فصل يستحب فيهما أمور

 [ فصل يستحب فيهما أمور: الاول: الاستقبال (1) ] فصل يستحب فيهما أمور (1) بلا خلاف ولا إشكال في أصل الرجحان، بل حكي عليه الاجماع جماعة. ويشهد له مضافا إلى ذلك أما في الاذان: فخبر الدعائم عن علي (عليه السلام): " يستقبل المؤذن القبلة في الاذان والاقامة فإذا قال: (حي على الصلاة. حي على الفلاح) حول وجهه يمينا وشمالا " (* 1). وأما في الاقامة: فخبر سليمان بن صالح عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وليتمكن في الاقامة كما يتمكن في الصلاة، فإنه إذا أخذ في الاقامة فهو في صلاة " (* 2) وخبر يونس الشيباني عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إذا أقمت الصلاة فأقم مترسلا فإنك في الصلاة " (* 3). ولا مجال لحملهما على تنزيل الاقامة منزلة الصلاة في خصوص الترسل والتمكن، فإن ذلك مع أنه خلاف إطلاق التنزيل مخالف لما في ذيله المتضمن إستشكال السائل على الامام (عليه السلام) في

____________ (* 1) دعائم الاسلام ج: 1 صفحة: 175 طبع دار المعار ف بمصر. (* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 12. الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 9.

 

===============

( 595 )

تجويز المشي في الاقامة مع عدم جوازه في الصلاة، وجواب الامام (عليه السلام) له أنه يجوز المشي في الصلاة، فلو لم يدل الكلام على عموم التنزيل لم يكن وجه لاستشكال السائل. وكأنه لذلك أختار المفيد (ره) والسيد (ره) وغيرهما القول بوجوبه في الاقامة. وأختاره في الحدائق. لكن ضعف الخبرين سندا مانع عن جواز الاعتماد عليهما، وقاعدة التسامح لو تمت لا تقتضي أكثر من الافضلية، وأن التنافي بين المطلق والمقيد إنما كان في الواجبات من أجل أحراز أتحاد الحكم وهو غير حاصل في المستحبات، إذ لا مانع عرفا من أن يكون إستحبابان أحدهما قائم بالمطلق والآخر قائم بالمقيد، فلا تنافي بينهما، ولاجل ذلك إشتهر بينهم عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات، ففي المقام يلتزم بأستحباب الاقامة مطلقا وإستحباب كونها في حال الاستقبال. مضافا إلى خبر إبن جعفر (عليه السلام) عن أخيه (عليه السلام): " عن رجل يفتتح الاذان والاقامة وهو على غير القبلة ثم يستقبل القبلة. قال (عليه السلام): لا بأس " (* 1). أللهم إلا أن يقال: ضعف السند مجبور بالعمل. وقاعدة عدم حمل المطلق على المقيد في المستحبات لو تمت وثبت الفرق بينها وبين الواجبات فإنما هو إذا كان الحكم في المطلق والمقيد بلسان الامر النفسي مثل: " أعتق رقبة). (وأعتق رقبة مؤمنة)، ولا في مثل ما نحن فيه مما ورد في مقام شرح الماهيات وبيان ما يعتبر فيها، فإنه لا فرق بين الماهيات الواجبة والمستحبة في كون ظاهر الامر بها الارشاد إلى الشرطية والجزئية، ولا مجال للحمل فيه على تعدد المطلوب في المقامين. وخبر إبن جعفر (عليه السلام) - لم تم سنده فمنصرفه النسيان ولا يشمل العمد. وعلى هذا فالعمدة في مشروعية الاقامة

____________ (* 1) الوسائل باب: 47 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.

 

===============

( 596 )

[ الثاني: القيام (1). الثالث: الطهارة في الاذان (2). ] إلى غير القبلة فتوى المشهور بناء على تمامية قاعدة التسامح بنحو تشمل الفتوى. لكن الانصاف: يقتضي أن الاعتماد على الخبر الضعيف في الفتوى بالاستحباب لا يصلح جابرا لضعف الخبر. وعليه فإطلاق إستحباب الاقامة بدون الاستقبال محكم. والله سبحانه أعلم. (1) إجماعا كما عن غير واحد، ويشهد له مضافا إلى ذلك في الاذان خبر حمران: " سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الاذان جالسا قال (عليه السلام): لا يؤذن جالسا إلا راكب أو مريض " (* 1)، المحمول على الاستحباب، بقرينة مثل صحيح زرارة عنه (عليه السلام): " تؤذن وأنت على غير وضوء في ثوب واحد قائما أو قاعدا وأينما توجهت ولكن إذا أقمت فعلى وضوء متهيئا للصلاة " (* 2)، وصحيح محمد بن مسلم: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): يؤذن الرجل وهو قاعد؟ قال (عليه السلام): نعم ولا يقيم إلا وهو قائم " (* 3). ونحوهما غيرهما. ومنها يستفاد رجحان القيام في الاقامة. نعم ليس في النصوص ما يدل على جواز ترك القيام فيها ومقتضى ما سبق في الاستقبال تقييد المطلقات بنصوص القيام فلا دليل على مشروعيتها بدونه. أللهم إلا أن يعتمد على فتوى المشهور كما سبق في الاستقبال. (2) إجماعا محكيا عن جماعة، ويشهد له المرسل المروي عن كتب الفروع " لا تؤذن إلا وأنت طاهر " (* 4). وخبر الدعائم: " لا بأس

____________ (* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 11. (* 2) الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 5. (* 4) ورد ما هو قريب من مضمونه في سنن البيهقي باب: لا يؤذن الاطهار ج: 1 صفحة: 397.

 

===============

( 597 )

[ وأما الاقامة: فقد عرفت أن الاحوط بل لا يخلو عن قوة (1) إعتبارها فيها. بل الاحوط إعتبار الاستقبال والقيام أيضا فيها وإن كان الاقوى الاستحباب. الرابع: عدم التكلم في أثنائهما (2). ] أن يؤذن الرجل على غير طهر، ويكون على طهر أفضل " (* 1). (1) كما عرفت. هذا، ولا يظهر الفرق بين الطهارة والقيام في عدم المعارض لنصوص التقييد، فالجزم بالعدم في القيام، والفتوى بالشرطية في الطهارة غير واضح. (2) كما هو المشهور، بل عن المنتهى: نفي الخلاف فيه بين أهل العلم في الاقامة. ويشير إليه في الاذان موثق سماعة: " عن المؤذن أيتكلم وهو يؤذن؟ فقال (عليه السلام): لا بأس حين يفرغ من أذانه " (* 2). وظاهره كراهة الكلام لا إستحباب تركه كما يظهر من عبارة المتن وغيره ويشهد له في الاقامة نصوص كثيرة كخبر عمرو بن أبي نصر: " قلت لابي عبد الله (عليه السلام): أيتكلم الرجل في الاذان؟ قال (عليه السلام): لا بأس. قلت: في الاقامة؟ قال (عليه السلام): لا " (* 3)، وخبر أبي هارون: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا أبا هارون الاقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك " (* 4) المحمولين على الكراهة، جمعا بينهما وبين ما دل على الجواز كخبر الحسن بن شهاب: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا بأس أن يتكلم الرجل وهو يقيم الصلاة، وبعدما يقيم إن شاء " (* 5)، وصحيح محمد الحلبي: " سألت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل

____________ (* 1) مستدرك الوسائل با ب: 8 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 12. (* 5) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 10.

 

===============

( 598 )

[ بل يكره بعد (قد قامت الصلاة) (1) للمقيم، بل لغيره أيضا في صلاة الجماعة (2) إلا في تقديم إمام، بل مطلق ما يتعلق بالصلاة (3) كتسوية صف ونحوه، بل ويستحب له إعادتها حينئذ (4) ] يتكلم في أذانه أو في إقامته. قال (عليه السلام): لا بأس " (* 1). وربما يجمع بينهما بحمل الثانية على الاضطرار، أو على ما قبل قوله: (قد قامت الصلاة)، بشهادة ما رواه إبن أبي عمير قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يتكلم في الاقامة؟ قال (عليه السلام): نعم فإذا قال المؤذن: (قد قامت الصلاة) فقد حرم الكلام على أهل المسجد إلا أن يكونوا قد إجتمعوا من شتى وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدم يا فلان " (* 2). ونحوه غيره، أو على خصوص الكلام المتعلق بالصلاة أو حملها على الجواز التكليفي وحمل الاولى على المنع الوضعي، أو حمل الاولى على ما بعد قول: (قد قامت الصلاة) في الجماعة وحمل الثانية على ما عداه. لكن الجميع أبعد مما ذكرنا، بل بعضه خلاف الظاهر جدا. (1) لما عرفت من النصوص المفصلة بين ما قبل ذلك وما بعده، كما عرفت أن اللازم التعبير بتأكد الكراهة حينئذ كما عبر بذلك في المنتهى. (2) للنص المتقدم وغيره. (3) بناء على أن ذكر تقديم الامام في النصوص لاجل كونه الغالب في الكلام المتعلق بالصلاة، ولذا قال في المنتهى: " لا خلاف في تسويغ الكلام بعد: (قد قامت الصلاة) إذا كان مما يتعلق بالصلاة كتقديم إمام أو تسوية صف ". (4) ففي صحيح إبن مسلم: " لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا

____________ (* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7.

 

===============

( 599 )

[ الخامس: الاستقرار في الاقامة (1). السادس: الجزم في أواخر فصولهما (2) مع التأني في الاذان والحدر في الاقامة (3) على وجه لا ينافي قاعدة الوقف. ] تكلمت أعدت الاقامة " (* 1). (1) كما يشير إليه خبر سليمان بن صالح المتقدم (* 2) في الاستقبال. (2) لخبر خالد بن نجيح عن الصادق (عليه السلام): " الاذان والاقامة مجزومان " (* 3). وفي الوسائل: " قال إبن بابويه: وفي حديث آخر: موقافان " (* 4). وفي مصحح زرارة: " قال أبو جعفر (عليه السلام): الاذان جزم بإفصاح الالف والهاء والاقامة حدر " (* 5). وفي خبر خالد إبن نجيح الآخر عنه (عليه السلام): " التكبير جزم في الاذان مع الافصاح بالهاء والالف " (* 6). ولعل تخصيص الاذان فيها بالجزم لتأكد الاستحباب فيه، ويحتمل أن يكون المراد منه طول الوقف على الفصول. (3) ففي خبر الحسن بن السري عن أبي عبد الله (عليه السلام): " الاذان ترتيل والاقامة حدر " (* 7). وفي صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " واحدر إقامتك حدرا " (* 8). وقد تقدم في مصحح زرارة: " أن الاقامة حدر (* 9). والمراد من الحدر الاسراع.

____________ (* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 2) راجع صدر هذا الفصل. (* 3) الوسائل باب: 15 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 15 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 15 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 7) الوسائل باب: 24 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 8) الوسائل باب: 24 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 9) تقدم في التعليقة السابقة.

 

===============

( 600 )

[ السابع: الافصاح بالالف والهاء (1) من لفظ الجلالة في آخر كل فصل هو فيه. الثامن: وضع الاصبعين في الاذنين في الاذان (2). التاسع: مد الصوت في الاذان ورفعه (3)، ويستحب الرفع في الاقامة أيضا إلا أنه دون الاذان (4). العاشر: الفصل بين الاذان والاقامة بصلاة ركعتين (5) ] (1) للنصوص المتقدمة وغيرها، لكن الجميع غير ظاهر الشمول للاقامة، كما أنه غير مختص بلفظ الجلاله الذي يكون في آخر الفصل. (2) ففي خبر الحسن بن السري عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال السنة أن تضع إصبعيك في أذنيك في الاذان " (* 1). (3) ففي صحيح معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " عن الاذان فقال (عليه السلام): إجهر به وأرفع به صوتك، وإذا أقمت فدون ذلك " (* 2). وفي صحيح عبد الرحمن: " إذا أذنت فلا تخفين صوتك، فإن الله تعالى يأجرك مد صوتك فيه " (* 3). وفي صحيح زرارة: " وكلما إشتد صوتك من غير أن تجهد نفسك كان من يسمع أكثر، وكان أجرك في ذلك أعظم " (* 4). إلى غير ذلك. (4) كما في صحيح معاوية المتقدم. (5) ففي صحيح سليمان بن جعفر الجعفري: " سمعته يقول: أفرق

____________ (* 1) الوسائل باب: 17 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 16 من أبواب الاذأن والاقامة حديث: 5. (* 4) الوسائل باب: 16 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.

 

===============

( 601 )

بين الاذان والاقامة بجلوس أو بركعتين " (* 1). وفي موثق عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): " وأفصل بين الاذن والاقامة بقعود أو بكلام أو بتسبيح " (* 2)، وخبر بكر بن محمد عن أبي عبد الله (عليه السلام): " كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول لاصحابه: من سجد بين الاذان والاقامة فقال في سجوده: سجدت لك خاضعا خاشعا ذليلا. يقول الله تعالى: ملائكتي وعزتي وجلالي لاجلعن محبته في قلوب عبادي المؤمنين وهيبته في قلوب المنافقين " (* 3) وخبر الحسن بن شهاب عن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا بد من قعود بين الاذان والاقامة " (* 4). وفي مرسل إبن فرقد عن أبي عبد الله (عليه السلام): " بين كل أذانين قعدة إلا المغرب فإن بينهما نفسا " (* 5). وكأنه من الاخير أستفيد الفصل بالسكوت لكنه لا إطلاق فيه. وكذا الخطوة لم يعرف لها دليل إلا ما في الرضوي: " وإن أحببت أن تجلس بين الاذان والاقامة فأفعل فإن فيه فضلا كثيرا وإنما ذلك على الامام وأما المنفرد فيخطو تجاه القبلة خطوة برجله اليمنى ثم يقول: بالله أستفتح، وبمحمد (صلى الله عليه وآله) أستنجح وأتوجه أللهم صلى على محمد وآل محمد، وأجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين " (* 6). وهو كما ترى. وأما الذكر والدعاء: فلم أقف في النصوص على ما يدل على الفصل بهما بالخصوص، ولعل الثاني منهما أستفيد من خبر بكر بن محمد وغيره

____________ (* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 14. (* 4) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 5) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7. (* 6) مستدرك الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.

 

===============

( 602 )

[ أو خطوة، أو قعدة أو سجدة، أو ذكر، أو دعاء، أو سكوت، بل أو تكلم، لكن في غير الغداة، بل لا يبعد كراهته فيها (1). ] مما أشتمل على الدعاء في حال السجود أو الجلوس أو التخطي كما يأتي في المسألة الآتية، والمذكور في الموثق التسبيح، فكان الاولى ذكره بدلا عنهما. (1) هذا الاستدراك راجع إلى الكلام فقط، ووجهه الخبر المروي في الفقيه والمجالس في وصية النبي (صلى الله على وآله) لعلي (عليه السلام): " وكره الكلام بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة " (* 1). ومقتضاه الكراهة، وبه يخرج عن إطلاق الفصل بالكلام. هذا وقال في الشرائع: " السادس: أن يفصل بينهما بركعتين أو جلسة أو سجدة أو خطوة إلا في المغرب فإن الاولى أن يفصل بخطوة أو سكته ". وكذا في محكي المعتبر. وفي المنتهى بإضافة تسبيحة إلى الخطوة والسكتة، ونسب ذلك فيهما إلى علمائنا. وكأن منشأ ذلك خبر إبن فرقد المتقدم. لكنه مع أنه غير واف بتمام المقصود معارض بما دل على إستحباب الجلوس بينهما في المغرب كخبر إسحاق الجريري عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " من جلس فيما بين أذان المغرب والاقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله " (* 2)، وخبر زريق عن أبي عبد الله (عليه السلام): " من السنة الجلسة بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة وصلاة المغرب وصلاة العشاء ليس بين الاذان والاقامة سبحة، ومن السنة أن يتنفل بركعتين بين الاذان والاقامة في صلاة الظهر والعصر " (* 3). ونحوهما

____________ (* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 13.

 

===============

( 603 )

[ مسألة 1): لو أختار السجدة يستحب أن يقول في سجوده: (رب سجدت لك خاضعا خاشعا) (1)، أو يقول: (لا إله إلا أنت سجدت لك خاضعا خاشعا). ولو أختار القعدة يستحب أن يقول: (أللهم أجعل قلبي بارا ورزقي دارا وعملي سارا، وأجعل لي عند قبر نبيك قرارا ومستقرا) (3). ولو أختار الخطوة أن يقول: (بالله أستفتح وبمحمد صلى الله عليه وآله أستنجح وأتوجه، اللهم صل على محمد وآل محمد، وأجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين) (4). ] غيرهما. أللهم إلا أن يكون الاجماع هو عمدة المستند، فلا يعارضه ما ذكر. (1) تقدم ذلك في خبر بكر بن محمد (* 1)، لكنه خال عن ذكر (رب) ومزيد فيه (ذليلا) في آخره. (2) ففي رواية محمد بن أبي عمير عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام): " من أذن ثم سجد فقال: (لا إله إلا أنت ربي سجدت لك خاضعا خاشعا) غفر الله تعالى له ذنوبه " (* 2). (3) ففي مرفوعة محمد بن يقطين: " يقول الرجل إذا فرغ من الاذان وجلس: أللهم أجعل قلبي بارا ورزقي دارا وأجعل لي عند قبر نبيك (صلى الله عليه وآله) قرار ومستقرا " (* 3). (4) كما تقدم في الرضوي.

____________ (* 1) تقدم في صفحة 601. (* 2) الوسائل باب: 11 من أبواب الاذان وألاقامة حديث: 15. (* 2) الوسائل باب: 12 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.

 

===============

( 604 )

[ (مسألة 2): يستحب لمن سمع المؤذن يقول: " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله ". أن يقول: " وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكتفي بها عن كل من أبي وجحد وأعين بها من أقر وشهد " (1). (مسألة 3): يستحب في المنصوب للاذان أن يكون عدلا (2)، رفيع الصوت (3)، ] (1) ففي خبر الحارث بن المغيرة النضري عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " من سمع المؤذن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال مصدقا محتسبا: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أكتفي بها عن كل من أبى وجحد وأعين بها من أقر وشهد. كان له من الاجر عدد من أنكر وجحد وعدد من أقر وشهد " (* 1). (2) بلا خلاف، وعن كتب كثيرة: دعوى الاجماع عليه. ويشهد له مرسل الفقيه: " قال علي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يؤمكم أقرأكم ويؤذن لكم خياركم " (* 2). فتأمل وعن الكاتب: عدم الاعتداد بأذان غير العارف. وشاهده غير واضح. والنبوي لا يدل عليه، لان الخطاب فيه لغير المؤذن بالترجيح، فلا يدل على التعيين، فضلا على أن يصلح لمعارضة إطلاقات مشروعية الاذان وإطلاق ما دلى على الاجتزاء به. (3) بلا خلاف ظاهر لما عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا " (* 3). ويؤيده مما تقدم مما دل على إستحباب رفع الصوت به.

____________ (* 1) الوسائل باب: 45 من أبوا ب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 16 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3. (* 3) سنن البيهقي ج: 1 صفحة 427.

 

===============

( 605 )

[ مبصرا (1)، بصيرا بمعرفة الاوقات (2)، وأن يكون على مرتفع (3) منارة أو غيرها. (مسألة 4): من ترك الاذان أو الاقامة أو كليهما عمدا حتى أحرم للصلاة لم يجز له قطعها لتداركهما (4)، نعم إذا كان عن نسيان جاز له القطع ما لم يركع (5). ] (1) كما عن المشهور، بل عن التذكرة: الاجماع عليه. وهو العمدة فيه. (2) بلا خلاف، بل نسب إلى فتوى العلماء. وهو العمدة فيه. قال في الجواهر: " وليس ذلك شرطا قطعا لجواز الاعتداد بأذان الجاهل بلا خلاف في كشف اللثام بل إجماعا في المسالك ". (3) لما في صحيح إبن سنان: " أنه (صلى الله عليه وآله) كان يقول لبلال إذا أذن: أعل فوق الجدار وأرفع صوتك بالاذان " (* 1). (4) كما عن غير واحد، بل نسب إلى الاكثر، لحرمة قطع الفريضة وإختصاص النصوص الآتية الدالة على جواز القطع لتداركهما بصورة النسيان نعم عن الشيخ في النهاية والحلي: أنه إن نسيهما ودخل في الصلاة مضى ولم يرجع، وإن تركهما متعمدا رجع ما لم يركع. ووجهه غير ظاهر. (5) كما هو المشهور، لصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام): " قال: إذا أفتتحت الصلاة فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم وأستفتح الصلاة، وإن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك " (* 2). نعم يعارضه صحيح زرارة: " سألت أبا (جعفر (عليه السلام) عن رجل نسي الاذان والاقامة حتى دخل في الصلاة. قال (عليه السلام):

____________ (* 1) الوسائل باب: 16 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7. (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 3.

 

===============

( 606 )

فليمض في صلاته فإنما الاذان سنة " (* 1)، وصحيح داود بن سرحان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " عن رجل نسي الاذان والاقامة حتى دخل في الصلاة. قال (عليه السلام): ليس عليه شئ " (* 2)، وخبر زرارة عنه (عليه السلام): " قلت له: رجل ينسى الاذان والاقامة حتى يكبر. قال (عليه السلام): يمضي على صلاته ولا يعيد " (* 3). لكنها محمولة على جواز المضي جمعا بينها وبين الصحيح، بل لعل الثاني منهما ظاهر في ذلك نفسه، بل الاول أيضا بقرينة التعليل في ذيله، بل الجميع بمناسبة كون المورد مورد توهم وجوب القطع، فتأمل جيدا. ومثلها خبر نعمان الرازي: " فيمن نسي يؤذن ويقيم حتى كبر ودخل في الصلاة. قال (عليه السلام): إن كان دخل المسجد ومن نيته أن يؤذن ويقيم فليمض في صلاته ولا ينصرف " (* 4). إذ إحتمال صحيح الحلبي عليه بتقييد الرجوع فيه بصورة عدم دخول المسجد ومن نيته أن يؤذن ويقيم بعيد جدا. ومما ذكر أيضا يظهر وجه الجمع بين صحيح الحلبي وصحيح إبن مسلم: " في الرجل ينسى الاذان والاقامة حتى يدخل في الصلاة. قال (عليه السلام): إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصل على النبي (صلى الله عليه وآله) وليقم، وإن كان قد قرأ فليتم صلاته " (* 5). ونحوه خبر زيد الشحام، إلا أنه قال فيه: " وإن كان قد دخل في القراءة " (* 6)، فإنه لا مانع من حملها على الرخصة في المضي، لكون

____________ (* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7. (* 4) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 8. (* 5) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 9.

 

===============

( 607 )

[ منفردا كان أو غيره (1) حال الذكر لا ما إذا عزم على الترك زمانا معتدا به ثم أراد الرجوع (2). ] الصحيح نصا في جواز الرجوع. نعم يعارضه صحيح علي بن يقطين: " عن الرجل ينسى أن يقيم الصلاة وقد أفتتح الصلاة. قال (عليه السلام): إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته، وإن لم يكن فرغ من صلاته فليعد " (* 1). وحمله على ما قبل الركوع بعيد جدا. بل الجمع العرفي يقتضي حمل صحيح الحلبي على جواز المضي كما سبق في النصوص الاولى، ومقتضى ذلك جواز الرجوع قبل الفراغ. وعن الشيخ في التهذيب والاستبصار: القول به، وعن المفاتيح: متابعته عليه. لكنه لما كان صحيح إبن يقطين مهجورا عندهم بل في المختلف دعوى الاجماع على خلافه، إذ لا قائل بالاعادة بعد الركوع كان المتعين طرحه. (1) كما يقتضيه إطلاق النص والفتوى. وما في الشرائع وعن المبسوط وغيره من التقييد بالمنفرد غير ظاهر. ودعوى أنه المتبادر من النصوص ممنوعة. ولذلك قال في المسالك: " لا فرق في ذلك بين المنفرد والامام لاطلاق النص والاصحاب، فتقييده بالمنفرد هنا ليس بوجه ". وعن الايضاح وحاشية الميسي: " أنه من باب التنبيه بالادنى على الاعلى لا للتقييد " (2) قال في الجواهر: " ثم إن المتيقن من النص والفتوى الرخصة في الرجوع عند الذكر، أما إذا عزم على تركه وإن لم يقع منه فعل لم يجز له الرجوع، إقتصارا في حرمة الابطال على المتيقن، بل الاحوط له ذلك إذا مضى له زمان في التردد في الرجوع وعدمه بعد الذكر ". وما ذكره

____________ (* 1) الوسائل باب: 28 من أبواب الاذان الاقامة حديث: 4.

 

===============

( 608 )

[ بل وكذا لو بقي على التردد كذلك. وكذا لا يرجع لو نسي أحدهما (1)، ] (قده) مخالف لاطلاق النص والفتوى، وكونه غيره المتيقن منهما غير كاف في رفع اليد عن الاطلاق، كما لعله ظاهر. (1) قال في الشرائع: " ولو صلى منفردا ولم يؤذن ساهيا رجع إلى الاذان.. " وقال في المسالك: " وكما يرجع ناسي الاذان يرجع ناسيهما بطريق أولى دون ناسي الاقامة لا غير على المشهور، إقتصارا في إبطال الصلاة على موضع الوفاق ". وظاهره أن جواز القطع في ناسي الاذان وحده وفاقي، وكذا في ناسيه مع الاقامة، وأن المشهور عدم جواز القطع في نسيان الاقامة. لكن دعوى الوفاق على الجواز في الاول غير ظاهرة، فإن المحكي عن صريح جماعة وظاهر آخرين: العدم، بل عن الايضاح وغاية المرام وغيرها: الاجماع عليه. ولذا أحتمل في الجواهر أن يكون المراد من الاذان في عبارة الشرائع الاذان والاقامة، بقرينة معروفية موضوع المسألة بين الاصحاب، كما أن نسبة العدم في ناسي الاقامة فقط إلى المشهور غير ظاهرة، فقد حكي الجواز فيه عن جماعة كثيرة، وعن ظاهر النفلية: أنه المشهور. وكيف كان فلا دليل على جواز القطع في نسيان الاذان فقط، بل ولا على جوازه لاستدراكه فقط إذا كان قد نسيه مع الاقامة، لاختصاص النصوص بغير ذلك، فعموم ما دل على حرمة إبطال الفريضة بحاله، فتأمل وأما ناسي الاقامة: فيدل على جواز قطعه الصلاة حسن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله (عليه السلام): " سألته عن الرجل يستفتح صلاته المكتوبة ثم يذكر أنه لم يقم. قال (عليه السلام): فإن ذكر أنه لم يقم قبل أن

===============

( 609 )

[ أن نسي بعض فصولهما (1)، بل أو شرائطهما على الاحوط. ] يقرأ فليسلم على النبي (صلى الله عليه وآله) ثم يقيم ويصلي، وإن ذكر بعد ما قرأ بعض السورة فليتم على صلاته " (* 1). لكنه مانع من القطع إذا ذكر بعدما قرأ وحينئذ فإن تم عدم الفصل بين أفراد الذكر قبل الركوع يتعين حمله على الرخصة، ولا يعارض بأن عدم الفصل أيضا يقتضي إلحاق ما قبل القراءة بما يعدها، فإذا دل على المنع في الثاني فقد دل بالالتزام على المنع في الاول لانه صريح في الجواز قبل القراءة، فإلحاق ما قبلها بما بعدها يلزم منه طرح الخبر، بخلاف العكس، لامكان حمله على الرخصة كما تقدم في صحيح محمد وخبر الشحام. وإن لم يتم عدم الفصل يتعين القول بجواز القطع قبل القراءة دون ما بعدها. ويمكن أيضا الاستدلال بصحيح محمد وخبر الشحام فإنهما وإن ذكر في السؤال فيهما فرض نسيان الاذان والاقامة، لكن قول الامام (عليه السلام) في الجواب " وليقم ". ظاهر في أن المصحح للقطع هو تدارك الاقامة لا غير. وأحتمال أختصاص ذلك بصورة نسيانهما معا مما لا يعتد به العرف، لان النسيان إنما يذكر في الاسئلة توطئة لفرض التدارك، فتمام الموضوع هو تدارك المنسي، فإذا كان المصحح للقطع هو تدارك الاقامة لم يكن فرق بين نسيان الاذان معها وعدمه. فأفهم. (1) الفرض المذكور وما بعده خارج عن مدلول النصوص، فالمرجع فيه عموم المنع من قطع الفريضة. وجزم بذلك العلامة الطباطبائي في منظومته بقوله (ره): ولا رجوع للفصول فيهما * ولا بشرط فيهما قد عدما

____________ (* 1) الوسائل باب: 29 من أبواب الاذان والاقامة حديث.

 

===============

( 610 )

[ (مسألة 5): يجوز للمصلي فيما إذا جاز له ترك الاقامة تعمد الاكتفاء بأحدهما، لكن لو بنى على ترك الاذان فأقام ثم بدا له فعله أعادها بعده (1). (مسألة 6): لو نام في خلال أحدهما أو جن أو أغمي عليه أو سكر ثم أفاق جاز له البناء (2) ما لم تفت الموالاة (3) مراعيا لشرطية الطهارة في الاقامة (4). ] وفي الجواهر قال: " أللهم إلا أن يقال مع فرض النسيان الذي يكون بسببه الفساد يتجه التدارك لما علم من الشارع من تنزيل الفاسد منزلة العدم في كل ما كان من هذا القبيل، وهو لا يخلو من قوة ". وما قواه في محله، لانه المطابق للمرتكزات العرفية. (1) لما تقدم من إعتبار الترتيب بينهما لو أريد الجمع بينهما. (2) كما صرح به جماعة، لاطلاق الادلة الرافع لاحتمال قاطعية الامور المذكورة. وما عن نهاية الاحكام من إحتمال الاستئناف في الاغماء ونحوه من روافع التكليف وإن قصر لخروجه عن التكليف، غير ظاهر، لما عرفت. ومثله في الضعف ما ربما قيل من أن عروض بعض ما ذكر يوجب فوات إستدامة النية المعتبرة في العبادات. إذ فيه كما عن الجواهر -: أن المراد من الاستدامة عدم وقوع جزء من العمل بدونها، لا عدم خلو المكلف عنها إلى تمام العمل. (3) كما صرح به غير واحد، إذ بناء على إعتبارها فيهما يكون فواتهما موجبا لبطلانها. (4) على ما سبق في المتن من إعتبارها فيها فلو أراد البناء جدد الطهارة وبنى فتكون إقامته في حال الطهارة، ولا يقدح تخلل الحدث بين الفصول

===============

( 611 )

[ لكن الاحوط الاعادة فيها مطلقا (1)، خصوصا في النوم (2) وكذا لم إرتد عن ملة ثم تاب (3). ] لعدم الدليل على قاطعيته، فإنه خلاف الاطلاق. (1) يعني: في الاقامة وإن لم تفت الموالاة، لما تقدم في بعض النصوص (* 1) من أن الاقامة من الصلاة، وأنه في حال الاشتغال في الاقامة كأنه في حال الاشتغال في الصلاة، مما يظهر منه أن حال الاقامة كحال الصلاة، فكما أن الحدث قاطع للصلاة لو وقع بين أجزئها يكون قاطعا للاقامة إذا وقع بين فصولها. وفي خبر إبن جعفر (عليه السلام): " عن المؤذن يحدث في أذانه أو في إقامته. قال (عليه السلام): إن كان الحدث في الاذان فلا بأس وإن كان في الاقامة فليتوضأ وليقم إقامة " (* 2). فإن ظاهره الامر بإستئناف الاقامة بمجرد وقوع الحدث في أثنائها على ما هو شأن القاطع. (2) لم يتضح وجه الخصوصية في النوم إلا من حيث وضوح حدثيته، وكان الاولى إبداله بالجنون ونحوه، لما تقدم عن نهاية الاحكام من إحتمال الاستئناف فيه. (3) يعني: يبني على ما مضى من أذانه، لعدم الدليل على قاطعيته إذ هو كالارتداد بعد الفراغ في أنه لا يوجب بطلان ما وقع، للاطلاق. وفي الشرائع حكاية القول بالاستئناف، ونسبه غيره إلى المبسوط وأبي العباس وفي القواعد: الجزم به، وعن الذكرى والنهاية: أنه أقوى، وعن كشف الالتباس: أنه أشهر. ووجهه غير ظاهر. وفي أشهريته تأمل كما في مفتاح الكرامة وغيره. هذا، ولا يظهر وجه التخصيص بالارتداد الملي، والتقييد به خال عنه كلام النافي والمثبت.

____________ (* 1) تقدمت في أول هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 9 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 7.

 

===============

( 612 )

[ (مسألة 7): لو أذن منفردا وأقام ثم بدا له الامامة يستحب له إعادتهما (1). (مسألة 8): لو أحدث في أثناء الاقامة أعادها بعد الطهارة (2)، بخلاف الاذان. نعم يستحب فيه أيضا الاعادة بعد الطهارة (3). ] (1) على المشهور كما عن غير واحد، لموثق لموثق عمار المتقدم عن أبي عبد الله (عليه السلام) " عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجئ رجل آخر فيقول له نصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الاذان وإلاقامة؟ قال (عليه السلام): لا ولكن يؤذن ويقيم " (* 1). ونوقش فيه: تارة: بضعف السند، لاشتماله على الفطحية، وأخرى: بمعارضته برواية أبي مريم المتقدمة في سماع الاذان، المتضمنة لاجتزاء إمام الجماعة بسماع الاذان من غير أحد المأمومين. ويدفع الاولى: أن التحقيق حجية خبر الثقة وإن كان فطحيا. مع أن الضعف لو تم منجبر بالعمل. والثانية: بإمكان أن يكون الاكتفاء بالسماع كان من جهة نية الجماعة، وليس في الخبر دلالة على الاجتزاء بالسماع مطلقا ولو لم يكن قاصدا للجماعة حال السماع، كما أشار إلى ذلك في محكي الذكرى. (2) تقدم الكلام فيه في المسألة السادسة. لكنه أجاز البناء في الاقامة هناك، وهنا جزم بالاعادة. والفرق بين المسألتين غير ظاهر. فتأمل. (3) قال في الشرائع في المسألة الاولى: " من نام في خلال الاذان أو الاقامة ثم إستيقظ يستحب له إستئنافه ويجوز البناء ". وقال في المسألة التاسعة: " من أحدث في أثناء الاذان والاقامة تطهر وبنى، والافضل أن

____________ (* 1) الوسائل باب: 27 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.

 

===============

( 613 )

[ (مسألة 9): لا يجوز أخذ الاجرة على أذان الصلاة (1) ولو أتى به بقصدها بطل. وأما أذان الاعلام: ] يعيد الاقامة ". وظاهره عدم إستحباب الاعادة في الاذان فيخالف ما سبق منه، وفي القواعد: " ولو نام أو أغمي عليه أستحب الاستئناف يعني: أستئناف الاذان ويجوز البناء ". وقال بعد ذلك: " والمحدث في أثناء الاذان والاقامة يبني والافضل إعادة الاقامة ". وكأن موضوع المسألة الاولى في الكتاب خصوص الحدث الموجب للخروج عن التكليف، وفي المسألة الثانية فيه ما لا يخرج به عن التكليف، فيرتفع التنافي بين المسألتين فيهما. ويبقى الاشكال في وجه إستحباب إعادة الاذان الذي ذكره الجماعة وغيرهم في المسألة الاولى. والتعليل كما سبق بالخروج عن التكليف كما ذكره في التذكرة وغيرها عليل، كما إعترف به غير واحد منهم كاشف اللثام كما سبق. والمصنف (ره) لم يتعرض لاستحباب إعادة الاذان في المسألة السادسة التى موضوعها الحدث المخرج عن التكليف وتعرض له في هذه المسألة المختصة بغيره. ولعل الوجه في فتواه بالاستحباب قاعدة التسامح بناء على صحتها وعمومتها للفتوى. لكن عرفت أن فتوى الجماعة مختصة بالحدث المخرج عن التكليف. (1) على المشهور، بل في المختلف: نسبته إلى فتوى الاصحاب إلا من شذ. وفي جامع المقاصد: نسب التحريم إلى أكثر الاصحاب. وفي كتاب المكاسب: نسبه إلى الاجماع. وعن حاشية الارشاد: أنه لا خلاف فيه. وأستدل له بخبر السكوني عن علي (عليه السلام) " أنه قال: آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي. أن قال (صلى الله عليه وآله): يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك، ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على أذانه أجرا " (* 1).

____________ (* 1) الوسائل باب: 38 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 1.

 

===============

( 614 )

ومرسل الفقيه: " أتى رجل أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين والله إني لاحبك فقال (عليه السلام): ولكني أبغضك قال: ولم؟ قال (عليه السلام): لانك تبغي في الاذان كسبا، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا " (* 1). ودلالتها غير ظاهرة، فإن المنع عن إتخاذ المؤذن الذي يأخذ الاجر أعم من حرمة ذلك. وإبتغاء الكسب يشمل الاذان بداعي الارتزاق من بيت المال. نعم ما عن الدعائم عن علي (عليه السلام): " أنه قال: من السحت أجر المؤذن " (* 2) ظاهر الدلالة، لكنه غير مجبور سنده بعمل وإعتماد، ومجرد الموافقة لفتوى المشهور غير كافية في الجبر. هذا، ولو أغمض عن قصور السند والدلالة في الجميع فهي مختصة كظاهر الفتوى بأذان الاعلام دون أذان الصلاة. نعم يمكن أن يكون الوجه فيه منافاة قصد الاجرة لقصد الامتثال المعتبر في العبادة، لكنه يتوقف على كونها ملحوظة داعيا في عرض إمتثال الامر، إذ لو كانت ملحوظة في طوله بنحو داعي الداعي فلا تمنع من عبادية العبادة، كما التزم به الماتن (ره) في قضاء الاجير، وإن كان التحقيق خلافه. أو كانت الاجرة ملحوظة في طوله على نحو ترجع إليه سبحانه، بأن يكون الداعي إلى إمتثال الامر إستحقاق الاجرة شرعا على المستأجر، أو إباحة الاجرة شرعا فلا مانع منه حينئذ، ولا ينافي عبادية العبادة، نظير فعل طواف النساء بداعي إباحة النساء. أو الوجه ما أشار إليه في الجواهر من عدم صحة النيابة في الاذن الصلاتي، لظهور أدلة مشروعيته في كون الخطاب به كخطاب الصلاة

____________ الوسائل باب: 38 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 30 من أبواب الاذان والاقامة حديث: 2.

 

===============

( 615 )

[ فقد يقال بجواز أخذها عليه (1). لكنه مشكل (2). نعم لا بأس بالارتزاق من بيت المال (3). (مسأله 10): قد. لكنه مشكل (2). نعم لا بأس بالارتزاق من بيت المال (3). (مسأله 10): قد يقال إن اللحن في أذان الاعلام لا يضر (4)، وهو ممنوع ] وقنوتها وتعقيبها يراد منه المباشرة من المكلف، فلا تصح الاجارة عليه. وفيه: أن ذلك لو سلم فإنما يمنع من وقوع الاجارة على الاذان بعنوان النيابة، أما لو كات على الاذان المأتي به لصلاة الاجير لغرض للمستأجر في ذلك، كأن يريد أن يصلي بصلاته، أو نحو ذلك من الاغراض الدنيوية والاخروية، فلا يصلح للمنع عنها. فالعمدة في المنع: أن الاذان وغيره من العبادات مما كان البعث إلى فعله بعنوان كونه للفاعل لا لغيره، والاجارة عليه تستوجب كونه ملكا للمستأجر، فلا تكون حينئذ موضوعا للطلب. فإذا لم تكن الاجازة منافية لذلك لم يكن موجب للبطلان. (1) كما عن السيد والكاشاني. وعن الذكرى والبحار وتجارة مجمع البرهان: أنه متجه. وعن المدارك: أنه لا بأس به. لما عرفت من عدم كونه عبادة عندهم فلا يجري فيه ما سبق. نعم إذا جئ به على أنه عبادة إمتنع أخذ الاجرة عليه على ما عرفت. (2) كأنه إحتمال صلاحية ما سبق من الاجماع المحكي وغيره للدليلية على المنع من كل وجه. (3) إجماعا صريحا وظاهرا حكاه جماعة كثيرة، لانه من مصالح المسلمين المعد لها بيت المال. وليس أرتزاق المؤذن إلا كإرتزاق أمثاله من الموظفين لمصالح المسلمين العامة كالقاضي والوالي وغيرهما. (4) حكى في الجواهر إحتمال عدم قدحه فيه عن بعض، وقال:

===============

( 616 )

[ فصل ينبغي للمصلي بعد إحراز شرائط صحة الصلاة ورفع موانعها السعي في تحصيل شرائط قبولها ورفع موانعه، فإن الصحة والاجزاء غير القبول، فقد يكون العمل صحيحا ولا يعد فاعله تاركا بحيث يستحق العقاب على الترك، لكن لا يكون مقبولا للمولى، وعمدة شرائط القبول إقبال القلب على العمل فإنه روحه وهو بمنزلة الجسد، فإن كان حاصلا في جميعه فتمامه مقبول وإلا فبمقداره فقد يكون نصفه مقبولا، وقد يكون ثلثه مقبولا، وقد يكون ربعه، وهكذا. ومعنى الاقبال: أن يحضر قلبه ويتفهم ما يقول ويتذكر عظمة الله تعالى، وأنه ليس ] " لا يخلو عن نظر أو منع ". وكأن وجه الاحتمال حصول الاعلام المقصود منه. وفيه: أن المقصود هو الاعلام بالاذان العربي على ما هو ظاهر الادلة وإلا كان اللازم الاكتفاء بالترجمة وسائر ما يقتضي الاعلام، وبطلانه ظاهر. نعم في الروض: " أما اللحن: ففي بطلانهما به وجهان، وقد إختلف كلام المصنف فيه فحرمه في بعض كتبه وأبطل به، والمشهور العدم. نعم لو أخل بالمعنى كما لو نصب لفظ (رسول الله) صلى الله عليه وآله، الموجب لكونه وصفا وتفسيرا لجملة خالية عن الخبر، أو مد لفظ (أكبر) بحيث صار على صيغة (أكبار) جمع (كبر) وهو الطبل له وجه واحد أتجه البطلان.. " ولكنه كما ترى مخالف لظاهر الادلة والله سبحانه أعلم. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

===============

( 617 )

[ كسائر من يخاطب ويتكلم معه، بحيث يحصل في قلبه هيبته منه، وبملاحظة أنه مقصر في أداء حقه يحصل له حالة حياء، وحالة بين الخوف والرجاء بملاحظة تقصيره مع ملاحظة سعة رحمته تعالى. واللاقبال وحضور القلب مراتب ودرجات، وأعلاها ما كان لامير المؤمنين صلوات الله عليه حيث كان يخرج السهم من بدنه حين الصلاة ولا يحس به. وينبغي له أن يحون مع الخضوع والخشوع والوقار والسكينة، وأن يصلي صلاة مودع، وأن يجدد التوبة والانابة والاستغفار، وأن يكون صادقا في أقواله كقوله: " إياك نعبد وإياك نستعين)، وفي سائر مقالاته، وأن يلتفت أنه لمن يناجي ومن يسأل ولمن يسأل. وينبغي أيضا أن يبذل جهده في الحذر عن مكايد الشيطان وحباله ومصائده، التي منها إدخال العجب في نفس العابد، وهو موانع قبول العمل. ومن موانع القبول أيضا حبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة، ومنها الحسد والكبر والغيبة، ومنها أكل الحرام وشرب المسكر، ومنها النشوز والاباق، بل مقتضى قوله تعالى: (إنما يتقبل الله من المتقين) (* 1) عدم قبول الصلاة وغيرها من كل عاص وفاسق. وينبغي أيضا أن يجتنب ما يوجب قلة الثواب والاجر على الصلاة، كأن يقوم إليها كسلا ثقيلا في سكرة النوم أو الغفلة، أو كان ]

____________ (* 1) المائدة / 27.

 

===============

( 618 )

[ لاهيا فيها، أو مستعجلا، أو مدافعا للبول أو الغائط أو الريح، أو طامحا ببصره إلى السماء، بل ينبغي أن يخشع ببصره شبه المغمض للعين، بل ينبغي أن يجتنب كل ما ينافي الخشوع، وكل ما ينافي الصلاة في العرف والعادة، وكل ما يشعر بالتكبر أو الغفلة. ويبنغي أيضا أن يستعمل ما يوجب زيادة الاجر وإرتفاع الدرجة، كإستعمال الطيب، ولبس أنظف الثياب، والخاتم من عقيق، والتمشط، والاستياك، ونحو ذلك. ]