الشفيع

الشفيع :

سبق أن الشفيع هو الذي يأخذ من المشتري بالشفعة، ويشترط فيه :

1 ـ أن يكون شريكاً في العين وقت البيع، فلا شفاعة لمستأجر، ولا لجار، ولا للشريك بعد القسمة، قال الإمام الصادق  عليه‏السلام: «الشفعة لا تكون إلاّ لشريك لم تقاسمه، وفي رواية ثانية: لا شفعة إلاّ لشريكين لم يقتسما.. وإذا ارفت الارف، وحددت الحدود فلا شفعة» والارف هي الحدود، وفي الحديث الشريف: «قضى رسول اللّه‏  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم بالشفعة ما لم تورف» أي ما لم يقتسم العقار، ويوضع الحد.. وسئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن الشفعة في الدور، أي شيء واجب للشريك؟ فقال: الشفعة في البيوع اذا كان شريكاً.

2 ـ أن يكون قادراً على دفع الثمن، ووفياً غير مماطل، ولا يمهل أكثر من ثلاثة أيام إلاّ إذا ادعى وجود ماله في بلد آخر، فانّه يؤجل بمقدار وصوله إليه، وزيادة ثلاثة أيّام، على شريطة أن لا يتضرر المشتري بسبب التأجيل، قال صاحب الجواهر: «لا أجد خلافاً بينهم في ذلك، ويدل عليه أن الإمام  عليه‏السلام سئل عن رجل طلب شفعة أرض، فذهب على أن يحضر المال، فلم يرجع، فكيف يصنع صاحب الارض إذا اراد بيعها؟ أيبيعها أو ينتظر مجيء شريكه صاحب الشفعة؟ قال الإمام  عليه‏السلام: ان كان معه في المصر فلينتظر به إلى ثلاثة أيّام، فان أتاه بالمال، وإلاّ فليبع، وبطلت شفعته في الأرض، وان طلب الأجل إلى أن يحمل المال من بلد آخر، فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلد، وينصرف وزيادة ثلاثة أيّام إذا قدم، فان وفاه وإلاّ فلا شفعتة .

3 ـ أن يكون الشفيع مسلماً إذا كان المشتري مسلماً، فغير المسلم تثبت له الشفعة على مثله، حتّى ولو كان البائع مسلماً، ولا تثبت له على مسلم، حتّى ولو كان البائع غير مسلم، وتثبت للمسلم اطلاقاً على المسلم وغير المسلم، واستدلوا على ذلك بقول الإمام الصادق  عليه‏السلام عن جده أمير المؤمنين  عليه‏السلام: «ليس لليهودي ولا للنصراني شفعة» .

4 ـ اجمعوا بشهادة صاحب الجواهر على أن الشفعة لا تثبت إذا تعدد الشركاء، وزاد الشفيع عن الواحد، واستدلوا عليه بالاضافة إلى ما سبق بقول الإمام  عليه‏السلام: ان زاد الشريك على اثنين فلا شفعة لأحد منهم .

5 ـ أن لا يأذن الشفيع بالبيع لشريكه، أو يرفض الشراء إذا عرض عليه، مع قدرته، وليس هذا من باب اسقاط ما لم يجب، بل هو مقتضٍ لعدم الثبوت على حد تعبير صاحب الجواهر نظير اجازة الوارث لما أوصى به مورثه قبل  موته فيما زاد عن الثلث، ويدل عليه أيضاً الحديث الشريف: «لا يحل أن يبيع، حتّى يستأذن شريكه، فان باع، ولم يأذن فهو أحق به». ومعنى هذا أنّه اذا اذن بالبيع فلا حق له، ويأتي البيان الأوفى .

6 ـ قال جماعة من الفقهاء: يشترط علم الشفيع بالثمن والمثمن معاً حين الأخذ بالشفعة، فلو قال: أخذت بالشفعة بالغاً ما بلغ الثمن لم يصح، لأن الشفعة في معنى المعاوضة، والجهل بالثمن يستدعي الغرر المبطل لها، تماماً كالشراء بثمن مجهول.

وذهب صاحب الجواهر وكثير من كبار الفقهاء إلى أنّه لا دليل من العقل والنقل على وجوب العلم بالثمن حين الأخذ بالشفعة، بل يكفي العلم به عن طريق البينة أو غيرها وقت الدفع، والغرر انما يبطل البيع فقط، لحديث: «نهى رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله ‏وسلم عن بيع الغرر» والحاق الشفعة بالبيع قياس باطل.. أجل، اذا تعذر العلم بالثمن حين الأخذ والدفع، بحيث لا يمكن العلم به بحال بطل الأخذ بالشفعة، لعدم امكان التسليم، ومثل له صاحب الشرائع والجواهر بأن يقول المشتري: نسيت مقدار الثمن، ويصدقه الشفيع .