فصل في المحرمات بالمصاهرة

فصل في المحرمات بالمصاهرة وهي علاقة بين أحد الطرفين مع أقرباء الآخر تحدث بالزوجية أو الملك حينا أو انتفاعا (2)، بالتحليل، أو الوطء شبهة أو زنا، أو النظر واللمس في صورة مخصوصة. ] الحقيقي يكون التزويج حال الاحرام إنشاء ومنشأ. وعلى الكشف الانقلابي يكون التزويج حال الاحرام منشأ، لا إنشاء. وعلى الكشف الحكمي لا يكون التزويج حال الاحرام لا إنشاء، ولا منشأ، وانما محض جعل الاحكام. وتحريم ذلك غير ظاهر. (1) لما عرفت من النصوص المتضمنة أنه لا يتزوج ولا يزوج. لكن الظاهر جريان أحكام الصور المتقدمة هنا بعينها، فيصح بناء على النقل والكشف الحكمي، ولا يصح بناء على الكشف الحقيقي والكشف الانقلابي. ولا فرق بين المسألتين، كما يظهر بالتأمل. فصل في المحرمات بالمصاهرة (2) الذي يظهر من المصاهرة لغة وعرفا اختصاصها بالزوجية، كما اعترف به في الجواهر، وشيخنا الاعظم. ويشير إلى قوله تعالى: (وهو 

 

===============

 

( 178 )

 

[ (مسألة 1): تحرم زوجة كل من الاب والابن على الآخر (1)، فصاعدا في الاول ونازلا في الثاني (2)، نسبا ] الذي خلق من الماء بشرا فجلعه نسبا وصهرا) (* 1). لكن في المسالك عممها لما يحدث، بالنظر، واللمس، والوطء، على وجه مخصوص. وأخرج وطء الامة، والشبهة، والزنا، وأنكر أن تكون الحرمة فيها من باب المصاهرة. وفي الشرائع: " وهي تتحقق مع الوطء الصحيح، وتشكل مع الزنا، والوطء بالشبهة، والنظر، واللمس ". وكأن مراده بالوطء الصحيح الوطء الناشئ عن عقد ولو تحليلا، وإلا فالوطء بالشبهة من الوطء الصحيح ايضا. كما ان مراده بيان مجرد التحقق بالوطء، لا الحصر به، وإلا فهي تحقق بالعقد أيضا، كما سيأتي. والمصنف (ره) جعل التحريم في جميع ذلك من باب المصاهرة، جريا على ما بنى عليه الاصحاب من ذكر الحرمة في جميع ذلك في باب أحكام المصاهرة. وإلا فقد عرفت معناها لغة وعرفا. ومن ذلك يظهر أن لا تفصيل بين الاسباب المذكورة غير ظاهر. (1) إجماعا بل لعله ضروري من ضروريات الاسلام. ويشهد به قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)، وقوله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) (* 2). (2) إجماعا. ويشهد له بعض النصوص، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " أنه قال: لو لم تحرم على الناس أزواج النبي صلى الله عليه وآله لقول الله عزوجل: (ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) حرمن على الحسن والحسين بقول الله عزوجل: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)، ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة

 

 

____________

(* 1) الفرقان: 54. (* 2) النساء: 22، 23.

 

===============

 

( 179 )

 

[ أو رضاعا (1)، دواما أو متعة (2)، بمجرد العقد وإن لم يكن دخل (3). ولا فرق في الزوجين والاب والابن بين الحر والمملوك (4). (مسألة 2): لا تحرم مملوكة الاب على الابن وبالعكس (5) مع عدم الدخول وعدم اللمس والنظر. وتحرم مع الدخول (6) ] جده " (* 1). وأما قوله تعالى: (الذين من أصلابكم) فالمراد به النسبي، في مقابل المتبنى، الذي جرت عادة العرب على تسميته ابنا. (1) لعموم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " (* 2): (2) للاطلاق. (3) إجماعا. وهو العمدة فيه، لاحتمال أن يكون المراد من النكاح في قوله تعالى: (ما نكح آباؤكم) الوطء. نعم حلائل الابناء تشمل المدخول بها وغيرها. (4) لاطلاق الادلة. (5) كما صرح به جماعة على نحو يظهر أنه من المسلمات، وفي كشف اللثام: دعوى الاتفاق عليه. وعن شرح النافع للسيد: دعوى الاجماع عليه. وكذا في الرياض. وفي الحدائق نفي الخلاف فيه. ويقتضيه الاصل بعد ظهور حصر المحرمات في غيرهما، وللنصوص الاتية نحوها. ولاحتمال ظهور (ما نكح آباؤكم) وقوله تعالى: (حلائل أبناءكم) في الزوجات. (6) إجماعا من المسلمين، كما قيل. وقد استدل له بالكتاب، والسنة. وفيه تأمل، لما عرفت من التأمل في عموم: (ما نكح آباؤكم) (وحلائل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب ما يحرم من الرضاع.

 

===============

 

( 180 )

 

[ أو أحد الامرين إذا كان بشهوة (1) ] ابنائكم) لغير الزوجات (* 1). نعم في خبر موسى بن بكر عن زرارة قال: " قال أبو جعفر (ع) في حديث: إذا أتى الجارية وهى حلال فلا تحل تلك الجارية لابنه ولا لابيه " (* 2). (1) كما هو المشهور. وحكي عن الصدوق، والشيخ، والقاضي، وابني حمزة وزهرة، وغيرهم. ويشهد له صحيح محمد بن اسماعيل قال: " سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل تكون له الجارية فيقبلها هل تحل لولده؟ قال: بشهوة؟ قلت: نعم. قال ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة. ثم قال ابتداء منه: إن جردها ونظر إليها بشهوة حرمت على أبيه وابنه. قلت: إذا نظر إلى جسدها، قال: إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه " (* 3)، وصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل تكون عنده جارية يجردها وينظر إلى جسمها نظر شهوة هل تحل لابيه؟ وإن فعل أبوه هل تحل لابنه؟ قال (ع): إذا نظر إليها نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحل لابنه، وإن فعل ذلك الابن لم تحل للاب " (* 4) وفي صحيحه الاخر عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل تكون عنده الجارية فيكشف ثوبها ويجردها لا يزيد على ذلك، قال (ع): لا تحل لابنه إذا رأى فرجها " (* 5) وفي صحيح محمد بن مسلم

 

 

____________

(* 1) سيأتي في شرح المسألة الاحدى والاربعين تقريب دلالة الآية على عموم الحرمة للزوجة وملك اليمين. منه قدس سره. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6. (* 5) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7.

 

===============

 

( 181 )

 

عن أبي عبد الله (ع): " قال: إذا جرد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحل لابنه " (* 1)، ومصحح عبد الرحمن بن الحجاج وحفص بن البختري، وعلي بن يقطين قالوا: " سمعنا أبا عبد الله (ع) يقول في الرجل تكون له الجارية أفتحل لابنه؟ فقال (ع): ما لم يكن جماع أو مباشرة كالجماع فلا بأس " (* 2)، ونحوها غيرها. وفي الشرائع، وعن الحلي، والعلامة في أكثر كتبه، وغيرهم: الجواز. لموثق علي بن يقطين عن العبد الصالح: " عن الرجل يقبل الجارية يباشرها من غير جماع داخل أو خارج أتحل لابنه أو لابيه؟ قال (ع): لا بأس " (* 3)، وخبر عبد الله بن يحيى الكاهلى عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال: " سألته عن رجل تكون له جارية فيضع أبوه يده عليها من شهوة أو ينظر منها إلى ما يحرم من شهوة فكره ان يمسها ابنه " (* 4). بناء على أن الجمع بينهما وبين ما سبق بحمله على الكراهة. أو لاجل أن الخبر ظاهر فيها، وفيه: أن الموثق نسبته إلى الصحيحين الاولين نسبة المطلق إلى المقيد، فيقيد بهما. مضافا إلى أن الموثق والصحيح الثالث من قبيل المتعارضين، والجمع بينهما بالتفصيل بين الشهوة وغيرها أقرب إلى الجمع العرفي من الحمل على الكراهة. وأما خبر الكاهلي فالامر فيه أهون، لانه إن كان ظاهرا في الحل جرى فيه ما جرى في الموثق، وإن كان قاصر الدلالة فلا يصلح للحجية على الجواز. مع أن مورده صورة كون النظر أو اللمس من غير المالك، وهو غير ما نحن فيه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 27 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2.

 

===============

 

( 182 )

 

وهذا هو العمدة في القول بالتحريم، لا ما قيل من أن النظر واللمس أقوى من العقد، فإذا حصل التحريم به حصل بهما، فان الاولوية غير قطعية، بل ولا ظنية. هذا، وعن المفيد، والشهيد في اللمعة: حل منظورة الابن على الاب خاصة، وربما ينسب إلى أبي الصلاح وسلار، حيث اقتصرا في التحريم على منظورة الاب خاصة. وليس له وجه ظاهر غير اقتصار بعض نصوص التحريم على منظورة الاب كما تقدم. وهو كما ترى لا يصلح لمعارضة نصوص التحريم فيهما معا، كما هو ظاهر. ثم إنه لا إشكال في عدم نشر الحرمة على الاب والابن بالنظر إلى الوجه والكفين بغير شهوة، بل الاجماع بقسميه عليه، كما في الجواهر. وفي القواعد نفي الخلاف فيه، ولا يبعد ذلك بالنظر اليهما بشهوة، وإن حرم على غير المالك. لظهور التجريد والكشف ونحوهما مما ذكر في النصوص في غير ذلك، كما اعترف به في المسالك والجواهر. بل لا يبعد لذلك عدم شمول التحريم للنظر إلى ما يبدو غالبا من الجواري مثل بعض الرقبة، وبعض الذراع، وبعض الساق، ونحو ذلك، فلا يكون النظر إليه بشهوة موجبا للتحريم على أب الناظر وابنه، وإن كان مع التلذذ، كما مال إليه في الجواهر. والظاهر أنه لا فرق بين أن يكون التجريد والكشف بداعي التلذذ أو بداع آخر، فحصل به التلذذ، لعموم النصوص. ودعوى الانصراف إلى الاول غير ظاهرة. ثم إن النصوص المذكورة موردها الجارية المملوكة للناظر واللامس، ولا يبعد شمول بعضها للمحللة، فشمول الحكم لهما معا غير بعيد، وإن كان ظاهر كلام المصنف وغيره الاختصاص بالاولى. لكن التعميم أقوى. والمعروف كما في الجواهر قصر الحكم على المملوكة، ولعله يأتي التعرض لغيرها فيما يأتي إن شاء الله.

 

===============

 

( 183 )

 

[ وكذا لا تحرم المحللة لاحدهما على الآخر إذا لم تكن مدخولة (1) (مسألة 3): تحرم على الزوج أم الزوجة وإن علت نسبا أو رضاعا (2)، مطلقا (3). ] (1) يعني: بمجرد التحليل، بشبهة أن التحليل بمنزلة العقد، فانها ممنوعة. والنصوص المقتضية للتحريم لا تشمله، فيتعين الرجوع فيه إلى عمومات الحل. (2) لعموم: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " (* 1)، وتوضيحه يطلب من محله. (3) كما هو المشهور شهرة عظيمة، وفي الروضة: " كاد يكون إجماعا ". بل عن الغنية والناصريات: الاجماع عليه. لعموم قوله تعالى: (وأمهات نسائكم) (* 2)، وللنصوص، ففي رواية إسحاق بن عمار عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) عن علي (ع) في حديث: " قال: والامهات مبهمات، دخل بالبنات أو لم يدخل بهن، فحرموا وأبهموا ما حرم الله تعالى " (* 3) وفي خبر أبى حمزة المروي عن تفسير العياشي قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها هل تحل له ابنتها؟ قال: فقال: قد قضى في هذا أمير المؤمنين (ع) لا بأس، إن الله تعالى يقول: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) (* 4)، ولو تزوج الابنة ثم طلقها قبل أن يدخل بها لم تحل له أمها. قال: قلت: أليس

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 1 من ابواب ما يحرم من الرضاع. (* 2) النساء: 23. (* 3) الوسائل باب: 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 4) النساء: 23.

 

===============

 

( 184 )

 

هما سواء؟ قال: فقال لا، ليس هذه مثل هذه، وإن الله تعالى يقول: (وأمهات نسائكم)، ولم يستثن في هذه كما اشترط في تلك. هذه هنا مبهمة ليس فيها شرط، وتلك فيها شرط " (* 1)، وخبر غياث بن ابراهيم عن جعفر (ع) عن أبيه (ع): " أن عليا (ع) قال: إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليها بنتها إذا دخل بالام، فإذا لم يدخل بالام فلا بأس أن يتزوج بالابنة. فإذا تزوج بالابنة فدخل بها أو لم يدخل بها فقد حرمت عليه الام، وقال: الربائب عليكم حرام كن في الحجر أو لم يكن " (* 2)، وموثق أبي بصير قال: " سألته عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فقال: يحل له ابنتها، ولا تحل له أمها " (* 3). وعن ابن أبي عقيل: اشتراط الدخول بالبنت في تحريم الام. للاشكال في عموم الآية، لان الآية هكذا: (وأمهات نسائكم، وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) ومن المحتمل رجوع القيد إلى الجملتين معا. وفيه: أنه خلاف الظاهر، بل عن بعض: دعوى جمهور العلماء على خلافه، لان أهل العربية ذهبوا إلى أن الخبرين إذا اختلفا لا يجوز أن يوصف الاسمان بوصف واحد، فلا يجوز " قام زيد وقعد عمرو الظريفان ". مع أن القيد المدعى ارجاعه إلى الجملتين إن كان المراد به (من نسائكم)، فهو ممتنع، لانه إذا رجع إلى الربائب كانت (من) ابتدائية، وإن رجع إلى (نسائكم) كانت (من) بيانية، فارجاعه اليهما يوجب استعمال كلمة (من) في معنيين، كما ذكره جماعة من المحققين، ومنم الزمخشري في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5.

 

===============

 

( 185 )

 

الكشاف. وإن كان المراد به (اللاتي دخلتم بهن)، فارجاعه إلى الجملتين وإن لم يلزم منه المحذور المذكور، لكن يلزم من إرجاعه إلى الاولى الفصل بين الصفة والموصوف بالاجنبي، كما ذكر في كشف اللثام، بل هو لازم على الاول أيضا، وهو غير جائز. والعمدة في الاشكال على رجوع القيد إلى الاول: أنه خلاف الظاهر، وإلا فاللوازم المذكورة ليست محذورا، ولا سيما ما ذكر من لزوم استعمال كلمة (من) في معنيين، فانه مبنى على كونها من قبيل المشترك اللفظي، وهو بعيد جدا. واستدل لهذا القول بالنصوص، منها صحيح جميل بن دراج وحماد ابن عثمان عن أبى عبد الله (ع): " قال (ع): الام والبنت سواء إذا لم يدخل بها يعني إذا تزوج المرأة ثم طلقها فانه إن شاء تزوج أمها وإن شاء ابنتها " (* 1). وفي الفقيه هكذا: " عن جميل بن دراج: أنه سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل ان يدخل بها، هل تحل له ابنتها؟ قال: الام والبنت في هذا سواء إذا لم يدخل باحداهما حلت له الاخرى " (* 2)، وصحيح منصور بن حازم، قال: " كنت عند أبي عبد الله (ع) فأتاه رجل فسأله عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها أيتزوج بأمها؟ فقال أبو عبد الله (ع) قد فعله رجل منا فلم ير به بأسا. فقلت له: جعلت فداك: ما تفخر الشيعة إلا بقضاء علي (ع) في هذه الشمخية (السجية خ ل) التي أفتاها (* 3) ابن مسعود أنه لا بأس بذلك، ثم أتى عليا فقال له علي (ع) من أين اخذتها؟ فقال: من قول الله عزوجل: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6. (* 3) هكذا في الوسائل الطبعة الحديثة، والثابت بقلم الشارح (قده): " أفتى بها ".

 

===============

 

( 186 )

 

دخلتم بهن، فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم). فقال علي (ع): إن هذه مستثناة وهذه مرسلة (وأمهات نسائكم)، فقال أبو عبد الله (ع) أما تسمع ما يروي هذا عن علي (ع)؟ فلما قمت ندمت وقلت: أي شئ صنعت؟ يقول هو: قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا، وأقول أنا: قضى علي (ع)، فلقيته بعد ذلك فقلت: جعلت فداك مسألة الرجل، إنما كان الذي كنت تقول كان زلة مني فما تقول فيها؟ فقال: يا شيخ تخبرني أن عليا قضى فيها وتسألني ما تقول فيها!! " (* 1)، وخبر محمد بن اسحاق ابن عمار قال: " قلت له: رجل تزوج امرأة ودخل بها ثم ماتت، أيحل له أن يتزوج أمها؟ قال (ع): سبحان الله كيف يحل له أن يتزوج أمها وقد دخل بها؟! قال:: قلت له: فرجل تزوج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها تحل له أمها؟ قال: وما الذي يحرم عليه منها ولم يدخل بها؟! " (* 2). وأشكل على الصحيح الاول: بأن قوله: " يعني... " لم يعلم أنه من كلام الامام (ع). وما قبله لا يخلو من إجمال، لعدم وضوح ما به المساواة. وفيه: أن ذلك خلاف الظاهر. ولو سلم فالقرينة الخارجية دالة على إرادة المساواة في التحريم الابدي. مع أن المتن الذي رواه الصدوق كاف في الحجية. وعن الشيخ أنه أشكل على الصحيح المذكور: بأن الاصل فيه جميل وحماد، وهما تارة يرويانه عن أبي عبد الله (ع) بلا واسطة، وأخرى يرويانه عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع)، ثم إن جميلا تارة يرويه مرسلا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. ولم يثبت الحديث بتمامه المذكور وانما ذكر تتمة المعلق عليها في الطبعة الحديثة. وقد ذكره في الكافي الجزء: 5 صفحة: 422 الطبعة الحديثة، وفي التهذيب الجزء: 7 صفحة - 274 الطبعة الحديثة، وفي الاستبصار الجزء: 3 صفحة: 157 الطبعة الحديثة. (* 2) الوسائل باب: 20 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5.

 

===============

 

( 187 )

 

[ وكذا بنتها (1) وإن نزلت (2) ] عن بعض أصحابه عن أحدهما (ع). وهذا الاضطراب في الحديث مما يضعف الاحتجاج به. وهذا الاشكال غير ظاهر، ومن الجائز وقوع ذلك كله، ولا محذور فيه. ومثله إشكاله على جميع النصوص المذكورة بأنها مخالفة لكتاب الله تعالى، والاخبار المخالفة لها موافقة له، فتكون أرجح. فان ذلك إنما يتم بعد تعذر الجمع العرفي بين النصوص، وهو ممكن بحمل المنع مع عدم الدخول على الكراهة، ونتيجة ذلك تقييد إطلاق الكتاب بالحمل على صورة الدخول. ومثل ذلك حمل نصوص الجواز على التقية. فانه إنما يكون بعد تعذر الجمع العرفي. مضافا إلى أن المشهور بين علماء المخالفين عدم اعتبار الدخول في المنع. وفي المسالك حكاية ذلك عن أكثر علماء الاسلام. فتأمل. فإذا العمدة في وجه الاخذ بنصوص المنع مطلقا التسالم عليه بيننا، بنحو لا يقدح في حجيته خلاف ابن أبي عقيل ممن تفرد بمخالفة المشهور والمسلمات، الموجب لسقوط النصوص عن الحجية. (1) بلا خلاف، بل هو ضروري، للآية الشريفة، وهي قوله تعالى: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) (* 1). (2) كما صرح بذلك في مجمع البيان، والقواعد، والتحرير، وكنز العرفان، واللمعة، والروضة، وكشف اللثام، وآيات الاحكام للجزائري، والجواهر، وغيرها. وفي بعضها التصريح بعدم الفرق بين بنت الابن وبنت البنت، قال في المستند: " فروع: الاول: حكم بنت البنت وبنت الابن فنازلا حكم البنت بالاجماع، وإن لم يستنبط من الاخبار ". لكن في آيات

 

 

 

____________

(* 1) النساء: 23.

 

===============

 

( 188 )

 

[ بشرط الدخول بالام (1)، سواء كانت في حجره أم لا (2) وإن كان تولدها بعد خروج الام عن زوجيته. وكذا تحرم أم ] الاحكام: " يعلم الحكم من النصوص والاجماع ". بل في التذكرة استدل بعموم الآية. ولا يخلو من إشكال أو منع. نعم لا تبعد دعوى دلالة النصوص المشتملة على التعبير بالبنت، لقرب عمومها للبنت بواسطة. ومن ذلك تعرف الاشكال فيما ذكره في المستند. (1) إجماعا. ويقتضيه نص الكتاب، وصريح السنة. وسيأتي في المسألة السابعة والثلاثين الكلام في تحريم البنت بالنظر إلى أمها ولمسها. (2) بلا خلاف فيه. وفى التذكرة: " سواء كانت في حجره أو لم تكن في حجره عند جميع العلماء. وقال داود: إنما تحرم عليه إذا كانت في حجره وكفالته، فاما إذا لم تكن في حجره وكفالته فانها لا تحرم وإن دخل بامها. وهو رواية عن مالك "، وفى المسالك: " أجمع علماء الاسلام إلا من شذ منهم على أن هذا الوصف غير معتبر، وإنما جرى على الغالب " وفي الحدائق: " وقع الاتفاق نصا وفتوى على أن هذا الوصف غير معتبر ". ويشهد لما ذكر خبر إسحاق بن عمار عن جعفر (ع) عن أبيه: " أن عليا كان يقول: الربائب عليكم حرام من الامهات اللاتي قد دخل بهن، هن في الحجور وغير الحجور سواء. والامهات مبهمات " (* 1) ونحوه خبر غياث بن ابراهيم (* 2)، ومرسل الفقيه (* 3). نعم في خبر محمد بن عبد الله بن جعفر المروي في الاحتجاج عن صاحب الزمان (ع): " انه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6.

 

===============

 

( 189 )

 

[ المملوكة الموطوءة على الواطئ وإن علت مطلقا، وبنتها (1). ] كتب إليه: هل يجوز للرجل أن يتزوج بنت امرأته؟ فقال (ع): إن كانت ربيت في حجره فلا يجوز. وإن لم تكن ربيت في حجره وكانت أمها في غير حباله فقد روي أنه جائز " (* 1). ولكن لا مجال للاخذ به مع ما هو عليه من ضعف السند، والدلالة، والمخالفة لما عليه الاصحاب. (1) إجماعا محققا. والنصوص به وافية، ففى صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " سألته عن رجل كانت له جارية وكان يأتيها، فباعها، فاعتقت، وتزوجت فولدت ابنة، هل تصلح ابنتها لمولاها الاول؟ قال: هي عليه حرام، وهي ابنته. والحرة والمملوكة في هذا سواء " (* 2)، وصحيح الحسين بن سعيد قال: " كتبت إلى أبى الحسن (ع): رجل له أمة يطؤها، فماتت أو باعها، ثم أصاب بعد ذلك أمها، هل له أن ينكحها؟ فكتب (ع): لا تحل له " (* 3)، ومرسل جميل عن بعض أصحابه عن أحدهما (ع): " في رجل كانت له جارية فوطأها، ثم اشترى أمها أو بنتها، قال (ع): لا تحل له " (* 4)، وفي رواية رزين بياع الانماط عن أبي جعفر (ع): " في رجل كانت له جارية فوطأها، ثم اشترى أمها وبنتها، قال (ع): لا تحل له الام والبنت " (* 5) ونحوها غيرها. نعم يعارضها جملة أخرى، منها خبر رزين بياع الانماط عن أبي جعفر (ع) قال: " قلت له: تكون عندي الامة فأطأها، ثم تموت أو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. مع اختلاف في متن الرواية. (* 3) الوسائل باب: 21 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 21 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 8. (* 5) الوسائل باب: 21 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 14.

 

===============

 

( 190 )

 

[ (مسألة 4): لا فرق في الدخول بين القبل والدبر (1) ويكفي الحشفة أو مقدارها (2). ] تخرج عن ملكي فأصيب ابنتها، أيحل لي أن أطأها؟ قال (ع): نعم لا بأس به، إنما حرم ذلك من الحرائر، فاما الاماء فلا بأس به " (* 1)، وخبر الفضيل بن يسار وربعي بن عبد الله قال: " سألنا أبا عبد الله (ع) عن رجل كانت له مملوكة يطؤها فماتت، ثم أصاب بعد أمها، قال (ع): لا بأس، ليست بمنزلة الحرة " (* 2). لكن لا مجال للعمل بها بعد دعوى الاجماع على خلافها. (1) كما نص عليه غير واحد على نحو يظهر أنه من المسلمات. نعم في القواعد: " والاقرب مساواة الوطء في الفرجين " وفي كشف اللثام: " ويحتمل العدم. لتبادر القبل، وانتفاء الاحصان في الدبر. وفيه: منع التبادر. وأن الاحصان ليس منوطا بالدخول ". وبالجملة: ليس ما يوجب رفع اليد عن الاطلاق. (2) لا إشكال في ذلك، ولا خلاف. ويقتضيه إطلاق الادلة. بل مقتضاه الاجتزاء ببعض الحشفة، لصدق الدخول معه، كما تقدم في حكم من لاط بغلام. لكن ظاهرهم الاجماع على عدم الاكتفاء به هنا. وكأنهم أخذوه مما ورد من النصوص في اشتراط العدة، والمهر، والغسل بالتقاء الختانين (* 3). لكن دلالتها على المقام غير ظاهرة. فالعمدة الاجماع إن تم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 21 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 16. (* 2) الوسائل باب: 21 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 15. (* 3) راجع الوسائل باب: 6 من ابواب الجناية، وباب: 54 من ابواب المهور.

 

===============

 

( 191 )

 

[ ولا يكفي الانزال على فرجها من غير دخول (1) وإن حبلت به (2). وكذا لا فرق بين أن يكون في حال اليقظة أو النوم اختيارا (3) أو جبرا منه أو منها (4). (مسألة 5): لا يجوز لكل من الاب والابن وطء مملوكة الآخر من غير عقد ولا تحليل (5)، وإن لم تكن ] (1) لخروجه عن موضع الادلة، فيرجع فيه الي أصالة الحل. (2) ونسب إليه الحمل، فيكون ولدا، كما في الدخول، على ما في النصوص (* 1). (3) كما نص على ذلك في كشف اللثام. وكأن وجه الاشكال: أن الخطاب في الآية الشريفة للمكلفين، فالدخول متعلق بهم، فلا يشمل دخول غيرهم. وفيه: أن الدخول مطلق لا يختص بحال التكليف. (4) عن الايضاح أنه نفى احتمال الخلاف في جانب الموطوءة. (5) كما في الشرائع وغيرها، بل إجماعا، كما في الرياض، لحرمة التصرف في ملك الغير بغير إذنه. وللنصوص الاتية. نعم في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " قال: في كتاب علي (ع) إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا، ويأخذ الوالد من مال ولده ما شاء، وله أن يقع على جارية ابنه إن لم يكن الابن وقع عليها. وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لرجل: أنت ومالك لابيك " (* 2). وظاهره جواز الوطء من غير تقويم، وإن كان الولد كبيرا. ولا بد حينئذ من تأويله، أو طرحه.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 16 من ابواب احكام الاولاد. (* 2) الوسائل باب: 40 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 6. لكن ذكره من دون الذيل وهو: " وذكر ان رسول الله... " نعم رواه مع الذيل في ضمن حديث عن أبي عبد الله (ع) في باب: 78 من ابواب ما يكتسب به حديث: 1، مع خلاف يسير في متن الحديثين.

 

===============

 

( 192 )

 

[ مدخولة له، وإلا كان زانيا (1). (مسألة 6): يجوز للاب أن يقوم مملوكة ابنه الصغير على نفسه ووطؤها (2). ] وقد تعرضنا لذلك في شرح المسألة الثامنة والخمسين من فصل شرائط وجوب حجة الاسلام. (1) بلا خلاف، ولا إشكال، كما في الجواهر، لانه وطء غير مستحق من دون شبهة. (2) بلا خلاف ظاهر، كما في الرياض. بل الاجماع بقسميه عليه، كما في الجواهر، للنصوص، منها صحيح الكناني عن أبي عبد الله (ع): " عن رجل يكون لبعض ولده جارية وولده صغار، هل يصلح له أن يطأها؟ فقال (ع): يقومها قيمة عدل ثم يأخذها، ويكون لولده عليه ثمنها " (* 1) ونحوه خبر داود بن سرحان عنه (ع) (* 2) وفي صحيح محمد ابن اسماعيل قال: " كتبت إلى أبي الحسن (ع) في جارية لابن لي صغير، يجوز لي أن أطأها؟ فكتب: لا، حتى تخلصها " (* 3). وفي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن موسى قال: " قلت له: الرجل يكون لابنه جارية أله أن يطأها؟ قال: يقومها على نفسه ويشهد على نفسه بثمنها أحب الي " (* 4). وفى خبر الحسن بن صدقة قال: " سألت أبا الحسن (ع) فقلت له: إن بعض أصحابنا روى أن للرجل أن ينكح جارية ابنه وجارية بنته، ولي ابنة وابن، ولابنتي جارية اشتريتها لها من صداقها، أفيحل لي أن أطأها؟ فقال (ع): لا، إلا باذنها. فقال الحسن بن الجهم: أليس قد جاء أن هذا جائز؟ قال (ع): نعم ذلك

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 40 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 40 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 40 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 3.

 

===============

 

( 193 )

 

[ والظاهر إلحاق الجد بالاب (1)، والبنت بالابن (2) وإن كان الاحوط خلافه. ولا يعتبر إجراء صيغة البيع (3) ] إذا كان هو سببه. ثم التفت إلي وأومى نحوي بالسبابة، فقال: إذا اشتريت أنت لابنتك جارية أو لابنك وكان الابن صغيرا ولم يطأها حل لك أن تقبضها فتنكحها. وإلا فلا إلا باذنهما " (* 1). وكان المراد صورة ما إذا لم تدخل في ملك الابن والبنت، وإنما كان من الوالد مجرد التحليل والعارية. وفي صحيح الحسن بن محبوب قال: " كتبت إلى أبي الحسن الرضا (ع): اني كنت وهبت لابنة لي جارية حيث زوجتها، فلم تزل عندها وفي بيت زوجها حتى مات زوجها، فرجعت إلي هي والجارية، أفيحل لي أن أطأ الجارية؟ قال: قومها قيمة عادلة، وأشهد على ذلك، ثم إن شئت تطأها " (* 2). وظاهره جواز التقويم في الكبير أيضا. اللهم إلا أن يحمل على صورة ما إذا كانت البنت قد فوضت إلى الاب جيمع شؤونها. (1) كما نص على ذلك غير واحد، منهم جامع المقاصد. قواه في الجواهر، للقطع باتحاد الجميع. لكنه غير ظاهر. قال في الرياض: " وفي تعدية الحكم إلى الجد إشكال، من اختصاص النصوص بالاب، ومن اتحاد المعنى. وهو أقوى ". (2) يظهر من الرياض اختصاص الاشكال في الجد دون البنت. وكأن الوجه فيه إطلاق صحيح الكناني المتقدم، فان الولد شامل للبنت. (3) قال في جامع المقاصد: " ولا يكفي مجرد التقويم قطعا، إذ لا ينتقل الملك إلا بسبب ناقل، وقبل الانتقال لا يجوز التصرف، ولا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 79 من ابواب ما يكتسب به حديث: 1.

 

===============

 

( 194 )

 

[ ونحوه، وإن كان أحوط. وكذا لا يعتبر كونه مصلحة للصبي (1) نعم يعتبر عدم المفسدة (2). وكذا لا يعتبر الملاءة في الاب (3) وإن كان أحوط. (مسألة 7): إذا زنا الابن بمملوكة الاب حد (4). وأما إذا زنا الاب بمملوكة الابن فالمشهور عدم الحد عليه (5) ] أثر للتقويم بدون العقد المملك. ولا خلاف في شئ من هذه الاحكام، وفي الجواهر: " عن غير واحد من الاصحاب التصريح بذلك. لاصالة عدم دخولها في الملك إلا بالمملك الشرعي ". أقول: الذي يظهر من التقويم في النص والفتوى هو إيقاع المعاوضة عليه بالقيمة في ذمته والالتزام بذلك في نفسه، فيكون إيقاعا لا عقدا، ونفسيا بحتا بلا مظهر له من قول أو فعل. وبذلك يفترق أيضا عن اقتراض القيمي، فانه أيضا مشتمل على الايجاب والقبول، وله مظهر من قول أو فعل، بخلاف المقام كما عرفت. ولا مانع عن الاخذ بظاهر النص المعتضد بالفتوى. إلا أن يكون إجماع، كما يظهر من جامع المقاصد. ولكنه غير ثابت. (1) كما يقتضيه إطلاق النص، خلافا لاخرين فاشترطوها، كما في الرياض. والاطلاق يردهم. (2) إجماعا كما في الرياض. وبه ترفع اليد عن إطلاق النصوص. (3) كما نص على ذلك في المسالك وجامع المقاصد، للاطلاق. وكأن وجه الاشكال ما دل على اعتبار الملاءة في الاتجار بمال اليتيم. لكنه غير ما نحن فيه. (4) بلا إشكال ولا خلاف، لعموم أدلة الحد. (5) كما في الشرائع، والتذكرة، والقواعد، وجامع المقاصد، والمسالك وغيرها. وفي جامع المقصد: أنه لا خلاف في ذلك. وفي الجواهر: " لا

 

===============

 

( 195 )

 

[ وفيه إشكال (1). (مسألة 8): إذا وطأ أحدهما مملوكة الآخر شبهة لم يحد (2)، ولكن عليه مهر المثل (3). ولو حبلت فان كان ] أجد فيه خلافا ". (1) لعدم وضوح ما يستوجب الخروج عن عموم أدلة الحد. وما في جامع المقاصد من تعليله بأن الاب لما كان أصلا في وجود الابن أثبت له الشارع هذه المزية ونحوها، ونحوه ما في كشف اللثام وغيره. غير ظاهر. نعم في المسالك قال: " والفرق بين الاب والابن بعد النص أن الاب أصل له فلا يناسبه إثبات العقوبة عليه، بخلاف العكس ". وظاهره وجود النص الفارق، ولم أعثر عليه، ولا على من أشار إليه سواه. ولعله أراد به ما ذكره في جامع المقاصد بقول: " وقوله (ع): أنت ومالك لابيك إيماء إلى ذلك " (* 1). وفيه: أن الظاهر منه كونه حكما أدبيا، كما تقتضيه قرينة السياق، فان الولد حر لا مملوك لوالده ولا لغيره. ولاجل ذلك يكون الاشكال في محله. إلا أن يتم إجماع عليه. لكن في المسالك في أواخر حد السارق في شرح المسألة الرابعة ما يظهر منه المفروغية عن ثبوت الحد في المقام، حيث قال في الفرق بين الزنا والسرقة: " ألا ترى أنه إذا سرق مال ابنه لا يقطع وإذا زنى بجاريته يحد ". لكن ذلك منه ينافي ما ذكره هو وغيره هنا ونفى الخلاف فيه. فلا بد أن يحمل على بعض الوجوه، ويكون العمل على ما ذكره هنا. (2) لان الحدود تدرأ بالشبهات. (3) لما استحل من فرجها.

 

 

____________

(* 1) تقدم التعرض له في المسألة: 5 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 196 )

 

[ الوطئ هو الابن عتق الولد قهرا مطلقا (1). وإن كان الاب لم ينعتق (2) إلا إذا كان أنثى. نعم يجب على الاب فكه (3) إن كان ذكرا. (مسألة 9): لا يجوز نكاح بنت الاخ أو الاخت على العمة والخالة إلا باذنهما (4)، ] (1) كما في الشرائع، والقواعد، وجامع المقاصد، والمسالك، وغيرها. لانه لو بقي رقا كان ملكا لمالك الامة، وهو جده، والرجل لا يملك ولده وإن نزل ذكرا كان أم أنثى. (2) كما نص عليه الجماعة. لانه لو بقي رقا كان ملكا لمالك الامة، وهو أخوه، ولا مانع من أن يملك الرجل أخاه. نعم إذا كان الولد أنثى انعتق قهرا، لان الرجل كما لا يملك عموديه لا يملك محارمه، ومنها الاخت، فلما لم يمكن أن يكون مملوكا لمالك الامة إنعتق قهرا أيضا. ثم إنه يأتي من المصنف (ره) في نكاح الاماء تبعية الولد لاشرف الابوين كما هو مذهب جماعة. وعليه يكون الولد حرا لا رقا، فيكون ما ذكره هنا منافيا لما يذكره فيما يأتي من نكاح الاماء. ولعل المراد من الحكم بالرقية: الرقية من حيث النسب، بمعني أن النسب لا يقتضي الحرية لا الرقية مطلقا. وسيأتي إن شاء الله وجه الجمع بين الكلامين. فانتظر. (3) كما صرح به الجماعة للنصوص الدالة على ذلك، الاتية في مبحث نكاح الاماء. ويتعين كون المراد منه بناء على الحرية: أن الاب ضامن لقيمته، لا أنه رق يجب على الاب شراؤه. (4) بلا خلاف معتد به أجده في شئ من ذلك، بل الاجماع مستفيضا أو متواترا عليه. كذا في الجواهر. ويشهد له النصوص الكثيرة، منها موثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " قال: لا تتزوج ابنة الاخ ولا

 

===============

 

( 197 )

 

ابنة الاخت على العمة ولا على الخالة إلا باذنهما، وتزوج العمة والخالة على ابنة الاخ وابنة الاخت بغير إذنهما " (* 1)، وخبر أبي عبيدة الحذاء قال: " سمعت أبا جعفر (ع) يقول: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها إلا باذن العمة والخالة " (* 2)، ونحوهما غيرهما. وعن الاسكافي والعماني: الجواز مطلقا. وفي المسالك ناقش في صحة النسبة. وعلى تقديره فكأنه لعمومات الحل، ولخبر علي بن جعفر (ع) المروي في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال: " سألته عن امرأة تزوج على عمتها أو خالتها؟ قال (ع): لا بأس " (* 3). ومثله خبره المروي في قرب الاسناد (* 4). وفيه: أن العموم مخصص، والخبر مقيد بما ذكر. ومثله ما في المقنع من المنع مطلقا قال: " ولا تنكح المرأة على عمتها، ولا على خالتها، ولا على ابنة اختها، ولا على ابنة اخيها، ولا على أختها من الرضاعة ". وكأنه لاطلاق بعض النصوص، مثل صحيح أبي عبيدة قال: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا على اختها من الرضاعة " (* 5). ونحوه غيره. لكن الجميع مقيد بما ذكر، ومحمول على صورة عدم الاذن. وبالجملة: النصوص طوائف ثلاث: مانعة مطلقا، ومجوزة مطلقا، ومفصلة بين الاذن وعدمه. والمقنع اعتمد على الاول لا غير. والقديمان اعتمدا على الثانية. والمشهور

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الملحق الثاني للحديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الملحق الاول للحديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 8.

 

===============

 

( 198 )

 

[ من غير فرق بين الدوام والانقطاع (1)، ولا بين علم العمة والخالة وجهلهما. ويجوز العكس (2)، وإن كانت العمة والخالة جاهلتين بالحال على الاقوى (3). ] اعتمدوا على الجميع بعد الجمع بينها بحمل الاولتين على الاخيرة حملا للمطلق على المقيد. (1) لاطلاق الادلة فيه، وفيما بعده. (2) على المشهور شهرة عظيمة، وعن التذكرة: الاجماع عليه، للنصوص التي تقدم بعضها. وفي خبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): " قال: تزوج الخالة والعمة على بنت الاخ وأبنة الاخت بغير إذنهما " (* 1)، وصحيح ابن مسلم المروي عن نوادر ابن عيسى عن أبي جعفر (ع): " قال: لا تنكح أبنة الاخت على خالتها، وتنكح الخالة على ابنة أخيها. ولا تنكح ابنة الاخ على عمتها، وتنكح العمة على ابنة أخيها " (* 2) ونحوهما غيرهما. وتقدم عن المقنع المنع مطلقا. وكأنه لاطلاق خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع): " قال: لا يحل للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها " (* 3). لكنه مقيد بما سبق. (3) وهو المشهور. وفي المسالك: " يشترط علم الداخلة بكون المدخول عليها زوجته، وإلا لم يصح ". ولم يعلم له وجه ظاهر. وفي الجواهر: " لعله أخذه مما تسمعه في نكاح الحرة على الامة، بناء على اشتراك المسألتين في كيفية دلالة الدليل، وفي حكمة الحكم، وهي الاحترام، إلا أنه ستعرف هناك عدم اعتبار الاذن في الجواز والصحة، وإنما تتسلط هي على الخيار ".

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 12. (* 3) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7.

 

===============

 

( 199 )

 

ويحتمل أن يكون الوجه فيه: خبر محمد بن مسلم عن الباقر (ع): " لا تزوج الخالة والعمة على بنت الاخ وابنة الاخت بغير إذنهما " (* 1) كما ذكره بعض، بناء على رجوع الضمير إلى العمة والخالة، وفيه: أن المضبوط روايته: " تزوج الخالة والعمة... " وقد رواه في المسالك كذلك. مع أن الظاهر رجوع الضمير إلى المدخول عليهما. وحينئد فهو معارض بغيره مما ظاهره التفصيل بين دخول العمة والخالة على ابنة الاخ والاخت وبين العكس، كحديث علي بن جعفر الذي رواه في المسالك قال: " تزوج العمة والخالة على ابنة الاخ وابنة الاخت، ولا تزوج بنت الاخ والاخت على العمة والخالة إلا برضا منهما، فمن فعل ذلك فنكاحه باطل " (* 2). وكذا غيره من الاخبار المفصلة، فان الجمع بينهما يقتضي الجواز على كراهية. ومن العجيب ما في الرياض حيث قال: " لا فرق في الجواز بين علم الداخلة بكون المدخول عليها بنت أخ أو أخت أم لا، وفاقا للاكثر، للاصل، وإطلاق النصوص. وعن العلامة: اشتراط العلم. ومستنده غير واضح. والنصوص باعتبار إذنهما مختصة بالصورة الاولى ". وظاهر الصورة الاولى صورة علم الداخلة، فيكون عكس ما ذكر في المسالك. ولا يخفى ما فيه أولا: من عدم الوقوف على هذه النصوص، وثانيا: أنه مناف لما ذكره من إطلاق النصوص، وثالثا: أنه لا معنى لاعتبار اذن الداخلة مع علمها، فان دخولها مع العلم إذن، فلا معنى لاعتبار الاذن حينئذ. والمظنون أن أصل العبارة " بالصورة الثانية " الاتية في كلام مصنفه، وهي صورة دخول بنت الاخ أو الاخت على العمة والخالة. هذا وفي القواعد: " والاقرب أن للعمة والخالة فسخ عقدهما لو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3.

 

===============

 

( 200 )

 

[ (مسألة 10): الظاهر عدم الفرق (1) بين الصغيرتين والكبيرتين والمختلفتين، ولا بين اطلاع العمة والخالة على ذلك وعدم إطلاعهما ابدا، ولا بين كون مدة الانقطاع قصيرة ولو ساعة أو طويلة، على إشكال في بعض هذه الصور، لامكان دعوى انصراف الاخبار (2). (مسألة 11): الظاهر أن حكم اقتران العقدين حكم سبق العمة والخالة (3). ] جهلتا لا المدخول عليها ". ووجهه في كشف اللثام بعدم الفرق في الاحترام بين التقدم والتأخر، ولخبر أبي الصباح. وفيه: أن مقتضى الاحترام البطلان - كما ذكر في المسالك - لا الصحة والتسلط على الفسخ. ولو سلم فالتعدي إلى الفرض غير ظاهر، لاختصاصه بما إذا كان المدخول عليها العمة، والفرق بين الداخلة والمدخول عليها في الاحترام وعدمه ظاهر عرفا. وأما الخبر: فقد عرفت أنه مقيد بما سبق. وبالجملة: مقتضى القواعد الاولية صحة العقد ولزومه وليس ما يدل على البطلان أو الخيار فيتعين العمل بها. (1) للاطلاق. (2) لكنه بدوي لا يعول عليه في رفع اليد عن الاطلاق. (3) النصوص الواردة في الباب كلها يتضمن إدخال بنت الاخ والاخت، عدا رواية أبي الصباح (* 1) المتضمنة للمنع عن الجمع بين العمة وابنة الاخ والخالة وبنت الاخت، ومثلها النبوي (* 2)، وهما شاملان للمقام. لكنهما مرميان بالضعف، وظاهرهما المنع من مطلق الجمع كما هو مذهب المخالفين،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4.

 

===============

 

( 201 )

 

[ (مسألة 12): لا فرق بين المسلمتين والكافرتين والمختلفتين (1). (مسألة 13): لا فرق في العمة والخالة بين الدنيا منهما والعليا (2). (مسألة 14): في كفاية الرضا الباطني منهما من دون إظهاره، وعدمها وكون اللازم إظهاره بالاذن قولا أو فعلا وجهان (3). ] فالاعتماد عليهما في ذلك غير ظاهر. وكأنه لذلك قال في الجواهر: " قد يقال: إن مقتضى ما ذكرنا جواز الجمع بينهما بعقد واحد بغير إذن منهما، لاختصاص النصوص باعتبار الاذن لهما في صورة إدخالهما على العمة والخالة. اللهم إلا أن يستفاد حكم ذلك مما تسمعه في الجمع بين الحرة والامة بعقد واحد، بناء على اتحادهما في كيفية دلالة الدليل، وقد ورد الخبر الصحيح هناك بصحة عقد الحرة دون الامة، أي مع عدم الاذن. فلاحظ وتأمل جيدا ". أقول: الوجه الثاني أضعف مما قبله، لانه أشبه بالقياس. (1) لاطلاق الادلة. اللهم إلا أن يقال: الاحترام المعلل به المنع في النصوص (* 1) لا يقتضي المنع في صورة كون العمة أو الخالة كافرة. (2) كما عن المبسوط: الجزم به. واختاره جماعة. وقواه في الجواهر. واستشكل فيه في القواعد وغيرها، للاشتراك في العلة، ولاحتمال صدق العمة والخالة وبنت الاخ والاخت. ولزوم الاقتصار على المتيقن في الخروج عن عموم الحل. لكن الاول أقرب. (3) المذكور في أكثر النصوص اعتبار الاذن، وفى خبر علي بن جعفر (ع) اعتبار الرضا. والجمع العرفي يمكن أن يكون بالتقييد، فلا بد من الرضا والاذن معا. ويمكن أن يكون بجعل الاذن طريقا إلى الرضا، فيكون الشرط الرضا لا غير. والثاني أقرب، فيكون الرضا هو الشرط والاذن طريق إليه، فإذا حصل الرضا صح العقد واقعا، وإذا علم الرضا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 10.

 

===============

 

( 202 )

 

[ (مسألة 15): إذا أذنت ثم رجعت ولم يبلغه الخبر فتزوج لم يكفه الاذن السابق (1). (مسألة 16): إذا رجعت عن الاذن بعد العقد لم يؤثر في البطلان (2). (مسألة 17): الظاهر كفاية إذنهما وإن كان عن غرور (3)، بأن وعدها أن يعطيها شيئا فرضيت ثم لم يف بوعده، سواء كان بانيا على الوفاء حين العقد أم لا. نعم لو قيدت الاذن باعطاء شئ فتزوج ثم لم يعط كشف عن بطلان الاذن والعقد (4)، وإن كان حين العقد بانيا على العمل به (5). (مسألة 18): الظاهر أن اعتبار إذنهما من باب الحكم ] بطريق آخر صح واقعا وظاهرا. ولكنه مع ذلك لا يخلو من إشكال، وإن قربناه فيما سبق من مباحث مكان المصلي من هذا الشرح. (1) لان العدول عنه يوجب كونه بمنزلة العدم. والقياس على فعل الوكيل الذي لم يبلغه العزل لا وجه له. (2) إذ لا دليل على كون العدول عن الاذن رافعا لاثر العقد وفاسخا له، فاستصحاب بقاء الاثر بحاله. فان قلت: العدول يوجب كون الاذن السابق بمنزلة العدم. قلت: إنما يوجب ذلك بالنسبة إلى ما بعد العدول، لا من أول الامر، فحين وقوع العقد عن إذنه يترتب عليه الاثر، لتحقق شرط التأثير ولا موجب لارتفاعه، فيستصحب. (3) لاطلاق الادلة. (4) لانتفاء المقيد بانتفاء قيده. (5) لان الشرط الاعطاء، وهو مفقود، لا البناء على العمل.

 

===============

 

( 203 )

 

[ الشرعي، لا أن يكون لحق منهما (1)، فلا يسقط بالاسقاط. (مسألة 19): إذا اشترط في عقد العمة أو الخالة إذنهما في تزويج بنت الاخ أو الاخت، ثم لم تأذنا عصيانا منهما في العمل بالشرط، لم يصح العقد على إحدى البنتين (2) وهل له إجبارهما في الاذن؟ وجهان (3). نعم إذا اشترط عليهما في ضمن عقدهما أن يكون له العقد على ابنة الاخ أو ] (1) يعني: ليس اعتبار الاذن في المقام من باب اعتبار إذن المالك لعين أو حق في التصرف فيه. بل مجرد حكم الشارع بالتوقف على الاذن. لان البناء على الاول يتوقف على ثبوت ملك لعين أو فعل، وهو خلاف الاصل، بل خلاف إطلاق الدليل، الموجب لاعتباره ولو بعد الاسقاط. (2) لاطلاق الادلة. (3) مبنيان على أن الشرط يقتضي ثبوت حق للمشروط له على المشروط عليه بحيث يكون المشروط له مالكا على المشروط عليه الفعل المشروط، أو لا يقتضي ذلك؟ فعلى الاول: يكون الزوج مالكا عليها الاذن في العقد، فيكون له المطالبة به، ومع امتناعها يكون له الاجبار عليه. فان تعذر أمكن قيام الحاكم الشرعي مقامه في استيفاء الحقوق باعمال ولايته. وعلى الثاني: يكون مفاد الشرط محض الالتزام بالاذن، فيجب عليها شرعا كسائر الواجبات الشرعية، فإذا امتنعت من أداء الواجب جاز إجبارها من باب الامر بالمعروف، فإذا تعذر الاجبار لم يكن للحاكم الشرعي القيام مقامها، إذ لا ولاية للحاكم الشرعي على تحصيل الواجبات الشرعية على الناس، وإنما له الولاية عليهم فيما لهم الولاية عليه لا غير. ومن ذلك يظهر أن اختلاف المبنيين ليس في مجرد جواز الاجبار وعدمه، وإنما هو في نفوذ سلطان الحاكم الشرعي عند تعذر الاستيفاء. هذا، وقد تقرر في

 

===============

 

( 204 )

 

[ الاخت فالظاهر الصحة (1)، وإن اظهرتا الكراهة بعد هذا. (مسألة 20): إذا تزوجهما من غير إذن ثم أجازتا صح على الاقوى (2). (مسألة 21): إذا تزوج العمة وابنة الاخ، وشك ] غير موضع من هذا الشرح أن مفاد الشرط ثبوت حق للمشروط له. فراجع. (1) بعد ما كان اعتبار الاذن من باب الحكم الشرعي يكون شرط أن يكون له العقد من قبيل الشرط المخالف للكتاب، فيبطل، إلا أن يرجع إلى شرط الوكالة عنها في الاذن، فيصح. لكن في جواز عزله الوجهان السابقان. أو يرجع إلى اشتراط بقاء الاذن له إلى حين العقد. لكن في جواز العدول عن الاذن أيضا الوجهان السابقان. أو يرجع إلى اشتراط الاذن فعلا. لكنها غير كافية مع ظهور الكراهة بعد ذلك. (2) كما عن العلامة في جملة من كتبه، وكثير من المتأخرين، لتحقق شرط الصحة وهو الاذن، فيشمله دليل الصحة من غير معارض. وفي الشرائع والنافع وغيرهما: البطلان، للنهي عنه المقتضي للفساد. لكنه ممنوع بعد حصول الاذن. أو لدلالة النهي على خروج المعقود عليها عن قابلية النكاح. وهو أيضا ممنوع بعد حصول الاذن. أو لخبر علي بن جعفر (ع) عن أخيه (ع): " ولا تزوج بنت الاخ والاخت على العمة والخالة إلا برضا منهما، فمن فعل ذلك فنكاحه باطل " (* 1). وفيه: أنه لا يشمل المقام بعد الاذن وإن شمله قبل الاذن، ولا تنافي بين الحكمين في زمانين. أو لظهور أدلة اعتبار الاذن في كونها مقارنة للعقد. وهو ايضا ممنوع. أو لان العقد على بنت الاخ والاخت بدون إذن العمة أو الخالة معصية لله سبحانه، فكيون فاسدا، لما ورد في نكاح العبد بغير إذن مولاه من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3.

 

===============

 

( 205 )

 

أنه لم يعص الله وإنما عصى سيده فإذا أجاز جاز (* 1)، إذ يدل الحديث على انه لو عصى الله تعالى كان نكاحه فاسدا، فيدل على أن معصية الله تعالى كلية موجبة للفساد. وفيه: أن الظاهر من معصية الله سبحانه معصيته في نكاح المحرمات من النساء، مثل الاصول والفروع، لا مطلق المعصية، والا كالتعليل غير ظاهر، فيكون تعبديا. وهو خلاف الاصل في التعليلات. على أن البناء على تحريم العقد تعبدا بحيث يوجب الاثم لنفسه غير ظاهر من الادلة. هذا، وعن الشيخين ومن تبعهما، بل عن غير واحد نسبته إلى الاكثر ان للعمة والخالة الخيار في فسخ العقد الواقع على بنت الاخ والاخت وبين فسخ عقدهما بلا طلاق. لوقوع العقدين صحيحين، وحيث أنه لا يمكن الجمع بينهما إلا باذن فهما مخيران في رفع الجمع بينهما بين رفع الاول ورفع الثاني. وفيه: أنه لا دليل على سلطنتهما على رفع الاول، وإنما الدليل على سلطنتهما على رفع الثاني لا غير. وعن ابن ادريس: بطلان العقد الثاني وتزلزل العقد الاول، فيكون للمدخول عليها فسخ عقد نفسها. ويظهر ضعف القول المذكور بكلا شقيه من وجوه الاشكال على القول الثاني والقول الثالث. مع أنه إذا بني على بطلان العقد الثاني لم يكن وجه لتزلزل الاول. فإذا العمدة القولان الاولان المبنيان على ظهور أدلة اعتبار الاذن في المقارنة وعدمه. وأما الوجوه الاخر مما ذكرناه وغيره فضعيفة. وقد عرفت منع ظهور الادلة في اعتبار مقارنة الاذن للعقد. ويتضح ذلك بمقايسة المقام بعقد الفضولي. ولاجل ذلك يخرج عن الاصل بناء على أن مقتضاه مقارنة الشرط للعقد.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1، 2.

 

===============

 

( 206 )

 

[ في سبق عقد العمة أو سبق عقد الابنة حكم بالصحة (1). وكذا إذا شك في السبق والاقتران بناء على البطلان مع الاقتران. (مسألة 22): إذا ادعت العمة أو الخالة عدم الاذن وادعى هو الاذن منهما قدم قولهما (2). وإذا كانت الدعوى بين العمة وابنة الاخ مثلا في الاذن وعدمه فكذلك قدم قول العمة. ] (1) لاصالة الصحة. (2) لاصالة عدم الاذن الموافق لقولها. وأصل الصحة وإن كان مقدما على اصالة عدم الجزء أو الشرط الذي يكون فقده موجبا للفساد، لكن دليله من السيرة والاجماع غير ثابت في مثل المقام مما كان المدعي لعدم الشرط ممن يقوم به الشرط. ففرق بين أن تكون دعوى عدم الاذن صادرة ممن تقوم به الاذن، وأن تكون صادرة من غيره، فإذا ادعى عدم الاذن غير من يقوم به الاذن كان المرجع أصل الصحة، وإذا كان المدعي من يقوم به الاذن كان المرجع أصالة عدم الاذن، لعدم ثبوت اصل الصحة فيه، وإلا كان مقدما أيضا. فبناء على هذا لو ادعى البائع عدم البلوغ، أو عدم العلم بالعوضين، أو نحو ذلك يكون منكرا. وهو كما ترى. إلا أن يقال: إن دعواه ذلك خلاف ظاهر فعله واقدامه، فيكون لاجل ذلك مدعيا. فتأمل. وربما يحتمل اختصاص أصل الصحة بالشك فيما يعتبر في موضوع السلطنة جزءا أو شرطا، ولا يشمل الشك في السلطنة، فالمدعي عدم السلطنة منكر. وفيه: أنه خلاف السيرة على البناء على الصحة لو شك في السلطنة مع عدم الدعوى ممن له السلطنة، وعلى هذا يختص المنع من جريان القاعدة بصورة دعوى وجود إعطاء السلطنة باذن أو بالتمليك أو نحوهما، نظير قاعدة اليد المختصة بصورة عدم دعوى التمليك من خصمه وذلك غير بعيد من طريقة العقلاء والمتشرعة.

 

===============

 

( 207 )

 

[ (مسألة 23): إذا تزوج ابنة الاخ أو الاخت، وشك في أنه هل كان عن إذن من العمة أو الخالة أم لا؟ حمل فعله على الصحة. (مسألة 24): إذا حصل بنتية الاخ أو الاخت بعد التزويج بالرضاع لم يبطل (1). وكذا إذا جمع بينهما في حال الكفر ثم أسلم على وجه (2). (مسألة 25): إذا طلق العمة أو الخالة طلاقا رجعيا لم يجز تزويج إحدي البنتين (3) إلا بعد خروجهما عن العدة. ] (1) لخروجه عن مورد النصوص. لكن بناء على ما تقدم من المنع عن اقتران العقدين إلا باذن العمة أو الخالة، عملا بما دل على المنع عن الجمع بينهما إلا باذنهما (* 1)، يتعين البناء على ذلك هنا، لتحقق الجمع بعد الرضاع، فلا يجوز إلا بالاذن، إذ لا فرق بين اقتران العقد وبين المقام في صدق الجمع. (2) يوافق الاستصحاب. لنفوذ الجمع في حال الكفر، فان لكل قوم نكاحا (* 2)، فيستصحب بعد الاسلام. وفيه: أن المستفاد من الادلة ترتب آثار النكاح حال الكفر، لا نفوذه، كما يقتضيه الجمع بين الادلة الاولية ومثل: " لكل قوم نكاح ". واستصحاب بقاء الاثار لا مجال له مع الدليل الدال على حرمة نكاح الاجنبية. مع أنه لو فرض صحة النكاح حال الكفر، فبعد الاسلام يرجع إلى عموم المنع المقدم على الاستصحاب. (3) لان المطلقة رجعيا زوجة، ولا يجوز إدخال بنت أخيها وأختها

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 9 من هذا الفصل. (* 2) هذا المضمون موجود في بعض النصوص راجع الوسائل باب: 83 من ابواب نكاح العبيد والاماء، وباب: 73 من ابواب جهاد النفس، وباب: 1 من ابواب حد القذف.

 

===============

 

( 208 )

 

[ ولو كان الطلاق بائنا جاز من حينه. (مسألة 26): إذا طلق إحداهما بطلاق الخلع جاز له العقد على البنت، لان طلاق الخلع بائن. وإن رجعت في البذل لم يبطل العقد (1). (مسألة 27): هل يجري الحكم في المملوكتين والمختلفتين وجهان. أقواهما العدم (2). (مسألة 28): الزنا الطارئ على التزويج لا يوجب ] عليها إلا باذنها. (1) بل يكون من باب إدخال العمة أو الخالة على بنت الاخ والاخت، لان الرجوع في البذل يوجب الحكم بالزوجية التنزيلية، وهو حادث. نعم إذا رجع هو بها يكون رجوعه بها بحسب اعتبار العقلاء ليس إحداثا للزوجية بل رجوعا للزوجية السابقة كما سيأتي من المصنف (ره) في المسألة الرابعة والثلاثين، فيكون من ادخال بنت الاخ والاخت عليها. اللهم إلا أن يكون هذا النحو من الادخال ليس موضوعا لادلة المنع، حتى لو قيل بالمنع عن الجمع بينهما بغير إذن، كما هو مضمون خبر أبي الصباح (* 1)، لان رجوع العمة بالبذل بمنزلة الاذن في الجمع بينها وبين البنت. اللهم إلا أن تكون جاهلة بذلك. (2) وفي الجوهر: أنه التحقيق، وأنه ظاهر النصوص والفتاوى، لاشتمالها على التزويج والنكاح الظاهرين في العقد، واشتمالها على الاذن المختص بالحرة. فتأمل. وخبر أبي الصباح لو سملت حجيته، فحلمه على الوطء لا قرينة عليه، وكذا على الجامع بينه وبين العقد، لما ذكر. مع أن الجامع العرفي متعذر، فيتعذر عرفا استعماله فيه، فلا يصلح حجة على المقام.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 30 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7.

 

===============

 

( 209 )

 

[ الحرمة، إذا كان بعد الوطء (1)، بل قبله أيضا على الاقوى (2) ] (1) إجماعا بقسميه عليه، كما في الجواهر. ويشهد به النصوص المستفيضة أو المتواترة، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " أنه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة، أيتزوج بابنتها؟ قال (ع): لا، ولكن إن كانت عنده امرأة ثم فجر بأمها أو اختها لم تحرم عليه امرأته، إن الحرام لا يفسد الحلال " (* 1)، وفي مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " في رجل تزوج جارية فدخل بها ثم ابتلى بها ففجر بأمها أتحرم عليه امرأته؟ فقال: لا، إنه لا يحرم الحلال الحرام " (* 2)، ومصحح زرارة عن أبي جعفر (ع): (أنه قال في رجل زنى بأم امرأته أو ببنتها أو باختها فقال (ع): لا يحرم ذلك عليه امرأته. ثم قال: ما حرم حرام حلالا قط " (* 3). ونحوها غيرها. (2) وهو المشهور شهرة عظيمة. وعن أبي على: أنه قال إن عقد الاب أو الابن على امرأة فزنى بها الاخر حرمت على العاقد ما لم يطأها. لعموم: (ما نكح آباؤكم) (* 4) مع عدم القول بالفرق، ولموثق عمار عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل تكون عند الجارية فيقع عليها ابن ابنه قبل أن يطأها الجد، أو الرجل يزني بالمرأة هل يجوز لابنه أن يتزوجها؟ قال (ع): لا، إنما ذلك إذا تزوجها فوطأها ثم زنى بها ابنه لم يضره، لان الحرام لا يفسد الحلال. وكذلك الجارية " (* 5). ونحوه خبر أبي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3. (* 4) النساء: 22. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3.

 

===============

 

( 210 )

 

[ فلو تزوج امرأة ثم زنا بأمها أو بنتها لم تحرم عليه امرأته. وكذا لو زنا الاب بامرأة الابن لم تحرم على الابن. وكذا لو زنا الابن بامرأة الاب لا تحرم على أبيه. وكذا الحال في اللواط الطارئ على التزويج (1). فلو تزوج امرأة ولاط بأخيها أو أبيها أو ابنها لم تحرم عليه امرأته إلا أن الاحتياط فيه لا يترك وأما إذا كان الزنا سابقا على التزويج فان كان بالعمة أو الخالة ] الصباح الكناني عن أبى عبد الله (ع): " قال: إذا فجر الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها أبدا، وإن كان قد تزوج ابنتها قبل ذلك ولم يدخل بها فقد بطل تزويجه، وان هو تزوج ابنتها ودخل بها ثم فجر بأمها بعد ما دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بامها نكاح ابنتها إذا هو دخل بها، وهو قوله: لا يفسد الحرام الحلال إذا كان هكذا " (* 1). ونسب هذا القول إلى ظاهر الاستبصار. ومال إليه في الحدائق، وحكى ذلك عن بعض مشايخه المحققين من متأخري المتأخرين، اعتمادا على الخبرين، لانهما من المقيد الواجب حمل المطلق عليه. ونوقش في الاول: بانه استدلال بالمفهوم، وهو ضعيف. وفي الثاني: بضعف السند. لكن مفهوم الحصر حجة. والثاني من الموثق، وهو أيضا حجة. فالعمدة في وهن الخبرين إعراض المشهور عنهما. بل في الرياض بعد الاستدلال للقول المذكور بخبر الكناني قال: " وهو ضعيف " لشذوذه، وقد ادعى جماعة من الاصحاب الاجماع على خلافه ". فإذا لا مجال للاعتماد عليهما في تقييد إطلاق نصوص الحل. (1) كما تقدم الكلام فيه في المسألة الاحدى والعشرين من الفصل السابق، كما تقدم فيها وجه الاحتياط الاتي. والظاهر انه لا فرق في المقام بين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 8.

 

===============

 

( 211 )

 

[ يوجب حرمة بنتيهما (1)، وإن كان بغيرهما ] الدخول وعدمه عندهم. وخلاف أبي علي كدليله يختص بغيره. (1) على المشهور شهرة عظمية، بل في محكي الانتصار: الاجماع عليه. وفي التذكرة: نسبته إلى علمائنا. ويشهد له في الخالة مصحح محمد بن مسلم قال: " سأل رجل أبا عبد الله (ع) وأنا جالس عن رجل نال من خالته في شبابه ثم ارتدع يتزوج ابنتها؟ قال (ع): لا. قلت: إنه لم يكن أفضى إليها إنما كان شئ دون شئ. فقال: لا يصدق ولا كرامة " (* 1)، وموثق أبي أيوب عن أبى عبد الله (ع) قال: " سأله محمد بن مسلم وأنا جالس عن رجل نال من خالته وهو شاب ثم ارتدع أيتزوج ابنتها؟ قال: لا. قال: إنه لم يكن أفضى إليها إنما كان شئ دون ذلك، قال (ع): كذب " (* 2). وبضميمة عدم القول بالفصل يتعدى من الخالة إلى العمة، أو لرواية السرائر قال: " وقد روي أن من فجر بعمته أو خالته لم تحل له ابنتاهما " (* 3). ثم قال: " فان كان على المسألة إجماع فهو الدليل عليها ". ثم ناقش في ثبوت الاجماع. وظاهره التوقف في الحكم المذكور. ولاجله يشكل الاستدلال بروايته فضلا عن كونها مرسلة. كما يشكل التمسك بالاجماع، لما في المختلف من قوله: " ولا بأس بالتوقف في هذه المسألة، فان عموم قوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) (* 4) يقتضي الاباحة ". وظاهره أيضا عدم الاعتداد برواية الخالة. ولعله لما في المسالك من أنها ضعيفة السند ردية المتن، فان السائل لم يصرح بوقوع الوطء أولا، وصرح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 10 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 10 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 4) النساء: 24.

 

===============

 

( 212 )

 

[ ففيه خلاف (1)، والاحوط التحريم، بل لعله لا يخلو عن قوة. ] بعدمه ثانيا، وكذبه الامام (ع) في ذلك، وهذا غير لائق بمقامه، وهو قرينة الفساد. إنتهى. لكن السند مصحح في رواية الكافي وموثق في رواية التهذيب، وكلاهما حجة. وتكذيب الامام (ع) لا بد أن يكون لوجه يعمله. ونحوه صحيح يزيد الكناسي قال: " إن رجلا من أصحابنا تزوج امرأة قد زعم أنه كان يلاعب أمها ويقبلها من غير أن يكون أفضى إليها. قال: فسألت أبا عبد الله (ع)، فقال لي: كذب، مره فليفارقها. قال: فأخبرت الرجل، فوالله ما دفع ذلك عن نفسه، وخلى سبيلها " (* 1). مع أنه لا يقدح في حجية الدلالة. ومثله الاشكال بأن الظاهر أن الروايتين حاكيتان عن واقعة واحدة، وفي رواية محمد أن السائل رجل وهو جالس، وفي رواية أبي أيوب أن السائل محمد وهو جالس، فهذا الاختلاف يوجب نوعا من الوهن. وبالجملة: لا مجال للمناقشة في الرواية بعد اعتماد الاصحاب عليها. والموهنات المذكرة لا تخرجها عن موضوع الحجية. بل الانصاف أن تسالم الاصحاب على الحكم المذكور وعدم حكاية الخلاف فيه من احد، بل ولا التوقف فيه الا من الحلي والعلامة يوجب الاطمئنان بثبوته، وأن منشأه التسالم عند أصحاب الائمة (ع) عليه. ومن العجيب - كما قيل - توقف المختلف في الحكم المذكور مع بنائه على الحرمة في غير العمة والخالة، فان أدلة التحريم في غيرهما دالة عليه فيهما أيضا. إلا أن يكون مراده الحل من الحيثية المذكورة. (1) فالمحكي عن الاكثر، أو الاشهر، أو المشهور: الحرمة. ويقتضيه جملة من النصوص، كصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " أنه سئل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5.

 

===============

 

( 213 )

 

عن الرجل يفجر بالمرأة أيتزوج بابنتها؟ قال (ع): لا، ولكن إن كانت عنده امرأة ثم فجر بأمها أو اختها لم تحرم عليه امرأته، إن الحرام لا يفسد الحلال " (* 1)، وصحيح العيص بن القاسم قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل باشر امرأة وقبل غير أنه لم يفض إليها، ثم تزوج ابنتها. فقال: إن لم يكن أفضى إلى الام فلا بأس، وإن كان أفضى إليها فلا يتزوج ابنتها " (* 2) وصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع): " في رجل كان بينه وبين امرأة فجور، هل يتزوج ابنتها؟ فقال: إن كان من قبلة أو شبهها فليتزوج ابنتها، وليتزوجها هي إن شاء ". لكن رواها في الكافي بسند فيه إرسال هكذا: " فليتزوج ابنتها إن شاء، وإن كان جماعا فلا يتزوج ابنتها وليتزوجها " (* 3) فتكون دلالتها بالمفهوم المصرح به. وروى الشيخ عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن رجل فجر بامرأة أيتزوج ابنتها؟ قال (ع): إن كان قبلة أو شبهها فلا بأس، وإن كان زنا فلا " (* 4) ونحوها غيرها. والمنسوب إلى الفقيه، والمقنع، والمقنعة، والمسائل الناصرية، والمراسم، والسرائر، والارشاد، وكشف الرموز: الجواز. وفى النافع: انه الوجه. وفي الرياض: نسبته إلى المشهور عند القدماء. وعن المسائل الناصرية: الاجماع عليه. للنصوص الكثيرة، منها صحيح سعيد بن يسار قال " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل فجر بامرأة، يتزوج ابنتها؟ قال (ع): نعم يا سعيد، إن الحرام لا يفسد الحلال " (* 5) وصحيح هشام بن المثنى عن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 8. (* 5) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6.

 

===============

 

( 214 )

 

أبى عبد الله (ع): " انه سئل عن الرجل يأتي المرأة حراما أيتزوجها؟ قال (ع): نعم، وأمها وبنتها " (* 1). وصحيحته الاخرى قال: " كنت عند أبى عبد الله فقال له رجل: رجل فجر بامرأة أتحل له ابنتها؟ قال (ع): نعم، إن الحرام لا يفسد الحلال " (* 2). وفي بعض النسخ رواية المتن الاول عن هاشم بن المثنى والظاهر منهما واحد. وموثق حنان بن سدير قال: " كنت عند أبي عبد الله (ع) إذ سأله سعيد عن رجل تزوج امرأة سفاحا، هل تحل له ابنتها؟ قال (ع): نعم، إن الحرام لا يحرم الحلال " (* 3). وصحيح صفوان قال: " سأله المرزبان عن رجل يفجر بالمرأة وهي جارية قوم آخرين ثم اشترى ابنتها، أتحل له ذلك؟ قال (ع): لا يحرم الحرام الحلال. ورجل فجر بامرأة حراما ايتزوج بابنتها؟ قال (ع): لا يحرم الحرام الحلال " (* 4). والمرسل عن زرارة قال: " قلت لابي جعفر (ع): رجل فجر بامرأة هل يجوز له ان يتزوج يا بنتها؟ قال (ع): ما حرم حرام حلالا قط " (* 5). وهذه النصوص - كما ترى - مشتملة على الصحيح وغيره، كالطائفة السابقة. وفي الجواهر: " ان الجميع - كما ترى - قاصر عن معارضة ما عرفت (يعني: الطائفة الاولى) سندا، وعددا، وعاملا، ودلالة، لاحتمال الجميع الفجور بغير الجماع، أو به ولكن بعد التزويج، أو التقية، وهو أحسن المحامل ". ولا يخفى أن كلا من الطائفتين مشتمل على الصحيح وغيره. وتفاوت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 12. (* 5) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 9.

 

===============

 

( 215 )

 

العدد في الجملة ما لم يبلغ حد صدق الاشهر كتفاوت عدد العامل لا أثر له في الترجيح. واحتمال حمل الاخير على الفجور بغير الجماع - مع أنه بعيد في نفسه - لا يتأتى في صحيحة هشام وموثق حنان. كما أن حملها على ما بعد التزويج أيضا بعيد. والحمل على التقية إنما يكون مع تعذر الجمع العرفي، وهو ممكن بحمل الطائفة الاولى على الكراهة، بل هو أقرب الوجوه. مع أنه لا قرينة على الحمل على التقية، ولا سيما بملاحظة أن القول بالحرمة مشهور عند المخالفين، فقد نسبه في التذكرة إلى عمران بن الحصين، وعطا، وطاووس، ومجاهد والنخعي، والثوري، وأحمد، واسحاق وأصحاب الرأي. ومن ذلك تشكل دعوى أن الظاهر من النبوي: " الحرام لا يفسد الحلال، أو لا يحرم الحلال ": الحلال الفعلي، وهو إنما يكون مع سبق التزويج على الزنا، أما مع سبق الزنا فالحل تقديري، والحمل على التقديري خلاف الظاهر، فارادوا (ع) تنبيه المخالفين على غلطهم في الحمل على التقديري. فانها غير واضحة المأخذ، كيف؟! وصريح الطائفة الثانية الحل التقديري، كما هو ظاهر الاية الشريفة: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) (* 1) فمن الجائز أن يكون الغلط في الحمل على الحلال الفعلي، لان النبوي جار مجرى الاية الشريفة، والحل فيها تقديري، فتكون قرينة على إرادة الحل التقديري من النبوي أيضا، ويكون التخصيص بالفعلي لاجل التقية. وبالجملة: النصوص الواردة في هذه الابواب على أربع طوائف. إحداها: ما لم يتعرض لبيان المراد من الحديث من حيث الاختصاص بالحلال الفعلي أو الاعم منه ومن التقديري، كمصحح الحلبي، ومصحح زرارة المتقدمين ونحوهما، فان موردها وإن كان الحلال الفعلي لكن المورد لا يخصص الوارد. والطوائف الثلاث الباقية متعرضة لذلك. الاولى:

 

 

____________

(* 1) النساء: 24.

 

===============

 

( 216 )

 

ما يدل على أن المراد بالحلال الحلال الفعلي بشرط الوطء، كموثق عمار، وخبر الكناني المتقدمين في صدر المسألة. الثانية: ما يدل على أن المراد الحلال الفعلي بعقد أو ملك. كصحيح محمد بن مسلم المتقدم. الثالثة: ما يدل على أن المراد الحلال ولو تقديريا، كصحيح سعيد بن يسار، وصحيح صفوان، وصحيحة هشام بن المثنى، وموثق حنان بن سدير، والمرسل عن زرارة. ونحوها، وخبر محمد بن منصور الكوفي قال: " سألت الرضا (ع) عن الغلام يعبث بجارية لا يملكها ولم يدرك أيحل لابيه أن يشتريها أو يمسها؟ فقال: لا يحرم الحرام الحلال " (* 1). وقد عرفت أن الطائفة الاولى منها مهجورة، فيبقى التعارض بين الطائفتين الاخيرتين. ولا ينبغي التأمل في ترجيح الثانية، لكثرة العدد، وانفراد الثالثة بالصحيح المذكور. وأما الحمل على التقية: فقد عرفت أنه لا مأخذ له في كلتا الطائفتين، وليس في النصوص ما فيه دلالة أو إشعار بأن مذهب المخالفين في المسألة هو التحريم، أو أن المراد بالحديث الشريف هو العموم أو الخصوص. نعم استدل في التذكرة على الحل بعد أن نسبه إلى جماعة من المخالفين ومنهم مالك، والشافعي، بما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله: " أنه سئل عن رجل يزني بامرأة ثم يريد أن يتزوج ابنتها. فقال: لا يحرم الحرام الحلال " (* 2)، ثم استدل للشيخ بعد أن نسب إليه القول بالحل بأمور، منها قوله: " لا يحرم الحرام الحلال "، فحمل الحلال في الحديث على الحلال ولو تقديرا لا يختص بالمخالفين، ولا هو مذهب جميعهم، ولا المشهور بينهم. وأما صحيح مرازم قال " سمعت أبا عبد الله (ع) وقد سئل عن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5. (* 2) يوجد قريب منه في كنز العمال الجزء: 8 حديث: 4064، سنن البيهقى الجزء: 7 باب الزنا لا يحرم الحلال.

 

===============

 

( 217 )

 

امرأة أمرت ابنها أن يقع على جارية لابيه فوقع، فقال (ع): أثمت، وأثم ابنها. وقد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة فقلت له: أمسكها فان الحلال لا يفسده الحرام " (* 1). فلا إشعار له بكون الحل مذهب المخالفين بوجه. والمتحصل: أن نصوص التحريم صالحة للحمل على الكراهة، عدا مصحح يزيد الكناسي المتقدم، وصحيح محمد بن مسلم. والتعارض بينهما وبين نصوص التحليل يقتضي الاخذ بالثانية، لانها أرجح بكثرة العدد. وكأن ما في الشرائع من حكمه بأن نصوص التحريم أوضح طريقا مبني على ملاحظة جميع نصوص التحريم حتى ما أمكن الجمع العرفي بينها وبين نصوص التحليل. وإلا فالذي لا يقبل الجمع العرفي منها منحصر بالروايتين المذكورتين، بل مصحح يزيد يمكن حمل الفراق فيه على الفراق بالطلاق، فتنحصر المعارضة بصحيح محمد. ولو سلم التساوي من حيث السند والعدد فنصوص التحليل موافقة للكتاب، ومعتضدة بعموم قوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم)، فالاخذ بها متعين. ثم إنه لو قلنا بالتحريم فكما تحرم بنت المزني بها وأمها على الزاني تحرم المزني بها على أبي الزاني وابنه. لان الزنا على هذا القول بمنزلة الدخول بالعقد الصحيح، فلا فرق عند القائلين بالنشر بين المسألتين، فلاحظ كلماتهم. ونصوص التحريم أيضا متعرضة لذلك، ففي صحيح ابى بصير: " سألته عن الرجل يفجر بالمرأة، أتحل لابنه؟ أو يفجر بها الابن، أتحل لابيه؟ قال: إن كان الاب أو الابن مسها لم تحل " (* 2). وخبر ابن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال: " سألته عن رجل زنى بامرأة، هل تحل لابنه أن يتزوجها؟ قال (ع): لا " (* 3). ونحوهما غيرهما.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 9 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2.

 

===============

 

( 218 )

 

[ وكذا الكلام في الوطء بالشبهة، فانه إن كان طارئا لا يوجب الحرمة (1)، وإن كان سابقا على التزويج أوجبها (2). ] (1) كما عن الاكثر، للاصل. (2) كما هو المشهور شهرة عظمية. وخالف في ذلك ابن ادريس قال: " فاما عقد الشبهة ووطء الشبهة فعندنا لا ينشر الحرمة، ولا يثبت به تحريم المصاهرة بحال ". وقال في الشرائع: " وأما الوطء بالشبهة فالذي خرجه الشيخ أنه بمنزلة النكاح الصحيح. وفيه تردد، أظهره أنه لا ينشر الحرمة ". ونحوه في النافع. وفي القواعد: " وهل يلحق الوطء بالشبهة والزنا بالصحيح؟ خلاف ". وفي جامع المقاصد " ان الزنا يحرم، كما سيأتي إن شاء الله، فالوطء بالشبهة أولى. لانه وطء محترم شرعا، فيكون الحاقه بالوطء الصحيح في ثبوت حرمة المصاهرة اولى من الزنا. ولان معظم أحكام الوطء الصحيح لاحقة به، فان أعظم الاحكام النسب، وهو في الشبهة كالصحيح. وكذا وجود المهر. وتخلف المحرمية لا يضر، فانها متعلقة بكمال حرمة الوطء... ". وسبقه إلى بعض ذلك في التذكرة، وتبعه على ذلك في المسالك وغيرها. لكن الخروج عن عموم الحل بذلك كما ترى. ومثله الاستدلال بقوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) (* 1)، إذ لم يثبت إرادة الوطء من النكاح. ولاجل ذلك لم يعتمد في الجواهر إلا على الاجماع الذي ادعاه في التذكرة. وحكى فيها عن ابن المنذر دعوى الاجماع عليه من كل من يحفظ من علماء الامصار، وعد منهم أصحاب النص، وهم الامامية. وسبقه إلى ذلك في الرياض. وهو كما ترى أيضا، فان خلاف مثل الحلي، والمحقق، وتوقف العلامة في القواعد مانع من صحة الاعتماد على الاجماع. وكان الاول الاستدلال له بحديث: " لا يحرم

 

 

____________

(* 1) النساء: 22.

 

===============

 

( 219 )

 

[ (مسألة 29): إذا زنى بمملوكة أبيه، فان كان قبل أن يطأها الاب حرمت على الاب (1)، ] الحرام الحلال " بناء على أن المراد من الحلال الاعم من التقديري، فان تعليل انتفاء المصاهرة بالوطء من جهة الحرمة يقتضي ثبوت المصاهرة مع انتفاء الحرمة، كما في الشبهة. لكن مقتضى ذلك ثبوت المصاهرة حتى إذا كان الوطء لاحقا، ولا يظن الالتزام به. مع أنه موقوف على إرادة الزنا من الحرام، مع أن الظاهر منه الحرام الواقعي ولو مع العذر، فيشمل الشبهة. ثم إن الادلة المذكورة مختلفة المفاد، فان الاجماع يقتضي الاقتصار في التحريم على الوطء السابق على العقد، لانه القدر المتيقن منه. ومثله الاولوية من الزنا بناء على التحريم به، فانه مختص بالزنا السابق. وأما الاستقراء، وعموم: (لا تنكحوا ما نكح آباؤكم): فمقتضاهما العموم للسابق واللاحق، فان الوطء الصحيح إذا فرض لاحقا لابد أن يبطل السابق، وكذا إطلاق الاية. فلاحظ. (1) قال في القواعد: " ولو وطأ أحدهما مملوكة الاخر (يعني: قبل وطء المالك، كما يظهر مما بعده) بزنا أو شبهة ففي التحريم نظر ". وحكى في كشف اللثام: التحريم عن الشيخ وابنى الجنيد والبراج. واستدل له بعموم: (ما نكح آباؤكم) مع عدم القول بالفصل - يعني: بين منكوحة الاب ومنكوحة الابن -، وكون النكاح في اللغة بمعنى الوطء. ولخبر عمار المتقدم في صدر المسألة. وهو وإن ضعف، لكن يؤيده أخبار تحريم زوجة أحدهما عليه بزنا الاخر قبل العقد. إنتهى. وفي جامع المقاصد جعل التحريم هو الاصح، لما ذكر. لكن انطباق العموم على ما نحن فيه غير ظاهر، لعدم ثبوت ارادة

 

===============

 

( 220 )

 

الوطء من النكاح. وموثق عمار قد عرفت إشكاله وعدم العامل به الا ابن الجنيد. اللهم إلا أن يكون حجة على الحرمة في الجارية غير الموطوءة للمالك وإن لم يكن حجة عليها في الزوجة غير الموطوءة، ولا مانع من التفكيك بين المفادين في الحجية. مضافا إلى صحيح عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: " سئل أبو عبد الله (ع) وأنا عنده عن رجل اشترى جارية ولم يمسها " فأمرت امرأته ابنه وهو ابن عشر سنين أن يقع عليها فوقع عليها، فما ترى فيه؟ فقال: أثم الغلام، وأثمت امه، ولا أرى للاب إذا قربها الابن أن يقع عليها " (* 1). نعم يعارضه صحيح مرازم المتقدم في أواخر المسألة السابقة. لكنه مطلق من حيث الوطء، وعدمه فيقيد إطلاقه بالصحيح المذكور. وكذلك خبر زرارة قال: " قال أبو جعفر (ع): إذا زنى رجل بامرأة أبيه أو بجارية أبيه فان ذلك لا يحرمها على زوجها، ولا يحرم الجارية على سيدها، إنما يحرم ذلك منه إذا أتى الجارية وهي له حلال، فلا تحل تلك الجارية لابنه ولا لابيه " (* 2). اللهم إلا أن يقال: إن ظاهر الموثق أن التحريم في الزنا السابق وكذا اللاحق إذا لم يكن دخول ناشئ من كون المراد من " أن الحرام لا يفسد الحلال " (* 3) خصوص الحلال بعد الوطء، فالتحريم في الزوجة والجارية فرع على التفسير المذكور، فإذا بطل الاصل بطل الفرع، والتفكيك غير ممكن عرفا. واما صحيح الكاهلي فالظاهر أو المحتمل من قوله (ع): " ولا أرى للاب إذا قربها الابن أن يقع عليها " أنه إشارة عليه بذلك ونصحية له، وإن كان لاجل الكراهة، فلا يدل على الحرمة، ولا يصلح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6.

 

===============

 

( 221 )

 

[ وإن كان بعد وطئه لها لم تحرم (1). وكذا الكلام إذا زنى الاب بمملوكة ابنه (2). (مسألة 30): لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل أو الدبر (3). ] لتقييد إطلاق ما دل على الحل. فالبناء على الحل أنسب بقواعد العمل بالادلة. فتأمل. (1) في القواعد: أنه الاصح. ونسبه في جامع المقاصد وكشف اللثام إلى الاكثر، لعموم: " الحرام لا يحرم الحلال " (* 1). ويقتضيه موثق عمار، وصحيح مرازم (* 2)، وخبر زرارة، وقيل بالتحريم، لعموم قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم). وهو ضعيف لعدم ثبوت كون النكاح هو الوطء أولا، ولتخصيصه بما عرفت ثانيا. هذا ويظهر من الجواهر أنه لا قائل بالتحريم وأن الاجماع بقسميه على عدمه. لكن عرفت ما في جامع المقاصد وكشف اللثام من حكاية قولين في المسألة، وأن الاكثر على عدم التحريم. (2) فان المسألتين عند الاصحاب من باب واحد وحكم واحد، وإن خلت النصوص عن التعرض للثانية مع تعرضها للاولى. (3) قال في التذكرة: " تنبيه: لا فرق في الزنا بين الوطء في القبل والدبر، لعموم الاية قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) و (وربائبكم) و (وأمهات نسائكم) (* 3). ولانه يتعلق به التحريم فيما إذا وجد في الزوجة والامة، فكذلك في الزنا ". والاشكال عليه ظاهر. والعمدة صدق الزنا في المقامين. مع أن الحكم مما لا إشكال فيه على الظاهر.

 

 

____________

(* 1) راجع المسألة: 28 من هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3، 4. (* 3) النساء: 22، 23.

 

===============

 

( 222 )

 

[ (مسألة 31): إذا شك في تحقق الزنا وعدمه بنى على العدم (1). وإذا شك في كونه سابقا أو لا بنى على كونه لاحقا (2) ] (1) للاصل. (2) ظاهر العبارة: العمل بأصالة تأخر الحادث التي اشتهر ذكرها في كلماتهم. وقد تحقق أنها لا أصل لها ولا حجة عليها. هذا والذي ينبغي أن يقال: إن الصور المفروضة في المقام ثلاث: تارة: يعلم تاريخ العقد ويشك في تاريخ الزنا. وأخرى: عكس تلك. وثالثة: يجهل تاريخ الامرين، أما إذا علم تاريخ العقد وشك في تاريخ الزنا فأصالة عدم الزنا إلى حين العقد يقتضي الحل. وأما إذا شك في تاريخ العقد وعلم تاريخ الزنا فاصالة عدم العقد إلى حين الزنا تثبت كون الزنا محرما، لان من زنى بامرأة لم يعقد عليها أبوه أو ابنه حرمت عليهما، وهذا المعنى يثبت بعضه بالوجدان وبعضه بالاصل، فيترتب التحريم عليه. وبالجملة: المستفاد من الادلة أن من عقد على امرأة لم يزن بها أبوه أو ابنه فهي له حلال، ومن زنى بامرأة لم يعقد عليها أبوه أو ابنه فهي عليهما حرام، والاول يثبت بعضه بالوجدان وبعضه بالاصل إذا علم تاريخ العقد وشك في تاريخ الزنا. والثاني أيضا يثبت بعضه بالاصل وبعضه بالوجدان إذا علم تاريخ الزنا وجهل تاريخ العقد. وأما إذا جهل التاريخان معا فاصالة عدم احدهما إلى زمان الاخر إما غير جارية ذاتا، أو ساقطة للمعارضة، فلا يمكن إثبات موضوع التحريم الابدي ولا نفيه، وحينئذ تكون الشبهة موضوعية، ولاجل أنه لا يجوز الرجوع إلى عمومات الحل فيها يتعين الرجوع إلى أصالة عدم ترتب الاثر على العقد، فيحكم ببطلانه. إلا أن يقال: المرجع أصالة الصحة في العقد، فيبنى على ترتب أثره وتحقق الزوجية. هذا في الزوجه. وأما الامة: فالكلام فيها بعينه ما ذكر أولا في

 

===============

 

( 223 )

 

[ (مسألة 32): إذا علم أنه زنى باحدى الامرأتين ولم يدر أيتهما هي؟ وجب عليه الاحتياط إذا كان لكل منهما أم أو بنت (1). وأما إذا لم يكن لاحداهما أم ولا بنت، فالظاهر جواز نكاح الام أو البنت من الاخرى (2). (مسألة 33): لا فرق في الزنا بين كونه إختياريا أو إجباريا أو اضطراريا (3) ] الزوجة، فان المستفاد من الادلة أيضا أن من زنى بمملوكة أبيه أو ابنه قبل أن يطأها المالك حرمت على المالك، ومن زنى بها بعد أن وطأها المالك لم تحرم. فإذا علم بهما وشك في المتقدم منهما، فان علم تاريخ الزنا وشك في تحقق الوطء من المالك قبله فاصالة عدم الوطء إلى حين الزنا يثبت كونه محرما. وإذا علم تاريخ الوطء وشك في تاريخ الزنا فأصالة عدم الزنا إلى حين الوطء يثبت كونها حلالا. وإذا جهل التاريخان لم يجر الاصلان معا. ولا مجال للرجوع إلى عمومات الحل، لكون الشبهة موضوعية ولا مجال للرجوع إلى أصالة الصحة، لان الوطء لا يتصف بالصحة والفساد، بل يتعين الرجوع إلى استصحاب الحل الثابت قبل الزنا. ولولاه تعين الرجوع إلى أصالة البراءة، إلا بناء على ما اشتهر من لزوم الاحتياط في الفروج. (1) لان العلم الاجمالي بالحرمة يوجب تنجز الحرمة، فيجب الاحتياط عقلا في جميع الاطراف والمحتملات. (2) لانه مع خروج بعض الاطراف عن محل الابتلاء يكون الباقي بحكم الشبهة البدوية التي عرفت أن الحكم فيها الحل، لاصالة عدم الزنا من غير مانع ولا معارض. (3) قد اختلفت كلمات الجماعة في تمييز الشبهة من الزنا، فالذي

 

===============

 

( 224 )

 

ذكره في المسالك في المقام أن المراد بوطء الشبهة ما ليس بمستحق منه مع عدم العلم بتحريمه، كالوطء في نكاح فاسد، أو شراء فاسد، لم يعلم فسادهما، أو لامرأة ظنها زوجته أو أمته، أو أمة مشتركة بينه وبين غيره، فظن إباحتها له بذلك. إنتهى. وفي الجواهر عن مصابيح العلامة الطباطبائي: أنه الوطء الذي ليس يستحق في نفس الامر مع اعتقاد فاعله الاستحقاق، أو صدوره عنه بجهالة مغتفرة في الشرع. أو مع ارتفاع التكليف بسبب غير محرم. إنتهى. ومقتضى التعريفين المذكروين للشبهة: أن الزنا الاجباري، والاكراهي، وفى حال الصبا، وفي حال النوم، وزنا الجنون، كله من الشبهة، لصدق عدم العلم بتحريمه في التعريف الاول، وصدق ارتفاع التكليف بسبب غير محرم في التعريف الثاني، في الجميع. وفي الجواهر بعد ذكر التعريف الثاني وما يتعلق به - قال: " فالمتحصل من ذلك أن وطء الشبهة ثلاثة أقسام... إلى أن قال: الثالث: الوطء غير المستحق ولكن صدر ممن هو غير مكلف كالنائم والمجنون والسكران بسبب محلل ونحوهم "، ثم تعرض بعد ذلك للاشكال على التعريف المذكور من وجوه، ولم يتعرض للاشكال في كون القسم الثالث من أقسام وطء الشبهة. ثم حكى عن بعض عن الاكثر تعريفه بأنه الوطء الذي ليس بمستحق مع ظن الاستحقاق، وأشكل عليه بوجوه: منها: أنه يخرج منه وطء غير المكلف كالمجنون والنائم وغيرهما. وظاهره المفروغية عن كون وطء غير الملكف من الشبهة، لا من الزنا. وفى المسالك في كتاب الحدود في شرح قول ماتنه: " أما الموجب (يعني: موجب حد الزنا) فهو ايلاج الانسان ذكره في فرج امرأة محرمة، من غير عقد ولا ملك ولا شبهة " قال: " هذا تعريف لمطلق الزنا الموجب للحد في الجملة. ويدخل في الانسان الصغير والكبير والعاقل والمجنون،

 

===============

 

( 225 )

 

فلو زاد فيه المكلف لكان أجود. ويمكن تكلف إخراجهما بقوله: " في فرج امرأة محرمة عليه "، فانه لا تحريم في حقهما. وكذا يدخل فيه المختار والمكرة، ويجب إخراج المكره، إلا أن يخرج بما يخرج به الاولان ". وظاهر، أيضا كون وطء غير المكلف خارج عن الزنا وداخل في الشبهة. لكن في الجواهر أشكل عليه بانهما على التقدير المزبور (يعني: تقدير عدم التحريم في حقهما) تكون من الشرائط في الحد، لا في حقيقة الزنا. وظاهره أن وطء غير المكلف داخل في الزنا، وإن لم يجب عليه الحد. وفي الرياض بعد قول ماتنه في الكلام على حد الزنا: " أما الموجب فهو إيلاج الانسان فرجه في فرج امرأة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة " قال: " وإطلاق العبارة وإن شمل غير المكلف، إلا أنه خارج بما زدناه من قيد التحريم. مع احتمال أن يقال: التكليف من شرائط ثبوت الحد بالزنا، لا أنه جزء من مفهومه، فلا يحتاج إلى ازدياد التحرم من هذا الوجه ". وظاهره الميل إلى ما سبق عن الجماعة من كون وطء غير المكلف من الشبهة، وان احتمل أخيرا أنه من الزنا، وأشكل عليه في الجواهر: بأن ذلك لا يوجب الزيادة المزبورة، ضرورة تحقق الايلاج بامرأة بلا عقد ولا ملك ولا شبهة وإن لم يكن في ذلك حرمة عليه، لعدم التكليف الذي فرض عدم مدخليته في تحقق معنى الزنا الذي هو على التقدير المزبور وطء الاجنبية التي هي غير الزوجة والمملوكة عينا أو منفعة. ومقتضاه أن وطء الشبهه زنا لغة وعرفا لكنه لا يوجب الحد، وهو مناف لمقابلته به في النكاح، المقتضية لكونه وطء الاجنبية على أنها أجنبية. ثم قال: " ولعل ذكر الاصحاب بعض القيود في التعريف من حيث ثبوت الحد به وعدمه ولو للشرائط الشرعية لذلك، لا لكشف مفهومه، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لما غر بعده اقراره بالزنا أربعا، أتعرف الزنا؟ فقال:

 

===============

 

( 226 )

 

هو ان يأتي الرجل حراما كما يأتي أهله حلالا " (1). انتهى ما في الجواهر. وظاهره الميل إلى عموم الزنا لوطء غير المكلف. وفي التذكرة قال: " أما إذا اختصت الشبهة بأحدهما والاخر زانيا بأن يأتي الرجل فراش غير زوجته غلطا، فيطؤها وهي عالمة، أو أتت المراة غير زوجها غالطة وهو عالم، أو كانت هي جاهلة أو نائمة أو مكرهة وهو عالم، أو مكنت البالغة العاقلة مجنونا أو مراهقا فكذلك ". وظاهره كون وطء النائم والمكره من وطء الشبهة... إلى غير ذلك من كلمات الجماعة الظاهرة في اختلافهم في دخول وطء من ارتفع عنه التكليف لصبا ونوم ونحوهما في الزنا، أو في وطء الشبهة. وكلمات الجواهر في المقام وفي كتاب الحدود لا تخلو من مدافعة. والذي يظهر بعد النظر والتأمل هو دخوله في الزنا بالمعنى اللغوي والعرفي، بل دخول وطء الشبهة فيه، وليس الزنا إلا مطلق الوطء غير المستحق وإن كان شبهة. وأما في عرف الشارع والمتشرعة: فالزنا يقابل وطء الشبهة: والمراد بوطء الشبهة: الوطء غير المستحق لشبهة، بحيث تكون الشبهة من علل وجوده، فإذا كان الوطء غير مستحق وكانت الشبهة دخيلة في وجوده فهو وطء شبهة، وليس من الزنا، وإن لم تكن دخيلة فيه فهو زنا. وهذا هو وجه المقابلة بين الشبهة والزنا، ولا تقتضي المقابلة بينهما أن يكون معناه وطء الاجنبية على أنها أجنبية، كما تقدم عن الجواهر. ولعل قول ماغر: " أتيت منها حراما.. " بيان الزنا الذي يجب فيه الحد، لا الزنا في مقابل الشبهة. على انه غير ثابت. وعليه فالاحكام الثابتة للزنا في مقابل الشبهة تثبت في فروض المسألة كلها، إلا أن تقوم القرينة على الاختصاص بنوع دون نوع وبحال دون حال.

 

 

____________

(* 1) سنن البيهقي الجزء: 8 صفحة 227.

 

===============

 

( 227 )

 

ومن ذلك يظهر أن الاحكام الاربعة المشهورة الثابتة للزنا في الجملة - وهي نفي العدة، ونفي المهر، ونفي النسب، وثبوت الحد - لا بد من ملاحظة أدلتها ليتضح أنها ثابتة له مطلقا أو مقيدا. والظاهر من أدلة الحد اختصاصه بالمعصية، لانه المجازاة عليها لقطع دابر الفساد، فلا يشمل صورة ارتفاع التكليف. مضافا إلى ما ورد من أنه لا حد على مجنون حتى يفيق، ولا على صبي حتى يدرك، ولا على النائم حتى يستيقظ (1) ونحوه غيره مما ورد في الصبي، والمستكره (2) وغيرهما. ولعل أدلة نفي النسب عن الزاني أيضا مختصة بذلك، لان العمدة فيه قول النبي صلى الله عليه وآله: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " (3). وعموم العاهر لمطلق الزاني غير ظاهر. ولا يبعد أيضا ذلك في مثل: " لا مهر لبغي "، فان البغاء غير ظاهر العموم لمطلق الزنا. وأما نفي العدة فهو محل كلام وخلاف، وقد أفتى بعض بوجوب العدة على الزانية وعدم جواز تزويجها قبل انتهاء العدة. وبالجملة لا بد من ملاحظة أدلة الاحكام من حيث العموم والخصوص. والكلام في ذلك موكول إلى مقام آخر. نعم لا ينبغي التأمل في أن نشر الحرمة بالزنا لا قصور في إطلاق أدلته، فيجب الاخذ بها في فرض المسألة. ثم إن الذي يظهر من تعريف الشبهة المنسوب إلى الاكثر الاكتفاء بمطلق الظن وإن لم يكن حجة، بل هو ظاهر المحكي من كلام جماعة من الفقهاء، كالشيخ في النهاية، والمحقق في الشرائع، والنافع، والعلامة في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب مقدمات الحدود حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب حد الزنا. (* 3) مستدرك الوسائل باب: 73 من ابواب احكام الاولاد حديث: 1، الوسائل باب: 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث: 1، 4.

 

===============

 

( 228 )

 

القواعد، وغيرهم. فقد اشتملت عباراتهم في تمثيل الشبهة على ذكر الظن وإخبار مخبر. ونحو ذلك ما تقدم عن المسالك في تعريف الشبهة والتمثيل لها. وظاهر ذلك الاكتفاء بمطلق الظن وإن لم يكن حجة في نظر الواطئ. ويحتمل اعتبار كونه حجة شرعا، فإذا لم يكن حجة شرعا كان الوطء زنا. وهو ظاهر محكي مصابيح العلامة الطباطبائي، معللا بأن الفروج لا تستباح إلا بسبب شرعي، فإذا لم يتحقق فيه السبب المبيح فهو وطء محرم داخل في الزنا. ومن المعلوم ان الشارع لم يبح الوطء بمجرد الاحتمال أو الظن، وإنما أباحه بشرط العلم بالاستحقاق أو حصول ما جعله امارة للحل، فبدونهما لا يكون الوطء إلا زنا... إلى آخر كلامه المحكي. وفي المسالك - بعد أن نقل عن الشيخ وغيره تحقق الشبهة في الوطء بظن المرأة خلية من الزوج، أو ظن موت زوجها، أو طلاقه، سواء استند إلى حكم الحاكم، أو شهادة الشهود، أو إخبار مخبر - قال: " إن الحكم المذكور لا إشكال فيه على تقدير حكم الحاكم أو شهادة شاهدين يعتمد على قولهما شرعا وإن لم يحكم حاكم.. إلى أن قال: وأما على تقدير كون المخبر ممن لا يثبت به ذلك شرعا - كالواحد - فينبغي تقييده بما لو ظنا جواز التعويل على خبره جهلا منهما بالحكم، فلو علما بعدم الجواز كانا زانيين، فلا يلحق بهما الولد، ولا عدة عليها منه. ولو جهل أحدهما ثبتت العدة ولحق به الولد، دون الاخر وفي التحرير صرح بالاجتزاء بخبر الواحد. وهو محمول على ما ذكرنا ليوافق القوانين الشرعية ". ونحوه المحكي من عبارة شرح النافع وغيرها. وظاهره الاجتزاء باعتقاد الحجية غفلة، وإن لم يكن حجة شرعا، وكان الوطء فيه محرما، لكون الواطئ من الجاهل المقصر المستحق للعقاب. ويحتمل الاكتفاء بمطلق عدم العلم بالحرمة لا واقعا ولا ظاهرا، بأن كان مترددا ومتنبها للسؤال، فلم

 

===============

 

( 229 )

 

يسأل وأقدم على الوطء. وفي الجواهر: أنه لا يخلو من قوة. وهو ظاهر تعريف المسالك، بناء على إرادة الاعم من العلم حقيقة أو تعبدا. فهذه احتمالات أو أقوال أربعة في الفرق بين الشبهة والزنا مستفادة من كلمات الاصحاب. وأما النصوص: ففي موثق زرارة عن أبي جعفر (ع) قال: " إذا نعي الرجل إلى أهله، أو أخبروها أنه قد طلقها فاعتدت، ثم تزوجت، فجاء زوجها الاول، فان زوجها الاول أحق بها من هذا الاخير، دخل بها الاول أو لم يدخل بها، وليس للاخر أن يتزوجها أبدا، ولها المهر بما استحل من فرجها " (* 1). ومصحح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) قال: " قضى في رجل ظن أهله أنه قد مات أو قتل، فنكحت امرأته وتزوجت سريته، فولدت كل واحدة من زوجها، ثم جاء الزوج الاول أو جاء مولى السرية. قال: فقضي في ذلك أن يأخذ الزوج الاول امرأته ويأخذ السيد سريته وولدها، أو يأخذ عوضا من ثمنه " (* 2). ومصحح يزيد الكناسي قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة تزوجت في عدتها. فقال: إن كانت تزوجت في عدة طلاق لزوجها عليها الرجعة فان عليها الرجم. إلى أن قال: قلت: أرأيت إذا كان منها بجهالة قال: فقال ما من امرأة اليوم من نساء من المسلمين إلا وهي تعلم أن عليها عدة في طلاق أو موت. ولقد كن نساء الجاهلية يعرفن ذلك. قلت: فان كانت تعلم أن عليها عدة ولا تدري كم هي؟ فقال: إذا علمت أن عليها العدة لزمتها الحجة فتسأل حتى تعلم " (* 3)، وصحيح أبى عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله (ع): " عن امرأة تزوجت رجلا ولها زوج.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 16 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 27 من ابواب حد الزنا حديث: 2.

 

===============

 

( 230 )

 

فقال (ع): إن كان زوجها الاول مقيما معها في المصر التي هي فيه تصل إليه ويصل إليها فان عليها ما على الزاني المحصن الرجم.. إلى أن قال: قلت: فان كانت جاهلة بما صنعت. قال: فقال: أليس هي في دار الهجرة؟ قلت: بلى. قال: ما من امرأة من نساء المسلمين إلا وهي تعلم أن المرأة المسلمة لا يحل لها أن تتزوج زوجين. قال: ولو أن المرأة إذا فجرت قالت: لم أدر، أو جهلت أن الذي فعلت حرام، ولم يقم عليها الحد إذا لتعطلت الحدود " (* 1). لكن الاخير غير ظاهر في وطء الشبهة، وإنما هو ظاهر في دعوى الشبهة وأنها غير مسموعة، لا أنها لو صحت لا تجدي في رفع اليد حتى عن الحد، حتى يكون مما نحن فيه. ونحوه ما قبله. نعم ظاهر ذيله صحة الدعوى، لكن لا تعرض فيه للحد " وإنما فيه تعرض لوجوب السؤال وعدم المعذورية. اللهم إلا أن يكون المراد ان سماع دعواها لا يستوجب رفع الحد لوجوب السؤال. لكن على هذا التقدير يكون وجوب الحد مختصا بالجاهل المتردد، فلا يشمل الجاهل الغافل وإن كان مقصرا ومأثوما. لكن هذا المصحح يكون نافيا للاحتمال الاخير الذي اختاره في الجواهر، وللاحتمال الاول المنسوب إلى ظاهر المشهور، ولا ينفي الاحتمالين الاخرين. وأما مصحح محمد بن قيس: فلا يظهر منه انه وارد في وطء الشبهة، بل أخذ مالك السرية للولد من أحكام الزنا، لا من أحكام الشبهة. وأما موثق زرارة: فمقتضى ما فيه من استحقاق المهر أنه وارد في الشبهة. ومقتضى الجمود على مورد السؤال الاجتزاء في الشبهة بمطلق الخبر ولو مع التردد في حجيته. لكن المنصرف إلى الذهن من قوله: " فاعتدت.. " أن الاعتداد كان مبنيا على اعتقاد الحجية غفلة أو اعتقاد صدق المخبر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 27 من ابواب حد الزنا حديث: 1.

 

===============

 

( 231 )

 

[ ولا بين كونه في حال النوم، أو اليقظة. ولا بين كون الزاني بالغا، أو غير بالغ وكذا المزني بها. بل لو أدخلت الامرأة ذكر الرضيع في فرجها نشر الحرمة، على إشكال (1). بل لو زنا بالميتة فكذلك على إشكال أيضا (2). وأشكل من ] ولو سلم إطلاقه فهو مقيد بمصحح الكناسي المتقدم بناء على ظهوره في ثبوت الحد مع التردد، وتكون نتيجة الجمع بينهما اعتبار عدم التردد في الحجية في ثبوت الشبهة وإن كان الواطئ مقصرا. فيتم ما ذكره في المسالك وغيرها. ومن ذلك يتضح وجه بقية النصوص التي ذكرها في الجواهر التي ادعى فيها اطلاقها من حيث وجود الحجة الشرعية وعدمها، والتردد في الحجية وعدمه، فان اطلاقها لو سلم يكون مقتضى الجمع بينها وبين مصحح الكناسي اعتبار عدم التردد في الحجية. والمتحصل مما ذكرنا أمران: الاول: أن المايز بين وطء الشبهة وبين الزنا ما ذكر في المسالك من أن الاول الوطء غير المستحق مع البناء فيه على الاستحقاق ولو كان جاهلا مقصرا، والثاني ما عداه. والثاني: أن اللازم ترتيب أحكام الزنا على الزنا بالمعنى المذكور، إلا إذا كان دليل الحكم لا عموم فيه، فيقتصر فيه على القدر المتيقن: (1) ينشأ من أن تعريفهم للزنا بأنه " إيلاج الانسان ذكره.. " ظاهر في عدم صدق الزنا إذا كان الايلاج من طرف المرأة. لكن الظاهر أن القصور في التعريف. وإلا فلا ريب في أنه من الزنا، كما اعترف بذلك كله في الجواهر في كتاب الحدود. ويحتمل أن يكون الاشكال من جهة كون الزاني الرضيع. وهو أيضا كما ترى، لما عرفت في صدر المسألة. (2) ينشأ من ظهور الزنا في الانسان الحي، فلا يشمل الميت. واستعمال الزنا في الميت مجاز، كاستعماله في غير الانسان.

 

===============

 

( 232 )

 

[ ذلك لو أدخلت ذكر الميت المتصل (1). وأما لو أدخلت الذكر للقطوع فالظاهر عدم النشر (2). (مسألة 34): إذا كان الزنا لاحقا فطلقت الزوجة رجعيا ثم رجع الزوج في أثناء العدة لم يعد سابقا حتى ينشر الحرمة، لان الرجوع اعادة الزوجية الاولى (3). وأما إذا نكحها بعد الخروج عن العدة، أو طلقت بائنا فنكحها بعقد جديد، ففي صحة النكاح وعدمها وجهان. من أن الزنا حين وقوعه لم يؤثر في الحرمة لكونه لاحقا فلا أثر له بعد هذا أيضا. ومن أنه سابق بالنسبة إلى هذا العقد الجديد. والاحوط النشر (4). (مسألة 35): إذا زوجه رجل امرأة فضولا فزنى بأمها أو بنتها ثم أجاز العقد فان قلنا بالكشف الحقيقي، كان الزنا لاحقا (5). وإن قلنا بالكشف الحكمي أو النقل كان سابقا (6) ] (1) لان الاشكال يكون من الوجهين السابقين معا، لكن عرفت أن الاشكال الاول ضعيف، والثاني قوي. (2) ينبغي أن يكون من الواضحات. وكذا لو أدخل صاحب الذكر المقطوع ذكره في فرج امرأة لا يكون زانيا. (3) كما تقدمت الاشارة إلى ذلك في المسألة السادسة والعشرين. (4) بل هو الاقوى. كما يقتضيه إطلاق الادلة. كما عرفت في المسألة الواحدة والعشرين من الفصل السابق. (5) لتحقق الزوجية على هذا القول قبل الزنا. (6) تقدم الكلام فيه في نظير المقام. وتقدم أنه بناء على الكشف

 

===============

 

( 233 )

 

[ (مسألة 36): إذا كان للاب مملوكة منظورة أو ملموسة له بشهوة حرمت على ابنه (1). وكذا العكس على الاقوى فيهما. بخلاف ما إذا كان النظر أو اللمس بغير شهوة كما إذا كان للاختبار أو للطبابة أو كان اتفاقيا، بل وإن أوجب شهوة أيضا (2). نعم لو لمسها لاثاره الشهوة - كما إذا مس فرجها أو ثديها أو ضمها لتحريك الشهوة - فالظاهر النشر (3) (مسألة 37): لا تحرم أم المملوكة الملموسة والمنظورة على اللامس والناظر على الاقوى (4)، وإن كان الاحوط ] الانقلابي أيضا يكون الزنا لاحقا. (1) تقدم الكلام في ذلك في المسألة الثانية من هذا الفصل. (2) كما استظهر في الجواهر. لكنه خلاف النصوص كما تقدم. (3) كما لم يستبعده في الجواهر، لاطلاق النصوص. (4) كما في القواعد، بل هو ظاهر المشهور، حيث اقتصروا على تحريم الامة المنظورة والملموسة على أب الناظر وابنه، ولم يتعرضوا لتحريم امها وبنتها عليه. بل في الشرائع: " ومن نشر به الحرمة قصر التحريم على أب اللامس والناظر وابنه خاصة، دون أم المنظورة أو الملموسة وبنتيهما ". نعم عن أبى علي والشيخ: القول بتحريمهما على الناظر. ولم يستبعده في الجواهر. وعن الشيخ: دعوى الاجماع عليه. وهو ممنوع كما في كشف اللثام. وقد استدل بالاحتياط، ولكنه غير واجب في مقابل عمومات التحليل. وبالاخبار فعن النبي (ص): " لا ينظر الله تعالى إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها " (1)، وعنه صلى الله عليه وآله: " من كشف قناع امرأة حرمت

 

 

____________

(* 1) سنن البيهقى الجزء: 7 صفحة: 170 وقريب منه في كنز العمال الجزء: 8 حديث: 5015.

 

===============

 

( 234 )

 

[ الاجتناب. كما أن الاحوط اجتناب الربيبة الملموسة أو المنظورة أمها، وإن كان الاقوى عدمه (1). بل قد يقال: إن اللمس ] عليه أمها وبنتها " (1)، وصحيح محمد بن مسلم: " سئل أحدهما (ع) عن رجل تزوج امرأة فنظر إلى رأسها وإلى بعض جسدها، أيتزوج ابنتها؟ قال: لا، إذا رأى منها ما يحرم على غيره فليس له أن يتزوج ابنتها " (2). وفي كشف اللثام: " ونحوه أخبار أخر ". وكأنه أراد بها خبر أبي الربيع قال: " سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل تزوج امرأة فمكث أياما معها لا يستطيعها، غير أنه رأى منها ما يحرم على غيره، ثم يطلقها، أيصلح له أن يتزوج ابنتها؟ قال: أيصلح له وقد رأى من أمها ما رأى " (* 3) ونحوه موثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) (* 4). لكن النبويين عاميان ضعيفان، والاول قد أنكره المحدثون منهم، كما قيل. ومورده النظر إلى موضع خاص. ولا مجال للاخذ باطلاقهما. وصحيح ابن مسلم وما بعده واردة في الزوجة. فلا مجال للاستدلال بها على حكم الامة. (1) بل هو ظاهر الاصحاب، حيث اشترطوا في تحريم الربيبة الدخول بأمها. كما يقتضيه ظاهر الكتاب المجيد، لقوله تعالى: (فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) (* 5)، ولصحيح العيص بن القاسم قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل باشر امرأته وقبل غير أنه لم يفض إليها، ثم تزوج ابنتها. قال (ع) إن لم يكن أفضى الى الام

 

 

____________

(* 1) لم نعثر عليه في مظانه من كنز العمال وسنن البيهقى. (* 2) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ملحق حديث: 2. (* 5) النساء: 23.

 

===============

 

( 235 )

 

[ والنظر يقومان مقام الوطء في كل مورد يكون الوطء ناشرا للحرمة (1)، فتحرم الاجنبية الملموسة أو المنظورة شبهة أو ] فلا بأس، وإن كان أفضى فلا يتزوج ابنتها " (* 1). نعم يعارض ذلك صحيح محمد بن مسلم وموثقه وخبر أبى الربيع المتقدمة. لكن الاخيرين غير ظاهرين في الحرمة. والاول يمكن حمله على الكراهة. لكن في الجواهر قوى التحريم. وناقش في صحيح العيص بأن الموجود في النسخة الصحيحة " باشر امرأة " بدل: " باشر امرأته " فيكون محمولا على الاجنبية، فيبقى صحيح محمد بن مسلم المعتضد بغيره من النصوص سالما عن المعارض وفيه: أن ظاهر الكتاب انحصار سبب التحريم بالدخول، فلو كان المس سببا للتحريم لكان الدخول لغوا، لتقدم المس عليه دائما. وكذلك النظر فانه متقدم على الدخول غالبا إلا في الظلام والاعمى ونحوهما. فالبناء على محرمية النظر واللمس موجب لالغاء سببية الدخول. فيكون الصحيح معارضا للكتاب، فلا مجال للعمل به. مع أن البناء على إطلاقه غير ممكن. وتقييده بما يكون عن شهوة، ليس بأولى من حمله على الكراهة. ولو سلم التساوى فالمرجع الكتاب والنصوص المتفقة على انحصار سببية التحريم بالدخول لا غير. هذا مضافا إلى إعراض الاصحاب عن الصحيح المذكور، وعدم تعرضهم لمضمونه، فضلا عن الاعتماد عليه. ولاجل ذلك يظهر ضعف ما ذكره في الجواهر من كون النظر واللمس يقومان مقام الدخول المتمم السبب المصاهرة، وهو الملك والعقد. فكما تحرم أم المملوكة وبنتها بنظر المالك إليها ولمسه. كذلك تحرم ام المعقود عليها وبنتها بنظر العاقد إليها ولمسه فقد عرفت الاشكال عليه في المسألتين معا. فلاحظ. (1) قال في المسالك: " اختلف القائلون بأن الزنا ينشر حرمة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3.

 

===============

 

( 236 )

 

[ حراما على الاب والابن، وتحرم أمها وبنتها حرة كانت أو أمة. وهو وإن كان احوط، إلا أن الاقوى خلافه (1). وعلى ما ذكر فتنحصر الحرمة في مملوكة كل من الاب والابن على الآخر إذا كانت ملموسة أو منظورة بشهوة (2). (مسألة 38): في إيجاب النظر أو اللمس على الوجه والكفين إذا كان بشهوة نظر. والاقوى العدم (3)، وإن كان هو الاحوط. ] المصاهرة في أن النظر إلى الاجنبية واللمس هل ينشر الحرمة فتحرم به الام وإن علت، والبنت وإن نزلت أم لا؟ هكذا نقله فخر الدين في شرحه. ولم نقف على القائل بالتحريم... إلى أن قال: وهو قول ضعيف جدا، لا دليل عليه " وما ذكره قوي جدا. لاختصاص نصوص المحرمية بما إذا وقعا على الوجه الحلال بالامة. كما عرفت، أو مع التعميم للزوجة، كما سبق من الجواهر. فلا مجال للتعدي عن ذلك إلى وقوعهما على الوجه الحرام في الامة - كما لو نظر إليها المالك وهي مزوجة - فضلا عن الاجنبية. (1) عملا باصالة الحل، التي لم يثبت ما يستوجب الخروج عنها. (2) على الوجه المحلل، كما أشرنا إلى ذلك، وقواه في الجواهر، لاختصاص النصوص به، فلو نظر إليها المالك كذلك وهي مزوجة، أو قبل أن يتملكها ثم تملكها لم تحرم على أبيه، ولا على ابنه. (3) كما مال إليه في الجواهر، لما سبق في صدر الفصل من اختصاص النصوص بالنظر واللمس المستتبعين لكشف أو تجريد أو نحوهما مما اشتملت عليه النصوص، فلا تشمل مثل ذلك. وحينئذ يتعين الرجوع إلى أصالة

 

===============

 

( 237 )

 

[ (مسألة 39): لا يجوز الجمع بين الاختين في النكاح (1) دواما أو متعة (2)، سواء كانتا نسبيتين أو رضاعيتين (3). ] الحل. نعم تقدم في الروايات محرمية التقبيل بشهوة. ولا يبعد التعدي إلى غيره من اللمس المتعلق بالوجه، مثل وضع خده على خدها، وقرصها ونحوهما. فاستثناء الوجه والكفين ينبغي أن يكون مختصا بالنظر. فتأمل. (1) إجماعا. بل باجماع علماء الاسلام كافة. ويشهد له صريح قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الاختين) (* 1)، والنصوص المستفيضة بل المتواترة معنى، ففي صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع): " قال: قضى أمير المؤمنين (ع) في أختين نكح أحدهما رجل، ثم طلقها وهي حبلى، ثم خطب أختها، فجمعهما قبل أن تضع أختها المطلقة ولدها. فأمره أن يفارق الاخيرة حتى تضع أختها المطلقة ولدها ثم يخطبها، ويصدقها صداقا مرتين " (* 2). ونحوه غيره مما تأتي الاشارة إلى بعضه. (2) بلا إشكال، لاطلاق الادلة. وفي صحيح البزنطي المروي في قرب الاسناد عن الرضا (ع) قال: " سألته عن رجل تكون عنده امرأة، يحل له أن يتزوج أختها متعة؟ قال (ع): لا " (* 3)، واما ما في خبر منصور الصيقل عن ابى عبد الله (ع) " لا بأس بالرجل ان يتمتع اختين " (* 4) فلا بد ان يحمل على صورة التفريق، وإلا فهو مطروح، لمخالفته الاصحاب. (3) بلا إشكال، ولا خلاف: ويقتضيه عموم: " يحرم من الرضاع

 

 

____________

(* 1) النساء:، 23. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 24 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 27 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2.

 

===============

 

( 238 )

 

[ وكذا لا يجوز الجمع بينهما في الملك مع وطئهما (1). وأما الجمع ] ما يحرم من النسب " (* 1). وفي صحيح أبي عبيدة قال: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على أختها من الرضاعة " (* 2). هذا وفي بعض النسخ زيادة: (أو مختلفتين). والظاهر أنها غلط. وحمله على بعض المحامل البعيدة لا يظن من المصنف وقوعه، مع عدم تعرضه لشرح ذلك. (1) فإذا جمع بينهما في الملك فوطئ إحداهما حرم عليه وطء الاخرى. بلا خلاف، كما في المسالك. واتفاقا، كما في كشف اللثام. وفى الجواهر: الاجماع بقسميه عليه. ويقتضيه قوله تعالى: (وان تجمعوا بين الاختين) بناء على إرادة الوطء. والنصوص، كموثق الحلبي عن أبى عبد الله (ع) قال: " قلت له: الرجل يشتري الاختين فيطأ إحدهما، ثم يطأ الاخرى بجهالة. قال (ع): إذا وطئ الاخرى بجهالة لم تحرم عليه الاولى. وإن وطئ الاخيرة وهو يعلم انها عليه حرام حرمتا عليه جميعا " (* 3). وخبر عبد الغفار الطائي عن أبى عبد الله (ع): " في رجل كانت عنده اختان فوطئ إحداهما، ثم اراد أن يطأ الاخرى. قال (ع): يخرجها عن ملكه. قلت: إلى من؟ قال (ع): إلى بعض اهله. قلت: فان جهل ذلك حتى وطئها. قال (ع): حرمتا عليه كلتاهما " (* 4). ونحوهما غيرهما. وقد يظهر من صحيح علي بن يقطين خلاف ذلك، قال: " سألت أبا ابراهيم (ع) عن اختين مملوكتين وجمعهما. قال: تستقيم، ولا

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 1 من ابواب ما يحرم من الرضاع. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6.

 

===============

 

( 239 )

 

[ بينهما في مجرد الملك من غير وطء فلا مانع منه (1). وهل يجوز الجمع بينهما في الملك مع الاستمتاع بما دون الوطء، بأن لم يطأهما أو وطئ إحداهما واستمتع بالاخرى بما دون الوطء؟ فيه نظر. مقتضى بعض النصوص (2): الجواز وهو الاقوى. لكن الاحوط العدم. ] أحبه لك " (* 1). وقريب منه غيره. لكن لا مجال للعمل به بعد الاجماع على خلافه. (1) بلا إشكال نصا وفتوى. وفي التذكرة والمسالك: الاجماع عليه. والنصوص الماضية والاتية دالة عليه. (2) هو خبر عيسى بن عبد الله المروي عن تفسير العياشي قال: " سئل أبو عبد الله (ع) عن اختين مملوكتين ينكح إحداهما، اتحل له الاخرى؟ فقال (ع): ليس ينكح الاخرى إلا فيما دون الفرج، وإن لم يفعل فهو خير له. نظير تلك المرأة تحيض فتحرم على زوجها ان يأتيها في فرجها، لقول الله عزوجل (ولا تقربوهن حتى يطهرن) (* 2)، وقال: (وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف) (* 3) يعني: في النكاح فيستقيم للرجل أن يأتي امرأته وهي حائض فيما دون الفرج " (* 4). لكن الخبر ضعيف، ولا يصلح للخروج به عن ظاهر بعض النصوص والفتاوى من ان الاخت تكون حراما بوطء اختها. فلاحظ موثق الحلبي المتقدم. وفي جامع المقاصد: " وانما يحرم الجمع بينهما (يعني: بين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 2) البقرة: 222. (* 3) النساء: 23. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 11.

 

===============

 

( 240 )

 

[ (مسألة 40): لو تزوج باحدى الاختين وتملك الاخرى، لا يجوز له وطء المملوكة (1) إلا بعد طلاق المزوجة ] الاختين) في النكاح، لعموم قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الاختين) والمراد في النكاح، كما يقتضيه سياق الاية، فيتناول العقد والوطئ، وكذا توابع الوطئ من الاستمتاعات، فمتى وطئ أمته المملوكة حرمت عليه اختها بالملك، فلو كانت الاخت مملوكة له حرم عليه الاستمتاع بها ما دامت الاولى في ملكه. ولا خلاف في ذلك ". وفي المسالك في الاستدلال على تحريم الثانية قال: " ولان الجمع الحقيقي يمكن بالاستمتاع بما دون الوطئ، وإذا حرم ذلك الوطئ، لعدم القائل بالفصل ". ونحوه في كشف اللثام. ولاجل ذلك يتعين أن يكون الاقوى تحريم سائر الاستمتاعات. (1) كما نص عليه جماعة، منهم في المسالك، وكشف اللثام، والجواهر. ويظهر منهم المفروغية منه. وكأنه بناء منهم على ان الجمع المحرم بين الاختين ما هو أعم من الجمع بالعقد والوطئ، فإذا ثبت احدهما امتنع الاخر. ومقتضى الجمود على الادلة اللفظية من الاية والرواية وإن كان الاقتصار على تحريم الجمع بين الاختين بالعقد، وبين المملوكتين بالوطئ. وأما الجمع بينهما بالعقد على إحداهما والوطئ للاخرى فخارج عن مدلولهما. ومقتضى عموم الحل الجواز. إلا ان بناء الاصحاب على تحريم الجمع بالنحو المذكور. وكأنهم فهموا من التحريم في قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم..) (1) تحريم مطلق الاستمتاع بها على النحو الخاص الذي يكون للرجال مع النساء، لا تحريم العقد. نعم تحريم الاستمتاع المذكور يستوجب بطلان عقد الزوجية، لان قوامها ذلك النحو من الاستمتاع،

 

 

____________

(* 1) النساء: 23.

 

===============

 

( 241 )

 

[ وخروجها عن العدة إن كانت رجعية. فلو وطئها قبل ذلك ] فإذا حرم امتنعت الزوجية، وهي بخلاف الملكية، فانها ليست متقومة باستمتاع المالك، فلا مانع من اعتبارها وإن حرم الاستمتاع، ولذلك جاز ملك الاختين، ولم يجز تزويج الاختين. وأما تحريم العقد تكليفا فغير مستفاد من الاية، بل إن ثبت فلا بد أن يكون لدليل آخر. وعليه فتحريم الجمع بين الاختين يستوجب تحريم الاستمتاع بهما سواء كان المحلل هو العقد، أم الملك. فإذا عقد على إحداهما حل الاستمتاع بها، فإذا ملك الاخرى حرم الاستمتاع بها، لحرمة الجمع بين الاختين للاستمتاع. نعم يبقى الاشكال في تعيين الثانية للتحريم، دون الاولى، مع أن الجمع إنما يكون بهما معا، ونسبته اليهما على نحو واحد، فلم لا تحرم الاولى وتحل الثانية؟! والتقدم الزماني لا أثر له في الترجيح. فان قلت: التقدم الزماني إنما لا يكون له أثر ففي الترجيح عند تزاحم المقتضيات - مثل تزاحم الواجبين كصلاتين، وصومين، وصلاة وصوم، ونحو ذلك - لا فيما نحن فيه، إذ الحرام إنما هو الجمع بين الاختين، والجمع إنما يكون بضم الثانية إلى الاولى، فإذا حرم الجمع بين الاختين فقد حرم ضم الثانية إلى الاولى في الاستمتاع. وليس معنى ذلك إلا تحريم الثانية بعينها، لان الجمع إنما يكون بها، لا بالاولى. قلت: ليس معنى تحريم الجمع بين الاختين إلا تحريم الاستمتاع بهما معا، وكما أن تحريم الثانية بعينها يتحقق به تحريم الجمع بينهما، كذلك تحريم الاولى بعينها أيضا يتحقق به تحريم الجمع بينهما، فلا ميز بينهما في ذلك، ولا مرجح لاحداهما على الاخرى. فإذا العمدة في تعين الثانية للتحريم هو الاستصحاب لان تحريم الاولى بعد تملك الثانية رفع للحل السابق، وتحريم الثانية إبقاء للتحريم. ومقتضى الاستصحاب عند الشك

 

===============

 

( 242 )

 

[ فعل حراما. لكن لا تحرم عليه الزوجة بذلك (1). ولا يحد حد الزنا بوطء المملوكة (2) بل يعزر، فيكون حرمة وطئها كحرمة وطء الحائض. (مسألة 41): لو وطئ إحدى الاختين بالملك ثم تزوج الاخرى فالاظهر بطلان التزويج (3) وقد يقال بصحته وحرمة وطء الاولى إلا بعد طلاق الثانية (4). ] في الترجيح شرعا هو البناء على بقاء ما كان من تحليل الاولى، وتحريم الثانية. فلاحظ. (1) كما نص عليه في كشف اللثام، وغيره. وفي الجواهر: " لم تحرم المنكوحة قطعا ". وكأنه لقوله (ص): " الحرام لا يحرم الحلال " (1) (2) لاختصاصه بغير العقد والملك والشبهة. فلا يحد من وطئ زوجته وإن حرم وطؤها كالحائض والصائمة، ولا من وطئ أمته وإن حرم وطؤها لحيض أو غيره. ومنه المقام. ولزوم الحد في وطئ الامة المزوجة للاجماع والنص. ويشير إلى نفي الحد في المقام النصوص الاتية في المسألة الخامسة والاربعين. (3) لما عرفت في المسألة السابقة. (4) كما عن المبسوط، والمختلف، والتحرير. وظاهر المسالك: الميل إليه، لكون التزويج أقوى من ملك اليمين، لكثرة ما يتعلق به من الاحكام التي لا تلحق الملك، كالطلاق، والظهار، والايلاء، والميراث، وغيرها وهو كما ترى، إذ الاحكام المذكورة لا تدل على الترجيح فيما نحن فيه، ولا على رفع اليد عن الاستصحاب الذي قد عرفته.

 

 

____________

(* 1) كنز العمال الجزء: 8 حديث: 4064 والحديث منقول بالمعنى.

 

===============

 

( 243 )

 

[ (مسألة 42): لو تزوج باحدى الاختين، ثم تزوج بالاخرى بطل عقد الثانية (1)، سواء كان بعد وطء الاولى أو قبله (2). ولا يحرم بذلك وطء الاولى (3) وإن كان قد ] (1) بلا إشكال، ولا خلاف، كما في الجواهر. وفي كشف اللثام: أنه قطعي. ويقتضيه ما عرفت من الاستصحاب. ويشهد له صحيح زرارة بن أعين قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن رجل تزوج امرأة في العراق، ثم خرج إلى الشام فتزوج امرأة اخرى، فإذا هي أخت امرأته التي بالعراق. قال (ع): يفرق بينه وبين المرأة التي تزوجها بالشام. ولا يقرب المراة العراقية حتى تنقضي عدة الشامية. قلت: فان تزوج امرأة، ثم تزوج أمها وهو لا يعلم أنها أمها. قال (ع): قد وضع الله تعالى عنه جهالته بذلك. ثم قال: إن علم إنها أمها فلا يقربها ولا يقرب الابنة حتى تنقضي عدة الام منه، فإذا انقضت عدة الام حل له نكاح الابنة " (* 1). نعم في صحيح ابن مسكان، عن أبى بكر الحضرمي قال: " قلت لابي جعفر (ع): رجل نكح امرأة، ثم أتى أرضا فنكح أختها ولا يعلم. قال (ع) يمسك أيتهما شاء، ويخلي سبيل الاخرى " (* 2). ولكن يتعين طرحه، أو حمله على ما لا ينافي ما سبق، كما عن الشيخ، فحمله على أنه إذا أراد إمساك الاولى فليمسكها بالعقد الثابت المستقر، وإن أراد إمساك الثانية فليطلق الاولى، ثم ليمسك الثانية بعقد مستأنف: (2) كما نص عليه الجماعة. ويقتضيه إطلاق النص، والاصل، والفتوى. (3) بلا إشكال. لان الحرام لا يحرم الحلال.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 26 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2.

 

===============

 

( 244 )

 

[ دخل الثانية. نعم لو دخل بها مع الجهل بأنها أخت الاولى يكره له وطء الاولى قبل خروج الثانية من العدة (1). بل قيل: يحرم (2)، للنص الصحيح. وهو الاحوط. (مسألة 43): لو تزوج بالاختين ولم يعلم السابق واللاحق، فان علم تاريخ أحد العقدين حكم بصحته (3) دون المجهول. وإن جهل تاريخهما حرم عليه وطؤهما (4). وكذا وطء إحداهما (5) الا بعد طلاقهما (6) أو طلاق الزوجة ] (1) كما صرح به جماعة. لان العدة من علائق الزوجية، كما في كشف اللثام. ولصحيح زرارة المتقدم بعد حمله على الكراهة، بعد إعراض المعظم عنه. (2) حكي عن ظاهر نهاية الشيخ، وعن ابني حمزة والبراج، عملا منهم بظاهر النص. (3) لاصالة عدم تزويج الاخرى إلى حينه، المتمم لموضوع الصحة، فان العقد على الاخت إذا كان قد عقد على أختها باطل، وإذا لم يعقد على أختها صحيح، فموضوع الصحة مؤلف من العقد والقيد المذكور، فإذا ثبت القيد بالاصل ثبتت الصحة، ولا يجري مثل ذلك في مجهول التاريخ، بناء على التحقيق، كما ذكر في مباحث الخلل في الوضوء من هذا الشرح. (4) للعلم الاجمالي. (5) لوجوب الموافقة القطعية، على ما هو التحقيق. (6) يعني: طلاق كل منهما برجاء انها زوجة، وإلا فالاخرى ليست بزوجة كي تحتاج إلى طلاق.

 

===============

 

( 245 )

 

[ الواقعية منهما ثم تزويج من شاء منهما بعقد جديد بعد خروج الاخرى من العدة (1) إن كان دخل بها أو بهما. وهل يجبر على هذا الطلاق دفعا لضرر الصبر عليهما؟ لا يبعد ذلك (3)، ] (1) لاحتمال إنها زوجة، فلا يجوز تزويج أختها إلا بعد خروجها عن العدة إذا كان دخل بها، وكان الطلاق رجعيا كما سيأتي. (2) كما جزم به في التذكرة. وفي القواعد: أنه أقرب. وتبعه في كشف اللثام. لكن في مبحث الولاية فيما إذا عقد الوليان مترتبين ونسي السابق منهما، استشكل في الالزام بالطلاق بأن الاجبار يوجب وقوعه عن إكراة، وطلاق المكره باطل. وجعل الاقوى فسخ الحاكم، وأجاب عنه غير واحد بأن الاكراه إنما يوجب البطلان إذا لم يكن إكراها على واجب، وإلا فهو بمنزلة الاختيار. ووجوب الطلاق لانه أحد عدلي الواجب التخييري المستفاد وجوبه من قوله تعالى في سورة البقرة: (الطلاق مرتان، فامساك بمعروف، أو تسريح باحسان)، وقوله تعالى منها (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف، أو سرحوهن بمعروف) (* 1) وقوله تعالى في سورة الطلاق: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن) (* 2). لكن الظاهر من الايتين الاخيرتين أن المراد من التسريح والفراق ترك الرجوع بها في العدة حتى تنتهي العدة، لا الطلاق: وأما الاية الاولى: فالظاهر منها ذلك أيضا. لكن في موثق الحسن بن فضال المروي في الفقيه عن الرضا (ع) - في حديث -: " إن الله عزوجل أذن في الطلاق مرتين، فقال: (الطلاق مرتان، فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) يعني: في التطليقة الثالثة " (* 3). وفي رواية العياشي

 

 

____________

(* 1) الآية: 229، 231. (* 2) الآية: 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 7.

 

===============

 

( 246 )

 

عن أبي عبد الله: " إن الله تعالى يقول: (الطلاق مرتان، فامساك بمعروف أو تسريح باحسان)، والتسريح هو التطليقة الثالثة " (* 1). ونحوها ما رواه العياشي عن أبى بصير (* 2)، وسماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) (* 3). إلا أن ذلك خلاف ظاهر الاية المذكورة إلى تمامها وما بعدها، وهو قوله تعالى: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله، فان خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون. فان طلقها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فان طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله. وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون. وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف، أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا..) (* 4) فان الظاهر - بعد ملاحظة ما ذكر بتمامه - أن المراد من التسريح ترك الرجوع بها كما هو الظاهر من الايتين الاخيرتين والطلاق الثالث يشار إليه بقوله تعالى: (فان طلقها فلا تحل له حتى تنكح..). وقد يستدل على وجوب الطلاق بما دل على نفي الحرج (* 5) والضرر (* 6)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 10. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 12. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 13. (* 4) البقرة: 229 إلى 231. (* 5) مثل قوله تعالى: " يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر " البقرة: 185، وقوله تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) المائدة: 6، وقوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج: 78. وقد يدل عليه خبر عبد الاعلى مولى آل سام راجع الوسائل باب: 39 من ابواب الوضوء حديث: 5. (* 6) راجع الوسائل باب: 17 من ابواب الخيار من كتاب البيع، وباب: 5 من كتاب الشفعة، وباب 7، 12 من كتاب احياء الموات.

 

===============

 

( 247 )

 

[ لقوله تعالى: (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان). وربما يقال: بعدم وجوب الطلاق عليه، وعدم إجباره، وأنه يعين بالقرعة (1). ] كما في كشف اللثام وغيره، فان بقاء الزوجة على زوجيتها ضرر عليها وحرج، وفيه: أن الضرر أو الحرج ليس من الزوجية، بل من أحكام الزوجية بعد الاشتباه، فدليل نفيهما يقتضي نفي تلك الاحكام. لكن ليس بناء الفقهاء عليه، فلا يجوز الزنا للحرج، ولا يجوز أكل مال الغير للحرج، ولا يجوز شرب الخمر للحرج، فلا يكون الحرج مجوزا لفعل المحرمات عندهم، وإن كان مجوزا لترك الواجبات، وإن كان الفرق بين الواجباب والمحرمات في ذلك غير ظاهر، ومقتضى دليل نفيه نفي التحريم كنفي الوجوب. ومقتضى ذلك أنه يجوز لكل من الاختين أن يستمتع بها غير المعقود له رفعا للحرج، لا وجوب الطلاق على الزوج. وبما ذكرنا ظهر الفرق بين الضرر في المقام، وبين الضرر في المعاملة المشتملة على الغبن. فان الضرر هناك من نفس المعاملة، ومبادلة القليل بالكثير بخلاف المقام، فان الضرر هنا يلزم من ئبوت أحكام الزوجية، لا من نفس الزوجية. ولو سلم فمقتضى ذلك أن يكون للزوجة الخيار في الفسخ، لا وجوب الطلاق على الزوج، كما هو المدعى، ولا سيما بملاحظة أن الطلاق يوجب الضرر على الزوج بنصف المسمى. (1) هذا القول لم أقف على قائله. نعم في القواعد، فيما لو زوجها الوليان من اثنين واشتبه السابق واللاحق، احتمل القرعة. لكن قال: " ويؤمر من لم تقع له القرعة بالطلاق ويجدد من وقعت له النكاح ". واستدل له في جامع المقاصد وغيره بما قالوه (ع): " كل أمر مشكل فيه

 

===============

 

( 248 )

 

[ وقد يقال: إن الحاكم يفسخ نكاحهما (1). ثم مقتضي العلم الاجمالي بكون إحداهما زوجة وجوب الانفاق عليهما (2) ما لم يطلق، ومع الطلاق قبل الدخول نصف المهر لكل منهما، ] القرعة " (* 1). وأشكل عليه في جامع المقاصد: بأن القرعة لا مجال لها في الامور التي هي مناط الاحتياط التام، وهي الانكحة التي تتعلق بها الانساب، والارث، والتحريم، والمحرمية. وفيه: أن ذلك خلاف إطلاق دليل القرعة. نعم ليس بناء الاصحاب على العمل به في موارد الاحتياط كالشبهة المحصورة. لكن ذلك إذا لم يلزم منه محذور، والمفروض لزومه. وقد ورد في نصوص القرعة ما تضمن مشروعيتها فيمن نزا على شاة في قطيع غنم وقد اشتبهت بغيرها. والمقام نظيره في لزوم الضرر من الاحتياط. ومن ذلك يظهر توجه الاشكال على ما في القواعد: بأنه إذا عمل بالقرعة لم يكن وجه لامر من وقعت له بالنكاح، وأمر من لم تقع له بالطلاق. فان ذلك خلاف مقتضى القرعة. اللهم إلا أن تكون القرعة لتعيين من يؤمر بالطلاق أو النكاح، لا لتعيين الزوجة. وهو كما ترى، إذ لا دليل على هذا الامر، ليستخرج مورده بالقرعة، بل أمر كل منهما بالطلاق أولى من أمر أحدهما به، وأمر الاخر بالنكاح. (1) هذا اختاره في القواعد في تزويج وليي المرأة من رجلين مع اشتباه السابق. وتبعه في جامع المقاصد. لان فيه دفع الضرر مع السلامة من ارتكاب الاجبار في الطلاق. وفيه: أن هذا المقدار لا يقتضي ولاية الحاكم على ذلك، بل الاولى من ذلك ولايتها على الفسخ، نظير المعاملة الغبنية. (2) لكن لزوم الضرر المالي من الاحتياط يوجب ارتفاعه، وحينئذ يتعين الرجوع إلى القرعة في تعيين المستحق للنفقة.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 11 من ابواب كيفية القضاء حديث: 1.

 

===============

 

( 249 )

 

[ وإن كان بعد الدخول فتمامه (1). لكن ذكر بعضهم أنه لا يجب عليه إلا نصف المهر لهما، فلكل منهما الربع في صورة عدم الدخول (2)، ] (1) عملا بالعلم الاجمالي. لكن عرفت إشكاله. (2) قال في القواعد: " فان اشتبه السابق منع منهما. والاقرب إلزامه بطلاقهما، فيثبت لهما ربع المهرين، مع اتفاقهما واختلافهما على إشكال ". ويحتمل أن قوله: " على إشكال.. " راجع إلى أصل الحكم بقرينة قوله - بعد ذلك -: " ويحتمل القرعة في مستحق المهر ". ويحتمل أن يكون راجعا إلى صورة اختلاف المهرين. لانه مع اتفاق المهرين جنسا وقدرا ووصفا يكون ربع مجموع المهرين عين نصف أحدهما، فيكون تقسيمه على الاختين عملا بقاعدة العدل والانصاف. أما مع الاختلاف فالواجب نصف أحدهما، وهو مخالف لربع مجموعهما، فايجاب الربع عليه يوجب إسقاط الواجب وإيجاب غيره. اللهم إلا أن تكون قاعدة العدل والانصاف مبنية على ذلك، فكما أنه مع الاتفاق يلزم حرمان المستحق، لعدم المرجح مع التردد، فكذلك في صورة الاختلاف يلزم مع ذلك إعطاء غير الواجب. لعدم المرجح. فعدم المرجح الموجب للحرمان مع الاتفاق هو الموجب لاعطاء غير الواجب أيضا. هذا ولاجل أن قاعدة العدل والانصاف لا دليل ظاهر عليها إلا ما يترائى من كلام غير واحد من حكم العقل بذلك، لعدم المرجح وقد يشير إليه التعبير عنها بقاعدة العدل والانصاف. أو من جهة النصوص الواردة في الموارد المتعددة، المتضمنة للتنصيف. والاول غير ظاهر، فان عدم المرجح كما يقتضي جواز التنصيف، يقتضي التخيير، نظير ما ذكروه في مسألة الدوران بين الوجوب والحرمة، من أن التخيير استمراري، وأن حكم العقل بالتخيير ابتداء بعينه يقتضي

 

===============

 

( 250 )

 

التخيير ثانيا، وأنه لا فرق في نظر العقل بين احتمال الموافقة المقرون باحتمال المخالفة، وبين القطع بالمخالفة المقرون بالقطع بالموافقة. ففي المقام تخصيص أحد الشخصين بتمام المال يوجب الموافقة الاحتمالية المقرونة بالمخالفة الاحتمالية، والتوزيع يوجب الموافقة القطعية المقرونة بالمخالفة القطعية. ولا فرق بينهما في نظر العقل. والثاني أيضا: غير ظاهر، لان ما ورد في الموارد الخاصة المذكورة

 

 

____________

مثل رواية عبد الله بن المغيرة، عن غير واحد من اصحابنا عن أبى عبد الله (ع): " في رجلين كان معهما درهمان، فقال احدهما: الدرهمان لى، وقال الآخر: هما بينى وبينك، فقال: اما الذى قال: هما بينى وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له، وانه لصاحبه، ويقسم الآخر بينهما " (* 1)، ورواية السكوني عن الصادق (ع) عن أبيه: " في رجل استودع رجلا دينارين فاستودعه آخر دينار، فضاع دينار منهما. فقال (ع): يعطى صاحب الدينارين دينارا، ويقسم الاخر بينهما نصفين " (* 2). ورواية اسحاق بن عمار عن أبى عبد الله (ع): " في رجلين اختصما في دابة في أيديهما. إلى ان قال: فقيل له: فلو لم تكن في يد واحد منهما، وأقاما البينة. فقال: أحلفهما، فأيهما حلف ونكل الاخر جعلتها للحالف. فان حلفا جميعا جعلتها بينهما نصفين " (* 3)، ورواية غياث بن ابراهيم: " لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين " (* 4) ونحوهما رواية تميم بن طرفة (* 5). ورواية يونس بن يعقوب عن ابى عبد الله (ع): " في امرأة تموت قبل الرجل أو رجل قبل المرأة. قال: ما كان من متاع النساء فهو للمرأة، وما كان من متاع الرجال والنساء فهو بينهما " (* 6)، ورواية رفاعة: " وما يكون للرجال والنساء قسم (* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب الصلح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 12 من ابواب الصلح حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 12 من ابواب كيفية القضاء حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 12 من ابواب كيفية القضاء حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 12 من ابواب كيفية القضاء حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 8 من ابواب ميراث الازواج حديث: 3.

 

===============

 

( 251 )

 

[ وتمام أحد المهرين لهما في صورة الدخول. والمسألة محل إشكال كنظائرها من العلم الاجمالي في الماليات. (مسألة 44): لو اقترن عقد الاختين - بأن تزوجهما بصيغة واحدة، أو عقد على إحداهما ووكيله على الاخرى في زمان واحد - بطلا معا (1). وربما يقال: بكونه مخيرا في ] في كتاب الصلح، وفي كتاب القضاء، وغيرهما، لا يمكن التعدي من مورده إلى غيره. وليس فيه إشارة إلى قاعدة كلية. مع ثبوت خلافها في بعض مواردها، وفي موراد اخرى، كما يظهر ذلك من ملاحظة مورادها وباب إرث الغرقى والمهدوم عليهم. فالبناء عليها غير ظاهر. ولاجل ذلك يتعين الرجوع إلى القرعة - كما احتمله في القواعد، وجعله في جامع المقاصد وكشف اللثام: أقوى. وفي الجواهر: لعله الاقوى - عملا بعموم أدلتها. ثم إنه لو بني على التوزيع فلا بد من ملاحظة النسبة بين المهرين فإذا كان مهر إحداهما عشرة، ومهر الثانية ثلاثين، وبني على توزيع ربع المهرين كان اللازم إعطاء الاولى إثنين ونصفا وإعطاء الثانية سبعة ونصفا، لا توزيع ربع الاربعين بينهما بالسوية. يظهر ذلك بالتأمل. (1) كما نسب إلى المبسوط، وابني حمزة وادريس، بل إلى أكثر المتأخرين أيضا. واختاره في الشرائع، لبطلان العقد بالنسبة اليهما معا اتفاقا، فصحته بالنسبة إلى إحداهما بعينها ترجيح بغير مرجح.

 

 

____________

بينهما (* 1)، ورواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن على (ع): " في رجل أقر عند موته لفلان وفلان، لاحدهما عندي الف درهم، ثم مات على تلك الحال. فقال علي (ع): أيهما أقام البينة فله المال، وان يقم واحد منهما البينهة فالمال بينهما نصفان " (* 2). منه قدس سره. (* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ميراث الازواج حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب احكام الوصايا حديث: 1.

 

===============

 

( 252 )

 

[ اختيار أيهما شاء (1)، لرواية (2) محمولة على التخيير بعقد جديد (3) ولو تزوجهما وشك في السبق والاقتران حكم ببطلانهما أيضا (4). ] (1) نسب في الجواهر ذلك إلى الشيخ واتباعه. وفي كشف اللثام إلى النهاية والمهذب والجامع والمختلف. (2) يريد بها صحيحة جميل، المروية في الفقيه عن أبى عبد الله (ع): " في رجل تزوج أختين في عقدة واحدة. قال (ع): يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الاخرى. وقال! في رجل تزوج خمسا في عقدة واحدة، قال (ع): يخلي سبيل أيتهن شاء " (* 1). وفي الشرائع رمى الرواية بالضعف. وهو كما ذكر على رواية الكافي (* 2)، للارسال، لانها رواها عن جميل عن بعض أصحابه عن احدهما (ع). وعلى رواية التهذيب (* 3)، لذلك أيضا، ولان في طريقه إلى جميل علي بن السندي وهو مجهول. لكن عرفت رواية الفقيه لها بطريق صحيح. ومقتضى القاعدة الاخذ وتخصيص القاعدة بها. (3) هذا الحمل لا دليل عليه، ولا داعي إليه، إذ لا مانع من تخصيص القواعد العامة، بل قد اشتهر ذلك حتى قيل: ما من عام إلا وقد خص. وفي كشف اللثام: " ان الخبر وإن كان صحيحا، لكنه ليس نصا في المدعى. لاحتمال أن يراد يمسك أيتهما شاء بتجديد العقد، فحينئذ لا يكون الخيار معينا " وهو كما ترى، إذ لا يعتبر في المخصص أن يكون نصا بل يكفي في تخصيصه للقواعد أن يكون ظاهرا، فان الظاهر حجة كالنص. (4) لعدم إمكان إحراز السبق بالاصل، وإن كان بمعنى عدم سبق

 

 

____________

(* 1) من لا يحضره الفقيه الجزء: 3 صفحة: 265 طبعة النجف الحديثة، الوسائل باب: 25 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 25 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ملحق حديث: 2.

 

===============

 

( 253 )

 

[ (مسألة 45): لو كان عنده اختان مملوكتان فوطئ إحداهما حرمت عليه الاخرى (1) حتى تموت الاولى أو يخرجها عن ملكه (2) ببيع أو صلح أو هبة أو نحوهما، ولو ] العقد على الاخت ولا مقارنته، لان الاصل المثبت لذلك متعارض فيهما، فان كل واحد منهما يصح أن يقال: العقد عليها لم يكن مسبوقا بالعقد على أختها، ولا مقارنا له. وأصالة صحة العقد بالنسبة إلى كل واحد منهما أيضا متعارضة. فيتعين الرجوع إلى أصالة عدم ترتب الاثر فيهما معا. هذا إذا كان الشك في السبق والاقتران بالنسبة إلى كل منهما. أما إذا كان بالنبسة إلى واحدة منها بعينها، دون الاخرى، بأن تردد في العقد على هند بين كونه سابقا ومقارنا، وفي عقد زينب بين أن يكون لاحقا ومقارنا. فقد علم ببطلان العقد على زينب، إما لمقارنته، أو للحوقه، فلا يكون مجرى للاصول الموضوعية والحكمية. فلا مانع من جريانها بالنسبة إلى عقد هند، فيقال: إنه لم يسبق بالعقد على الاخت، ولم يقترن به، كما يقال: إنه صحيح لاصالة الصحة. (2) إجماعا كما تقدم في المسألة التاسعة والثلاثين. (3) فتحل حينئذ بلا إشكال، ولا خلاف. ويقتضيه عمومات الحل بعد انتفاء صدق الجمع بين الاختين. مضافا إلى صحيح عبد الله بن سنان قال: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إذا كانت عند الرجل الاختان المملوكتان، فنكح إحداهما، ثم بدا له في الثانية فنكحها، فليس يبنغي له أن ينكح الاخرى حتى تخرج الاولى من ملكه، يهبها، أو يبيعها. فان وهبها لولده يجزيه " (* 1). ونحوه ما تقدم في خبر الطائي (* 2).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) راجع المسألة: 39 من هذا فصل.

 

===============

 

( 254 )

 

[ بأن يهبها من ولده. والظاهر كفاية التمليك الذي له فيه الخيار (1)، وإن كان الاحوط اعتبار لزومه. ولا يكفي - على الاقوى - ما يمنع من المقاربة مع بقاء الملكية (2)، كالتزويج للغير، والرهن، والكتابة، ونذر عدم المقاربة، ونحوها. ولو وطئها من غير إخراج للاولى لم يكن زنا (3)، ] (1) لاطلاق الادلة. لكن في القواعد: " وفي اشتراط اللزوم إشكال ". وفي التذكرة: " ولو باع بشرط الخيار فكل موضع يجوز للبائع الوطء لا تحل فيه الثانية ". وكأن ذلك من جهة دعوى ظهور النص في الخروج عن الملك على وجه يستوجب حرمة الوطء، ومع عدم اللزوم يحل الوطء. وفيه: أن الحل إنما يكون بالفسخ، لا بلا واسطة. كما أنه مع اللزوم أيضا يحل الوطء بالشراء، أو الاستيهاب، أو الاستحلال، مع التمكن من ذلك، بلا فرق بين المقامين، فاللازم عدم الفرق بينهما في حل الثانية. (2) قال في القواعد: " وفي الاكتفاء بالتزويج، أو الرهن، أو الكتابة إشكال ". وفي التذكرة: " يكفي التزويج، لان التحريم يحصل به. فان رهنها لم تحل الاخت، لان منعه من وطئها لحق المرتهن لا لتحريمها، ولهذا تحل باذن المرتهن في وطئها. ولانه يقدر على فكها متى شاء واسترجاعها إليه. ولو حرم إحداهما باليمين على نفسه لم تبح الاخرى لان هذا لا يحرمها، وإنما هو يمين مكفر.. إلى أن قال: ولو كاتب إحداهما حلت له الاخرى، وهو قول الشافعية. لانها حرمت عليه بسبب لا يقدر على رفعه، فأشبه التزويج ". وفيه: أن المستفاد من الادلة أن التحليل إنما يكون بالخروج عن الملك، وهو غير حاصل في الفروض المذكورة. مع أن المناقشة في التعليلات المذكورة ظاهرة. (3) لما تقدم في المسألة التاسعة والثلاثين.

 

===============

 

( 255 )

 

[ فلا يحد ويلحق به الولد (1). نعم يعزر. (مسألة 46): إذا وطئ الثانية بعد وطئ الاولى حرمتا عليه مع علمه بالموضوع والحكم (2). وحينئذ فان ] (1) لانه فراش، إذ المراد منه ما يقابل العاهر، وهو الزاني. (2) أما حرمة الثانية: فلما تقدم. وقد عرفت أنه لا إشكال فيها، وإن كان قد يظهر مما في الشرائع من قوله: " أما إذا وطئها (يعني: الثانية) قيل: حرمت الاولى حتى تخرج الثانية عن ملكه " وجود القائل بحلية الثانية بعد وطئها، واختصاص التحريم بالاولى. لكن في المسالك: " لم نعرف قائله، ولا من نقله، غير المصنف ". ونحوه في الجواهر. وربما يستدل له بخبر معاوية بن عمار قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل كانت عنده جاريتان أختان، فوطئ إحداهما ثم بدا له في الاخرى. قال (ع): يعتزل هذه ويطأ الاخرى. قلت: فانه تنبعث نفسه للاولى. قال (ع): لا يقربها حتى تخرج تلك من ملكه " (* 1). لكنه لا يدل على ذلك، وإنما يدل على حلية الثانية بمجرد الاعتزال عن الاولى، الذي قد عرفت أنه خلاف النص، والفتوى، بل الاجماع. وأما حرمة الاولى بعد وطئ الثانية: فيشهد به خبر أبي الصباح الكناني عن أبى عبد الله (ع) في حديث - قال: " سألته عن رجل عنده أختان مملوكتان فوطئ إحداهما، ثم وطئ الاخرى. فقال (ع): إذا وطئ الاخرى فقد حرمت عليه الاولى حتى تموت الاخرى. قلت: أرأيت إن باعها فقال (ع): إن كان إنما يبيعها لحاجة، ولا يخطر على باله من الاخرى شئ فلا أرى بذلك بأسا. وإن كان يبيعها ليرجع إلى الاولى فلا " (* 2). ونحوه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 2) الوسائل في باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 9.

 

===============

 

( 256 )

 

[ أخرج الاولى عن ملكه حلت الثانية مطلقا (1)، وإن كان ذلك بقصد الرجوع إليها (2). وإن أخرج الثانية عن ملكه يشترط في حلية الاولى أن يكون إخراجه لها لا بقصد الرجوع إلى الاولى (3)، وإلا لم تحل. وأما في صورة الجهل بالحرمة موضوعا أو حكما فلا يبعد بقاء الاولى على حليتها والثانية على حرمتها (4)، وإن كان الاحوط عدم حلية الاولى إلا ] مصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع)، وصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) (* 1) وموثق علي بن أبي حمزة عن أبى ابراهيم (* 2)، وخبر أبي بصير عن أبى عبد الله (ع) (* 3). ففي صحيح الحلبي التصريح بحرمتهما جمعيا بعد وطء الثانية عمدا. (1) كما سبق في المسألة السابقة. (2) للاطلاق. (3) كما عرفت التقييد به من النصوص. (4) كما حكاه في الشرائع قولا لبعض، أخذا بظاهر صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: " قلت له: الرجل يشتري الاختين فيطأ إحداهما، ثم يطأ الاخرى بجهالة. قال (ع): إذا وطئ الاخيرة بجهالة لم تحرم عليه الاولى، وإن وطئ الاخيرة وهو يعلم انها عليه حرام حرمتا عليه جميعا " (* 4). ولا ينافي ذلك ما في خبر عبد الغفار الطائي، فان ما فيه من قوله: " قلت: فان جهل ذلك حتى وطئها (يعني: الثانية).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ملحقا حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5.

 

===============

 

( 257 )

 

قال (ع): حرمتا عليه كلتاهما " (* 1) ظاهر في حرمة الاولى مع وطء الثانية جهلا، لامكان الجمع بالحمل على الكراهة. وهو اقرب مما ذكره في الجواهر من حمل صحيح الحلبي على أن المراد أنه لم تحرم عليه الاولى في حال الجهل كما تحرم في حال العلم، فانه في حال العلم لا ترتفع الحرمة إلا باخراج الثانية عن الملك لا بقصد الرجوع إلى الاولى، ام في حال الجهل فيكفى خروج الثانية عن الملك ولو بقصد الرجوع إلى الاولى، وتحل الاولى بذلك. بل هو بعيد جدا وليس من الجمع العرفي أصلا، وإن حكي عن النهاية، وتبعه عليه في المختلف وجامع المقاصد وغيرهما، فلو فرض تعين الجمع المذكور بينهما فاللازم إجراء حكم التعارض، والترجيح للصحيح، بل في حجية خبر الطائي في نفسه إشكال، لضعفه. ومن ذلك يظهر ضعف ما ذكره في الشرائع، ونسبه في المسالك إلى اكثر المتأخرين، بل هو ظاهر المبسوط من أن الثانية تحرم على التقديرين - أي: العلم والجهل - دون الاولى، فانها تبقى على الحل. فانه مخالف لجميع النصوص على اختلاف مفادها. وأما الاصل واختصاص أدلة المنع من الجمع بين الاختين بالاخيرة، وقاعدة: " الحرام لا يحرم الحلال " فلا تصلح لمعارضة النصوص المعتبرة سندا، ودلالة، ولا يستوجب طرحها: وقريب منه في الضعف التفصيل بين وطء الثانية جهلا فلا تحرم الاولى، ووطئها عمدا فتحرم الاولى، ولكن تحل بخروج الثانية عن الملك، ولو بقصد الرجوع إلى الاولى. فانه وان كان موافقا لبعض النصوص، لكنه مخالف لبعضها الاخر الصريح في تقييد حل الاولى بخروج الثانية عن الملك بما إذا لم يكن بقصد الرجوع إلى الاولى. والمتحصل: أن الاقوال في وطء الثانية بعد وطء اللاولى خمسة:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6.

 

===============

 

( 258 )

 

[ باخراج الثانية ولو كان بقصد الرجوع إلى الاولى (1). وأحوط من ذلك كونها كصورة العلم (2). ] الاولى: حرمة الثانية دون الاولى. اختاره في الشرائع والقواعد وغيرهما. الثاني: حرمة الاولى دون الثانية، على ما حكاه في الشرائع قولا. الثالث: حرمة الاولى مع العلم، ولا تحل إلا باخراج الثانية عن الملك لا بقصد العود إلى الاولى. ومع الجهل لا تحرم الاولى، كما حكاه في الشرائع قولا، وحكاه في كشف اللثام عن ابن حمزة، وجعله أقوى من قول الشيخ. وهو الذي اختاره في المتن. الرابع: القول المذكور بعينه، لكن مع الجهل تحرم الاولى وتحل باخراج الثانية عن ملكه. ولو بنية العود إلى الاولى. اختاره في النهاية. وتبعه عليه جماعة، منهم صاحب الجواهر. الخامس: أنه إن كان عالما حرمت عليه الاولى حتى تخرج الثانية عن ملكه مطلقا. وإن كان جاهلا لم تحرم. وهذا القول حكاه في التهذيب قولا، ولم يعرف قائله. ومن ذلك يظهر أن الاقوال في التفصيل بين العلم والجهل ثلاثة. والمتحصل من الادلة هو القول الثالث، المختار في المتن. أما القولان الاولان: فهما منافيان لجيمع النصوص المشتملة على التفصيل بين العلم والجهل، وللنصوص المتضمنة أنه إذا وطئ الثانية حرمتا جميعا. وأما الرابع: فمناف لنصوص التفصيل بين العلم والجهل والحرمة في الاول والحل في الثاني، من دون وجه ظاهر، غير خبر الطائي الذي هو مع ضعف سنده، يمكن الجمع بينه وبينهما بالحمل على الكراهة. وأما الخامس: فمناف لخبر الكناني وما بمضمونه من النصوص الكثيرة. من دون وجه ظاهر. فلاحظ. (1) كما يقتضيه إطلاق القول الثاني والرابع. (2) يعنى: فلا تحل الاولى إلا باخراج الثانية عن ملكه لا بقصد الرجوع إلى الاولى. لكن هذا الاحتمال لا قائل به.

 

===============

 

( 259 )

 

[ (مسألة 47): لو كانت الاختان كلتاهما أو إحداهما من الزنا فالاحوط لحوق الحكم من حرمة الجمع بينهما (1) في النكاح، والوطء إذا كانتا مملوكتين. (مسألة 48): إذا تزوج باحدى الاختين ثم طلقها طلاقا رجعيا لا يجوز له نكاح الاخرى إلا بعد خروج الاولى عن العدة (2). وأما إذا كان بائنا بأن كان قبل الدخول، أو ثالثا ] (1) وإن كان خلاف المتسالم عليه عندهم من نفي النسب بالزنا، كما يقتضيه قوله صلى الله عليه وآله: " الولد للفراش، وللعاهر الحجر " (* 1)، فان الظاهر منه أنه وارد في مقام بيان الحكم الواقعي من نفي النسب عن العاهر واقعا. ويشير إليه ما في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " قال أيما رجل وقع على وليدة قوم حراما، ثم اشتراها، فادعى ولدها، فانه لا يورث منه شئ، فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الولد للفراش، وللعاهر الحجر. ولا يورث ولد الزنا، إلا رجل يدعي ابن وليدته " (* 2) فان قوله: " ولا يورث ولد الزنا " كالصريح في ولد الزنا الواقعي. ونحوه غيره. لكن المستفاد من بعض الروايات، ومن مذاق الشرع الاقدس: أن حرمة النكاح والوطء تابعة للنسب العرفي. فلاحظ ما ورد في الاستنكار لان يكون أولاد آدم قد تزوجوا أخواتهم. وأن تحريم النكاح من الاحكام الانسانية، لا من الاحكام الشرعية تعبدا. (2) بلا خلاف، كما في الجواهر، لانها بمنزلة الزوجة. ويقتضيه خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) قال " سألته عن رجل اختلعت منه امرأته، أيحل له أن يخطب أختها قبل أن تنقضي عدتها؟

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من ابواب ميراث ولد الملاعنة حديث: 1، 4. (* 2) الوسائل باب: 74 من ابواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.

 

===============

 

( 260 )

 

[ أو كان الفراق بالفسخ لاحد العيوب، أو بالخلع، أو المباراة جاز له نكاح الاخرى (1). والظاهر عدم صحة رجوع الزوجة في البذل بعد تزويج أختها (2)، كما سيأتي في باب الخلع إن شاء الله. نعم لو كان عنده احدى الاختين بعقد الانقطاع وانقضت المدة لا يجوز له - على الاحوط - نكاح أختها في عدتها وإن كانت بائنة، للنص الصحيح (3). ] قال: إذا برئت عصمتها منه ولم يكن له عليها رجعة فقد حل له أن يخطب أختها " (* 1)، وخبر زرارة عن أبى جعفر (ع): " في رجل طلق امرأته وهي حبلى، أيتزوج اختها قبل أن تضع؟ قال (ع): لا يتزوجها حتى يخلو أجلها (بطنها خ ل) " (* 2) بناء على حمله على الطلاق الرجعي، جمعا بينه وبين ما قبله. (1) بلا خلاف ظاهر. ويقتضيه خبر الكناني المتقدم. مضافا إلى عمومات الحل بعد عدم كونه جمعا بين الاختين. (2) لما يستفاد من نصوص جواز رجوع المختلعة بالبذل من كونه أشبه بالمعاوضة بينه وبين رجوع الزوج بها، فإذا تعذر الثاني - للزوم الجمع بين الاختين أو نحو ذلك من موانع الرجوع - تعذر الاول أيضا. (3) وهو ما رواه في التهذيب باسناده عن الحسين بن سعيد قال: " قرأت في كتاب رجل إلى أبى الحسن الرضا (ع): الرجل يتزوج المرأة متعة إلى أجل مسمى، فينقضى الاجل بينهما، هل يحل له أن ينكح أختها من قبل أن تنقضي عدتها؟ فكتب (ع): لا يحل له أن يتزوجها حتى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 28 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2.

 

===============

 

( 261 )

 

[ والظاهر أنه كذلك إذا وهب مدتها (1)، وإن كان مورد النص انقضاء المدة. (مسألة 49): إذا زنى باحدى الاختين جاز له نكاح الاخرى في مدة استبراء الاولى. وكذا إذا وطئها شبهة جاز له نكاح أختها في عدتها، لانها بائنة. نعم الاحوط اعتبار الخروج عن العدة (2)، خصوصا في صورة كون الشبهة من طرفه ] تنقضي عدتها " (* 1). ونحوه ما رواه في الفقيه أيضا عن علي بن أبي حمزة (* 2)، وما رواه في الكافي عن يونس (* 3)، وما رواه أحمد بن محمد ابن عسى في نوادره (* 4). وعن نهاية المرام: أن العمل به متعين. لكن في السرائر: " وهي رواية شاذة، مخالفة لاصول المذهب لا يلتفت إليها ولا يجوز التعريج عليها ". ولاجل ذلك توقف في المتن عن الفتوى بمضمونها. بل إعراض الاصحاب عنها موجب لسقوطها على الحجية، فلا مجال للخروج عن القواعد المقتضية للجواز. (1) لاجل أن المفهوم عرفا: أن موضوع الحكم العدة الموجبة للعلقة، وليس لانقضاء الاجل خصوصية في ذلك. (2) كأن الوجه في الاحتياط المذكور الخبر الاتي بناء على عدم فهم خصوصية مورده.

 

 

____________

(* 1) التهذيب الجزء: 7 صفحة 287 طبعة النجف الحديثة، الوسائل باب: 27 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الملحق الثالث للحديث: 1. (* 2) من لا يحضره الفقيه الجزء: 3 صفحة: 295. الوسائل باب: 27 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الملحق الاول للحديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 27 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 27 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة الملحق الرابع للحديث: 1.

 

===============

 

( 262 )

 

[ والزنا من طرفها من جهة الخبر (1) الوارد في تدليس الاخت التي نامت في فراش أختها بعد لبسها لباسها. (مسألة 50): الاقوى جواز الجمع بين فاطميتين (2) ] (1) وهو صحيح بريد العجلي قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن رجل تزوج امرأة فزفتها إليه أختها، وكانت أكبر منها، فادخلت منزل زوجها ليلا، فعمدت إلى ثياب امرأته فنزعتها منها، ولبستها، ثم قعدت في حجلة اختها ونحت امرأته وأطفأت المصباح، واستحيت الجارية أن تتكلم، فدخل الزوج الحجلة فواقعها، وهو يظن أنها امرأته التي تزوجها، فلما أن أصبح الرجل قامت إليه امرأته، فقالت: أنا امرأتك فلانة التي تزوجت، وأن أختي مكرت بي فأخذت ثيابي فلبستها، وقعدت في الحجلة، ونحتني، فنظر الرجل في ذلك فوجد كما ذكر. فقال: أرى أن لا مهر للتي دلست نفسها. وأرى أن عليها الحد لما فعلت حد الزاني غير محصن. ولا يقرب الزوج امرأته التى تزوج حتى تنقضي عدة التى دلست نفسها، فإذا انقضت عدتها ضم إليه امرأته " (* 1). وهذا الصحيح نظير ما قبله يظهر من الاصحاب إعراضهم عنه، لعدم تعرضهم لمضمونه. فالعمل به غير ظاهر. مع أن مورده وطء الزوجة قبل خروج أختها الموطوءة شبهة من عدتها، وهو غير ما نحن فيه. اللهم إلا أن يستفاد منه حكم ما نحن فيه، لعدم الفرق. (2) كما هو المعروف بين الاصحاب، بل ظاهرهم الاتفاق عليه، وفي الجواهر: " لم أجد أحدا من قدماء الاصحاب ولا متأخريهم ذكر ذلك في المكروهات، فضلا عن المحرمات المحصورة في ظاهر بعض وصريح آخر في غيره ". وقال في الحدائق: " هذه المسألة لم يحدث فيها الكلام

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب العيوب والتدليس حديث: 1.

 

===============

 

( 263 )

 

[ على كراهة. وذهب جماعة من الاخبارية إلى الحرمة والبطلان بالنسبة إلى الثانية (1). ومنهم من قال بالحرمة دون البطلان فالاحوط الترك (2). ولو جمع بينهما فالاحوط طلاق الثانية أو طلاق الاولى وتجديد العقد على الثانية بعد خروج الاولى عن العدة، وإن كان الاظهر على القول بالحرمة عدم البطلان لانها تكليفية، فلا تدل على الفساد (3). ثم الظاهر عدم ] إلا في الاعصار الاخيرة. وإلا فكلام المتقدمين من أصحابنا رضوان الله عليهم والمتأخرين خال من ذكرها والتعرض لها. وقد اختلف فيها الكلام وكثر النقض والابرام بين علماء عصرنا، ومن تقدمه قليلا، فما بين من جزم بالتحريم، ومن جزم بالحل، ومن توقف في ذلك: (1) يظهر ذلك من الحدائق، حيث قال: " والتحقيق: أن هذه المسألة مثل مسألة الجمع بين الاختين حذو النعل بالنعل. وحينئذ فالمخرج منها هنا كما تقدم ثمة، وهو أن يفارق الثانية، وإن طلقها فهو أولى ". ولم أعرف من وافقه على ذلك. (2) يظهر ذلك من الشيخ جعفر بن كمال الدين، ولم يتحقق لدي موافق على ذلك. نعم نسب إلى الشيخ سليمان البحراني، فقد حكي عنه أنه أمر رجلا بطلاق إحدى نسائه، وكانت فاطميتان: ونسب إليه أيضا التوقف، كما نسب إلى الحر العاملي، وهو ظاهر الوسائل، حيث قال: " باب حكم الجمع بين اثنتين من ولد فاطمة (ع) ": وكيف كان فالقائل بالحرمة والبطلان أو بالحرمة فقط نادر من الاخباريين. ونسبته إلى جماعة منهم غير ظاهرة. (3) أما أنها تكليفية على تقديرها: فلاجل التعليل في الخبر بالمشقة،

 

===============

 

( 264 )

 

[ الفرق في الحرمة أو الكراهة بين كون الجامع بينهما فاطميا أولا (1). كما أن الظاهر اختصاص الكراهة أو الحرمة بمن كانت فاطمية من طرف الابوين أو الاب، فلا تجري في المنتسب إليها - صلوات الله عليها - من طرف الام (2). خصوصا إذا كان انتسابها إليها باحدى الجدات العاليات. وكيف كان فالاقوى عدم الحرمة، وإن كان النص الوارد في المنع صحيحا، على ما رواه الصدوق في العلل باسناده عن حماد (3) قال: " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: لا يحل لاحد أن يجمع بين اثنتين من ولد فاطمة (ع)، إن ذلك يبلغها ] المحمولة على الايذاء المحرم. لا لاجل القصور في موضوع العقد، لتدل على الفساد. (1) لاطلاق النص الاتي. (2) هذا يتم لو كان موضوع المنع الفاطميتين. لكن الموضوع من كان من ولد فاطمة، وهو يصدق على من تولد منها، ولو من البنات. كما ذكره في الجواهر، وجعله من جملة وجوه الاشكال في الخبر، لانه لا يخلو منه كثير من الناس، بل أكثر الناس. ولعله لذلك خص المصنف (ره) الحكم بغيره. (3) رواه عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن حماد، قال: " سمعت.. " (* 1) ورواه الشيخ باسناده عن علي بن الحسن، عن السندي بن الربيع (عن علي بن السندي عن محمد بن الربيع. خ) عن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة ملحق حديث: 1.

 

===============

 

( 265 )

 

[ فيشق عليها. قلت: يبلغها؟ قال (ع) إي والله "، وذلك لاعراض المشهور عنه (1)، مع أن تعليله ظاهر في الكراهة. إذ لا نسلم أن مطلق كون ذلك شاقا عليها (2) إيذاء لها حتى يدخل في قوله صلى الله عليه وآله " من آذها فقد آذاني ". ] محمد بن أبي عمير، عن رجل من اصحابنا، قال: " سمعته يقول: لا يحل.. " (* 1). (1) بل في الجواهر: " عن بعض الناس أنه من البدع ". واحتمل كون الخبر المزبور من انتحال أبي الخطاب، نظير انتحاله أن العلويات إذا حضن قضين الصوم والصلاة. وكفى في تحقق الاعراض أنه لم يتعرض للحكم المذكور في كلام المتقدمين والمتأخرين ومتأخريهم إلى زمان المحدث البحراني وما قارب عصره، ولم يتعرض له إلا جماعة من الاخباريين، ولم يتضح البناء على الحرمة إلا من نادر منهم، والباقون ما بين راد له، ومتردد فيه. (2) هذا الاشكال ذكره في الحدائق وأجاب عنه بأن المشقة النقل والشدة والصعوبة، وذلك يستلزم الاذى، فان الاذى هو الضرر، وهو أقل مراتب المشقة. وفيه: أن إيذاءها (ع) المنهي عنه يراد به الايلام النفساني، وهو غير لازم من المشقة، فانه إذا نزل الانسان ضيف عزيز يجد أعظم المشقة من نزوله للاهتمام في إكرامه وتهيئة الطعام ولوازم الضيافة له، مع التلذذ النفساني في ذلك، والصلحاء من الناس يتحملون المشقة في صيام شهر رمضان في الصيف، مع التلذذ النفساني، والمجاهدون في ميدان القتال والجلاد في أعظم مشقة، مع التلذذ النفساني.. وهكذا. فالآلام النفسانية لا تلازم المشقة. نعم الحمل على الكراهة بقرينة التعليل المذكور موقوف على إثبات ان إدخال الشاق عليها مكروه. وهو غير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 40 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1.

 

===============

 

( 266 )

 

[ (مسألة 51): الاحوط ترك تزويج الامة دواما مع عدم الشرطين (1)، ] ظاهر، لجواز كونه حراما، كالايذاء. فتأمل. (1) بل هو المنسوب في كشف اللثام إلى أكثر المتقدمين، وحكاه في الحدائق عن المبسوط، والخلاف، والمفيد، وابن البراج، وابن الجنيد، وابن أبي عقيل. وفي محكي كلام الاخير نسبته إلى آل الرسول. لقوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات. والله أعلم بايمانكم بعضكم من بعض، فانكحوهن باذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات، ولا متخذات أخدان. فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب. ذلك لمن خشي العنت منكم. وأن تصبروا خير لكم. والله غفور رحيم) (* 1) فان صدر الاية الشريفة ظاهر في اشتراط جواز نكاح الامة بأن لا يستطيع طولا، وظاهر ذيلها اشتراطه بخوف العنت. فلا يجوز إلا مع وجود الشرطين. وصحيح زرارة بن أعين عن أبي جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل يتزوج الامة؟ قال (ع): لا، إلا أن يضطر إلى ذلك " (* 2). وموثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " في الحر يتزوج الامة. قال (ع): لا بأس إذا اضطر إليها " (* 3). وموثق محمد بن مسلم، قال: " سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يتزوج المملوكة. قال (ع): إذا اضطر إليها فلا بأس " (* 4).

 

 

____________

(* 1) النساء: 25. (* 2) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 6.

 

===============

 

( 267 )

 

ونوقش في الاستدلال المذكور بالاية تارة: بمنع حجية مفهوم الشرط. ويدفعها أن المحقق في الاصول الحجية. وأخرى: بمنع حجية مفهوم الشرط في قبال عمومات التحليل. ويدفعها: أن المفهوم كالمنطوق، فقد يكون مقتضى الجمع العرفي تقديم المفهوم، لكونه اخص، كما في المقام. وثالثة: بأن دلالة المفهوم على المنع بدون الشرط إذا لم يكن واردا مورد الارشاد إلى ما فيه مصلحة المكلف بل كان واردا في مقام جعل الحكم الشرعي. ويدفعها: أن قرينة سياق الاية في سياق آيات التحليل والتحريم يقتضي الثاني، ولا سيما وكون الاصل في كلام الشارع ذلك، لا الارشاد، حيث يدور الامر بينهما. ورابعة: بأن الشرط في المقام شرط للوجوب أو الاستحباب، فمع انتفائه ينتفي الوجوب أو الاستحباب لا الجواز. وفيه: أن الظاهر كونه شرطا للجواز، بقرينة السياق، وقوله تعالى: (وأن تصبروا خير لكم). وخامسة: بعدم ثبوت كون كلمة (من) بمنزلة (إن) في إفادة المفهوم. ويدفعها: أن الظاهر ذلك، كما يظهر بمراجعة مباحث مفهوم الشرط في الاصول. وسادسة: بأن مقتضى المفهوم العموم للعبد، وهو خلاف الاجماع على الجواز فيه بدون الشرط، فيتعين رفع اليد عن المفهوم. ويدفعها: أنه لا مانع من البناء على تخصيص المفهوم بغير العبد، كما في كثير من الموارد. وسابعة: بأن من المحتمل أن يكون المراد مما ملكت أيمانكم السراري والجواري. وفيه: - مع أنه لا يناسب الشرط - مناف لقوله تعالى: (فانكحوهن باذن أهلهن..)، فانه صريح في التزويج. ومثل هذه المناقشات مناقشات أخرى يظهر اندفاعها بأقل تأمل. فإذا لا مجال إلا للاخذ بظاهر الاية. وأما النصوص: فتمكن المناقشة فيها بأن الضرورة أخص من الشرطين. فيتعين حمل النهي على الكراهة، للاجماع على عدم اشتراط الجواز بالاخص منهما، كما سيأتي. وفيه: أنه يمكن الجمع بين النصوص وغيرها بحمل

 

===============

 

( 268 )

 

[ من عدم التمكن من المهر للحرة، وخوف العنت بمعنى: المشقة أو الوقوع في الزنا (1). ] الضرورة على الشرطين. وهو أولى من التصرف بالحكم. وقيل بالجواز ولو مع عدم الشرطين، وفي الشرائع: أنه الاشهر. وعن الغنية: الاجماع عليه. لعمومات الحل التي يجب تقييدها بما سبق. ولما دل على أنه لا يجوز نكاح الامة على الحرة بغير إذنها، لاشعارها بالجواز في غير موردها من وجهين - كما في الرياض - أحدهما: تخصيص النهي بتزويجها على الحرة، فلو عم النهي لخلا التقييد بالحرة عن الفائدة، والثاني: دلالتها على جواز تزويجها ولو في الجملة، وهو ينصرف إلى العموم، حيث لا صارف له عنه. وفيه: أن الادلة المذكورة ورادة في مقام آخر، ولا تعرض فيها لما نحن فيه. ووجود الحرة مع الاذن لا يوجب فقد أحد الشرطين. ولخبر يونس عنهم (ع): " لا ينبغي للمسلم الموسر أن يتزوج الامة إلا أن لا يجد حرة " (* 1)، وخبر أبي بصير عن أبى عبد الله (ع): " لا ينبغي للحر أن يتزوج الامة وهو يقدر على الحرة " (* 2). ونحوهما مرسل ابن بكير، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) (* 3). لكن ظهور " لا ينبغي " في الجواز ممنوع. ولو سلم فليس بحيث يقوى على صرف الظواهر المتقدمة في المنع. (1) حمله على المعنى الاول جماعة. وهو الاوفق بالمعنى اللغوي. وعلى الثاني جماعة أخرى، بل في مجمع البيان نسبته إلى أكثر المفسرين، وفي كشف اللثام نسبته إلى المشهور. وكأن الذي دعى إلى هذا الحمل -

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 45 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 5.

 

===============

 

( 269 )

 

مع مخالفته للمعنى اللغوي - قوله تعالى: (وأن تصبروا..) إذ الصبر لا يكون إلا مع حصول المشقة، ولا يكفي في تحقق مفهومه خوفها، فيتعين إرادة الثاني، إذ لا ثالث لهما. وعن بعض الفقهاء: أنه المعنى الشرعي للعنت، نقل إليه عن المعنى اللغوي. لكنه - كما ترى - غير ظاهر. والعلامة في القواعد مع أنه في هذا المقام فسر العنت بمشقة الترك، قال في مبحث نكاح الاماء: " وخوف العنت إنما يحصل بغلبة الشهوة، وضعف التقوى ". فكأنه حمل خشية العنت على خشية أثره مع تحققه فعلا، نظير قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) (* 1)، وقوله تعالى: (ذلك لمن خشي ربه) (* 2)، لا على خشية نفسه، نظير قوله تعالى: (تجاره تخشون كسادها) (* 3)، وقوله تعالى: (خشية إملاق) (* 4). وعلى هذا لا يكون خلاف في معنى العنت، بل الخلاف في معنى خوف العنت، فهو بمعنى المشقة الشديدة، وخوفه: إما بمعنى خوف وقوعه، أو بمعنى خوف أثره بعد المفروغية عن وقوعه. فالمشهور على الثاني. وغيرهم على الاول. وبذلك يرتفع ظهور التنافي بين كلامي العلامة، وترتفع الغرابة عن تفسير المشهور بخوف الزنا. نعم يبقى الاشكال في وجه تخصيص الزنا من بين الاثار المترتبة على المشقة الشديدة، التي يخاف مما يترتب عليها، فانه لا قرينة على إرادته من أثر العنت. بل من الجائز أن يكون المراد مطلق المحذور المترتب على المشقة، سواء لم يكن بالاختيار، مثل المرض ونحوه، أم كان بالاختيار، مثل

 

 

____________

(* 1) فاطر: 28. (* 2) البينة: 8. (* 3) التوبة: 24. (* 4) الاسراء: 31.

 

===============

 

( 270 )

 

الزنا ونحوه من المحرمات. اللهم إلا ان يقال: القسم الاول إذا كان مخوفا يجب الاحتياط فيه. فيجب التزويج، ولا يكون الصبر افضل فيتعين حمله على القسم الثاني. لكن عرفت أنه لا قرينة على إرادة الزنا بالخصوص من بين المحرمات الشرعية، بل من الجائز العموم للنظر المحرم، واللمس المحرم، وغيرهما. اللهم إلا أن يكون المراد من الزنا في كلامهم ما هو أعم من ذلك، على أن الفرق بين ما يترتب بلا اختيار وما يترتب بالاختيار في وجوب التزويج في الاول، وعدم وجوبه في الثاني، غير ظاهر. إذ في المقامين لا يكون ترك التزويج مقدمة للحرام. فان ترك التزويج إنما يكون مقدمة لحرمة الزوجة، إذ مع التزويج تحل، وبدونه تحرم، ولا يكون مقدمة لوقوع المرض ونحوه بلا اختيار، ولا لوقوع الزنا ونحوه بالاختيار وهذا نظير ما يقال: " إن شراء الدواء واجب مقدمي لدفع المرض "، فان الشراء إنما يوجب حل الشرب، ولا يوجب دفع المرض، وانما الذي يدفع المرض شرب الدواء لا شراؤه. فالفرق بين القسمين في المقدمية للحرام - كي يدعى عدم جواز الصبر في القسم الاول، وجواز الصبر في القسم الثاني - غير ظاهر. فإذا لا مانع من كون ترك التزويج أفضل في المقامين. هذا بناء على أن الافضلية حكم حقيقي. اما إذا كان حكما فعليا، فلا يجوز في المقامين، كما لا يخفى. وسيجئ التعرض لذلك. فانتظر. والذي يقتضيه العمل بالظاهر حمل العنت على المشقة الشديدة، وحمل خوفها على خوف ما يترتب عليها من محذور شرعي أو عرفي. ودعوى: نقل العنت شرعا إلى خصوص الزنا. عرفت أنها لا دليل عليها، كما لا قرينة على إرادته بالخصوص. فاللازم الاخذ بالاطلاق. ولا ينافيه قوله تعالى: (وأن تصبروا خير لكم) الدال على أن ترك التزويج أفضل، وهو لا يتم إذا لزم محذور شرعي منه، لامكان تخصيصه بما إذا لم يترتب

 

===============

 

( 271 )

 

[ بل الاحوط تركه متعة أيضا، وإن كان القول بالجواز فيها غير بعيد (1). وأما مع الشرطين فلا إشكال في الجواز. ] ذلك عليه، كما عرفت. (1) كما حكاه في الحدائق عن شرح النافع. فخص المنع بالدائم، لانه المنصرف إليه من أدلة المنع. ولمصحح البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع): " لا يتمتع بالامة إلا باذن اهلها " (* 1)، وصحيحه الاخر عنه (ع): " عن الرجل يتمتع بأمة رجل باذنه؟ قال (ع): نعم " (* 2)، وصحيحه الاخر المروي عن قرب الاسناد عنه (ع): " أنه قال في الامة: يتمتع بها باذن أهلها " (* 3)، وصحيحه الاخر عنه (ع) قال: سألته يتمتع بالامة باذن أهلها؟ قال (ع): نعم. إن الله عزوجل يقول: (فانكحوهن باذن أهلهن) " (* 4). وفيه: أن الانصراف ممنوع. بل الانسب بقوله تعالى: (وأتوهن أجورهن) الانصراف إلى التمتع، لما ورد في المتمتع بهن من أنهن مستأجرات (* 5). والنصوص واردة في مورد حكم آخر، وهو اعتبار إذن المالك في صحة المتعة، لرفع احتمال عدم اعتبار الاذن في المتعة، كما يشير إليه خبر سيف بن عميرة عن أبي عبد الله (ع): " لا بأس بأن يتمتع بأمة المرأة بغير إذنها. فاما أمة الرجل فلا يتمتع بها إلا بأمره " (* 6).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب المتعة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 15 من ابواب المتعة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب المتعة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 15 من ابواب المتعة حديث: 3. (* 5) راجع الوسائل باب: 4 من ابواب المتعة حديث: 2، 4. (* 6) الوسائل باب: 14 من ابواب المتعة حديث: 1.

 

===============

 

( 272 )

 

[ لقوله تعالى: (ومن لم يستطع..) إلى آخر الآية (1). ومع ذلك الصبر أفضل (2) في صورة عدم خوف الوقوع في الزنا (3). ] ونحوه خبر داود بن فرقد (* 1). ويشير إلى ذلك صحيح البزنطي الثالث حيث تمسك فيه بالاية الشريفة، الدالة على أن التزويج متعة داخل في الاية الدالة على اعتبار إذن المالك في تزويج الامة، لدفع توهم خلاف ذلك. فإذا التفصيل المذكور ضعيف. ومثله التفصيل بين من عنده الحرة فلا يجوز، وبين غيره فيجوز، ولو مع فقد الشرطين. فعن الشيخ (ره): أنه حكاه عن قوم من أصحابنا. لكن بعضهم أنكر وجود القول المذكور. وكيف كان فلا دليل عليه في قبال ما عرفت من أدلة المنع. ولذا كان الاولى إرجاعه إلى القول بالمنع. واستدل له بمصحح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " قال تزوج الحرة على الامة، ولا تزوج الامة على الحرة. ومن تزوج أمة على حرة فنكاحه باطل " (* 2). ونحوه غيره. ودلالته على جواز تزوج الامة لمن لم يكن عنده حرة ولو مع فقد الشرطين خفية. (1) فان قوله تعالى: (فانكحوهن...) صريح في الجواز. (2) لما في ذيل الاية الشريفة من قوله تعالى: (وأن تصبروا خير لكم) ولا منافاة بين ذلك وبين اشتراط الجواز بخوف العنت. لامكان تخصيصه بصورة ما إذا لم يترتب عليه محذور شرعي، كما سيأتي. (3) قال في المسالك: " أطلق القائلون بجوازه بالشرطين أن الصبر له أفضل، عملا بظاهر قوله تعالى: (وأن تصبروا خير لكم). وفي الجمع بين خيريته مع اشتراط الجواز بخشية العنت إشكال ". وجه الاشكال:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من ابواب المتعة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 46 من ابواب ما يحرم بالمصاهرة حديث: 1.

 

===============

 

( 273 )

 

[ كما لا إشكال في جواز وطئها بالملك (1)، بل وكذا بالتحليل (2) ولا فرق بين القن وغيره. نعم الظاهر جوازه في المبعضة، ] ما أشرنا إليه من أنه إذا كان ترك التزويج يترتب عليه الزنا، يكون حراما، فيمتنع أن يكون أفضل. لكن عرفت ما فيه، وأن ترك التزويج إنما يترتب عليه تحريم الزوجة، ولا يترتب عليه الزنا. وإنما يترتب الزنا على حصول الشهوة، نظير ترك شراء الدواء، الذي لا يترتب عليه المرض، وإنما يترتب على ترك استعمال الدواء. وحينئذ لا مانع من كون ترك تزويج الامة أفضل في نفسه، وإن كان يلازمه الوقوع في الزنا، أو المرض، أو نحوهما مما يحرم وقوعه اختيارا، لعدم المقدمية، ولا مانع من اختلاف المتلازمين في الاحكام. لكن الظاهر من قوله تعالى: (وأن تصبروا خير لكم) كونه حكما فعليا لا يصح مع تحريم ملازمه. فلا بد أن يختص بصورة ما إذا لم يلزم المحرم، سواء كان اختياريا كالزنا ونحوه، أم لا كالمرض ونحوه. بان يلزم منه ما ليس بمحرم كتشويش باله، ووقوف أعماله، ومكاسبه، ونحو ذلك. فانه حينئذ يكون الصبر أفضل. وهذا مما يؤكد ما ذكرناه من الاطلاق وعدم الاختصاص بالزنا. وفي الجواهر دفع الاشكال بأن الزنا بعدما كان بالاختيار لم يكن ترك التزويج مقدمة محرمة، كي ينافي ذلك كونه أفضل. وفيه: أن الظاهر من قوله تعالى: (خير لكم) أنه أفضل فعلا، وأنه في مقام الحث عليه. وهو يتنافي مع تحريم ما يلازمه من الزنا، كما عرفت. (1) باتفاق المسلمين. وفي الجواهر: أنه لا ريب فيه. (2) بناء على التحقيق من أنه داخل في ملك اليمين، وليس من قبيل التزويج. نعم بناء على الثاني يكون حكمه حكم الدائم، كما في المسالك وغيرها.

 

===============

 

( 274 )

 

[ لعدم صدق الامة عليها (1)، وإن لم يصدق الحرة أيضا. (مسألة 52): لو تزوجها مع عدم الشرطين فالاحوط طلاقها (2). ولو حصلا بعد التزويج جدد نكاحها إن أراد على الاحوط (3). (مسألة 53): لو تحقق الشرطان فتزوجها ثم زالا أو زال أحدهما لم يبطل (4) ولا يجب الطلاق. ] (1) كما نص على ذلك في الجواهر، وإن كانت الاية الشريفة لم يذكر فيها الامة وإنما ذكر فيها " ما ملكت أيمانكم "، وهو أيضا لا يشمل المبعضة، فلا تدخل في أدلة المنع. (2) لاحتمال صحة النكاح، فلا يجوز تركها بلا طلاق. (3) لاحتمال عدم صحته حين حدوثه. (4) كما في المسالك والجواهر، لان الشرطين - على تقدير اعتبارهما - شرط في الحدوث، فإذا تحققا وصح حين حدوثه جرى استصحاب صحته بعد ذلك، وإن زال الشرطان، بل لو فرض أنه طلقها رجعيا جاز له الرجوع بها بعد فقد الشرطين، لانها بمنزلة الزوجة. واستشكل فيه في الحدائق، لخلو الفرض عن النص بنفي أو اثبات، وعدم حجية الاستصحاب. وعن بعض العامة: بطلان العقد. والجميع - كما ترى - خلاف الاصل. بل خلاف النصوص الدالة على جواز نكاح الحرة على الامة، فانها محمولة على صورة ما إذا تزوج الامة لوجود الشرطين، ثم زال أحدهما بحصول الطول إلى تزويج الحرة. بل في صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع): " في الرجل نكح امة فوجد طولا إلى حرة وكره أن يطلق الامة. قال (ع): ينكح الحرة على الامة، إن كانت الامة أولهما عنده " (* 1).

 

 

____________

(* 1) ذكره بهذا المتن في الحدائق - عن البحار عن كتاب الحسين بن سعيد - في مسألة الجمع -

 

===============

 

( 275 )

 

[ (مسألة 54): لو لم يجد الطول أو خاف العنت ولكن أمكنه الوطء بالتحليل أو بملك اليمين يشكل جواز التزويج (1) (مسألة 55): إذا تمكن من تزويج حرة لا يقدر على مقاربتها، لمرض، أو رتق، أو قرن، أو صغر، أو نحو ذلك، فكما لم يتمكن (2). وكذا لو كانت عنده (3) واحدة من هذه، أو كانت زوجته الحرة غائبة. ] (1) بل في المسالك والجواهر: لم يجز له نكاح الامة، لفقد الشرط وهو خوف العنت. وحكى فيهما احتمال الجواز، لانه لا يستطيع طول حرة. وفيه: أن خوف العنت شرط آخر، وهو مفقود. ومن ذلك يظهر الاشكال في توقف المصنف عن الفتوى. إلا أن يكون من باب الاشكال في الحكم في أصل المسألة. نعم يشكل فرضه خوف العنت مع إمكان الوطء بالتحليل أو بملك اليمين. وكأنه يريد خوف العنت لا من جهة العجز عن النكاح، فانه لا ينافي التمكن من نكاح الامة. لكن الظاهر منه في الاية الشريفة الخوف الناشئ من العجز الشرعي عن النكاح، بحيث يكون العجز عن النكاح داعيا إليه. وهذا المعنى لا يتحقق مع التمكن من نكاح الامة بالملك والتحليل. ولذا قال في القواعد: " والقادر على ملك اليمين لا يخاف العنت، فلا يترخص ". (2) لصدق عدم الطول على نكاح الحرة. (3) كما في المسالك والجواهر والحدائق. وفي الاخير: نسبته إلى تصريح الاصحاب. لصدق عدم الطول على نكاح الحرة. والظاهر عدم

 

 

____________

- بين الحرة والامة الجزء: 6 صفحة: 117 الطبعة القديمة ولا يوجد في الوسائل، والموجود فيها حديث آخر عن محمد بن قيس مختلف معه متنا متحد معه معنى راجع الوسائل باب: 8 من ابواب القسم والنشوز والشقاق حديث: 2.

 

===============

 

( 276 )

 

[ (مسألة 56): إذا لم تكفه في صورة تحقق الشرطين أمة واحدة، يجوز الاثنتين (1). أما الازيد فلا يجوز، كما سيأتي (2). (مسألة 57): إذا كان قادرا على مهر الحرة لكنها تريد أزيد من مهر أمثالها بمقدار يعد ضررا عليه، فكصورة عدم القدرة (3)، لقاعدة نفي الضرر. نظير سائر المقامات، ] الاشكال فيه، كما يقتضيه ما سيأتي من جواز نكاح الامة على الحرة باذنها نصا، وفتوى. نعم إذا تمكن من بعض الاستمتاعات بها غير الوطء، على وجه يزول خوف العنت، لم يجز له نكاح الامة، لفقد الشرط الثاني. (1) نسبه في الحدائق إليهم. لاطلاق دليل الجواز مع وجود الشرطين، الشامل لمن لم يتزوج الامة ولمن تزوجها. (2) وتقدم من أنه لا يجوز للحر نكاح أكثر من أمتين. (3) قال في المسالك: " لو وجدت الحرة، وقدر على ما طلبته من المهر، لكن طلبت أزيد من مهر مثلها، بحيث تجحف بالزيادة، ففي وجوب بذله، وتحريم نكاح الامة وجهان، من تحقق القدرة المقتضية لوجود الطول. ومن لزوم الضرر والمشقة بدفع الزيادة، وحمل القدرة على المتعارف. وهو قوي مع استلزام بذل الزيادة الاسراف عادة بحسب حاله، أو الضرر. وإلا فالاقوى الاول ". والمصنف (ره) فرض مجرد الضرر المالي. واستدل له بقاعدة نفي الضرر. ويشكل أولا: بأن قاعدة نفي الضرر تختص بما يلاحظ فيه المالية، كباب المعاوضات المالية، والنكاح ليس منها، فان المهر لم يلحظ فيه المعاوضة المالية، فان الزوجة لا كلا ولا بعضا تكون ملكا للزوج عوض المهر، ولا حق له فيها أيضا لوحظ عوضا عنه. وإنما عنوان الاصداق

 

===============

 

( 277 )

 

[ كمسألة وجوب الحج إذا كان مستطيعا ولكن يتوقف تحصيل الزاد والراحلة على بيع بعض أملاكه بأقل من ثمن المثل، أو على شراء الراحلة بأزيد من ثمن المثل، فان الظاهر سقوط الوجوب وإن كان قادرا على ذلك. والاحوط في الجميع ] عنوان آخر. ولذا لم يكن بناء الفقهاء على الرجوع إلى قاعدة نفي الضرر فيما لو تزوج وأصدق أكثر من مهر المثل، كما هو حكم المغبون. وثانيا: أن غاية ما تقتضيه القاعدة المذكورة نفي الحكم الذي يؤدي إلى الضرر، لا إثبات صحة تزويج الامة مع فقد شرطه، ولا إثبات شرطه. نعم إذا توقف التخلص من الوقوع في الحرام على تزويج الحرة المذكورة، وكان تزويجها ضررا ماليا، سقط وجوب تزويجها. لكن لا يشرع صحة تزويج الامة مع فقد شرطها. ووجوب التخلص من الحرام لا يقتضي مشروعيتها. وكذلك رفع السهو والنسيان لا يقتضي صحة الصلاة التي وقع فيها السهو والنسيان. ودليل نفي الحرج لا يقتضي صحة المركب الذي كان بعض أجزاءه حرجيا. فالمتحصل: أن قاعدة نفي الضرر تصلح لنفي الحكم الضرري، ولا تصلح لتشريع الحكم الذي به يرتفع الضرر. ومن ذلك يظهر الاشكال في مقايسة المقام بمسألة وجوب الحج، إذا توقف على بيع بعض أملاكه بأقل من ثمن المثل، أو شراء الراحلة أو الزاد بأكثر من ثمن المثل، فان القاعدة هناك جارية على مقتضاها من نفي الحكم الضرري، فينتفي وجوب الحج، لانه ضرري. وهنا يقصد إثبات صحة تزويج الامة بالقاعدة، وهي لا تصلح لذلك. مضافا إلى أن الذي اختاره المصنف عدم سقوط الحج بذلك. فراجع المسألة السابعة من مبحث الاستطاعة من حيث المال.

 

===============

 

( 278 )

 

[ اعتبار كون الزيادة مما يضر بحاله (1) لا مطلقا.