فصل في قسمة الخمس ومستحقه

  [ فصل في قسمة الخمس ومستحقه (مسألة 1): يقسم الخمس ستة أسهم على الاصح (1)، ] مانع من ذلك الاطلاق. ولا سيما مع تأيده بالنصوص الكثيرة المصرح فيها بأن المنفي هو الزكاة (* 1)، مع وحدة لسان الجميع. فالعمل بالاطلاق الاول متعين، لعدم ثبوت المعارض. مع أنه لو بني على العمل بالاخير كان المتعين نفي الخمس في جميع موارده، لا في خصوص الارباح، مع عدم بنائهم على ذلك كما عرفت. فاللازم إذا وجوب الخمس في مال الطفل والمجنون والعبد بناء على ملكه ويظهر وجه للاقتصار في المتن على ذكر الطفل دون المجنون والعبد مع بناء المصنف على ملكه. والله سبحانه أعلم. فصل في قسمة الخمس ومستحقه (1) كما نسب إلى المشهور، أو معظم الاصحاب، أو مذهب الاصحاب أو جميعهم، أو أنه إجماع، أو من دين الامامية، على اختلاف عبارات النسبة. ويشهد له ظاهر الكتاب (* 2)، وصريح جملة من النصوص، بل قيل إنها متواترة، منها: صحيح ابن مسكان عن زكريا بن مالك الجعفي عن أبي عبد الله (ع): (عن قول الله عزوجل: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل..)، فقال (ع): أما خمس الله عزوجل فللرسول، يضعه

 

____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 4 من أبواب من تجب عليه الزكاة. (* 2) الانفال: 41.

 

 

 

===============

( 568 )

في سبيل الله، وأما خمس الرسول صلى الله عليه وآله فلاقاربه، وخمس ذوي القربي فهم أقرباؤه وحدها، واليتامى يتامى أهل بيته، فجعل هذه الاربعة أسهم فيهم. وأما المساكين وأبناء السبيل فقد عرفت أنا لا نأكل الصدقة، ولا تحل لنا، فهي للمساكين وأبناء السبيل) (* 1)، ومرسل ابن بكير في تفسير الآية، قال (ع): (خمس الله للامام، وخمس الرسول للامام، وخمس ذوي القربي لقرابة الرسول، الامام واليتامى يتامى الرسول، والمساكين منهم، وأبناء السبيل منهم، فلا يخرج منهم إلى غيرهم) (* 2). ونحوهما غيرهما. وقيل كما في الشرائع، ولم يعرف قائله كما في المسالك وغيرها، وربما نسب إلى ابن الجنيد، لكن عن المختلف: حكاية القول المشهور عنه: أنه يقسم خمسة أسهم، بحذف سهم الله، وعن ظاهر المدارك الميل إليه، لصحيح ربعي عن أبي عبد الله (ع): (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أتاه المغنم.. (إلى أن قال): ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله عزوجل لنفسه، ثم يقسم الاربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى، والمساكين، وأبناء السبيل، يعطي كل واحد منهم حقا. وكذلك الامام يأخذ كما يأخذ الرسول) (* 3). وظاهره سقوط سهم الرسول لاسهم الله تعالى، كما هو المدعى. وكيف كان لا مجال للعمل به في قبال ما عرفت، فيتعين طرحه أو حمله على التقية لموافقته لمذهب أكثر العامة كما في المدارك أو على أن ذلك منه (ص) توفير على المستحقين، كما عن الاستبصار. ولا ينافيه قوله (ع): وكذلك الامام يأخذ..) بحمل المراد منه على أنه مثله في أخذ صفو

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس حديث: 3.

 

 

 

===============

( 569 )

[ سهم لله سبحانه، وسهم للنبي (صلى الله عليه وآله)، وسهم للامام (ع) (1). وهذه الثلاثة الآن لصاحب الزمان أرواحنا له الفداء، وعجل الله تعالى فرجه (2)، وثلاثة ] المال والخمس، لا مثله في القسمة المذكورة، وإن كان هو خلاف الظاهر. (1) لانه المراد من ذي القربى في الكتاب والسنة، كما صرحت بذلك النصوص، التي منها مرسل ابن بكير المتقدم. وعن بعض علمائنا وعن المختلف أنه ابن الجنيد: أن المراد به أقارب النبي صلى الله عليه وآله من بني هاشم، كما هو ظاهر صحيح ربعي وابن مسكان المتقدمين. لكن لا مجال للعمل بهما بعد حكاية الاجماع عن جماعة صريحا وظاهرا على خلافهما. أو إمكان حملهما على ما عرفت، مما هو صريح في أنه الامام. ولا ينافيه الجمع، لامكان إرادة مجموع الائمة. (2) كما صرح به في كلام جماعة، ويقتضيه ما سبق. وفي صحيح البزنطي عن الرضا (ع) في تفسير الآية الشريفة: (فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله صلى الله عليه وآله، وما كان لرسول الله صلى الله عليه وآله فهو للامام) (* 1)، وفي مرسل حماد: (فسهم الله، وسهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاولي الامر من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة وله ثلاثة أسهم، سهمان وراثة، وسهم مقسوم له من الله. وله نصف الخمس كلا، ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم، وسهم لمساكينهم، وسهم لابناء سبيلهم) (* 2) ونحوهما غيرهما. ثم إنه لا فرق بين الموارد في وجوب قسمة الخمس على النحو المذكور وفي المدارك: (الاصحاب قاطعون بتساوي الانواع في المصرف..)،

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس حديث: 8.

 

 

 

===============

( 570 )

[ للايتام، والمساكين، وأبناء السبيل. ويشترط في الثلاثة الاخيرة الايمان (1) وفي الايتام الفقر (2)، وفي أبناء السبيل الحاجة ] وعن جماعة: دعوى الاجماع صريحا وظاهرا عليه. ويقتضيه: ظاهر مرسل حماد، ومرفوع أحمد بن محمد (* 1) بل إطلاق الآية بناء على عمومها لجميع الانواع كما تقتضيه جملة من النصوص. مضافا إلى الاطلاق المقامي لنصوص تشريع الخمس في موارده، فان عدم التعرض فيها لمصرفه ظاهر في إيكال معرفته إلى ظاهر الآية ونحوها من النصوص المتعرضة لذلك. فلا حظ. (1) كما عن جماعة التصريح به، وفي الجواهر (لا أجد فيه خلافا محققا، كما اعترف به بعضهم..)، وعن الغنية والمختلف: الاجماع عليه واستدل له: بقاعدة الاشتغال. وأن الخمس كرامة ومودة لا يستحقهما غير المؤمن المحاد لله ورسوله، وأنها عوض الزكاة المعتبر فيها الايمان إجماعا، كما عن غير واحد. وما في خبر ابراهيم الاوسي، الوارد في الزكاة: (إن الله حرم اموالنا وأموال شيعتنا على عدونا) (* 2). فتأمل. (2) كما هو المشهور. لمرسل حماد: قال (ع): يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون في سنتهم، فان فضل عنهم شئ فهو للوالي، فان عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به. وإنما صار عليه أن يمونهم، لان له ما فضل عنهم) (* 3)، ومرفوع أحمد بن محمد: (فهو يعطيهم على قدر كفايتهم، فان فضل شئ فهو له وإن نقص عنهم ولم يكفهم أتمه لهم من عنده. كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان) (* 4). ودلالتهما على المقام بالاولوية. بل في الاول جملة

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب قسمة الخمس حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب قسمة الخمس حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب قسمة الخمس حديث: 2.

 

 

 

===============

( 571 )

في بلد التسليم، وإن كان غنيا في بلده (1). ولا فرق بين أن يكون سفره في طاعة أو معصية (2). ولا يعتبر في المستحقين العدالة (3)، وإن كان الاولى ملاحظة المرجحات. والاولى أن لا يعطى لمرتكبي الكبائر. خصوصا مع التجاهر. بل يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الاثم، ولا سيما إذا كان في المنع الردع عنه (4). ومستضعف كل فرقة ملحق بها. ] من الفقرات صالحة للدلالة على ما نحن فيه. ولاجل ذلك يضعف ما عن السرائر وحكي عن المبسوط أيضا من عدم اعتباره، لضعف السند، وعدم الاقتران بما يوجب القطع بالصدور بناء على مذهبه: من عدم حجية ما لم يقطع بصدوره. وفيه: أنه يكفي في الحجية الوثوق بالصدور، ولو بتوسط اعتماد الاصحاب، كما هو كذلك هنا. ومنهما يظهر أيضا: أن المقابلة في الآية بين اليتامى والمساكين ليس لعدم اعتبار الفقر فيهم، بل للاختلاف في البلوغ وعدمه مع فقد الاب. (1) يظهر وجهه مما سبق في الايتام. كما يظهر منه ضعف ما عن السرائر وظاهر غيره من عدم الاشتراط. (2) للاطلاق، وإن كان مقتضى ما ذكر في كلماتهم تبعا لما في النصوص من البدلية: هو اعتبار الطاعة في السفر. (3) كما هو المعروف. بل قيل: لم يعرف القول باعتبارها هنا من أحد، وإن كان مقتضى البدلية المستفادة من النصوص والفتاوى اعتبارها هنا، على تقدير القول باعتبارها في مستحق الزكاة. لكن عرفت عدم اعتبارها هناك، فهنا أولى. (4) على ما مر في الزكاة. فراجع.

 

===============

( 572 )

[ (مسألة 2): لا يجب البسط على الاصناف (1)، ] (1) كما هو المشهور مطلقا، أو بين المتأخرين. للسيرة المستمرة على عدم البسط. ولما يستفاد من النصوص: من أن وجه تشريعه رفع حاجة جميع الطوائف، ولو بأن يعطي خمس مال لشخص وخمس آخر لآخر. ولصحيح البزنطي عن الرضا (ع): (أفرأيت إن كان صنف من الاصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به؟ قال (ع): ذلك إلى الامام. أرأيت رسول صلى الله عليه وآله كيف يصنع؟ أليس إنما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الامام) (* 1). لكن دلالة الصحيح لا تخلو عن مناقشة، إذ ظاهره السؤال عن لزوم مساواة السهام وعدمه، لا جواز الحرمان وعدمه. مع أن مورده صورة اختلاف أفراد ذوى السهام كثرة وقلة لا مطلقا. مع أن إيكال الامر إلى الامام لا يرتبط بما نحن فيه، لان الامام له ما يزيد على كفايتهم وعليه ما ينقص عنها، فيمكن له حينئذ أن لا يساوي بين السهام مع اختلاف ذويها، فلا يصلح الصحيح لاثبات ذلك لغيره. وأما ما قبله فلا يصلح لمعارضة نصوص التسهيم والتقسيم. إلا أن يكون حاكما عليها، بحيث يكون المراد من التسهيم لهم لزوم رفع حاجتهم، فمع وفاء نصف الخمس بحاجة الجميع يجب إعطاؤهم بمقدار حاجتهم، وإلا تخير المكلف في الدفع إلى من شاء من المحتاجين من أي الطوائف الثلاث كان. ولعل هذا المقدار بضميمة دعوى السيرة المتقدمة، وما يلزم من وجوب البسط من تعطيل سهم ابن السبيل لندرة وجوده، وما يدعى من ظاهر الاجماع، بعد حمل ما عن ظاهر المبسوط والحلبي من وجوب البسط على خلافه كاف في البناء على عدمه. ومن ذلك يظهر ضعف ما في الذخيرة: من قوة ما هو ظاهر المبسوط. والله سبحانه أعلم.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب قسمة الخمس حديث: 2.

 

 

 

===============

( 573 )

[ بل يجوز دفع تمامه إلى أحدهم. وكذا لا يجب استيعاب أفراد كل صنف (1)، بل يجوز الاقتصار على واحد. ولو أراد البسط لا يجب التساوي بين الاصناف أو الافراد. (مسألة 3): مستحق الخمس من انتسب إلى هاشم بالابوة، فان انتسب إليه بالام لم يحل له الخمس، وتحل له الزكاة (2) ] (1) كما هو المشهور، وعن بعض: نفي الخلاف فيه، وعن المنتهى الاجماع عليه. وتقتضيه السيرة. ولتعذر الاستيعاب أو تعسره غالبا. وعن ظاهر البيان وغيره: وجوب استيعاب الحاضر. ودليله غير ظاهر. نعم لا يبعد وجوب الاستيعاب إذا أمكن، مع وفاء الخمس بحوائج الجميع كما عرفت أنه المستفاد من نصوص التشريع، وما تضمن عدم جواز دفع أكثر من الحاجة. (2) كما هو المشهور، بل نسب إلى عامة أصحابنا عدا المرتضى (ره) ويشهد له مرسل حماد الذي رواه المشائخ الثلاثة، المعول عليه عند كافة الاصحاب عداه، قال (ع) فيه: (ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فان الصدقات تحل له وليس له من الخمس شئ، لان الله تعالى يقول (ادعوهم لآبائهم.) (* 1). ولما يستفاد من نصوص الباب: من أن المستحق: الهاشمي، أو بنو هاشم، الظاهر في خصوص المنتسب إلى هاشم (ع) بالاب، كالتميمي أو بني تميم، والاموي أو بني أمية، والعباسي أو بني العباس. وفي الحدائق بعد نسبة الخلاف إلى السيد المرتضى (ره) قال: (ومنشأ هذا الخلاف: أن أولاد البنت أولاد حقيقة أو مجازا، فالمرتضى ومن تبعه على الاول، والمشهور على الثاني.. ثم نقل عن جماعة موافقة

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس حديث: 8.

 

 

 

===============

( 574 )

السيد في ذلك، ثم قال: وأنت خبير بأن جملة من هؤلاء المذكورين وإن لم يصرحوا في مسألة الخمس بما نقلناه عن السيد المرتضى، إلا أنهم في مسائل الميراث والوقف لما صرحوا بأن ولد البنت ولد حقيقة اقتضى ذلك إجراء حكم الولد الحقيقي في جميع الاحكام، التي من جملتها: جواز أخذ الخمس وتحريم أخذ الزكاة، ومسائل الميراث والوقوف ونحوها، لان مبنى ذلك كله على كون المنتسب بالام ابنا حقيقة، فكل من حكم بكونه ابنا حقيقة يلزمه أن يجري عليه هذه الاحكام. بل الخلاف المنقول هنا عن السيد إنما بنوا فيه على ما ذكره في مسائل الميراث والوقوف ونحوها، من حكمه: بأن ابن البنت ابن حقيقة، كما سيأتيك ذكره..). ثم نقل جملة من العبارات المتعرضة لبيان الخلاف المذكور في جملة من أبواب الفقه كالمواريث والوقف. ثم قال: (والظاهر عندي هو مذهب السيد..). ثم احتج بالآيات القرآنية، والنصوص المتعرضة لا حتجاج الائمة (ع) وبعض أصحابهم على ذلك. وفيه: أن الآيات لا تصلح للدلالة على شئ، إذ ليس فيها إلا الاستعمال الذي هو أعم من الحقيقة. وأما النصوص فهي وإن كانت ظاهرة ظهورا لا ينكر في كون ولد البنت ولدا أو ابنا حقيقة، إذ الحمل على المجاز ينافي مقام المفاخرة، كالحمل على مجرد الالزام والاقناع، إلا أنها لا تجدي في المقام إلا إذا كان الموضوع ولد هشام. وقد عرفت أن المستفاد من النصوص الكثيرة المذكور جملة منها في أبواب حرمة الصدقة على بني هاشم: أن الموضوع الهاشمي. وهو المراد من الآل، والذرية، والقرابة، والعترة، في النصوص لانصرافها إليه. أو لانه مقتضى الجمع العرفي، وهو حمل المطلق على المقيد. فلفظ بني هاشم لم يلحظ فيه معنى الاضافة ليكون تابعا لصدق الابن على ابن البنت، بل لوحظ فيه المعنى الاسمي، كبني تميم وبني أسد

 

===============

( 575 )

ونحوهما، مما يخص بالمنسوب بتوسط الذكور لا غير. ولو سلم فالمرسل المتقدم حجة (* 1). واشتماله على التعليل، بقوله تعالى: (ادعوهم لآبائهم..) (* 2) لا ينافي ذلك، إذ كم من خبر حجة مشتمل على ما ليس بحجة. بل الظاهر بعد التأمل: أن الحكم بعدم جواز أخذ المنتسب بالام إلى هاشم (ع) الخمس أوضح من أن يحتج عليه بالمرسل أو غيره من الادلة ولا يظن من السيد المرتضى ومن نظرائه من علماء الامامية أن يرضى بنسبة القول بجواز أخذ الخمس للزبيريين وأمثالهم من العشائر والقبائل الذين إحدى جداتهم من بني هاشم، وبحرمة الصدقة عليهم، وبصحة كون الامام الصادق (ع) ومن بعده من الائمة (ع) وأولادهم تيميين، لكون جدتهم أم فروة، فنسبة الخلاف إليه غير ظاهرة. وكون المبنى في الخلاف ما ذكره أول الكلام. بل ممنوع جدا، إذ لا ملازمة بين دعوى كون الولد حقيقة في ولد البنت، وبين صحة نسبة ولد البنت إلى الجد الامي، وضرورة وضوح المباينة بين مفهوم الهاشمي والاموي، والتيمي والعدوي، ونحوها من عناوين النسب، ولا يظن أنها محل الخلاف المذكور. مع أن صدق الولد على ولد البنت محل الخلاف. فالانصاف أن نسبة الوفاق للسيد اعتمادا على الوضوح المذكور أولى من نسبة الخلاف إليه اعتمادا على قوله: (بأن ولد البنت ولد). ومن ذلك يظهر لك الاشكال في نسبة الخلاف إلى غيره ممن قال بمقالته. هذا ولان ذرية هاشم (ع) منحصرة بمن ولده عبد المطلب، ذكر غير واحد: أن مستحق الخمس من ولده عبد المطلب.

 

____________ (* 1) المراد هو مرسل حماد المتقدم في صدر التعليقة. (* 2) الاحزاب: 5.

 

 

 

===============

( 576 )

[ ولا فرق بين أن يكون علويا، أو عقيليا، أو عباسيا (1). وينبغي تقديم الاتم علقة بالنبي صلى الله عليه وآله على غيره أو توفيره، كالفاطميين (2). (مسألة 4): لا يصدق من ادعى النسب (3) إلا ] (1) بلا خلاف، بل في الجواهر: (الاجماع محصل ومنقول عليه..) للنصوص الكثيرة المستفادة منها: أن المستحق مطلق الهاشمي، من دون فرق بين أفراده. مضافا إلى صحيح ابن سنان: (لا تحل الصدقة لولد العباس، ولا لنظرائهم من بني هاشم) (* 1)، بضميمة ما تضمن، ومن النص والاجماع على أن الخمس يستحقه من تحرم عليه الصدقة. وأما ما في بعض النصوص من كون المستحق ذرية النبي صلى الله عليه وآله، أو أهل بيته (* 2)، أو آل محمد صلى الله عليه وآله (* 3) أو فاطمة (عليها السلام) وذريتها، أو نحو ذلك فمحمول إما على بعض الخمس، أو على التغليب، لانهم (عليهم السلام) السبب في التشريع، أو نحو ذلك. (2) قال في الدروس: (وينبغي توفير الطالبيين على غيرهم، وولد فاطمة (عليها السلام) على الباقين..) وعن كشف الغطاء: ليس بالبعيد تقدم الرضوي، ثم الموسوي، ثم الحسيني والحسني، وتقديم كل من كانت علاقته بالائمة أكثر..). (3) لاصالة عدم الحجية. وعن كشف الغطاء: (أنه يصدق إن لم يكن متهما، كمدعي الفقر..). ووجهه غير ظاهر، وقد عرفت الاشكال في ذلك في دعوى الفقر، فضلا عن المقام. نعم لا يبعد البناء على الحجية مع الاطمئنان، لعين ما تقدم في الفقر. فلاحظ. أما إذا كان الشياع مفيدا

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 3. (* 2) لاحظ مرسل حماد المروي في الوسائل باب: 1 من أبواب قسمة الخمس حديث: 8. (* 3) لاحظ مرفوع أحمد بن محمد المروي في الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس حديث: 9.

 

 

 

===============

( 577 )

[ بالبينة، أو الشياع المفيد للعلم، ويكفي الشياع والاشتهار في بلده. نعم يمكن الاحتيال في الدفع إلى مجهول الحال (1) بعد معرفة عدالته (2) بالتوكيل على الايصال إلى مستحقه على وجه يندرج فيه الاخذ لنفسه أيضا. ولكن الاولى بل الاحوط عدم الاحتيال المذكور. (مسألة 5): في جواز دفع الخمس إلى من يجب عليه نفقته إشكال، خصوصا في الزوجة، فالاحوط عدم دفع خمسه إليهم (3)، بمعنى: الانفاق عليهم، محتسبا مما عليه من الخمس. أما دفعه إليهم لغير النفقة الواجبة مما يحتاجون إليه مما لا يكون واجبا عليه كنفقة من يعولون ونحو ذلك فلا بأس به. كما لا بأس بدفع خمس غيره إليهم ولو للانفاق ] للعلم فالعلم هو الحجة. وحينئذ لا فرق بين بلده وغيره، ولا بين الاسباب الموجبة للعلم. (1) كما نص على ذلك في الجواهر، معللا ذلك: بأن المدار في ثبوت الموضوع على علم الوكيل دون الموكل، ما لم يعم الخلاف. ثم قال: (لكن الانصاف أنه لا يخلو من تأمل أيضا..). ولكن التأمل ضعيف. (2) قد سبق في الزكاة من النصوص ما يظهر منه الاكتفاء بالوثاقة. (3) كما جزم به شيخنا الاعظم (ره). لظاهر التعليل في نصوص عدم جواز دفع الزكاة إليهم. ولما في النصوص والفتاوى: من بدلية الخمس عن الزكاة، الظاهر في الاشتراك في الاحكام إلا في المستحق، فانه في الاول الهاشمي، وفي الثاني غيره. وعليه فالمقامان من قبيل واحد. وحكم بقية المسألة يعلم مما سبق.

 

===============

( 578 )

[ مع فقره، حتى الزوجة إذا لم يقدر على إنفاقها. (مسألة 6): لا يجوز دفع الزائد عن مؤنة السنة لمستحق واحد ولو دفعة - على الاحوط (1). (مسألة 7): النصف من الخمس الذي للامام (ع) أمره في زمان الغيبة راجع إلى نائبه، وهو المجتهد الجامع للشرائط (2) ] (1) كما في الدروس. وعن المسالك، وجعله في الجواهر الاقوى في النظر. بل قال: (لا أجد فيه خلافا..) وان جعل الجواز وجها في المسالك. للمرسلين المتقدمين في اعتبار الفقر في اليتيم، المنجبرين بفتوى المشهور. لكن استشكل في دلالتهما غير واحد - منهم شيخنا الاعظم (ره): بظهورهما في صورة اجتماع الخمس جميعه عند الامام، وتوليه القسمة بينهم. ولعل ذلك حينئذ لئلا يحصل العوز على بعض المستحقين، فيكون حيفا عليهم ويحتاجون إلى أخذ الصدقة، وذلك خلاف مقتضى مقامه الاقدس ومحله الا رفع، ولا يجري في حق المالك. ولذا تدلان أيضا على وجوب إعطاء الكفاية من الخمس مع الامكان، وإعطاء التتمة من مال الامام مع عدم الامكان. والاول لم يقل به أحد بالنسبة إلى المالك في زمان الغيبة وعدم بسط اليد. والثاني محل الخلاف بين الاعلام. فالعمدة في المنع: عدم ثبوت إطلاق يقتضي جواز الاعطاء مطلقا. ودليل التشريع وارد في مقام الاستحقاق لا غير. والاصل يقتضي الاحتياط. ومنه يظهر ضعف ما عن المناهل، من أن الاقوى جواز الاعطاء فوق الكفاية. اللهم إلا أن يبنى على إلحاق الخمس بالزكاة. لكن قد عرفت التأمل فيها أيضا. ثم إن هذا الحكم على تقدير تماميته لا فرق فيه بين أن يكون الدفع من المالك وأن يكون من الحاكم، لا طراد وجهه فيهما. فلا حظ (2) قد اختلف الاصحاب (رض) في نصف الخمس الراجع إلى

 

===============

( 579 )

الامام (ع)، فمن ذاهب إلى إباحته للشيعة مطلقا كما عن سلار الديلمي في المراسم، والمدارك والذخيرة والمفاتيح والوافي والحدائق. وعن كشف الرموز: نسبته إلى قوم من المتقدمين، وفي الحدائق: نسبته إلى جملة من معاصريه أو إذا لم يكن محتاج من الاصناف الثلاثة وإلا وجب صرفه فيهم، كما اختاره في الوسائل. اعتمادا على نصوص تضمنت تحليل الخمس التي هي مع قصور دلالة جملة منها، وإعراض الاصحاب عنها معارضة بما يوجب طرحها، أو حملها على بعض المحامل التي لا تأباها، كما تقدم التعرض لذلك في أوائل كتاب الخمس. مضافا إلى أن الاباحة المدعاة مالكية لا شرعية. وحينئذ تكون الشبهة موضوعية، والرجوع إلى أخبار الآحاد فيها غير ظاهر. ومن ذاهب إلى وجوب عزله، وإيداعه، والوصية به عند الموت، كما عن المقنعة والحلبي والقاضي والحلي، ونسب إلى السيد في المسائل الحائرية وفي المنتهى بعد نسبته إلى جمهور أصحابنا قال: (إنه حسن..). وكأنه علم بالقواعد المعول عليها في المال المعلوم مالكه، مع عدم إمكان إيصاله إليه. وفيه مع أن ذلك مظنة الخطر والضرر في أكثر الاوقات، فيكون تفريطا في مال الغير: أنه يتم لو لم يعلم برضا الامام (ع) بصرفه في بعض المصارف. ومن ذاهب إلى وجوب دفنه، كما عن بعض الاصحاب حكاه عنه في المقنعة والنهاية والمنتهى، اعتمادا على أنه أحفظ. ولما روي: من أن الارض تخرج كنوزها للحجة (ع) عند ظهوره (* 1). وفيه ما عرفت. مضافا إلى أن الاعتماد في التصرف المذكور على الرواية المذكورة كما ترى. ومن ذاهب إلى وجوب صرفه في المحتاجين من الذرية الطاهرة (زادهم

 

____________ (* 1) الاحتجاج الجزء: 2 صفحة 10: الطبعة الحديثة.

 

 

 

===============

( 580 )

الله تعالى شرفا) كما عن المفيد في الغرية، والشرائع وحاشيته، والمهذب لابن فهد. وفي المنتهى: أنه جيد، وحكي عن المشهور بين المتأخرين. للمرسلتين المتقدمتين (* 1)، الدالتين على أنه مع عدم كفاية الخمس في حوائجهم على الامام أن يتمها من ماله. وفيه ما عرفت، من اختصاص ذلك بصورة بسط اليد ووصول الخمس إليه (ع) بأجمعه، وعدم ظهورهما في وجوب الاتمام من سهمه (ع) من الخمس، بل من الجائز أن يكون من مال آخر. وقد تضمن مرسل حماد مثل ذلك في قسمة الزكاة مع الاعواز وأن عليه الاتمام (* 2). اللهم إلا أن يخص القول بذلك بصورة عدم وجود مال آخر. لكن عليه يتعين القول بجواز صرفه في سائر فقراء الشيعة كما هو أحد الاقوال كما يأتي. ومن ذاهب إلى التخيير بين إيداعه ودفنه، كما عن الشيخ في النهاية. ومن ذاهب إلى التخيير بين دفنه والايصاء به، وصلة الاصناف مع إعوازهم كما في الدروس. ومن ذاهب إلى التخيير بين حفظه والايصاء به، وبين قسمته في المحاويج من الذرية، كما في المختلف وعن غيره. ويظهر وجهها وضعفها مما سبق. وعن ابن حمزة: وجوب صرفه في فقراء شيعته وإن لم يكونوا من السادة، قال في محكي كلامه: (الصحيح عندي أن يقسم نصيبه على مواليه العارفين بحقه، من أن أهل الفقر والصلاح والسداد..). وكأن وجهه مضافا إلى المرسلتين المتقدمتين (* 3): ما أشرنا إليه آنفا، مما ورد من أنه يعول من لا حيلة له كما في صحيح حماد وأنه إذا قسم الزكاة كان عليه لاتمام إذا أعوزت (* 4). وفيه: أن ذلك مختص بصورة بسط

 

____________ (* 1) المراد بهما: مرسل حماد ومرفوع أحمد بن محمد المتقدمين في المسألة: 1 من هذا الفصل (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب المستحقين للزكاة حديث: 3 (* 3) وهما اللتان اشير اليهما قريبا في هذه التعليقة. (* 4) المراد به: ما تقدم قريبا في هذه التعليقة.

 

 

 

 

===============

( 581 )

اليد، فلا يشمل المقام. وقد يستدل له: بما ورد في خبر محمد بن يزيد: (من لم يستطع أن يصلنا فليصل فقراء شيعتنا) (* 1)، وفي المرسل: (من لم يقدر على صلتنا فليصل صالحي شيعتنا) (* 2). وفيه مع ضعف السند: ظهورها في الصلة المستحبة، فلا تشمل ما نحن فيه. وفي الجواهر قوى إجراء حكم مجهول المالك عليه، لانه منه. إذ العلم بالنسب لا يخرجه عن كونه مجهولا، بل المراد مجهول التطبيق وإن كان معلوم النسب. ويشكل: بأن نصوص مجهول المالك وإن كان بعض موارده كما ذكر، وبعضه وارد فيمن يعرف تطبيقه ولكن لا يعرف محله، كما في رواية يونس المذكورة في كتاب اللقطة من الوسائل، الواردة في الرفيق بمكة (* 3) فان الرفاقة موجبة لمعرفة التطبيق، لكن المانع من إيصال المال إليه الجهل بمحله، مع تردده بين مواقع غير محصورة. ولعل مثلها رواية معاوية الواردة في ميراث المفقود. ولاجل ذلك لا يستفاد منها كون المعيار في التصدق ما ذكره. ولذلك استظهر شيخنا الاعظم (ره) من نصوص التصدق بمجهول المالك: أن المناط تعذر الايصال من دون مدخلية للجهل، بل جزم بذلك في مكاسبه في مبحث جوائز السلطان تبعا للشرائع والتحرير والكفاية فجعل حكم المال الذي يتعذر إيصاله إلى صاحبه التصدق به عنه. لكنه أيضا لا يخلو من إشكال في المقام، لانه ما يمكن فيه إحراز الرضا بالتصرف في جهة معينة، أو الوثوق بذلك، ومعه كيف يمكن التعدي عن موارد تلك النصوص إليه؟ لان موارد تلك النصوص ما يتعذر فيه الايصال إلى المالك، ومع إحراز الرضا يتحقق الايصال الواجب، ومع الوثوق بالرضا

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 50 من أبواب الصدقة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 50 من ابواب الصدقة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب اللقطة حديث: 2.

 

 

 

===============

( 582 )

يكون التصرف أقرب من التصدق إلى تحصيل الواجب. وبالجملة: صورة حصول العلم بالرضا أو الوثوق به خارجة عن مورد النصوص الواردة في مجهول المالك وبعيدة عنه، فلا مجال للتعدي إليها. وقد يستدل عليه بصحيحة ابن مهزيار، المتقدمة في روايات التحليل: (من أعوزه شئ من حقي فهو في حل) (* 1). ويشكل: بأنها ظاهرة في التحليل، لا في وجوب التصدق. على أنها خبر واحد، فلا تصلح حجة في الموضوعات. اللهم إلا أن يكون المقصود من التحليل التحليل الشرعي لا المالكي. لكنه خلاف الظاهر. وكيف كان فلم يتضح ما يدل على تعيين صرف سهمه (ع) في جهة معينة، فيشكل التصرف فيه، إلا أن يحرز رضاه (ع) بصرفه في بعض الجهات كما في زماننا هذا فانه يعلم فيه رضاه (ع) بصرفه في إقامة دعائم الدين، ورفع أعلامه وترويج الشرع الاقدس، ومؤنة طلبة العلم الذين يترتب على وجودهم أثر مهم في نفع المؤمنين، بالوعظ والنصيحة، وبث الحلال والحرام، وغير ذلك من الواجبات الدينية التي انسلخ عنها اليوم أكثر المتدينين. والاحوط نية التصدق عنه (ع)، كما عرفت. ومن ذلك يظهر أن الاحوط إن لم يكن الاقوى إحراز رضاه (ع) في جواز التصرف، فإذا أحرز رضاه (ع) بصرفه في جهة معينة جاز للمالك تولي ذلك، بلا حاجة لى مراجعة الحاكم الشرعي كما عن غرية المفيد، وفي الحدائق الميل إليه لعدم الدليل على ذلك، كما اعترف به في الجواهر أيضا. وأدلة الولاية على مال الغائب، مثل قوله (ع): (جعلته قاضيا..)) و (حاكما..) (* 2) لا يشمل نفس الجاعل،

 

____________ (* 1) الوسائل باب:: 14 من أبواب الانفال حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من ابواب صفات القاضي حديث: 6، 1.

 

 

 

===============

( 583 )

فان للامام (ع) ولايتين، إحداهما قائمة بذاته المقدسة بما أنه مالك وذو مال كسائر الملاك وذوي المال المستفادة من مثل قوله صلى الله عليه وآله: (الناس مسلطون على أموالهم) (* 1)، والاخرى: قائمة به بما أنه الامام وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، وموضوع الثانية غيره. وأدلة ولاية الحاكم إنما هي في مقام جعل الولاية الثانية له، والامام خارج عن موردها، فانه الولي لا المولى عليه، وليس ما يدل على جعل الولاية الاولى له، بل المقطوع به عدمه. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما عن الفاضلين والشهيدين وغيرهم بل نسب إلى أكثر العلماء تارة، وأكثر المتأخرين أخرى من وجوب تولي الحاكم لحصته (ع)، بل عن الشهيد الثاني: إجماع القائلين بوجوب الصرف للاصناف على الضمان لو تولاه غير الحاكم.. اللهم إلا أن يكون إجماعا. لكنه كما ترى. أو كان لمراجعته دخل في إحراز رضاه (ع)، فلا يجوز التصرف بدونه. ولا سيما إذا كان الحاكم بمرتبة عالية من العقل والعدالة والامانة، والاهتمام بالمصالح الدينية، والقدرة على تمييز الاهم والمهم منها فانه حينئذ يكون أبصر بمواقعه وأعرف بمواضعه، فيتعين الرجوع إليه في تعيين المصرف. إلا أن مثل ذلك لا يقتضي صلاحيته للتصرف فيه تصرف الولي فيما له الولاية عليه، مثل إيقاع المصالحة عليه بمقدار معين إذا كان في نفسه مرددا بين الاقل والاكثر، ومثل تبديله بعين أخرى وإن ادعى في المستند القطع بالجواز ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتولاه الولي. نعم يشكل البناء على عدم ولاية الفقيه على المال المذكور: بأنه لا دليل على تعيين الحصة، سواه أكانت في العين أم في الذمة بتعيين المالك فإذا لم يكن للحاكم ولاية التعيين لا تحصل براءة المالك منها. اللهم إلا أن

 

____________ (* 1) راجع البحار باب: 33 حديث: 7 ج 2 صفحة 272 الطبعة الحديثة.

 

 

 

===============

( 584 )

[ فلابد من الايصال إليه، أو الدفع إلى المستحقين باذنه. والاحوط له الاقتصار على السادة مادام لم يكفهم النصف الآخر (1) ] يدعى الاجماع على ولاية المالك على القسمة كما في المستند واستظهره من الاخبار المتضمنة لا فراز رب المال خمسه، وعرضه على الامام (ع) وتقريره (ع) له. أو يقال: إن البناء على جواز الصرف باحراز الرضا راجع إلى الرضا بتعيين المالك، غاية الامر: أنه قد يتوقف إحراز الرضا على مراجعة الحاكم، وذلك لا يستدعي ثبوت ولايته على التعيين، فتأمل جيدا. نعم ربما يمكن أن تستفاد ولاية الحاكم على التعيين، وعلى الجهات المتعلقة بالسهم المبارك مما ورد في بعض النصوص: من أنه ليس ملكا له (ع) بشخصه الشريف بل ملك لمنصبه المنيف منصب الزعامة الدينية، فيتولاه من يتولى المنصب (* 1). ويشير إلى ذلك ما تضمن: أن سهم الله تعالى، وسهم الرسول صلى الله عليه وآله راجع للامام (* 2)، وأن عزل الحاكم الشرعي عن الولاية عليه يؤدي إلى ضياع الزعامة الدينية، والاحتفاظ بها من أهم الواجبات الدينية، لان بها نظام الدين، وبها قوام المذهب، وبها تحفظ الحقوق لاهلها، ولولاها لاختل أمر الدين والدنيا. واني أبتهل إلى الله جل شأنه في أن يؤيد ولاتها ويسددهم، ويرعاهم بعين رعايته. وما توفيقي إلا بالله، وعليه توكلت واليه أنيب. ثم إنه على تقدير ثبوت ولاية الحاكم يكفي إذنه في جواز التصرف كما هو صريح الدروس وعن غيره. والمحكي عن ظاهر الاكثر: العدم، ووجوب مباشرته بنفسه. ودليله غير ظاهر، إلا أن يحتمل دخله في إحراز الرضا منه (ع) بالتصرف. () قد عرفت وجهه. كما عرفت النظر في إطلاقه، فقد يكون ما هو

 

____________ (* 1)، (* 2) راجع الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس، تجد الكثير يدل عليهما.

 

 

 

===============

( 585 )

[ وأما النصف الآخر الذي للاصناف الثلاثة فيجوز للمالك دفعه إليهم بنفسه (1). لكن الاحوط فيه أيضا الدفع إلى المجتهد أو باذنه، لانه أعرف بمواقعه، والمرجحات التي ينبغي ملاحظتها. ] أهم منه، فيحرز الرضا بصرفه فيه، ولا يحرز الرضا باعطائه للسادة. (1) قد حكي في حكم هذا النصف في زمان الغيبة أقوال: أحدها: سقوطه وإباحته للشيعة، جزم به الديلمي، وقواه في الذخيرة، وفي الحدائق: نسبه إلى شيخه الشيخ عبد الله بن صالح، وإلى جملة من معاصريه، لان تقسيمه منصب الامام (ع)، ولا دليل على ثبوت ولاية ذلك لغيره. وفيه: أن الثابت أن للامام ولاية الاخذ أو مع الصرف في حال حضوره، أما ثبوت الولاية مطلقا حتى حال غيبته فلا دليل عليه. وإطلاق مادل على ثبوت الحق ووجوب إيصاله لاهله ينفيه ولنصوص التحليل التى قد عرفت إشكالها. ولاصالة البراءة، لقصور أدلة الوجوب عن شمول حال الغيبة. وفيه منع واضح، لظهور النصوص في استحقاق الاصناف الثلاثة، واطلاقها الشامل لحالي الحضور والغيبة. ثانيها: وجوب دفنه إلى زمان ظهوره، كما عن بعض. ثالثها: وجوب الوصية به، كما عن التهذيب. رابعها: التخيير بين قسمته بين الاصناف الثلاثة، وعزله وحفظه والوصية به، كما عن المقنعة. أو بين ذلك والدفن، كما عن المبسوط. ويظهر ضعف هذه الاقوال مما تقدم في حق الامام (ع)، فيتعين القول المشهور بين المتأخرين والمتقدمين، والمنسوب إلى جمهور الاصحاب، والمنفي عنه الخلاف الا من نادر: من وجوب قسمته على الاصناف الثلاثة.

 

===============

( 586 )

[ (مسألة 8): لا إشكال في جواز نقل الخمس من بلده إلى غيره، إذا لم يوجد المستحق فيه (1). بل قد يجب كما إذا لم يمكن حفظه مع ذلك، أو لم يكن وجود المستحق فيه متوقعا بعد ذلك. ولا ضمان حينئذ عليه لو تلف (2). والاقوى جواز النقل مع وجود المستحق أيضا (3)، ] هذا وهل يشترط مراجعة الحاكم في ذلك؟ قولان، اختار ثانيهما جماعة. للاصل. وعن بعض: الاول، بل في محكي زاد المعاد للمجلسي نسبته إلى المشهور، لانه من وظيفة الامام، فيكون من وظيفة نائبه. لكنه غير ظاهر. نعم هو مقتضى قاعدة الاشتغال، للشك في ولايته على التعيين ولا إطلاق واضح يقتضي ذلك. فتأمل جيدا. (1) عن المدارك: أنه لا ريب فيه، وعن غيره الاجماع عليه للاصل بل قد يجب، لتوقف إيصال الحق إلى أهله عليه، كما في فرض المتن. (2) بلا إشكال، كما في الجواهر. للاصل. ولظاهر التعليل في نصوص نفي ضمان الزكاة لو تلفت بالنقل. هذا وسيجئ الاشكال من المصنف في تعيين الخمس بالعزل، فكأن فرض المسألة في نقل مجموع المال الذي فيه الخمس، أما في نقل مقدار الخمس من ماله، لاجل تفريغ ذمته أو ماله من الخمس، فنفي الضمان غير ظاهر، لعدم الدليل، والاصل بقاء الخمس بحاله. (3) كما في المسالك والمدارك، وعن الذخيرة وغيرها. حملا له على الزكاة. لكن في الشرائع، وعن النافع والارشاد والمنتهى والتحرير وغيرها: العدم، لما سبق في الزكاة أيضا. والعمدة فيه: منافاته للفورية التي تقتضيها قاعدة السلطنة. والخروج عنها في الزكاة للنصوص لا يقتضي الخروج عنها هنا، فمنع وجوب الفورية هنا غير ظاهر، كمنع منافاته لها. نعم إذا كان إيصاله للمستحق في البلد يحتاج إلى زمان أكثر من زمان النقل إلى غيره كان

 

===============

( 587 )

[ لكن مع الضمان لو تلف (1). ولا فرق بين البلد القريب والبعيد، وإن كان الاولى القريب، إلا مع المرجح للبعيد. (مسألة 9): لو أذن الفقيه في النقل لم يكن عليه ضمان، ولو مع وجود المستحق (2). وكذا لو وكله في قبضه عنه بالولاية العامة، ثم أذن في نقله (3). (مسألة 10): مؤنة النقل على الناقل في صورة الجواز (4) ومن الخمس في صورة الوجوب. (مسألة 11): ليس من النقل لو كان له مال في بلد آخر فدفعه فيه للمستحق عوضا عن الذي عليه في بلده (5)، وكذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر فاحتسبه ] البناء على الجواز في محله. وعلى هذا فالمدار في المنع والجواز على لزوم التأخير وعدمه. (1) كما عن جماعة التصريح به، وعن المنتهى الاجماع عليه. ويقتضيه ظاهر بعض النصوص المتقدمة في الزكاة. (2) كأنه لقصور نصوص الضمان عن شمول المورد، والاصل عدمه. أو لكون مرجع الاذن إلى إسقاط الضمان. (3) الحكم فيه ظاهر، لانه بقبضه بعنوان الوكالة حصل الدفع اللازم. والضمان خلاف مقتضى الولاية، فان يد الولي لا توجب الضمان. (4) إذ لا وجه لجعله على الخمس بعد عدم كونه لمصلحته، بخلاف الصورة الآتية، فان جعله على المالك خلاف قاعدة نفي الضر. (5) كما هو ظاهر. لكن يجري فيه إشكال النقل إذا استلزم تأخيرا عن أداء الحق. وكذا الحال في الفرض الاخير.

 

===============

( 588 )

[ خمسا، وكذا لو نقل قدر الخمس من ماله إلى بلد آخر فدفعه عوضا عنه. (مسألة 12): لو كان الذي فيه الخمس في غير بلده فالاولى دفعه هناك. ويجوز نقله إلى بلده مع الضمان. (مسألة 13): إن كان المجتهد الجامع للشرائط في غير بلده جاز نقل حصة الامام (ع) إليه (1)، بل الاقوى جواز ذلك ولو كان المجتهد الجامع للشرائط. موجودا في بلده أيضا بل الاولى النقل إذا كان من في بلد آخر أفضل، أو كان هناك مرجح آخر. (مسألة 14): قد مر: أنه يجوز للمالك أن يدفع الخمس من مال آخر له نقدا أو عروضا، ولكن يجب أن يكون بقيمته الواقعية، فلو حسب العروض بأزيد من قيمتها لم تبرأ ذمته، وإن قبل المستحق ورضي (2). (مسألة 15): لا تبرأ ذمته من الخمس إلا بقبض ] (1) حيث عرفت أن المعيار في جواز التصرف في حصة الامام (ع) الرضا، يدور أمر النقل وعدمه مداره، ومع تساوي النقل وعدمه فيه يتخير. ولو ثبت أنه تحت ولاية الحاكم، فمع الدوران بين الحاكم في بلده والحاكم في بلد آخر، يجري الحكم الثابت مع الدوران بين فقير البلد وفقير غيره، من جواز النقل وعدمه. (2) لان المدار على جوازه شرعا. ولم يدل دليل عليه مع قبول المستحق. نعم لو صالح المستحق عن العروض بمقدار الخمس، ثم احتسب ذلك المقدار جاز.

 

===============

( 589 )

[ المستحق أو الحاكم (1)، سواء كان في ذمته أو في العين الموجودة. وفي تشخيصه بالعزل إشكال (2). (مسألة 16): إذا كان في ذمة المستحق دين جاز له احتسابه خمسا (3). وكذا في حصة الامام (ع) إذا أذن المجتهد. ] (1) لعدم الدليل على البراءة بدون ذلك، والاصل عدمها. (2) تقدم في المسألة السابعة عن المستند: حكاية الاجماع على ولاية المالك على القسمة، مستظهرا له من النصوص المتضمنة إفراز المالك لخمسه وعرضه على الامام (ع)، وتقريره (ع) له على ذلك. ويقتضيه ظاهر كلماتهم في مسألة جواز النقل، حيث أن الظاهر أن موضوعها المال المعين خمسا. ويؤيده: ما ورد في الزكاة. لكن الخروج عن الاصل بهذا المقدار لا يخلو من إشكال، لعدم ظهور تلك النصوص في تعين كون المفروز خمسا بعينه. ومجرد التعبير بمثل: (أد الخمس)، أو (أرسله) لا يقتضي ذلك، فانه نظير قوله: (أد دينك). فأصالة عدم التعيين محكمة. (3) الظاهر من الاحتساب: أنه إيقاع لا تمليك، ولذا لا يكون موقوفا على القبول، ولا على القول بجواز تمليك ما في الذمة. وعلى هذا فجوازه يتوقف على أحد أمور: الاول: أن تكون اللام للمصرف لا للملك، إذ يكفي في الصرف إبراء الذمة واسقاط ما فيها. لكن جعل اللام للمصرف خلاف الظاهر. ولا سيما بقرينة السهام الراجعة للامام (ع). الثاني: أن تكون اللام للملك، لكن المالك لما كان هو الطبيعة، فالمالك أو الفقيه بحسب ولايته على المال المذكور الذي ليس له مالك معين يصرفه في مصالح الطبيعة، ومنها إبراء الذمة لبعض افرادها. وفيه: أن ثبوت هذه الولاية المطلقة لا دليل عليه، وإنما الثابت هو الولاية على

 

===============

( 590 )

[ (مسألة 17): إذا أراد المالك أن يدفع العوض نقدا أو عرضا لا يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد بالنسبة إلى حصة الامام (ع) (1)، وإن كانت العين التي فيها الخمس موجودة. لكن الاولى اعتبار رضاه، خصوصا في حصة الامام (ع). (مسألة 18): لا يجوز للمستحق أن يأخذ من باب ] تطبيق الطبيعة على الفرد، وبعد التطبيق المذكور يدفع إليه ملكه، نظير تطبيق الكلي المملوك على الفرد المعين في بيع الصاع من صبرة، أو الدين الذي في الذمة على المال الخارجي المعين، فالولاية في الموردين المذكورين على تطبيق المملوك، وفي المقام على تطبيق المالك، والولاية على الصرف في مطلق مصلحة الطبيعة لا دليل عليه. الثالث: البناء على صحة عزل الخمس في المال الذي يفي الذمة، وبعد تطبيق المستحق الكلي على صاحب الذمة يسقط المال قهرا. لكن عرفت الاشكال في جواز عزل الخمس في المال الخارجي، فضلا عن المال الذي في الذمة ومن ذلك يظهر الاشكال في جواز الاحتساب في هذا القسم من الخمس. نعم لا يبعد ذلك في سهم الامام (ع) بعدما عرفت من اعتبار الرضا إذ معه يصح إبراءه على أن يسقط منه بمقداره. كما لا بأس به في التصدق برد المظالم، لصدق التصدق بذلك. وقاعدة إلحاق الخمس بالزكاة لادليل عليها. نعم بناء على ثبوت ولاية الفقيه، لو أذن للمالك بتعيين الخمس فيما له في الذمة وتعيين الفقير فيمن عليه المال سقط قهرا، عملا بمقتضى الولاية. ولكن هذا أمر آخر غير جواز الاحتساب شرعا. فتأمل جيدا. (1) لان مادل على جواز دفع البدل على تقدير تماميته كما تقدم لم يعتبر فيه رضا المستحق أو المجتهد، فاطلاقه محكم.

 

===============

( 591 )

[ الخمس ويرده على المالك إلا في بعض الاحوال (1)، كما إذا كان عليه مبلغ كثير، ولم يقدر على أدائه بأن صار معسرا وأراد تفريغ الذمة، فحينئذ لا مانع منه إذا رضي المستحق بذلك. (مسألة 19): إذا انتقل إلى الشخص مال فيه الخمس ممن لا يعتقد وجوبه كالكافر ونحوه لم يجب عليه إخراجه (2) فانهم (ع) أباحوا لشيعتهم ذلك، سواء كان من ربح تجارة أو غيرها. وسواء كان من المناكح، والمساكن، والمتاجر، أو غيرها. ] (1) تقدم الكلام فيه في الزكاة، في المسألة السادسة عشرة من فصل الختام. فراجع. (2) قد اشتهر في كلام الاصحاب (رض) تحليل المناكح والمساكن والمتاجر في زمان الغيبة ونحوه، من أزمنة قصور يد العدل. بل ظاهر بعض: الاتفاق عليه، وإن كان ظاهر بعض العبارات: اختصاص التحليل بالمناكح، دون المساكن والمتاجر. والذين صرحوا بالتعميم اختلف ظاهر كلامهم في اختصاص ذلك التحليل بالانفال، أو الخمس، أو يعمهما. وعلى الثاني في اختصاصه بحقهم (ع)، أو يعم حق بقية الاصناف. وفي اختصاصه بمن هي في يده، أو يعم غيره، وفي تفسيرها وتعيين المراد بها. ففي الاول، قيل كما عن المسالك وغيرها: إنها السراري المسبية من أهل الحرب، وقيل: إنها السراري التي يشتريها بثمن فيه الخمس، وقيل: إنه مهور الزوجات التي فيها الخمس. وفي الثاني، قيل: إنه المسكن الذي يغتنم من الكفار، وقيل. إنه المسكن المختص بالامام، كرؤوس الجبال، وقيل: إنه المسكن الذي يشترى من أرباح التجارات، وقيل:

 

===============

( 592 )

إنه المسكن الذي يشترى من المال الذي فيه الخمس، كما لو اشتراه من الربح بعد الحول، أو من الكنز والمعدن ونحوهما. وفي الثالث، قيل: إنه ما يشترى من الغنائم المأخوذة من أهل الحرب حال الغيبة، وقيل ما يشترى من أموال الامام (ع)، كالرقيق، والحطب المقطوع من الآجام المملوكة له (ع)، وقيل: ما يشترى مما فيه الخمس ممن لا يخمس، أو لا يعتقد الخمس. هذا وليس في النصوص ما يتضمن التحليل للعناوين المذكورة بخصوصها غير مرسلة الغوالي: (سأله بعض أصحابه، فقال: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله ما حال شيعتكم فيما خصكم الله تعالى به إذا غاب غائبكم واستتر قائمكم؟ فقال (ع): ما أنصفناهم إن واخذناهم، ولا أحببناهم إن عاقبناهم. نبيح لهم المساكن لتصح عباداتهم، ونبيح لم المناكح لتطيب ولادتهم، ونبيح لهم المتاجر لتزكوا أموالهم) (* 1). لكنها ضعيفة السند لا تصلح للاعتماد عليها، فلا بد من الرجوع في تحليل المذكورات بتفاسيرها إلى الادلة، فنقول: أما التفسير الاول للاول فتقتضيه جملة من النصوص، كخبر الفضيل: (قال أبو عبد الله (ع): إنا أحللنا أمهات شيعتنا لآبائهم ليطيبوا) (* 2). وخبر عبد العزيز بن نافع: (إن أبي كان ممن سباه بنو أمية، وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا، ولم يكن لهم مما في أيديهم قليل ولا كثير، وإنما ذلك لكم، فإذا ذكرت الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه. فقال (ع) له: أنت في حل مما كان من ذلك. وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك) (* 3). وما في خبر أبي حمزة (فنحن أصحاب الخمس والفئ،

 

____________ (* 1) مستدرك الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب الانفال حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 18.

 

 

 

===============

( 593 )

وقد حرمناه على جميع الناس ماخلا شيعتنا. والله يا أبا حمزة، مامن أرض تفتح، ولا خمس يخمس، فيضرب على شئ منه إلا كان حراما على من يصيبه، فرجا كان أو مالا) (* 1)، وخبر الكناسي: (أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت: لا أدري. فقال (ع): من قبل خمسنا أهل البيت. إلا شيعتنا الاطيبين، فانه محلل لهم ولميلادهم) (* 2) وقريب منها غيرها. وظاهرها: تحليل الخمس بتمامه. وأما التفسير الثاني فالشراء فيه إن كان من مؤنة السنة، فاستثناؤه في محله كما سبق، وإن لم يكن منها فدلالة النصوص المتقدمة عليه غير ظاهرة لاختصاص أكثرها بالفئ. والباقي إما ظاهر فيه أو غير ظاهر فيما نحن فيه. ولاسيما مع ضعف السند، وعدم ثبوت الجابر. وأما نصوص التحليل العامة فقد عرفت الاشكال في التمسك بها، لمعارضتها بما دل على عدم حل الخمس، الموجب لحملها على ما ورد فيه التحليل بالخصوص. ومن ذلك يظهر الاشكال في التفسير الثالث فيما لم يكن المؤن. مضافا إلى أن حرمة المهر لا ترتبط بحرمة الزوجة، لعدم كونه من أركان العقد كما هو موضح في محله فلا يلزم من تحريمه تحريمها. وأما التفسير الاول للثاني، فان كان المراد من المغنم ما كان بغير إذن الامام، فتحليله مبني على تحليل الانفال، على ما عرفت من أن الغنيمة بدون إذن الامام (ع) منها. وإن كان المراد منه المغتنم باذنه فالدليل عليه غير ظاهر. ولاسيما بناء على عدم الخمس في الارض ونحوها من غير المنقول كما تقدم تقريبه. وأما حسنة الحلبي عن أبي عبد الله (ع): (في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم، ويكون معهم فيصيب غنيمة. قال (ع):

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 19. (* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 3.

 

 

 

===============

( 594 )

يؤدي خمسنا ويطيب له) (* 1) فظاهرها عدم الحل. لكنها مع انصرافها إلى المنقول مختصة بصورة مباشرة الشيعي للاغتنام، فلا تشمل صورة الانتقال إليه من المغتنم غير الشيعي. مع أنك عرفت من مبحث الغنائم: أن الجمع بينه وبين ما دل على أن الغنيمة بغير إذن الامام (ع) له، حملها على صورة الاذن. وسيأتي الكلام فيه في تحليل الانفال. وأما التفسير الثاني فلانه من الانفال، فيجري عليه حكمها. وأما التفسير الثالث، فان كان من المؤن فتحليله ظاهر، لما تقدم من استثنائها وان لم يكن منها فلا دليل على تحليله كالرابع فعموم ثبوت الخمس فيه محكم. وأما التفسير الاول للثالث، فقد عرفت: أن نفس المغتنم من الانفال وأما شراؤه من المغتنم أو غيره، فيدل على جوازه وحليته مضافا إلى ما تقدم إطلاق خبر أبي خديجة عن أبي عبد الله (ع): (قال رجل وأنا حاضر: حلل لي الفروج. ففزع أبو عبد الله (ع). فقال له رجل: ليس يسألك أن يعترض الطريق، إنما يسألك خادما بشتريها، أو امرأة يتزوجها، أو ميراثا يصيبه، أو تجارة أو شيئا أعطيه. فقال (ع): هذا لشيعتنا حلال. أما والله لا يحل إلا لمن أحللنا له) (* 2) فتأمل. فانه قد يظهر من السؤال الاول الاختصاص بالمناكح. وخبر يونس بن يعقوب: (كنت عند أبي عبد الله (ع)، فدخل عليه رجل من القماطين، فقال: جعلت فداك، تقع في أيدينا الاموال والارباح، وتجارات نعلم أن حقك فيها ثابت وإنا عن ذلك مقصرون. فقال أبو عبد الله (ع): ما أنصفناكم

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب ما يجب فيه الخمس حديث: 8. وقد تقدم في صفحة: 447 التعبير عنها بالمصحح. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب الانفال حديث: 4.

 

 

 

===============

( 595 )

إن كلفناكم ذلك اليوم) (* 1). ولعله ظاهر صحيح الحرث عنه (ع): (قلت له: إن لنا أموالا من غلات، وتجارات، ونحو ذلك وقد علمت أن لك فيها حقا. قال (ع): فلم أحللنا إذا لشيعتنا إلا لتطيب ولادتهم. وكل من والى آبائي فهو في حل مما في أيديهم من حقنا، فليبلغ الشاهد الغائب) (* 2). مضافا إلى قيام السيرة عليه في الجملة. ولزوم الوقوع في الحرج العظيم لوبني على التحريم. ولا سيما بملاحظة ما هو معلوم من عطفهم ورأفتهم بشيعتهم. ثم إن ظاهر الاخبار أو منصرفها الشراء ممن لا يعتقد وجوب الخمس، كالكافر والمخالف. ومنها يظهر الوجه في حل التفسير الثالث، واختصاصه بالشراء ممن لا يعتقد الخمس، وإن ذكر في الروضة، وحكي عن السرائر: العموم لغيره، بدعوى: إطلاق النصوص المذكورة الشامل له أيضا. لكن عرفت أن النصوص لا إطلاق فيها، لان موضوع التحليل فيها الاموال التي تكون في أيدي الشيعة، والمنتقلة إليهم من غيرهم. ولا سيما بملاحظة الغلبة. وكون بناء الشيعة على إخراج الخمس في تلك الاعصار. وبالجملة: لا ينبغي التأمل في دعوى اختصاص النصوص بالشراء ممن لا يعتقد الخمس. وبذلك يرتفع التعارض بينها وبين مادل على عدم جواز شراء ما فيه الخمس، فيحمل على الشراء ممن يعتقد. وأما التفسير الثاني فالرقيق فيه قد عرفت حكمه في المناكح إذا كان أنثى. أما الذكر وكذلك الحطب المقطوع من الآجام فهما من الانفال يجري عليها حكمها. ومما ذكرنا يظهر أن المستفاد من النصوص المتقدمة: هو تحليل الشيعة من الخمس الثابت فيما يكون في يد غيرهم مطلقا، سواء

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب الانفال حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب الانفال حديث: 9.

 

 

 

===============

( 596 )

أكان من المناكح، أم المساكن، أم المتاجر، أم غيرها، كما ذكر في المتن بل يظهر من كلماتهم: أنه من المسلمات، بل عن ظاهر البيان: أنه مما أطبق عليه الامامية، وإن حكي عن الاسكافي والحلبي إنكار هذا التحليل من أصله. ولعله لان الشبهة موضوعية، والاعتماد فيها على خبر الواحد غير ظاهر. ولا سيما مع ضعف السند في كثير منها. لكن ذلك لايتم في تحليل المناكح، لتواتر النصوص إجمالا بتحليلها. وكذا في الشراء ممن لا يعتقد الخمس، لقيام السيرة عليه في الجملة، كما عرفت آنفا. بل الظاهر أن جواز الشراء لمطلق الفئ مستفاد من النصوص المتواترة الواردة فيه بالخصوص أو العموم. وعليه فالمراد بالمناكح مطلق الجواري الموطوءة وإن لم تكن ذات ولد شيعي. ويشهد له خبر الكناسي المتقدم (* 1) الذي لا يصلح التعليل بطيب الولادة للحكومة عليه، لكونه أظهر منه في جواز الوطئ، لئلا يكون الزنا. فتأمل. كما أنه لو كان المغتنم شيعيا لم يكن موردا للتحليل، لقصور النصوص المتقدمة عن شموله. كقصورها عن شمول شيعي آخر تنتقل منه إليه، كما عرفت. والله سبحانه أعلم تذييل في الانفال الانفال جمع: (نفل) بالتحريك والسكون وهو الزائد، قال الله تعالى: (وو هبنا له إسحاق ويعقوب نافلة..) (* 2). ولاجل ذلك سميت الصلاة النافلة نافلة، لزيادتها على الفريضة. وهي كما ذكر غير واحد: الاموال المختصة بالنبي صلى الله عليه وآله. قال الله تعالى: (يسألونك عن

 

____________ (* 1) تقدم ذلك في هذه التعليقة قريبا. (* 2) الانبياء: 21.

 

 

 

===============

( 597 )

الانفال قل الانفال لله والرسول فأتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم..) (* 1) ومن بعده للامام (ع)، جعلها الله لهم زيادة على مالهم من سهم الخمس إجماعا. ويستفاد ذلك من النصوص الآتية وغيرها. وما في بعضها: من أنها تقسم نصفين، نصف للناس، ونصف للرسول وللامام من بعده، مطروح. وهي أمور: منها: أراضي الكافر التي استولى عليها المسلمون من غير قتال، سواء انجلى عنها أهلها أم مكنوا المسلمين منها طوعا. بلا خلاف ظاهر، كما اعترف به غير واحد، بل عن جماعة: دعوى الاجماع صريحا عن جماعة عليه. ويشهد له كثير من النصوص، كمصحح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع): (الانفال ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا ما بأيديهم. وكل أرض خربة، وبطون الاودية فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله، وهو للامام من بعده، يضعه حيث يشاء) (* 2)، وموثق إسحاق: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الانفال، فقال: هي القرى التى قد خربت وانجلى أهلها، فهي لله وللرسول. وما كان للملوك فهو للامام. وما كان من أرض الجزية، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكل أرض لارب لها، والمعادن منها. ومن مات وليس له مولى فماله من الانفال) (* 3) ونحوهما غيرهما مما هو كثير جدا. واطلاق بعضها كالمصحح وإن كان يشمل الارض وغيرها، لكنه مقيد بما هو مقيد بها، الوارد في مقام الحصر والتحديد، فان وروده كذلك يستوجب ثبوت المفهوم له وهو النفي عن غير الارض فيحمل المطلق في الاثبات عليه.

 

____________ (* 1) الانفال: 1. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الانفال حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب الانفال حديث: 20.

 

 

 

===============

( 598 )

ومنها: الارض الموات، سواء أملكت ثم باد أهلها، أم لم يجر عليها ملك مالك، كالمفاوز، بلا خلاف ظاهر، بل عن جماعة كثيرة. دعوى الاجماع عليه. والنصوص الدالة عليه كثيرة جدا، على اختلاف بينها في ذلك، فقد أطلق في بعضها: كون الارض الخربة أو الميتة من الانفال وقيد في آخر: ببواد الاهل أو جلائهم. والظاهر من التقييد المذكور كما اعترف به غير واحد: إرادة الاحتراز عن الميتة التي لها مالك معروف، فانها ليست من الانفال بل هي لمالكها. والظاهر أنه مما لا إشكال فيه، وعن العلامة في التذكرة: إلاجماع عليه. نعم لو كان قد ملكها بالاحياء، ففي خروجها عن ملكه بالموت وجواز إحياء غيره لها وملكه لها بذلك قولان، حكي أولهما عن جماعة، منهم العلامة في التذكرة، والشهيد الثاني في الروضة والمسالك، بل عن جامع المقاصد: أنه المشهور. لصحيح أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (ع): وجدنا في كتاب علي (ع): أن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الارض، ونحن المتقون، والارض كلها لنا. فمن أحيا أرضا ميتا من المسلمين فليعمرها، وليؤد خراجها إلى الامام (ع) من أهل بيتي (ع)، وله ما أكل منها، فان تركها، أو أخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها، فهو أحق بها من الذي تركها، فليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي، وله ما أكل حتى يظهر القائم (ع) من أهل بيتى..) (* 1)، وصحيح معاوية ابن وهب: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: أيما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فان عليه فيها الصدقة، فان كانت أرضا لرجل قبله، فغاب عنها وتركها فأخر بها ثم جاء بعد يطلبها، فان الارض

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب احياء الموات حديث: 2.

 

 

 

===============

( 599 )

لله ولمن عمرها) (* 1). المعتضدين بعموم: (من أحيا أرضا ميتة فهي له) (* 2). ولا يعارض بتطبيقه على المحيي الاول، لعدم تعرضه للبقاء، فلم يبق إلا الاستصحاب الذي لا يصلح لمعارضة الدليل. وقيل ببقائها على ملك الاول، كما عن المبسوط والتهذيب والسرائر والنافع والتحرير والدروس وجامع المقاصد وغيرهم. لصحيحي سليمان بن خالد والحلبي عنه (ع): (عن الرجل يأتي الارض الخربة، فيستخرجها ويجري أنهارها، ويعمرها، ويزرعها، ماذا عليه؟ قال (ع): الصدقة. قلت: وإن كان يعرف صاحبها؟ قال (ع): فليؤد إليه حقه) (* 3) لكنهما كما ترى لا يصلحان لمعارضة الصحيحين الاولين، لصراحة الاول منهما في تملك الثاني بالاحياء في خصوص صورة تملك الاول بالاحياء. فيمكن أن يجعل شاهدا للجمع بين صحيح معاوية والصحيحين الاخيرين، بحمل الاول على الصورة المذكورة، والاخيرين على التملك بغيره. مضافا إلى أن مورد السؤال في الصحيحين الاولين: صورة إعراض المالك الاول وتركه للارض، والاخيران خاليان عن ذلك، فيمكن حملهما على صورة البناء على تعميرها. فتأمل جيدا. ثم إنه مما ذكر يظهر: أن موات المفتوح عنوة ملك للمسلمين، وليس من الانفال، لانها لها مالك معلوم قد ملكه بالفتح لا بالاحياء، كما نص على ذلك في الشرائع وغيرها، على نحو يظهر كونه من المسلمات وفي الجواهر ادعى القطع بذلك، وإطلاق ما دل على أن الموات للامام (ع)

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب احياء الموات حديث: 1. (* 2) كما هو مضمون ما رواه في الوسائل باب: 1 من أبواب احياء الموات حديث: 6. وغيره من أحاديث الباب المذكور. (* 3) الوسائل باب: 3 من أبواب احياء الموات حديث: 3 وملحقه.

 

 

 

===============

( 600 )

مقيد بغير ذلك، للصحيحين المتقدمين كما أن مقتضى الاصل وظاهر صحيح الكابلي: عدم خروج الميتة عن ملكه (ع) بصيرورتها حية. كما أن ظاهر غير واحد في كتاب إحياء الموات: التسالم على عدم الفرق بين الموات في بلاد الاسلام وبلاد الكفر، فكما يملك الامام (ع) الموات في الاول يملك الموات في الثاني. وحينئذ، فلو أحياها الكافر قبل الفتح ثم فتحت، ففى كونها للامام (ع) حينئذ، أو للمسلمين وجهان، مبنيان على عموم تملك المحيي الكافر في مثل ذلك وعدمه. فعلى الاول تكون ملكا للكافر المحيي لها، فيملكها المسلمون بالفتح. وعلى الثاني تكون ملكا للامام (ع) فلا تملك بالفتح. وما دل على أن العامر حال الفتح ملك للمسلمين مختص بما كان ملكا للكافرين، فلا يشمل ما كان ملكا لمسلم، فضلا عن أن يكون ملكا لامام المسلمين،. والكلام في ذلك كله موكول إلى محله. وقد تعرضنا لهذه المسألة في كتابنا: (نهج الفقاهة) في أحكام الارضين. فراجعه، فان له نفعا في المقام: ومنها: سيف البحار بكسر السين: ساحله، على ما ذكره في الشرائع. ودليله غير ظاهر، إلا أن تكون من الموات فعلا، فتدخل في أرض الموات أو تكون حية فعلا، لكن كانت مواتا باستيلاء الماء عليها، ثم نضب عنها الماء فصارت حية، بناء على ما عرفت: من عدم خروج الموات عن ملكه (ع) بالحياة. أما لو كانت حية من أول الامر كما يقتضيه إطلاق الشرائع فكونها ملكا له (ع) غير ظاهر. اللهم إلا أن تكون من الارض التى لا رب لها بناء على أنها له (ع) وإن كانت حية كما يقتضيه ظاهر موثق إسحاق المتقدم (* 1). ومثله: خبر أبي بصير المروي عن تفسير العياشي (* 2)، المعتضدان بما دل على أن الارض كلها

 

____________ (* 1) تقدم ذلك في أول الفصل. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الانفال حديث: 28.

 

 

 

===============

( 601 )

للامام (* 1). لكنه خلاف ظاهر كلماتهم. وخلاف ظاهر التقييد في مرسل حماد، الوارد في بيان الانفال، فانه عد منها: كل أرض ميتة لا رب لها (* 2) فان ظاهر التقييد بالميتة اعتبار ذلك في كون الارض التي لا رب لها من الانفال. ومنها: رؤوس الجبال، وبطون الاودية والآجام، مفرده: أجمة كقصبة، وهي الارض، المملوءة قصبا، أو الشجر الكثير الملتف بعضه ببعض لكن على هذا يكون النفل: الارض ذات الاجمة، لا الاجمة نفسها. وكيف كان فقد نص على كونها من الانفال جماعة كثيرة، بل لا خلاف فيه ظاهر. ويشهد له جملة من النصوص، كمصحح حفص المتقدم في الاول (* 3). ونحوه مصحح ابن مسلم (* 4)، ومرسل حماد بن عيسى قال (ع): وله رؤوس الجبال، وبطون الاودية الآجام) (* 5)، ومرفوع أحمد بن محمد: (وبطون الاودية، ورؤوس الجبال) (* 6)، وفي خبر داود بن فرقد: (وما الانفال؟ قال (ع): بطون الاودية، ورؤوس الجبال، والآجام) (* 7) ونحوه: خبر الحسن بن راشد (* 8).. إلى غير ذلك. وضعف سند مادل على الاول والاخير لا يقدح بعد الانجبار بالعمل. بل قد يدعى الاكتفاء بصحة سند مادل على الثاني، بضميمة عدم القول بالفصل.

 

____________ (* 1) لاحظ صحيح الكابلي المتقدم في الارض الموات من هذا المبحث. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب الانفال حديث: 4 (* 3) لاحظ القسم الاول من أقسام الانفال. (* 4) الوسائل باب: 1 من أبواب الانفال حديث: 22. (* 5) هذا هو المرسل المشار إليه في القسم السابق. (* 6) الوسائل باب: 1 من أبواب الانفال حديث: 17. (* 7) الوسائل باب: 1 من ابواب الانفال حديث: 32. (* 8) الوسائل باب: 1 من ابواب قسمة الخمس ملحق حديث: 8.

 

 

 

===============

( 602 )

والظاهر عمومها لما كان في الارض المملوكة لغير الامام، من مالك خاص، أو عام كالمفتوحة عنوة، كما يقتضيه إطلاق النصوص المتقدمة. بل ذكرها أو بعضها في النصوص في قبال الارض المختصة به كالصريح في العموم. وبذلك كله يظهر ضعف ما عن السرائر والمدارك: من تخصيص الثلاثة بالمختص بالامام. للاصل، وضعف النصوص. وما عن الفاضلين في المعتبر والمنتهى: من التوقف في ذلك بالنسبة إلى الاخير. نعم قد يستشكل في شمولها لما يحدث في ملك الغير، كما لو استأجمت الارض أو جرى عليها السيل حتى صارت من بطون الاودية، لانصراف النصوص إلى غير ذلك. ولان الاستيجام نوع من الموت. وقد تقدم: أن الموت لا يخرج الارض عن ملك مالكها إذا كان قد ملكها بغير الاحياء، بل وبالاحياء على أحد القولين. وفيه: أن الانصراف غير ظاهر. وعدم الخروج بالموت عن الملك إذا كان بغير الاحياء للدليل عليه كما تقدم غير شامل للمقام، كما يظهر من المقابلة بينه وبين الميتة في النصوص. فالبناء على العموم لاطلاق الادلة كما هو ظاهر الجواهر أنسب بالقواعد. ومنها: صفايا الملوك، وقطائعها، والغنيمة بغير إذن الامام، كما تقدمت الاشارة إلى ذلك في أول الكتاب. ومنها: المعادن، كما عن الكليني، وشيخه القمي في تفسيره، والمفيد والشيخ، والديلمي، والقاضي، وعن الكفاية والذخيرة وكشف الغطاء اختياره. ويشهد له موثق إسحاق، المتقدم في أول الانفال (* 1)، وخبر أبي بصير المروي عن تفسير العياشي: (قلت: وما الانفال؟ قال (ع): منها المعادن، والآجام..) (* 2)، وخبر ابن فرقد المروي عنه: (قلت:

 

____________ (* 1) تقدم ذلك في القسم الاول من أقسام الانفال. فلاحظ. (* 2) الوسائل باب: 1 من أبواب الانفال حديث: 28.

 

 

 

===============

( 603 )

وما الانفال؟ قال (ع): بطون الاودية، ورؤوس الجبال، والآجام، والمعادن) (* 1). وعن جماعة كما قيل منهم النافع والبيان: أن الناس فيها شرع سواء. بل عن الدروس: نسبته إلى الاشهر، بل في الجواهر: إنه المشهور نقلا وتحصيلا، للاصل، والسيرة. وخلو أخبار الخمس عن التعرض لذلك، بل ظاهرها كون الباقي بعد الخمس للمخرج، بأصل الشرع لا بتحليل الامام. ولقصور النصوص المتقدمة سندا عدا الموثق، وهو مع أن في بعض النسخ جعل بدل: (منها): (فيها)، فيكون الضمير راجعا إلى الارض التي لا رب لها، التي هي للامام يحتمل في ضمير (منها) فيه أن يكون كذلك، لا راجعا إلى الانفال، بل هو أنسب بسياقه. ولازمه التفصيل بين ما يكون من المعادن في الارض التي للامام وغيرها، كما عن الحلي والمعتبر والمنتهى والتحرير والروضة وغيرها. ومنها: إرث من لا وراث له، فعن المنتهى: (أنه من الانفال، عند علمائنا أجمع..)). وتشهد به جملة من النصوص كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): (من مات وليس له وارث من قرابته، ولا مولى عتاقه قد ضمن جريرته، فماله من الانفال) (* 2)، وصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): (في قول الله تعالى: (يسألونك عن الانفال..) قال (ع): من مات وليس له مولى فماله من الانفال)) (* 3). وفي مرسل حماد: (الامام وارث من لا وارث له) (* 4).. إلى غير ذلك. وقد يعارضها غيرها مما يتعين طرحها أو تأويلها، كما هو محرر في كتاب الميراث. هذا وعن المقنعة وأبي الصلاح: عد البحار من الانفال، وعن غير

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب الانفال حديث: 32. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب ولاء ضامن الجريرة والامامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب ولاء ضامن الجريرة والامامة حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 3 من أبواب ولاء ضامن الجريرة والامامة حديث: 5.

 

 

 

===============

( 604 )

واحد: الاعتراف بعدم الدليل عليه. ويمكن أن يكون وجهه: صحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال: (إن جبرائيل كرى برجله خمسة أنهار: لسان الماء يتبعه الفرات، ودجلة، ونيل مصر، ومهران، ونهر بلخ. فما سقت أو سقي منها فللامام، والبحر المطيف بالدنيا وهو أفسيكون) (* 1). ونحوه خبر يونس بن ظبيان، أو المعلى بن خنيس. إلا أنه عد فيه الانهار ثمانية: سيحان، وجيحان، والخشوع، ونهر الشاش ومهران، ونيل مصر، والدجلة، والفرات (* 2). وعن المقنعة أيضا: عد المفاوز من الانفال أيضا، وفي الجواهر: (لم نقف له على دليل فيما لم يرجع إلى الاراضي السابقة..). هذا والمصرح به في كلام الشهيدين وغيرهم: تحليل الانفال للشيعة في زمان الغيبة، وربما نسب ذلك إلى المشهور. إلا أنه نوقش في صحة النسبة، بل في الحدائق قال: (ظاهر المشهور هنا هو تحليل ما يتعلق من الانفال بالمناكح والمساكن والمتاجر خاصة، وأن ما عدا ذلك يجري فيه الخلاف، على نحو ما تقدم في الخمس..). وكيف كان فيدل على التحليل خبر الحرث بن المغيرة النضري: (دخلت على أبي جعفر (ع) فجلست عنده، فإذا نجية قد أستاذن عليه فأذن له، فدخل فجثا على ركبتيه، ثم قال: جعلت فداك، إني أريد أن أسالك، عن مسألة، والله ما أريد فيها إلا فكاك رقبتي من النار. فكأنه رق له فاستوى جالسا، فقال: يا نجية سلني، فلا تسألني عن شئ إلا أخبرتك به. قال: جعلت فداك، ما تقول في فلان وفلان؟ قال: يا نجية، إن لنا الخمس في كتاب الله تعالى، ولنا الانفال، ولنا صفو المال. وهما والله أول من ظلمنا حقنا في كتاب الله

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الانفال حديث: 18. (* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 17.

 

 

 

===============

( 605 )

تعالى.. (إلى أن قال): اللهم إنا قد أحللنا ذلك لشيعتنا) (* 1) وما في خبر أبي سيار: (يا أبا سيار، الارض كلها لنا، فما أخرج الله تعالى منها من شئ فهو لنا.. (إلى أن قال) (ع): وكل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون، ومحلل لهم ذلك إلى أن يقوم قائمنا) (* 2)، وقصوره عن تحليل ما كان من الانفال مما ليس أرضا أعني: الغنيمة بغير إذنه، وميراث من لا وارث له لا يهم، إذ قد ورد في تحليل الغنيمة التي يغتنمها المخالفون جملة من النصوص، تقدمت إلى بعضها الاشارة. كما ورد في تعيين مصرف ميراث من لا وارث له جملة أخرى، مذكورة في كتاب الميراث. وقد استدل في الدروس على إباحة الانفال حال الغيبة بفحوى روايتي يونس والحرث، المتقدمتين في مسألة تحليل الخمس فيما يشترى ممن لا يعتقد الخمس. وأورد عليه: بأنهما بالدلالة على سقوط الخمس أو حق الامام أولى، فلا بد إما من القول به ولم يقل المستدل به، أو من حملها على بعض المحامل. وفيه: أنك عرفت أن ظاهر الاولى ثبوت حقه (ع) في المال حين وقوعه في أيدي الشيعة، ولا يبعد ذلك في الثانية. ولا بأس حينئذ بالعمل بهما على ظاهرهما في تحليل حقهم (ع)، سواء أكان من الخمس أم الانفال إذا كان كذلك، فكما تدل على تحليل الخمس إذا كان فيما يشترى ممن لا يعتقد الخمس، كذلك تدل على تحليل الانفال كذلك. ولا تدل على تحليل مطلق الخمس أو حقه (ع) كي يشكل بما ذكر. نعم يتوجه هذا الاشكال على الاستدلال بنصوص التحليل مطلقا، مثل: (ما كان لنا فقد أبحناه لشيعتنا) (* 3). لكنه غير ما في الدروس. نعم يشكل

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 14. (* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 12. (* 3) نقل بالمعنى لما رواه في الوسائل باب: 4 من أبواب الانفال حديث: 17. وبمعناه روايات كثيرة مذكورة في الباب المذكور.

 

 

 

===============

( 606 )

الاستدلال بالنصوص المذكورة وغيرها: بأن الشبهة في المقام موضوعية، وهي صدور الاذن من الامام (ع) وعدمه، فلا ترفع اليد عن أصالة عدم الاذن إلا بحجة من علم أو بينة. وخبر الثقة غير ثابت الحجية في الموضوعات وشهادة جماعة من العلماء العدول بالتحليل لا تجدي، لاستنادها إلى الحدس. نعم لا تبعد دعوى حصول القطع بصدور التحليل منهم (ع) في الارض الموات، لتواتر النصوص إجمالا بجواز التصرف فيها بالاحياء، واستحقاق المحيي لها. كما لا يبعد استقرار السيرة على التصرف فيما له (ع) من الارض بأقسامها المتقدمة، بل عموم الابتلاء بها من غير نكير ومن البعيد جدا: أن يكون الحكم التحريم من غير أن يكون معلوما لدى الشيعة. بل لولا الحل لوقع أكثر الناس في الحرام، المنافي لاحتفاظهم (ع) بذلك، كما يظهر من تعليل التحليل في كثير من النصوص بطيب الولادة. بل يقتضيه ما هو معلوم من حالهم (ع)، من اللطف بشيعتهم والعطف عليهم فيما هو أقل من ذلك، فكيف بمثله؟! ولا سيما بملاحظة عدم لزوم الضرر بوجه من مثل هذا التحليل. هذا ولكن الانصاف عدم الوثوق بحصول التحليل بهذا المقدار كلية فالبناء على الاحتياط في كل مورد إلا أن يحصل الوثوق به في محله، كما هو الحال في حقه (ع) من الخمس (* 1). والمسألة محل إشكال، ومحتاجة إلى التأمل والنظر الذي لا يسعه المجال. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.

 

____________ (* 1) وان كان الظاهر أن السيرة الارتكازية والعملية على جريان أحكام الاذن حتى للمخالفين فضلا عن الموالين، فلا يجوز اغتصاب الارض الموات إذا عمرها المخالف، ولا اغتصاب المعادن التي استخرجها المخالف، ولا اغتصاب الاخشاب التي اقتطعها المخالف من الآجام. وهكذا الحكم في جميع الانفال فيجري عليها حكم الملك من عدم جواز التصرف الا باذن صاحبها المخالف، ولا يجوز عند المؤمنين أخذها قهرا، بدعوى انها ملك الامام (ع) وانه غير مأذون من الامام (ع) في تملكها، فالمخالف والمؤالف سواء في أحكام الاذن والاباحة، ولا مجال للتشكيك في ذلك. (منه قدس سره)

 

 

 

===============

( 607 )

تم ما يتعلق بشرح كتاب الخمس من (العروة الوثقى)، على يد مؤلفه الاحقر (محسن)، خلف العلامة المرحوم السيد (مهدي) الطباطبائي الحكيم في عصر الاثنين، ثاني شعبان، سنة الالف والثلاث مائة وست وخمسين هجرية. وكان ذلك في النجف الاشرف، في جوار الحضرة المقدسة العلوية، راجيا من مشرفها عليه أفضل الصلاة والسلام أن يشفع إلى الله جل شأنه في قبول عملي، ومحو زللي. إنه أرحم الراحمين. والحمد لله رب العالمين، كما هو أهله، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وآله الغر الميامين.