فصل في السجود

فصل في السجود وحقيقته وضع الجبهة على الارض بقصد التعظيم (1). ] التشهد، كما ذكر في حسن الحلبي، اللهم إلا أن يكون حمله على الركعة المتصلة موجبا لطرحه، لمعارضته لما دل على لزوم فصل الشفع عن الوتر وحينئذ لا يجوز الاستدلال به على المقام، فتأمل. ويمكن أن يستشكل فيه أيضا: بأن الظاهر من قوله (ع): " فيتم " أنه يبني على ما مضى ويصح ركوعه، لاأنه ملغى كي يلزم الزيادة هذا وقد يستدل على المقام بصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): " عن السهو في النافلة، فقال (ع): ليس عليك شئ " (* 1) فان إطلاق السهو يشمل ما نحن فيه، ويشكل بعدم ثبوت عموم السهو لما نحن فيه كما سيأتي - إن شاء الله - في مبحث الخلل، وعلى هذا فالخروج عن حكم الفريضة غير ظاهر، إذ الدليل ليس منحصرا بالاجماع، بل يدل عليه ما تضمن أن الصلاة لا تعاد من سجدة وتعاد من ركعة، فان مورده زيادة السجدة، ومقتضى مقابلة الركعة بالسجدة أن المراد منها الركوع الواحد، فتأمل جيدا، وسيأتي - إن شاء الله - في مبحث الخلل بعض ماله نفع في المقام. فصل في السجود (1) قال في مجمع البحرين: " قد تكرر في الحديث ذكر السجود

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 345 )

 

[ وهو أقسام،: السجود للصلاة، ومنه قضاء السجدة المنسية، وللسهو، وللتلاوة، وللشكر، وللتذلل والتعظيم. أما سجود الصلاة فيجب في كل ركعة من الفريضة والنافلة سجدتان (1) وهما معا من الاركان، فتبطل بالاخلال بهما معا (2)، وكذا ] وهو في اللغة الميل، والخضوع، والتطامن، والاذلال، وكل شي ذل فقد سجد، ومنه سجد البعير إذا خفض رأسه عند ركوعه، وسجد الرجل وضع جبهته على الارض "، والظاهر أن استعماله في غير الاخير مبني على نحو من العناية. نعم في اعتبار وضع خصوص الجبهة إشكال، لصدقه عرفا بوضع جزء من الوجه ولو كان غيرها، ومثله اعتبار كون الموضوع عليه الارض لاغير، بل المنع فيه أظهر. (1) إجماعا، بل ضرورة - كما قيل - والنصوص فيه متجاوزة حد التواتر، ويأتي بعضها إن شاء الله تعالى. (2) بلا خلاف ولا إشكال كما يأتي - إن شاء الله تعالى - في مبحث الخلل. نعم هنا إشكال مشهور، وهو: أن موضوع الركنية هو موضوع الزيادة والنقيصة المبطلة، وهنا ليس كذلك، فان موضوع الركنية إن كان مجموع السجدتين صح كونه موضوعا للزيادة المبطلة، لان زيادة سجدتين مبطلة إجماعا، ولا يصح كونه موضوعا للنقيصة المبطلة، لان نقص المجموع يكون بنقص واحدة، مع أن نقص الواحدة سهوا لا يبطل كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وإن كان موضوع الركنية صرف ماهية السجود صح كونه موضوعا للنقيصة المبطلة، لان نقص الماهية إنما يكون بعدم كل فرد منها، إلا أنه لا يصح كونه موضوعا للزيادة المبطلة لان زيادة صرف

 

===============

 

( 346 )

 

[ بزيادتهما معا في الفريضة عمدا كان، أو سهوا، أو جهلا. كما أنها تبطل بالاخلال باحداهما عمدا (1)، وكذا بزيادتها. ولا تبطل على الاقوى بنقصان واحدة، ولا بزيادتها سهوا. وواجباته أمور: أحدها: وضع المساجد السبعة على الارض، وهي: الجبهة، والكفان، و الركبتان، والابهامان من الرجلين (2)، ] الماهية تكون بزيادة واحدة وهي سهوا غير مبطلة. وبالجملة ليس هنا شئ واحد نقصه وزيادته سهوا مبطلان ليكون ركنا. وقد ذكر في دفع هذا الاشكال وجوه لا تخلو من تصرف في ظاهر قولهم: الركن ما تبطل الصلاة بزيادته ونقيصته عمدا وسهوا، لايهم ذكرها بعد كون الاشكال مما لا يترتب عليه ثمرة عملية. من أراد الوقوف عليها فليراجع الجواهر وغيرها. (1) يأتي - إن شاء الله تعالى - في مبحث الخلل بيانه، وكذا ما بعده (2) إجماعا حكاه جماعة من الاساطين، ويشهد له صحيح زرارة: " قال أبو جعفر (ع): قال رسول الله صلى الله عليه وآله: السجود على سبعة أعظم: الجبهة، واليدين، والركبتين، والابهامين من الرجلين، وترغم بأنفك إرغاما أما الفرض فهذه السبعة، وأما الارغام بالانف فسنة من النبي صلى الله عليه وآله " (* 1)، وصحيح حماد عن أبي عبد الله (ع) الوراد في تعليم الصلاة: " وسجد (ع) على ثمانية أعظم: الجبهة والكفين، وعيني الركبتين وأنامل إبهامي الرجلين، والانف فهذه السبعة فرض، ووضع الانف على الارض سنة، وهو الارغام " (* 2) وخبر عبد الله بن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 347 )

 

[ والركنية تدور مدار وضع الجبهة (1)، فتحصل الزيادة ] ميمون القداح عن جعفر بن محمد (ع) " قال (ع): يسجد ابن آدم على سبعة أعظم: يديه، ورجليه، وركبتيه وجبهته " (* 1) ونحوها غيرها. وعن السيد والحلي (رحمه الله): تعين السجود على مفصل الزندين من الكفين. ووجهه غير ظاهر - كما اعترف به غير واحد - ومثله ظاهر ماعن كثير من القدماء وبعض المتأخرين من التعبير بأصابع الرجلين أو أطرافها، فانه مخالف للصحيحين المتقدمين وغيرهما بلا وجه ظاهر، سوى التعبير في بعض النصوص بالرجلين المتعين تقييده على كلا القولين، أو بأطراف الاصابع الشامل للابهامين وغيرهما، المتعين رفع اليد عن ظاهره بالصحيحين الدالين على الاكتفاء بالابهامين. والمشهور التعبير بالكف كما تضمنه صحيح حماد (* 2)، خصوصا بملاحظة الزيادة المروية في الكافي قال (ع): " سبعة منها فرض يسجد عليها وهي التي ذكرها الله تعالى في كتابه، فقال تعالى: (وان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) (* 3) وهي: الجبهة، والكفان، والركبتان، والابهامان " (* 4)، وفي عبارة جماعة من القدماء والمتأخرين ذكر اليد كما تضمنه كثير من النصوص (* 5)، لكن يتعين حملها على الكف جمعا بين المطلق والمقيد، ولاجل ذلك يتعين إرادة الكف من التعبير باليد أيضا. (1) يعني: ركنية السجود للصلاة، وفي الجواهر: " لاريب في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب السجود حديث: 8. (* 2) الوسائل باب:: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1. (* 3) الجن: 18. (* 4) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 2. (* 5) تقدم بعضها في الصفحة السابقة.

 

===============

 

( 348 )

 

[ والنقيصة به دون سائر المساجد، فلو وضع الجبهة دون سائرها تحصل الزيادة، كما أنه لو وضع سائرها ولم يضعها يصدق تركه. الثاني: الذكر، والاقوى كفاية مطلقه (1). وإن كان الاحوط اختيار التسبيح على نحو ما مر في الركوع، إلا أن ] عدم اعتبار وضع ما عدا الجبهة فيه، كما اعترف به المحقق الثاني، والشهيد الثاني ". وفي منظومة الطباطبائي (قدس سره): " وواجب السجود وضع الجبهة * وإنه الركن بغير شبهة ووضعه للستة الاطراف * فانه فرض بلا خلاف " وكأنه لدوران صدق السجود عرفا وعدمه مدار ذلك - كما عرفت - الموجب لتنزيل أحكام السجود عليه. ولاينا فيه قوله صلى الله عليه وآله: " السجود على سبعة أعظم " إذ المراد منه أنه يجب السجود على السبعة، لا أن مفهومه السجود على السبعة بحيث يكون السجود على كل واحد منها جزءا من مفهومه ينتفي بانتفائه انتفاء المركب بانتفاء جزئه، فان حمله على هذا المعنى يقتضي أن يجعل الظرف لغوا متعلقا بالسجود، ويكون الخبر مقدرا مفاد قولنا: السجود على سبعة أعظم معنى لفظ السجود، أو المراد منه، أو نحو ذلك وهو خلاف الظاهر. إذ الظاهر أنه ظرف مستقر يعني: السجود يكون على سبعة أعظم وكونه عليها بمعنى وجوب السجود عليها كما عرفت. ويشير إلى ما ذكرنا قوله (ع): " فهذه السبعة فرض " (* 1) كما لا يخفى. والمتحصل أنه ليس في النصوص ما ينافي الحمل على المعني العرفي، فيجب البناء عليه. (1) الكلام فيه قولا وقائلا ودليلا هو الكلام في الركوع فراجع.

 

 

____________

(* 1) تقدم في التعليقة السابقة.

 

===============

 

( 349 )

 

[ في التسبيحة الكبرى يبدل العظيم بالاعلى (1). الثالث: الطمأنينة فيه بمقدار الذكر الواجب (2)، بل المستحب أيضا (3) إذا أتى به بقصد الخصوصية، فلو شرع في الذكر قبل الوضع أو الاستقرار عمدا بطل وأبطل (4) ] (1) كما صرح بذلك في النصوص وقد تقدم بعضها. (2) إجماعا كما عن الغنية والمدارك والمفاتيح، وبلا خلاف كما عن مجمع البرهان، وفي المعتبر: نسبته إلى علمائنا. واستشهد له بما في صحيح علي بن يقطين: " عن الركوع والسجود كم يجزئ فيه من التسبيح؟ فقال (ع): ثلاث، وتجزؤك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الارض " (* 1) وما في صحيح علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " عن الرجل يسجد على الحصى فلا يمكن جبهته من الارض، قال (ع): يحرك جبهته حتى يتمكن، فينحي الحصى عن جبهته ولا يرفع رأسه " (* 2)، وصحيح الهذلي المروي عن أربعين الشهيد: " فإذا سجدت فمكن جبهتك من الارض ولا تنقر كنقرة الديك " (* 3). لكن يقرب احتمال كون المراد من تمكين الجبهة من الارض الاعتماد عليها لا الاطمئنان بوضعها، ولو سلم فلا تدل على لزوم اطمئنان المصلي مع أن الاخيرين غير ظاهرين في الاطمئنان بمقدار الذكر، فالعمدة الاجماع. (3) قد عرفت في الركوع الاشكال في دليله، ولذا توقف المصنف فيه هناك والفرق بين المقامين غير ظاهر. (4) تقدم الكلام في نظيره في المسألة الرابعة عشرة من فصل الركوع.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب الركوع حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 18.

 

===============

 

( 350 )

 

[ وإن كان سهوا وجب التدارك إن تذكر قبل رفع الرأس (1) وكذا لو أتى به حال الرفع أو بعده ولو كان بحرف واحد منه فانه مبطل إن كان عمدا، ولا يمكن التدارك إن كان سهوا إلا إذا ترك الاستقرار وتذكر قبل رفع الرأس. الرابع: رفع الرأس منه. الخامس: الجلوس بعده (2) مطمئنا (3) ثم الانحناء للسجدة الثانية. السادس: كون المساجد السبعة في محالها (4) إلى تمام الذكر فلو رفع بعضها بطل (5) وأبطل إن كان عمدا ويجب تداركه إن كان سهوا (6). ] (1) إجماعا كما عن الوسيلة، والغنية، والمنتهى، والذكرى، وجامع المقاصد، والمدارك، والمفاتيح، وظاهر المعتبر، وكشف اللثام. لتوقف صدق السجدة الثانية عليه، وقد يشير إليه خبر أبي بصير الآتي. (2) إجماعا حكاه جماعة كثيرة أيضا، وفي خبر أبي بصير: " وإذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع مفاصلك، وإذا سجدت فاقعد مثل ذلك " (* 1). (3) العمدة فيه الاجماع المحكي نقله عن جماعة كثيرة، وأما رجوع المفاصل في خبر أبي بصير: فليس راجعا للطمأنينة ولا لازما لها كما لا يخفى. (4) بلا إشكال، ويمكن استفادته من النصوص. (5) يعني الذكر لوقوعه على غير وجهه، فيبطل الصلاة للزيادة العمدية. (6) هذا يتم إذا كان محل الذكر هو حال الوضع لمجموع المساجد،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة: حديث: 9.

 

===============

 

( 351 )

 

[ نعم لا مانع من رفع ما عدا الجبهة (1) في غير حال الذكر ثم وضعه عمدا كان أو سهوا من غير فرق بين كونه لغرض كحك الجسد ونحوه أو بدونه. السابع: مساواة موضع الجبهة للموقف (2) بمعنى عدم علوه ] أما إذا كان محله وضع الجبهة لاغير ووضع بقية المساجد واجب آخر في عرضه حاله، فالذكر بلا وضع بقية المساجد يكون في المحل، ويكون الوضع قد فات محله، فلا مجال لتداركه، فيسقط، لكن المظنون الاول، فتأمل. (1) كما صرح به في الجواهر وغيرها، لاصالة البراءة من مانعيته، وليس مأتيا به بقصد الجزئية كي يكون زيادة. وأما الوضع بعد الرفع فهو واجب لو جوب الذكر حاله، فأولى أن لا يكون قادحا في الصلاة. وفي خبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " عن الرجل يكون راكعا أو ساجدا فيحكه بعض جسده، هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحكمه مما حكه؟ قال (ع): لا بأس إذا شق عليه أن يحكه والصبر إلى أن يفرغ أفضل " (* 1)، ومن ذلك يظهر ضعف ما في الجواهر عن بعض المشايخ: من التوقف في ذلك، أو الجزم بالبطلان. وقد أطال العلامة الطباطبائي في هذا المقام، ومما قال (قدس سره): " ورفعه حال السجود لليد * أو غيرها كالرجل غير مفسد فانه فعل قليل مغتفر * والوضع بعد الرفع عن أمر صدر "... إلى أن قال - بعد التعرض لامثال المقام، وخبر ابن جعفر (ع) المتقدم -: " وترك هذا كله من الادب * وليس مفروضا ولكن يستحب " (2) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا، بل في المعتبر

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب الركوع حديث: 1.

 

===============

 

( 352 )

 

وعن المنتهى، والتذكرة، وجامع المقاصد: نسبته إلى علمائنا، أو جميعهم وإن اختلفت عباراتهم في التقدير باللبنة أو بالمقدار المعتد به. قال في جامع المقاصد: " لابد أن يكون موضع جبهته مساويا لموقفه، أو زائدا عليه بمقدار لبنة موضوعة على أكبر سطوحها لاأزيد عند جميع أصحابنا "، وقال في المعتبر: " لا يجوز أن يكون موضع السجود أعلى من موقف المصلي بما يعتد به مع الاختيار وعليه علماؤنا " ونحوه ذكر في التذكرة. والعمدة فيه خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " سألته عن السجود على الارض المرتفعة، فقال (ع): إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا بأس " (* 1). لكن استشكل فيه تارة: بأن في طريقه النهدي المشترك بين الثقة ومن لم يثبت توثيقه، وأخرى: بأن في بعض النسخ " يديك " باليائين المثناتين من تحت، بل هو كذلك فيما يحضرني من نسخة معتبرة من التهذيب وإن كتب في الهامش " بدنك " بالباء الموحدة والنون مع وضع علامة (خ ل) وكذا في النسخة المصححة من الوسائل، وثالثة: من جهة أن مفهومه ثبوت البأس بالزائد على اللبنة وهو أعم من المنع. ويمكن دفع الاول: بأن الظاهر من إطلاق النهدي أنه الهيثم بن مسروق لانه الاغلب كما عن تعليقة الوحيد ولرواية محمد بن علي بن محبوب، وقد صحح العلامة طريقة في جملة موارد مع أن اعتماد الاصحاب جابر للضعف. والثاني: بأن استدلال الاصحاب به دليل على ضبطهم له بالباء والنون ولاسيما وفيهم من هو في غاية الضبط والاتقان والتثبت لا أقل من ترجيح ذلك على النسخة الاخرى بناء على ما هو الظاهر من إجراء قواعد التعارض

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب السجود حديث: 1.

 

===============

 

( 353 )

 

عند اختلاف النسخ، ولاسيما وفي الكافي قال: " وفي حديث آخر في السجود على الارض المرتفعة قال (ع): إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن رجليك قدر لبنة فلا بأس " (* 1) والمظنون قويا أنه عين المسند المذكور. والثالث: بأن إطلاق البأس يقتضي المنع، إذ هو النقص المعتد به كما يظهر من ملاحظة المشتقات مثل: البائس، والبأساء، والبؤس، والبئيس، وبئس، وغيرها ولاسيما بملاحظة وقوعه جوابا عن السؤال عن الجواز حسب ما هو المنسبق إلى الذهن. وفي الجواهر: " يتعين حمله على المنع بقرينة فهم الاصحاب، إذ من شك منهم شك في جواز هذا العلو لا الازيد ولصحيح عبد الله بن سنان: " أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن موضع جبهة الساجد أيكون أرفع من مقامه؟ قال (ع): لا، ولكن ليكن مستويا " (* 2)، وخبر الحسين ابن حماد عن أبي عبد الله (ع) قال: " قلت له: أضع وجهي للسجود فيقع وجهي على حجر أو على شي مرتفع، أحول وجهي إلى مكان مستوي؟ فقال (ع): نعم، جر وجهك على الارض من غير أن ترفعه " (* 3)، وخبره الآخر: " أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع فقال (ع): إرفع رأسك ثم ضعه " (* 4)، وصحيح معاوية بن عمار: " قال أبو عبد الله (ع) إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها ولكن جرها على الارض " (* 5). فان هذه النصوص دالة على المنع عن مطلق

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب السجود حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب السجود حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 1.

 

===============

 

( 354 )

 

[ أو انخفاضه أزيد من مقدار لبنة (1) ] الرفع، فتقيد بالزائد على اللبنة جمعا بينها وبين الخبر الاول الصريح في الجواز بمقدارها. وفيما ذكره (رحمه الله) نظر، إذ الاجماع في المقام لو شتم فهو معلوم المستند، وأما صحيح ابن سنان فلاجل ظهوره في تعين المساواة يتعين حمله على الاستحباب، ولايكون مع الخبر الاول من قبيل المطلق والمقيد، وجعل قوله (ع) في الجواب: " لا " للمنع، وقوله (ع): " ليكن مستويا " للاستحباب تفكيك لا يساعده التركيب. وأما خبر الحسين الاول فالظاهر منه الرخصة في مقابل المنع الذي توهمه السائل. وأما خبره الآخر فمحمول على الارتفاع المانع من صدق السجود، كما يقتضيه - مضافا إلى الرخصة بالرفع - الجمع بينه وبين ما قبله ومابعده، فتأمل. وأما صحيح معاوية فظاهر في عدم جواز الرفع في ظرف بناء الساجد على تحويل جبهته عن النبكة المجهول وجهه، وأنه للارتفاع، أو لعدم إمكان الاعتماد، أو لغير ذلك. فا لاعتماد في المنع عمازاد على اللبنة على النصوص المذكورة غير ظاهر بل العمدة فيه الخبر الاول. ومنه يظهر الاشكال فيما عن المدارك، وغيرها: من المنع عن السجود على مطلق المرتفع، أخذا باطلاق صحيح ابن سنان وطرحا للخبر المذكور، كما يظهر أيضا حمل صحيح أبي بصير: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد فقال (ع): إني أحب أن أضع وجهي في موضع قدمي وكرهه " (* 1) على الارتفاع دون اللبنة. (1) كما عن الشهيدين، والمحقق الثاني، وغيرهم. لموثق عمار عن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب السجود حديث: 2.

 

===============

 

( 355 )

 

[ موضوعة على أكبر سطوحها (1)، أو أربع أصابع مضمومات (2) ولا بأس بالمقدار المذكور، ولا فرق في ذلك بين الانحدار والتسنيم (3). ] أبي عبد الله (ع): " سألته عن المريض أيحل له أن يقوم على فراشه ويسجد على الارض؟ فقال (ع): إذا كان الفراش غليظا قدر آجرة أو أقل استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الارض، وإن كان أكثر من ذلك فلا " (* 1) وبه يقيد إطلاق خبر محمد بن عبد الله عن الرضا (ع): " أنه سأله عمن يصلي وحده فيكون موضع سجوده أسفل من مقامه، فقال (ع): إذا كان وحده فلا بأس " (* 2). والمحكي عن الاردبيلي وبعض من تأخر عنه الجواز، بل نسب إلى الاكثر، بل إلى ظاهر من تقدم على الشهيد، لاقتصارهم على التعرض للارتفاع بل في التذكرة: " لو كان مساويا أو أخفض جاز إجماعا " وكأنه لعدم ظهور نفي الاستقامة في المنع، لا أقل من عدم صلاحيته لتقييد خبر محمد بن عبد الله. والتقييد فيه بالوحدة لعله للفرار عن كون مسجد المأموم أخفض من مسجد الامام. (1) بلا إشكال لانصراف التقدير باللبنة إلى التقدير بالعمق. (2) في الحدائق نسبه إلى الاصحاب، ثم قال: " ويؤيده أن اللبن الموجود الآن في أبنية بني العباس من (سر من رأى) فان الآجر الذي في أبنيتها بهذا المقدار تقريبا ". (3) كما يقتضيه إطلاق النص والفتوى. ودعوى الانصراف إلى الثاني غير ظاهرة. ومنه يظهر الاشكال فيما عن كشف الغطاء: من الجواز في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب السجود حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب السجود حديث: 4.

 

===============

 

( 356 )

 

[ نعم الانحدار اليسير لا اعتبار به فلا يضر معه الزيادة على المقدار المذكور (1)، ] الاول ما لم يتفاحش فتفوت به هيئة السجود. (1) هذا غير ظاهر لان التقدير باللبنة وما زاد عليها - بعد البناء على عمومه لصورة الانحدار - راجع إلى ملاحظة الانحدار اليسير بكلا قسميه، فكيف يدعى عدم شمول النص له؟!. نعم لو حكم على الانحدار بحكم أمكن أن يدعى انصرافه عن اليسير، لكن بعد تعرض الدليل للتقدير باللبنة وما زاد لا مجال لاحتماله، كما يظهر بالتأمل. اللهم إلا أن يكون المراد بالانحدار اليسير الذي ابتداؤه من الموقف تقريبا، والكثير الذي يكون حول الجبهة ظاهر، للحس فالاول خارج عن نص التقدير ولو زاد على اللبنة، والثاني داخل كذلك، ويشير إلى ذلك الموثق (* 1) الوارد في صحة الجماعه في الارض المنحدرة، فراجع. تنبيه المذكور في المتن تبعا للاصحاب أن موضوع المساواة موضع الجبهة والموقف، وعبر بعضهم بدل الموقف بموضع القيام، والمحكي عن كشف الغطاء أن المراد من الموقف موضع القيام للصلاة، فلو قام للصلاة في موضع وفي حال السجود صعد على دكة مستوية فسجد عليها بطلت صلاته لكون مسجد الجبهة أعلى من موضع وقوفه. والذي اختاره في الجواهر: أن المراد منه الموضع الذي لو أراد الوقوف عن ذلك السجود بلا انتقال وقف عليه، سواء أكان هو موضع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 63 من ابواب صلاة الجماعة حديث: 1.

 

===============

 

( 357 )

 

[ والاقوى عدم اعتبار ذلك في باقي المساجد (1)، لا بعضها مع بعض، ولا بالنسبة إلى الجبهة، فلا يقدح ارتفاع مكانها أو انخفاضه ما لم يخرج به السجود عن مسماه. ] الابهامين كما هو الغالب أم لا كما لو أدخل مشط قدميه في مكان منخفض بأزيد من لبنة واستظهر بعض كون المراد منه موضع الابهامين لاغير فتبطل الصلاة في الفرض المذكور. أقول: أما المعنى الاول: فهو خلاف ظاهر النص جدا، بل خلاف المقطوع به من الفتوى، كما يظهر من تعليلهم الحكم بالخروج عن هيئة الساجد مع الزيادة على التقدير، وأما الثاني: فحمل الموقف عليه لا يخلو من إشكال، لقرب احتمال كون التعبير به بملاحظة كون الغالب أنه موضع الابهامين، فيكون كناية عنه، وهو المعنى الثالث، وإن كان الاظهر أن يكون بملاحظة كونه موضع الوقوف من ذلك السجود كما ذكر في الجواهر. وأما خبر ابن سنان فيحتمل أن يراد من موضع البدن فيه مجموع المساجد الستة، فيلحظ البدن حال السجود، ويحتمل موضع الجلوس، ويحتمل موضع القيام والاول تأباه مقابلته بموضع الجبهة لانه من موضع البدن حال السجود، وظاهر المقابلة المباينة، فيتعين أحد الاخيرين، ولا قرينة ظاهرة على تعيين أحدهما. اللهم إلا أن يكون غلبة حال القيام على حال الجلوس حتى صارت منشأ لصدق كون الصلاة من قيام في قبال الصلاة من جلوس قرينة على تعيين الثاني، كما أنه لو ثبت اعتبار المرسل تعين حمل البدن على ذلك، فانه أقرب إلى الجمع العرفي من حمل الرجلين على ما يعم الركبتين، أو خصوص موضع الابهامين، ولا يبعد أن يكون هو الوجه في تعبير الفقهاء بذلك، فيكون منجبرا بعملهم. (1) كما صرح به غير واحد، بل ربما نسب إلى المعظم، أو المشهور

 

===============

 

( 358 )

 

[ الثامن: وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه من الارض وما نبت منها غير المأكول والملبوس على ما مر في بحث المكان (1). التاسع: طهارة محل وضع الجبهة (2). ] أو الاصحاب. وكأنه لعدم تعرضهم لذلك مع تعرضهم لما سبق. والوجه فيه عدم الدليل عليه، والاصل ينفيه. ودعوى: أن موضع البدن في خبر ابن سنان المتقدم المساجد الستة التي يعتمد عليها البدن - لو سلمت - فانما تقتتضي لزوم المساواة لمجموعها في ظرف تساويها فيما بينها، أما مع الاختلاف فلا تعرض فيه لاعتبارها. نعم لو كان المراد مساواة موضع الجبهة لكل واحد من الستة كان ذلك في محله، لكنه خلاف ظاهر التعبير بموضع البدن الذي هو عبارة عن مجموع المساجد، بل لو سلم ذلك - أعني ملاحظة المساجد بنحو العموم الافرادي وبني على عدم قدح الانخفاض كما عرفت - لم يدل على عدم جواز ارتفاع ما عدا موضع الجبهة بعضه عن بعض كما هو ظاهر. (1) قد مر الاستدلال له أيضا. (2) إجماعا كما عن الغنية، والمعتبر، والمختلف، والمنتهى، والذكرى والتنقيح، وجامع المقاصد وإرشاد الجعفرية، ومجمع البرهان، وشرح الشيخ نجيب الدين. ويشير إليه ما في صحيح زرارة: " سألت أبا جعفر (ع) عن البول يكون على السطح، أو في المكان الذي يصلي فيه فقال (ع): إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر " (* 1)، وصحيح ابن محبوب قال: " سألت أبا الحسن (ع): عن الجص يوقد عليه بالعذرة، وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب (ع) إلي بخطه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 359 )

 

إن الماء والنار قد طهراه " (* 1) وفي محكي المفاتيح: " في هذا الاجماع نظر، لانه بانفراده لا يعتمد عليه "، وفي البحار قال: " والمشهور بين الاصحاب عدم اشتراط طهارة غير موضع الجبهة، كما يدل عليه أكثر الاخبار بل يظهر من بعضها عدم اشتراط طهارة موضع الجبهة أيضا. لكن نقل كثير من الاصحاب كالمحقق، والعلامة، والشهيد، وابن زهرة عليه الاجماع، لكن المحقق نقل عن الراوندي، وصاحب الوسيلة أنهما ذهبا إلى أن الارض والبواري والحصر إذا أصابها البول وجففتها الشمس لا تطهر بذلك، لكن يجوز السجود عليها، واستجوده المحقق. فلعل دعواهم الاجماع فيما عدا هذا الموضع، وبالجملة: لوثبت الاجماع لكان هو الحجة وإلا فيمكن المناقشة فيه أيضا ". أقول: الاعتماد على الاجماع المنقول في كلام الاساطين المعتمدين المتلقي عند غيرهم بالقبول قد حرر في محله جوازه، فانه يوجب العلم العادي بالحكم، ومنه الاجماع المتقدم. وخلاف الوسيلة غير ثابت لاختلاف نسخها فالنسخة المحكية في مفتاح الكرامة ظاهرة في موافقة الجماعة، وكذا نسخة الذخيره المحكية فيه أيضا، وأما المحقق في المعتبر فبعد أن نقل عن الشيخين القول بجواز الصلاة على ما تجففه الشمس وطهره قال: " وقيل لا يطهر وتجوز الصلاة عليها، وبه قال الراوندي منا، وصاحب الوسيلة، وهو جيد ". والذي يظهر بالتأمل في أطراف كلامه أن ما نقله واستجوده هو جواز الصلاة عليه لاجواز السجود، فانه بعد أن نقل استدلال الشيخ (ره) على الطهارة بالروايات قال: " وفي استدلال الشيخ إشكال، لان غايتها الدلالة على جواز الصلاة عليها، ونحن لا نشترط طهارة موضع الصلاة، بل نكتفي باشتراط طهارة موضع الجبهة، ويمكن أن يقال الاذن في الصلاة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 81 من ابواب النجاسات حديث: 1.

 

===============

 

( 360 )

 

عليها مطلقا دليل جواز السجود عليها والسجود يشترط فيه طهارة محله " فان كلامه صريح في اعتبار طهارة مسجد الجبهة، وأن ما نقله واستجوده أولا هو جواز الصلاة على الموضع في الجملة لاجواز السجود ولاجل أنه خلاف إطلاق النصوص بنى أخيرا على جواز السجود والطهارة، ويعضد ذلك دعواه اتفاق العلماء على اعتبار طهارة موضع السجود في أحكام النجاسات. نعم عبارة الوسيلة في النسخة المطبوعة ظاهرة في النجاسة وجواز السجود، لكن لو صحت فليس ذلك خلافا في الكلية المجمع عليها، بل لكون الجفاف بالشمس من قبيل التيمم بدل الطهارة المعتبرة في المسجد، فتأمل جيدا. وأما ما أشار إليه في البحار: من ظهور بعض النصوص في عدم اشتراط طهارة موضع الجبهة فهو جملة من الصحاح وغيرها تضمنت جواز الصلاة على الموضع النجس إذا جف: كصحيح ابن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس، ويصيبهما البول، ويغتسل فيهما من الجنابة، أيصلى فيهما إذا جفا؟ قال (ع): نعم " (* 1) ونحوه غيره المعارضة بغيرها مما ظاهره المنع: كصحيح زرارة السابق (* 2) وموثق ابن بكير عن أبي عبد الله (ع): " عن (الشاذكونه) يصيبها الاحتلام أيصلى عليها؟ قال (ع): لا " (* 3) المتعين الجمع بينهما بحمل الثانية على السجود والاولى على غيره، بقرينة الاجماع، وصحيح ابن محبوب. والمتحصل من هذا الجمع: وجوب طهارة المسجد وعدم وجوب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب النجاسات حديث: 1. (* 2) تقدم في اول التعليقة. (* 3) الوسائل باب: 30 من ابواب النجاسات حديث: 6.

 

===============

 

( 361 )

 

[ العاشر: المحافظة على العربية والترتيب والموالاة في الذكر (1). (مسألة 1): الجبهة: ما بين قصاص شعر الرأس وطرف الانف الاعلى والحاجبين طولا، وما بين الجبينين عرضا (2) ] طهارة المكان الذي يصلي فيه. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن السيد (رحمه الله) من وجوب طهارة ما يلاقيه بدن المصلي. هذا والمحكي عن أبي الصلاح وجوب طهارة مواضع المساجد السبعة، وكأنه لاطلاق معاقد الاجماع على وجوب طهارة المسجد ولاطلاق النص المانع من الصلاة والسجود على الموضع النجس المشار إليه آنفا. وفيه: أن الاجماع ممن عداه على العدم، والنص - بعد كون المراد منه موضع السجود - لاإطلاق له يقتضي المنع بالنسبة إلى كل مسجد، والمتيقن خصوص مسجد الجبهة. والنبوي: " جنبوا مساجدكم النجاسة " (* 1) ضعيف سندا ودلالة، فيتعين الرجوع إلى أصالة البراءة من الشرطية. (1) كما سبق في الركوع. (2) التحديد المذكور منسوب إلى غير واحد منهم الشهيد الثاني في المقاصد العلية، وفي المسالك: " حد الجبهة قصاص الشعر من مستوي الخلقة والحاجب " وليس فيه تعرض للتحديد العرضي إلا بنحو الاشارة وفي كشف الغطاء: " أنها السطح المحاط من الجانبين بالجبينين، ومن الاعلى بقصاص الشعر من المنبت المعتاد، ومن الاسفل بطرف الانف الاعلى والحاجبين، ولا استقامة للخطوط فيما عدا الجانبين "، وعن المصباح: " الجبين ناحية الجبهة من محاذاة النزعة إلى الصدغ، وهما جبينان عن يمين الجبهة وشمالها "، وفي مجمع البحرين: " والجبين فوق الصدغ، وهما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب احكام المساجد: 2.

 

===============

 

( 362 )

 

[ ولا يجب فيها الاستيعاب (1) بل يكفي صدق السجود على ] جبينان عن يمين الجبهة وشمالها يتصاعدان من طرفي الحاجبين إلى قصاص الشعر، فتكون الجبهة بين جبينين "، وفي القاموس: " الجبينان حرفان مكتنفا الجبهة من جانبيها، فيما بين الحاجبين مصعدا إلى قصاص الشعر، أو حروف الجبهة مابين الصدغين متصلا عند الناصية كلها جبين ". وعن الخليل: أن الجبهة مستوى مابين الحاجبين. هذا ولكن النصوص خالية عن التحديد العرضي، بل تضمنت التحديد الطولي، مثل مصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): " الجبهة كلها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود، فأ يما سقط ذلك إلى الارض أجزأك مقدار الدرهم أو مقدار طرف الانملة " (* 1)، ونحوه غيره. (1) على المشهور كما عن جماعة، وعن الروض، والمقاصد العلية: نفي الخلاف فيه، وعن الحدائق وغيره: الاتفاق عليه. ويشهد له جملة من النصوص: كخبر بريد عن أبي جعفر (ع): " الجبهة إلى الانف أي ذلك أصبت به الارض في السجود أجزأك، والسجود عليه كله أفضل " (* 2)، وموثق عمار: " مابين قصاص الشعر إلى طرف الانف مسجد، أي ذلك أصبت به الارض أجزأك " (* 3)، ونحوهما غيرهما. ومنها يظهر ضعف ماعن ظاهر الكاتب والحلي من وجوب الاستيعاب. وإن كان هو يظهر من صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى (ع): " عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها على الارض، وبعض يغطيها الشعر، قال (ع): لا، حتى تضع جبهتها على الارض " (* 4)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب السجود حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب السجود حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب السجود حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 14 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 5.

 

===============

 

( 363 )

 

[ مسماها ويتحقق المسمى بمقدار الدرهم قطعا، والاحوط عدم الانقص (1) ولا يعتبر كون المقدار المذكور مجتمعا بل يكفي وإن كان متفرقا مع الصدق (2) فيجوز السجود على السبحة غير المطبوخة إذا كان مجموع ما وقعت عليه الجبهة بقدر الدرهم. (مسألة 2): يشترط مباشرة الجبهة لما يصح السجود عليه (3) ] لكنه محمول على الفضل بقرينة ما سبق. وفي الذكرى: " والاقرب أن لا ينقص في الجبهة عن درهم، لتصريح الخبر وكثير من الاصحاب به، فيحمل المطلق من الاخبار وكلام الاصحاب على المقيد "، ونحوه ماعن الدروس، قيل: لعله إشارة إلى مصحح زرارة المتقدم في تحديد الجبهة، وفيه - كما عن المدارك -: أنه بالدلالة على خلافه أشبه، لتصريحه بالاكتفاء بقدر الانملة، وهو دون الدرهم كما يقتضيه ظاهر العطف، بل في المستند: أنه دون الدرهم بكثير قطعا، نعم في خبر الدعائم: " أقل ما يجزئ أن يصيب الارض من جبهتك قدر الدرهم " (* 1) لكنه لا يصلح لمعارضة المصحح لوتم سنده. (1) هذا الاحتياط ضعيف بملاحظة الاكتفاء بقدر الانملة في المصحح كما عرفت، وفي صحيح زرارة (* 2) الامر بالسجود على السواك وعلى العود. (2) للاطلاق، وعن شرح نجيب الدين: فيه إشكال، وكأنه للانصراف لكنه ممنوع في مثل السبحة ونحوها، ويشهد له ما تضمن السجود على الحصى (* 3). نعم مع تباعد الاجزاء لاتبعد دعوى الانصراف. (3) على ما سبق في مبحث المكان، قال في الشرائع هنا: " فلو

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 8 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 2.. (* 3) راجع الوسائل باب: 2، 13، 14 من ابواب ما يسجد عليه.

 

===============

 

( 364 )

 

[ فلو كان هناك مانع أو حائل عليه أو عليها وجب رفعه حتى مثل الوسخ الذي على التربة إذا كان مستوعبا لها بحيث لم يبق مقدار الدرهم منها ولو متفرقا خاليا عنه، وكذا بالنسبة إلى شعر المرأة الواقع على جبهتها (1) فيجب رفعه بالمقدار الواجب بل الاحوط إزالة الطين اللاصق بالجبهة (2) في السجدة الاولى ] سجد على كور العمامة لم يجز ". وعن جماعة حكاية الاجماع عليه، وفي مصحح عبد الرحمن البصري: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسجد وعليه العمامة لا يصيب وجهه الارض، قال (ع): لا يجزيه ذلك حتى تصل جبهته إلى الارض " (* 1) وصحيح زرارة عن أحدهما (ع) " قلت له: الرجل يسجد وعليه قلنسوة أو عمامة، فقال (ع): إذا مس شئ من جبهته الارض فيما بين حاجبيه وقصاص شعره فقد أجزأ عنه " (* 2) ونحوهما غيرهما. (1) كما في صحيح ابن جعفر (ع) المتقدم (* 3) في وجوب الاستيعاب. (2) قال في كشف الغطاء: " يلزم انفصال محل مباشرة الجبهة عما يسجد عليه، فلو استمر متصلا الى وقت السجود مع الاختيار لم يصح ". وقد يوجه تارة: بعدم صدق وضع الجبهة على الارض، إذا الموضوع في فرض تلوث الجبهة بالطين هو الطين الموضوع عليها. وأخرى: بعدم تعدد وضع الجبهة المتقوم به صدق تعدد السجود. ويضعف الثاني: أن التعدد يحصل بتخلل العدم، فإذا سلم صدق الوضع على الارض بالاعتماد على الجبهة فقد تحقق السجود، وبرفع الرأس ينعدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 2. (* 3) تقدم في صفحة: 362.

 

===============

 

( 365 )

 

[ وكذا إذا لصقت التربة بالجبهة فان الاحوط رفعها بل الاقوى وجوب رفعها إذا توقف صدق السجود على الارض أو نحوها عليه، وأما إذا لصق بها تراب يسير لا ينافي الصدق فلا بأس به (1)، وأما سائر المساجد فلا يشترط فيها المباشرة للارض (2). ] الوضع والسجود، فإذا اعتمد ثانيا على الجبهة فقد تحقق الوضع ثانيا كما تحقق أولا. فيتعدد الوضع والسجود. اللهم إلا أن يراد أن تلويث الجبهة بالطين يصدق معه كون الطين موضوعا والجبهة موضوعا عليها، فإذا اعتمد على الجبهة الملوثة تبقى النسبة على حالها ولا تنقلب، بحيث يصدق على الجبهة أنها موضوعة والطين أنه موضوع عليه، فلا يصدق وضع الجبهة على الارض فضلا عن تعدد الوضع، ومن ذلك يظهر صحة التوجيه. وأما الاول: فان الوضع المفسر به السجود المأمور به هو وصل الجبهة بالارض الحادث بالتقوس والانحناء الخاص، وهو غير حاصل في فرض تلوث الجبهة بالطين ونحوه، وإن شئت قلت: إن صدق السجود على الارض في الفرض إن كان بلحاظ الوصل الحاصل بين الجبهة والطين. ففيه: أنه لا وضع للجبهة فيه على الارض فضلا عن تعدد الوضع وإن كان بلحاظ الوصل الحاصل بين الجبهة التي عليها الطين والارض. ففيه: أنه لاوصل بينهما لكون الطين حاجبا عن ذلك. (1) إما لعدم عده حائلا عرفا لكونه بمنزلة العرض، أو لانه لا يحجب تمام الجبهة بل يبقى منها مقدار خاليا عنه. (2) إجماعا ونصوصا مستفيضة أو متواترة، بل ضرورة من المذهب أو الدين. كذا في الجواهر، ويشهد له صحيح حمران عن أحدهما (ع): " كان أبي (ع) يصلي على الخمرة يجعلها على الطنفسة ويسجد عليها،

 

===============

 

( 366 )

 

[ (مسألة 3): يشترط في الكفين وضع باطنهما (1) مع الاختيار ومع الضرورة يجزي الظاهر (2) كما أنه مع عدم ] فإذا لم يكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد " (* 1)، ورواية أبي حمزة قال أبو جعفر (ع): " لا بأس أن تسجد وبين كفيك وبين الارض ثوبك " (* 2)، وما في صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " وإن كان تحتهما - أي اليدين - ثوب فلا يضرك، وإن أفضيت بهما إلى الارض فهو أفضل " (* 3). (1) كما نسب في الذكرى إلى أكثر الاصحاب، وعن نهاية الاحكام: نسبته إلى ظاهر علمائنا، وفي التذكرة قال: " وهل يجب أن يلقى الارض ببطون راحتيه أو يجزيه إلقاء زنده؟ ظاهر كلام الاصحاب الاول، وكلام المرتضى الثاني، ولو ضم أصابعه إلى كفه وسجد عليها ففي الاجزاء إشكال أقربه المنع لانه (ع) جعل يديه مبسوطتين حالة السجود، ولو قلب يديه وسجد على ظهر راحتيه لم يجز، وبه قال الشافعي لانه مناف لفعله عليه السلام ". وفي المنتهي: " لو جعل ظهر كفيه إلى الارض وسجد عليهما ففي الاجزاء نظر ". واستدل له بالتأسي، وأنه المتبادر من الامر بالسجود على اليد، والاول لا يدل على الوجوب، والثاني غير بعيد، لا أقل من الشك في الاطلاق الموجب للرجوع إلى أصالة التعيين، بناء على الرجوع إليها عند الشك في التعيين والتخيير، فان المقام منه، ومن ذلك يظهر الاشكال فيما عن المرتضى، وابن الجنيد (رحمه الله): من الاجتزاء بالسجود على مفصل الكفين عملا بالاطلاق. (2) بل قيل: إنه متعين، ولا يخلو من وجه - بناء على تعين الباطن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب ما يسجد عليه حديث: 1.

 

===============

 

( 367 )

 

[ إمكانه لكونه مقطوع الكف أو لغير ذلك ينتقل إلى الاقرب من الكف فالاقرب من الذراع والعضد. (مسألة 4): لا يجب استيعاب باطن الكفين أو ظاهرهما (1) بل يكفي المسمى ولو بالاصابع فقط (2) أو ] حال الاختيار - لكونه أقرب إلى باطن الكف، فيتعين بقاعدة الميسور، ومع الشك فالاصل يقتضي التعيين بناء على الرجوع إليه عند التردد بينه وبين التخيير. (1) بلا خلاف كما عن الفوائد الملية، والمقاصد العلية، وعن مجمع البرهان والذخيرة، والمدارك، والحدائق: " لم ينقل فيه خلاف ". لكن في المنتهى: " عندي فيه تردد، والحمل على الجبهة يحتاج إلى دليل لورود النص في خصوصية الجبهة، فالتعدي بالاجتزاء بالبعض يحتاج إلى دليل ". وفيه: أن الاجتزاء بالبعض مقتضى إطلاق الادلة، والاستيعاب محتاج إلى دليل، وهو مفقود. وقد يستدل له بما في خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " إذا سجدت فابسط كفيك على الارض " (* 1)، لكن تقييده بالارض يقتضي حمله على الاستحباب مع أن ضعفه وإعراض الاصحاب عنه مانع عن العمل به. (2) كما في صريح التذكرة، والذكرى، وعن غيرهما لانها جزء من الكف - كما عن بعض - ويساعده العرف، لكن قد ينافيه ما في خبر العياشي من قول الجواد (ع): " إن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الاصابع فيترك الكف " (* 2)، لكنه ضعيف السند.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب السجود حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب حد السرقة حديث: 5.

 

===============

 

( 368 )

 

[ بعضها، نعم لا يجزي وضع رؤوس الاصابع مع الاختيار (1) كما لا يجزي لو ضم أصابعه وسجد عليها (2) مع الاختيار. (مسألة 5): في الركبتين أيضا يجزي وضع المسمى منهما ولا يجب الاستيعاب (3) ويعتبر ظاهرهما دون الباطن (4) والركبة: مجمع عظمي الساق والفخذ (5) فهي بمنزلة المرفق من اليد. ] (1) كما عن المسالك، لانها حد الباطن. (2) كما لم يستبعده في الجواهر حاكيا له عن التذكرة، والموجز، وشرحه، وقد تقدمت عبارة التذكرة لعدم صدق السجود على باطن الكف. نعم لو كان الضم لايمنع من السجود على بعض باطن الكف أجزأ. (3) بلا خلاف للاطلاق، بل الاستيعاب متعذر غالبا. (4) هذا غير ممكن غالبا، ولا سيما مع السجود على الابهام. (5) قال في مجمع البحرين: " الركبة بالضم موصل مابين أطراف الفخذ والساق " وفي القاموس: " الركبة بالضم أصل الصليانة إذا قطعت وموصل مابين أسافل أطراف الفخذ وأعالي الساق "، وفي الجواهر: " الظاهر أنهما بالنسبة إلى الرجلين كالمرفقين لليدين، فينبغي حال السجود وضع عينيهما ولو بالتمدد في الجملة في السجود - كما فعله الصادق (ع) في تعليم حماد - كي يعلم حصول الامتثال ". أقول: ذكر في صحيح حماد في رواية الفقيه: " أنه (ع) سجد على ثمانية أعظم: الجبهة، والكفين، وعيني الركبتين " (* 1)، لكن في

 

 

____________

(* 1) الفقيه ج 1 صفحة: 196، حديث: 916. الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1.

 

===============

 

( 369 )

 

[ (مسألة 6): الاحوط في الابهامين وضع الطرف من كل منهما (1) ] نسخة التهذيب (* 1) المعتبرة سقط لفظ " عيني "، والظاهر أنه كذلك، لان عيني الركبة النقرتان، فلكل ركبة عينان، والسجود عليهما معا متعذر أو متعسر كالسجود على إحداهما، وإنما يمكن السجود على ما بينهما، أو على العظم المستدير فوقهما، فان لم يرفع المصلي عجزه أصلا كان السجود على ما دونهما، وإن رفعه قليلا بالتمدد مقدار أصابع كان السجود على ما بينهما، فان تمدد قليلا أكثر من ذلك كان السجود على ما فوقهما، والظاهر من النصوص أن السجود على الركبة يحصل في الصور الثلاث، وأن الجالس إذا ثنى رجله وقع جزء من ركبته على الارض. ففي صحيح زرارة الطويل: "... وإذا قعدت في تشهدك فالصق ركبتيك بالارض " (* 2)، وفي مقطوعه أو مسنده الوارد في آداب المرأة: " وإذا سجدت بدأت بالقعود وبالركبتين قيل اليدين، ثم تسجد لاطئة بالارض. فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الارض " (* 3). اللهم إلا أن يقال: الصحيح ونحوه ليس فيه إلا استعمال الركبة في المعني الواسع، وهو أعم، والمقطوع لاإطلاق له من هذه الجهة، فإذا ثبت أن السجود على الركبة يحتاج إلى رفع العجز يسيرا يكون المراد من المقطوع النهي عن رفع المرأة له أكثر من ذلك. (1) حكاه في كشف اللثام عن كتاب أحكام النساء للمفيد، وجملة

 

 

____________

(* 1) التهذيب ج 2 صفحة: 81 حديث: 301. الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة. ملحق حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 4. *)

 

===============

 

( 370 )

 

[ دون الظاهر أو الباطن منهما، ومن قطع إبهامه يضع ما بقي منه (1) وإن لم يبق منه شئ أو كان قصيرا يضع سائر أصابعه ولو قطع جميعها يسجد على ما بقي من قدميه والاولى والاحوط ملاحظة محل الابهام. (مسألة 7): الاحوط الاعتماد على الاعضاء السبعة بمعنى إلقاء ثقل البدن عليها. وإن كان الاقوى عدم وجوب ] من كتب الشيخ، والكافي، والغنية، لما في صحيح حماد: من أنه (ع) سجد على أنامل إبهامي الرجلين (* 1). بناء على أن الانملة طرف الاصبع ونسب هذا القول إلى كل من عبر بالانامل كالتذكرة حيث عبر بأنامل الابهامين. لكن الظاهر من الانملة عرفا ولغة أنها العقدة، فلا مجال لتوهم استفادة ذلك من الصحيح. نعم يمكن الاستدلال له بأنه المنصرف من الامر بالسجود على الابهام، لكن الانصراف ممنوع، والصحيح لا يصلح لتقييد إطلاق غيره مما دل على وجوب السجود على الابهامين، لما في ذيله في رواية الكافي من ذكر الابهامين (* 2) بدل أناملهما، فلاحظه. ولاجل ذلك كان المحكي عن المحقق، والشهيد الثانيين، وسيد المدارك، وغيرهم الاجتزاء بكل من طرف الابهام، وظاهره وباطنه. وفي كشف اللثام: " الاقرب - كما في المنتهى - تساوي ظاهرهما وباطنهما ". وأما ما عن الموجز: من اعتبار وضع ظاهر الاصابع فغير ظاهر. (1) للاطلاق، أو لانه أقرب إلى الواجب فتتناوله قاعدة الميسور التي هي الوجه في الفرضين الاخيرين أيضا، وقد استصعب في الجواهر ثبوتها هنا، مع أنه لم يتضح الفرق بين المقام وغيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب افعال الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 371 )

 

[ أزيد من المقدار الذي يتحقق معه صدق السجود (1) ولا يجب مساواتها في إلقاء الثقل (2) ولا عدم مشاركة غيرها معها (3) من سائر الاعضاء كالذراع وباقي أصابع الرجلين. (مسألة 8): الاحوط كون السجود على الهيئة المعهودة وإن كان الاقوى كفاية وضع المساجد السبعة بأي هيئة كان ما دام يصدق السجود (4) كما إذا ألصق صدره وبطنه بالارض بل ومد رجله أيضا، بل ولو انكب على وجهه لاصقا بالارض مع وضع المساجد بشرط الصدق المذكور. لكن قد يقال بعدم الصدق وأنه من النوم على وجهه (5). (مسألة 9): لو وضع جبهته على موضع مرتفع أزيد من المقدار المغتفر كأربع أصابع مضمومات فان كان الارتفاع ] (1) لكن الظاهر أن السجود على عضو يتوقف على الاعتماد عليه، فلا يتحقق السجود على الاعضاء السبعة إلا مع الاعتماد على كل واحد منها فلو اعتمد على غيرها مع مجرد المماسة لكل واحد منها واعتمد على بعضها مع المماسة للآخر لم يجز. نعم لا يجب مزيد الاعتماد، للاصل، والاطلاق. (2) للاصل والاطلاق. (3) لصدق السجود عليها بمجرد الاعتماد عليها. وتوقف في الجواهر لذلك، ولدعوى ظهور النصوص في كونه حال السجود واضعا ثقله على هذه السبعة، وفيه: منع ذلك. (4) كما يقتضيه الاصل والاطلاق. (5) كما صرح به في الحدائق وغيرها، والظاهر أنه كذلك، فان السجود عرفا تقوس على نحو خاص لا يصدق على ما ذكر.

 

===============

 

( 372 )

 

[ بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا جاز رفعها ووضعها ثانيا (1) كما يجوز جرها وإن كان بمقدار يصدق معه السجدة ] (1) إذ ما يحتمل أن يكون مانعا من الرفع هو لزوم الزيادة العمدية لكن القادحة منها خصوص زيادة الجزء، وهو غير حاصل، لكون المفروض أن المأتي به ليس سجودا عرفا كي يكون رفع الرأس منه مستلزما لزيادة السجود. ويشكل بأن تخصيص الزيادة القادحة بزيادة الجزء خلاف إطلاق: " من زاد في صلاته فعليه الاعادة " (* 1)، فحكم هذه الصورة حكم الصورة الآتية من هذه الجهة في لزوم الزيادة بالرفع. إلا أن يقال: إذا فرض أن المأتي به ليس سجودا فإذا جر رأسه كان تبديل موضوع بآخر فيكون ما وقع زيادة على كل حال، لكنها غير عمدية، بخلاف الصورة الثانية، فان الجر ليس فيه تبديل موضوع بموضوع، بل تبديل حال بحال في موضوع واحد. نعم في الصورة الاولى إذا كان الوضع الخاص عمديا كان زيادة تبطل بها الصلاة، ولا يجدي الجر إلى غيره فضلا عن الرفع، بخلاف الصورة الثانية، فانه لا يقدح وإن كان عمديا إلا إذا رفع ووضع ثانيا. ثم إنه إذا كان المنصرف إلى الذهن من السجود المأمور به خصوص الوضع الحدوثي المتصل بالهوي كان الواجب الرفع ثم الوضع على الموضع غير المرتفع، لان الجر إليه لا يحصل الوضع المتصل بالهوي، فلا يجزئ، وهذا بخلاف الصورة الثانية لتحقق السجود الحدوثي فيها بلا حاجة إلى الرفع. اللهم إلا أن يدعى اعتبار الحدوث في السجود على المساوي، فلابد من الرفع في تحققه كالصورة الاولى، لكنها ضعيفة لادليل عليها. فتأمل والمتحصل مما ذكرنا: أن الوضع الاول في الصورة الاولى إن كان عمديا بطلت الصلاة معه، وإن كان سهويا لم تبطل، ووجب الرفع عنه والوضع

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب الخلل في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 373 )

 

ثانيا، وفي الصورة الثانية لا يبطل وإن كان عمديا، ولايجوز الرفع عنه فرارا من لزوم محذور الزيادة العمدية، لاطلاق دليل قادحيتها. واحتمال اختصاصها بصورة وقوع الفعل من أول الامر زائدا فلا تشمل ما نحن فيه - نظير العدول من سورة إلى سورة - قد عرفت أنه خلاف الاطلاق وخلاف ظاهرهم هنا. ولعله لذلك قال أبو عبد الله (ع) في صحيح معاوية بن عمار: " إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها، ولكن جرها على الارض " (* 1) وفي صحيح ابن مسكان عن الحسين بن حماد قال له (ع): " أضع وجهي للسجود فيقع وجهي على حجر أو على موضع مرتفع أحول وجهي إلى مكان مستو؟ فقال (ع): نعم، جر وجهك على الارض من غير أن ترفعه " (* 2)، وإن كان يحتمل في الاول: أن يكون لعدم إمكان الاعتماد على الجبهة لا لعلو المسجد، وفي الثاني: أن يكون لطلب الاستواء الذي هو الافضل، فلا يكونان مما نحن فيه. وأما خبر الحسين بن حماد: " قلت لابي عبد الله (ع): أسجد فتقع جبهتي على الموضع المرتفع، فقال (ع): إرفع رأسك ثم ضعه " (* 3) فضعيف، مع أنه يمكن حمله على صورة عدم صدق السجود بالوضع، كما صنعه في المعتبر، أو على صورة تعذر الجر، كما عن الشيخ، فانه أولى من تخصيص القاعدة المتقدمة. هذا، وفي الجواهر استظهر كون المساواة شرطا في مفهوم السجود عرفا، زاعما أنه مما يومئ إليه كلمات الاصحاب كالفاضلين، والمحقق الثاني، وغيرهم فيجري علي الصورة الثانية حكم الصورة الاولى من جواز

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 4.

 

===============

 

( 374 )

 

[ عرفا فالاحوط الجر لصدق زيادة السجدة مع الرفع ولو لم يمكن الجر فالاحوط الاتمام والاعادة (1). (مسألة 10): لو وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه يجب الجر (2) ] الرفع. قال (رحمه الله): " فحينئذ لا ينبغي التأمل في جواز الرفع مع فرض السجود على الزائد، كما أفتي به الاصحاب من غير خلاف يعرف بينهم ". وذكر قبل ذلك: أنه لا نعرف أحدا قال بوجوب الجر فيه وعدم جواز الرفع منه إلاسيد المدارك والخراساني، كما اعترف به بعضهم وأنه لامستند لهم إلا تقديم صحيح معاوية المتقدم على خبر الحسين بن حماد لضعف سنده. انتهى. وفيه: ما ذكره غير واحد ممن تأخر: من عدم إمكان تنزيل دليل اعتبار المساواة على ذلك، ضرورة صدق السجود عرفا على الموضع المرتفع بأزيد من لبنة، بل يدور الامر في دليل الاعتبار بين حمله على كونها شرطا شرعيا وكونها من واجبات السجود، والاول أظهر لكونها ملحوظة حالا وصفة في المسجد، لافعلا للمصلي في قبال نفس السجود، واجبا بوجوب ضمني في قبال وجوبه، فراجع مصحح ابن سنان المتقدم (* 1) دليلا عليها وتأمل. (1) منشأ التردد الاشكال في كون المساواة شرطا، فيجب فعل السجود ثانيا لعدم حصول المأمور به منه، وكونها واجبا فيكون قد فات محلها، فيكون مكلفا بالاتمام وتصح صلاته. لكن عرفت أن الاول أظهر فعليه تدارك السجود ثانيا، ويتم صلاته إذا كان ذلك سهوا. (2) كما نص عليه في الجواهر، معللا له بما في المتن: من أن الرفع

 

 

____________

(* 1) تقدم في المورد السابع من واجبات السجود.

 

===============

 

( 375 )

 

[ ولا يجوز رفعها لاستلزامه زيادة السجدة ولا يلزم من الجر ذلك ومن هنا يجوز له ذلك مع الوضع على ما يصح أيضا لطلب الافضل أو الاسهل ونحو ذلك. وإذا لم يمكن إلا الرفع (1) فان كان الالتفات إليه قبل تمام الذكر فالاحوط الاتمام ثم الاعادة، وإن كان بعد تمامه ] يستلزم زيادة سجدة فلا يجوز، ونسب التصريح بذلك إلى من صرح في المسألة السابقة بجواز الرفع، وهو في محله، بناء على ما عرفت في المسألة السابقة. (1) مما سبق تعرف أن جواز الرفع وعدمه مبنيان على أن كون المسجد مما يصح السجود عليه شرط للسجود وواجب فيه، فعلى الاول: يجب تداركه بفعل السجود ثانيا لكون المأتي به ليس مطابقا لموضوع الامر فلا يسقط به أمره، كما لو لم يسجد بعد، والسجود المأتي به لا يقدح في صحة الصلاة إذا كان عن سهو لما دل: على أن الصلاة لا تعاد من سجدة (* 1) وعلى الثاني: لا مجال لتداركه لفوات محله، إذ محله السجود الذي هو جزء صلاتي، والمأتي به كذلك، والمفروض عدم إمكان فعله فيه، والسجود ثانيا بعد رفع الرأس ليس سجودا صلاتيا، لان السجود المأمور به جزء ينطبق على الاول لاغير، فلو سجد ثانيا وتدارك فيه الواجب المذكور لم يكن آتيا به في محله، بل في غيره، فلا يجدي السجود ثانيا لتداركه. فان قلت: السجود المأتي به أولا باطل، لعدم انضمامه إلى هذا الواجب، فيجب الاتيان به ثانيا منضما إليه، ويكون تداركه حينئذ في محله. قلت: يأتي إن شاء الله في مبحث الخلل أن حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 2) ينفي وجوب تدارك الجزء لو كان الخلل من جهة فوات

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب السجود. وباب 23 - 26 من ابواب الخلل في الصلاة. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة حديث: 4.

 

===============

 

( 376 )

 

الانضمام، لان الخلل لا يختص بجزء بل يطرد في جميع الاجزاء، فلو اقتضى فوات الانضمام تدارك الجزء اقتضى تدارك الصلاة من رأس. نعم يشكل ذلك فيما لو التفت قبل تمام الذكر، فحديث: " لا تعاد " لا يصلح لتشريع الذكر في حال فقد الواجب، لانه إنما يرفع الخلل الماضي لا اللاحق. وكيف كان فلاجل أن الظاهر من دليل اعتبار ما يصح السجود عليه كونه شرطا في المسجد الذي هو قوام السجود كان اللازم الرفع لتدارك السجود المشروط كما هو المعروف، بل في الجواهر: " لا أجد فيه خلافا "، واستشهد له بالتوقيع المروي عن كتاب الغيبة واحتجاج الطبرسي: " كتب محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري إلى الناحية المقدسة، يسأل عن المصلي يكون في صلاة الليل في ظلمة، فإذا سجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته على مسح أو نطع، فإذا رفع رأسه وجد السجادة، هل يعتد بهذه السجدة أم لا يعتد بها؟ فوقع (ع): ما لم يستو جالسا فلاشئ عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة " (* 1). لكنه (رحمه الله) قوى سقوط الشرطية لعدم اندراج السجود في السجدة السهوية، لحصول القصد، وإنما سها عما يجب حالها أو يشترط في صحتها، وإلا لوجب التدارك مع السهو عن الطمأنينة ووضع المساجد ونحوهما مما يعتبر في صحة السجود، وفرق بين المقام وفوات الترتيب في القراءة والجلوس للتشهد بالاجماع على الابطال بالسجدة العمدية بخلاف ما عداها، وناقش في التوقيع بوروده في النافلة، وعدم مطابقة الجواب للسؤال، وعدم ظهور وجه التقييد فيه بالاستواء جالسا. وفيه مواقع للنظر تظهر بالتأمل. ومثله ماعن شيخنا الاعظم (رحمه الله): من التأمل في جواز الرفع، لعدم الدليل على وجوب تدارك الشرط مع لزوم زيادة سجدة،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب السجود حديث: 6.

 

===============

 

( 377 )

 

[ فالاكتفاء به قوي كما لو التفت بعد رفع الرأس وإن كان الاحوط الاعادة أيضا. (مسألة 11): من كان بجبهته دمل أو غيره فان لم يستوعبها وأمكن سجوده على الموضع السليم سجد عليه وإلا حفر حفيرة ليقع السليم منها على الارض (1) ] ولو فرض كونه شرطا مطلقا فاللازم الحكم بابطال الصلاة لانه أخل بشرط مطلق هو كالركن، ويلزم من تداركه زيادة سجدة، فهو كناسي الركوع إلى أن يسجد. إذ فيه: أن السجود الاول - بعدما لم يكن جزءا لعدم مطابقته للامر - زيادة في الصلاة، سواء أسجد ثانيا أم لا، فلا مجال لما ذكره بعد ذلك. كما أن مما ذكرنا يظهر لك الاشكال فيما في المتن من الفرق بين الالتفات بعد الذكر وقبله، فجزم في الاول بالاكتفاء به، وتوقف في الثاني، مع أن اللازم التدارك في الصورتين معا. اللهم إلا أن يكون الالتفات بعد تمام الذكر ملحقا بالالتفات بعد الرفع الذي لا إشكال عندهم في عدم لزوم التدارك، معه على ما يأتي إن شاء الله في مبحث الخلل، والاجماع المذكور هو العمدة في الخروج عن تطبيق قاعدة فوات المشروط بفوات شرطه في المقام، فيستفاد منه تخصيص الشرطية بصورة الالتفات قبل الرفع، أو يكون نظره إلى ما تقدم من الاشكال في صلاحية حديث: " لا تعاد " لتشريع الذكر، مع بنائه على كون الفائت من قبيل الواجب في السجود. فتأمل جيدا. (1) بلا خلاف كما عن المدارك، ونسب إلى فتوى العلماء، وفي الجواهر: " يمكن تحصيل الاجماع عليه "، ويقتضيه - مضافا إلى إطلاق

 

===============

 

( 378 )

 

[ وإن استوعبها أو لم يمكن يحفر الحفيرة أيضا سجد على أحد الجبينين (1) من غير ترتيب، ] وجوب السجود على الجبهة ولو بحفر الحفيرة - خبر مصادف: " خرج بي دمل فكنت أسجد على جانب، فرأى أبو عبد الله (ع) أثره فقال عليه السلام: ماهذا؟ فقلت: لاأستطيع أن أسجد من أجل الدمل فانما أسجد منحرفا. فقال (ع) لي: لا تفعل ذلك ولكن إحفر حفيرة واجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك على الارض " (* 1). (1) بلا خلاف كماعن جماعة، وعن حاشية المدارك: الاجماع عليه صريحا، وهو العمدة فيه، وبه يقيد مرسل علي بن محمد باسناد له، قال: " سئل أبو عبد الله (ع) عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها، قال (ع): يضع ذقنه على الارض، إن الله تعالى يقول: (يخرون للاذقان سجدا) (* 2) " (* 3). وقد يستدل له بما دل على أن السجود على الجبهة بناء على شمولها للجبينين، وأن التقييد بما عداهما في حال الاختيار. وفيه: ما عرفت من أن الجبينين خارجان عن الجبهة، ولذا لا يجوز السجود عليهما اختيارا. ومثله الاستدلال بما دل من النصوص (* 4) على الاجتزاء في السجود بما بين قصاص الشعر إلى الحاجبين. إذ هو أيضا مقيد بالجبهة، مع إمكان وروده في مقام التحديد الطولي، فلا إطلاق له يشمل التحديد العرضي. ومثلهما الاستدلال بظهور خبر مصادف في تقرير الامام (ع) له على

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب:: 12 من ابواب السجود حديث: 1. (* 2) الاسراء: 107. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب السجود حديث: 2. (* 4) راجع الوسائل باب: 9 من ابواب السجود.

 

===============

 

( 379 )

 

[ وإن كان الاولى والاحوط تقديم الايمن على الايسر (1)، ] اعتقاده جواز السجود على الجانبين. إذ فيه: أن ذلك لو تم فانما يدل على الجواز لا الوجوب، مع أنه لا يصلح لمعارضة ظهور المرسل المتقدم لانه أقوى. اللهم إلا أن يحمل أيضا على الجواز، بقرينة الاستشهاد بالآية الشريفة، فيكون مقتضى الجمع التخيير، أو لان المرسل ضعيف سندا ومهجور عند الاصحاب فلا مجال للاعتماد عليه. وخبر مصادف وإن كان دالا على الجواز لكن مع الشك يرجع إلى أصالة التعيين، بناء على أنها المرجع عند الدوران بين التعيين والتخيير، ومع ذلك فالعمدة في تعين السجود على أحد الجبينين الاجماعات المدعاة صريحاو ظاهرا في كلام جماعة، وما عن المبسوط، والنهاية، والوسيلة، والجامع: من ظهور الخلاف غير ثابت، بل لعل الظاهر الوفاق كما حققه في الجواهر، وإن كان لا يخلو من تأمل وإشكال. وأما مصحح إسحاق بن عمار المروي عن تفسير القمي (ره) عن ابي عبد الله (ع): " قلت له: رجل بين عينيه قرحة لايستطيع أن يسجد. قال (ع): يسجد مابين طرف شعره، فان لم يقدر سجد على حاجبه الايمن، فان لم يقدر فعلى حاجبه الايسر، فان لم يقدر فعلى ذقنه. قلت: على ذقنه؟ قال (ع): نعم. أما تقرأ كتاب الله عزوجل: (يخرون للاذقان سجدا) " (* 1) فلم يعرف القول به، فيتعين تأويله أو طرحه. (1) كما عن الصدوقين من غير مستند ظاهر، وإن كان يشهد لهما المحكي عن الرضوي (* 2)، لكنه غير ثابت الحجية. نعم إن كان خلافهما

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب السجود حديث: 3. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 10 من ابواب السجود حديث: 1.

 

===============

 

( 380 )

 

[ وإن تعذر سجد على ذقنه (1) فان تعذر اقتصر على الانحناء الممكن (2). (مسألة 12): إذا عجز عن الانحناء للسجود انحنى بالقدر الممكن مع رفع المسجد (3) ] مانعا عن انعقاد الاجماع على التخيير تكون المسألة من موارد الدوران بين التعيين والتخيير فاصالة التعيين فيها تقتضي تقديم الايمن. (1) إجماعا صريحا وظاهرا كما عن الخلاف وغيره، لمصحح إسحاق والمرسل. لكن ظاهرهما تعلق (للاذقان) بقوله تعالى: (سجدا) لا بقوله تعالى: (يخرون) مع أن الظاهر الثاني، وأن سجودهم لم يكن اضطراريا. اللهم إلا أن يحمل على الاستدلال الاقناعي، أو على أنه تفسير باطني. وكيف كان فلا يصلح ذلك موهنا لهما ومسقطا عن الحجية، إذ لا قصور في دلالة صدرهما. ثم إن المحكي عن الصدوقين في الرسالة والمقنع تقديم السجود على ظهر الكف على السجود على الذقن، ولا يظهر له معنى محصل كما عن جامع المقاصد وغيره. (2) قد يشكل أولا: بأن مقتضى قاعدة الميسور السجود على ما أمكنه من أجزاء الوجه لصدق الميسور عليه، ولاسيما السجود على الانف فلا وجه لرفع اليد عنه، وثانيا: بأن الانحناء الممكن ليس من أجزاء السجود كي يصدق عليه الميسور فيجب، وإنما هو مقدمة له خارج عنه فلاوجه لوجوبه، وإطلاق مادل على بدلية الايماء عند تعذر السجود ينفيه. وبالجمة: مقتضى بناء الاصحاب على قاعدة الميسور أنه يجب السجود على أي جزء من الوجه، فان تعذر أومأ وهو جالس. (3) بلا إشكال فيه ظاهر. قال في المعتبر: " ولو عجز عن السجود جاز أن يرفع إليه ما يسجد عليه، ولم يجز الايماء خلافا للشافعي وأبي

 

===============

 

( 381 )

 

[ إلى جبهته (1) ووضع سائر المساجد في محالها (2) وإن لم يتمكن من الانحناء أصلا أومأ برأسه (3) وإن لم يتمكن فبالعينين والاحوط له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكن من وضع الجبهة عليه، وكذا الاحوط وضع ما يتمكن من سائر المساجد في محالها (4) وإن لم يتمكن من الجلوس أومأ برأسه وإلا فبا لعينين وإن لم يتمكن من جميع ذلك ينوي بقلبه (5) جالسا أو قائما إن لم ] حنيفة... " وفي التذكرة: نسبته إلى علمائنا، وفي المنتهى: نسبته إلى علمائنا أجمع، ويشهد به خبر الكرخي عن أبي عبد الله (ع): " رجل شيخ كبير لايستطيع القيام إلى الصلاة لضعفه ولا يمكنه الركوع والسجود. فقال (ع): ليومئ برأسه إيماء، وإن كان له من يرفع الخمرة فليسجد فان لم يمكنه ذلك فليومئ برأسه " (* 1). (1) فيسجد عليه معتمدا بلا إشكال، لما سبق. (2) لاطلاق دليل وجوبه كغيره من الواجبات بلا موجب لسقوطه. (3) بلا إشكال ولا خلاف، كما تقدم في مبحث القيام. (4) فانه مقتضى إطلاق دليل وجوبه، كما لو تعذر وضع أحد المساجد غير الجبهة فانه لاإشكال في وجوب وضع الباقي، لكن الظاهر من دليل وجوبه هو وجوبه حال السجود على الهيئة الخاصة فلا يشمل حال الايماء الذي هو البدل، والبدلية لا تقتضي ذلك. (5) اقتضاء قاعدة الميسور لوجوب النية لا يخلو من إشكال. نعم لابد منها لاجل تعيين الذكر، فان الظاهر أنه لاإشكال في وجوبه لصدق الميسور عليه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب السجود حديث: 1.

 

===============

 

( 382 )

 

[ يتمكن من الجلوس والاحوط الاشارة باليد ونحوها (1) مع ذلك. (مسألة 13): إذا حرك إبهامه في حال الذكر عمدا أعاد الصلاة احتياطا (2) وإن كان سهوا أعاد الذكر (3) إن لم يرفع رأسه، وكذا لو حرك سائر المساجد. وأما لو حرك أصابع يده مع وضع الكف بتمامها فالظاهر عدم البأس به لكفاية اطمئنان بقية الكف. نعم لو سجد على خصوص الاصابع كان تحريكها كتحريك إبهام الرجل. (مسألة 14): إذا ارتفعت الجبهة قهرا من الارض قبل الاتيان بالذكر فان أمكن حفظها عن الوقوع ثانيا حسبت سجدة (4) فيجلس ويأتي بالاخرى إن كانت الاولى، ويكتفي ] (1) فقد قال في كشف الغطاء: " فان لم يكن جفنان ولا عينان فبأعضائه الاخر، وان تعذر فبقلبه " وتقدم ماله نفع تام في هذه المسألة فراجع. (2) لان الذكر المأتي به في غير حال الطمأنينة ليس جزءا، فالاتيان به بقصد الجزئية زيادة عمدية قادحة. وكأن وجه التوقف في الوجوب احتمال عدم منافاة حركة الابهام للطمأنينة اللازمة، كعدم منافاتها لها في سائر الاحوال، إذ هي في الجميع بمعنى واحد. اللهم إلا أن يستفاد مما ورد في تمكين الجبهة. (3) يتم هذا بناء على أن الطمأنينة شرط في الذكر، إذ لو كانت واجبة حاله فقد فات محلها فتسقط، وكذا لو اختصت شرطيتها بحال العمد، كما تقدم في المسألة الرابعة عشرة من الركوع. (4) للاطلاق، لكن الاشكال في فوات الذكر، فان كان شرطا في السجود فالسجدة الواقعة منه باطلة، وإن كان واجبا حاله كان فواته عن

 

===============

 

( 383 )

 

[ بها إن كانت الثانية، وإن عادت إلى الارض قهرا فالمجموع سجدة واحدة (1) فيأتي بالذكر. وإن كان بعد الاتيان به اكتفى به. (مسألة 15): لا بأس بالسجود على غير الارض ونحوها مثل الفراش في حال التقية ولا يجب التفصي عنها بالذهاب إلى مكان آخر (2). نعم لو كان في ذلك المكان مندوحة بأن يصلي على البارية أو نحوها مما يصح السجود عليه وجب اختيارها. ] اضطرار فان قلنا بعموم حديث: " لا تعاد الصلاة " (* 1). للفوات الاضطراري اجتزأ بما وقع وعليه السجود ثانيا، وان قلنا باختصاصه بالسهو وجب استئناف الصلاة من رأس، لعدم إمكان التدارك إلا بذلك. (1) فيه إشكال، لان تخلل العدم يوجب التعدد، وعليه يكون الذكر للاولى قد فات محله اضطرارا، فيأتي فيه الكلام المتقدم، أما السجدة الثانية فلابد من استئنافها لعدم وقوعها بعد الجلوس الواجب بين السجدتين مضافا إلى عدم وقوعها عن قصد، والظاهر منهم (رضوان الله عليهم) اعتبار ذلك في السجود كالركوع، فنية البقاء فيهما غير كافية، وعلى هذا لا يجب عليه الذكر في هذه السجدة، بل يجب عليه الجلوس ثم السجود ثانيا. نعم لاتبعد دعوى صدق السجدة الواحدة عرفا على مجموع السجدتين وعد الثانية بقاء للاولى، فعليه الذكر فيها واستئناف الثانية بعد الجلوس وإن كانت لا تخلو من تأمل. (2) لعمومات التقية الشاملة لصورة وجود المندوحة، وقد تقدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قواطع الصلاة: حديث: 4.

 

===============

 

( 384 )

 

[ (مسألة 16): إذا نسي السجدتين (1) أو إحداهما وتذكر قبل الدخول في الركوع وجب العود إليها، وإن كان بعد الركوع مضى إن كان المنسي واحدة وقضاها بعد السلام وتبطل الصلاة إن كان اثنتين، وإن كان في الركعة الاخيرة يرجع ما لم يسلم. وإن تذكر بعد السلام بطلت الصلاة إن كان المنسي اثنتين وإن كان واحدة قضاها. (مسألة 17): لا يجوز الصلاة على مالا تستقر المساجد عليه (2) كالقطن المندوف والمخدة من الريش والكومة من التراب الناعم أو كدائس الحنطة ونحوها. (مسألة 18): إذا دار أمر العاجز عن الانحناء التام للسجدة بين وضع اليدين على الارض وبين رفع ما يصح السجود عليه ووضعه على الجبهة فالظاهر تقديم الثاني (3) فيرفع يديه أو إحداهما عن الارض ليضع ما يصح السجود عليه على جبهته ويحتمل التخيير. ] الكلام في ذلك في الوضوء، كما تقدم أيضا الوجه فيما ذكره بعد. (1) الكلام في هذه المسألة موكول إلى محله من مبحث الخلل. (2) لكن إذا وضع جبهته عليه حتى إذا ركدت جاء بالذكر صح. (3) لانه مقوم للسجود الذي هو ركن للصلاة، وأحد أثلاثها، فيصدق معه الميسور دون الاول، لكن الظاهر من قوله (ره): " ووضعه على الجبهة " أن المراد مجرد الانحناء ووضع شي على الجبهة مما يصح السجود عليه، فيكون الدوران بين الاعتماد على اليدين واستعمال إحداهما في وضع شئ على الجبهة، وحينئذ فالامران معا غير واجبين، للاصل،