فصل في مقدمات الاحرام

فصل في مقدمات الاحرام (مسألة 1): يستحب قبل الشروع في الاحرام أمور: أحدها: توفير شعر الرأس (2) - بل واللحية - (3) ] التمتع، الشامل لعمرته. نعم عمرة الافراد والقران، ومطلق العمرة المفردة لا تصلح الرواية للاستدلال بها فيها، إلا بضميمة عدم القول بالفصل. أو بالاولوية. (1) الظاهر. أنه لا خلاف فيه. وما تقدم من ابن ادريس مختص بالناسي - كما تقدم في عبارته - وإن كان ظاهر بعضهم أن خلافه هنا أيضا وكيف كان يدل عليه صحيح ابن جعفر (ع) (* 1) المتقدم في ترك الاحرام من الميقات. ولا مجال للمناقشة، لا في دلالته، ولا في سنده، فالعمل به متعين. فصل في مقدمات الاحرام (2) كما في الشرائع والقواعد، وعن النافع وغيرها. (3) ذكر مع شعر الرأس في جملة من الكتب، كالمصباح، ومختصره والسرائر، والتحرير، والمنتهى، وغيرها على ما حكي. ويشهد له: خبر سعيد الاعرج عن أبي عبد الله (ع) قال: (لا يأخذ الرجل - إذا رأى هلال ذي القعدة، وأراد الخروج - من رأسه، ولا من لحيته) (* 2). بل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام حديث: 6.

 

===============

 

( 327 )

 

[ لاحرام الحج مطلقا (1) - لا خصوص التمتع (2)، كما يظهر من بعضهم لاطلاق الاخبار - (3) ] وإطلاق الشعر جملة من النصوص الآتية. (1) كما عن جماعة من محققي المتأخرين. (2) كما في الشرائع والقواعد، وعن النهاية والمبسوط والتحرير والتذكرة والارشاد وغيرها. (3) كصحيح عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله (ع) قال: (لا تأخذ من شعرك - وأنت تريد الحج - في ذي القعدة، ولا في الشهر الذي تريد فه الخروج إلى العمرة). (* 1) ونحوه صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) (* 2)، وموثق محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع): (قال (ع): خذ من شعرك - إذا أزمعت على الحج - شوال كله إلى غرة ذي القعدة) (* 3) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع): قال (ع): الحج أشهر معلومات: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة. فمن أراد الحج وفر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة. ومن أراد العمرة وفر شعره شهرا) (* 4) ومصحح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): (قال (ع): إعف شعرك للحج إذا رأيت هلال ذي القعدة، وللعمرة شهرا) (* 5). ونحوها غيرها ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين حج التمتع وغيره.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 2 من ابواب الاحرام ملحق حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 2 من ابواب الاحرام حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 2 من ابواب الاحرام حديث: 5.

 

===============

 

( 328 )

 

[ من - أول ذي القعدة، بمعنى: عدم إزالة شعرهما (1). لجملة من الاخبار. وهي وإن كانت ظاهرة في الوجوب (2)، إلا أنها محمولة على الاستحباب، لجملة أخرى من الاخبار ظاهرة فيه (3) ] (1) أي: عدم الاخذ منه، كما هو المذكور في أكثر النصوص، المحمول عليه ما في صحيح معاوية وغيره، من الامر بالتوفير. إذ لا احتمال لارادة ظاهره، وهو السعي في كثرة شعره. وأما ما هو ظاهر العبارة، من أن المراد الازالة بالحلق ونحوه، فمما لا يحتمل في النصوص. (2) أكثر النصوص يتضمن النهي عن أخذ الشعر، فيكون حراما، فيكون تركه واجبا. (3) كخبر علي بن جعفر (ع) المروي عن كتابه، عن أخيه موسى ابن جعفر (ع) قال: (سألته عن الرجل إذا هم بالحج، يأخذ من شعر رأسه، ولحيته، وشاربه ما لم يحرم؟ قال (ع): لا بأس) (* 1)، وصحيح هشام بن الحكم واسماعيل بن جابر - جميعا - عن الصادق (ع): (إنه يجزي الحاج أن يوفر شعره شهرا) (* 2)، وموثق سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته عن الحجامة وحلق القفا في أشهر الحج، فقال (ع): لا بأس به، والسواك، والنورة) (* 3)، وخبر محمد بن خالد الخراز قال: (سمعت أبا الحسن (ع) يقول: أما أنا فآخذ من شعري حين أريد الخروج - يعني: إلى مكة للاحرام -) (* 4). لكن الاخير يجب

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب الاحرام حديث: 6. (* 2) الوسائل باب: 2 من ابواب الاحرام حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب المواقيت حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 4 من أبواب الاحرام حديث: 5.

 

===============

 

( 329 )

 

[ فالقول بالوجوب - كما هو ظاهر جماعة (1) - ضعيف، وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط. كما لا ينبغي ترك الاحتياط باهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضا، لخبر (2) محمول على الاستحباب. أو على ما إذا كان في حال الاحرام. ويستحب التوفير للعمرة شهرا. ] التصرف فيه - حتى على القول بالاستحباب - فان الامام (ع) لا يواضب على ترك المستحب. وما نيله ليس واردا في شعر الرأس واللحية. مع أن أشهر الحج أعم من ذي القعدة وغيره. والاجزاء فيما قبله أعم من الجواز. فلم يبق إلا خبر ابن جعفر (ع). وفى عده من الصحيح - كما في الجواهر - تأمل. والانصاف أن الاستحباب لا مجال للتردد فيه، لعموم الابتلاء بهذا الحكم، فبناء الاصحاب على استحبابه، وخفاء الوجوب عليهم - لو كان - مما لا يحتمل. (1) نسب ذلك إلى الشيخ في النهاية والاستبصار، والمفيد في المقنعة. قال الاول، في الاول: (فإذا أراد الانسان أن يحج متمتعا فعليه أن يوفر شعر رأسه ولحيته من أول ذي القعدة، ولا يمس شيئا منها). ونحوه ما في الاستبصار وأما الثاني، فقال في المقنعة: (إذا أراد الحج فليوفر شعر رأسه في مستهل ذي القعدة، فان حلقه في ذي القعدة كان عليه دم يهريقه). (2) وهو ما رواه جميل في الصحيح - كما في الفقيه - قال: (سألت أبا عبد الله (ع) في متمتع حلق رأسه بمكة. قال (ع): إن كان جاهلا فليس عليه شئ، وإن تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ، وإن تعمد ذلك بعد الثلاثين التي يوفر فيها للحج فان عليه دما

 

===============

 

( 330 )

 

يهريقه) (* 1). ورواه الكليني بطريق فيه علي بن حديد، المرمي بالضعف (* 2) ورواه الشيخ عن الكليني (* 3). ودلالته على وجوب الدم في ذي الحجة ظاهرة. لكنه غير المدعى. وعليه فلا عامل به على ظاهره. فيلزم إما التصرف فيه بتقدير مضاف - يعني: وإن تعمد بعد دخول الثلاثين - فيكون حجة للجماعة - كما اختاره في الحدائق - وإما الحمل على الاستحباب. أو على صورة وقوعه في الاحرام، بقرينة وقوعه في مكة، التي لا يجوز دخولها للحاج بغير إحرام للعمرة. بل الثاني هو المتعين. وما في الحدائق من أن تقدير المضاف لازم على كل حال، إذ المراد إما بعد دخول الثلاثين أو مضي الثلاثين. والاول متعين. وكأنه لان الثاني يلزم منه عدم التعرض لحكم الحلق في نفس الثلاثين: التي يوفر فيها الشعر. فيه: أن معنى بعد الثلاثين: هو معنى: بعد مضي الثلاثين، أو وجود الثلاثين. وليس من باب تقدير مضاف، لان الثلاثين عين وجودها ومضيها، لان المفهوم حاك عن نفس الوجود، وحينئذ لا يلزم تقدير المضاف على كل حال. نعم في مقام توجيه الرواية لا بد، إما من تقدير المضاف، أو الحمل على أحد الوجهين. وقد عرفت أن القرينة تقتضي الحمل على ثانيهما اللهم إلا أن يقال: الحمل على ذلك يقتضي الغاء التفصيل بين ما قبل الثلاثين وما بعدها، وهي كالصريحة فيه. ومن أجل ذلك تشكل الرواية. وحملها على الحلق في مكة بعد الاحلال من العمرة - لاستحباب توفير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب الاحرام ملحق حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 5 من ابواب الاحرام ملحق حديث: 1.

 

===============

 

( 331 )

 

[ الثاني: قص الاظفار، والاخذ من الشارب، وإزالة شعر الابط والعانة (1) بالطلي، أو الحلق، أو النتف (2). ] الشعر لحج التمتع - مما لا قائل به. والنصوص لا تساعد عليه، لاختصاصها بالمواقيت غير مكة. فلاحظ. (1) بلا خلاف ظاهر. ويدل عليه صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا انتهيت إلى بعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله فانتف ابطيك، واحلق عانتك، وقلم أظافرك، وقص شاربك. ولا يضرك بأي ذلك بدأت...) (* 1)، وصحيحه الآخر عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق، أو إلى الوقت من هذه المواقيت - وأنت تريد الاحرام إن شاء الله - فانتف إبطك وقلم أظافرك، وأطل عانتك، وخذ من شاربك - ولا يضرك بأي ذلك بدأت - ثم استك، واغتسل، والبس ثوبيك) (* 2)، وصحيح حريز عن أبي عبد الله (ع): (السنة في الاحرام: تقليم الاظافر، وأخذ الشارب وحلق العانة) (* 3) ونحوها غيرها. (2) أما في العانة فقد ورد الاطلاء في صحيح معاوية الاخير، والحلق في صحيحه الاول، وفى صحيح حريز وغيرها. وأما النتف فيها فلم أجده في أبواب نصوص الاحرام. وأما في الابط فالنتف ذكر في الصحاح المذكورة وغيرها. وأما الحلق والطلي فلم أجدهما في أبواب نصوص الاحرام. نعم ذكر في آداب الحمام، كخبر ابن أبي يعفور، المتضمن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الاحرام حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحرام حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحرام حديث: 5.

 

===============

 

( 332 )

 

[ والافضل الاول، ثم الثاني (1). ولو كان مطليا قبله يستحب له الاعادة وإن لم يمض خمسة عشر يوما (2). ] للخلاف بينه وبين زرارة في ان النتف أفضل - كما ادعاه زرارة - أو الحلق أفضل - كما ادعاه هو - وقد قال الصادق (ع): (حلقه أفضل من نتفه، وطليه أفضل من حلقه). ثم قال (ع) لنا: (اطليا، فقلنا: فعلنا منذ ثلاث. فقال (ع): أعيدا، فان الاطلاء طهور) (* 1). لكن التعبير في الروايات بالنتف في الابطين، والطلي والحلق في العانة، يقتضي الفرق بينهما في ذلك. فلاحظ. (1) أما بالنسبة للابط فللخبر، وأما بالنسبة للعانة فغير ظاهر. (2) عن المبسوط والنهاية والمنتهى وجماعة. لخبر ابن أبي يعفور المتقدم. وخبر أبي بصير: (تنور. فقال: إنما تنورت أول أمس، واليوم الثالث. فقال (ع): أما علمت أنها طهور، فتنور) (* 2). لكن في الشرائع والقواعد وغيرهما: إذا أطلى ولم يمض خمسة عشر يوما أجزأه، بل في الحدائق: نسبته إلى الاصحاب. لخبر علي بن أبي حمزة: (سأل أبو بصير أبا عبد الله (ع) - وأنا حاضر - فقال: إذا أطليت للاحرام الاول، كيف أصنع في الطلية الاخيرة، وكم بينهما؟ قال (ع): إذا كان بينهما جمعتان - خمسة عشر يوما - فاطل) (* 3). وفيه: أن ظاهر الرواية صورة الاطلاء للاحرام، مع وقوع الاحرام، فيكون الثاني في أثنائه أو بعد انتهائه، فلا تكون مما نحن فيه. بل في رواية أبي بصير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 85 من ابواب آداب الحمام حديث: 4. (* 2) الوسائل باب: 32 من أبواب آداب الحمام حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 3.

 

===============

 

( 333 )

 

[ ويستحب - أيضا - إزالة الاوساخ من الجسد (1)، لفحوى - ما دل على المذكورات. وكذا يستحب الاستياك (2). ] عن أبي عبد الله (ع): (قال: لا بأس بأن يطلي قبل الاحرام بخمسة عشر يوما) (* 1)، وصحيح معاوية عن أبي عبد الله (ع): (أنه سئل عن رجل يطلي قبل أن يأتي الوقت بستة ليال. قال (ع): لا بأس. وسأله عن رجل يطلي قبل أن يأتي مكة بسبع أو ثمان. قال (ع): لا بأس) (* 2). فتدل هذه الروايات على الاجتزاء بالاطلاء للاحرام قبل الاحرام بخمسة عشر، أو ستة ليال، أو أقل من ذلك، ولا تدل على الاجتزاء بالاطلاء قبل الاحرام بمدة معتد بها إذا لم يكن للاحرام. والمتحصل من مجموع النصوص: هو استحباب الاطلاء لنفسه في كل وقت وتكريره، واستحباب الاطلاء عند الاحرام، والاجتزاء بالاطلاء للاحرام قبله بخمسة عشر يوما أو أقل، وعدم الاجتزاء به إذا كان قبل الاحرام بمدة لا يصدق كونه عنده، إذا لم يكن بقصد الاحرام والتهيؤ له. (1) ذكر ذلك جماعة، منهم: المحقق في الشرائع، والعلامة في القواعد. وليس له دليل ظاهر. ولذلك خصه بعضهم بالامور المذكورة، من قص الاظفار، وحلق العانة، وغيرهما. نعم لا إشكال في رجحان ذلك في نفسه، لما دل على رجحان التنظيف، والتنزيه، والطهارة. لكنه غير ما نحن فيه من الاستحباب للاحرام. والفحوى التي ادعاها المصنف (ره) غير ظاهرة. (2) لما تقدم في صحيح معاوية بن عمار (* 3).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب الاحرام حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاحرام حديث: 4.

 

===============

 

( 334 )

 

[ الثالث: الغسل للاحرام (1) في الميقات (2)، ومع العذر عنه التيمم (3). ] (1) للنصوص الكثيرة المستفيضة أو المتواترة، على اختلاف السنتها. ففي بعضها: الامر به، وفى بعضها: عده من الغسل الواجب، وفى مضامين أخرى يأتي بعضها في هذه المباحث (* 1). وظاهر النصوص: الوجوب، لكنها محمولة على الاستحباب إجماعا - كما عن التذكرة والتحرير وعن المنتهى: لا نعرف فيه خلافا. وكأنه لم يعتد بخلاف الحسن، فانه حكي عنه الوجوب. لكنه ضعيف، إذ كيف يخفى الوجوب على الاصحاب مع اتفاقهم على خلافه؟! (2) كما عن جمع التصريح به. بل ظاهر ما يأتي من جواز تقديمه عند إعواز الماء الاتفاق على أن تشريعه كان في الميقات. ويشهد له ظاهر النصوص، كصحيح معاوية بن عمار المتقدم، وصحيح الحلبي الآتي في جواز التقديم، وغيره. (3) حكاه في الشرائع قولا. وظاهره التوقف فيه. ونسبه في المسالك إلى الشيخ وجماعة، وفى كشف اللثام إلى المبسوط والمهذب. وحكى فيه عن التذكرة تعليله: بأنه غسل مشروع، فناب عنه التيمم. ثم قال: (وضعفه ظاهر) وفى المدارك: أنه ضعيف جدا، لان الامر إنما تعلق بالغسل فلا يتناول غيره. وفى المسالك: (وتوقف المصنف، من عدم النص ومن أن الغرض من الغسل المندوب التنظيف - لانه لا يرفع الحدث - وهو مفقود مع التيمم. ومن شرعيته بدلا لما هو أقوى،

 

 

____________

(* 1) لاحظ الوسائل باب: 1 من أبواب الجنابة، وباب: 1 من أبواب الاغسال المسنونة وباب: 6، 7، 8، 9، 10، 11، 12، 13، 14 من أبواب الاحرام.

 

===============

 

( 335 )

 

[ ويجوز تقديمه على الميقات مع خوف إعواز الماء (1)، بل الاقوى جوازه مع عدم الخوف أيضا (2) ] وعموم قوله صلى الله عليه وآله: الصعيد طهور المؤمن). وقد تقدم في مبحث التيمم: أن عموم بدلية التراب عن الماء، وأنه يكفي عشر سنين، وأن التراب أحد الطهورين، وأن رب الماء ورب الصعيد واحد ونحوها، كاف في ثبوت بدلية التيمم في المقام ونحوه، مما لم يرد فيه نص بالخصوص فلا بأس بالبناء عليه. فراجع. (1) في المدارك: إنه مجمع عليه بين الاصحاب. لصحيح هشام بن سالم قال: (أرسلنا إلى أبي عبد الله (ع)، ونحن بالمدينة: إنا نريد أن نودعك، فأرسل الينا أن اغتسلوا بالمدينة، فاني أخاف عليكم أن يعز عليكم الماء بذي الحليفة. فاغتسلوا بالمدينة، والبسوا ثيابكم التي تحرمون فيها، ثم تعالوا فرادى أو مثاني... (إلى أن قال): فلما أردنا أن نخرج. قال (ع): لا عليكم أن تغسلوا إن وجدتم ماء إذا بلغتم ذي الحليفة) (* 1)، وصحيح الحلبي قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يغتسل بالمدينة للاحرام، أيجزيه عن غسل ذي الحليفة؟ قال (ع): نعم) (* 2). ونحوه خبر أبي بصير (* 3). (2) وفى المدارك: أنه لا يبعد، وكذا في كشف اللثام. ونسبه في الذخيرة إلى ظاهر عدة من الروايات. ثم ذكر صحيح الحلبي وخبر أبي بصير المتقدمين. لكن تمكن المناقشة فيهما: بأن المراد السؤال عن إجزاء

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 8 من أبواب الاحرام حديث: 1، 4. (* 2) الوسائل باب: 8 من أبواب الاحرام حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 8 من أبواب الاحرام حديث: 3.

 

===============

 

( 336 )

 

الغسل الواقع في المدينة في فرض مشروعيته ولو للاعواز، لا السؤال عن أصل المشروعية، فلا يدلان على المشروعية مطلقا. نعم في صحيح معاوية بن وهب: (سألت أبا عبد الله (ع) - ونحن بالمدينة - عن التهيؤ للاحرام. فقال: أطل بالمدينة، وتجهز بكل ما تريد، واغتسل. وان شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة) (* 1). لكن رواه الشيخ - أيضا - بطريق فيه موسى بن القاسم (* 2)، خاليا عن ذكر الغسل. وأما إطلاقات مشروعية غسل الاحرام فمقيدة بما دل على كونه في الميقات، كما عرفت. مع أنه لو سلم الاطلاق فالتعليل في صحيح هشام المتقدم حاكم عليه. اللهم إلا أن يكون تعليلا لتعين الفرد الاول - كما هو ظاهر الامر - فيكون إرشاديا إلى وجه المتعين عقلا - كما لو قال: (صل أول الوقت، فاني أخاف عليك الموت - لا لاصل المشروعية، وإن كان دالا على المشروعية بالالتزام. لكنه لا يصلح حينئذ لتقيد إطلاق دليلها، كما لو قال: (صل نافلة الليل قبل نصف الليل، فاني أخاف عليك النوم وعدم التمكن من أدائها في آخر الليل). وحينئذ فالاخذ بالاطلاق في محله. وهذا غير بعيد. لكن عن التنقيح: أنه لا يظهر قائل به. لكن لا يهم بعد عدم تحقق الاجماع على خلافه. ولا سيما بعد مخالفة من عرفت. فتأمل. ولا ينافي ذلك ما تقدم من أن مكان غسل

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 7 من أبواب الاحرام حديث: 3. قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن التهيؤ للاحرام، فقال: اطل بالمدينة، فانه طهور، وتجهز بكل ما تريد، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي الشجرة فتفيض عليك من الماء وتلبس ثوبيك إن شاء الله ". فربما يستظهر من الحديث لزوم تأخير الغسل إلى مسجد الشجرة.

 

===============

 

( 337 )

 

[ والاحوط الاعادة في الميقات (1). ويكفي الغسل من أول النهار إلى الليل، ومن أول الليل إلى النهار (2). بل الاقوى كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل وبالعكس (3). وإذا أحدث بعدها قبل الاحرام يستحب إعادته خصوصا في النوم (4). ] الاحرام الميقات، ولا ينطبق ذلك على الغسل بالمدينة. لا مكان أن يكون الغسل بالمدينة بدلا اختياريا، فلا منافاة. (1) بل هي مستحبة حتى في صورة خوف الاعوز، كما تقدم في صحيح هشام. (2) بلا خلاف - كما قيل - للمستفيضة، مثل صحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع): (قال: غسل يومك ليومك، وغسل ليلتك لليلتك) (* 1). ونحوه غيره. (3) كما عن المقنع. وفى المدارك: أنه الاظهر، وفى الذخيرة: أنه الظاهر، وفى المستند: أنه لا بأس به، وفى الجواهر: أنه لا يخلو من وجه. ويقتضيه صحيح جميل عن أبي عبد الله (ع): (أنه قال: غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك) (* 2)، وخبر سماعة عن أبي عبد الله (ع): (من اغتسل قبل طلوع الفجر وقد استحم قبل ذلك، ثم أحرم من يومه، أجزأه غسله) (* 3). وحمل الاخير على الغسل بعد الفجر بعيد. وكذلك حمل اللام - في الصحيح - على معنى: (إلى). (4) كما هو المشهور. لصحيح النضر بن سويد عن أبي الحسن (ع)

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 9 من أبواب الاحرام حديث: 5.

 

===============

 

( 338 )

 

قال: (سألته عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم. قال (ع): عليه إعادة الغسل) (* 1). ونحوه خبر علي بن أبي حمزة (* 2). وفى السرائر: (وإذا اغتسل بالغداة كان غسله كافيا لذلك اليوم، أي وقت أراد أن يحرم منه فعل. وكذلك إذا اغتسل أول الليل كان كافيا إلى آخره سواء نام أو لم ينم. وقد روى: أنه إذا نام بعد الغسل - قبل أن يعقد الاحرام - كان عليه إعادة الغسل استحبابا. والاول هو الاظهر، لان الاخبار عن الائمة الاطهار جاءت في أن من اغتسل نهارا كفاه ذلك الغسل، وكذلك من اغتسل ليلا). وفيه: أن ما دل على الاكتفاء بغسل الليل إلى آخر الليل وبغسل النهار إلى آخر النهار، إنما كان النظر فيه إلى الزمان، فلا تعرض فيه للحدث. نعم في صحيح العيص بن القاسم قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة، ويلبس ثوبين، ثم ينام قبل أن يحرم. قال (ع): ليس عليه غسل) (* 3). ولكنه محمول على نفي التأكد جمعا - كما في المدارك - لا على نفي الوجوب - كما عن الشيخ - لان السؤال لم يكن عن الوجوب وعدمه وإنما كان عن الاعتداد بالغسل الاول وعدمه. ثم إن الروايات من الطرفين واردة في النوم، وليس فيها تعرض لغيره من الاحداث. ولذلك قال في القواعد: (ولو أحدث بغير النوم فاشكال، ينشأ من التنبيه بالادنى على الاعلى. ومن عدم النص عليه). لكن في الدروس: (والاقرب أن الحدث كذلك). ونفى البأس عنه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10 من ابواب الاحرام حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب الاحرام حديث: 3.

 

===============

 

( 339 )

 

في المسالك، لان غير النوم أقوى. ووجه القوة الاتفاق على نقض الحدث غيره مطلقا، والخلاف فيه على بعض الوجوه. وفى كشف اللثام: (وجه القوة: أنها تلوث البدن دونه. أو لان الظاهر أن النوم إنما صار حدثا لان معه مظنة الاحداث فحقائقها أولى). أقول: الاقوائية الحديثة غير ظاهرة، والوجوه المذكورة لا تصلح لاثباتها. فالعمدة استفادة عدم الخصوصية من النص الوارد في النوم، كما هو الظاهر. ومنه يظهر ضعف ما في المدارك من أن الاصح عدم الاستحباب، لانتفاء الدليل. وربما كان في صحيحة جميل المتقدمة إشعار بذلك انتهى. وقد عرفت - في تضعيف دليل ابن إدريس - وجه الاشكال فيما ذكره أخيرا. مضافا إلى أن مقتضى الاشعار عدم الفرق بين النوم وغيره فالتفصيل غير ظاهر. وفى مصحح إسحاق بن عمار - المروي في التهذيب - قال: (سألته عن غسل الزيارة، يغتسل بالنهار ويزور بالليل بغسل واحد. قال (ع): يجزيه إن لم يحدث. فان أحدث ما يوجب وضوءا فليعد غسله) (* 1). ونحوه مصححه الآخر، المروي في الكافي - كما في الحدائق - (* 2) ودلالته على الاعادة لمطلق الحدث ظاهرة. وهو وإن كان واردا في غسل الزيارة لكن الظاهر بناؤهم على عدم الفرق بينه وبين المقام. وأما صحيح عبد الرحمن ابن الحجاج قال: (سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل يغتسل لدخول مكة، ثم ينام فيتوضأ قبل أن يدخل، أيجزيه ذلك أو يعيد؟ قال (ع): لا يجزيه، لانه إنما دخل بوضوء) (* 3). فالتعليل فيه لا يقتضي عموم الحكم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب زيارة البيت حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب زيارة البيت حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب مقدمات الطواف حديث: 1.

 

===============

 

( 340 )

 

[ كما أن الاولى إعادته إذا أكل أو لبس ما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم (1)، ] لمطلق الحدث، ولا لمطلق الغسل - نظير نصوص المقام - وإنما يقتضي انتقاض الغسل المستحب بالنوم، فيحتاج في تعميم الحكم والموضوع إلى دليل. نعم في المدارك: (ربما ظهر منه ارتفاع الحدث بالغسل المندوب كما ذهب إليه المرتضى (ره)). وفى مرآة العقول للمجلسي: (في دلالته على مذهب السيد تأمل). وكأنه لا مكان الالتزام بتعدد المراتب للحدث الاصغر، على نحو يكون وجود بعضها ناقضا للغسل ومرتفعا به وبعضها ناقضا للوضوء ومرتفعا به. فكما لا يكون الوضوء رافعا لجميع مراتب الحدث الاصغر الحاصل من أسبابه ولا بد في رفع بعضها من الغسل، كذلك الغسل لا يرفع جميع مراتبه، بل لا بد في رفع بعضها من الوضوء. وفيه: أن المنسبق من النص أن الغسل رافع لاثر النوم مطلقا، ويكون المكلف بالغسل كأن لم ينم، لا أنه رافع لبعضه ويبقى بعضه، فيكون الغسل أعظم أثرا من الوضوء. فلاحظ. (1) بل ظاهر كلام الاصحاب استحباب الاعادة، كما في الحدائق ويشهد له صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا لبست ثوبا لا ينبغي لك لبسه، أو أكلت طعاما لا ينبغي لك أكله، فأعد الغسل) (* 1) وصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا اغتسلت للاحرام فلا تقنع، ولا تطيب، ولا تأكل طعاما فيه طيب، فتعيد الغسل) (* 2) وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: (إذا اغتسل الرجل وهو

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من ابواب الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب الاحرام حديث: 2.

 

===============

 

( 341 )

 

[ بل وكذا لو تطيب (1). بل الاولى ذلك في جميع تروك الاحرام (2)، فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الاحرام الاولى إعادته. ولو أحرم بغير غسل أتى به (3)، ] يريد أن يحرم، فلبس قميصا قبل أن يلبي، فعليه الغسل) (* 1)، وخبر علي بن أبي حمزة قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل اغتسل للاحرام لبس قميصا قبل أن يحرم. قال (ع): قد انتقض غسله) (* 2). ونحوها غيرها. (1) كما عن التهذيب والدروس وغيرهما. لما تقدم في صحيح عمر بن يزيد. (2) لاحتمال حملها على ما سبق. وفى المسالك: (ولم يتعرضوا لباقي محرمات الاحرام - مع أن منها ما هو أقوى من هذه - لعدم النص). وفى المدارك: (والظاهر عدم استحباب الاعادة بفعل ما عدا ذلك من تروك الاحرام، لفقد النص. ولو قلم أظفاره بعد الغسل لم يعده، ويمسحها بالماء. لما رواه الشيخ - في الحسن - عن جميل بن دراج، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (ع): (في رجل اغتسل للاحرام ثم قلم اظفاره قال (ع): يمسحها بالماء، ولا يعيد الغسل) (* 3). (3) على المشهور. لصحيح الحسين بن سعيد، عن أخيه الحسن قال: (كتبت إلى العبد الصالح أبي الحسن (ع): رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل، جاهلا أو عالما، ما عليه في ذلك؟ وكيف ينبغي له أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب الاحرام حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 12 من أبواب الاحرام حديث: 2.

 

===============

 

( 342 )

 

[ وأعاد صورة الاحرام (1)، ] يصنع؟ فكتب: يعيده) (* 1). وبقرينة قول السائل: (ينبغي) يظهر أن المراد السؤال عن الوظيفة الاستحبابية، فيكون الجواب كذلك، لوجوب المطابقة بينهما. ولو فرض عدم ظهور: (ينبغي) في الاستحباب فلا أقل من الاجمال، فلا يكون الكلام ظاهرا في الوجوب. مع أن نفي الوجوب إجماعي. ومن ذلك يظهر أنه لا وجه للقول بالوجوب كما حكاه في المسالك، بل في الجواهر: (لا أجد له وجها، ضرورة عدم تعقل وجوب الاعادة مع كون المتروك مندوبا). (1) في السرائر - بعدما حكى عن الشيخ (ره) في النهاية القول باعادة الاحرام في الفرض - قال: (إن أراد به أنه نوى الاحرام وأحرم ولبى من دون صلاة وغسل، فقد انعقد إحرامه، فأي اعادة تكون عليه، وكيف يتقدر ذلك؟ وإن أراد، أنه أحرم بالكيفية الظاهرة من دون النية والتلبية - على ما قدمنا القول في ذلك ومعناه - فيصح ذلك، ويكون لقوله وجه). وأشكل عليه في المختلف: بأنه لا استبعاد في استحباب إعادة الفرض لاجل النفل، كما في الصلاة المكتوبة إذا دخل فيها المصلي بغير أذان ولا إقامة، فانه يستحب له إعادتها. انتهى. وأشكل عليه في المسالك: بأن الفرق بين المقامين واضح، فان الصلاة تقبل الابطال، بخلافه. انتهى. وتبع على ذلك في كشف اللثام، وزاد عليه بأن الاعادة لا تفتقر إلى الابطال، لم لا يجوز أن يستحب تجديد النية وتأكيدها للخبر؟ انتهى. وكذلك في المدارك تبع جده فيما ذكر، وزاد بقوله: (وعلى هذا فلا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 20 من أبواب الاحرام حديث: 1.

 

===============

 

( 343 )

 

وجه لاستيناف النية، بل ينبغي أن يكون المعاد بعد الغسل والصلاة التلبية واللبس خاصة). ونحوه حكى عن جده أيضا. وفى الرياض أصر على بطلان الاحرام باعادته، مستظهرا له من لفظ الاعادة في الصحيح، مستشهدا عليه بما ذكره الاصوليون: بأن الاعادة الاتيان بالشئ ثانيا بعد الاتيان به أولا، لوقوعه على نوع خلل، كتجرد عن شرط معتبر، أو اقترانه بأمر مبطل... ومن ذلك يظهر أن في المسألة وجوها: الاول: عدم مشروعية الاعادة إلا فيما لو كان الواقع منه - أولا - صورة الاحرام لا حقيقته. وهو ظاهر ابن ادريس. الثاني: البناء على مشروعية الاحرام - ثانيا - حقيقة وبطلان الاحرام الاول. وهو ظاهر المختلف، وتبعه عليه في الرياض الثالث: مشورعية صورة الاحرام، يلبس الثوبين، والتلبية، بلا نية انشائه. وهو ظاهر المدارك، وكذا المسالك فيما حكي عنه. الرابع: مشروعية إنشائه ثانيا مع البناء على صحة الاحرام الاول، فيكون قد أحرم إحرامين حقيقيين. كما قد يظهر من كاشف اللثام، واختاره في الجواهر في أواخر شرح المسألة. ولا يخفى بعد الوجه الاخير أولا: بمخالفته لمرتكزات المتشرعة. بل لعله خلاف بناء الاصحاب، فان الاشكالات المذكورة - في كلمات ابن ادريس وغيره - مبنية على عدم إمكان تكرر الاحرام وتأكده. ولاجله حدثت الاقوال تخلصا من المحذور المذكور. وثانيا: بأنه خلاف ظاهر الصحيح، فان الاعادة المذكورة في الصحيح يراد منها امتثال أمر الاحرام بالفرد الثاني، فلا ينطبق على الفرد الاول، فالبناء على حصول الامتثال بفردين في عرض واحد في زمان

 

===============

 

( 344 )

 

واحد خلاف ظاهر النص وخلاف المرتكز العرفي. وأشكل من ذلك ما ذكر في الجواهر، من أنه يحسب له أفضلهما، نظير ما ورد في الصلاة جماعة. فان ذلك كان الدليل، وهذا في المقام مفقود. والقاعدة تقتضي وقوع الامتثال بالفردين معا، لانهما في عرض واحد. ومما سبق يظهر ضعف الوجه الثالث، فان صورة الاحرام ليست إعادة للاحرام ضرورة. وأما الوجه الاول فهو خروج عن مفروض السؤال في الصحيح، فيتعين الوجه الثاني. ولا يبعد أن يكون مراد الشيخ وأمثاله ممن أطلق استحباب الاعادة ذلك. ثم إنه لا يبعد أن يكون مراد كاشف اللثام، من تجديد النية وتأكيدها استحضار صورة الاحرام، لا نية إنشائه، فان نية إنشائه لا تكون مؤكدة لنيته، بخلاف استحضار نية الاحرام - ولو بقاء - فانه مؤكد لنية الاحرام الاجمالية، وهي نية بقائه. وحينئذ يرجع مراده إلى الوجه الثالث. ومن المؤسف أن شيخنا في الجواهر مع أنه أطال في شرح المسألة، وأتعب نفسه الزكية في نقل كلمات الاصحاب وما فيها من النقض والابرام لكنه لم يتعرض لتحقيق أن الاحرام الثاني إذا كان إحراما حقيقيا وكان الاحرام الاول صحيحا، فهل يكون من اجتماع المثلين الجائز، أو أنه يتأكد أحدهما بالآخر؟ وهل يترتب على ذلك تعدد الكفارة، أو تعدد العقاب لو فعل المحرم بعض محرمات الاحرام، أو لا يترتب ذلك؟ كما أنه لم يتعرض للاشكال على القول بأن الاحرام الثاني صوري، وما المسوغ للالتزام به؟! وأطال في نقل كلام السيد في الرياض والاشكال عليه. فراجع، والله سبحانه الموفق الهادي.

 

===============

 

( 345 )

 

[ سواء تركه عالما عامدا أو جاهلا أو ناسيا (1). ولكن إحرامه الاول صحيح باق على حاله (2)، فلو أتى بما يوجب الكفارة بعده وقبل الاعادة وجبت عليه (3). ويستحب أن يقول عند الغسل أو بعده: " بسم الله، وبالله. اللهم اجعله لي نورا، وطهورا، وحرزا، وأمنا من كل خوف، وشفاء من كل داء وسقم. اللهم طهرني وطهر قلبي، واشرح لي ] (1) الصحيح المتقدم (* 1) مورده الجاهل والعالم، فذكر الناسي في كلماتهم لا بد أن يكون من جهة دخوله في العالم. ولا يخلو من إشكال لاحتمال انصرافه إلى العامد في مقابل الجاهل المعذور، فكأنه سأل فيه عن المعذور وغيره. وكأنه لذلك جعل في الجواهر إلحاق الناسي بالفحوى. لكنه ضعيف. وأضعف منه ما يظهر من بعضهم، من الاقتصار في موضوع المسألة على الناسي، مع التصريح في النص بالجاهل والعالم. (2) إذ لا موجب لبطلانه على هذا القول، فان الواقع ليس إحراما وإنما هو صورة الاحرام، من لبس الثوبين، والتلبية - بل والنية، وهي استحضار كونه محرما - وكل ذلك لا ينافي الاحرام الواقع. فانه لا يزال المحرم في سائر الاوقات يقع منه مثل ذلك، بل لعلها أفضل أحواله. (3) قد يظهر من العلامة في القواعد: أن لزوم الكفارة في المتخلل على كل من الاقوال، فانه - بعد أن جزم باستحباب الاعادة - قال: " وأيهما المعتبر؟ إشكال. وتجب الكفارة بالمتخلل بينهما ". فلو

 

 

____________

(* 1) المراد: هو صحيح الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن، المتقدم قريبا راجع الوسائل باب: 20 من أبواب الاحرام حديث: 1.

 

===============

 

( 346 )

 

[ صدري، وأجر على لساني محبتك ومدحتك والثناء عليك، فانه لا قوة الا بك، وقد علمت أن قوام ديني التسليم لك، والاتباع لسنة نبيك صلوات عليه وآله " (1). ] كان لزوم الكفارة مبنيا على القول بصحة الاول كان اللازم الاشكال في ترتبها في المتخلل تبعا للاشكال في المعتبر منهما. ولعله ظاهر. ولذا قال في كشف اللثام - في شرح العبارة المذكورة _: (لعل استشكاله هنا لاحتمال الاحلال هنا بخصوصه للنص. وأما وجوب الكفارة بالمتخلل فلا اعتبار الاول ما لم يحل). لكن اعتبار الاول ما لم يحل لا يجدي في ثبوت الكفارة بعد تحقق الاحلال بالثاني بالموجب لبطلانه من أول الامر. إلا أن يقال: صحة الاحرام الثاني لا تقتضي بطلان الاول وإنما تقتضي انتهاءه، وهو كما يكون بنحو الابطال يكون بنحو الاحلال، والاحلال اللاحق لا ينافي ثبوت الكفارة بالجناية قبله. ومن ذلك يشكل ما ذكر في الرياض من أن ظاهر القواعد: وجوب الكفارة على القولين. فان تم إجماعا، وإلا فهو منفي على المختار قطعا. وكذا مع التردد بينه وبين مقابله، عملا بالاصل السالم عن المعارض. انتهى وجه الاشكال: ما عرفت، من أن البناء على صحة الثاني وانتهاء الاول أعم من بطلانه والاحلال منه. اللهم إلا أن يقال: لا نعني من البطلان إلا عدم كونه موضوعا للامتثال، والاحرام السابق كذلك، فانه ليس جزءا من النسك، ولا يشرع الاحرام إلا إذا كان جزءا من النسك. فلاحظ. (1) قال في الفقيه - في باب سياق مناسك الحج -: (وقل إذا اغتسلت: بسم الله وبالله...) إلى آخر ما في المتن، مع تبديل: التسليم لك، ب‍: (التسليم لامرك) (* 1)

 

 

____________

(* 1) الفقيه الجزء: 2 الصفحة: 312 طبع النجف الاشرف.

 

===============

 

( 347 )

 

[ الرابع: أن يكون الاحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة (1). قيل بوجوب ذلك (2)، لجملة من الاخبار الظاهرة فيه (3)، ] (1) على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعا. (2) القائل. الاسكافي. (3) كصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع): (قال (ع): صل المكتوبة، ثم أحرم بالحج أو بالمتعة) (* 1)، وصحيحه الآخر عنه (ع): (إذا أردت الاحرام في غير وقت صلاة فريضة فصل ركعتين ثم أحرم في دبرها) (* 2). وصحيحه الآخر: (لا يكون الاحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة، فان كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم، وإن كانت نافلة صليت ركعتين وأحرمت في دبرهما، فإذا انفتلت في صلاتك فاحمد الله وأثن عليه، وصل على النبي صلى الله عليه وآله...) (* 3)، وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): (قال: تصلي للاحرام ست ركعات، تحرم في دبرها) (* 4)، وخبر ادريس بن عبد الله قال: (سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر، كيف يصنع؟ قال (ع): يقيم إلى المغرب. قلت: فان أبى جماله أن يقيم عليه. قال (ع) ليس له أن يخالف السنة. قلت: أله أن يتطوع بعد العصر؟ قال (ع): لا بأس به، ولكني أكرهه للشهرة، وتأخير ذلك أحب إلي. قلت: كم أصلي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 4.

 

===============

 

( 348 )

 

[ المحمولة على الندب، للاختلاف الواقع بينها (1)، واشتمالها على خصوصيات غير واجبة (2). ] إذا تطوعت؟ قال (ع): أربع ركعات) (* 1). (1) لكن مع التمكن من الجمع لا يضر الاختلاف: ويصعب جدا رفع اليد - لذلك - عن ظاهر صحيح معاوية الثالث المتقدم. (2) لا يضر ذلك أيضا إذا اشتملت على ما هو ظاهر في الوجوب، بحيث لا مانع من الاخذ به، كالصحيح المتقدم. فالعمدة: التسالم على عدم الوجوب، المانع من احتمال الوجوب وخفائه فيما كان محلا للابتلاء العام، كما تقدم ذلك في استحباب غسل الاحرام. واما صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع): (خمس صلوات لا تترك على حال: إذا طفت بالبيت، وإذا أردت أن تحرم...) (* 2). فالظاهر منه الترك من جهة الوقت الذي تكره فيه الصلاة. نظير خبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): (خمس صلوات تصليها في كل وقت، منها: صلاة الاحرام) (* 3). وقد تقدمت الاشارة إليه في خبر ادريس بن عبد الله. ونحوه خبر ابن فضال (* 4). واستدل في كشف اللثام على نفي الوجوب بالاصل. ولاستلزامه وجوب نافلة الاحرام إذا لم يتفق في وقت فريضة. وهو كما ترى، إذ الاصل لا يقاوم الدليل. والاستلزام المذكور لا محذور فيه.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 4.

 

===============

 

( 349 )

 

[ والاولى أن يكون بعد صلاة الظهر (1)، في غير احرام حج ] (1) كما في القواعد وغيرها، بل هو المشهور، بل نسبه في الحدائق إلى الاصحاب وفى كشف اللثام: استدل بتظافر الاخبار. وكأنه يشير إلى صحيحة معاوية بن عمار و عبد الله الحلبي، كليهما عن أبي عبد الله (ع): (قال: لا يضرك بليل أحرمت أو نهار. إلا أن أفضل ذلك عند زوال الشمس) (* 1)، وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته ليلا أحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أم نهارا؟ قال (ع): نهارا. فقلت: أي ساعة؟ قال (ع): صلاة الظهر. فسألته متى ترى أن نحرم؟ قال (ع): سواء عليكم. إنما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله بعد صلاة الظهر، لان الماء كان قليلا، كان في رؤوس الجبال فيهجر الرجل إلى مثل ذلك من الغد ولا يكاد يقدرون على الماء، وإنما حدثت هذه المياه حديثا) (* 2)، وصحيح معاوية بن عمار - المتقدم في الغسل - قال أبو عبد الله (ع) فيه: (وليكن فراغك من ذلك عند زوال الشمس. وإن لم يكن عند زوال الشمس فلا يضرك ذلك، غير اني أحب أن يكون ذلك عند زوال الشمس) (* 3)، ومرسل المفيد في المقنعة: (قال (ع): الاحرام في كل وقت - من ليل أو نهار - جائز. وأفضله عند زوال الشمس) (* 4). ولا يخفى أن النصوص إنما تدل على استحباب كونه عند الزوال، ولو قبل صلاة الظهر أو بعد العصر إذا لم يكن منافيا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 5. (* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب الاحرام حديث: 6. (* 4) الوسائل باب: 15 من ابواب الاحرام حديث: 7.

 

===============

 

( 350 )

 

[ التمتع، فان الافضل فيه أن يصلي الظهر بمنى (1). ] لصدق: (عند الزوال). مع أن الثاني منها كالصريح في نفي أفضلية كونه عند الزوال أو كونه بعد صلاة الظهر. فكأنه لم يبق دليل على الاستحباب إلا قاعدة التسامح، بناء عليها. وكأنه لذلك عبر المصنف (ره) بالاولوية. (1) حكي عن المفيد، والسيد. لصحيح عمر بن يزيد عن أبي عبد الله (ع): (قال: إذا كان يوم التروية فأهل بالحج... (إلى أن قال): وصل الظهر إن قدرت بمنى) (* 1)، وموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): (قال: ثم تلبي من المسجد الحرام... (إلى أن قال): وإن قدرت أن يكون رواحك إلى منى زوال الشمس، وإلا متى ما تيسر لك من يوم التروية) (* 2)، وصحيح معاوية: (قال أبو عبد الله (ع): إذا انتهيت إلى منى فقل: اللهم هذه منى... (إلى أن قال) (ع): ثم تصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر، والامام يصلي بها الظهر لا يسعه إلا ذلك. وموسع عليك أن تصلي بغيرها إن لم تقدر) (* 3). لكن في الشرائع: استحباب خروج المتمتع إلى منى يوم التروية بعد أن يصلي الظهرين، وحكي عن المواهب والوسيلة والتذكرة والمنتهى والمختلف والدروس وغيرها. ودليله غير ظاهر. نعم عن المختلف الاستدلال له: بأن مسجد الحرام أفضل من غيره، والمستحب إيقاع الاحرام بعد فريضة فاستحب إيقاع الفريضتين فيه. لكنه - كما ترى - لا يعارض النصوص السابقة ولا غيرها. وعن التذكرة والمنتهى: الاستدلال بصحيح معاوية: (إذا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب احرام الحج حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 2 من أبواب احرام الحج حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب احرام الحج حديث: 5.

 

===============

 

( 351 )

 

[ وإن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة أخرى حاضرة (1) ] كان يوم التروية - ان شاء الله - فاغتسل، ثم البس ثوبيك، وادخل المسجد حافيا... (إلى أن قال): ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة، ثم قال في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة..) (* 1) لكن الظاهر من المكتوبة الظهر لا غير. ولذلك حكي عن جماعة: الاقتصار على الظهر، كالهداية، والمقنع، والمقنعة، والمصباح، ومختصره، والسرائر، والجامع، وغيرها. وعن الشيخ في التهذيب: التفصيل بين الامام فيصلي الظهر بمنى. للنصوص الكثيرة، كصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): (لا ينبغي للامام أن يصلي الظهر يوم التروية إلا بمنى، ويبيت بها إلى طلوع الشمس) (* 2) وصحيح معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع): (قال: على الامام أن يصلي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف، ويصلي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام) (* 3) ونحوهما غيرهما. وبذلك جمع بين الطائفتين السابقتين. لكنه بعيد. ولعل الاولى الجمع بينهما، بحمل ما دل على استحباب إيقاع الاحرام بمكة بعد الظهر على ما إذا لم يقدر على الخروج قبل ذلك، وإلا فالافضل إيقاع الظهر بمنى مطلقا، كما في المتن. وان كان بعد لا يخلو من تأمل. (1) كما يقتضيه صحيح معاوية المتقدم عن أبي عبد الله (ع): (صل المكتوبة، ثم أحرم بالحج أو بالمتعة) (* 4).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب احرام الحج حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 4 من أبواب احرام الحج حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 4 من أبواب احرام الحج حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 18 من أبواب احرام الحج حديث: 1.

 

===============

 

( 352 )

 

[ وإن لم يكن فمقضية (1)، وإلا فعقيب صلاة النافلة. الخامس: صلاة ست ركعات (2)، أو أربع ركعات (3) أو ركعتين (4) للاحرام. والاولى الاتيان بها مقدما على الفريضة (5). ويجوز إتيانها في أي وقت كان بلا كراهة، ] (1) ففي الدروس. (ولو لم يكن وقت فالظاهر أن الاحرام عقيب فريضة مقضية أفضل). ولا يخلو من إشكال، بل هو خلاف ظاهر النصوص المتقدمة. فلاحظ صحاح معاوية بن عمار المتقدمة في صدر المسألة ومن الثالثة منها يظهر الوجه في قوله (ره): (فعقيب النافلة). (2) كذا ذكر الاصحاب. لرواية أبي بصير المتقدمة (* 1) ونحوها موثقته الاخرى: (ثم ائت المسجد الحرام، وصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم...) (* 2)، وصحيح معاوية: (إذا أردت أن تحرم يوم التروية... (إلى أن قال): واغتسل، والبس ثوبيك، ثم ائت المسجد الحرام فصل فيه ست ركعات قبل أن تحرم) (* 3). (3) كما في خبر إدريس المتقدم (* 4). (4) كما في صحيحي معاوية المتقدمين (* 5). (5) قال الشرائع، في مبحث مقدمات الاحرام المستحبة: (وأن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 4. وقد تقدم ذلك في الامر الرابع. (* 2) الوسائل باب: 52 من أبواب الاحرام حديث: 2. (* 3) لم نعثر على هذه الرواية في الابواب المناسبة من الوسائل، كأبواب الطهارة، والصلاة، والحج. كما لم نجدها في الكتب الفقهية، أمثال: الجواهر، والمستند، والحدائق. (* 4) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 3. وقد تقدم ذلك في الامر الرابع. (* 5) الوسائل باب: 18 من أبواب الاحرام حديث: 5، وباب: 16 من أبواب الاحرام حديث: 1. وقد تقدم ذكرهما في الامر الرابع.

 

===============

 

( 353 )

 

[ حتى في الاوقات المكروهه، وفي وقت الفريضة، حتى على ] يحرم عقيب فريضة الظهر أو فريضة غيرها. وإن لم يتفق صلى للاحرام ست ركعات، وأقله ركعتان). قال في المسالك: (ظاهر العبارة يقتضي أنه مع صلاة الفريضة لا يحتاج إلى ستة الاحرام، وإنما يكون عند عدم فعل ظهر أو فريضة. وليس كذلك، وإنما السنة أن يصلي ستة الاحرام أولا، ثم يصلي الظهر أو غيرها من الفرائض، ثم يحرم. فان لم يتفق ثمة فريضة اقتصر على ستة الاحرام... (إلى أن قال): وقد اتفق أكثر العبارات على القصور عن تأدية المراد هنا). وفى الجواهر: (سبقه إلى ذلك الكركي في حاشيته على الكتاب). وفى المدارك: أنه مع صلاة الفريضة لا يحتاج إلى ستة الاحرام، وأنها إنما تكون إذا لم يتفق وقوع الاحرام عقيب الظهر أو فريضة. وعلى ذلك دلت الاخبار. ثم ذكر صحيحي معاوية، الثاني، والثالث. ثم قال: (ومن هنا يظهر: أن ما ذكر الشارح، من أن المراد... (إلى آخر كلام المسالك) غير جيد. ومن العجب قوله: (وقد اتفق اكثر العبارات على القصور عن تأدية المراد هنا). إذ لا وجه لحمل عبارات الاصحاب على المعنى الذي ذكره، فان الاخبار ناطقة بخلافه، كما بينا). وفى الجواهر - تبعا لما في الذخيرة والحدائق - استظهر من كلمات جماعة من الاصحاب - كالمفيد في المقنعة، والشيخ في المبسوط والنهاية، والعلامة في القواعد والتذكرة والمنتهى وغيرها - ما ذكره في المسالك. قال في المقنعة: (وإن كان وقت فريضة وكان متسعا قدم نوافل الاحرام - وهي ست ركعات. ويجزي منها ركعتان - ثم صلى الفريضة، وأحرم في دبرها، فهو أفضل. وإن لم يكن وقت فريضة صلى ست ركعات). وقريب منها غيرها.

 

===============

 

( 354 )

 

بل في الشرائع - قال بعد ما سبق -: (ويوقع نافلة الاحرام تبعا له ولو كان وقت فريضة، مقدما للنافلة، ما لم تتضيق الحاضرة). ومقتضاه الاتيان بنافلة الاحرام في وقت الفريضة، فيكون الجمع بينه وبين ما قبله يقتضي حمل ما قبله على استحباب الاحرام عقيب الفريضة في وقت الفريضة مع سبق النافلة عليها، لا الاقتصار عليها، كما يظهر في بادي النظر. وفى كشف اللثام: نسبة إلى المشهور، ثم حكى عن جملة من كتب الجماعة تقديم الفريضة، ثم قال: (وهو أظهر، لان الفرائض تقدم على النوافل. إلا الراتبة، إذ ا لا نافلة في وقت فريضة. ولم أظفر بما يدل على استحباب نافلة الاحرام مع ايقاعه بعد الفريضة، إلا الذي سمعته الآن عن الرضا (ع). ولذا قال في التذكرة: وهل تكفي الفريضة عن ركعتي الاحرام؟ يحتمل ذلك، وهو قول الشافعي). وفى محكي الوسيلة لابن حمزة: (وإن كان بعد فريضة صلى ركعتين له وأحرم بعدهما. وان صلى ستا كان أفضل). وظاهره الجمع بين النافلة والفريضة، مع تقديم الفريضة وقد تقدم في كشف اللثام: حكاية ذلك عن جملة من الكتب، واختياره. والمتحصل من جميع ذلك: أن كلمات الجماعة مختلفة، فبعضها ظاهر في الجمع بين الفريضة والنافلة، مع تأخير الفريضة والاحرام عقيبها، وهو المنسوب إلى المشهور في كشف اللثام. وبعضها ظاهر في الجمع بينهما مع تقديم الفريضة على النافلة، واختاره في كشف اللثام. وبعضها ظاهر في عدم الجمع، كالارشاد. قال فيه: (والاحرام عقيب فريضة الظهر أو غيرها، أو ست ركعات، وأقله ركعتان). وعليه حمل في المدارك عبارة الاصحاب. وأما النصوص فالظاهر منها الاخير. بل تقدم في المدارك: أن

 

===============

 

( 355 )

 

[ القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة. لخصوص الاخبار الواردة في المقام (1). ] الاخبار ناطقة به. وفى الذخيرة: أنه مقتضى الاخبار، كما لا يخفى على المتأمل. انتهى. نعم في الفقه الرضوي: (فان كان وقت صلاة فريضة فصل هذه الركعات قبل الفريضة ثم صل الفريضة. وروي: أن أفضل ما يحرم الانسان في دبر صلاة الفريضة، ثم أحرم في دبرها فيكون أفضل) (* 1): ودلالته على المشهور ظاهرة. إلا أن سنده غير ظاهر. وفى الجواهر: استدل بصحيح معاوية بن عمار قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: خمس صلوات لا تترك على حال: إذا طفت بالبيت، وإذا أردت أن تحرم...) (* 2) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): (خمس صلوات تصليها في كل وقت، منها: صلاة الاحرام) (* 3). ويشكل: بأنه - لو تمت دلالة الروايتين على مشروعية صلاة الاحرام في وقت الفريضة، فغايتها مشروعية الاحرام في دبرها حينئذ، لا الجمع بينها وبين الفريضة، والاحرام بعد الفريضة. ومنه يظهر الاشكال فيما تمسك به - في المستند والجواهر - من إطلاق مشروعية نافله الاحرام. إذ الاطلاق. لا يقتضي الجمع الذي عرفت أنه خلاف ظاهر النصوص السابقة. (1) يشير بذلك إلى صحيح معاوية وخبر أبي بصير المتقدمين. وأما إطلاقات التنقل بالركعتين، أو الاربع، أو الست فليس لها تعرض لهذه الجهة.

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 13 من أبواب الاحرام حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 19 من أبواب الاحرام حديث: 2.

 

===============

 

( 356 )

 

[ والاولى أن يقرأ في الركعة الاولى بعد الحمد التوحيد (1)، وفي الثانية الجحد، لا العكس كما قيل (2). (مسألة): يكره للمرأة - إذا أرادت الاحرام - أن ] (1) كما عن النهاية والسرائر والتذكرة والمنتهى. وفى الجواهر: (أما كيفية القراءة فيهما فلم أقف فيها إلا على خبر معاذ بن مسلم عن أبي عبد الله (ع): (قال: لا تدع أن تقرأ بقل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون، في سبع مواطن: في الركعتين قبل الفجر، وركعتي الزوال والركعتين بعد المغرب، وركعتين من أول صلاة الليل، وركعتي الاحرام والفجر إذا أصبحت، وركعتي الطواف) (* 1). لكن في التهذيب - بعد أن أورد ذلك - قال: (وفى رواية أخرى: إنه يبدأ في هذا كله بقل هو الله أحد، وفى الركعة الثانية بقل يا أيها الكافرون، إلا في الركعتين قبل الفجر، فانه يبدأ بقل يا أيها الكافرون، ثم يقرأ في الركعة الثانيه بقل هو الله أحد) (* 2). وظاهره اختصاص الرواية الثانية بالتهذيب، مع أن الكليني (ره) رواها أيضا بعد الاولى كما في التهذيب (* 3). (2) اختاره في الدروس، وحكي عن المبسوط. وظاهر الشرائع: الميل إليه، فانه قال: (يقرأ في الاولى: وقل يا أيها الكافرون، وفى الثانية: الحمد، وقل هو الله أحد. وفيه رواية أخرى بالعكس). ولعلهم عثروا على غير ذلك. وإلا فخبر معاذ إما مطلق يقتضى التخيير، أو ظاهر في تعين قل هو الله أحد للاولى، والجحد للثانية. وهو صحيح في كلام بعض، وحسن في كلام آخر.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 15 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1. (* 2)، (* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

 

===============

 

( 357 )

 

[ تستعمل الحناء إذا كان يبقى أثره إلى ما بعده (1)، مع قصد الزينة (2)، بل لا معه أيضا إذا كان يحصل به الزينة وإن لم تقصدها. بل قيل بحرمته (3). فالاحوط تركه، وإن كان الاقوى عدمها (4). والرواية مختصة بالمرأة. لكنه ألحقوا بها الرجل أيضا، لقاعدة الاشتراك، ولا بأس به. واما استعماله مع عدم إرادة الاحرام فلا بأس به وإن بقي أثره (5) ولا بأس بعدم إزالته وإن كانت ممكنة. ] (1) نسبه في الحدائق إلى ظاهر الاكثر، وحكي عن جماعة. لخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) قال: (سألته عن امرأة خافت الشقاق فأرادت أن تحرم، هل تخضب يدها بالحناء قبل ذلك؟ قال (ع): ما يعجبني أن تفعل) (* 1). ودلالته على الكراهة ظاهرة، بعد حمل مورده على غير حال الضرورة، بقرينة الجواب. (2) الرواية غير متعرضة لهذه الصورة. لكن يستفاد الجواز مما دل على جوازها للمحرم ولو مع قصد الزينة، كما هو المشهور. والكراهية للاولوية مما قبله. (3) حكي ذلك عن الروضة. للزينة. (4) لمنع تحريم كل زينة. ولذا كان المشهور كراهة ذلك للمحرم في حال الاحرام. لصحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): (سألته عن الحناء. فقال (ع): إن المحرم ليمسه، ويداوي به بعيره، وما هو بطيب، ولا به بأس) (* 2). (5) لخروجه عن مورد الرواية. لكن في المسالك: (لا فرق بين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الاحرام حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الاحرام حديث: 1.