بل من مطاوي الاخبار. انتهى. وكأنه يريد بالاخبار مثل موثقة أبي بصير الطويلة مما تضمن أنه كالتشهد.

 

===============

 

( 464 )

 

[ و " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "، والواجب إحداهما (1) ] (1) على التخيير، فيتحلل بكل منهما كما عن جماعة، بل عن بعض نسبته إلى المشهور، وآخر نسبته إلى المتأخرين، وفي المنتهى: " لا نعرف خلافا في أنه لا يجب عليه الاتيان بهما " وفي الذكرى: " لم يقل به أحد فيما علمته "، ويدل على التحليل بالاول جملة من النصوص المتقدم بعضها كصحيح الحلبي قال أبو عبد الله (ع): " كلما ذكرت الله عزوجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة، وإن قلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت " (* 1) وخبر أبي كهمس عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن الركعتين الاولتين إذا جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، انصراف هو؟ قال (ع): لا، ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف " (* 2) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " إذا كنت إماما فانما التسليم أن تسلم على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة، ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة: السلام عليكم، وكذلك إذا كنت وحدك تقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " (* 3)، وموثقة: " إذا نسي الرجل أن يسلم فإذا ولى وجهه عن القبلة وقال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد فرغ من صلاته... " (* 4) إلى غيرذلك. وعلى التحليل بالثاني إطلاقات التسليم التي قد عرفت احتمال اختصاصها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب التسليم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب التسليم حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 8. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب التسليم حديث: 1.

 

===============

 

( 465 )

 

به فضلا عن شمولها له، بل بعض ما ورد في الاول ظاهر في أن الاكتفاء به لانه من بعض أفراد التسليم، مثل ما عن كتاب الرضا (ع) إلى المأمون: " ولايجوز أن تقول في التشهد الاول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لان تحليل الصلاة التسليم، فإذا قلت هذا فقد سلمت " (* 1)، ونحوه خبر الاعمش (* 2). وكأنه في الجواهر يشير إلى هذه الاطلاقات في استدلاله على الخروج بالثاني بالاجماع بقسميه، بل الضرورة والنصوص المتواترة، وإلا فلم نقف في النصوص على ما يتعرض له بالخصوص غير صحيح ابن أذينة وغيره في صلاة النبي صلى الله عليه وآله في المعراج (* 3)، وخبر أبي بكر: " إني أصلي بقوم فقال (ع): تسلم واحدة ولا تلتفت، قل: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم " (* 4)، وما عن جامع البزنطي عن عبد الله بن أبي يعفور: " سألت أبا عبد الله (ع) عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة. قال (ع): يقول السلام عليكم " (* 5). نعم ورد في جملة من النصوص التعرض له، لكن لم يظهر منها أنه محلل، ففي مرسل الفقيه: " قال رجل لامير المؤمنين (ع): ما معنى قول الامام السلام عليكم؟ فقال (ع):... " (* 6)، وفي خبر المفضل: " لم لا يقال: السلام عليك والملك على اليمين واحد، ولكن يقال: السلام عليكم؟ قال (ع):... " (* 7)، وفي موثق يونس بن يعقوب:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 2. (* 3) تقدم في صفحة: 435. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 9. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 11. (* 6) الوسائل باب: 4 من ابواب التسليم حديث: 4. (* 7) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 15.

 

===============

 

( 466 )

 

" قلت لابي الحسن: صليت بقوم صلاة، فقعدت للتشهد، ثم قمت ونسيت أن أسلم عليهم، فقالوا ما سلمت علينا. فقال (ع): ألم تسلم وأنت جالس؟ قلت: بلى. قال (ع): فلا بأس عليك ولو نسيت حتى قالوا لك ذلك استقبلتهم بوجهك وقلت: السلام عليكم " (* 1)، ونحوها غيرها. بل لعل مثلها خبر ابن أبي يعفور المتقدم (* 2). وكيف كان فمما ذكرنا في وجه محللية الاول يظهر ضعف ما نسب إلى الاكثر أو المشهور من تعين الثاني لها. كما أن مما ذكرنا في وجه محللية الثاني يظهر ضعف ما عن جامع ابن سعيد من تعين الاول لها. كما أن من كل مهما يضعف جدا ما قيل أو يقال من وجوب الجمع بينهما. هذا وعن فاخر الجعفي وجوب التسليم على النبي صلى الله عليه وآله منضما إلى أحد التسليمين، وكأنه استند إلى ما في رواية أبي بكر، وخبر أبي بصير المتقدمين (* 3) وفيه - مع حكاية الاجماع على خلافه، وعن البيان: أنه مسبوق بالاجماع وملحوق به -: أنه مخالف لصحيح الحلبي، وخبر أبي كهمس المتقدمين (* 4) أيضا، وكذا حديث ميسر (* 5) ومرسل الفقيه (* 6)، بل لا يبعد ذلك في خبر أبي بصير فيكون حجة عليه لا له. اللهم إلا أن يكون مراده وجوب السلام على النبي صلى الله عليه وآله في قبال التسليم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابوب التسليم حديث: 5. (* 2) راجع الصفحة السابقة. (* 3) تقدم الاول في الصفحة: 465 والثاني في صفحة: 464. (* 4) راجع صفحة: 464. (* 5) راجع صفحة: 459. (* 6) راجع صفحة: 465.

 

===============

 

( 467 )

 

[ فان قدم الصيغة الاولى كانت الثانية مستحبة (1) ] الذي به الانصراف كالصلاة عليه صلى الله عليه وآله، فلا تصلح النصوص المذكورة لنفي وجوبه. فالعمدة حينئذ في دفعه الاجماع وما يستفاد من سبر جملة من النصوص من عدم وجوب شئ من التسليم إلا ما يكون به انصراف. فلاحظ صحيحة الفضلاء (* 1) وغيرها، أما الامر بالتسليم في الآية الشريفة (* 2) فغير ظاهر فيما نحن فيه، والاجماع على عدم وجوبه في غير الصلاة لا يكفي في وجوبه فيها لامكان حمله على الاستحباب، ولاسيما مع كون عدم الوجوب مظنة الاجماع. (1) كما هو المشهور، وحكى في الذكرى عن ابن طاووس (رحمه الله) في البشرى احتمال أنها واجبة، وان كان الخروج ب‍ " السلام علينا "، قال في الذكرى: " للحديث الذي رواه ابن أذينة عن الصادق (ع) في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وآله في السماء: أنه لما صلى، أمر الله أن يقول للملائكة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إلا أن يقال: هذا في الامام دون غيره " ثم قال: " ومما يؤكد وجوبه رواية زرارة ومحمد بن مسلم - وأورد التى ذكرناها آنفا يعني روايتهما عن الباقر (ع) -: إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته، وإن كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم وانصرف أجزأه ". أقول: أما صحيح المعراج (* 3) فالذي يظهر من ملاحظة ما فيه أنه في مقام بيان المستحب والواجب فلا يصلح للدلالة على أحدهما كما لا يصلح

 

 

____________

(* 1) تقدمت في صفحة: 456. (* 2) وهي قوله تعالى: " يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " الاحزاب: 56. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 10.

 

===============

 

( 468 )

 

[ بمعنى كونها جزءا مستحبا (1) لا خارجا، وإن قدم الثانية اقتصر عليها (2)، ] للدلالة على الوجوب التعييني، مضافا إلى أنه لم يذكر فيه الصيغة الاولى، فلا يصلح حجة للدلالة على وجوب الثانية عند سبقها بها. وأما الصحيح الآخر (* 1) فلا يظهر وجه تأكيده للوجوب إلا إذا كان المراد من التسليم فيه الصيغة الاولى، ومن الانصراف " السلام عليكم " لكنه خلاف الظاهر وقد يستدل له بما تضمن الامر بالتسليم الظاهر في الصيغة الثانية، فان إطلاقه شامل لصورة الاتيان بالاولى، فتجب وإن أتى بها، ولا ينافيه الخروج بها عن الصلاة كما تضمنته النصوص. وفيه: أن الذي يظهرمن ملاحظة النصوص أن التسليم مأمور به بما هو محلل، فإذا ثبت التحلل بالصيغة الاولى كانت أحد فردي الواجب المسقط لامره وفرغ به من الصلاة. وحينئذ فالامر به بعدها يكون استحبابيا - كما في نظائره - لا أنه يحمل على الوجوب النفسي لاجل عدم منافاته مع الخروج، إذ عدم المنافاة عقلا غير مسوغ لارتكاب خلاف الظاهر عرفا. (1) قد تقدم في نية الوضوء الاشكال في كون الشئ جزءا للواجب مستحبا، وسيأتي إن شاء الله في أوائل مباحث الخلل، فالاجزاء المستحبة أمور مستحبة، محلها الواجب لاأنها أجزاء منه. نعم تفترق عن المستحبات الاجنبية أن مصلحتها من سنخ مصلحتة الواجب، ومن مراتبه بخلاف المستحبات الاجنبية. (2) لعدم الدليل على استحباب إيقاع الثانية بعدها، كما اعترف به غير واحد، منهم الشهيد على ما حكي. نعم هو ظاهر المحقق وجماعة، فان أمكن الاعتماد على قاعدة التسامح لفتواهم أمكن البناء على الاستحباب.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 5.

 

===============

 

( 469 )

 

[ وأما " السلام عليك أيها النبي " فليس من صيغ السلام بل هو من توابع التشهد (1)، وليس واجبا بل هو مستحب وإن كان الاحوط عدم تركه لوجود القائل بوجوبه (2)، ويكفي في الصيغة الثانية: " السلام عليكم " بحذف قوله: " ورحمة الله وبركاته " (3) وإن كان الاحوط ذكره، ] (1) كما يشير إليه خبر أبي كهمس المتقدم (* 1)، وان كان الذي يظهر من خبري أبي بكر، وأبي بصير المتقدمين (* 2)، وموثقة أبي بصير الطويلة (* 3) أنه من توابع التسليم، كما تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع. (2) قد عرفت حكايته عن الجعفي في الفاخر، وعن كنز العرفان: أنه الذي يقوى في ظني. وقد عرفت وجهه وضعفه. (3) كما نسب إلى الاكثر، ويقتضيه الاقتصار عليه في جملة من النصوص: كروايات الحضرمي (* 4)، وابن أبي يعفور (* 5)، وأبي بصير (* 6) ويونس بن يعقوب (* 7) نعم في صحيح ابن جعفر (ع): " رأيت إخوتي موسى (ع) واسحاق ومحمدا بني جعفر (ع) يسلمون في الصلاة عن اليمين والشمال: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله " (* 8)، وقد

 

 

____________

(* 1) راجع في صفحة: 464. (* 2) تقدم في صفحة: 465 والثاني في صفحة: 464. (* 3) راجع صفحة: 449. (* 4) راجع صفحة: 465. (* 5) راجع صفحة: 465. (* 6) راجع صفحة: 464. (* 7) تقدم صدرها ومصدرها في صفحة: 457. (* 8) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 1.

 

===============

 

( 470 )

 

[ بل الاحوط الجمع بين الصيغتين بالترتيب المذكور، ويجب فيه المحافظة على أداء الحروف والكلمات على النهج الصحيح (1) ] تقدم في صحيح المعراج: أنه صلى الله عليه وآله قال: " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " (* 1) وكأنه لذلك اختلفت فتاواهم المحكية في المقام، فعن ابن زهرة، والالفية، وفوائد الشرائع، وظاهر البيان، والتنقيح، وتعليق النافع، والمسالك وجوب الاخير وعن الحلبي وجوب الثاني، ونسب أيضا إلى السيد (رحمه الله)، وعن الاردبيلي الميل إليه، وعن الاكثر الاول، وهو الاقوى لما عرفت، الذي لا يصلح غيره لمعارضته لانه عمل مجمل، ولاسيما وفي المنتهى وعن المفاتيح: أنه لا خلاف في استحباب " وبركاته " وأن صحيح ابن جعفر مشتمل على التكرار الذي لم يقل بوجوبه أحد. ودعوى: أن ما في النصوص الاول محمول على الاكتفاء عن ذكر الكل بذكر البعض، غير ظاهرة، ولاسيما وأن المتعارف في التسليم على الجماعة الاقتصار على " السلام عليكم ". ومثلها دعوى أن ما عدا خبر أبي بكر غير ظاهر في التحلل بها كما سبق، إذ الظاهر بل المقطوع به أن ذلك هو التسليم المحلل لو لم يسبقه تسليم آخر، لا أنه تسليم آخر. مع أن في خبر أبي بكر كفاية، ولاسيما مع مطابقته لمقتضى أصالة البراءة. اللهم إلا أن يقال: أصل البراءة إنما ينفي الجزئية أو الشرطية، ولا يثبت المحللية، فالمرجع استصحاب بقاء التحريم حتى يثبت المحلل. ثم إن ظاهر النص والفتوى اعتبار الصيغة الاولى بتمامها، لكن في نجاة العباد: أن الاصح الاجتزاء - ب‍ " السلام علينا "، وكأنه لصدق التسليم عليه، لكنه غير ظاهر في قبال ما عرفت. (1) لما سبق من ظهور الدليل في ذلك.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 10.

 

===============

 

( 471 )

 

[ مع العربية والموالاة. والاقوى عدم كفاية قوله: " سلام عليكم " بحذف الالف واللام (1). (مسألة 1): لو أحدث أو أتى ببعض المنافيات الاخر قبل السلام بطلت الصلاة. نعم لو كان ذلك بعد نسيانه بأن اعتقد خروجه من الصلاة لم تبطل، والفرق أن مع الاول يصدق الحدث في الاثناء، ومع الثاني لا يصدق (2) لان المفروض أنه ترك نسيانا جزءا غير ركني فيكون الحدث خارج الصلاة. ] (1) لكونه غير المأمور به في لا نصوص، ولا دليل على الاكتفاء به، ومنه يظهر ضعف ما في المعتبر: من أنه لو قال " سلام عليكم " ناويا به الخروج فالاشبه أنه يجزي انتهى، ونحوه ما في التذكرة: من أن الاقرب الاجزاء. وان استدل عليه الاول بوقوع اسم التسليم عليه، وبوروده في القرآن (* 1) فان الاطلاق مقيد بما سبق، والورود في القرآن لا يصلح حجة في المقام، ومثله ما عن التذكرة: من أنه الاقرب، لان عليا (ع) كان يقول ذلك عن يمينه وشماله، ولان التنوين يقوم مقام اللام. إذ الاول غير ثابت، بل في المعتبر (* 2) حكاية التعريف عنه (ع) في خبر سعد، والثاني ممنوع بنحو يشمل المقام. (2) قد عرفت الاشكال فيه، وأن المعيار في البطلان وعدمه وقوع المنافي قبل المحلل وعدمه، لا وقوعه في الاثناء وعدمه كما ذكر. وأما النقض

 

 

____________

(* 1) راجع سورة الانعام: 54 والاعراف: 46 والرعد: 24 والنحل: 32 والقصص: 55 والزمر: 73. (* 2) راجع آخر مسألة وجوب التسليم صفحة: 191.

 

===============

 

( 472 )

 

[ (مسألة 2): لا يشترط فيه نية الخروج من الصلاة (1) ] عليه بما ذكره سابقا من وجوب السجود للكلام لو سها عن التسليم وتخيل الفراغ فتكلم. ففيه: أن وقوع الكلام لا يلازم الغاء جزئية التسليم فيكون في الاثناء، بخلاف الحدث فانه يوجب إلغاءها فيكون بعد الفراغ، فلا تنافي بين الحكم بالصحة مع الحدث وبالسجود للسهو في الكلام ناسيا. فلاحظ (1) قال في المنتهى: " وهل يجب عليه أن ينوي بالتسليم الخروج من الصلاة؟ لم أجد لاصحابنا فيه نصا، والاقرب أنه لا تجب ". لاطلاق الادلة، بل مقتضى ما تقدم من كتاب الرضا (ع) إلى المأمون، وخبر الاعمش (* 1) الخروج به وان قصد عدم الخروج، ومثلهما حسن ميسرة: " شيئان يفسد على الناس بهما صلاتهم: قول الرجل: تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، وإنما هو شي قالته الجن بجهالة فحكى الله تعالى عنهم. وقول الرجل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " (* 2)، وقريب منه مرسل الفقيه (* 3). ومن المعلوم أن فعل الناس إنما كان بقصد عدم الخروج لانه في التشهد الاول. نعم لو كان قصد عدم الخروج راجعا إلى عدم قصد الامر بطل لفوات التقرب، وفي الذكرى: " حكي عن المبسوط أنه قال: ينبغي أن ينوي به ذلك، ثم قال: وليس بصريح في الوجوب ووجه الوجوب أن نظم السلام يناقض الصلاة في وضعه من حيث هو خطاب للآدميين، ومن ثم تبطل بفعله في أثنائها، عمدا وإذا لم تقترن به نية تصرفه إلى التحليل كان مناقضا للصلاة، ومبطلا لها ". وهو كما ترى.

 

 

____________

(* 1) راجع صفحة 452. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب التشهد حديث 1. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابوبا التشهد حديث: 2.

 

===============

 

( 473 )

 

[ بل هو مخرج قهرا وإن قصد عدم الخروج لكن الاحوط عدم قصد عدم الخروج، بل لو قصد ذلك فالاحوط إعادة الصلاة. (مسألة 3): يجب تعلم السلام على نحو ما مر في التشهد (1)، وقبله يجب متابعة الملقن إن كان، وإلا اكتفي بالترجمة وإن عجز فبالقلب ينويه مع الاشارة باليد على الاحوط والاخرس يخطر ألفاظه بالبال ويشير إليها باليد أو غيرها. (مسألة 4): يستحب التورك في الجلوس حاله على نحو ما مر (2)، ووضع اليدين على الفخذبن، ويكره الاقعاء. (مسألة 5): الاحوط أن لا يقصد بالتسليم التحية حقيقة (3) ] (1) ومر هناك الوجه المشترك بينه وبين المقام. (2) كأنه لتبعيته للتشهد في ذلك. (3) بل جزم في نجاة العباد بعدم جوازه للمنفرد ولا للامام ولا للمأموم، فلو فعل أحدهم بطلت الصلاة. وفي الجواهر لم يستبعد البطلان للنهي عن ابتداء التحية في الصلاة، ولاصالة عدم التداخل، ولانه من كلام الآدميين، ولغير ذلك، بعد أن احتمل عدم الخلاف في عدم وجوب نوع هذا القصد فضلا عن خصوصيات المقصود، للاصل وإطلاق الادلة، وعموم بعضها، والسيرة المستمرة في سائر الاعصار والامصار من العلماء والعوام التي تشرف الفقيه على القطع بالعدم، خصوصا في مثل هذا الحكم الذي تعم به البلوى والبلية، ولا طريق للمكلفين إلى معرفته إلا بالالفاظ. أقول: أما أصل القصد في الجملة ولو إجمالا وارتكازا في الواجبات القولية غير القراءة ومنها التسليم فالظاهر وجوبه لظهور مادل على وجوب التكبير، والذكر في الركوع، والسجود، والركعتين الاخيرتين، والشهادتين

 

===============

 

( 474 )

 

والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والتسليم في وجوب تلك المفاهيم الانشائية أو الخبرية المؤداة بالالفاظ الحاكية لها كما في سائر المعاني الخبرية والانشائية، ووجوب أدائها بالالفاظ الخاصة لا يقتضي كون الواجب هو الالفاظ الخاصة غير الملحوظ معانيها: لا معاني مفرداتها، ولا معاني هيئاتها، إذ لا وجه لذلك، بل هو مقطوع بخلافه، ضرورة وضوح كون التكليف بها ليس من قبيل التكليف بالالفاظ المهملة، أو بالمفردات غير المرتبط بعضها ببعض مثل: " زيد عمرو بكر " لايراد منه إلا أداء نفس الاصوات الخاصة. وأما حضور القصد المذكور عند أداء الكلام فالظاهر عدم وجوبه، للسيرة القطعية على عدمه، بل لا يتفق ذلك إلا للاوحدي من الناس. يعرف ذلك كل إنسان عند مراجعة نفسه وقت الصلاة، وأنه إن لم يتعذر ذلك منه إلا بعد رياضة كاملة فلا أقل من أنه متعسر. وأما الالتفات إلى خصوصية المعنى فعدم وجوبه أوضح إذ يقتضيه - مضافا إلى ذلك - الجهل بالخصوصيات بالنسبة إلى غالب المكلفين، ولاسيما الاجانب عن اللغة العربية. وأما جواز القصد التفصيلي إلى المعنى بخصوصياته فلاينبغي أن يكون محلا للاشكال، إذ معه يكون الامتثال بأوضح الافراد وأجلاها. نعم يتوقف على العلم بالخصوصيات الملحوظة للشارع الاقدس عند الامر به، فإذا جهلها كان القصد التفصيلي موجبا للشك في الامتثال لاحتمال عدم الاتيان بالمأمور به، إلا أن يكون قصد الخصوصية من باب الخطأ في التطبيق. مثلا إذا تردد في المراد بكاف الخطاب في " السلام عليكم " أنه الملائكة الموكلون بكتابة الحسنات أو السيئات، أو هما معا، كان القصد إلى صنف بعينه موجبا للشك في إتيان المأمور به، وكذا لو تردد في أن الباء من " وبحمده " زائدة أو للاستعانة، فإذا قصد واحدا منهما بعينه شك في إتيان المأمور به، فلا يجزي

 

===============

 

( 475 )

 

عقلا إلا إذا كان القصد إلى الخصوصية من باب القصد الطولي المجامع لقصد المعنى الواقعي للكلام. وكذا لو قامت الحجة على خصوصية المعنى، إذ ذلك إنما يقتضى العذر في قصده لا الصحة الواقعية على تقدير المخالفة، فالاحوط في السلام قصد المعنى الواقعي بلا ملاحظة خصوصية التحية والدعاء ولا خصوصية الموضوع من كونه الملكين أو غيرهما، وأحوط منه قصد المعنى على تقدير اعتباره لا مطلقا هذا ومما ذكرنا يظهر لك النظر فيما ذكره في الجواهر: من عدم جواز قصد التحية كما يظهر لك النظر في وجهه، فان مادل على وجوب التسليم بعنوان التحية مقيد للنهي عن ابتداء التحية في الصلاة، وللنهي عن كلام الآدميين فيها ورافع لموضوع أصالة عدم التداخل. اللهم إلا أن يمنع كون التسليم الواجب معنونا بعنوان التحية فقصدها موجب للشك في الامتثال لكنه خلاف ظاهر النصوص ولاسيما ما يأتي. وأشكل منه ما ذكره أولا من عدم وجوب القصد أصلا، وأن الواجب صورة اللفظ لاغير - كما صرح به في آخر كلامه - فان ذلك خروج عما هو ظاهر الادلة كما عرفت، وإن قال (رحمه الله): أنه اجتهاد منشؤه الغرور بالنفس، وأنه قد يظهر لها ما يخفى على غيرها، والا فمن لاحظ النصوص والفتاوى مع التأمل جزم بعدم اعتبار ذلك خصوصا في المنفرد... فانه لم يظهر بعد التأمل ما يوجب عدم اعتبار القصد أصلا ولو إجمالا، وأن الواجب مجرد التلفظ باللفظ الخاص، وكون التسليم إذنا - كما في موثق عمار (* 1)، ويستفاد من خبر أبي بصير السابق (* 2)، وأنه يترجم به الامام عن الله عزوجل بالامان من عند الله كما في مرسل الفقيه (* 3)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب التسليم حديث: 7. (* 2) راجع صفحة: 464. (* 3) راجع صفحة: 465.

 

===============

 

( 476 )

 

[ بإن يقصد السلام على الامام أو المأمومين أو الملكين. نعم لا بأس باخطار ذلك بالبال، فالمنفرد يخطر بباله الملكين الكاتبين حين السلام الثاني (1)، ] وغيره - لا يدل على ذلك لو لم يدل على خلافه، وكذلك الاطلاق والسيرة اللذان استدل بهما فانهما على ما قلناه أدل كما عرفت. نعم إطلاق: " إذا قلت السلام علينا... " أو " قل: السلام عليكم "، وإن كان يقتضي ما ذكر من أن الواجب مجرد التلفظ إلا أنه لا يجوز التعويل عليه، لانه تقييد لدليل وجوب التسليم بالمعنى الانشائي فالمعول عليه إطلاق ذلك الدليل، وقد عرفت أنه يقتضي ملاحظة المعنى. كيف لا؟! وموثقة أبي بصير الطويلة (* 1) كافية في إثبات ما ذكرنا، إذ احتمال كون التكليف بنفس الالفاظ المشتملة عليها بما هي لقلقة لسان كاحتمال التفكيك بين الواجب والمستحب، أو بين التسليم الواجب والمستحب مما لا يقبله الذوق، والمظنون وقوع الخلط بين حضور القصد حال الكلام وبين القصد الاجمالي، والله سبحانه أعلم. ثم إن الظاهر عدم جريان أحكام التحية على مثل السلام المذكور لانصرافها إلى التحية في الخطابات المتعارفة، وللسيرة القطعية على خلافها، فما عن الذكرى: من أن المأموم يقصد بأول التسليمتين الرد على الامام فيحتمل أن يكون على سبيل الوجوب، لعموم قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) (* 2) ضعيف، بل في الجواهر: " إنه غريب من مثل الشهيد ". (1) كما في خبري عبد الله بن الفضل الهاشمي والمفضل بن عمر (* 3).

 

 

____________

(* 1) تقدمت في صفحة: 449. (* 2) النساء: 86. (* 3) تقدما في صفحة: 452.

 

===============

 

( 477 )

 

[ والامام يخطرهما مع المأمومين (1) والمأموم يخطرهم مع الامام (2) وفي " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " يخطر بباله الانبياء والائمة والحفظة (ع) (3). (مسألة 6): يستحب للمنفرد ووالامام الايماء بالتسليم الاخير (4) إلى يمينه. بمؤخر عينه أو بأنفه أو غيرهما على ] (1) كما في خبر المفضل. (2) كما قد يستفاد من خبر المفضل. (3) هذا كأنه مأخوذ من نفس الجملة. (4) قال في الذكرى: " فالمنفرد يسلم تسليمة واحدة بصيغة (السلام عليكم)، هو مستقبل القبلة، ويومئ بمؤخر عينيه عن يمينه ". ونسب ذلك إلى الشيخين، والفاضلين، والشهيدين، وغيرهم. وكأن وجهه - على ما أشار إليه في الذكرى - الجمع بين صحيح عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد الله (ع): " إن كنت تؤم قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك وإن كنت مع إمام فتسليمتين، وإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة (* 1) " وخبر أبي بصير: " قال أبو عبد الله (ع): إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة عن يمينك " (* 2)، بحمل الثاني على الايماء بالعين الذي لا ينافي الاستقبال بالوجه، الظاهر فيه الصحيح بقرينة المقابلة بالتسليم عن اليمين في الامام. لكن الجمع المذكور بعيد لا شاهد له، ومثله الجمع بالتخيير بين الامرين، فان التقصيل في الحديثين قاطع للشركة. نعم في رواية المفضل: " لاي علة يسلم على اليمين ولا يسلم على السيار؟ قال (ع): لان الملك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 12.

 

===============

 

( 478 )

 

الموكل يكتب الحسنات على اليمين، والذي يكتب السيئات على السيار، والصلاة حسنات ليس فيها سيئات، فلهذا يسلم على اليمين دون اليسار. قلت فلم لا يقال: السلام عليك والملك على اليمين واحد، ولكن يقال: السلام عليكم؟ قال (ع): ليكون قد سلم عليه وعلى من على اليسار وفضل صاحب اليمين بالايماء إليه. قلت: فلم لا يكون الايماء في التسليم بالوجه كله ولكن كان بالانف لمن يصلي وحده، وبالعين لمن يصلي بقوم؟ قال (ع): لان مقعد الملكين من ابن آدم الشدقين، وصاحب اليمين على الشدق الايمن، وتسليم المصلي عليه ليثبت له صلاته في صحيفته. قلت: فلم يسلم المأموم ثلاثا؟ قال (ع): تكون واحدة ردا على الامام وتكون عليه وعلى مكليه، وتكون الثانية على يمينه والملكين الموكلين به. وتكون الثالثة على من على يساره وملكيه الموكلين به، ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلم على يساره إلا أن تكون يمينه على حائط ويساره إلى من صلى معه خلف الامام فيسلم على يساره. قلت: فتسليم الامام على من يقع؟ قال (ع): على ملكيه والمأمومين، يقول لملكيه: أكتبا سلامة صلاتي مما يفسدها، ويقول لمن خلفه سلمتم وأمنتم من عذاب الله تعالى " (* 1)، ومقتضاها أن المنفرد يومئ بأنفه إلى اليمين، والامام يومئ بعينه. لكنها مع ضعف سندها وإعراض المشهور عن ظاهرها ومخالفتها للصحيح السابق يشكل الاعتماد عليها، وإن كان هو ظاهر الصدوق (رحمه الله) في محكي الفقيه والمقنع. وأما الامام فالمذكور في كلام جماعة - منهم الشهيد في الذكرى بل نسب إلى المشهور - أنه يومئ بصفحة وجهه عن يمينه. ويشهد له - كما في الذكرى - ما تقدم في صحيح عبد الحميد، لكنه يعارضه جملة أخرى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 15.

 

===============

 

( 479 )

 

كصحيح أبي بصير قال أبو عبد الله (ع): " إذا كنت في صف فسلم تسليمة عن يمينك وتسلمية عن يسارك، لان عن يسارك من يسلم عليك. وإن كنت إماما فسلم تسليمة وأنت مستقبل القبلة " (* 1)، وما في خبره المتقدم: " ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة: السلام عليكم " (* 2) وخبر ابن أبي يعفور: " عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة قال (ع): يقول: السلام عليكم " (* 3)، وخبر الحضرمي: " إني أصلي بقوم، فقال (ع): سلم واحدة ولا تلتفت قل... " (* 4)، وخبر الكاهلي: " صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام... إلى أن قال: وسلم واحدة مما يلي القبلة " (* 5). والجمع بينها بما ذكر وإن كان قريبا إلا أنه لا شاهد له ومخالف للتفصيل فيها القاطع للشركة، ومثله ما في المتن تبعا للجواهر وغيرها من المساواة بين الامام والمنفرد في أنهما يسلمان إلى القبلة لنصوص الاستقبال فيهما، ويومئان بنحو لا ينافي الاستقبال من غير تخصيص بمؤخر العين، أو بالعين، أو بصفحة الوجه، أو بالوجه قليلا، أو بالانف، أو بطرفه، أو بغير ذلك أخذا باطلاق نصوص الايماء فيهما أيضا، فانه وإن سلم من إشكال التخصيص بما به الايماء لكنه غير سالم من إشكال المخالفة للتفصيل بين الامام و المأموم في النصوص من حيث الاستقبال والايماء إلى اليمين القاطع للشركة، ومن هنا كان المحكي عن الجمل، والعقود، والمبسوط: من أن الامام والمنفرد يسلمان تجاه القبلة وكأنه طرح لنصوص الايماء لمعارضتها في المقامين بما هو أرجح منها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 8 وتقدم في صفحة: 464. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم: 9. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 17.

 

===============

 

( 480 )

 

[ وجه لا ينافي الاستقبال. وأما المأموم فان لم يكن على يساره أحد فكذلك (1)، وإن كان على يساره بعض المأمومين ] (1) بلا إشكال، لاتفاق النصوص على تسليمه إلى اليمين والى الشمال إذا كان هناك أحد. ففي صحيح أبي بصير. " إذا كنت في صف فسلم تسلمية عن يمينك وتسليمة عن يسارك، لان عن يسارك من يسلم عليك " (* 1) وفي خبره: " فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت وسلم على من على يمينك وشمالك، فإذا لم يكن على شمالك أحد فسلم على الذي على يمينك، ولا تدع التسليم على يمينك إن لم يكن على شمالك أحد " (* 2)، وفي صحيح منصور: " الامام يسلم واحدة، ومن وراءه يسلم اثنتين، فان لم يكن عن شماله أحد يسلم واحدة " (* 3)، ونحوها غيرها. ثم إنه قد يستظهر من هذه النصوص كون الايماء على النحو المتعارف بأن يلتفت بوجهه، ويكون حينئذ منافيا لما دل على وجوب الاستقبال في التسليم، فاما أن يكون مقيدا له أو يحمل على الايماء بنحو لا ينافي الاستقبال لكن الاطلاق الشامل لذلك غير ظاهر، فضلا عن الظهور. هذا وفي صحيح زرارة، ومحمد، ومعمر بن يحيى، واسماعيل عن أبي جعفر (ع) قال: " يسلم تسليمة واحدة إماما كان أو غيره " (* 4)، وفي خبر ابن جعفر (ع): " عن تسليم الرجل خلف الامام في الصلاة كيف؟ قال (ع): تسليمة واحدة عن يمينك إذا كان على يمينك أحد أو لم يكن " (* 5). ولعلهما محمولان على نفي وجوب الزائد، أو نفي تأكده. وعن الشيخ حمل الاول على مااذا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب التسليم حديث: 16.

 

===============

 

( 481 )

 

[ فيأتي بتسليمة أخرى موميا إلى يساره، ويحتمل استحباب تسليم آخر للمأموم بقصد الامام (1)، فيكون ثلاث مرات. (مسألة 7): قد مر سابقا في الاوقات أنه إذا شرع في الصلاة قبل الوقت ودخل عليه وهو في الصلاة صحت صلاته، وإن كان قبل السلام أو في أثنائه، فإذا أتى بالسلام الاول، ودخل عليه الوقت في أثنائه تصح صلاته. وأما إذا دخل بعده قبل السلام الثاني أو في أثنائه ففيه إشكال. وإن كان يمكن القول بالصحة، لانه وإن كان يكفي الاول في الخروج عن الصلاة، لكن على فرض الاتيان بالصيغتين يكون الثاني أيضا جزءا، فيصدق دخول الوقت في الاثناء (2)، فالاحوط إعادة الصلاة مع ذلك. ] لم يكن على يساره أحد. (1) كما أفتى به في محكي الفقيه، قال: " وإن كنت خلف إمام تأتم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على الامام وتسليمة عن يمينك واحدة وعلى يسارك واحدة إلا أن لا يكون على يسارك إنسان فلا تسلم على يسارك إلا أن تكون بجنب حائط " (* 1). ويقتضيه خبر المفضل (* 2). لكن المشهور العدم، كما يقتضيه ظاهر النصوص. (2) قد عرفت في أوائل مبحث القيام أن الاجزاء المندوبة ليست أجزاء للماهية ولا للفرد المأمور به، وإنما هي أمور مستحبة في الواجب مصلحتها

 

 

____________

(* 1) من لا يحضره الفقيه ج: 1 صفحة: 210 طبع النجف الحديث. (* 2) تقدم في اول المسألة.