العاشر العسكري عليه السلام وهو أمور

الصفحة 206 

 

1 - لما مضى الهادي عليه السلام قام العسكري بتغسيله وإصلاح شأنه، فأخذ بعض الخدم شيئا من ماله، فلما تفرغ أحضرهم وأعلم كل واحد بما قد أخذ، فاعترفوا وأحضروه.

2 - قال الجعفري: ركبت يوما مع العسكري فافتكرت في قضاء ديني فانحنى على سرجه وخط بسوطه ثم قال لي: انزل فخذ واكتم، فنزل فإذا سبيكة ذهب جاءت على وفق دينه من غير نقيصة، ففكر في شؤونه فنزل فإذا سبيكة فضة فكانت على وفق نفقته بالاقتصاد.

3 - أحمد بن جعفر حججت من جرجان فحمل معي مال فوافيت الإمام عليه السلام بسر من رأى فقلت في نفسي: لمن أسلمه؟ فابتدأني وقال عليه السلام: سلمه لخادمي ثم قال: إنك تحج وترجع سالما أول نهار الجمعة لثلاث من ربيع الآخر، فإذا رجعت فأعلم أصحابك أني أوافيهم في ذلك النهار، قال: فلما رجعت في الوقت الذي ذكره أعلمتهم فتهيئوا له، فقدم وقال عليه السلام: صليت الظهر [ ين اليوم ] بسر من رأى فأول من سأله النضر بن خالد في بصره فمسح عليه فبرأ.

4 - قال علي بن محمد: سألت الإمام الحاجة فأعطاني مائة دينار وقال: إنك قد دفنت مائتي دينار، وستحرمها أحوج ما تكون إليها، فأخذه ابني وهرب بها.

5 - دخل عليه رجل يماني جسيم فقال عليه السلام: هذا من لد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع فيها آبائي بخواتيمهم، ثم أخذ الحصاة فطبعها بخاتمه.

وصاحبات الحصاة ثلاث هذه هي أم غانم والثانية حبابة الوالبية والثالثة أم سليم.

6 - كتب إلى أحمد بن طاهر أني نازلت الله في هذا الطاغي يعني المستعين، و هو آخذه بعد ثلاث، فقتل كما قال عليه السلام.

الصفحة 207 

7 - قال الحسن بن طريف كتبت إليه أسأله بما يحكم القائم؟ وكنت أردت أن أكتب له عن حمى الربع فنسيت، فكتب عليه السلام (يحكم بعلمه) واكتب للحمى الربع في ورقة (يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) ففعلت فزالت.

8 - قال علي بن زيد: كان لي فرس جميل فقال لي الإمام عليه السلام: استبدل به قبل المساء إن قدرت، فشححت به، فمات في العتمة، فدخلت عليه وقلت في نفسي: لو أخلف علي، فابتدأني عليه السلام وقال: نعم نخلف عليك وأعطاني برذونا.

9 - قال الجعفري: شكوت إليه الحبس فكتب إلي أنت تصلي الظهر في منزلك فكان كما قال: فأردت أن أطلب منه معونة، فاستحييت فبعث إلي بمائة دينار وكتب: إذا كانت لك حاجة فلا تستحي واطلبها.

10 - كلم غلمانه بلغاتهم ولهم ألسن مختلفة، فتعجب بصير الخادم في نفسه فقال له: إن الله يبين حجته في خلقه، وأعطاه معرفة كل شئ.

11 - قال ابن الفرات: كنت أشتهي الولد فمر بي الإمام عليه السلام فقلت: تراني أررق ولدا؟ فقال عليه السلام برأسه: نعم، فقلت: ذكر؟ فقال عليه السلام برأسه: لا، فولد لي أنثى.

12 - أخبر عليه السلام المحمودي أنه سيولد له ذكرانا فولد له أربعة.

13 - أتى شاب من المدينة من ولد أبي ذر ليرى الإمام عليه السلام ويسمع منه فخرج عليه السلام على الناس فنظر إليه وقال: غفاري أنت؟ قال: نعم، قال: ما فعلت أمك حمدونة؟ قال: صالحة.

14 - قال ابن الفرات كانت لي على ابن عمي عشرة آلاف درهم قد منعنيها فكتبت إلى الإمام عليه السلام أسأله الدعاء فكتب: إنه سيرد عليك مالك، وهو ميت بعد بجمعة، فرده فقلت: مالك؟ قال: رأيت أبا محمد في النوم فقال: دنا أجلك فرد مال ابن عمك.

15 - استسقى المسلمون فلم يسقوا، فخرج راهب نصراني فسقوا فشك الناس فبعث المتوكل إلى الإمام: إلحق أمة جدك فخرج عليه السلام وأخذ من يد الراهب

الصفحة 208 

عظما، وقال: استسق الآن وكان السماء غيما فتقشع فسأله المتوكل فقال: هذا عظم نبي ما انكشف إلا وهطلت السماء.

16 - خرج الإمام عليه السلام على جماعة فرفع قلنسوته ووضعها، وضحك في وجه واحد منهم فقال: أشهد أنك حجة الله، قالوا: ما شأنك؟ قال: كنت شاكا فيه فقلت في نفسي: إن أخذ القلنسوة من رأسه قلت بإمامته.

17 - دخل علي بن زيد ثم نهض فلم يتكلم، فقال له: لا بأس على منديلك هي مع أخيك، قال: وكانت سقطت مني فوجدتها عند أخي.

18 - محمد بن الربيع: دخل في قلبي شئ من مقالة الثنوية فنظر إلي الإمام وقال: أحد أحد.

19 - قال أبو العينا(1): ربما دخلت على الإمام فأعطش فأجله عن الماء فيقول: يا غلام اسقه الماء، وربما حدثني نفسي بالنهوض فيقول: آته بدابته.

20 - قال الأقرع: قلت في نفسي: الاحتلام شيطنة فكتبت إلى الإمام عليه السلام أسأله عن الاحتلام فورد الجواب: أعاذ الله الأئمة من لمة الشيطان كما حدثتك نفسك، وحالهم في النوم كاليقظة لا يغير النوم منهم شيئا.

21 - محمد بن عبد العزيز: رأيت الإمام عليه السلام فقلت في نفسي: أصيح (أيها الناس هذا حجة الله عليكم) فوضع سبابته على فمي وأشار إلي أن: اسكت.

22 - قال الحجاج العبدي خرجت إلى البصرة وابني ضعيف، فكتبت إلى الإمام أسأله الدعاء له، فكتب إلي: رحمه الله إن كان مؤمنا، فورد كتاب من البصرة أنه مات يوم كتب الإمام، وكان قد شك في إمامته.

23 - وقع الإمام وهو طفل في بئر وأبوه يصلي، فصاح النسوان فلما فرغ من صلاته قال: لا بأس عليه، فرأوه وقد ارتفع الماء به إلى رأس البئر.

24 - ذرق الخفافيش على قبور العباسيين وغيرهم، ولا يرى ذلك في قباب الأئمة عليهم السلام فضلا عن قبورهم، إلهاما من الله لإجلالهم.

____________

(1) هو مولى عبد الصمد بن علي عتاقة، كذا في الكافي.

الصفحة 209 

25 - دخل الإمام عليه السلام على بعض مواليه فقال: لولا أن فيكم رجلا ليس منكم لأعلمتكم متى فرجكم؟ وكان فيهم رجل جمحي، فلما خرج أشار إليه وقال:

في ثيابه قصة يخبر فيها السلطان بما تقولون فيه، ففتشوه فأخذوها منه كما قال عليه السلام.

26 - يوسف بن محمد وعلي بن بشار: كان الوالي في وقت يعظم الإمام فدخل عليه بمكتوف وقال: وجدته على باب حانوت فهممت بضربه فصاح أني من شيعة علي، فكففت عنه، فهل هو كذلك؟ فقال عليه السلام: لا، فأمر بضربه فكانت العصا لا تصيبه فجاء به الوالي إلى الإمام وقال: رأيت عجبا، فقال: هو لنا محب إن شيعتنا يتبعون جميع أمرنا.

27 - قال أبو هاشم قلت في نفسي: أطلب من الإمام فضة أصوغها خاتما أتبرك به، فنسيت فلما أردت النهوض رمى إلي خاتما وقال: أردت فضة فأعطيناك خاتما.

28 - قال أبو هاشم: سمعت الإمام عليه السلام يقول: إن الله تعالى ليعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر ببال العباد، حتى يقول المشركون: (والله ربنا ما كنا مشركين(1)) قال: فذكرت في نفسي ما كان قاله رجل لي (إن الله يغفر الشرك) فقال الإمام عليه السلام: (إن الله لا يغفر أن يشرك به)(2) بئس ما قال الرجل.

____________

(1) الأنعام: 23

(2) النساء: 48 و 116.