فصل في بقية أحكام الزكاة

 [ فصل في بقية أحكام الزكاة وفيه مسائل: الاولى: الافضل (1) - بل الاحوط - (2) نقل الزكاة إلى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة، لا سيما إذا طلبها، لانه أعرف بمواقعها. لكن الاقوى عدم وجوبه (3)، فيجوز ] فصل في بقيه أحكام الزكاة (1) بلا ريب، كما قيل. لفتوى جماعة بالاستحباب. ولانه أبصر بمواقعها. لكن ثبوت الاستحباب بالفتوى مبني على قاعدة التسامح، وأن من مواردها فتوى الفقيه، وكلاهما محل إشكال. والتعليل غير مطرد، إذ ربما يكون المالك أبصر من الفقيه، كما هو ظاهر جدا. (2) خروجا عن شبهة الخلاف. (3) كما هو المشهور. ويشهد له كثير من النصوص، المتفرقة في أنواع المستحقين وشرائطهم، وفي نقلها وعزلها وغير ذلك، مما يشرف بالفقيه على القطع بذلك. وبها يخرج عن ظهور قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها..) (* 1) في وجوب الدفع إلى النبي صلى الله عليه وآله أو الامام (ع) أو نائبه العام، بناء على تماميته. مع أنه محل إشكال. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن المفيد والحلبي: من وجوب الدفع إلى الامام مع حضوره، وإلى الفقيه مع غيبته. اعتمادا على دعوى ظهور الآية في ذلك. كما يظهر ضعف ما عن ابن زهرة والقاضي: من وجوب الدفع

 

 

____________

(* 1) التوبة: 103 .

 

===============

 

( 314 )

 

[ للمالك مباشرة أو بالاستنابة والتوكيل - (1) تفريقها على الفقراء وصرفها في مصارفها. نعم لو طلبها الفقيه على وجه الايجاب - بأن يكون هناك ما يقتضي وجوب صرفها في مصرف بحسب الخصوصيات الموجبة لذلك شرعا، وكان مقلدا له - يجب عليه الدفع إليه، من حيث أنه تكليفه الشرعي (2)، لا لمجرد طلبه، وإن كان أحوط (3)، كما ذكرنا. بخلاف ] إلى الامام مع حضوره، وعدم وجوب الدفع إلى الفقيه مع غيبته. وفي خبر جابر: (أقبل رجل إلى الباقر (ع) وأنا حاضر، فقال: رحمك الله اقبض مني هذه الخمسمائة درهم فضعها في مواضعها فانها زكاة مالي. فقال: بل خذها أنت وضعها في جيرانك والايتام والمساكين، وفي إخوتك من المسلمين. إنما يكون هذا إذا قام قائمنا (ع)، فانه يقسم بالسوية، ويعدل في خلق الرحمن، البر والفاجر) (* 1). (1) بلا إشكال ظاهر. ويقتضيه جملة من النصوص، كموثق سعيد: (الرجل يعطى الزكاة يقسمها في أصحابه، أيأخذ منها شيئا؟ قال (ع): نعم) (* 2). ونحوه غيره. ويظهر من موثق ابن يقطين: (إن كان ثقة فمره يضعها في مواضعها، وإن لم يكن ثقة فخذها منه وضعها في مواضعها..) (* 3). اعتبار كون ثقة. (2) هذا يتم إذا كانت الخصوصيات موجبة لتولي الفقيه للقسمة. أما لو كانت مقتضية لتعين المصرف الخاص، فحينئذ يجوز للمالك أن يدفعها إلى ذلك المصرف، ويكون بذلك عاملا بتكليفه، وموافقا لفتوى مقلده. (3) بل جزم به في الجواهر. وكذا شيخنا الاعظم (ره) في رسالته،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 36 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 40 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 35 ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 315 )

 

[ ما إذا طلبها الامام (عليه السلام) في زمان الحضور، فانه يجب الدفع إليه بمجرد طلبه، من حيث وجوب طاعته في كل ما يأمر (1). الثانية: لا يجب البسط على الاصناف الثمانية بل يجوز التخصيص ببعضها (2). كما لا يجب في كل صنف البسط ] لان منعه رد عليه، والراد عليه راد على الله تعالى. ولقوله (ع) في التوقيع: (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فانهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله) (* 1). وفيه: أن مورد الرد المحرم الذي هو بمنزلة الرد على الله تعالى هو الحكم في الخصومة، فلا يعم المقام. والحوادث الواقعة لا تخلو من إجمال، والمظنون أن المراد منها: الامور التي لابد من الرجوع فيها إلى الامام، فلا يشمل المقام. ولا سيما بملاحظة الحجية المذكورة في الذيل، المختصة بما يكون موردا للاحتجاج وقطع العذر فالتمسك به على المقام غير ظاهر. وكأنه لذلك لم يعرف القول بوجوب الدفع عند الطلب من أحد، كما عن الاصبهاني في شرح النافع الاعتراف به. (1) لاطلاق قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر..) (* 2) ونحوه. (2) بلا إشكال فيه، لانه موضع نص ووفاق، كما في المدارك. وعن التذكرة: أنه مذهب علمائنا أجمع. وفي الجواهر: الاجماع بقسميه عليه. ويشهد له كثير من النصوص، كمصحح عبد الكريم الهاشمي عن أبي عبد الله (ع): (كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر. ولا يقسمها بينهم بالسوية

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب صفات القاضي حديث: 9. (* 2) النساء: 59.

 

===============

 

( 316 )

 

[ على أفراده إن تعددت، ولا مراعاة أقل الجمع الذي هو الثلاثة بل يجوز تخصيصها بشخص واحد من صنف واحد. لكن يستحب البسط على الاصناف (1) مع سعتها ووجودهم، بل يستحب مراعاة (2) الجماعة التي أقلها ثلاثة ] وإنما يقسمها على قدر ما يحضرها منهم. وما يرى، وليس في شئ من ذلك موقت موظف، وإنما يصنع ذلك بقدر ما يرى على قدر من يحضرها منهم (* 1)، وخبر أبي مريم المروي عن تفسير العياشي عن أبي عبد الله (ع): (في قول الله تعالى: (إنما الصدقات..) فقال (ع): إن جعلتها فيهم جميعا، وإن جعلتها لواحد أجزاك) (* 2). ونحوهما غيرهما. ومنه: ما تقدم في شراء العبد، ووفاء دين الاب، وتفريقها في الجيران والاقارب، وغير ذلك مما هو مستفيض أو متواتر. ومن ذلك يعلم أن (اللام) في الآية ليست للملك. ولا سيما بملاحظة عطف الرقاب وسبيل الله وابن السبيل المجرورة بحرف الظرفية، لامتناع تقدير (اللام) فيهما. وكون الصرف على وجه التوزيع خلاف الاطلاق، كما تقدمت الاشارة إلى ذلك. فما عن بعض العامة، من وجوب القسمة على الاصناف الموجودين على السواء، ويجعل لكل صنف ثلاثة أسهم فصاعدا، ولو لم يوجد إلا واحد من ذلك صرفت حصة الصنف إليه، لانه تعالى جعل الزكاة لهم ب‍ (لام) الملك، وعطف بعضهم على بعض ب‍ (واو) التشريك، وذلك يوجب الاشتراك في الحكم. ضعيف. (1) بلا خلاف ظاهر. لتعميم النفع. ومراعاة لظاهر الآية، كذا في الجواهر. (2) كما في الشرائع وغيرها. للتعبير بلفظ الجمع في كل صنف من

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 5.

 

===============

 

( 317 )

 

[ في كل صنف منهم، حتى ابن السبيل وسبيل الله. لكن هذا مع عدم مزاحمة جهة أخرى مقتضية للتخصيص. الثالثة: يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب (1) بمقدار فضله. كما أنه يستحب ترجيح الاقارب (2) وتفضيلهم على الاجانب، وأهل الفقة والعقل على غيرهم، ومن لا يسأل من الفقراء على أهل السؤال (3). ويستحب صرف صدقة ] الاصناف، عدا سبيل الله وابن السبيل، ولما في تفسير القمي، من تفسير الاول: بقوم يخرجون إلى الجهاد، وتفسير الثاني: بأبناء الطريق (* 1). (1) ففي رواية عبد الله بن عجلان: (إنى ربما قسمت الشئ بين أصحابي أصلهم به، فكيف أعطيهم؟ قال (ع): أعطهم على الهجرة في الدين والفقه والعقل) (* 2). (2) ففي رواية إسحاق عن أبي الحسن موسى (ع): (قلت له: لي قرابة أنفق على بعضهم، وأفضل بعضهم على بعض، فيأتيني إبان الزكاة أفأعطيهم منها؟ قال: مستحقون لها؟ قلت: نعم. قال (ع): هم أفضل من غيرهم، أعطهم) (* 3). وفي المرسل: (سئل رسول الله صلى الله عليه وآله أي الصدقة أفضل؟ فقال: على ذي الرحم الكاشح) (* 4). (3) ففي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: (يفضل الذي لا يسأل على الذي يسأل) (* 5).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 15 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 15 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 25 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 318 )

 

[ المواشي إلى أهل التجمل (1) من الفقراء. لكن هذه جهات موجبة للترجيح في حد نفسها. وقد يعارضها - أو يزاحمها - مرجحات أخر، فينبغي حينئذ ملاحظة الاهم والارجح. الرابعة: الاجهار بدفع الزكاة أفضل من الاسرار به (2) بخلاف الصدقات المندوبة، فان الافضل فيها الاعطاء سرا. الخامسة: إذا قال المالك: " أخرجت زكاة مالي " أو " لم يتعلق بمالي شئ " قبل قوله، بلا بينة، ولا يمين (3) ] (1) ففي خبر ابن سنان، قال أبو عبد الله (ع): (إن صدقة الخف والظلف تدفع إلى المتجملين من المسلمين. وأما صدقة الذهب الفضة وما كيل بالقفيز مما أخرجت الارض فللفقراء المدقعين) (* 1). ونحوه غيره. (2) ففي حسن أبي بصير في قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء.) (وكلما فرض الله عليك فاعلانه أفضل من إسراره، وكلما كان تطوعا فاسراره أفضل من إعلانه. ولو أن رجلا يحمل زكاة ماله على عاتقه فقسمها علانية كان ذلك حسنا جميلا)) (* 2) ونحوه غيره. (3) بلا خلاف ولا إشكال. لخبر غياث: (كان علي (ع) إذا بعث مصدقه قال له: إذا أتيت على رب المال فقل تصدق رحمك الله مما أعطاك الله، فان ولى عنك فلا تراجعه) (* 3). ونحوه ما في صحيح بريد (* 4) وما عن نهج البلاغة (* 5). وإطلاقها يشمل المقام. كما أنه يمشل صورة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 54 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 55 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب زكاة الانعام حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 14 من أبواب زكاة الانعام حديث: 7.

 

===============

 

( 319 )

 

[ ما لم يعلم كذبه. ومع التهمة لا بأس بالتفحص والتفتيش عنه. السادسة: يجوز عزل الزكاة وتعيينها في مال مخصوص (1) وإن كان من غير الجنس الذي تعلقت به (2) من غير فرق بين وجود المستحق وعدمه على الاصح (3) وإن كان الاحوط الاقتصار على الصورة الثانية. وحينئذ فتكون في يده أمانة لا يضمنها إلا بالتعدي أو التفريط (4)، ] التهمة. وجواز التفتيش لا ينافي ذلك. (1) كما تقدم في أواخر فصل زكاة الغلات. (2) كما نص عليه شيخنا الاعظم (ره) في رسالته، مستفيدا له من الشهيدين وجماعة. لاطلاق ما دل على جواز دفع البدل. (3) كما قواه في الجواهر، حاكيا له عن التذكرة والمنتهى والدروس. ويقتضيه ظاهر موثق يونس بن يعقوب: (قلت لابي عبد الله (ع) زكاتي تحل علي في شهر، أيصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجئ من يسألني يكون عندي عدة. فقال: إذا حال الحول فأخرجها من مالك لا تخلطها بشئ، ثم أعطها كيف شئت)، وصحيح ابن سنان: (في الرجل يخرج زكاته، فيقسم بعضها، ويبقي بعضا يلتمس لها المواضع، فيكون بين أوله وآخره ثلاثة أشهر، قال (ع): لا بأس) (* 1). خلافا لآخرين، لان الزكاة دين أو كالدين لا يتعين إلا بقبض المستحق، أو من بحكمه. لكنه لا يجدي في قبال ظاهر النصوص. (4) كما نص عليه في الجواهر. لخبر علي بن أبي حمزة. لكنه مختص

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 53 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 320 )

 

[ ولا يجوز تبديلها بعد العزل (1). السابعة: إذا اتجر بمجموع النصاب قبل أداء الزكاة. كان الربح للفقير بالنسبة والخسارة عليه (2). وكذا لو اتجر بما عزله وعينه للزكاة. الثامنة: تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة قبله (3)، وكذا الخمس وسائر الحقوق الواجبة ] بصورة عدم وجود المستحق. أما خبر عبيد (* 1) وأبي بصير (* 2) فاطلاقهما نفي الضمان مقيد بما دل على الضمان بتأخير الدفع مع إمكانه، كما سيجئ في مسألة جواز النقل. ولعل مراد الجواهر من قوله (ره)): (إلا بالتفريط أو نحوه..) ما يشمل ذلك. بل ظاهر ما في رسالة شيخنا الاعظم (ره): (قالوا: فليس له الابدال، ولا يضمنه إلا بالتفريط، أو تأخير الاخراج مع التمكن..) الاتفاق على الضمان بذلك، فاطلاق المتن نفي الضمان محل إشكال. إلا أن يكون المراد من التفريط ما يشمل ذلك، كما يشهد به حكمه بالضمان مع التأخير حيث يمكن الدفع في آخر مسائل فصل زكاة الغلات. إذا احتمال العدول بعيد جدا. وتقدم هناك شرح المسألة. فراجع. (1) لظهور النصوص في تعينها زكاة بالعزل، فجواز التبديل يتوقف على ولايته عليه، وهو يحتاج إلى دليل مفقود، والاصل عدم ترتب الاثر. فما عن شارح الروضة: من منع خروجه عن الملك، أو منع عدم جواز الابدال غير ظاهر. (2) تقدم الكلام في ذلك في المسألة الثالثة والثلاثين من فصل زكاة الغلات. (3) بلا ريب كما عن المدارك، وبلا خلاف أجده كما في الجواهر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 39 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 39 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 321 )

 

[ ولو كان الوارث مستحقا جاز احتسابه عليه (1)، ولكن يستحب دفع شئ منه إلى غيره. التاسعة: يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء (2) خصوصا مع المرجحات، وإن كانوا مطالبين. نعم الافضل حينئذ الدفع إليهم من باب استحباب قضاء حاجة المؤمن (3). إلا إذا زاحمه ما هو أرجح. ] وتقتضيه القواعد الاولية إذا فرض ترتب الاداء عليه، لوجوب مقدمة الواجب. بل ولو احتمل ذلك كفى في الوجوب، لوجوب الاحتياط مع الشك في القدرة. ويشير إلى ذلك: ما ورد في المال الذي مات صاحبه ولم يعلم له وارث، من قوله: (ثم توصي بها، فان جاء طالبا. وإلا فهي كسبيل مالك) (* 1). ونحوه ورد في اللقطة (* 2). (1) ففي مصحح علي بن يقطين: (قلت لابي الحسن (ع): رجل مات وعليه زكاة، وأوصى أن يقضى عنه الزكاة، وولد محاويج إن دفعوها أضر بهم ذلك ضررا شديدا. فقال (ع): يخرجونها فيعودوا بها على أنفسهم، ويخرجون منها شيئا فيدفع إلى غيرهم) (* 3). لكن الظاهر منه وجوب دفع شئ منها إلى غيرهم. إلا أن ظاهر الاصحاب التسالم على استحباب ذلك. (2) كما يقتضيه نفي التوقيت والتوظيف في كيفية القسمة. ويقتضيه أيضا: إطلاق ما دل على جواز النقل مع وجود المستحق، مما يأتي إن شاء الله. (3) يعني: استحباب إجابة المؤمن في قضاء حاجته، وهو الدفع إليه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب من لا وارث له حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب اللقطة حديث: 10، 12. (* 3) الوسائل باب: 14 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 5.

 

===============

 

( 322 )

 

[ العاشرة: لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره (1)، مع عدم وجود المستحق فيه. بل يجب ذلك إذا لم يكن مرجو الوجود بعد ذلك (2)، ولم يتمكن من الصرف ] لكن قد يعارض ذلك بقضاء حاجة غيره. وكأن التعليل باستحباب إجابة المؤمن أولى. فتأمل. (1) في الجواهر: (بلا خلاف ولا إشكال، بل في محكي التذكرة والمنتهى: الاجماع عليه..). وعن المدارك: أنه لا ريب فيه. ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح ضريس: (سأل المدائني أبا جعفر (ع) فقال: إن لنا زكاة نخرجها من أموالنا، ففي من نضعها؟ فقال (ع): في أهل ولايتك. فقلت: إني في بلاد ليس فيه أحد من أوليائك، فقال (ع): إبعث بها إلى بلدهم تدفع إليهم، ولا تدفعها إلى قوم إن دعوتهم غدا إلى أمر لم يجيبوك، وكان والله الذبح) (* 1)، وخبر الحداد عن العبد الصالح (ع): (قلت له: الرجل منا يكون في أرض منقطعة، يكف يصنع بزكاة ماله؟ قال (ع): يضعها في إخوانه وأهل ولايته. فقلت: فان لم يحضره منهم فيها أحد؟ قال (ع): يبعث بها إليهم) (* 2). مضافا إلى النصوص الآتية في المسألة الآتية. (2) إما لئلا يلزم تضييع الحق على مستحقه، المعلوم من مذاق الشارع تحريمه. لكنه لا يتم في صورة العلم بعدم لزومه. وإما لتوقف الاداء الواجب عليه. لكنه يتوقف على وجوب الاداء المطلق، إذ لو كان الواجب من الاداء ما يقابل الحبس والمنع، لم يستدع وجوبه وجوب النقل. وإما لصحيح ضريس السابق. إلا أن يستشكل فيه كما في الجواهر: بأن الامر في مقام توهم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 7.

 

===============

 

( 323 )

 

[ في سائر المصارف. ومؤنة النقل حينئذ من الزكاة (1). وأما مع كونه مرجو الوجود فيتخير بين النقل والحفظ إلى أن يوجد (2). وإذا تلفت بالنقل لم يضمن (3) مع عدم الرجاء، ] الحضر. أو أن المقصود منه المنع من إعطائه لغير الموالي. لكن يدفع الثاني: أن المتكفل للمنع من الاعطاء لغير الموالي قوله (ع) (ولا تدفعها..). كما أنه يدفع الاول: أنه خلاف الظاهر من غير قرينة. ومثله: احتمال أن يكون الامر إرشاديا، لبيان طريق الايصال إلى المستحق، لا مولويا تعبديا، فانه أيضا خلاف الظاهر. وخبر الحداد المتضمن للانتظار بها سنة أو سنتين أو أربع مورده صورة رجاء الوجود بعد ذلك لا اليأس، كما هو محل الكلام. على أنه ضعيف السند، لا مجال للعمل بذيله، كما لا يخفى (1) لان الصرف لمصلحة المستحق، والاصل البراءة من وجوب تحمل المؤنة. وما سبق من وجه الوجوب لا يقتضيه. (2) كما في الارشاد. وفي الجواهر: (قيل: لا يظهر خلافه من كلام غيره من الاصحاب، ولا من النصوص. إذ ليس فيها إلا نفي الضمان والجواز، ونفي البأس، وذلك لا يقتضي وجوب النقل بعينه..). وما في المدارك: من إطلاق وجوب النقل عند عدم المستحق، لتوقف الدفع الواجب عليه، قد عرفت ما فيه. مع أنه لا يتم مع رجاء حضور المستحق. وصحيح ضريس ظاهر في صورة اليأس، فلا يشمل ما نحن فيه. فإذا القول التخيير في محله. ولا سيما مع تأييده بالسيرة على نصف العمال لجباية الصدقات. (3) بلا إشكال ظاهر. وتقتضيه نصوص نفي الضمان، كخبري أبي بصير وعبيد، وغيرهما مما يأتي.

 

===============

 

( 324 )

 

[ وعدم التمكن من الصرف في سائر المصارف. وأما معهما فالاحوط الضمان (1). ] كأنه: لاحتمال شمول نصوص الضمان للمورد، كمصحح ابن مسلم: (قلت لابي عبد الله (ع): رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت، هل عليه ضمانها حتى تقسم؟ فقال (ع): إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن حتى يدفعها، وإن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان، لانها قد خرجت من يده. وكذلك الوصي الذي يوصى إليه يكون ضامنا لما دفع إليه إذا وجد ربه الذي أمر بدفعه إليه، فان لم يجد فليس على ضمان) (* 1)، ومصحح زرارة: (قلت: فان لم يجد لها أهلا ففسدت وتغيرت، أيضمنها؟ فقال (ع): لا، ولكن إذا عرف لها أهلا فعطبت أو فسدت، فهو لها ضامن حتى يخرجها) (* 2). لكن الظاهر شمولها له، إذ الموضع والاهل يعم الفقراء وسائر المصارف. ولاسيما بملاحظة الارتكاز العرفي، فان النقل مع وجود المصرف نوع من التفريط. ولا ينافي ذلك التعبير بالدفع في الاول الذي لا يشمل الصرف، لان الظاهر منه بملاحظة الارتكاز العقلائي، وما في ذيله من حكم الوصية - مجرد صرف المال في موضعه. من أن صحيح زرارة خال عنه. نعم إطلاق نفي الضمان في جملة من النصوص مما يبعد تنزيله على صورة تعذر المصرف كلية لندرته. وحينئذ يتعين حمل الصحيحين على خصوص صورة تعذر الاداء، كما في بعض الاصناف. وإن أمكن الصرف في سبيل الله تعالى أو غيره من الاصناف. قيل: ويساعد ذلك ظهور الاجماع المحكي عن التذكرة والمنتهى

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 39 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 39 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 325 )

 

[ ولا فرق في النقل بين أن يكون إلى البلد القريب أو البعيد (1) مع الاشتراك في ظن السلامة. وإن كان الاولى التفريق في الرقيب ما لم يكن مرجح للبعيد. الحادية عشرة: الاقوى جواز النقل إلى البلد الآخر ولو مع وجود المستحق في البلد (2). وإن كان الاحوط عدمه ] على الضمان بمجرد التمكن من الاداء، الظاهر في انتفائه مع تعذر الاداء وإن تمكن من الصرف. ولعل نكتة الفرق بين الاداء والصرف: أن الاول لا يحتاج إلى كلفة غالبا، بخلاف الثاني. فتعذر الاول يكون كافيا في نفي الضمان، وإن أمكن الثاني. لكن الانصاف: أن رفع اليد عن ظهور الصحيحين في توقف نفي الضمان على تعذر الصرف، بدعوى لزوم حمل النصوص النافية للضمان على الفرض النادر غير ظاهر، لا مكان منع ذلك في ذلك الزمان في جملة من الامكنة التي تجب فيها الزكاة، فالحكم بالضمان مع إمكان الصرف في محله. هذا والمصنف (ره) لم يتعرض إلا لصورتي انتفاء الرجاء والتمكن معا وثبوتهما كذلك، وكان عليه التعرض لصورة انتفاء الرجاء وإمكان الصرف في سائر المصارف وعكسها. لكن مما ذكرنا يظهر أن الحكم في الاولى الضمان دون الثانية، لظهور النصوص في كون المعيار في الضمان إمكان الصرف، ولو مع عدم رجاء حضور المستحق، وفي انتفاء الضمان عدم إمكان الصرف، ولو مع رجاء حضوره. (1) لاطلاق الادلة. كما عن جماعة كثيرة، منهم الشيخان والحلبي وابنا زهرة وحمزة والعلامة والشهيدان في جملة من كتبهم، بل نسب إلى أكثر المتأخرين. لجملة من النصوص، كصحيح هشام عن أبي عبد الله (ع): (في الرجل يعطي

 

===============

 

( 326 )

 

[ كما أفتى به جماعة (1). ] الزكاة يقسمها، أله أن يخرج الشئ منها من البلدة التي هو فيها إلى غيرها، فقال (ع): لا بأس)، (* 1). وصحيح أحمد بن حمزة: (سألت أبا الحسن الثالث (ع) عن الرجل يخرج زكاته من بلد إلى بلد آخر ويصرفها في إخوانه، فهل يجوز ذلك؟ فقال (ع) نعم) (* 2). ونحوهما غيرهما. (1) بل عن الحدائق: أنه المشهور، بل في التذكرة: لا يجوز نقل الزكاة عن بلدها مع وجود المستحق فيه، عند علمائنا أجمع..): واستدل له بوجوه: (أحدها): الاجماع المحكي عن التذكرة، الممنوع جدا، لظهور الخلاف حتى من حاكيه في بعض كتبه. (ثانيها): أن في النقل خطرا. وفيه مع أنه أخص من المدعى: أن الخطر مندفع بالضمان. (ثالثها): منافاته الفورية. وفيه مع أنه أخص من المدعى أيضا أن الفورية غير لازمة. (رابعها): النصوص المتضمنة أنه لا تحل صدقة المهاجرين للاعراب، ولا صدقة الاعراب للمهاجرين، وأنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي، وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر (* 3). وفيه مع أنه أخص أيضا، إذ قد يكون النقل من الاعراب إليهم، ومن المهاجرين إليهم. وكذا في البوادي والحضر: أنك قد عرفت أن ذلك ليس على الوجوب، لما دل على نفي التوقيت والتوظيف. ولما ثبت من نصب العمال والجباه للصدقات، الظاهر في خلاف ذلك. (خامسها): ما تضمن الضمان بالنقل مع وجود المستحق. وفيه: أنه أعم من حرمة النقل. هذا مضافا إلى أن هذه الوجوه لو تمت لا تصلح ما عدا الاجماع منها لمعارضة ما تقدم من النصوص.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 37 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 37 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 38 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 327 )

 

[ ولكن الظاهر الاجزاء لو نقل على هذا القول أيضا (1). وظاهر القائلين بعدم الجواز وجوب التقسيم في بلدها لا في أهلها، فيجوز الدفع في بلدها إلى الغرباء. وأبناء السبيل (2). وعلى القولين إذا تلفت بالنقل يضمن (3). كما أن مؤنة النقل عليه لا من الزكاة (4). ولو كان النقل باذن الفقيه لم يضمن (5) وإن كان مع وجود المستحق في البلد. وكذا بل وأولى منه لو ] (1) بلا خلاف ولا إشكال كما قيل. بل عن الخلاف والمنتهى والمختلف والمدارك: نسبته إلى علمائنا أجمع، وفي التذكرة: لو خالف ونقلها أجزأته في قول علمائنا كافة. وهو قول أكثر العلماء. لصدق الامتثال الموجب للاجزاء. وعن بعض العامة: عدم الاجزاء، لانه دفع إلى غير من أمر بالدفع إليه. وفيه: أنه ممنوع، لان حرمة النقل لا تستلزم تعين الموضوع إلا عرضا، ومثله لا يمنع من الاجزاء مع الموافقة للامر حقيقة، كما لا يخفى. وفي صحيح ابن مسلم السابق: (فهو لها ضامن حتى يدفعها..) (* 1) فجعل غاية الضمان الدفع إلى المستحق. (2) بلا شبهة كما قيل. كما يقتضيه ظاهر البناء على حرمة النقل محضا فانه لو تم لا يقتضي لزوم تقسيمها على أهل البلد، وكذا مقتضى أدلتهم كما يظهر بالتأمل. (3) إذا تمكن من دفعها إلى المستحق. إجماعا كما عن المنتهى لنصوص الضمان المتقدمة، من دون معارض (4) إذ لا مقتضى لكونها من الزكاة، فالاصل بقاء الزكاة على حالها. (5) كأنه: لانصراف نصوص الضمان عن ذلك. لكنه محل إشكال

 

 

____________

(* 1) تقدم ذكره في المسألة 10 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 328 )

 

[ وكله في قبضها عنه بالولاية العامة، ثم أذن له في نقلها. الثانية عشرة: لو كان له مال في غير بلد الزكاة، أو نقل مالا له من بلد الزكاة إلى بلد آخر، جاز احتسابه زكاة عما عليه في بلده ولو مع وجود المستحق فيه. وكذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة. وليس شئ من هذه من النقل الذي هو محل الخلاف في جوازه وعدمه (1) فلا اشكال في شئ منها. الثالثة عشرة: لو كان المال الذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده، جاز له نقلها (2) إليه مع الضمان لو تلف. ولكن الافضل صرفها في بلد المال. (3) ] إذ لا يظهر موضوعية لاذن الفقيه بعد ما كان المالك مأذونا من قبل الشارع بل لو منعه الفقيه من النقل جاز له، إذ لا دليل على وجوب إطاعته في مثل ذلك، فلا وجه لاقتضائها لنفي الضمان. نعم لو وكله على قبضها وارسالها فتلفت، كانت تالفة بعد الدفع إلى الولي العام ولو بقبض وكيله، فلا وجه للضمان، كما لو تلفت بعد قبض الفقير. (1) كما استظهره غير واحد. وان تنظر فيه في الروضة، من عدم صدق النقل الموجب للتغرير بالمال. ومن جواز كون الحكمة نفع المستحقين بالبلد. واستوضح في الجواهر وغيرها ضعفه. والانصاف: أن بعض أدلة المنع عن النقل إن تم دليلا عليه منع في المقامين. لكن عرفت ضعفه. (2) كما سبق في المسألة الحادية عشرة. (3) نسب إلى العلماء كافة. وهو العمدة في الاستحباب، إذ لا يظهر دليل عليه سواه.

 

===============

 

( 329 )

 

[ الرابعة عشر: إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك (1)، وإن تلفت عنده - بتفريط أو بدونه - أو أعطى لغير المستحق اشتباها. الخامسة عشرة: إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن كانت أجرة الكيال والوزان على المالك لا من الزكاة (2). السادسة عشرة: إذا تعدد سبب الاستحقاق في شخص واحد كأن يكون فقيرا وعاملا وغارما مثلا، ] (1) لان قبضه قبض المستحق، كما هو مقتضى دليل الولاية في المقام وفي سائر مواردها. (2) كما عن الاكثر. لانه مقدمة للتسليم الواجب. ورد: بأن الواجب من الدفع عدم الحبس والحيلولة بين العين والمستحق، وهذا المقدار لا يتوقف على الكيل أو الوزن. وفيه: أن المعنى الذي يمكن حمل الايتاء عليه هو رفع الحوائل عن وضع المستحق يده عل الحق، ومن الواضح أن عدم تعيينه في مصداق خارجي ملازم للحائل دون ذلك. ولا فرق في ذلك بين عدم تعيينه أصلا، أو تعيينه في المشاع. فإذا توقف ذلك التعيين على مونة كانت على المالك، لانه المخاطب بالتعيين. كما لا فرق في ذلك بين القول بكون الزكاة جزءا من النصاب أو مالا عليه أو في ذمة المالك، لاشتراك المقتضي في الجميع. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن المبسوط: من أن الاجرة على الزكاة لانه سبحانه أوجب على المالك قدرا معلوما من الزكاة، فلو وجبت الاجرة عليه لزم أن يزاد الواجب على القدر الذي وجب. إذ فيه: أن ذلك وجوب للمقدمة، لا بالاصالة.

 

===============

 

( 330 )

 

[ جاز أن يعطى بكل سبب نصيبا (1). السابعة عشرة: المملوك الذي يشتري من الزكاة إذا مات ولا وارث له ورثه أرباب الزكاة، دون الامام (ع) (2) ولكن الاحوط صرفه في الفقراء فقط. ] (1) كما هو المعروف. للاطلاق. والانصراف إلى صورة تباين الافراد كما عن الحدائق ممنوع، بنحو يعول عليه في رفع اليد عن الاطلاق. (2) على المشهور بين الاصحاب شهرة عظيمة، كما في الجواهر، وعليه علماؤنا، كما في المعتبر وعن المنتهى. لموثق عبيد: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم فلم يجد لها موضعا يدفع ذلك إليه، ونظر إلى مملوك يباع بثمن يريده، فاشتراه بتلك الالف الدراهم التي أخرجها من زكاته فاعتقه، هل يجوز ذلك؟ قال: نعم، لا بأس بتلك. قلت: فانه لما أن أعتق وصار حرا اتجر واحترف فأصاب مالا كثيرا، ثم مات وليس له وارث، فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟ قال (ع): يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة، لانه إنما اشتري بمالهم) (* 1). وفي الصحيح عن أيوب بن الحر: (ميراثه لاهل الزكاة، لانه اشتري بسهمهم) (* 2). ومقتضى الاول وإن كان اختصاص الولاء بالفقراء، إلا أن التعليل فيه بأنه اشتري بمالهم موجب لحمله على إرادة أرباب الزكاة ولو بقية الاصناف لحكومة التعليل، كما في سائر الموارد. فيكون ذكر الفقراء لانهم العمدة في المصرف لا لخصوصيه فيهم، كما هو الحال في النصوص المتضمنة أن الزكاة للفقراء. بل مناسبة الحكم والموضوع تقتضي جواز صرفه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 43 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 43 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 3.

 

===============

 

( 331 )

 

[ الثامنة عشرة: قد عرفت سابقا (1): أنه لا يجب الاقتصار في دفع الزكاة على مؤنة السنة، بل يجوز دفع ما يزيد على غناه إذا أعطي دفعة، فلا حد لاكثر ما يدفع إليه. وإن كان الاحوط الاقتصار على قدر الكفاف، خصوصا في المحترف الذي لا تكفيه حرفته. نعم لو أعطي تدريجا فبلغ مقدار مؤنة السنة حرم عليه أخذ ما زاد للانفاق. والاقوى أنه لا حد لها في طرف القلة (2) أيضا، من غير فرق بين زكاة النقدين ] في الرقاب أيضا، فيكون الولاء من نتائج الزكاة، فيجري عليه حكمه. ومن ذلك يظهر ضعف ما جعله في الجواهر تحقيقا في المقام: من كون الارث للفقراء لا غير. وأضعف منه: ما عن جماعة من المتأخرين منهم العلامة من كون الوارث الامام، لانه لا يملكه مستحق الزكاة، فلا وجه لارثه له، والامام وارث من لا وارث له. إذ هو كما ترى طرح للنص المعتبر من دون وجه ظاهر. (1) يعني: في أصناف المستحقين. وعرفت هناك الوجه في جميع ما ذكره. فراجع. (2) كما عن جمل السيد والسرائر والقاضي والشهيدين وأكثر من تأخر عنهما، خلافا لظاهر المقنعة والانتصار والصدوقين والشيخ في النهاية والمبسوط والتهذيب والاسكافي وابن حمزة وسلار والغنية والمعتبر والشرائع والنافع على ما حكي عن بعضها. فقيل وهو الاكثر. كما في المعتبر والشرائع لا يعطى الفقير أقل مما يجب في النصاب الاول، وهو خمسة دراهم، أو عشرة قراريط. وقيل كما في المعتبر حكايته عن سلار وابن الجنيد: أقله ما يجب في النصاب الثاني، وهو قيراطان، أو درهم. واستدل في المعتبر للاول: بصحيح أبي ولاد عن أبي عبد الله (ع): سمعته

 

===============

 

( 332 )

 

يقول: لا يعطى أحد من الزكاة أقل من خمسة دراهم، وهو أقل ما فرض الله عزوجل من الزكاة في أموال المسلمين، فلا تعطوا أحدا من الزكاة أقل من خمسة دراهم فصاعدا) (* 1)، وخبر معاوية بن عمار وعبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع): (لا يجوز أن يدفع من الزكاة أقل من خمسة دراهم، فانها أقل الزكاة) (* 2). ورد بأن الخبرين المذكورين معارضان بصحيح محمد (* 3) ابن أبي الصهبان: (كتبت إلى الصادق (ع): هل يجوز لي يا سيدي أن أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة الدراهم، فقد اشتبه ذلك علي؟ فكتب: ذلك جائز) (* 4)، وصحيح محمد بن عبد الجبار: (إن بعض أصحابنا كتب على يدي أحمد بن اسحاق إلى علي بن محمد بن العسكري (ع): أعطي الرجل من إخواني من الزكاة الدرهمين والثلاثة؟ فكتب: إفعل إن شاء الله تعالى) (* 5). وحملهما على التقية إنما يجوز بعد تعذر الجمع العرفي. لكنه ممكن بحمل (لا يجوز) على الكراهة. ودعوى: أنه (يجوز) و (لا يجوز) متنافيان قطعا مسلمة، لكن لا تمنع من صرف أحدهما إلى الآخر، بحيث يكون قرينة عليه، لان أحدهما ظاهر والثاني أظهر. وأضعف منها: دعوى أن المكاتبتين لا ينفيان التقدير الثاني. وجه الضعف: أن التقدير الثاني يكفي في نفيه أصالة الاطلاق، إذ لا دليل عليه. والعمدة في الاشكال هو التقدير الاول، الذي تدل عليه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 4. (* 3) محمد بن أبي الصهبان، هو محمد بن عبد الجبار الذي ذكروا: أنه من أصحاب أبي الحسن الهادي (ع)، فكيف تصح مكاتبته إلى الصادق (ع)؟. (منه قدس سره). (* 4) الوسائل باب: 23 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 5. (* 5) الوسائل باب: 23 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 333 )

 

[ وغيرهما (1). ولكن الاحوط عدم النقصان عما في النصاب الاول من الفضة في الفضة، وهو خمسة دراهم، وعما في النصاب الاول من الذهب في الذهب، وهو نصف دينار. بل الاحوط مراعاة مقدار ذلك في غير النقدين أيضا (2). وأحوط من ذلك ] النصوص المتقدمة. هذا مضافا إلى ما في خبر عبد الكريم بن عتبه (* 1) وغيره من نفي التوقيت والتوظيف وإن كانت استفادة شموله للمقام محل تأمل. (1) المحكي عن القائلين بالتقدير: أنهم ما بين مقتصر عليه في الفضة كالمفيد في المقنعة ومقتصر عليه في الذهب كعلي بن بابويه وناص على عمومه لهما، كالاكثر، ومنهم المحقق في الشرائع. والاول مقتضى الجمود على النص، لان الخمسه دراهم إنما فرضت في زكاة الفضة لاغير، فالتعدي إلى الذهب يحتاج إلى إلغاء خصوصية موضوعه. وعليه يسهل التعدي إلى غير النقدين أيضا، كما هو أحد القولين. وقيل بعدم التعدي إلى غيرهما، كما في السمالك، وعن حواشي القواعد. وعلى تقدير التعدي فهل هو بلحاظ القيمة في النقدين زادت أو نقصت عما يجب في النصاب الاول أو الثاني من موضوع الزكاة أو بلحاظ ما يجب في النصاب الاول أو الثاني منه، فلا يدفع إلى الفقير أقل من شاة من نصاب الابل والغنم، ولا أقل من تبيع أو تبيعة من نصاب البقر؟ وجهان. وفي المسالك: جعل الاول هو الاجود، وفي الجواهر: جعل الثاني أجود حملا للخمسة دراهم على كونها مثالا لما يجب في النصاب الاول، لا على إرادة القيمة، كما هو مبنى ما في المسالك. لكنه خلاف الظاهر، فالبناء على ما في المسالك أولى. (2) قد يظهر منه اختيار ما استجوده في المسالك من أحد الوجهين.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 334 )

 

[ مراعاة ما في أول النصاب من كل جنس (1)، ففي اللغنم والابل لا يكون أقل من شاة، وفي البقر لا يكون أقل من تبيع. وهكذا في الغلات يعطى ما يجب في أول حد النصاب. التاسعة عشرة: يستحب للفقيه أو العامل أو الفقير الذي يأخذ الزكاة الدعاء للمالك (2)، بل هو الاحوط بالنسبة إلى الفقيه الذي يقبض بالولاية العامة. ] (1) هذا إذا كان أكثر قيمة من الخمسة دراهم. ولو كان أقل، فالاحوط مقدار الخمسة دراهم. (2) قد اختلف في وجوب الدعاء للمالك على النبي صلى الله عليه وآله والامام عند قبض الزكاة منه) فعن صدقات المبسوط والخلاف والعلامة - في جملة من كتبه: الاستحباب، وعن المبسوط والخلاف والمعتبر والارشاد والمسالك والدروس وغيرها: الوجوب، بل نسب إلى الاكثر. لظاهر الامر بالصلاة عليهم في الآية الشريفة (* 1). ورد: بأنه لا يجب على الفقير إجماعا، فعدم الوجوب على نائبه أولى. وبأن أمير المؤمنين (ع) لم يأمر مصدقه بذلك حين أرسله لجباية الصدقات (* 2). وفيه مالا يخفى، فان الاولوية ممنوعة. وعدم أمره (ع) أعم من عدم الوجوب. وهل يجب على الفقيه على تقدير القول بالوجوب على النبي صلى الله عليه وآله أو الامام؟ قولان: الوجوب، لاصالة الاشتراك. وللتأسي. والعدم، لعدم ثبوت الاشتراك مطلقا. ولاسيما بملاحظة التعليل في الآية: بأن صلاته صلى الله عليه وآله سكن لهم، لعدم ثبوت ذلك في الفقيه. والتأسي لا دليل على وجوبه. ودعوى: أن ذلك لطف، واللطف واجب، من غير فرق بين النبي صلى الله عليه وآله

 

 

____________

(* 1) التوبة: 103. (* 2) الوسائل باب: 14 من ابواب زكاة الانعام حديث: 1.

 

===============

 

( 335 )

 

[ العشرون: يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة والمندوبة (1). نعم لو أراد الفقير بيعه - بعد تقويمه عند من أراد - كان المالك أحق به من غيره (2)، ولا كراهة (3). وكذا لو كان جزءا من حيوان لا يمكن ] ونائبه الخاص والعام، غير ظاهر. ولو تمت اقتضت الدعاء في كل مورد. كدعوى: أن ذلك مقتضى ولاية الفقيه، إذ اقتضاؤها لمثل ذلك ممنوع جدا. وأما الاستحباب للفقيه فالعمدة فيه الفتوى. (1) بلا خلاف كما عن غير واحد، بل عن المعتبر والمدارك: الاجماع عليه. واستدل له: بأنها طهور للمال فهي وسخ، فالراجع فيه كالراجع بقيئه . وبأنه ربما استحيى الفقير فيترك المماكسة، فيؤدي إلى استرجاع بعضها، وهما كما ترى. نعم في مصحح منصور: (قال أبو عبد الله (ع): إذا تصدق الرجل بصدقة لم يحل له أن يشتريها، ولا يستوهبها، ولا يستردها إلا في ميراث) (* 2). وفي مصححه الآخر عنه (ع): (إذا تصدقت بصدقة لم ترجع إليك ولم تشترها، إلا أن تورث) (* 3) المتعين حملهما على الكراهة إجماعا. (2) كما في صحيح محمد بن خالد: (أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن الصدقة.. (إلى أن قال (ع): فإذا أخرجها فليقيمها فيمن يريد، فإذا قامت على ثمن، فان أرادها صاحبها فهو أحق بها) (* 4). (3) هذا غير ظاهر، بل هو خلاف إطلاق النصوص المتقدمة.

 

 

____________

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 11، 14 من أبواب الوقوف والصدقات، باب: 10 من أبواب الهبات. (* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب الوقوف والصدقات حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب الوقوف والصدقات حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب زكاة الانعام حديث: 3.

 

===============

 

( 336 )

 

[ للفقير الانتفاع به، ولا يشتريه غير المالك. أو يحصل للمالك ضرر بشراء الغير، فانه تزول الكراهة (1) حينئذ أيضا. كما أنه لا بأس بابقائه في ملكه إذا عاد إليه بميراث وشبهه من المملكات القهرية (2).