الباب في الردة الواقعة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والحق مع علي (عليه السلام) من طريق العامة

الصفحة 36   

وفيه خمسة عشر حديثا

الأول: من مسند أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا أحمد بن منصور وعلي بن مسلم وغيرهما قالوا: حدثنا عمر بن طلحة القتاد، حدثنا أسباط عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أن عليا (عليه السلام) كان يقول في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله عز وجل قال: *(أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)* والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، ولئن مات أو قتل لأقاتلن على ما قاتل حتى أموت، والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارثه، من أحق به مني(1)؟.

الثاني: ومن صحيح البخاري في الجزء الخامس على حد ثلثه الأخير في تفسير قوله تعالى *(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم)* قال: حدثنا شعبة قال: أخبرنا المغيرة بن النعمان قال: سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال: خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عزلا ثم قال *(كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين)*(2) إلى آخر الآية، ثم قال: ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: *(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد)*(3) فقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم(4).

الثالث: ومن صحيح البخاري في الجزء الثامن في آخره من باب قول النبي (صلى الله عليه وآله) " لتتبعن سنن من قبلكم " قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا ابن أبي زيد عن المقيري عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع، فقيل:

يا رسول الله كفارس والروم؟ قال: ومن الناس إلا أولئك(5).

____________

(1) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 652 ح 1110.

(2) الأنبياء: 104.

(3) المائدة: 117.

(4) صحيح البخاري: 5 / 192.

(5) صحيح البخاري: 8 / 151.

الصفحة 37   

الرابع: ومن صحيح مسلم في الجزء الثالث من أجزاء ثلاثة في ثلثه الأخير قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع، وحدثنا عبد الله بن معاد، وحدثنا أبي كلاهما عن شعبة، وحدثنا محمد بن مثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن مثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال قام فينا خطيبا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموعظة فقال: يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله عراة عزلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين، ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم (عليه السلام)، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح: *(وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم - إلى قوله - إن تعذبهم فإنهم عبادك)* قال: فيقال لي: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم قال: وفي حديث وكيع ومعاذ: فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك(1).

الخامس: ومن الجمع بين الصحيحين للحميدي في الجزء الثالث منه في أجزاء ثلاثة في الحديث والسابع والستين بعد المائتين من مسند أبي هريرة من المتفق عليه في الصحيحين من البخاري ومسلم قال: عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: والذي نفسي بيده لأذودن رجالا عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض(2).

السادس: البخاري من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة كان يحدث عن بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) قال: يرد علي الحوض رجال من أمتي فيجلون عنه فأقول: يا رب أصحابي فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى(3).

السابع: البخاري أخرجه أيضا تعليقا من حديث بن سهل عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يرد علي الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقول: إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى(4).

الثامن: البخاري قال: فقال شعيب عن الزهري عن محمد بن علي عن ابن أبي رافع عن أبي هريرة يحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله) بهذا قال: وقال ابن مسعود: حديث عقيل مرسل هو عن الزهري عن أبي هريرة ولم يبينه(5).

____________

(1) صحيح مسلم: 8 / 157.

(2) الجمع بين الصحيحين: 3 / 194 ح 2434.

(3) صحيح البخاري: 7 / 208.

(4) صحيح البخاري: 7 / 208.

(5) المصدر السابق.

الصفحة 38   

التاسع: البخاري أخرجه أيضا من حديث عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: بينا أنا قائم إذ أقبلت زمرة حتى إذا عرفتهم خرج بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: إلى أين فقال إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه أن يخلص منهم الأمثل همل النعم(1).

العاشر: ومن الجمع بين الصحاح الستة لرزين العبدري من الجزء الثاني من جزءين اثنين قريبا من آخره من موطأ مالك قال عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قال: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم(2).

الحادي عشر: موفق بن أحمد قال: روى السيد بإسناده عن أبي طالب عن علقمة والأسود قالا:

أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا: أبا أيوب إن الله أكرمك بنبيه إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) ضيفا لك فضيلة من الله فضلك بها، أخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالب، قال أبو أيوب فإني أقسم لكما لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا البيت الذي أنتما فيه وما في البيت غير رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعلي جالس عن يمينه وأنا جالس عن يساره وأنس بن مالك قائم بين يديه إذ تحرك الباب فقال (صلى الله عليه وآله): انظر من بالباب فخرج أنس ونظر فقال: هذا عمار بن ياسر فقال (صلى الله عليه وآله):

افتح له الطيب المطيب ففتح أنس ودخل عمار، فسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرحب به وقال لعمار:

إنه سيكون في أمتي هنات من بعدي حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع الذي عن يميني وهو علي بن أبي طالب وإذا سلك كلهم واديا وسلك علي واديا فاسلك وادي علي بن أبي طالب وخل الناس، إن عليا لا يردك عن هدى ولا يدلك على ردى، يا عمار وطاعة علي طاعتي وطاعة الله.

يقال: فيه هنات وهنوات وهنيات: خصال سوء قال لبيد: إن البرئ من الهنات سعيد(3).

الثاني عشر: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال: جاء في الأسانيد الصحيحة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه، فقيل: يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن إذا، قال. ومن الأخبار الصحيحة:

أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى(4).

الثالث عشر: ابن أبي الحديد قال: وفي صحيح مسلم والبخاري رحمهما الله إنه سيجاء برجال

____________

(1) صحيح البخاري: 7 / 209 ط. دار الفكر، بيروت.

(2) مسند أحمد: 2 / 301، وصحيح مسلم: 8 / 186 ط. دار الفكر بيروت.

(3) مناقب الخوارزمي: 194 / 232.

(4) شرح نهج البلاغة: 9 / 284.

الصفحة 39   

يوم القيامة من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فإذا رأيتهم اختلجوا دوني قلت: أي ربي أصحابي فيقال لي: إنك لا تدري ما عملوا بعدك فأقول ما قال العبد الصالح: " وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد " الإسناد في هذا الحديث عن ابن عباس (رضي الله عنه)(1).

الرابع عشر: ابن أبي الحديد قال: في الصحيحين أيضا عن زينب بنت جحش قال: استيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما من نومه، محمرا وجهه وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون! فقال: نعم إذا كثر الخبث.

وفي الصحيحين أيضا: يهلك أمتي هذا الحي من قريش.

قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: لو أن الناس اعتزلوهم. رواه أبو هريرة عن رسول لله (صلى الله عليه وآله)(2).

الخامس عشر: ابن أبي الحديد قال نصر يعني بن مزاحم، وحدثنا يحيى بن يعلى عن الأصبغ ابن نباته قال: جاء رجل إلى علي (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء الذين نقاتلهم، الدعوة واحدة والرسول واحد والصلاة واحدة والحج واحد فماذا نسميهم؟ فقال: سمهم بما سماهم الله في كتابه، قال: ما كل ما في الكتاب أعلمه، قال: أما سمعت الله تعالى يقول *(تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله إلى قوله ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر)* فلما وقع الاختلاف كنا نحن أولى بالله وبالكتاب وبالنبي وبالحق، فنحن الذين آمنوا وهم الذين كفروا وشاء الله قتالهم، فقتالهم بمشيئته وإرادته(3).

____________

(1) شرح نهج البلاغة: 9 / 284.

(2) شرح نهج البلاغة: 9 / 287.

(3) شرح نهج البلاغة: 5 / 258.