فصل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله

فصل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله يستجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله حيث ما ذكر (1) ] فصل في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله (1) على المشهور شهرة عظيمة، بل في المعتبر - بعد حكاية القول بوجوبها في العمر مرة عن الكرخي وكلما ذكر عن الطحاوي - قال: " قلنا الاجماع سبق الكرخي والطحاوي فلاعبرة بتخريجهما ". ونحوه ما عن المنتهى، وفي مفتاح الكرامة عن الناصرية، والخلاف والتذكرة: الاجماع على عدم الوجوب في غير الصلاة. لكن في مفتاح الفلاح نسب القول بالوجوب كلما ذكر صلى الله عليه وآله إلى الصدوق والمقداد في كنز العرفان، ثم قال: " وهو الاصح "، واختاره في الحدائق، ونسبه إلى المحدث الكاشاني في الوافي، والمحقق المدقق المازندراني في شرح أصول الكافي، والشيخ عبد الله بن صالح البحراني، وعن المدارك: أنه غير بعيد، واستدل له - مضافا إلى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (* 1)، وقوله تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) (2 8) - بصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " وصل على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره " (* 3) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ذكرت عنده فنسي أن يصلي علي خطا الله تعالى به طريق الجنة " (* 4) ونحوه ما في خبر محمد بن هارون مع زيادة: " من ذكرت عنده ولم يصل

 

____________ (* 1) الاحزاب: 56. (* 2) النور: 63. (* 3) الوسائل باب: 42 من ابواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 42 من ابواب الذكر حديث: 1.

 

 

 

===============

( 521 )

علي فدخل النار فابعده الله تعالى " (* 1)، وبخبر أبي بصير الآخر: " إذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله فاكثروا من الصلاة عليه، فانه من صلى على النبي صلى الله عليه وآله صلاة واحدة صلى الله تعالى عليه ألف صلاة في ألف صف من الملائكة ولم يبق شئ مما خلق الله تعالى إلا صلى على ذلك العبد لصلاة الله تعالى عليه وصلاة ملائكته فمن لم يرغب في هذا فهو جاهل مغرور وقد برئ الله تعالى منه ورسوله وأهل بيته " (* 2). وفيه: أن الآية الاولى إنما تدل باطلاقها على وجوبها ولو مرة في العمر، ويكفي في امتثال الامر فيها الاتيان بها في بعض التشهدات الصلاتية والآية الثانية غير ظاهرة فيما نحن فيه، وأما النصوص عدا الصحيح فقاصرة الدلالة أو على الخلاف أدل. إذ الاول ظاهر في أن الصلاة طريق الجنة، والثاني ظاهر في الدعاء عليه بابعاد الله تعالى، إذا دخل النار، ومثله المرسل " ومن ذكرت عنده فلم يصل على فلم يغفر الله له فابعده الله تعالى " (* 3) والاخير تضمن الامر بالاكثار من الصلاة عليه عند ذكره الذي هو مستحب ضرورة، وأما الصحيح فدلالته ليست بتلك المتانة، لقرب احتمال وروده مورد الادب بقرينة سياقه مساق الامر بافصاح الالف والهاء، فالاخذ به في مقابل الاجماعات، وظهور عدم الامر بها، ولا حكايتها في أخبار الاذان وظهور عدم وجودها في كثير من الادعية والخطب وغيرها المحكية عن الائمة الطاهرين مع ذكر النبي صلى الله عليه وآله فيها، وظهور جملة من النصوص في الاستحباب حيث تضمنت أن تركها جفاء (* 4) أو بخل (* 5)، مما لا مجال له.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب التشهد حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 34 من ابواب الذكر حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 42 من ابواب الذكر حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 42 من ابواب الذكر حديث: 18. (* 5) الوسائل باب: 42 من ابواب الذكر حديث: 9 و 14.

 

 

 

===============

( 522 )

[ أو ذكر عنده (1) ولو كان في الصلاة، وفي أثناء القراءة (2) بل الاحوط عدم تركها لفتوى جماعة من العلماء بوجوبها، ولافرق بين أن يكون ذكره باسمه العلمي كمحمد وأحمد، أو بالكنية واللقب (3) كأبي القاسم والمصطفى والرسول والنبي، أو بالضمير، وفي الخبر الصحيح: " وصل على النبي كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في أذان أو غيره " ، وفي رواية: " من ذكرت عنده ونسي أن يصلي علي خطا الله به طريق الجنة " (* *). (مسألة 1): إذا ذكر اسمه " ص " مكررا يستحب تكرارها، وعلى القول بالوجوب يجب (4). نعم ذكر بعض ] (1) كما صرح به في النص. (2) لاطلاق النص. (3) كما صرح به في مفتاح الفلاح ثم قال: " ويمكن أن يكون ذكره صلى الله عليه وآله بالضمير الراجع إليه كذلك "، وعن الكاشاني في خلاصة الاذكار: " لافرق بين الاسم واللقب والكنية، بل الضمير على الاظهر " وفي الحدائق جزم بالاسم العلمي، وفصل في الالقاب والكنى بين المشتهر تسميته بها وغيره، فاختار العدم في الثاني، واستظهر كون الضمير من قبيل الثاني، ولا يخفى ما فيه، فانه خلاف الاطلاق. (4) لاطلاق أدلة السببية المقتضي لسببية كل فرد مستقلا، كما هو مبنى القول بأصالة عدم التداخل. نعم لو كان المراد من الذكر النفساني مقابل الغفلة - كما سيأتي - فالمدار في التكرار تعدد الذكر الحاصل بتخلل

 

____________ تقدم في اول الفصل في الشرح. (* *) تقدم في اول الفصل في الشرح.

 

 

 

===============

( 523 )

[ القائلين بالوجوب يكفي مرة إلا إذا ذكر بعدها فيجب إعادتها وبعضهم على أنه يجب في كل مجلس مرة. (مسألة 2): إذا كان في أثناء التشهد فسمع اسمه لا يكتفي بالصلاة التي تجب للتشهد (1). نعم ذكره في ضمن قوله: " اللهم صل على محمد وآل محمد " لا يوجب تكرارها وإلا لزم التسلسل (2). (مسألة 3): الاحوط عدم الفصل الطويل بين ذكره والصلاة عليه (3) بناء على الوجوب، وكذا بناء على الاستحباب في إدراك فضلها وامتثال الامر الندبي، فلو ذكره أو سمعه في أثناء القراءة في الصلاة لا يؤخر إلى آخرها إلا إذا كان في أواخرها. (مسألة 4): لا يعتبر كيفية خاصة في الصلاة (4). بل يكفي في الصلاة عليه كل ما يدل عليها مثل " صلى الله ] الغفلة، فما دام لم يغفل عنه صلى الله عليه وآله لا يجب إلا مرة واحدة وإن تكرر ذكر الاسم. (1) لاصالة عدم التداخل. (2) نعم لو ذكره الغير بذلك كان مقتضى الاطلاق استحباب الصلاة. (3) بل هو الاظهر، لظهور النص في الفورية، ولاسيما بملاحظة قوله (ع) في بعض النصوص: " نسي " (* 1) الظاهر في أن له محلا معينا، وقوله: " ولم يصل " (* 2) الشامل للترك في الآن الاول. (4) للاطلاق.

 

____________ (* 1) راجع اول الفصل. (* 2) راجع اول الفصل.

 

 

 

===============

( 524 )

[ عليه " و " اللهم صل عليه " والاولى ضم الآل إليه (1). (مسألة 5): إذا كتب اسمه " ص " يستحب أن يكتب الصلاة عليه (2). (مسألة 6): إذا تذكره بقلبه فالاولى أن يصلي عليه لاحتمال شمول قوله " ع ": " كلما ذكرته... " لكن الظاهر إرادة الذكر اللساني دون القلبي. (مسألة 7): يستحب عند ذكر سائر الانبياء والائمة أيضا ذلك (3). نعم إذا أراد أن يصلي على الانبياء، أولا يصلي على النبي وآله صلى الله عليه وآله ثم عليهم إلا في ذكر ابراهيم (ع) (4) ] (1) قد سبق في التشهد ما يقتضي تعين ذلك، فتأمل جيدا. (2) كأنه إلحاق للذكر الكتبي باللفظي، ويحتمل أن يكون للمرسل في الانوار النعمانية: " ورد عنه صلى الله عليه وآله: من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام إسمي في ذلك الكتاب " (* 1) فتأمل. (3) استفادته من الخبر المذكور في المتن لا يخلو من إشكال، من جهة أن مقامهم أعلى من مقام سائر الانبياء على ما تضمنته الاخبار الكثيرة المروية عنهم (ع)، وقد عقد لها في البحار بابا واسعا، وتشعر به الرواية المذكورة، فان الصلاة عليهم (ع) مقرونة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله المقدمة على الصلاة على سائر الانبياء. ومن ذلك يظهر وجه آخر للاشكال لانه يلزم أن يكون ذكر أحد الائمة موجبا للصلاة على النبي صلى الله عليه وآله. والائمة مقدمة على الصلاة عليه، فتأمل. (4) لا يحضرني ما يقتضي هذا الاستثناء إلا ما ذكره في مجمع البحرين

 

____________ (* 1) نور احوال العالم والمتعلم، ج: 3 الفائدة الحادية عشرة في الكتابة صفحة: 373 الطبعة الحديث.

 

 

 

===============

( 525 )

[ ففي الخبر عن معاوية بن عمار قال: " ذكرت عند أبي عبد الله الصادق (ع) بعض الانبياء فصليت عليه فقال (ع) إذا ذكر أحد من الانبياء فابدأ بالصلاة على محمد وآله ثم عليه "