الباب في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنه الخليفة بعده وأن الخلفاء بعد علي (عليه السلام) بنوه الأحد عشر، وهم الأئمة الاث

الصفحة 224 

والخلفاء من طريق العامة مضافا إلى ما تقدم من النص في ذلك في الباب الثاني عشر

وفيه تسعة وعشرون حديثا

الأول: من مسند أحمد بن حنبل رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه قال: حدثنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة، قال: حدثنا أبو بلج، قال: حدثنا عمرو بن ميمون، قال: إني لجالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا بن عباس إما أن تقوم معنا وإما أن تخلو بنا عن هؤلاء، قال ابن عباس: بل أقوم معكم - وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى - قال: فانتدؤا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا، فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف وقعوا في رجل له عشر (خصال) وقعوا في رجل قال له النبي (صلى الله عليه وآله): " لأبعثن رجلا لا يخزيه الله أبدا، يحب الله ورسوله " - قال فاستشرف لها من استشرف، قال: أين علي؟ قالوا: هو في الرحا يطحن، قال: وما كان أحدكم ليطحن، قال فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر فتفل في عينيه(1) ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها إياه، فجاء بصفية بنت حيي قال: ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث عليا(2) فأخذها منه وقال: " لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه "، أو قال يواليني، وقال لبني عمه: " أيكم يواليني في الدنيا والآخرة "، قال وكان أول من آمن من الناس(3). وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثوبه فوضعه على علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(4) قال: وشرى علي نفسه، لبس ثوب النبي (صلى الله عليه وآله) ثم نام مكانه، قال: فكان المشركون يتوهمون أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله)(5) فجاء أبو بكر وعلي نائم، قال وأبو بكر: يحسب

____________

(1) في المصدر: قال: فنفث في عينيه.

(2) في المصدر: فبعث عليا خلفه.

(3) في المصدر: وقال لبني عمه: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة قال: وعلي معه جالس فأبوا، فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، قال: أنت وليي في الدنيا والآخرة، قال فتركه ثم أقبل على رجل منهم فقال: أيكم يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا قال: فقال علي: أنا أواليك في الدنيا والآخرة، فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة، قال: وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة.

(4) الأحزاب: 33.

(5) في المصدر: وكان المشركون يرمون رسول الله.

الصفحة 225 

أنه نبي الله، قال: فقال له علي: " إن نبي الله (صلى الله عليه وآله) قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه "، قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله وهو يتضور وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه فقالوا كان صاحبك نرميه فلا يتضور(1) وقد استنكرنا ذلك، قال: وخرج بالناس في غزوة تبوك قال: فقال له علي أخرج معك، قال: فقال له نبي الله: " لا "، فبكى علي فقال له: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي "، قال: وقال له رسول الله: " أنت ولي كل مؤمن ومؤمنة "(2) قال: وسدوا أبواب المسجد غير باب علي قال: ودخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره، قال: وقال: " من كنت مولاه فإن عليا مولاه "(3).

الثاني: من المسند أيضا، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال، عن عباد ابن عبد الله الأسدي، عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *(4) جمع النبي (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا، قال، فقال لهم: " من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة ويكون خليفتي في أهلي "، فقال رجل: - لم يسمه شريك - يا رسول الله أنت كنت بحرا من يقوم بهذا؟ قال: ثم قال الآخر. قال: فعرض ذلك على أهل بيته فقال علي رضي الله عنه: " أنا "(5).

الثالث: عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي - رضي الله عنه -.

قال عبد الله: وحدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا شريك، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الأسدي، عن علي (عليه السلام) قال: " لما نزلت * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *، دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأربعين رجلا من أهل بيته إن الرجل منهم ليأكل جذعة، وأن شاربا

____________

(1) في المصدر: فقالوا: إنك للئيم، كان صاحبك نراميه فلا يتضور وأنت تتضور.

(2) في المصدر: أنت وليي في كل مؤمن بعدي.

(3) مسند أحمد بن حنبل: 1 / 331 ط 1398 هـ بيروت.

وأخرجه الحاكم النيسابوري الشافعي في مستدرك الصحيحين: 3 / 132، والذهبي في تلخيص المستدرك (ذيل المستدرك): 3 / 132، والحافظ محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ص 87.

(4) الشعراء: 214.

(5) مسند أحمد بن حنبل: 1 / 111.

الصفحة 226 

فرقا(1)، فقدم إليهم فأكلوا حتى شبعوا فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي؟ فعرض ذلك على أهل بيته فقال علي: أنا! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

علي يقضي عني ديني وينجز مواعيدي "، ولفظ الحديث للحماني وبعضه لحديث أبي خيثمة(2).

الرابع: عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا أحمد المقدام العجلي، قال: حدثنا الفضيل بن عياض، قال: حدثنا ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان، عن سلمان، قال: سمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزءين فجزء أنا وجزء علي "(3) - تمام الخبر - ففي النبوة وفي علي الخلافة.

لم يذكره أحمد ومر ذكره من طريق ابن المغازلي من كتاب الفردوس للديلمي(4).

الخامس: من تفسير الثعلبي في تفسير سورة الشعراء، قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *(5) قال: أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا موسى ابن محمد، حدثنا الحسن بن علي بن شبيب(6) العمري، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا علي بن هاشم، عن صباح بن يحيى المزني، عن زكريا بن ميسرة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب قال: لما نزلت:

* (وأنذر عشيرتك الأقربين) * جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس(7) فأمر عليا برجل شاة فأدمها ثم قال: " أدنوا بسم الله ". فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب(8) من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم: " اشربوا بسم الله ". فشربوا حتى رووا فبدرهم أبو لهب فقال: هذا ما سحركم به الرجل فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) يومئذ ولم يتكلم.

____________

(1) في المصدر: أن كان الرجل منهم لأكل جذعة، وأن كان شاربا فرقا.

(2) فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) تأليف أحمد بن حنبل، فضائل الصحابة: 2 / 650 / ح 1108 و 1196 بنحوه.

(3) إلى هنا في الفضائل.

(4) فضائل الصحابة ابن حنبل: 2 / 662 ح 1130، وترجمة علي بن أبي طالب وتاريخ دمشق: 1 / 101 / ح 186.

(5) الشعراء: 314.

(6) في بعض المصادر: شعيب.

(7) المسن: بضم الميم من الدواب، الكبير السن: والعس. بضم العين، القدح أو الإناء الكبير.

(8) القعب: القدح الضخم، الغليظ.

الصفحة 227 

ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم أنذرهم رسول الله فقال: " يا بني عبد المطلب! إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير لما يحبه أحدكم، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوا تهتدوا، ومن يواخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي(1) وخليفتي في أهلي ويقضي ديني، فأمسك القوم "، فأعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي: " أنا "، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك، فقد أمر عليك(2)(3).

السادس: من مناقب الفقيه أبي الحسن بن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الأخباري، قال: حدثنا علي ابن محمد العدوي الشمشاطي، قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا، قال:، حدثنا أحمد بن المقدام العجلي، قال: حدثنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن زاذان، عن سلمان، قال: سمعت حبيبي محمدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل يسبح الله عز وجل ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بألف عام، فلما خلق الله آدم ركب ذلك النور في صلبه فلم يزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب: ففي النبوة وفي علي الخلافة "(4).

السابع: أبو الحسن بن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد ابن عثمان، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن سليمان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد العكبري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عنان الهروي(5) قال: حدثنا جابر بن سهل بن عمر بن حفص، قال: حدثنا أبي،

 

____________

(1) في كفاية الطالب: ووصيي بعدي.

(2) في كفاية الطالب: فقد أمر علينا وعليك.

الحديث رواه عن الثعلبي الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب ص 205 - 206 ط النجف الأشرف، وجمال الدين الزرندي في نظم درر السمطين بتغيير يسير في لفظ.

ورواه غير واحد من الأئمة وحفاظ الحديث، راجع صورة ألفاظه في كتاب الغدير: 2 / 278. ط إيران.

(3) ترجمة الإمام علي في تاريخ دمشق: 1 / 97 / ح 2133، تفسير الثعلبي (قيد الطبع) من سورة الشعراء آية 314.

(4) المناقب لابن المغازلي ص 87 - 88، ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 315، والذهبي في ميزان الاعتدال: 1 / 235 عن الحافظ ابن عساكر، وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة ص 52. ط النجف الأشرف، عن الإمام أحمد، ومر الحديث بسنده ولفظه في ص 20 - 21 من هذا الجزء.

(5) في المصدر: عبد الله بن محمد بن أحمد بن عثمان، حدثنا محمد بن عتاب الهروي.

الصفحة 228 

عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي ذر قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " كنت أنا وعلي نورا عن يمين العرش يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بأربعة عشر ألف عام، ولم أزل وعلي(1) في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب "(2).

الثامن: ومن مناقب أبي الحسن بن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا إبراهيم(3) ابن محمد بن خلف الجماري السقطي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد، قال: حدثنا أبو الفتح أحمد بن الحسن بن سهل المالكي المصري الواعظ بواسط في القراطيسيين، قال: حدثنا سليمان بن أحمد المالكي، قال: حدثنا أبو قضاعة ربيعة ابن محمد الطائي، حدثنا ثوبان، عن داود(4)، حدثنا مالك ابن غسان النهشلي، حدثنا ثابت، عن أنس، قال: انقض كوكب على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " انظروا إلى هذا الكوكب فمن انقض في داره فهو الخليفة من بعدي "، فنظروا فإذا هو قد انقض في منزل علي، فأنزل الله تعالى: * (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) * "(5).

التاسع: أبو الحسن بن المغازلي أيضا وبالإسناد المقدم قال: أخبرنا الحسن ابن أحمد بن موسى الغندجاني قال: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد، قال: حدثنا إسماعيل ابن علي(6)، قال: حدثني عبد الغفار بن جعفر قال: حدثني جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبي ذر الغفاري - رحمة الله عليه - قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر، وقد حارب الله

____________

(1) في المصدر: فلم أزل أنا وعلي.

(2) المناقب لابن المغازلي: 89 - 88، وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل في (فضائل أمير المؤمنين)، وأخرجه الخوارزمي الحنفي في المناقب ص 87 ط تبريز، عن سلمان، وفي ص 46 - 47، عن ابن عمر، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب ص 315 ط النجف الأشرف، والشيخ عبيد الله في أرجح المطالب ص 459، و 462 و 461، والحمويني الشافعي في فرائد السمطين، والذهبي في ميزان الاعتدال: 2 / 235 ط القاهرة وابن حجر في لسان الميزان: 2 / 229، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 10، وموفق بن أحمد الخوارزمي في مقتل الحسين:

1 / 42 و 50، والصفوري في نزهة المجالس: 2 / 230، ومحمد صالح الكشفي في المناقب المرتضوية ص 92.

(3) في المناقب لابن المغازلي: أبو البركات إبراهيم.

(4) في المناقب لابن المغازلي: ثوبان ذي النون.

(5) النجم: 1 - 4، والديث أخرجه ابن المغازلي في المناقب ص 266، ط طهران، والذهبي في ميزان الاعتدال ج 2 / 45، وابن حجر في لسان الميزان: 2 / 449.

(6) في المصدر: إسماعيل بن علي، قال: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا عبد الغفار.

الصفحة 229 

ورسوله، ومن شك في علي فهو كافر "(1).

العاشر - من كتاب الفردوس لابن شيرويه الديلمي في باب الخاء قال: بإسناده، عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله تعالى آدم ركب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الخلافة "(2).

الحادي عشر: موفق بن أحمد - أحد أعيان علماء العامة - في كتاب فضائل أمير المؤمنين قال:

أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني نزيل بغداد، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي، أخبرنا محمد ابن عبد العزيز(3) أبو منصور العدل، أخبرنا هلال بن أحمد بن جعفر الحفار(4)، حدثنا أبو بكر محمد بن عمر، حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون الهاشمي، حدثنا محمد بن زياد النخعي، حدثنا محمد بن فضيل بن غزوان، حدثنا غالب الجهني، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده قال: قال علي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لما أسري بي إلى السماء ثم من السماء إلى سدرة المنتهى وقفت بين يدي ربي عز وجل فقال لي: يا محمد قلت: لبيك وسعديك يا ربي، قال: بلوت خلقي فأيهم رأيت أطوع لك؟ قال: قلت: يا ربي عليا، قال: صدقت يا محمد فهل أتخذت لنفسك خليفة يؤدي عنك، ويعلم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟ قال: قلت: يا رب إختر لي فإن خيرتك خيرتي، قال: قد اخترت لك عليا فاتخذه لنفسك خليفة ووصيا، ونحلته علمي وحلمي، وهو أمير المؤمنين حقا لم ينقلها أحد قبله وليست لأحد بعده، يا محمد علي راية الهدى، وإمام من أطاعني، وهو نور أوليائي، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك يا محمد، فقال النبي (صلى الله عليه وآله):

فقد بشرته(5) فقال علي: أنا عبد الله وفي قبضته، إن يعاقبني فبذنوبي ولم يظلمني شيئا، وإن تمم لي وعدي فالله مولاي، فقال اللهم أجل قلبه واجعل ربيعه(6) الإيمان بك قال: قد فعلت ذلك به، يا محمد غير أني مستخصه بشئ من البلاء لم أخص به أحدا من أوليائي، قال: قلت: ربي أخي وصاحبي، قال: قد سبق في علمي أنه مبتلى، ولولا علي لم يعرف حزبي ولا أوليائي ولا أولياء

____________

(1) المناقب لابن المغازلي ص 45 - 46.

(2) الفردوس بمأثور الخطاب: 2 / 191 / ح 2952.

(3) في المصدر: محمد بن محمد بن عبد العزيز.

(4) في المصدر: هلال بن محمد بن جعفر الحداد.

(5) في المصدر: قلت: ربي فقد بشرته.

(6) في المصدر فإنه مولاي. قال: أجل، قال: قلت: يا رب واجعل ربيعه.

الصفحة 230 

رسلي "(1).

الثاني عشر: الشيخ إبراهيم بن محمد الحمويني - من أعيان علماء العامة - في كتاب فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين، قال: أنبأني السيد النسابة جلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي، قال: أنبأنا والدي السيد شمس الدين شيخ الشرف فخار بروايته، عن شاذان بن جبرائيل القمي، عن جعفر بن محمد الدورسي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي - رحمة الله عليه - قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن - رضي الله عنه - قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: رأيت عليا (عليه السلام) في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خلافة عثمان - رضي الله عنه - وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم والفقه، فذكروا قريشا وفضلها وسوابقها وهجرتها، وما قال فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضل. وساق الحديث بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قريش من الفضل إلى أن قال: وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ساكت لا ينطق ولا أحد من أهل بيته.

فأقبل القوم عليه فقالوا: يا أبا الحسن ما يمنعك أن تتكلم؟

فقال: " ما من الحيين (يعني: المهاجرين من قريش والأنصار) إلا وقد ذكر فضلا وقال حقا فأنا أسألكم يا معشر قريش والأنصار بمن أعطاكم الله هذا الفضل؟ أبأنفسكم، وعشائركم، وأهل بيوتاتكم أم بغيركم "؟

قالوا: بل أعطانا الله ومن به علينا بمحمد (صلى الله عليه وآله) لا بأنفسنا وعشائرنا، ولا بأهل بيوتاتنا.

قال: " صدقتم يا معشر قريش والأنصار، ألستم تعلمون أن الذي نلتم من خير الدنيا والآخرة منا أهل البيت خاصة دون غيرهم؟ وأن ابن عمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إني وأهل بيتي كنا نورا يسعى بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق الله عز وجل آدم (عليه السلام) بأربعة عشر ألف سنة فلما خلق الله آدم وضع ذلك النور في صلبه وأهبطه إلى الأرض، ثم حمله في السفينة في صلب نوح (عليه السلام)، ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم (عليه السلام) ثم لم يزل الله عز وجل ينقلنا في الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة، ومن الأرحام الطاهرة إلى الأصلاب الكريمة من الآباء والأمهات، لم يكن منهم واحد على سفاح قط ".

____________

(1) المناقب للخوارزمي ص 215 ط النجف الأشرف، ومر الحديث بلفظه في ص 142 - 143، من هذا الجزء.

الصفحة 231 

فقال أهل السابقة والقدمة، وأهل بدر، وأهل أحد: نعم، قد سمعنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ثم قال: " أنشدكم الله أتعلمون أن الله عز وجل فضل في كتابه السابق على المسبوق في غير آية، وإني لم يسبقني إلى الله عز وجل وإلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أحد من هذه الأمة "؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: " فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت * (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار) *(1) * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) *(2) سئل عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أنزلها الله تعالى ذكره في الأنبياء وأوصيائهم. فأنا أفضل أنبياء الله ورسله، وعلي بن أبي طالب وصيي أفضل الأوصياء "؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: " فأنشدكم الله أتعلمون حيث نزلت: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) *(3) وحيث نزلت: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *(4) وحيث نزلت * (ولم يتخذوا من دون الله وليجة) *(5) قال الناس: يا رسول الله أخاصة في بعض المؤمنين أم عامة بجميعهم؟ فأمر الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) أن يعلمهم ولاة أمرهم، وأن يفسر لهم من ولاة أمرهم ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم، وحجهم، ونصبني للناس بغدير خم، ثم خطب فقال:

أيها الناس إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت أن الناس مكذبي فأوعدني لأبلغها أو ليعذبني، ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة، ثم خطب فقال: أيها الناس أتعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: قم يا علي فقمت فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

فقام سلمان فقال: يا رسول الله ولاء ماذا؟ فقال: ولاء كولائي، من كنت أولى به من نفسه، فعلي أولى به من نفسه، فأنزل الله تعالى ذكره: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *(6) فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: الله أكبر على تمام نبوتي وتمام دين الله ولاية علي بعدي.

فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هؤلاء الآيات خاصة في علي؟ قال: بلى فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة.

____________

(1) التوبة: 100.

(2) الواقعة: 10.

(3) النساء: 59.

(4) المائدة: 55.

(5) التوبة: 16.

(6) المائدة: 3.

الصفحة 232 

قالا: يا رسول الله بينهم لنا. قال علي أخي ووزيري، ووارثي، ووصيي، وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم الحسين، ثم تسعة من ولد ابني الحسين واحد بعد واحد، القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه، ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض "، فقالوا كلهم: اللهم نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء.

وقال بعضهم: قد حفظنا جل ما قلت لم نحفظ كله وهؤلاء الذين حفظوا أخبارنا وأفاضلنا، فقال علي (عليه السلام): " صدقتم ليس كل الناس يستوون في الحفظ، أنشد الله عز وجل من حفظ ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قام وأخبر به "، فقام زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وسلمان، وأبو ذر، والمقداد، وعمار فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله وهو قائم على المنبر وأنت إلى جنبه وهو يقول: " أيها الناس إن الله عز وجل أمرني أن أنصب لكم إمامكم والقائم فيكم بعدي، ووصيي وخليفتي، والذي فرض الله عز وجل على المؤمنين في كتابه طاعته فقرنه بطاعته وطاعتي، وأمركم بولايته، وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لتبلغنها أو ليعذبني.

أيها الناس إن الله أمركم في كتابه بالصلاة فقد بينتها لكم، والزكاة، والصوم، والحج فبينتها لكم وفسرتها، وأمركم بالولاية وإني أشهدكم أنها لهذا خاصة ووضع يده على علي بن أبي طالب، ثم قال لأبنيه بعده، ثم للأوصياء من بعدهم، من ولدهم لا يفارقون القرآن، ولا يفارقهم القرآن، حتى يردوا علي حوضي.

أيها الناس قد بينت لكم مفزعكم بعدي وإمامكم، ودليلكم، وهاديكم، وهو أخي علي بن أبي طالب، وهو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع أموركم فإن عنده جميع ما علمني الله من علمه وحكمته، فسلوه، وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده، ولا تعلموهم ولا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلوه ولا يزايلهم، ثم جلسوا ".

قال سليم: ثم قال علي (عليه السلام): " أيها الناس أتعلمون أن الله أنزل في كتابه * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1) فجمعني وفاطمة وابني حسنا والحسين، ثم ألقى علينا كساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي ولحمي يؤلمني ما يؤلمهم(2) ويجرحني ما يجرحهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا: فقالت أم سلمة: وأنا يا رسول الله؟ فقال: أنت إلى خير، إنما نزلت في وفي أخي علي بن أبي طالب وفي ابني(3)، وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة،

____________

(1) الأحزاب: 33.

(2) في المصدر: يؤذيني ما يؤذيهم.

(3) في الإحتجاج للطبرسي: وفي ابنتي فاطمة، وفي ابني.

 

 

 

 

الصفحة 233 

وليس معنا فيها أحد غيرنا "، فقالوا كلهم: نشهد أن أم سلمة حدثتنا بذلك فسألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فحدثنا كما حدثتنا أم سلمة.

ثم قال علي (عليه السلام): " أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل: * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) *(1) فقال سلمان: يا رسول الله عامة هذا أم خاصة؟ قال: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي علي وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة "، قالوا: اللهم نعم.

قال: " أنشدكم الله أتعلمون أني قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك: لم خلفتني؟ فقال: إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "؟ قالوا:

اللهم نعم.

فقال: " أنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل في سورة الحج: * (يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير) *(2) إلى آخر السورة - فقام سلمان فقال: يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة إبراهيم؟ قال: عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصة دون هذه الأمة، قال سلمان: بينهم لنا يا رسول الله؟ قال: أنا وأخي علي، وأحد عشر من ولدي "، قالوا: اللهم نعم.

قال: " أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قام خطيبا لم يخطب بعد ذلك فقال: يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا فإن اللطيف أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض: فقام عمر بن الخطاب شبه المغضب فقال: يا رسول الله أكل أهل بيتك؟ فقال: لا، ولكن أوصيائي منهم، أولهم أخي، ووزيري، ووارثي، وخليفتي في أمتي، وولي كل مؤمن بعدي، وهو أولهم، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد حتى يردوا علي الحوض شهداء لله في أرضه، وحجته على خلقه، وخزان علمه، ومعادن حكمته، من أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله، فقالوا كلهم: نشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال ذلك، ثم تمادى بعلي السؤال فما ترك شيئا إلا ناشدهم الله فيه، وسألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه، وما قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثيرا، كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق "(3).

____________

(1) التوبة: 199.

(2) الحج: 77.

(3) الاحتجاج: 1 / 210، ومر بكامل لفظه هنا.

الصفحة 234 

الثالث عشر: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرني الجلة من أهل الحلة السيدان الإمامان جمال الدين أحمد بن موسى بن طاوس الحسيني، وجلال الدين عبد الحميد بن فخار بن معد بن فخار الموسوي، والإمام العلامة نجم الدين أبو القاسم جعفر بن محمد بن سعيد(1) - رحمهم الله - بروايتهم، عن السيد الإمام شمس الملة والدين شيخ الشرف فخار بن معد بروايته، عن شاذان بن جبرائيل القمي، عن جعفر بن محمد الدورستي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي - قدس الله أرواحهم - قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد، عن غياث(2) ابن إبراهيم، عن ثابت بن دينار، عن سعد بن طريف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب: " يا علي أنا مدينة الحكمة وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغضك لأنك مني وأنا منك، لحمك من لحمي، ودمك من دمي، وروحك من روحي، وسريرتك من سريرتي، وعلانيتك من علانيتي، وأنت إمام أمتي وخليفتي عليها بعدي، سعد من أطاعك وشقي من عصاك، وربح من تولاك وخسر من عاداك، وفاز من لزمك، وهلك من فارقك، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي مثل سفينة نوح، من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثلكم مثل النجوم كلما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة "(3).

الرابع عشر: الشيخ الفاضل أبو الحسن الفقيه محمد بن أحمد بن شاذان في المناقب المائة - من طريق العامة - عن عبد الله بن مسعود قال: كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد أصحر فتنفس الصعداء فقلت: يا رسول الله مالك تتنفس؟ قال: " يا بن مسعود نعيت إلى نفسي "، قلت يا رسول الله استخلف قال: " من "؟ قلت: أبا بكر فسكت، ثم تنفس فقلت: ما لك تتنفس يا رسول الله؟ قال: " نعيت إلى نفسي " فقلت: استخلف يا رسول الله قال: " من "؟ قلت: عمر بن الخطاب فسكت، ثم تنفس فقلت:

ما لي أراك تتنفس؟ قال " نعيت إلى نفسي "، قلت: استخلف، قال: " من "؟ قلت: علي بن أبي طالب قال: " أوه ولن تفعلوا(4) والله لئن فعلتموه ليدخلنكم الجنة "(5).

____________

(1) في المصدر: جعفر بن الحسن بن الحسين بن يحيى بن سعيد.

(2) في المصدر: عتاب.

(3) أمالي الطوسي: 2 / 130 - 131. وفرائد السمطين 2: 243 / ح 517.

(4) في المناقب للخوارزمي: ولن تفعلوا إذا أبدا.

(5) في المناقب للخوارزمي: وإن خالفتموه ليحبطن أعمالكم.

الصفحة 235 

قلت: هذا الحديث متكرر في كتب العامة، وذكره منهم موفق بن أحمد في كتاب الفضائل، والحمويني في فرائد السمطين، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، وروي أيضا من طريق الخاصة(1).

الخامس عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي ابن أبي طالب: " إذا كان يوم القيامة يؤتى بك يا علي، على نجيب من نور على رأسك تاج يكاد نوره يخطف أبصار أهل الموقف، فيأتي النداء من الله جل جلاله أين خليفة رسول الله؟ فتقول يا علي: ها أنا ذا، فيأتي النداء(2) يا علي: من أحبك أدخله الجنة، ومن عاداك أدخله النار. فأنت قسيم الجنة وأنت قسيم النار "(3).

السادس عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان - من طريق العامة - عن الباقر (عليه السلام)، عن أبيه، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي بن أبي طالب خليفة الله وخليفتي، وحجة الله وحجتي، وباب الله وبابي، وصفي الله وصفيي، وحبيب الله وحبيبي، وخليل الله وخليلي، وسيف الله وسيفي، وهو أخي وصاحبي ووزيري ووصيي، محبه محبي ومبغضه مبغضي ووليه وليي، وعدوه عدوي، وزوجته ابنتي، وولده ولدي، وحزبه حزبي، وقوله قولي، وأمره أمري، وهو سيد الوصيين وخير أمتي "(4).

السابع عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان من طريق العامة، عن الحرث ابن الخزرج صاحب

____________

(1) رواه الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب ص 64 ط النجف الأشرف مسندا قال: " وأنبأني الإمام الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار، والإمام الأجل نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي، قالا: أنبأنا الشريف الإمام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي، عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، حدثني سهل بن أحمد، عن علي بن عبد الله، عن إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثني عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، عن ميناء مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله ابن مسعود...

ورواه الحموي في فرائد السمطين السمط الأول، بسنده إلى الخوارزمي. ومن طريق الخاصة، رواه الشيخ الطوسي في أماليه ص 193، والشيخ المفيد في أماليه ص 21 - 22، والمجلسي في البحار: 38 / 117 و 128 باختلاف يسير في اللفظ.

(2) في ينابيع المودة: فينادي المنادي.

(3) رواه القندوزي في ينابيع المودة ص 83 عن الموفق بن أحمد الخوارزمي بسنده عن نافع عن ابن عمر.

(4) إحقاق الحق: 4 / 297، عن المناقب لابن المغازلي.

الصفحة 236 

راية الأنصار قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي بن أبي طالب: " لا يتقدمك بعدي إلا كافر ولا يتخلف عنك بعدي إلا كافر وإن أهل السماوات يسمونك أمير المؤمنين ".

الثامن عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان من طريق العامة - وكلما ذكرته عنه هنا فهو من طريقهم - عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " والله لقد خلفني رسول الله في أمته، فأنا حجة الله عليهم بعد نبيه، وإن ولايتي لتلزم أهل السماء كما تلزم أهل الأرض، وإن الملائكة لتتذاكر فضلي وذلك تسبيحها عند الله. أيها الناس اتبعوني أهدكم سواء السبيل ولا تأخذوا يمينا ولا شمالا فتضلوا، وأنا وصي نبيكم وخليفته، وإمام المؤمنين وأميرهم ومولاهم، وأنا قائد شيعتي إلى الجنة، وسائق أعدائي إلى النار، أنا سيف الله على أعدائه ورحمته على أوليائه، أنا صاحب حوض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولوائه وصاحب مقام شفاعته، والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين خلفاء الله في أرضه وأمناؤه على وحيه، وأئمة المسلمين بعد نبيه، وحجج الله على بريته "(1).

انظر أيها الأخ في هذا الحديث وأمثاله من طريق العامة المخالفين مما هي نصوص قطعية في النص على الأئمة الاثني عشر بأنهم الأئمة والخلفاء والأوصياء، وهذا هو الحق اليقين الذي اتفقت عليه روايات العامة والخاصة. والحمد لله رب العالمين.

التاسع عشر: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان، عن علي بن الحسين، عن أبيه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " من لم يقل إني رابع الخلفاء الأربعة فعليه لعنة الله ". قال الحسن بن زيد، فقلت لجعفر بن محمد: قد رويتم غير هذا فإنكم لا تكذبون؟ قال: " نعم، قال الله في محكم كتابه: * (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) *(2) فكان آدم أول خليفة الله * (ويا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) *(3) وكان داود الثاني، وهارون خليفة موسى، وهو خليفة محمد فلم لم يقل أنه رابع الخلفاء الأربعة "(4).

____________

(1) مائة منقبة: 59 / ح 32.

(2) البقرة: 30.

(3) ص: 26.

(4) روى الحديث السيد البحراني في تفسيره البرهان: 1 / 75، وذكر الشيخ ابن بابويه - رحمه الله - في عيون أخبار الرضا: 2 / 9، حديثا بهذا المعنى ولفظه:

" حدثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن إسحاق - رضي الله عنه - قال: حدثنا أبو سعيد النسوي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن هارون قال: حدثنا أحمد بن أبو الفضل البلخي قال: حدثني خال يحيى بن سعيد البلخي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: بينما أنا أمشي مع النبي (صلى الله عليه وآله) في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل كث اللحية بعيد ما بين المنكبين فسلم على النبي (صلى الله عليه وآله) ورحب به ثم التفت إلي فقال: السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته، أليس كذلك هو يا رسول الله؟ فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله):

بلى، ثم مضى، فقلت يا رسول الله: ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ، وتصديقك له؟ قال أنت كذلك والحمد لله، إن الله عز وجل قال في كتابه: * (إني جاعل في الأرض خليفة) * والخليفة المجعول فيها آدم (عليه السلام)، وقال: * (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق) * فهو الثاني، وقال عز وجل حكاية عن موسى حين قال لهارون (عليه السلام): * (واخلفني في قومي وأصلح) * فهو هارون إذ استخلفه موسى (عليه السلام) في قومه فهو الثالث، وقال عز وجل: * (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) * فكنت أنت المبلغ عن الله، وعن رسوله، وأنت وصيي ووزيري، وقاضي ديني، والمؤدي عني، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، فأنت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ، أو لا تدري من هو؟ قلت: لا، قال: ذاك أخوك الخضر عليه السلام فأعلم ".

الصفحة 237 

العشرون: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان، عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " علي مني كجلدي، علي مني كلحمي، علي مني كعظمي، علي مني كدمي في عروقي، علي مني أخي ووصيي في أهلي وخليفتي في قومي، يقضي ديني، وينجز عداتي، علي في الدنيا إذا مت عوض مني ".

الحادي والعشرون: أبو الحسن الفقيه ابن شاذان، عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري بي إلى السماء لقيني أبي نوح فقال: يا محمد من خلفت على أمتك؟ فقلت: علي بن أبي طالب. فقال: نعم الخليفة خلفت، ثم لقيني أخي عيسى فقال: من خلفت على أمتك؟ فقلت: عليا فقال: نعم الخليفة خلفت، ثم لقيني أخي موسى فقال لي: من خلفت على أمتك؟ فقلت: عليا فقال: نعم الخليفة خلفت، قال:

فقلت لجبرئيل: يا جبرائيل ما لي لا أرى إبراهيم قال: فعدل إلى حظيرة فإذا فيها شجرة لها ضروع كضروع الغنم كلما خرج ضرع من فم واحد رده فقال: يا محمد من خلفت على أمتك؟ فقلت:

عليا قال نعم الخليفة خلفت، وإني يا محمد سألت الله لي أن يوليني غذاء أطفال شيعة علي بن أبي طالب فأنا أغذيهم "(1).

____________

(1) روى الحديث بلفظ آخر الشيخ المجلسي في البحار: 18 / 303 قال: " ومن كتاب المعراج للشيخ الصالح أبي محمد الحسن - رضي الله عنه - بإسناده عن الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: لما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى السماء صعد على سرير من ياقوتة حمراء مكللة من زبرجدة خضراء، تحمله الملائكة، فقال: جبرائيل: يا محمد أذن، فقال: الله أكبر، الله أكبر، فقالت الملائكة الله أكبر، الله أكبر، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقالت الملائكة: نشهد أن لا إله إلا الله، فقال: أشهد أن محمدا رسول الله، فقالت الملائكة: نشهد أنك رسول الله:

فما فعل وصيك علي؟ قال: خلفته في أمتي، قالوا: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله عز وجل فرض علينا طاعته، ثم صعد به إلى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت ملائكة السماء الدنيا، فلما صعد به إلى السماء السابعة لقيه عيسى (عليه السلام) فسلم عليه، وسأله عن علي، فقال له خلفه في أمتي، قال: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته، ثم لقيه موسى (عليه السلام) والنبيون نبي نبي فكلهم يقول له مقالة عيسى (عليه السلام)، ثم قال محمد (صلى الله عليه وآله): فأين أبي إبراهيم؟ فقالوا له: هو مع أطفال شيعة علي، فدخل الجنة فإذا هو تحت شجرة لها ضروع كضروع البقر، فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام إبراهيم فرد عليه، قال: فسلم عليه وسأله عن علي، فقال: خلفته في أمتي، قال: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته، وهؤلاء أطفال شيعته سألت الله عز وجل أن يجعلني القائم عليهم ففعل، وإن الصبي ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنة وأنهارها في تلك الجرعة ".

الصفحة 238 

الثاني والعشرون: محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه (فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين) عن مقاتل، عن عطاء في قوله تعالى: * (ولقد آتينا موسى الكتاب) *(1) كان في التوراة: يا موسى إني اخترتك واخترت لك وزيرا هو أخوك - يعني هارون - لأبيك وأمك كما اخترت لمحمد إيليا، هو أخوه ووزيره ووصيه والخليفة من بعده طوبى لهما من أخوين، وطوبى لهما من أخوين، إليا أبو السبطين الحسن والحسين، ومحسن الثالث من ولده كما جعلت لأخي هارون شبرا وشبيرا ومبشرا(2).

الثالث والعشرون: عن سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن سلمان الفارسي قال:

سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " إن وصيي وخليفتي وخير من أترك بعدي، ينجز موعدي، ويقضي ديني علي بن أبي طالب "(3).

الرابع والعشرون: صاحب كتاب سيرة الصحابة قال: أخبرني وهب قال: أخبرني إبراهيم بن معلى قال: حدثنا موسى بن بكر قال: حدثنا عبد الله بن موسى بن سهل العبدي، عن كثير بن صالح الهجري أن أبا ذر قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن عمر بن الخطاب فقال (عليه السلام): " واكتموا - إنه فرعون هذه الأمة لا تخبروا بهذا من لم يحفظ العهد في علي (عليه السلام) " ثم قال: وبإسناده، عن سليم بن قيس قال: شهدت أبا ذر حين سيره عثمان إلى الربذة وهو يوصي عليا في أهله وماله: فقال له قائل: لو

____________

(1) المؤمنون: 50.

(2) ورواه عن الشيرازي المجلسي في البحار: 38 / 145، مناقب ابن شهرآشوب: 3 / 56.

(3) كنز العمال: 6 / 154، المناقب للعيني ص 20، المناقب للخوارزمي ص 67، كفاية الطالب للكنجي ص 159.

الصفحة 239 

كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - فقال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا وهو علي بن أبي طالب الذي سلمنا عليه بإمرة المؤمنين في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نسلم عليه بإمرة المؤمنين ثم قال: " سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي سلموا عليه بإمرة المؤمنين فإنه زر الأرض الذي إليه يسكن ولو تقدمتموه أنكرت الأرض أهلها أفرأيت عجل هذه الأمة وسامريها ". قال: فقلت يا أبا ذر وكان التسليم على علي بن أبي طالب قبل حجة الوداع أو بعدها؟ فقال أما التسليم الأول فقبل حجة الوداع وأما التسليم الثاني بعد حجة الوداع(1).

الخامس والعشرون: ابن المغازلي الشافعي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد ابن عثمان البغدادي يرفعه إلى العرزمي، عن الزبير، عن جابر قال: غزا رسول الله (صلى الله عليه وآله) غزوة فقال لعلي:

" أخلفني في أهلي " فقال: " يا رسول الله يقول الناس: خذل ابن عمه، فرددها عليه فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي "(2).

السادس والعشرون: ابن المغازلي قال: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الواحد ابن علي(3) بن العباس الواسطي يرفعه إلى إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال لعلي هذه

____________

(1) هكذا ورد لفظ الحديث في كتاب سليم بن قيس ص 167 قال: " شهدت أبا ذر بالربذة حين سيره عثمان أوصى إلى علي (عليه السلام) في أهله وماله، فقال له قائل: لو كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين عثمان، فقال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، سلمنا عليه بإمرة المؤمنين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لنا: سلموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في أمتي، وولي كل مؤمن بعدي بإمرة المؤمنين، فإنه زر الأرض الذي تسكن إليه، ولو قد فقدتموه أنكرتم الأرض وأهلها، فرأيت عجل هذه الأمة وسامريها راجعا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالا حق من الله ورسوله، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: حق من الله ورسوله أمرني الله بذلك، فلما سلما عليه أقبلا على أصحابهما معاذ وسالم وأبي عبيدة حين خرجا من بيت علي (عليه السلام) من بعد ما سلمنا عليه، فقالا لهم ما بال هذا الرجل ما زال يرفع خسيسة ابن عمه، وقال أحدهما إنه ليحسن أمر ابن عمه، وقال الجميع ما لنا عنده خير ما بقي علي، قال: فقلت يا أبا ذر هذا التسليم بعد حجة الوداع أو قبلها، فقال:

أما التسليمة الأولى فقبل حجة الوداع، وأما التسليمة الأخرى فبعد حجة الوداع.. الحديث.

(2) رواه ابن المغازلي في المناقب ص 29 ط طهران ولفظ سنده: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي - قدم علينا واسطا - قال: حدثنا محمد بن محمد بن علي بن يحيى الزيات سنة أربع وتسعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن ناجية بن نجبة قال: حدثنا محمد بن حرب النشائي الواسطي قال: حدثنا علي بن يزيد بن سليم الصدائي، عن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن أبي الزبير عن جابر قال..

(3) في المصدر: أبو القاسم عبد الواحد بن علي.

الصفحة 240 

المقالة حين استخلفه: " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "(1).

السابع والعشرون: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة - وهو من أعيان علماء العامة على مذهب المعتزلة - قال: ذكر الطبري في تاريخه، عن عبد الله بن عباس، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " لما نزلت هذه الآية: * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *(2) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعاني فقال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا، وعلمت(3) أني متى أباديهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمت عليه حتى جاءني جبرائيل فقال: يا محمد، إنك إلا تفعل ما أمرت به(4) يعذبك ربك فاصنع لنا صاعا من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم إجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم، وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني به. ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا(5) فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعا بالطعام الذي صنعت لهم، فجئت به، فلما وضعته تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بضعة(6) من اللحم، فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصفحة. ثم قال: كلوا(7) بسم الله: فأكلوا(8) حتى ما لهم بشئ حاجة(9) وإيم الله الذي نفس علي بيده، أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم. ثم قال: إسق القوم فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه حتى رووا منه جميعا وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم ليشرب مثله، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام، فقال لشد ما(10) سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال من الغد: يا علي، إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس(11) ثم أجمعهم إلي، قال: ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته لهم، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا حتى ما لهم بشئ من

____________

(1) المناقب لابن المغازلي ص 30 ط - طهران ولفظ السند فيه: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن العباس الواسطي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أسعد قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله المحاملي قال: حدثنا محمد بن منصور الطبرسي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثنا محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه..

(2) الشعراء: 214.

(3) في المصدر: وعرفت.

(4) في المصدر: ما تؤمر به.

(5) في المصدر: يزيدون رجلا أو ينقصون.

(6) في المصدر: حذية. والحذية من اللحم: ما قطع منه طولا.

(7) في المصدر: خذوا.

(8) في المصدر: فأكل القوم.

(9) في المصدر: وما أرى إلا موضع أيديهم.

(10) في المصدر: لهدما. كلمة يتعجب بها.

(11) في المصدر: فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت.

الصفحة 241 

حاجة ثم قال: اسقهم، فجئتهم بذلك العس، فشربوا منه جميعا، حتى رووا ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم أن شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت: أنا، وإني لأحدثهم سنا، وأرمصهم(1) عينا، وأعظمهم بطنا، وأحمشهم ساقا(2) قلت: أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه [ فأعاد القول فأمسكوا وأعود ما قلت ] فأخذ برقبتي، ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع "(3).

قال ابن أبي الحديد عقيب ذلك: ويدل على أنه وزير رسول الله (صلى الله عليه وآله) من نص الكتاب والسنة قول الله تعالى: * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) *(4) وقال النبي (صلى الله عليه وآله) - في الخبر المجمع على روايته بين سائر فرق الإسلام - أنت مني منزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فأثبت له جميع مراتب هارون [ ومنازله ] من موسى، فإذا هو وزير رسول الله، وشاد أزره ولولا أنه خاتم النبيين لكان شريكا في أمره. ثم قال: وروى أبو جعفر الطبري أيضا في التاريخ: أن رجلا قال لعلي (عليه السلام): يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمك فقال علي (عليه السلام): هاؤم ثلاث مرات حتى اشرأب الناس ونشروا آذانهم ثم قال: " جمع رسول الله بني عبد المطلب بمكة وهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق فصنع مدا من طعام حتى أكلوا وشبعوا وبقي الطعام كما هو كأنه لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا ورووا وبقي الشراب كأنه لم يشرب، ثم قال: يا بني عبد المطلب إني بعثت إليكم خاصة وإلى الناس عامة فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي؟ فلم يقم إليه أحد، فقمت إليه، وكنت من أصغر القوم فقال: اجلس، ثم قال ذلك ثلاث مرات، كل ذلك أقوم إليه فيقول: اجلس، حتى كان في الثالثة فضرب بيده على يدي، فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي "(5) انتهى كلام ابن أبي الحديد(6).

الثامن والعشرون: ابن أبي الحديد في هذا الشرح، عن ابن عباس - رحمه الله - قال: دخلت

____________

(1) الرمص في العين كالغمص، وهو قذى تلفظ به، وهو كناية عن صغر سنه.

(2) حمس الساقين: دقيقها.

(3) تاريخ الطبري: 2 / 319 - 321 ط - دار المعارف بمصر تفسير الطبري: 19 / 74 - 75 ط - بولاق.

(4) طه: 29.

(5) تاريخ الطبري: 2 / 32 ط - دار المعارف بمصر.

(6) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 3 / 354 - 355 ط - دار الكتب العربية - مصر.

الصفحة 242 

على عمر في أول خلافته وقد ألقي له صاع من تمر على خصفة(1) فدعاني إلى الأكل فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل ثم شرب من جرة(2) كانت عنده واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله يكرر ذلك ثم قال: من أين جئت يا عبد الله؟ قلت: من المسجد قال: كيف خلفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر - قلت: خلفته يلعب مع أترابه، قال: لم أعن ذلك، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت، قلت: خلفته يمتح بالغرب على نخيلات من فلاة وهو يقرأ القرآن، قال: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شئ من أمر الخلافة؟ قلت: نعم، قال: أيزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نص عليه؟ قلت: نعم، وأزيدك، سألت أبي عما يدعيه، فقال: صدقت، فقال عمر: لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمره ذر، ومن قول لا يثبت حجة، ولا يقطع عذرا، ولقد كان يربع في أمره وقتا ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الإسلام، لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبدا، ولو وليها لانقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني علمت ما في نفسه فأمسك وأبى الله إلا إمضاء ما حتم(3). ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب كتاب " تاريخ بغداد " في كتابه مسندا(4).

التاسع والعشرون: ابن أبي الحديد في الشرح قال أبو مخنف: جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها: يا بنت أبي أمية، أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت كبيرة أمهات المؤمنين، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقسم لنا من بيتك وكان جبرائيل أكثر ما يكون في منزلك، فقالت أم سلمة: لأمر ما قلت هذه المقالة؟ فقالت عائشة: إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا وبنا، فقالت لها أم سلمة: إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا نعثلا، وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفأذكرك؟ قالت: نعم قالت:

أتذكرين يوم أقبل (عليه السلام) ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعلي يناجيه فأطال،

____________

(1) الخصفة: القفة تعمل من الخوص للتمر ونحوه.

(2) الجرة: إناء من خزف له بطن كبير وعروتان وفم واسع.

(3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 3 / 97.

(4) أحمد بن طيفور أبو الفضل بن أبي طاهر المروزي، محدث. شاعر. ولد ببغداد سنة 204 هـ وتوفي بها عام 280 هـ، له تأليف كثيرة ومنها: " تاريخ بغداد في أخبار الخلفاء والأمراء وأيامهم " توجد ترجمته في: الوافي بالوفيات: 7: 8 - 10، تاريخ الخطيب البغدادي: 4 / 211، الفهرست لابن النديم 1 / 146، معجم الأدباء: 3 / 87 - 98، الأعلام: 1 / 138.

الصفحة 243 

فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما، فما لبثت أن رجعت باكية فقلت: ما شأنك، فقلت: إني هجمت عليهما وهما يتناجيان فقلت لعلي ليس لي من رسول الله إلا يوم من تسعة أيام فما تدعني يا بن أبي طالب ويومي؟ فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي وهو غضبان محمر الوجه فقال: ارجعي وراءك، والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي، ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من الإيمان فرجعت نادمة ساقطة؟ فقالت عائشة: نعم، اذكر ذلك. قالت: وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنت تفلين(1) رأسه وأنا أحيس له حيسا وكان الحيس يعجبه فرفع رأسه وقال:

ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط، فرفعت رأسي(2) من الحيس فقلت: أعوذ بالله وبرسوله من ذلك، ثم ضرب على ظهرك وقال: إياك أن تكونيها يا حميراء(3) أما أنا فقد أنذرتك قالت عائشة: نعم اذكر ذلك. قالت: وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سفر له وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيخصفها، ويتعاهد أثوابه فيغسلها فبقيت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحادثاه فيما أرادا، ثم قالا: يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا! فقال لهما أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران فسكتا، ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قلت له: وكنت أجرأ عليه منا، من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال خاصف النعل، فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا عليا، فقال هو ذاك. فقالت عائشة: نعم اذكر ذلك، قالت فأي خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت إنما أخرج للإصلاح بين الناس، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله فقالت: أنت ورأيك، فانصرفت عائشة عنها، وكتبت أم سلمة بما قالت وقيل لها إلى علي(4).

قال ابن أبي الحديد عقيب هذا الخبر: فإن قلت: فهذا نص صريح في إمامة علي (عليه السلام) فما تصنع أنت وأصحابك المعتزلة به! فأجاب بجواب لا طائل تحته متكلف حمية لمذهب المعتزلة، حمية الجاهلية. أعوذ بالله تعالى من الغواية بعد تبين الهدى.

وقد تقدم في الباب الثاني عشر من طريق العامة روايات في النص على الأئمة الاثني عشر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالإمامة والخلافة والوصاية تؤخذ من هناك.

____________

(1) في المصدر: تغسلين.

(2) في المصدر: فرفعت يدي.

(3) في المصدر: وقال: إياك أن تكونيها، ثم قال: يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها، يا حميراء، أما أنا فقد أنذرتك.

(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 77 - 78.