شروط العقد

اشرنا فيما سبق إلى أن البيع هو «مبادلة مال بمال». ولا بد لهذه المبادلة من قول أو فعل يدل عليها وهو العقد ومن طرفين يجريان المبادلة ويقومان بها  

 

وهما المتعاقدان ومن محل تقع عليه المبادلة وهما العوضان المعقود عليهما ونتكلم عن كل واحد من هذه العناوين الثلاثة بفصل مستقل كما فعل الشيخ  

 

الانصاري في المكاسب وغيره من  الفقهاء   .

 

 

للعقد ركنان هما الايجاب والقبول ولهما صور   :

1 ـ ان يكون كل منهما فعلاً   .

2 ـ ان يكونا قولاً   .

3 ـ ان يكون احدهما قولاً والآخر فعلاً مثل أن يقول زيد لعمرو بعتك هذا بعضرة فيدفع عمرو العشرة ويأخذ المبيع دون أن يتلفظ بشيء وبديهة ان هذا  

 

بمنزلة قوله قبلت بل أدل وأوضح   .

4 ـ ان يكونا بالكتابة والاشارة   .

وتقدم الكلام عن الصورة الاولى في الفصل السابق بعنوان المعاطاة وأما اذا أراد المتعاقدان أن ينشئا الايجاب والقبول باللفظ لا بالاعطاء والأخذ فهل يجب  

 

عليهما الانشاء بالفاظ خاصة أو بجوز لهما أن ينشئا العقد بكل ما دل على التراضي وعده الناس عقداً؟  .

نسب الاول إلى المشهور وفرع على ذلك كثير من الفقهاء بحوثاً استغرقت العديد من الصفحات منها التحقيق والتدقيق في أن العقد هل يتم وينعقد بالمجازات  

 

والكنايات؟. وأيضاً هل ينعقد بالجملة الفعلية فقط أو بها وبالاسمية؟. وعلى الأول هل يجب أن يكون الفعل بصية الماضي؟. وايضاً هل يجب تقديم الايجاب  

 

على القبول والموالاة بينهما إلى غير ذلك من التطويل الذي لا طائل تحته كما قال السيد كاظم اليزدي. وعلى أية حال فسنعرض  الصفوة من أقوالهم في ذلك  

 

معرضين عن الحشو والزوائد ما أمكن   .

 

 

نسب الشيخ الانصاري إلى كثير من العلماء القول بوقوع العقد بالمجازات والكنايات ونقل كلماتهم الدالة على جواز البيع بلفظ ملكت وعاوضت واسلمت إليك  

 

ونقلته إلى ملكك ونحو ذلك ثم اتبعها بقوله: «ومع هذه الكلمات كيف يجوز أن يسند إلى العلماء أو أكثرهم وجوب ايقاع العقد باللفظ الموضوع له ولا يجوز  

 

بالألفاظ المجازية  » .

وقال السيد اليزدي تعليقاً على ذلك: «هل يجب أن يكون اللفظ المذكور في الصيغة دالاً على المعنى بالحقيقة لا بالمجاز؟. والتحقيق جواز الاكتفاء بكل ما له  

 

ظهور عرفي بحيث يصدق عليه العقد والعهد للعمومات العامة والخاصة  » .

و يريد بالعمومات العامة قوله تعالى: «اوفوا بالعقود». وقوله: «وأوفوا بالعهد إن العهد كان عنه مسؤولاً» وبالعمومات الخاصة قوله: «أحل اللّه‏  

 

البيع» وحديث «البيع بالخيار  » .

وسئل الإمام الصادق عليه‏السلامعن الرجل يشتري المتاع فيبدو له أن يرده هل ينبغي له ذلك؟  .

قال: لا إلاّ أن تطيب نفس صاحبه. وترك التفصيل بين طرق البيع وألفاظه في هذه النصوص وغيرها يدل على التعميم والشمول لكل لفظ واستعمال حقيقة كان  

 

أو مجازاً. وبالايجاز ان الكلام يحمل على المعنى الظاهر منه بصرف النظر عن سب الظهور   .

 

 

هل يتوقف انعقاد العقد باللغة العربية أو أنّه ينعقد بها وبغيرها؟  .

قال الشيخ الانصاري في كتاب المكاسب: «الأقوى صحة العقد بغير العربي». وقال السيد اليزدي والشيخ النائيني: كل ما يصدق عليه عنوان العقد  

 

يصح انشاؤه به سواء أكان عربياً أو أعجمياً فصيحاً أو ملحوناً ولو انحصرت العقود باللغة العربية فقط للزم العسر والحرج وانسد باب المعاش ولوجب على  

 

كل مسلم ـ غير عربي ـ ان يتعلم صيغ العقود بالعربية تماماً كما يتعلم الحمد والسورة من أجل الصلاة مع العلم بأن ذلك لم يرد في خبر ولا أثر   .

 

 

قال كثيرون: يجب أن يكون لفظ العقد بصيغة الماضي كبعت وقبلت ولا يكفي ابيع وأقبل لأن المضارع يحتمل الحال والاستقبال أمّا الأمر فهو بطلب المفاوضة  

 

والمساومة اشبه وكل ذلك وما إليه يتنافى مع الجزم الذي لا بد منه في العقد أما الماضي فمتمحض للحال وصريح في التحقق والثبوت فيتعين   .

وقال آخرون: ان الصيغة للتعبير عن الرضا والارادة وليست غاية في نفسها فكل ما دل على انشاء العقد بذاته أو بمعونة فرينة لفظية يتم وينعقد به العقد  

 

سواء أكان بالجملة الاسمية أو بالفعلية بصيغة الماضي أو المضارع   .

وقال الشيخ الانصاري معلقاً على هذا القول: «لا يخلو من قوة لو فرض صراحة المضارع في الانشاء على وجه لا يحتاج إلى قرينة المقام  »

 

([1]) .

وقال: «ثم اعلم أن في صحة تقديم القبول بلفظ الأمر كبغي اختلافاً كثيراً بين الفقهاء  » .

والحق جواز ذلك اذا قصد به انشاء العقد دون الطلب والاستدعاء فلقد روى سهل الساعدي ان امرأة اتت رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله‏ و سلموقالت له: اني  

 

وهبتك نفسى وقامت قياماً طويلاً فقام رجلاً وقال: زوجنيها يا رسول اللّه‏ ان لم يكن لك بها حاجة. فقال رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله‏ و سلم: هل عندك من 

 

شيء تصدقها اياه؟. فقال: ما عندي إلاّ ازاري هذه. فقال رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله‏ و سلم: ان اعطيتها ازارك بقيت بلا ازار التمس ولو خاتماً من حديد.

 

قال: لا شيء لدي. قال رسول اللّه‏ صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله‏ و سلم: هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم. قال صلى‏ الله‏ عليه‏ و‏آله‏ و سلم: قد زوجتكها على ما تحسن

 

من القرآن فعلمها اياه .

وإذا تم عقد الزواج بصيغة الأمر وهو قال الرجل زوجنيها فبالاولى غيره من العقود.

___________________________________________

[1] تنقسم القرينة إلى لفظية كقولك: رأيت قمراً يمشي فلفظة يمشي تدل على أنك أردت امرأة حسناء

وإلى قرينة حالية كقول الادنى للاعلى: اعطني فان حال الادنى تدل على أنه أراد من الامر وهو اعطني الرجاء لا الوجوب والشيخ الانصاري أراد من قوله

 

هذا ان التعبير عن الرضا يجب أن يكون بقرينة المقال لا بقرينة الحال.

 

 

ذهب المشهور إلى أن الايجاب يجب أن يتقدم على القبول اطلاقاً. وقال آخرون: بل يجوز تأخيره وتقديم القبول عليه لأنه في حقيقته انشاء الرضا بالايجاب

 

فان تحقق ذلك صح تقدم أو تأخر. وفصّل الشيخ الأنصاري بين أن يقع القبول بلفظ قبلت ورضيت ونحوه فلا يصح لأنه غير متعارف من العقد وبين أن يقع

 

القبول بلفظ قبلت ورضيت ونحوه فلا يصح لأنه غير متعارف من العقد وبين أن يفع القبول بلفظ اشتريت وابتعت وما إليه فيصح لأنه يدل على انشاء

 

المعاوضة والرضا بتمليك الثمن بدلاً عن المثمن .

اذن فالكبرى محل وفاق وهى أن السبب الأول هو ظهور اللفظ لا مجرد تقديم الايجاب واختلاف الفقهاء انما وقع في الصغرى أي في التطبيق ومعرفة الفرد

 

والمصداق وعلى ذلك فكل ما صدق عليه اسم العقد فهو صحيح. ويدل على جواز تقديم الايجاب رواية سهل في زواج المرأة مع العلم بأن الاحتياط في الزواج

 

اشد واولى منه في سائر العقود .

وتقول: انما أجاز الفقهاء تقديم القبول من الزواج لحديث خاص فيجب الاختصار عليه والحاق البيع وغيره بالزواج قياس .

الجواب  :

إنّا نعلم علم اليقين بأن صحة التقديم في الزواج لم تكن لميزة خاصة به بل لأن القبول حال تقديمه على الايجاب معبر عن الرضا تماماً كما لو كان متأخراً

 

والعبرة بالتعبير والوضوح لا بالتقديم والتأخير وباسلوب ثان ان الزواج فرد ومورد للقاعدة الكلية التي استفدناها من طريقة العرف هذا إلى أن كثيراً من

 

القواعد العامة تستخرج من بعض مواردها وافرادها وقد تكرر قول الفقهاء: «الأصل في هذه القاعدة هذا المورد» حتى اشتهر بينهم ان خصوصية المورد

 

لا توجب تخصص الوارد واوضح مثال على ذلك قول الإمام الصادق عليه‏السلام: «اغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكد لحمه» حيث عمم الفقهاء وجوب

 

الغسل من مماسة البول للثوب والاناء والبدن وغيره وكذلك قاعدة «من اتلف مال غيره فهو له ضامن »فانها مأخوذة من قول الإمام عليه‏السلام: من اضر

 

بطريق المسلمين فهو له ضامن .

 

 

اتفقوا بشهادة السيد اليزدي ان العقود الجائزة كالعارية والوديعة والوكالة لا تشترط فيها الموالاة بين الايجاب والقبول وان الفصل الطويل بينهما لا يمنع من

 

الصحة واختلفوا في العقود اللازمة كالبيع وما إليه فذهب البعض إلى أن المولاة شرط. وقال آخرون: آنهاليست بشرط وان الواجب ان تبقى ارادة الموجب

 

قائمة إلى حين القبول فالعبرة ببقاء الايجاب وعدم رجوع الموجب عنه قبل القبول أما الفاصل فوجوده وعدمه سواء قال السيد الحكيم في نهج الفقاهة ص

 

105 طبعة 1371 هـ :

«الظاهر الاكتفاء في تحقق العهد النفساني في نفس الموجب ـ أي الرضا والارادة ـ فاذا كان باقياً إلى زمن القبول كفى ذلك عند العرف حتى مع الفصل

 

الطويل فاذا قال الموجب: بعتك الفرس بدرهم فلم يقبل المشتري فوعظه ونصحه وبيّن له الفوائد حتى اقتنع وقبل صدق العقد وان كان مع الفصل بكلام اجنبي

 

كما أنه اذا لم يبادر المشتري إلى القبول حتى اعرض الموجب عن الايجاب وبعد الاعراض قبل الموجب له لم يتحقق العقد وهذا هو السر في عدم صدق العقد

 

مع الفصل المفرط كسنة أو أكثر» .

وبهذا يتبين ان بقاء المجلس أو انقضاضه ليس كه ادنى تأثير بالنسبة إلى الايجاب والقبول في الفقه الجعفري وانما تأثيره بالقياس إلى ثبوت الخيار للمتبايعين

 

بعد تمام الايجاب والقبول وانعقاد العقد وبكلمة ان العبرة باتحاد شطري العقد بحيث لا ينعدم احدهما عند وجود الآخر وهذا لا يرتبط باتحاد المجلس اذ يمكن

 

التفاهم والتخاطب وعدم التراخي بينهما مع تعدد المجلس كما يمكن ذلك مع اتحاده.

 

 

ليس من شك ان الانشاء يتحقق منجزاً ومعلقاً وان كان انسان يستطيع ان يتلفظ بالعقد مع القيد وبدونه فيقول بعتك هذا او بعتك ان رضي زيد. ولا يختلف في

 

ذلك اثنان وانما اختلف الفقهاء ان نفس المعنى المنشأ بالعقد: هل يصح أن يكون معلقاً على وجود غيره بحيث يكون حصوله محتملاً لا متيقناً على كل حال بل

 

على تقدير دون تقدير؟. وبتعبير ثانٍ ان للعقد وجوداً حسياً وهو انشاء المتكلم له ووجوداً اعتبارياً وهو اعتبار الشارع له بترتب الآثار عليه والعقد يوجد

 

منجزاً بكلا المعنيين ومعلقاً بالمعنى الاول اجماعاً أما وجوده معلقاً بالمعنى الثاني فمحل النزاع والاختلاف .

وذهب المشهور إلى أن التعليق باطل حيث يشترط ان يكون المتعاقدان على يقين من ترتب الاثر على العقد والتعليق منافٍ للجزم واليقين .

وقال جماعة من الفقهاء: بل يصح التعليق اطلاقاً سواء أكان الشرط المعلق عليه معلوم الحدوث عند العقد كبعتك هذا ان كان ملكي أو معلوم الحدوث في

 

المستقبل كبعتك اياه ان جاء رأس الشهر أو مشكوك الحدوث كبعتك ان قدم زيد من سفره وإلى هذا ذهب السيد اليزدي والشيخ النائيني والسيد الحكيم .

قال الأول في حاشيته على مكاسب الأنصاري: لا يشترط الجزم بترتب الأثر على العقد حين انشائه وإلاّ بطل البيع بلا تعليق اذا لم يكن البائع أو المشتري

 

على يقين من توافر الشروط الشرعية ـ ثم قال ـ وعلى افتراض وجود الاجماع على عدم صحة التعليق فانه ليس بحجة في هذه المسألة وذلك أن الاجماع يعتمد

 

عليه ويؤخذ به اذا علمنا بأنه كاشف عن رأي المعصوم وبدون هذا العلم يسقط عن الحجة والاعتبار ونحن نعلم أو نحتمل على الأقل ان المجمعين قد تخيلوا

 

وجوب الجزم وهو تخيل لا يقوم على أساس كما بينا .

وقال الشيخ النائيني في تقريرات الخوانساري: «ان صحة تعليق المنشأ لا تخفى عليه أحد بل وقوعه في الاحكام الشرعية لا يبلغه الاحصاء فان اغلب

 

الاحام الشرعية بل جميعها إلاّ ما شذ قضايا حقيقته ([1]) واحكام مشروطة على تقدير وجود موضوعاتها ووقوعه بالجملة في العقود والايقاعات كالوصية

 

والتدبير والنذر والعهد واليمين مما لا اشكال فيه» .

وقال السيد الحكيم في نهج الفقاهة: «لا دليل على اعتبار الجزم بأي معنى فرض.. وان الرضا بشيء لا يتوقف على امكان حصوله فضلاً عن الجزم بوقوعه

 

فكما أن المنشأ يتعلق به الرضا كذلك المنشأ المعلق» .

وهذه بديهة لا تقبل الجدال فكلنا يرغب في وقوع اشياء لم تقع من الجزم بعدم وقوعها واذا لم يكن الجزم بترتب الاثر شرطاً لانعقاد العقد جاز أن ينعقد معلقاً

 

على احتمال ترتب الاثر في المستقبل .

___________________________________________

[1] للقضية اقسام منها القضية الطبيعية وهي ما يكون الحكم فيها على الطبيعة من حيث هي مثل الانسان نوع والقضية الحقيقية ما يكون الحكم فيها على

 

الطبيعة من حيث افرادها مثل الانسان صاحك فتشمل كل فرد من الانسان ما كان منه وما يكون وقضية خارجية وهي ما حكم فيها ابتداء على الافراد الموجودة

 

في الخارج بالفعل مثل غرق من في المركب وقتل من في المعركة والاحكام الشرعية كلها من نوح القضية الحقيقية فان قوله تعالى: اقيموا الصلاة خطاب لمن

 

وجد ومن سيوجد من المكلفين دون استثناء .

 

 

لا يتم العقد إلاّ بتوارد الايجاب والقبول على شيء واحد لأن اختلاف القبول ومغايرته للايجاب يعتبر رفضاً له قال الشيخ الانصاري: «لو اختلف الايجاب

 

والقبول في المضمون فاوجب البائع البيع على وجه وقبل المشتري على وجه آخر لم ينعقد لأن الرضا يجب أن يتعلق بنفس الايجاب.. ومثال عدم التوافق أن

 

يقول البائع: بعتك هذا بمئة فيقول المشتري: اشتريت بعشرة أو يقول: اشتريت نصفه بخمسين ونحو ذلك» .

 

 

كما يعتبر الايجاب إلى حين القبول وتوافقهما على شيء واحد كذلك يشترط ان يبقى كل من المتعاقدين على صفات الاهلية إلى تمام العقد فاذا خرج احدهما عن

 

الاهلية قبل الايجاب لم ينعقد قال الشيخ الانصاري: «من جملة الشروط في العقد ان يقع كل من ايجابه وقبوله في حال يجوز لكل واحد من المتعاقدين الانشاء

 

فلو كان المشتري في حال ايجاب البائع غير أهل للقبول أو خرج البائع حال القبول عن أهلية الايجاب لم ينعقد» .

أما السيد كاظم اليزدي فقد فرق بين فقد القابل للاهلية عند انعقاد العقد في الصورة الأولى وانعقاده في الصورة الثانية فاذا قال زيد لعمرو: بعتك هذا وكان

 

عمرو نائماً عند الايجاب ثم استيقظ وبعد أن أعلموه بالايجاب قال: قبلت لم يصح أما اذا نام زيد بعد ان اوجب البيع وقبل عمرو نام زيد صح وتم العقد .

 

 

جاء في مطاوي كلمات الانصاري فوائد وهو يتكلم عن بقاء أهلية كل من الموجب والقابل إلى أن يتم العقد .

من هذه الفوائد اذا أوصى شخص آخر ثم مات قبل أن يقبل الموصى له تمت الوصية لأنها ليست من العقود كي يكون القبول ركناً لها وانما هو شرط لتنفيذ

 

الوصية فقط لا لصحتها قال الشيخ محمد حسين الأصفهاني في حاشيته على المكاسب: الوصية ليست عقداً ولا ايقاعاً وانما هي برزخ بين الاثنين .

ومنها: اذا صدر الايجاب من الموجب فللطرف الثاني وهو الموجب له أن يقبل الايجاب أو يرفضه وكذلك للموجب أن يرجع عن ايجابه طالما لم يقترن بعد

 

بالقبول ومتى تم العقد فليس لأحد الفسخ والعدول إلاّ برضا الآخر.

ومنها: اذا انشأ شخص الايجاب مكرهاً وقبل الآخر لا يتم العقد بالبداهة ولكن اذا رضي وطابت نفسه بعد الاكراه صح العقد بالاجماع ويأتي التفصيل إن شاء

 

اللّه‏ عند الكلام في شروط المتعاقدين .

 

 

ذهب المشهور إلى أن صيغة العقد لا يصح انشاؤها بالاشارة والكتابة إلاّ مع العجز عن لانطق وخالف النراقي في ذلك قال في كتاب لامستند «تكفي الاشارة

 

المفهمة وكذا الكتابة سواء تيسر التكلم أو تعذر خلافاً للمشهور» .

والذي ليس فيه شك أن العرف يرى انعقاد العقد بالكتابة والاشارة وقد رأينا الناس ومنهم الفقهاء يرتبون الآثار عليهما كما يرتبونها على الاقوال بلا تفاوت

 

واذا تم العقد بهما في نظر العرف شملها قوله تعالى: أفوا بالعقودوما إليه من العموم .

 

 

والخلاصة ان الشارع قد نص على احكام البيع والاجازة والهبة وما إلى ذلك ولم ينص على تحديد معانيها فيتعين الرجوع في معرفتها الى العرف العام فكل ما

 

صدق عليه اسم من هذه الاسماء التي نص الشارع علي احكامها وجب ترتيب الآثار عليه حتى يثبت العكس بدون فرق بين أن يكون فعلاً أو قولاً أو اشارة أو

 

كتابة ولا بين اجراء الصيغة بالعربية أو غيرها ولا بين الجملة الاسمية أو الفعلية ولا بين تأخر القبول وتقدمه ولا بين الموالاة وعدمها ولا بين التنجيز

 

والتعليق أجل لا بد من توارد الايجاب والقبول على شيء واحد وايضاً يجب أن يكون القابل على تمام الاهلية عند ايجاب الموجب ولا يجب العكس أي

 

استمرار أهلية الموجب إلى حين القبول بل يكفي وجودها حين الايجاب فقط.

ومن الخير أن نختم هذا الفصل بما جاء في كتاب الحدائق مجلد 5 ص 66 و194 طبعة 1317 هـ «من الفقهاء من أوجب ان يكون لفظ الايجاب

 

والقبول بصيغة الماضي ومنهم من اوج قصد الانثاء ومنهم من أوجب تقديم الايجاب على القبول ومنهم من أوجب فورية القبول مع عدم الضرر بفصل النفس

 

والسعال ومنهم من أوجب العربية مع عدم المشقة إلى غير ذلك ولا دليل على شيء مما زعموا بأن الشارع عين كيفية خاصة بل المفهوم من كلمات أهل البيت

 

عليه‏السلامان كل ما دلّ على التراضي من‏الألفاظ فهو كاف في الصحة.. وعلى هذا جملة من محققي متأخري المتأخرين وبه جزم المحقق الأردبيلي والمحقق

 

الكاشاني والفاضل الخراساني والشيخ عبد اللّه‏ بن صالح البحراني والعلامة الشيخ سليمان وهو الظاهر عندي من اخبار العترة الأطهار. أما القول المشهور

 

بين الفقهاء فهو ليس بدليل شرعي في هذا الباب ولا في غيره من الأبواب» .