الحادي عشر صاحب الزمان وهو أمور

1 - قالت حكيمة: قرأت على أمه نرجس وقت ولادته التوحيد، والقدر وآية الكرسي، فأجابني من بطنها بقراءتي ثم وضعته ساجدا إلى القبلة فأخذه أبوه وقال: انطق بإذن الله فتعوذ وسمى وقرأ (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) الآيتين(3) وصلى على محمد وعلي وفاطمة والأئمة واحدا

____________

 (3) القصص: 5 و 6.

الصفحة 210 

واحدا باسمه إلى آخرهم وكان مكتوبا على ذراعه الأيمن (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا(1)) قالت حكيمة: دخلت بعد ولادته بأربعين يوما فإذا هو يمشي فلم أر أفصح من لغته.

2 - نسيم ومارية قالتا: لما سقط من بطن أمه، سقط جاثيا رافعا سبابتيه إلى السماء قائلا كلما يعطس: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله، زعمت الظالمون أن حجة الله داحضة.

3 - قال طريف عن نضر الخادم: دخل على الإمام وهو في المهد فقال: أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي.

4 - جاء كامل المدني يسأل العسكري عن مقالة المفوضة قال: فلما وصلت قلت في نفسي: أرى أنه لن يدخل الجنة إلا أهل المعرفة ممن عرف معرفتي فخرج فتى إلينا ابن أربع سنين ونحوها، فقال: مبتدئا باسمي: جئت تسأل عن أنه هل يدخل الجنة إلا من قال بمقالتك؟ قلت: نعم، قال: إذا يقل داخلها، والله ليدخلنها قوم يقال لهم الحقية يحلفون بحق علي ولا يعرفون حقه، وجئت تسأل عن مقالة المفوضة: كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله، قال: فنظر إلي العسكري وقال:

ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجة من بعدي، وأسند ذلك جعفر بن محمد إلى محمد بن أحمد الأنصاري قال أبو نعيم: وحدثني كامل بذلك ورواه أيضا أحمد بن علي برجاله إلى أبي نعيم.

5 - لما مات العسكري عليه السلام بعث المعتضد ثلاثة نفر يكبسوا داره، ومن لقوه فيها يأتونه برأسه، ففعلوا فدخلوا الدار فرأوا سردابا وفي ذلك السرداب ماءا ورجلا على الماء يصلي على حصير، ولم يلتفت إلينا، فسبق أحمد بن عبد الله فطفر إليه فهم أن يغرق فخلصوه وطفر آخر فكان كذلك، فخلصوه، فانتهروا وعادوا إلى المعتضد فاستكتمهم.

6 - بعث إليه يعقوب الغساني بعشرة دراهم فرد [ ها ] إليه وقال: أعطنا

____________

(1) الإسراء: 81.

الصفحة 211 

منها الستة الرضوية، وضع بدلها في الموضع الذي نذرت قال: وكنت نذرت أن أضع عشرة في مقام إبراهيم يأخذها من أراد الله.

7 - محمد بن مهزيار(1) حمل أبي مالا وأخرجني معه فضعف في الطريق، فقال لي: يا بني ردني فهو الموت، واتق الله في هذا المال، فمات فقدمت العراق فقمت أياما على الشط كاتما أمري وإذا برسول معه رقعة: يا محمد معك كذا وكذا، و قص جميع ما جرى فسلمت إليه المال وبقيت أياما مغتما فخرج إلي: أقمناك مقام أبيك فأحمد الله.

8 - أخبر علي بن زياد أنه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له كفنا.

9 - عن بدر غلام أحمد بن الحسن قال: لما مات يزيد بن عبد الملك أوصى إلي أن: أدفع الشهري والسمند والسيف والمنطقة إلى مولاه، فقومتها في نفسي بسبع مائة دينار، ولم أطلع أحدا فإذا الكتاب من العراق: وجه بالسبعمائة دينار التي لنا قبلك عن الشهري والسمند والسيف والمنطقة.

10 - يوسف بن أحمد الجعفري: انصرفت من الحج إلى الشام فنزلت أصلي فرأيت أربعة في محمل فتعجبت منهم فقال لي أحدهم: تركت صلاتك، قلت: وما أعلمك بذلك مني قال: أتحب أن ترى صاحب زمانك؟ قلت: إن له علامات قال:

فرأيت الجمل وما عليه يرتفع إلى السماء.

11 - قال الصفواني: رأيت القاسم بن العلا وقد عمر مائة وسبع عشرة سنة وقد ورد إليه رسول صاحب الأمر فيه نعيه، وموته بعد أربعين يوما، وأنه سيصح بصره قبل موته بسبعة أيام وكان قد عمي دهرا.

وكان له صديق ناصبي فقرأ عليه الكتاب وقال: إن الله تعالى قال: (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت(2)) وقال: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول)(3) ومولاي هو المرتضى

____________

(1) في الكافي محمد بن علي بن مهزيار راجع ج 1 ص 518.

(2) لقمان: 34.

(3) الجن: 26.

الصفحة 212 

من الرسول فإذا مت في غير ذلك فاعلم أني لست على شئ وإن مت فيه فانظر أنت لنفسك. فورخوا اليوم وصحت عيناه قبله بسبعة أيام، وشجاع ذلك فأتته العامة و قاضي القضاة ينظرون إليه صحيحا ثم كتب وصيته بيده، ومات في ذلك اليوم فتشيع صديقه المذكور، ورأيت نحو ذلك أيضا منقولا من كتاب العيبة للطوسي.

12 - قال أبو سورة وكان من مشايخ الزيدية بالكوفة: خرج شاب حسن الوجه من عند قبر الحسين عليه السلام إلى البرية فتبعته فقال: مر بنا فنمنا وانتبهنا فإذا نحن بمسجد السهلة فقال: هذا منزلي فحفر بيده فنبع الماء فتوضأ وصلى ثم قال: ادخل الغري وقل للزراري يعطيك صرة من تحت رجل السرير بعلامة كذا ومغطاة بكذا، فإنه يخرج إليك ويده ملطخة بدم الأضحية، فقلت: من أنت قال: محمد ابن الحسن.

فرجعت إليه فخرج إلي كما ذكر فقلت له: شاب صفته كذا وكذا يقول لك كذا وكذا، فمسح يده على وجهه وأعطاني الصرة فتشيعت وبرئت من الزيدية.

13 - قال الضرير: حضرت مجلس عمي الحسين فزريت على الناحية فقال لي: كنت مثلك إلى أن ولاني السلطان قما، وكان كلما بعث إليها واليا حاربته أهلها، فلما سرت عرض لي طريدة فأوغلت في أثرها فطلع علي فارس تحته شهباء فسماني فقلت: ما تريد؟ قال: لم تزري على الناحية، ولم تمنع أصحابي خمسك؟

فارتعدت منه وقلت: لا أعود، فقال: إنك تدخل قما عفوا فامض راشدا ثم ولى فتفقدته يمينا وشمالا فلم أره فرجعت وأتيت البلدة فقال لي أهلها: كنا نحارب من يجيئنا فأما إذا أتيت أنت فلا خلاف بيننا، فأقمت بها زمانا واكتسبت منها مالا فوشي بي فعزلت إلى بغداد، فدخلت علي الناس ومنهم العمري فلما خلا بي قال: صاحب الشهباء يقول: قد وفينا ما وعدنا، ففتحت له الخزائن فدخل وأخذ خمسها وانصرف.

قال الضرير فلما حدثني عمي بذلك تحققت الأمر وزال عني الشك.

الصفحة 213 

14 - عن أبي القاسم قال: حججت في السنة التي أمرت القرامطة فيها برد الحجر إلى مكانه؟، فكان أكبر همي مشاهدة من يضعه، فمرضت في الطريق فاستنبت معروف بن هشام، وأعطيته رقعة أسأله فيها عن مدة عمري.

قال معروف: فكلما وضعه شخص لم يستقر، فوضعه شاب أسمر، فاستقر وانصرف فتبعته أخراه وهو يمشي ولم ألحقه، فالتفت إلي وقال: هات الرقعة فناولته إياها فقال من غير أن ينظر فيها: لا عليه من هذه العلة بأس وسيكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة، فكان كما قال.

15 - قال أبو محمد الدعجلي: رأيته عليه السلام بالموقف فقال يوشك أن تذهب عينك هذه بعد أربعين يوما فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت.

16 - حمل أحمد بن إسحاق إلى العسكري عليه السلام جرابا فيه صرر، فالتفت عليه السلام إلى ابنه وقال: هذه هدايا موالينا، فقال الغلام: لا تصلح، لأن فيها حلالا و حراما، فأخرجت، ففرق بينها وأعلم بكمية كل صرة قبل فتحها.

17 - أخبر الإمام عليه السلام الأسترآبادي بأن معه خرقة خضرة فيها ثلاثون دينارا منها واحد شامي فقال: هاتها فأخرجها فكانت كما قال 18 - قال أبو الرجاء المصري: خرجت في طلب الإمام بعد مضي أبيه، فقلت في نفسي: لو كان شئ لظهر بعد ثلاث سنين، فسمعت صوتا ولا أرى شخصا: يا نصر بن عبد ربه قل لأهل مصر: هل رأيتم رسول الله فآمنتم به؟ قال: وما كنت أعلم أن اسم أبي عبد ربه.

19 - قال أحمد بن أبي روح: دفعت إلي امرأة من أهل دينور كيسا مختوما وقالت: لا تحله ولا تؤديه إلا إلى من يخبرك بما فيه، وفيه قرطي وثلاث حبات لؤلؤ، ويخبرك قبل سؤالك ممن استقرضت أمي عشرة دنانير لأدفعها إليه، فحملت ذلك وجئت إلى باب العسكري عليه السلام فخرج خادم برقعة فيها أودعتك عاتكة بنت الديراني كيسا وفيه كذا وكذا، والدنانير التي استقرضتها أمها لكلثم بنت أحمد وهي ناصبية، فلتفرق العشرة في ضعفاء إخوانها.

الصفحة 214 

20 - قال العمري: أنفذ إلي رجل مالا فرده، وقال: أخرج حق ولد عمك منه، وهو أربعمائة فتعجب الرجل، وحسب فوجد ذلك فيه، ثم قبله عليه السلام.

21 - دفع المهدي إلى الأودي حصاة فكشف عنها وإذا هي سبيكة ذهب فقال: قد ثبتت عليك الحجة أتعرفني؟ قلت: لا، قال: أنا المهدي أملاها عدلا كما ملئت ظلما، وهذه أمانة في رقبتك تحدث بها إخوانك.

وسيأتي له عليه السلام كرامات أخر في الباب التالي لهذا الباب.

فهذه قطرة من بحر معاجزهم، وشذرة من عقد جواهرهم، أخذتها من كتاب الخرائج والجرائح للإمام سعيد بن هبة الله الراوندي وغيره، فمن أراد الزيادة على ذلك فعليه بكتابه المذكور، على أنه ذكر فيه أنه أضرب من تعداد معاجز ونوادر خوفا من إضراب الناظر.

تذنيب:

اشتملت الأئمة المذكورون على الأعلام الخلقية، وبلغوا فيها غاية لم تكن لأحد من البرية، في زهد، وعلم، ورأفة، وتواضع وحكم، ووفاء، ونجدة وصدق، وكرم، وصمت، ونطق، ومنشاء، وعفو، وحسن سيرة، لم يكن فيهم فض، ولا غليظ القلب، ولا فحاش، ولا مهذار، ولا صخاب، ولا كذاب، ولم يوجد أحد منهم فارغا بل في عبادة، واجتهاد، وهداية، وسداد، ومعونة أرملة وإصلاح ذات بين، وخصف نعل مسكين، يمدحهم المنافق والحاسد، ويثني عليهم المارق والجاحد، قد تسربلوا على الفضائل، وتغربلوا من أدنى الرذائل.

 

ليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد

 

ولما من الله علي بهدايتهم حسن مني أن أتمثل بقول بعضهم في ولايتهم:

 

يلومني في هوى أبناء فاطمة    قوم وما عدلوا في الله إذ عذلوا

واليت قوما تميد الأرض إن ركبوا       وتطمئن وتهدأ إذ هم نزلوا

إن يغضبوا صفحوا أو يوهبوا سمحوا    أو يوزنوا رجحوا أو تحكموا عدلوا

يوفون إن نذروا يعفون إن قدروا         وإن يقولوا مقالا يرتضى فعلوا

 

الصفحة 215 

 

إن خفت في هذه الدنيا بحبهم فما علي غدا خوف ولا وجل

 

وأمتثل بقول دعبل الخزاعي الساعي في مدائحهم بأفضل المساعي.

 

فيا وارثي علم النبي محمد       عليكم سلام دائم النفحات

لقد أمنت نفسي بكم في حياتها          وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي

 

* (تتمة:) *

 

لما انتهت بي الحال إلى هذا المقال، أحببت أن أنور كتابي بتواريخ هذه الأقيال(1) ومناصع مواليدهم، ومواضع قبورهم، فاخترت ما ارتجزه السيد الحسيب النسيب، ذو المجد السديد، حسين بن شمس الحسيني أيد الله فضله وأبد نبله:

 

قال أبو هاشم في بيانه  ولفظه يخبر عن جنانه

الحمد لله على الإيمان  بالمصطفى والآل والقرآن

عليهم الصلاة والسلام  ما غردت بأيكة حمام

وبعد فاسمع ثم سد الخللا       فجل من لا عيب فيه وعلا

لقد حداني من له أطيع لنظم تاريخ له أذيع

فهاك تاريخ النبي المصطفى    وآله المطهرين الخلفا

فمولد النبي عام الفيل   بمكة والحرم الجليل

وفاته حادي عشر هجرته        بطيبة وهي محل تربته

ومولد الوصي أيضا في الحرم   بكعبة الله العلي ذي الكرم

من بعد عام الفيل في الحساب عشر وعشرين بلا ارتياب

وفاته بالهجرة المعروفة عام أربعين قبره بالكوفة

ومولد الزكي نجل الزهرة        بطيبة ثاني عام الهجرة

وقبره بها على يقين     نعم وفيها مولد الحسين

وعمره ثمان أربعونا     وصح أن الموت في الخمسينا

ومولد الحسين في ربيع          لثالث من هجرة الشفيع

 

____________

(1) الأقيال هو السيد المالك لأمور رعيته.

الصفحة 216 

 

حادي وستين قضى الشهيد     بكربلا تزوره الوفود

ومولد السجاد في شعبان         ثامن ثلاثين لذي البيان

ميلاده مدينة الرسول    حبيب رب ملك جليل

وفاته في الخمس والتسعينا      وفي البقيع قبره يقينا

وباقر العلم ولد بطيبة    وقبره بها بغير ريبة

وسابع الخمسين من شهر صفر مولده، وفاته الرابع عشر

بعد تمام مائة هجرية    وهذه رواية قوية

وطيبة مولد نجل الباقر  ثالث ثمانين سني الهاجر

وفاته ثامن وأربعينا      ومائة معدودة سنينا

وقبره بجانب البقيع     مجاورا لجده الشفيع

ومولد الكاظم بالأبواء    ثامن وعشرين على استواء

ومائة من قبلها هجرية  ثالث ثمانين بها المنية

وقبره بجانب الزوراء    من أرض بغداد بلا مراء

ومولد الرضا سليل الزهرة        مدينة الرسول دار الهجرة

مولده ثمان وأربعينا     ثالث وميتين الوفا يقينا

وقبره في سناباد طوسا  حل بها مقدسا تقديسا

ومولد الجواد بعد المائة لخامس التسعين في الرواية

ميلاده بأفضل البقاع     مدينة الرسول خير داع

والقبض عشرين ومائتين        والقبر في الزورا بغير مين

ثم علي هادي الأنام     ميلاده مدينة التهامي

ثاني عشر مائتي سنينا  وفاته في رابع الخمسينا

والعسكري ميلاده المدينة       مدينة المصحوب بالسكينة

ثاني ثلاثين ومائتين     والقبض ستين ومائتين

 

الصفحة 217 

 

وسر من رأى مكان القبر        كذاك والده عظيم الفخر

ومولد المهدي في شعبان        خمس وخمسين ومائتان

في سر من رأى بدار العسكري ونرجس الأم بقول الأكثر

تمت تواريخ الهداة الطاهرة      مشفوعة بالصلوات الفاخرة

نظم الفقير المذنب الحسيني    راجي عفو الله في الدارين

ثم شفاعة النبي الهادي  وآله خلاصة العباد