فصل في شرائط وجوبها

فصل في شرائط وجوبها وهي أمور: الاول: التكليف، فلا تجب على الصبي والمجنون (1) ] فصل في شرائط وجوبها (1) بلا خلاف ظاهر. وعن غير واحد: الاجماع عليه. واستدل له: بحديث رفع القلم عنهما (* 1)، وتكليف الولي لا دليل عليه، والاصل ينفيه. واشكاله ظاهر، فان الحديث ظاهر في رفع الوجوب، فلا يصلح للحكومة على مادل على اشتغال الذمة بها. وحينئذ يجب على الولي أداؤها كسائر أموال الناس حسبما يقتضيه دليل الولاية. نعم يشهد له في الصبي الصحيح عن محمد بن القاسم بن الفضيل: أنه كتب إلى أبي الحسن الرضا (ع) يسأله عن الوصبي يزكي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال، فكتب (ع): (لا زكاة على يتيم (* 2). وقد يستدل بما عن المقنعة روايته عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع): تجب الفطرة على كل من تجب عليه الزكاة) (3). لكنه يتوقف على ثبوت المفهوم له ولو بلحاظ كونه في مقام التحديد، أو على حجية العام في عكس نقيضه وكلاهما غير ظاهر. ولاجل ذلك يشكل نفيها

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 11. (* 2) الوسالل باب: 4 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 1.

 

===============

 

( 388 )

 

[ ولا على وليهما أن يؤدي عنهما من مالهما. بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالها أيضا (1). الثاني: عدم الاغماء (2)، فلا تجب على من أهل شوال عليه وهو مغمى عليه. الثالث: الحرية (3)، فلا تجب على المملوك وإن قلنا ] عن المجنون، إلا أن يكون للاجماع. (1) كما في الجواهر. ويقتضيه: إطلاق الصحيح السابق. لكن في ذيله: أنه كتب إليه (ع): عن المملوك يموت عنه مولاه وهو عنه غائب في بلدة أخرى، وفي يده مال لمولاه، ويحضر الفطر، أيزكي عن نفسه من مال مولاه وقد صار لليتامى؟ قال (ع): نعم (* 1). وحمله في الوسائل على موت المولى بعد الهلال. وهو كما ترى. وفي الجواهر: (لم أجد عاملا به، فلا يصلح دليلا لما خالف الاصول..). (2) بلا خلاف أجده فيه. بل في المدارك: إنه مقطوع به في كلام الاصحاب..)، كذا في الجواهر. ثم حكى عن المدارك: أنه مشكل على إطلاقه. نعم لو كان الاغماء مستوعبا لوقت الوجوب إتجه ذلك. وأورد عليه: بكفاية الاصل، بعد ظهور الادلة في اعتبار حصول الشرائط عند الهلال. وفيه: أن كون عدم الاغماء من الشرائط كي يكفي انتفاؤه عند الهلال. في انتفائه أولا محل الكلام. بل يشكل استثناء المدارك صورة استيعاب الاغماء للوقت، بأنه يتوقف على القول بسقوط القضاء لو فاتت لعذر، وإلا فلا موجب للسقوط، كما هو ظاهر. (3) بلا خلاف ظاهر، بل عن جماعة: الاجماع عليه. وهو واضح بناء على عدم ملكه لفوات شرط الغنى. أما بناء على أنه يملك فوجهه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 3.

 

===============

 

( 389 )

 

[ أنه يملك، سواء كان قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا (1) مشروطا أو مطلقا ولم يؤد شيئا، فتجب فطرتهم على المولى. نعم لو تحرر من المملوك شئ وجبت عليه وعلى المولى بالنسبة (2)، مع حصول الشرائط. الرابع: الغنى (3)، وهو أن يملك قوت سنة له ] غير واضح. وكون الانفاق عليه باذن المولى، فيكون كعيال عليه، كما ترى. فالعمدة فيه: الاجماع، كما اعترف به في الجواهر. (1) خلافا للصدوق (ره)، فعليه الفطرة. وتبعه عليه جماعة على ما حكي. ويشهد له صحيح ابن جعفر (ع): (عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه، وتجوز شهادته؟ قال (ع): الفطرة عليه، ولا تجوز شهادته (* 1). ولا يقدح فيه اشتماله على نفي قبول شهادته، لامكان التفكيك بين الفقرات في الحجية. على أن المحكي عن الصدوق: حمله على الانكار لا الاخبار. كما لا يصلح لمعارضة النصوص المتضمنة: أن فطرة العبد على سيده، ولا رواية حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (ع): يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه، ورقيق امرأته وعبده النصراني والمجوسي، وما أغلق عليه بابه (* 2). لظهورها، أو اختصاصها بصورة العيلولة به. (2) كما نسب إلى الاكثر. عملا بالجهتين معا. وفيه: أن إطلاق وجوب الفطرة محكم. وإطلاق معقد الاجماع على اشتراط الحرية غير شامل للمورد. كاطلاق مادل على أن فطرة العبد على سيده. (3) إجماعا بقسميه، كما في الجواهر. وعن ابن الجنيد: أنها تجب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 5 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 13.

 

===============

 

( 390 )

 

[ ولعياله زائدا على ما يقابل الدين ومستثنياته، فعلا، أو قوة بأن يكون له كسب يفي بذلك. فلا تجب على الفقير وهو من لا يملك ذلك وإن كان الاحوط إخراجها إذا كان مالكا لقوت السنة، وإن كان عليه دين، بمعنى: أن الدين لا يمنع ] على من فضل من مؤنته ومؤنة عياله ليومه وليلته صاع، وعن الخلاف: نسبته إلى كثير من أصحابنا. ويشهد للاول: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): (سئل عن رجل يأخذ من الزكاة، عليه صدقة الفطرة؟ قال (ع): لا) (* 1)، وخبر النهدي عنه (ع): (عن رجل يقبل الزكاة، هل عليه صدقة الفطرة؟ قال (ع): لا) (* 2). ونحوهما غيرهما. نعم قد تعارض بمصحح زرارة: (قلت: الفقير الذي يتصدق عليه، هل عليه، صدقة الفطرة؟ قال (ع): نعم، يعطي مما يتصدق به عليه) (* 3)، وخبر الفضيل: (قلت لابي عبد الله (ع): أعلى من قبل الزكاة زكاة؟ فقال (ع): أما من قبل زكاة المال فان عليه زكاة الفطرة. وليس عليه لما قبله زكاة. وليس على من يقبل الفطرة فطرة) (* 4). ونحوهما غيرهما. لكن يتعين حملها على الاستحباب، جمعا عرفيا بينهما وبين ما سبق. ولو فرض استقرار المعارضة تعين طرحها، لاعراض الاصحاب عنها. بل لم يعرف القول بها حتى من ابن الجنيد، لعدم مطابقتها لدعواه. مضافا إلى الاشكال في سند بعضها، ودلالة آخر. فلا حظ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 2 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 10.

 

===============

 

( 391 )

 

[ من وجوب الاخراج (1)، ويكفي ملك قوت السنة. بل الاحوط الاخراج إذا كان مالكا عين أحد النصب الزكوية أو قيمتها (2) وإن لم يكفه لقوت سنته. بل الاحوط إخراجها إذا زاد على مؤنة يومه وليلته صاع (3). (مسألة 1): لا يعتبر في الوجوب كونه مالكا مقدار الزكاة زائدا على مؤنة السنة، فتجب وإن لم يكن له الزيادة على الاقوى (4) والاحوط. ] (1) هذا مبني على أن الدين الذي يعجز عن أدائه لا ينافي صدق الغني، إذا كان يملك قوت السنة له ولعياله. لكن عرفت في حكم الغارمين ضعف ذلك. (2) لما سبق في معنى الفقر والغنى من القول بوجوب الفطرة على من ملك ذلك. وتقدم وجهه وضعفه. فراجع. (3) لما سبق عن ابن الجنيد، الذي لم يعرف له شاهد. (4) كما في الجواهر، ناسبا له إلى إطلاق النص والفتوى، وعن الشهيد الثاني الجزم به لذلك. وعن الفاضلين والشهيد والمحقق الثاني في حاشية الشرائع وغيرهم: اعتبار الزيادة المذكورة. قيل: (لانه لو وجبت مع عدمها انقلب فقيرا، فيلزم منها انتفاء موضوعها..) وهو كما ترى لان الفقر لاجل وجوبها لا ينافي الغنى المأخوذ شرطا في وجوبها، لاختلافهما مرتبة. ومثله: ما يقال: من أنه لو وجبت حينئذ لجاز أخذها لتحقق شرط المستحق، فيلزم أن يكون ممن يأخذها وممن حلت عليه، مع ما ورد: من أنه إذا حلت له لم تحل عليه ومن حلت عليه لم تحل له. فانه أيضا

 

===============

 

( 392 )

 

[ (مسألة 2): لا يشترط في وجوبها الاسلام، فتجب على الكافر (1)، لكن لا يصح أداؤها منه (2)، وإذا أسلم بعد الهلال سقط عنه (3). وأما المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه (4). ] يظهر اندفاعه مما سبق. مضافا إلى أنه لو لم تجب عليه لحلت له، ولا يظن الالتزام به. ومثله: دعوى: أن حدوث الفقر مانع عنها كوجوده. إذ فيه: امتناع أن يكون معلول الشئ علة لعدمه ومانعا عنها وجوده. وعن المبسوط والدروس وغيرهما: التفصيل بين الغني فعلا فتجب عليه، والغني بالقوة فلا تجب عليه. لانها لو وجبت عليه لزم إما تقديمها على القوت، أو الاستدانة لها. والاول ممنوع، والثاني خلاف الاصل. وهو مع أنه غير مطرد لا يصلح لمعارضة الاطلاق. (1) لعدم الفرق بينها وبين زكاة المال وغيرها من الواجبات المالية والبدنية في كون مقتضى الاطلاق وجوبها على الكافر كالمسلم. (2) لاعتبار التقرب فيها كزكاة المال وهو غير ممكن بالنسبة إلى الكافر. (3) لحديث الجب أو غيره على ما عرفت في أوائل كتاب زكاة المال. فراجع. مضافا إلى صحيح معاوية بن عمار: (سألت أبا عبد الله (ع) عن مولود ولد ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال (ع): لا، قد خرج الشهر. وسألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال (ع): لا) (* 1). (4) أما إذا لم يؤدها فظاهر، لعدم الموجب للسقوط. وإما إذا أداها فلما عرفت في زكاة المال، من النصوص المعللة عدم السقوط: بأنه وضعها في غير أهلها.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب زكاة الفطرة حديث:. 2

 

===============

 

( 393 )

 

[ (مسألة 3): يعتبر فيها نية القربة (1) كما في زكاة المال، فهي من العبادات، ولذا لا تصح من الكافر. (مسألة 4): يستحب للفقير إخراجها أيضا (2). وإن لم يكن عنده إلا صاع، يتصدق به على عياله (3)، ثم يتصدق به على الاجنبي (4) بعد أن ينتهي الدور. ويجوز أن يتصدق به على واحد منهم أيضا، وإن كان الاولى والاحوط الاجنبي (5). وإن كان فيهم صغير أو مجنون يتولى الولي له الاخذ له والاعطاء عنه (6). وإن كان الاولى والاحوط أن ] (1) إجماعا ظاهرا، وهو العمدة. (2) إجماعا، كما عن غير واحد، وفي الجواهر: الاجماع بقسميه عليه ويشهد له النصوص المتقدمة، بعد حملها على الاستحباب جمعا. (3) كما عن جمع التصريح به. ويشهد له موثق إسحاق بن عمار: (قلت لابي عبد الله (ع): الرجل لا يكون عنده شئ من الفطرة إلا ما يؤدي عن نفسه من الفطرة وحدها، أيعطيه غريبا، أو يأكل هو وعياله؟ قال (ع): يعطي بعض عياله، ثم يعطي الآخر عن نفسه، يرددونها فتكون عنهم جميعا فطرة واحدة) (* 1). (4) كما عن الشهيد في البيان. وعن المدارك: (أن الظاهر من الترديد الرد إلى المصدق الاول..) قلت: ظاهر الرواية الرد إلى بعضهم، سواء أكان الاول أم غيره، فلا تخرج الفطرة عنهم. (5) إذ لا يحتمل اعتبار الرد على بعضهم في تحقق الاحتيال عن إعطاء الفطرة عن جميعهم، وإن كان ظاهر الرواية جوازه. (6) قد يشكل ذلك: بأن إعطاء الولي عنه خلاف المصلحة، والاصل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 3.

 

===============

 

( 394 )

 

[ يتملك الولي لنفسه ثم يؤدي عنهما. (مسألة 5): يكره تملك ما دفعه زكاة (1) وجوبا أو ندبا، سواء تملكه صدقة أو غيرها، على ما مر في زكاة المال. (مسألة 6): المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعا للشرائط، فلو جن أو أغمي عليه أو صار فقيرا قبل الغروب ولو بلحظة بل أو مقارنا للغروب لم تجب عليه. كما أنه لو اجتمعت الشرائط بعد فقدها قبله، أو مقارنا له وجبت، كما لو بلغ الصبي، أو زال جنونه ولو الادواري، أو أفاق من الاغماء، أو ملك ما يصير به غنيا أو تحرر وصار غنيا، أو أسلم الكافر، فانها تجب عليهم (2) ] عدم جوازه. ويدفع كما في المسالك: (بأن النص يقتضي جوازه. ولثبوت مثله في الزكاة المالية..). اللهم إلا أن يمنع الاطلاق، لعدم ورود النص بلحاظ هذه الجهة. وفي الجواهر دفعه: (بأن غير المكلف ملكه على هذا الوجه أي على أن يخرج عنه صدقة لظهور النص في بيان الحيلة للمعيل في إخراج مقدار الفطرة الواحدة عنه وعن عياله..). وفيه تأمل ظاهر. وإلا لوجب على كل واحد ممن أخذه أن يفعل ذلك، وهو كما ترى. وبذلك تظهر قوة ما عن المدارك: من أن الاصح اختصاص الحكم بالمكلفين. (1) كما عن المدارك. لما سبق في زكاة المال. (2) إجماعا بقسميه، كما في الجواهر. ويشهد له صحيح معاوية المتقدم (* 1). وأوضح منه: ما رواه في الفقيه بطريق صحيح أو موثق عنه: (في المولود يولد

 

 

____________

(* 1) لاحظ المسألة: 2 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 395 )

 

[ ولو كان البلوغ أو العقل أو الاسلام مثلا بعد الغروب لم تجب نعم يستحب إخراجها (1) إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد. ] ليلة الفطر، واليهودي والنصراني يسلم ليلة الفطر، قال (ع): ليس عليهم فطرة. ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر) (* 1). فان الظاهر منه وجوبها بمجرد حصول الشرائط آنا ما في الشهر، مستمرة إلى أن يهل الهلال ومن ذلك يشكل الوجوب إذا لم يحصل الادراك، وإن كان اجتماعها مقارنا للغروب. وكيف كان فظاهر قوله (ع): ((ليس الفطرة إلا على من أدرك الشهر). أن وقت وجوبها وقت الادراك عند الغروب، فإذا تخلفت الشرائط بعد ذلك لم يسقط الوجوب. (1) كما عن الاكثر. لما رواه محمد بن مسلم في الفطرة، من قول الباقر (ع): (تصدق عن جميع من تعول من حر أو عبد، صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة) (* 2)، والمرسل: (من ولد له قبل الزوال يخرج عنه الفطرة، وكذلك من أسلم قبل الزوال) (* 3) المحمولين على الاستحباب، لما سبق.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب زكاة الفطرة: حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 3.