فصل في مصرف زكاة الفطرة

فصل في مصرف زكاة الفطرة وهو مصرف زكاة المال (3)، لكن يجوز إعطاؤها ] (1) كما يستفاد من موثقة الفضيل ومكاتبة علي بن بلال الاتيتين. بل عرفت أن ظاهرهما الوجوب. (2) كما عن الدروس. لتعينها زكاة بالعزل، ولا دليل على ولايته علي التبديل. وعن بعض الاجلة: الاشكال فيه، لاصالة عدم التعيين ما لم يقبضه المستحق. وفيه: أنه خلاف ظاهر نصوص العزل. فصل في مصرف زكاة الفطرة (3) كما هو المشهور، بل عن المدارك: أنه مقطوع به في كلامهم وعن شرح اللمعة للاصبهاني: الاجماع عليه. لعموم قوله تعالى:

 

===============

 

( 436 )

 

[ للمستضعفين من أهل الخلاف (1)، عند عدم وجود المؤمنين ] (إنما الصدقات للفقراء..) (* 1). ولا سيما بملاحظة ما في صحيح هشام ابن الحكم: (نزلت آية الزكاة وليس للناس أموال، وإنما كانت الفطرة) (* 2) وربما نسب إلى المفيد اختصاصها بالمساكين، لكن لا يساعده محكي عبارة المقنعة، بل هي ظاهرة في المشهور. وفي المعتبر وعن المنتهى: اختصاص مصرفها فيما عدا العاملين والمؤلفة قلوبهم، وكأنه: لبنائهما على عدم مشروعيتهما في الغيبة، وإلا فلا وجه له ظاهر. ولا سيما بعد استدلال المعتبر: (بأنها زكاة، وأن مصرفها مصرف زكاة المال. لعموم الآية..). نعم في صحيح الحلبي: أنها للفقراء والمساكين (* 3)، وفى رواية الفضيل: أنها لمن لا يجد (* 4) وفى رواية زرارة: (أما من قبل زكاة المال فان عليه الفطرة، وليس على من قبل الفطرة فطرة) (* 5). لكن يتعين حملها على بعض المحامل غير المنافية لما سبق. (2) كما نسب إلى الشيخ وأتباعه. لموثق الفضيل عن أبي عبد الله (ع) قال: (كان جدي (ع) يعطي فطرته الضعفاء، ومن لا يجد، ومن لا يتولى. وقال أبو عبد الله [ أبوه. خ ل ]: هي لاهلها. إلا أن لا تجدهم فان لم تجدهم فلمن لا ينصب. ولا تنقل من أرض إلى أرض. وقال: الامام أعلم، يضعها حيث يشاء، ويصنع فيها ما رأى)) (* 6). ومكاتبة

 

 

____________

(* 1) البقرة: 60. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 14 من ابواب زكاة الفطرة حديث 1. (* 4) الوسائل باب: 14 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب زكاة الفطرة ملحق حديث: 10. (* 6) الوسائل باب: 15 من أبواب من زكاة الفطرة حديث: 3.

 

===============

 

( 437 )

 

[ وإن لم نقل به هناك. والاحوط الاقتصار على فقراء المؤمنين ومساكينهم. ويجوز صرفها على أطفال المؤمنين، أو تمليكها ] علي بن بلال كتبت إليه: (هل يجوز أن يكون الرجل في بلدة ورجل آخر من إخوانه في بلدة أخرى يحتاج، أن يوجه له فطرة أم لا؟ فكتب (ع) يقسم الفطرة على من حضر، ولا يوجه ذلك إلى بلدة أخرى، وإن لم يجد موافقا) (* 1)، وصحيح ابن يقطين: (سأل أبا الحسن الاول (ع) عن زكاة الفطرة، أيصلح ان تعطى الجيران والضؤرة ممن لا يعرف ولا ينصب؟ فقال (ع): لا بأس بذلك، إذا كان محتاجا) (* 2). وأما خبر الجهني: (سألت أبا جعفر (ع): عن زكاة الفطرة. فقال (ع): تعطيها المسلمين، فان لم تجد مسلما فمستضعف. وأعط ذا قرابتك منها إن شئت) (* 3) فظاهره جواز اعطائها للمستضعف الكافر إذا لم يوجد المسلم لكنه غير معمول به. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن المشهور وعن الانتصار والغنية: الاجماع عليه من عدم الجواز، لا طلاق ما دل على أن الزكاة لاهل الولاية. ولما رواه إسماعيل بن سعد عن الرضا (ع): (سألته عن الزكاة، هل توضع فيمن لايعرف؟ قال: لا، ولا زكاة الفطرة) (* 4). لكن الاجماع موهون بتحقق الخلاف. والاطلاق مقيد. وكذا ما رواه إسماعيل، فيحمل على غير المستضعف، أو مع وجود المؤمن. بل ظاهر النصوص المذكورة: جواز إعطائها لغير الناصب من المخالفين وإن لم يكن مستضعفا، إذا لم يوجد المؤمن. فلا حظ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 5 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 1.

 

===============

 

( 438 )

 

[ لهم بدفعها إلى أوليائهم (1). (مسألة 1): لا يشترط عدالة من يدفع إليه، فيجوز دفعها إلى فساق المؤمنين (2). نعم الاحوط عدم دفعها إلى شارب الخمر، والمتجاهر بالمعصية. بل الاحوط العدالة أيضا. ولا يجوز دفعها إلى من يصرفها في المعصية. (مسألة 2): يجوز للمالك أن يتولى دفعها مباشرة أو توكيلا (3). والافضل بل الاحوط أيضا دفعها إلى الفقيه الجامع للشرائط (4). خصوصا مع طلبه لها (5). (مسألة 3): الاحوط ان لا يدفع للفقير أقل من صاع (6)، إلا إذا اجتمع جماعة لا تسعهم ذلك. (1) كما تقدم في زكاة المال. (2) على ما تقدم في زكاة المال. (3) ولا يجب دفعها إلى الامام أو نائبه إجماعا، كما في المستند، وعن المنتهى: لا خلاف فيه بين العلماء كافة: وتشهد به النصوص المتقدمة في المسائل السابقة. (4) فقد استظهر من المفيد (ره) وجوبه. وقد يشهد له خبر أبي علي بن راشد: (عن الفطرة لمن هي؟ قال (ع): للامام. قال: قلت: فأخبر أصحابي؟ قال (ع): نعم، من أردت أن تظهره منهم وقال (ع): لا بأس بأن تعطي، وتحمل ثمن ذلك ورقا) (* 1). (5) تقدم وجهه في زكاة المال. (6) فان المشهور بينهم المنع، بل عن المختلف: نسبته إلى فقهائنا،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب زكاة الفطرة حديث: 2.

 

===============

 

( 439 )

 

[ (مسألة 4): يجوز أن يعطى فقير واحد أزيد من صاع (1)، بل إلى حد الغنى. (مسألة 5): يستحب تقديم الارحام (2) على غيرهم ] وأنه لم يقف على مخالف منهم. لمرسل الحسين بن سعيد عن أبي عبد الله (ع): (لا تعط أحدا أقل من رأس)، ومرسل الفقيه (لا بأس بأن تدفع عن نفسك وعمن تعول إلى واحد، ولا يجوز أن تدفع ما يلزم واحدا إلى نفسين) (* 2). لكن عن الوافي: أنه فهم أن قوله: (ولا يجوز..) من كلام الصدوق، لاجزءا من الخبر. وعن الحدائق: أنه الظاهر. مع أنه لو تم كونه خبرا فمرسل كما قبله. اللهم إلا أن يدعى انجباره بعمل الاصحاب. لكن قد يعارض بصحيح صفوان عن إسحاق بن المبارك: (سألت أبا إبراهيم عن صدقة الفطرة، يعطيها رجلا واحدا أو اثنين؟ قال (ع): يفرقها أحب إلي. قلت: أعطي الرجل الواحد ثلاثة أصوع وأربعة أصوع؟ قال (ع): نعم) (* 3). وجهالة إسحاق لا تقدح في حجية الخبر، بعد كون الراوي عنه صفوان، الذي هو من أصحاب الاجماع، وممن لا يروي إلا عن ثقة. مع أن ما ذكره جماعة من استثناء صورة الاجتماع، معللين له: (بأن فيه تعميما للنفع..). وبأن في منع البعض أذية للمؤمن، فجاز التشريك حينئذ بينهم مما لا يصلح للخروج به عن ظاهر المرسل، إلا بعد حمله على الاستحباب. (1) بلا خلاف ولا إشكال، والنصوص به مستفيضة، وقد تقدم بعضها. (2) كما نسب إلى الاصحاب. واستدل له: بما ورد من قوله صلى الله عليه وآله:

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 1.

 

===============

 

( 440 )

 

[ ثم الجيران، ثم أهل العلم والفضل والمشتغلين. ومع التعارض تلاحظ المرجحات والاهمية. (مسألة 6): إذا دفعها إلى شخص باعتقاد كونه فقيرا فبأن خلافه، فالحال كما في زكاة المال. (مسألة 7): لا يكفي ادعاء الفقر. إلا مع سبقه، أو الظن بصدق المدعي. (مسألة 8): تجب نية القربة هنا كما في زكاة المال. وكذا يجب التعيين ولو إجمالا مع تعدد ما عليه. والظاهر عدم وجوب تعيين من يزكى عنه، فلو كان عليه أصوع لجماعة يجوز دفعها من غير تعيين: أن هذا لفلان، وهذا لفلان. ] (لا صدقة وذو رحم محتاج) (* 1)، قوله (ع): (أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح) (* 2)، وقوله (ع): (جيران الصدقة أحق بها) (* 3) وكأن تقديم الاول على الثاني من جهة أن علاقة القرابة أقوى من علاقة الجواز. ويشهد للاخير: خبر عبد الله بن عجلان: (قلت لابي جعفر (ع): إني ربما قسمت الشئ بين أصحابي أصلهم به، فكيف أعطيهم؟ فقال (ع): إعطهم على الهجرة في الدين، والفقه، والعقل) (* 4). هذا وفي كونه متأخرا عن الاولين غموض وإشكال. هذا والكلام في بقية الفصل يفهم مما تقدم في زكاة المال. فراجع. والحمد لله كما هو أهله، والصلاة والسلام على رسوله الاكرم، وآله

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب الصدقة حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 20 من أبواب الصدقة حديث: 1 وهو منقول بالمعنى. (* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب زكاة الفطرة حديث: 2، 5، 7. وهو منقول بالمعنى. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب المستحقين للزكاة حديث: 2.

 

===============

 

( 441 )

 

الطاهرين أولياء النعم. وقد اتفق الفراغ من تسويده عصر الثلاثاء، سادس عشر جمادى الثانية، من السنة السادسة والخمسين بعد الالف والثلاثمائة هجرية على مهاجرها وآله أفضل السلام وأكمل التحية. بقلم الاحقر (محسن)، خلف العلامة المرحوم السيد (مهدي) الطباطبائي الحكيم، في النجف الاشرف الاقدس على ساكنه آلاف التحية والسلام.