الأعضاء المخلوقة أفرادا و أزواجا و كيفية ذلك

 فكر يا مفضل في الأعضاء التي خلقت أفرادا و أزواجا و ما في ذلك من الحكمة و التقدير و الصواب في التدبير فالرأس مما خلق فردا و لم يكن للإنسان صلاح في أن يكون له أكثر من واحد أ لا ترى أنه لو أضيف إلى رأس الإنسان رأس آخر لكان ثقلا عليه من غير حاجة إليه لأن الحواس التي يحتاج إليها مجتمعة في رأس واحد ثم كان الإنسان ينقسم قسمين لو كان له رأسان فإن تكلم من أحدهما كان الآخر معطلا لا أرب فيه و لا حاجة إليه و إن تكلم منهما جميعا بكلام واحد كان أحدهما فضلا لا يحتاج إليه و إن تكلم بأحدهما بغير الذي تكلم به من الآخر لم يدر السامع بأي ذلك يأخذ و أشباه هذا من الأخلاط و اليدان مما خلق أزواجا و لم يكن للإنسان خير في أن يكون له يد واحدة لأن ذلك كان يخل به فيما يحتاج إلى معالجته من الأشياء أ لا ترى أن النجار و البناء لو شلت إحدى يديه لا يستطيع أن يعالج صناعته و إن تكلف ذلك لم يحكمه و لم يبلغ منه ما يبلغه إذا كانت يداه تتعاونان على العمل