المرابحة وتوابعها

ينقسم البيع بالنظر إلى الإخبار بالثمن وعدمه إلى اربعة أقسام وهي:

 

 

1 ـ المساومة وهي أن يساوم المشتري البائع على السلعة بما يتفقان عليه من الثمن من غير تعرض لذكر الثمن الذي اشترى به البائع سواء أعلمه المشتري أو لم يعلمه .

وعن أهل البيت عليهم‏السلامأن بيع المساومة أفضل من غيره قال الإمام الصادق عليه‏السلام: أكره أن أبيع عشرة بأحد عشر ونحو ذلك من البيع ولكن أبيع كذا وكذا مساومة .

ونهي عن الربح الكثير من ذلك قوله: «ربح المؤمن على المؤمن ربا إلاّ أن يشتري بأكثر من مئة درهم فاربح عليه قوت يومك أو يشتريه للتجارة فاربح عليه وارفق به.

قال الفقهاء: المراد بالربا ـ هنا ـ تأكيد الكراهة وشدتها.. وفي هذه الرواية اشارة إلى كراهية الربح الكثير وان الافضل أن لا يزيد عن قوت اليوم الواحد اذا كانت الصفقة مما يعتد بها وإلاّ فان الافضل أن يكون الربح دون قوت اليوم بخاصة اذا كان الشراء لسد الحاجة لا للربح .

ومن الخير أن نذكر بهذه المناسبة ما جاء في كتاب وسائل الشيعة ج 1 باب «كراهة البيع بربح الدينار ديناراً». فان فيه درساً وعظة..

دعا الإمام الصادق عليه‏السلاممولى له اسمه مصارف واعطاه ألف دينار وقال له: تجهز حتى تخرج إلى مصر فان عيالي قد كثروا فاشترى مصارف بالمال بضاعة وخرج بها مع التجار إلى مصر فلما قربوا منها واذا بقافلة خارجة من مصر فسألوهم عن المتاع الذي معهم: ما حاله في المدينة؟ فقالوا: ليس بمصر منه شيء فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا يبيعوا إلى بربح الدينار ديناراً وهكذا كان ولما رجع مصارف إلى المدينة دخل على الإمام ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار وقال: هذا رأس المال وهذا الربح. فقال الإمام: انّه ربح كثير.. ماذا صنعتم؟ فحدثه كيف تحالفوا.. فقال الإمام: سبحان اللّه‏.. تحلفوان على قوم مسلمون أن لا تبيعوهم إلاّ بربح الدينار ديناراً.. ثم أخذ كيساً واحداً وقال: هذا رأس المار ولا حاجة لي بهذا الربح. ثم قال: يا مصارف مجالدة السيوف أهون من طلب الحلال .

 

 

2 ـ التولية وهي أن يخبر البائع المشتري برأس المال ثم يتفقان على البيع مع جميع النفقات والمؤن التي انفقها عليه من غير زيادة أو نقيصة .

واذا ظهر كذب البائع فلا يبطل البيع لأنه عقد على شيء معلوم بثمن معلومن مع التراضي أمّا الكذب بالثمن فيتلافى ويستدرك بالخيار تماماً كاشتراء المعيب مع الجهل بالعيب.. والخيار ـ هنا ـ بين الفسخ أو الامضاء بالثمن المسمى وليس للمشتري أن يمسك المبيع ويحط من الثمن الزيادة التي كذب بها البائع لأن البيع وقع على الثمن الذي اخبره به البائع وهو المذكور صراحة في صلب العقد دون الثمن الواقعي فأمّا أن يرضى بالمسمى وأمّا أن يرد ولا شيء على البائع سوى الاثر.. ولو قال البائع للمشتري: لا تفسخ واحط عنك الزيادة سقط الخيار لارتفاع سببه .

 

 

3 ـ الوضيعة وهي أن يخبر البائع المشتري برأس المال ثم يتفقان على البيع بحط مقدار معين من الثمن الذي اشترى به البائع واذا تبين كذبه بالاقرار أو بالبينة فللمشتري الخيار على الوجه المتقدم في التولية .

 

 

4 ـ المرابحة عكس الوضيعة أي البيع برأس المال مع ربح معين واذا تبين كذب البائع فللمشتري الخيار كما تقدم. ولا بد في الاقسام الثلاثة الاخيرة من علم المشتري برأس المال والمؤن وبجميع ما طرأ على المبيع من زيادة أو نقيصة فقد جاء في مفتاح الكرامة: «لا يكفي تجدد العلم بد العقد وان اقتضاه الحساب المنضبط».. وسبق في فصل النقد والنسيئة فقرة «التأجيل» أن التعيين الواقعي الذي يمكن الاطلاع عليه بسهولة كافٍ لصحة التعاقد وان جهل المتعاقدان بالشيء المعين واقعاً على شريطة أن ينشئا العقد على اساسه.

واذا كان البائع قد اشترى السلعة إلى أجل فعليه أن يخبر المشتري بذلك فان كتمه واخفى عنه وكان قد باع بمثل ما اشترى مع ربح معلوم يكون للمشتري مثل ما كان للبائع من الاجل قل رجل للامام الصادق عليه‏السلام: انما نشتري المتاع بنظرة فيجيء

الرجل فيقول: بكم تقوّم عليك؟ فاقول بكذا وكذا فابيعه بربح؟ قال الإمام عليه‏السلام: اذا بعته مرابحة كان له من النظرة مثل ما لك .

والاقسام الاربعة كلها صحيحة وجائزة شرعاً أمّا بيع المزايدة وهي أن ينادي  الرجل على السلعة طلباً للزيادة فيها ثم يستقر البيع على من لم يزد عليه أمّا هذا النوع من البيع فيدخل في بيع المساومة وليس قسماً مستقلاً برأسه .

 

 

اذا أخبر البائع برأس المال وتم البيع على اساسه ثم ادعى أنّه كان أكثر مما أخبره به وأنّه كان مشتبهاً في إخباره اذا كان كذلك ردت دعواه بمجرد سماعها من غير بينة ولا يمين حتى ولو كان معروفاً بالصدق لأنه انكار بعد اقرار ولو استمع منه لا نسد باب العمل بالاقرار أجل اذا ادعى أن المشتري يعلم بالواقع كما هو وانه قد غلط واشتبه فتسمع دعواه ويحلف المشتري على نفي علمه بمقدار رأس المال .