فصل فيما يتعلق بأحكام الدخول على الزوجة

فصل فيما يتعلق بأحكام الدخول على الزوجة، وفيه مسائل: (مسألة 1): الاقوى - وفاقا للمشهور - جواز وطء الزوجة والمملوكة دبرا (2)، على كراهة شديدة ] (1) كما يقتضيها إطلاق حرمة النظر ووجه الجواز: دعوى انصرافه إلى غير ذلك. وفي مباحث التخلي قد يظهر من المصنف ترجيح الجواز بقوله: " والواجب ستر لون البشرة دون الحجم ". اللهم إلا أن يكون مراده من لون البشرة نفس البشرة، ومن الحجم الهيئة الخاصة عندما تستر بالنورة ونحوها، كما تقدم هناك. وكيف كان فالاطلاق محكم، والانصراف لا يعتد به. فصل فيما يتعلق بأحكام الدخول على الزوجة (2) عن الانتصار، والخلاف، والغنية، والسرائر: الاجماع عليه وفي التذكرة: " ذهب علمائنا إلى كراهة إتيان النساء في أدبارهن، وانه ليس بمحرم ". ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح علي بن الحكم قال: " سمعت صفوان يقول: قلت للرضا (ع): إن رجلا من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة، فهابك واستحى منك أن يسألك عنها. قال (ع): ماهي؟ قال: قلت: الرجل يأتي امرأته في دبرها قال:

 

===============

 

( 62 )

 

نعم، ذلك له. قلت: وأنت تفعل ذلك. قال (ع): إنا لا نفعل ذلك " (* 1)، وخبر عبد الله بن أبى يعفور: " سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي المرأة في دبرها، قال (ع): لا بأس إذا رضيت. قلت: فأين قول الله عزوجل: (فاتوهن من حيث أمركم الله)؟ قال (ع): هذا في طلب الولد، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله، إن الله عزوجل: يقول: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) " (* 2)، وخبر حماد بن عثمان: " سألت أبا عبد الله (ع) - وأخبرني من سأله - عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع - وفي البيت جماعة - فقال لي - ورفع صوته -: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كلف مملوكه ما لا يطيق فليعنه. ثم نظر في وجه أهل البيت ثم أصغى الي فقال (ع) لا بأس به " (* 3). ونحوها غيرها. وفي كشف اللثام، وعن القميين، وابن حمزة والشيخ أبي الفتوح الرازي، والراوندي في اللباب، والسيد أبى المكارم صاحب بلابل القلاقل: الحرمة، وعن كشف الرموز لتلميذ المحقق " وكان فاضل منا شريف يذهب إليه (يعني: التحريم) ويدعي أنه سمع ذلك مشافهة عمن قوله حجة ". وقد يشهد لهم مصحح معمر بن خلاد، قال: " قال لي أبو الحسن (ع): أي شئ يقولون في إتيان النساء في أعجازهن؟ قلت: إنه بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأسا. فقال: إن اليهود كانت تقول إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول، فانزل الله عزوجل: (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) من خلف أو قدام، خلافا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 73 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 73 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 73 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 4.

 

===============

 

( 63 )

 

لليهود، ولم يعن في أدبارهن " (* 1)، وخبر سدير قال: " سمعت أبا جعفر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: محاش النساء على أمتي حرام " (* 2)، ومرسل الصدوق في الفقيه: " قال رسول الله (ص): محاش نساء أمتي على رجال أمتي حرام " (* 3). ونحوها غيرها. لكن الاول إنما يدل على قصور الاية عن الدلالة على الجواز، ولعل أهل المدنية يستدلون بها عليه، فأراد (ع) بيان بطلان استدلالهم، فلا يدل على الحرمة. وأما الثاني: فضعيف السند. وأما غيره من النصوص: فهو قاصر السند، بل بعضها قاصر الدلالة. ولو سلمت الدلالة في الجميع، فلا تصلح لمعارضة ما هو نص في الجواز مما عرفت، بل الجمع بينها يقضي بالحمل على الكراهة. هذا كله الكلام في النصوص. وأما في الايات: فقد استدل القائلون بالجواز بقوله تعالى: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) (* 4)، كما أشير إلى ذلك في مصحح معمر. والقائلون بالمنع بقوله تعالى: " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " (* 5) كما أشير إليه في صحيح علي بن الحكم المتقدم. وفي كلا الاستدلالين إشكال، لخفاء الدلالة في المقامين، وعدم وضوح المقصود بنحو يعول عليه في إثبات الحكم الشرعي، فان (أنى) في الآية الاولى لا يظهر أن المراد منها المكان، بمعنى الموضع من المرأة، حتى يشمل الدبر، والمنصرف من المكان مكان الفعل، لا الموضع من المرأة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 72 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 72 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 72 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 5. (* 4) البقرة: 223. (* 5) البقرة: 222.

 

===============

 

( 64 )

 

[ بل الاحوط تركه، خصوصا مع عدم رضاها بذلك (1). (مسألة 2): قد مر في باب الحيض الاشكال في وطء الحائض دبرا (2) وإن قلنا بجواز في غير حال الحيض. (مسألة 3): ذكر بعض الفقهاء (3) ممن قال بالجواز: أنه يتحقق النشوز بعدم تمكين الزوجة من وطئها دبرا. وهو مشكل (4) ] و (من حيث أمركم) في الاية الثانية لا يظهر المراد منها على وجه تختص بالقبل، فالاستدلال بالآيتين محل تأمل وإشكال بالنظر اليهما. وأما بالنظر إلى النصوص فهي متعارضة في تفسيرها والجمع العرفي بينهما مشكل. لان خبر ابن أبى يعفور ظاهر في تفسير الآية الاولى مما يقتضي جواز الوطء في الدبر. ومصحح معمر بن خلاد ظاهر في تفسيرها بغير ذلك. ولعل الجمع بينها يقتضي ان الاستدلال بالآية الاولى من باب المجاراة والاقناع، لا من باب بيان الحقيقة والواقع. فلاحظ. (1) لما تقدم في خبر عبد الله بن أبى يعفور (* 1). (2) وتقدم أن ظاهر النصوص الدالة على تحليل ما عدا القبل أو موضع الدم، أو ذلك الموضع: تحليل الوطء في الدبر. فراجع. (3) المراد به صاحب الجواهر في مبحث النفقات. (4) يكفي في الاشكال ما في رواية عبد الله بن أبى يعفور المتقدمة، فان اعتبار رضاها في جوازه دليل على أنه ليس من حقوق الزوجية. وما دل من النصوص على وجوب إطاعتها الزوج (* 2) لا يخلو من إجمال. إذ لا يمكن الاخذ به في كل فعل ضرورة. وما ورد من كونها لعبة

 

 

____________

(* 1) راجع اول الفصل. (* 2) راجع الوسائل باب: 91 من ابواب مقدمات النكاح.

 

===============

 

( 65 )

 

[ لعدم الدليل على وجوب تمكينها في كل ما هو جايز من أنواع الاستمتاعات، حتى يكون تركه نشوزا. (مسألة 4): الوطء في دبر المرأة كالوطء في قبلها في وجوب الغسل (1)، والعدة، واستقرار المهر، وبطلان الصوم وثبوت حد الزنا إذا كانت أجنبية، وثبوت مهر المثل إذا وطأها شبهة، وكون المناط فيه دخول الحشفة أو مقدارها، وفي حرمة البنت والام، وغير ذلك من احكام المصاهرة المعلقة على الدخول. نعم في كفايته في حصول تحليل المطلقة ] الرجل (* 1)، أو ريحانته (* 2)، أو نحو ذلك، غير ظاهر فيما نحن فيه. ومثله ما ورد من أن من حق الزوج على الزوجة أن تطيعه في حاجته ولو كان على ظهر قتب (* 3). (1) قال في القواعد: " وهو كالقبل في جميع الاحكام، حتى ثبوت النسب وتقرير المسمى، والحد، ومهر المثل مع فساد العقد، والعدة، وتحريم المصاهرة، إلا في التحليل، والاحصان، واستنطاقها في النكاح "، وفي كشف اللثام: نسب ذلك إلى الشيخ وكثير. والوجه فيه: صدق الوطء، والمس، والدخول، والايتاء، ونحوها من العناوين التي أخذت موضوعا للاحكام المذكورة.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 86 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 2، باب: 72. حديث: 4، 10. (* 2) راجع الوسائل باب: 87 من ابواب مقدمات النكاح. (* 3) الوسائل باب: 79 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 3.

 

===============

 

( 66 )

 

[ ثلاثا إشكال (1). كما أن في كفاية الوطء في القبل فيه بدون الانزال ايضا كذلك، لما ورد في الاخبار (2) من اعتبار ] (1) بل منع، كما تقدم عن القواعد بل عن المبسوط: نفي الخلاف في ذلك، لنصوص العسيلة التي أشار إليها في المتن، والمرأة لا تذوق العسيلة بوطئها في الدبر، كما نص على ذلك غير واحد، ومنهم الشيخ في المبسوط، واستدل له بقوله صلى الله عليه وآله: " حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك " (* 1). (2) قال في الجواهر: " ظاهرهم الاتفاق على الاكتفاء بذلك (يعني الوطء) وإن لم يحصل تكرار منه، ولا إنزال. فان تم إجماع كان هو الحجة. وإلا فهو محل للنظر، لظهور نصوص ذوق العسيلة في خلافه، حتى على تفسيره بلذة الجماع ". والمراد من النصوص المشار إليها موثق زرارة عن أبى جعفر (ع) في حديث قال: " فإذا طلقها ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، فإذا تزوجها غيره، ولم يدخل بها وطلقها أو مات عنها لم تحل لزوجها الاول حتى يذوق الآخر عسيلتها " (* 2). ونحوه رواية أبى حاتم عن أبى عبد الله (ع) (* 3). وفي موثق زرعة عن سماعة قال: (سألته عن رجل طلق امرأته فتزوجها رجل آخر، ولم يصل إليها حتى طلقها تحل للاول؟ قال (ع): لا، حتى يذوق عسيلتها " (* 4) وهي خالية من التعرض لان تذوق عسيلته. نعم هو مذكور في رواية المخالفين، فقد ذكر في الحدائق أنه روى غير واحد منهم: " أنه جاءت

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 7 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 7 من ابواب اقسام الطلال ملحق حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 7 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 3.

 

===============

 

( 67 )

 

[ ذوق عسيلته وعسيلتها فيه. وكذا في كفايته في الوطء الواجب في أربعة أشهر (1). وكذا في كفايته في حصول الفئة والرجوع في الايلاء (2) أيضا. ] امرأة رفاعة القرطي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت: كنت عند رفاعة فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، فطلقني قبل أن يمسني، وفي رواية: وأنا معه مثل هدية الثوب، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك) (* 1). ولعل هذه الرواية هي مرسلة المبسوط المتقدمة. لكن الاستدلال بها على اعتبار تلذذ المرأة كما ترى. (1) فقد جزم في المسالك بعدم كفايته. وكأنه لان دليل وجوبه ظاهر في كونه إرفاقا بالزوجة، بل هو صريحه، والارفاق إنما يحصل بالوطء في القبل، وعليه فاللازم اعتبار كونه على نحو خاص، لانه الذى لا تصبر عنه، كما تعرضت له النصوص الاتية. (2) وفي كشف اللثام: " من جهة أن الايلاء لا يقع إلا به (يعني: بالقبل) دون الوطء دبرا. فلا حاجة إلى استثنائه ". والوجه في عدم وقوع الايلاء بالوطء في الدبر: أن المعتبر فيه وقوعه على وجه الاضرار بالزوجة، ولا يحصل الاضرار بها بترك وطئها دبرا، ولذا لو حلف على أن لا يطأ في دبرها لم يكن موليا. اللهم إلا أن يقال: ترك الوطء دبرا وإن لم يوجب إضرار بالزوجة من جهة التلذذ، ولكنه إضرار بها من جهة الهجران، فإذا وطأها دبرا فقد انتفى الهجران والاضرار المقصود منه.

 

 

____________

(* 1) راجع مستدرك الوسائل باب: 7 من ابواب اقسام الطلاق حديث: 5. مع اختلاف يسير عما في المتن، كنز العمال الجزء: 5 حديث 3231، سنن البيهقى الجزء: 7 الصفحة 333 صحيح البخاري باب: 3 من كتاب الطلاق حديث: 2.

 

===============

 

( 68 )

 

[ (مسألة 5): إذا حلف على ترك وطء امرأته في زمان أو مكان يتحقق الحنث بوطئها دبرا (1). إلا أن يكون هناك انصراف إلى الوطء في القبل، من حيث كون غرضه عدم انعقاد النطفة. (مسألة 6): يجوز العزل بمعنى: إخراج الآلة عند الانزال وافراغ المني خارج الفرج (2)، في الامة (3) ] (1) لانه نوع من الوطء المنذور تركه. (2) بذلك فسر في المسالك، وغيرها. وهو ظاهر النصوص الاتية. (3) إجماعا حكاه غير واحد كما في الجواهر. وفي الحدائق: " ظاهرهم الاتفاق عليه " وفي المستند: " الظاهر أنه لا خلاف فيه ". ويشهد له صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع): " أنه سئل عن العزل فقال: أما الامة فلا بأس. فاما الحرة فاني اكره ذلك. إلا أن يشترط عليها حين يتزوجها " (* 1). وفي صحيحه الاخر عن أبى جعفر (ع) مثل ذلك، وقال في حديثه: " إلا أن ترضى، أو يشترط ذلك عليها " (* 2)، وصحيحه الثالث عن أبى جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ فقال: لا. ولكن إن كان له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها، ولا يطلب ولدها " (* 3)، وخبر يعقوب الجعفي قال: " سمعت أبا الحسن (ع) يقول: لا بأس بالعزل في ستة وجوه: المرأة التي تيقنت أنها لا تلد. والمسنة، والمرأة السليطة، البذية، والمرأة التى لا ترضع ولدها والامة " (* 4).

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 76 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 76 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 76 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 76 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 4.

 

===============

 

( 69 )

 

[ وإن كانت منكوحة بعقد الدوام (1)، والحرة المتمتع بها (2) ومع إذنها وكانت دائمة (3)، ومع اشتراط ذلك عليها في العقد (4) وفي الدبر (5)، وفي حال الاضطرار (6)، من ضرر، أو نحوه. وفي جوازه في الحرة المنكوحة بعقد الدوام في غير ما ذكر قولان، الاقوى ما هو المشهور (7) من الجواز ] (1) لاطلاق النص. وفي الجواهر: إطلاق النص، والفتوى، ومعقد الاجماع. (2) قولا واحدا - كما عن جامع المقاصد - واجماعا - كما عن غيره - وليس في النصوص تعرض لها بالخصوص، فلو قيل بالحرمة يكون المعتمد في التخصيص: الاجماع. (3) كما هو المعروف. ويشهد به صحيح ابن مسلم المتقدم الثاني، بل الثالث أيضا. لظهوره في كونه من حقوق الزوجة، فيجوز برضاها: (4) هذا مما لا إشكال فيه. ويقتضيه الصحيحان السابقان: (5) عن الفخر: أن محل الخلاف ما إذا كان الوطء في الفرج، دون الدبر. ويقتضيه بعض أدلة المنع الاتية. بل قد يستفاد من خبر الجعفي. (6) لعموم ما دل على حلية ما اضطر إليه (* 1) أو نفي ما اضطروا إليه (* 2). (7) للنصوص الدالة على الجواز، مثل صحيح محمد بن مسلم قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن العزل، فقال: ذاك إلى الرجل يصرفه

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 1 من ابواب القيام حديث: 6، 7، باب: 12 من ابواب كتاب الايمان حديث: 18، مستدرك الوسائل باب: 24 من ابواب الامر بالمعروف حديث: 3 (* 2) راجع الوسائل باب: 56 من ابواب جهاد النفس.

 

===============

 

( 70 )

 

حيث شاء " (* 1) وموثق عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن العزل، فقال: ذاك إلى الرجل " (* 2) والصحيح عن عبد الرحمن الحذا عن أبى عبد الله (ع): " قال: كان علي بن الحسين (ع) لا يرى بالعزل بأسا. يقرأ هذه الاية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) (* 3) فكل شئ أخذ الله منه الميثاق فهو خارج، وإن كان على صخرة صماء " (* 4) وموثق محمد بن مسلم عن أبى جعفر (ع) قال: " لا بأس بالعزل عن المرأة الحرة إن أحب صاحبها وإن كرهت، وليس لها من الامر شئ " (* 5)، وصحيحه: " قلت لابي جعفر (ع): الرجل يكون تحته الحرة أيعزل عنها؟ قال: ذاك إليه إن شاء عزل وإن شاء لم يعزل " (* 6). وعن المقنعة والمبسوط والخلاف: الحرمة. بل في الاخير: الاجماع عليها. ومستنده الاجماع المذكور. وصحيح محمد بن مسلم المتقدم في الامة (* 7). ولما روى أن النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يعزل عن الحرة إلا باذنها (* 8). وما روى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: " ذلك الوأد الخفي " (* 9). ومفهوم رواية الجعفي المتقدمة (* 10). مضافا إلى ما فيه من تضييع النسل الذي لاجله

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 75 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 75 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 2. (* 3) الاعراف: 172. (* 4) الوسائل باب: 75 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 3. (* 5) الوسائل باب: 75 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 75 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 5. (* 7) راجع اول المسألة. (* 8) مستدرك الوسائل باب: 56 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1. (* 9) كنز العمال الجزء: 8 حديث: 4245، وينقله عن علي (ع) في الجزء: 8 حديث: 5209 الا انه قال (ذاك..). (* 10) راجع اول المسألة.

 

===============

 

( 71 )

 

[ مع الكراهة (1). بل يمكن أن يقال: بعدمها، أو أخفيتها في العجوزة (2)، والعقيمة، والسليطة، والبذية والتي لا ترضع ولدها. والاقوى عدم وجوب دية النطفة عليه (3) وان قلنا بالحرمة. وقيل بوجوبها عليه (4) للزوجة وهي عشرة دنانير، للخبر الوارد (5) فيمن أفزع رجلا عن عرسه، فعزل عنها الماء من وجوب نصف خمس المائة: عشرة دنانير، عليه. لكنه في ] شرع النكاح، ولذا حرم الاستمناء. وفيه: منع الاجماع مع شهرة الخلاف: ومنع ظهور الكراهة في الحرمة. وعدم حجية النبويين. ومفهوم رواية الجعفي ليس بحجة. وتضييع النسل لا دليل على حرمته كلية، ولذا يجوز ترك التزويج، وترك الوطء، وكذا الاحتلام. وحرمة الاستنماء لدليل خاص به، فلا يتعدى إلى غيره. (1) لصحيح محمد بن مسلم المتقدم في الامة. (2) لرواية الجعفي المتقدمة. وظاهرها عدم الكراهة في الموارد المذكورة، ومنها الامة. وتركها في المتن لان كلامه في الحرة. (3) كما عن المعظم، والمصرح به في كلام غير واحد من الاعاظم، كالمحقق والشهيد الثانيين، وغيرهم. للاصل مع عدم الدليل عليه. بل ظاهر نصوص جواز العزل عدمه. (4) كما عن الشيخ، والقاضي، وأبى الصلاح، وابنى حمزة وزهرة، والكيدري، والعلامة في القواعد، والارشاد، وكاشف اللثام. ولعله ظاهر، الشرائع هنا. لكن نفاه في كتاب الديات. (5) في جامع المقاصد: " روى عن الشيخ في الصحيح عن يونس عن أبى الحسن (ع): ان عليا (ع) قضى في الرجل يفزع عن عرسه،

 

===============

 

( 72 )

 

[ غير ما نحن فيه، ولا وجه للقياس عليه، مع أنه مع الفارق (1) وأما عزل المرأة - بمعنى: منعها من الانزال في فرجها - فالظاهر حرمته بدون رضا الزوج (2)، فانه مناف للتمكين الواجب عليها. بل يمكن وجوب دية النطفة عليها (3). هذا ولا فرق في جواز العزل بين الجماع الواجب وغيره، حتى فيما يجب في كل أربعة أشهر (4). (مسألة 7): لا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر (5)، ] فيعزل عنها الماء ولم يرد ذلك: نصف خمس المائة: عشرة دنانير " (1)، وروى في الكافي بأسانيده عن كتاب طريف عن أمير المؤمنين (ع) قال: " وأفتى (ع) في مني رجل يفزع عن عرسه، فيعزل عنها الماء، ولم يرد ذلك، نصف خمس المائة: عشرة دنانير " (* 2). (1) لان الجناية في الخبر من الاجنبي، وفي المورد من الوالد، ومن المعلوم أن جنابة الوالد لا يلحقها حكم جناية الاجنبي. (2) كما نص على ذلك في الجواهر لما ذكر. (3) كما استظهره في الجواهر ضرورة كونها حينئذ كالمفزع أو أعظم في التفويت إذا كانت قد نحت نفسها عنه عند إنزاله. وإشكاله ظاهر، للفارق المتقدم. (4) إلا أن يدعى انصراف دليل وجوبه إلى المتعارف، بملاحظة كونه إرفاقا بالزوجة، نظير ما تقدم في الوطء في الدبر. فتأمل. (5) في المسالك: أنه موضع وفاق. ويشهد له مصحح صفوان بن

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 19 من ابواب ديات الاعضاء ملحق حديث: 1، التهذيب الجزء 10 الصفحة: 285 طبعة النجف الحديثة. (* 2) الوسائل باب: 19 من ابواب ديات الاعضاء حديث: 1.

 

===============

 

( 73 )

 

[ من غير فرق بين الدائمة والمتمتع بها (1)، ولا الشابة والشائبة على الاظهر (2)، ] يحيى عن الرضا (ع): " أنه سأله عن الرجل تكون عنده المرأة الشابة " فيمسك عنها الاشهر والسنة لا يقربها ليس يريد الاضرار بها يكون لهم مصيبة يكون في ذلك آثما؟ قال (ع): إذا تركها أربعة أشهر كان آثما بعد ذلك " (* 1). كذا رواه الصدوق، والشيخ. ورواه الشيخ بطريق فيه علي بن أحمد بن أشيم بزيادة: " إلا أن يكون باذنها " (* 2). (1) لاطلاق النص. وفي الجواهر: " المتيقن هو الدائم " فلا يجب ذلك في المنقطع الساقط فيه الايلاء، وأحكام الزوجية من النفقة وغيرها، لانهن مستأجرات " وفي رسالة شيخنا الاعظم (ره): فيه وجهان. لكن ذلك لا يوجب وهنا في الاطلاق، فالعمل به لازم. وعدم جريان أحكام الايلاء لا يقتضي العدم في المقام، لانه حكم خاص، ولو كان مبنيا على ما نحن فيه لم يكن وجه للكفارة، لبطلان اليمين، كما لا يخفى. (2) لاطلاق الفتاوى ومعقد الاتفاق. وفي كشف اللثام: " ولم يفرقوا بين الشابة وغيرها "، وعن الرياض: الاجماع على التعميم، ونسب في الجواهر التخصيص إلى بعض القاصرين. وكأنه يريد به الكاشاني في مفاتيحه، والبحراني في حدائقه، والحر في وسائله، وظاهر كشف اللثام: التوقف فيه. وهو في محله. لعدم ثبوت الاجماع المعتد به. لاحتمال أن يكون المستند فيه الصحيح القاصر عن التعميم، كما عرفت. والاجماع في الرياض إنما كان على التعميم في الايلاء، لا فيما نحن فيه. وأما حسن حفص عن أبى عبد الله (ع): " إذا غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 71 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 71 من ابواب مقدمات النكاح ملحق حديث: 1.

 

===============

 

( 74 )

 

[ والامة والحرة (1)، لاطلاق الخبر. كما أن مقتضاه عدم الفرق بين الحاضر والمسافر (2)، في غير سفر الواجب. وفي كفاية الوطء في الدبر إشكال كما مر (3). ] أربعة اشهر استعدت عليه، فاما أن يفي وإما أن يطلق، فان كان من غير مغاضبة أو يمين فليس بمول " (* 1)، وظاهره أن الاستعداء إنما هو ترك الوطء. لكن مورده المغاضبة، وظاهره إلحاق المغاضبة بالايلاء في الحكم، فلا يكون مما نحن فيه. (1) في الجواهر: " أما الدائمة الامة فلم أجد فيها تصريحا من الاصحاب ". لكن لا معدل عن العمل باطلاق النص، المؤيد باطلاق الفتوى. (2) في شمول النص للغائب تأمل. لاحتمال أن يكون المراد من قوله في السؤال: " عنده المرأة الشابة ": أن تكون حاضرة عنده. وربما تشهد به السيرة. ولذا قيد في كشف اللثام الحكم المذكور بحضور الزوج: نعم استدل على التعميم بما روي عن عمر: أنه سأل نساء أهل المدينة لما أخرج أزواجهن إلى الجهاد، وسمع امرأة تنشد أبياتا من جملتها: فوالله لولا لا شئ غيره * لزلزل من هذا السرير جوانبه عن أكثر ما تصبر المرأة عن الجماع، فقيل له: أربعة أشهر، فجعل المدة المضروبة للغيبة أربعة أشهر (* 2): لكنه ليس بحجة سندا، ولا مسندا إليه، ولا دلالة، إذ من الجائز أن يكون ضرب المدة من الاحكام السياسية، لا الشرعية. (3) يعني: في المسألة الرابعة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من ابواب الايلاء حديث: 2. (* 2) راجع كنز العمال الجزء: 8 حديث: 5227، 5234. مع اختلاف يسير.

 

===============

 

( 75 )

 

[ وكذا في الادخال بدون الانزال (1)، لانصراف الخبر إلى الوطء المتعارف (2) وهو مع الانزال والظاهر عدم توقف الوجوب على مطالبتها ذلك (3). ويجوز تركه مع رضاها، أو اشتراط ذلك حين العقد عليها، ومع عدم التمكن منه (4) ] (1) في المسالك: " المعتبر من الوطء الواجب ما أوجب الغسل وإن لم ينزل، في المحل المعهود، فلا يكفي الدبر ". (2) التعارف لا يوجب وهن الاطلاق، كما هو محرر في محله. والعمدة في الانصراف أن الظاهر أن الحكم المذكور إرفاقي بالزوجة، وهو لا يحصل بمجرد الوطء مطلقا. (3) لاطلاق النص والفتوى لكن الظاهر من النصوص أنه من حقوق الزوجة، بل صريح بعض متون الصحيح المتقدم، وحينئذ يتوقف أداؤه على المطالبة كسائر الحقوق. إلا أن يقال: إن الاصل يقتضي وجوب أداء الحق إلا مع الرضا بالتأخر، لا جواز ترك الاداء إلا مع المطالبة، لان إبقاء الحق بدون إذن من له الحق تصرف فيه، وهو خلاف السلطنة على الحقوق والاموال. ولذا نقول: بان الدائن إذا جهل الدين أو نسيه لا يجوز للمديون تأخيره، فكذا في المقام إذا كانت الزوجة لا تدري أن لها حق الوطء، أو جهلت ذلك فلم تطالب، لم يجز للزوج ترك أدائه. وعلى هذا يكون عدم توقف الوجوب على مطالبتها من مقتضيات الاصل فيه وفي عموم الحقوق مع قطع النظر عن إطلاق النص. ومن ذلك يظهر الوجه في جواز تركه مع رضاها. وكذا مع اشتراط ذلك عند العقد. (4) فان العجز عذر عقلي في مخالفة التكليف. وكذلك الضرر، لحديث نفي الضرر، أو ما دل على حرمة الضرر.

 

===============

 

( 76 )

 

[ لعدم انتشار العضو، ومع خوف الضرر عليه أو عليها، ومع غيبتها (1) باختيارها، ومع نشوزها (2). ولا يجب أزيد من الادخال والانزال، فلا بأس بترك سائر المقدمات (3) من الاستمتاعات. ولا يجري الحكم في المملوكة غير المزوجة (4) فيجوز ترك وطئها مطلقا. (مسألة 8): إذا كانت الزوجة من جهة كثرة ميلها وشبقها لا تقدر على الصبر إلى أربعة أشهر بحيث تقع في المعصية إذا لم يواقعها. فالاحوط المبادرة إلى مواقعتها قبل تمام الاربعة (5)، أو طلاقها وتخلية سبيلها. ] (1) لا يتضح الفرق بين غيبتها وغيبته، فان كان يصدق عليه أنه عنده زوجة في حال سفره، كان الصدق كذلك في حال سفرها، وإن لم يصدق في الثاني لم يصدق في الاول. (2) هذا خلاف إطلاق النصوص المتقدم. إلا أن يفهم من الادلة أن النشوز مسقط لجميع حقوق الزوجة. ويظهر من كلماتهم في مبحث القسم التسالم عليه. (3) للاصل، وقصور النص المتقدم عن إثباته. (4) لخروجها عن مورد النص المتقدم. ويتعين الرجوع فيها إلى الاصل. (5) للمرسل عن أبي عبد الله (ع): " من جمع من النساء ما لا ينكح فزنى منهن شئ فالاثم عليه " (* 1). لكن الاعتماد عليه غير ظاهر. ولا سيما بملاحظة التحديد في الصحيح السابق. ولا يجب الامر بالمعروف على نحو يقتضي وجوب ما يوجب رفع المقتضي لداعي المعصية، فلا يجب أن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 71 من ابواب مقدمات النكاح حديث: 2.

 

===============

 

( 77 )

 

[ (مسألة 9): إذا ترك مواقعتها عند تمام الاربعة أشهر لمانع من حيض أو نحوه، أو عصيانا لا يجب عليه القضاء (1) نعم الاحوط ارضائها بوجه من الوجوه، لان الظاهر أن ذلك حق لها عليه (2) وقد فوته عليها. ثم اللازم عدم التأخير ] يتزوج المرأة التي لو لم يتزوجها زنت، ولا تزويج الرجل الذي لولا تزوجه زنى، ولا نحو ذلك. (1) للاصل. فان قلت: الاصل يقتضي وجوب الوطء، لان الوجوب كان سابقا فيستصحب. قلت: لا إشكال في وجوب الوطء بعد تمام الاربعة أشهر إذا لم يكن وطأ فيها. وإنما الكلام في وجوبه ثانيا بعنوان القضاء عما فات، والاصل فيه البراءة، واستصحاب عدمه. (2) كأنه يشير إلى قاعدة كلية، وهي: من فوت حق غيره وجب عليه استحلاله. وقد استدل عليها شيخنا الاعظم في مكاسبه بالاصل، والنصوص، منها ما رواه الكراجكي عن علي بن الحسين (ع) عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للمؤمن على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بأدائها أو العفو.. إلى أن قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة ويقضى له عليه " (* 1). ونحوه غيره. لكن يشكل الاصل المذكور: بأنه بعد التصرف في الحق يسقط بذهاب موضوعه، فلا يحتاج في سقوطه إلى عفو وإرضاء. مثلا إذا كان لاحد حق على آخر أن لا يأكل من طعام، فأكل، عصى وجرى على خلاف الحق، فبطل الحق وسقط. ولا مجال لاصالة بقائه. نعم إذا احتمل دخله في رفع العقاب وجب عقلا تحصليه، لكن إطلاق أن التوبة ماحية للذنب، رافع للاحتمال المذكور.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 122 من ابواب احكام العشرة حديث: 24.

 

===============

 

( 78 )

 

[ من وطء إلى وطء أزيد من الاربعة، فمبدأ اعتبار الاربعة اللاحقة إنما هو الوطء المتقدم (1)، لا حين انقضاء الاربعة المتقدمة.