الباب في رجوع أبي بكر وعمر وعثمان في العلم والحكم وغيرهم من الصحابة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) من طريق الخاصة

الصفحة 270 

فيه اثنا عشر حديثا

الأول: محمد بن يعقوب في الكافي عن أبي علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن العباس بن عامر عن سيف بن عميرة عن عبد الرحمن العزرمي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " وجد رجل مع رجل في إمارة عمر فهرب أحدهما وأخذ الآخر، فجئ به إلى عمر فقال للناس ما ترون؟ قال: فقال هذا: اصنع كذا، وقال هذا: اصنع كذا قال: فما تقول يا أبا الحسن؟ قال: اضرب عنقه فضرب عنقه قال: ثم أراد أن يحمله فقال: مه إنه قد بقي من حدوده شئ، قال: أدع بحطب، فدعا عمر بحطب فأمر به أمير المؤمنين (عليه السلام) فأحرق به "(1).

الثاني: الشيخ في التهذيب قال: أخبرني الشيخ يعني المفيد أيده الله عن أحمد بن محمد عن أبيه عن الحسين بن الحسن بن أبان عن حسين بن سعيد عن حماد عن ربعي بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل؟ فقالت الأنصار: الماء من الماء، وقال المهاجرون: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل فقال عمر لعلي (عليه السلام): ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال علي (عليه السلام). أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟ إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل، فقال عمر: القول ما قال المهاجرون، ودعوا ما قالت الأنصار "(2).

الثالث: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن موسى بن بكر عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " إن الوليد بن عتبة حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعلي (عليه السلام): اقض بينه وبين هؤلاء الذين زعموا أنه شرب الخمر، فأمر به فجلد بسوط له شعبتان أربعين جلدة "(3).

____________

(1) الكافي 7: 200 / 6.

(2) التهذيب 1: 119 / 5.

(3) الكافي 7: 215 / 6.

الصفحة 271 

الرابع: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن سنان قال أبو عبد الله (عليه السلام): " الحد في الخمر إن شرب منها قليلا أو كثيرا، ثم قال أتي عمر بقدامة بن مظعون قد شرب الخمر وقامت عليه البينة فسأله عليا (عليه السلام) فأمره أن يجلد ثمانين، فقال قدامة يا أمير المؤمنين ليس علي حد، أنا من أهل هذه الآية: * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) *(1) قال: قال علي (عليه السلام) لست من أهلها، إن طعام أهلها لهم حلال، ليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحله الله لهم ثم قال علي: إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب فاجلدوه ثمانين جلدة "(2).

الخامس: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن ابن بكير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر فقال له، أشربت خمرا؟

قال: نعم، قال له: وهي محرمة؟ قال: فقال له الرجل: إني أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني [ قوم ] يشربون الخمر ويستحلون، ولو علمت أنها حرام اجتنبتها: فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال ما تقول في أمر هذا الرجل فقال: عمر: معضلة وليس لها إلا أبو الحسن، أدع لنا عليا، فقال عمر: يؤتى الحكم في بيته فقال: قاما والرجل معهما ومن حضرهما من الناس حتى أتوا أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبراه بقصة الرجل فقص الرجل قصته قال: فقال: ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار، من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه قرأ عليه آية التحريم، فخلى عنه وقال له، إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد "(3).

السادس: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن عمرو بن عثمان عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " لقد قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) بقضية ما قضى بها أحد كان قبله، وكانت أول قضية قضى بها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذلك أنه لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأفضى الأمر إلى أبي بكر أتي برجل قد شرب الخمر فقال له أبو بكر، أشربت الخمر؟

فقال الرجل: نعم فقال: ولم شربتها وهي محرمة؟ فقال: إني أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون ويستحلوني لها، ولو أعلم أنها حرام اجتنبتها، قال: فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال:

ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرجل؟ فقال: معضلة وأبو الحسن لها فقال أبو بكر: يا غلام أدع

____________

(1) المائدة: 93.

(2) الكافي 7: 216 / 10.

(3) الكافي 7: 217 / 16.

الصفحة 272 

لنا عليا، فقال عمر: بل يؤتى الحكم في بيته، فأتوه ومعه سلمان الفارسي فأخبروه بقضية الرجل فاقتص عليه قصته، فقال علي (عليه السلام) لأبي بكر: ابعث به من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار، فمن تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه، فإن لم يكن تلا عليه آية التحريم فلا شئ عليه، ففعل أبو بكر بالرجل ما قال علي (عليه السلام)، فلم يشهد عليه أحد فخلى سبيله.

فقال سلمان لعلي (صلى الله عليه وآله): لم أرشدتهم؟ فقال علي (عليه السلام): إنما أردت أن أجدد تأكيد هذه الآية فيهم وفيهم: * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) *(1) "(2).

السابع: الشيخ في التهذيب بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن السند عن محمد بن عمرو بن سعيد عن بعض أصحابنا قال: أتت امرأة إلى عمر فقالت: يا أمير المؤمنين إني فجرت فأقم في حدود الله، فأمر برجمها وكان علي (عليه السلام) حاضرا فقال له: " سلها كيف فجرت "؟

 

قالت: كنت في فلاة من الأرض فأصابني عطش شديد فرفعت لي خيمة فأتيتها فأصبت فيها رجلا أعرابيا فسألته الماء فأبى على أن يسقيني إلا أن أمكنه من نفسي فوليت عنه هاربة فاشتد بي العطش حتى غارت عيناي وذهب لساني فلما بلغ مني، أتيته فسقاني ووقع علي فقال له: " يا عمر هذه التي قال الله تعالى: * (فمن اضطر غير باغ ولا عاد) *(3) هذه غير باغية ولا عادية إليه " فخلى سبيلها فقال عمر: لولا علي لهلك عمر(4).

الثامن: الشيخ أيضا بإسناده عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن الفرات عن الأصبغ بن نباتة قال: أتي عمر بخمسة نفر أخذوا في الزنا فأمر أن يقام على كل واحد منهم الحد، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) حاضرا فقال: " يا عمر ليس هذا حكمهم " قال: فأقم أنت الحد عليهم، فقدم واحدا فضرب عنقه، وقدم الآخر فرجمه، وقدم الثالث فضربه الحد، وقدم الرابع فحده نصف الحد وقدم الخامس فعزره، فتحير عمر وتعجب الناس من فعله، فقال عمر: يا أبا الحسن خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمسة حدود ليس شئ منها يشبه الآخر؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " أما الأول فكان ذميا فخرج عن ذمته لم يكن له حد إلا السيف، وأما الثاني فرجل محصن كان حده الرجم، وأما الثالث فغير محصن حده الجلد، وأما الرابع فعبد ضربناه نصف الحد، وأما الخامس فمجنون مغلوب على عقله "(5).

التاسع: الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن علي بن إسماعيل عن أحمد بن النضر

____________

(1) يونس: 35.

(2) الكافي 7: 249 / 4.

(3) البقرة: 173.

(4) التهذيب 10: 50 / 186.

(5) التهذيب 10: 50 / 188.

الصفحة 273 

عن الحصين بن عمرو عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن معاوية كتب إلى أبي موسى الأشعري أن ابن الجسرين وجد رجلا مع امرأته فقتله وقد أشكل على القضاة، فسل لي عليا عن هذا الأمر، قال أبو موسى: فلقيت عليا (عليه السلام)، قال: فقال علي (عليه السلام): " والله ما هذا في هذه البلاد " - يعني الكوفة - ولا بحضرتي، فمن أين جاءك هذا "؟ قلت: كتب إلي معاوية لعنه الله إن ابن أبي الجسرين وجد مع امرأته رجلا فقتله، وقد أشكل عليه القضاء فيه، فرأيك في هذا.

فقال: " إنا أبو الحسن إن جاء بأربعة يشهدون على ما شهد وإلا دفع برمته "(1).

العاشر: الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن بعض أصحابنا عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إبراهيم بن يحيى الدوروي عن هشام بن بشير عن أبي بشير عن أبي روح أن امرأة تشبهت بأمة الرجل وذلك ليلا فواقعها وهو يرى أنها جاريته فرفع إلى عمر، فأرسل إلى علي (عليه السلام) فقال: " اضرب الرجل حدا في السر، واضرب المرأة حدا في العلانية "(2).

الحادي عشر: الشيخ بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن موسى بن جعفر البغدادي عن جعفر بن يحيى عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الحسين بن يزيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه:

قال: " أتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر فشهد عليه رجلان، فشهد أحدهما أنه رآه يشرب وشهد الآخر أنه رآه يقئ، فأرسل عمر إلى ناس من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما تقول يا أبا الحسن، فإنك الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق، وإن هذين قد اختلفا في شهادتهما، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ما قاءها حتى شربها، فقال: وهل تجوز شهادة الخصي؟

فقال: ما ذهاب لحيته إلا كذهاب بعض أعضائه "(3).

الثاني عشر: الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن قال: حدثني محمد الكاتب عن علي بن عبد الله بن معاوية بن ميسرة بن شريح قال: حدثني عبد الله بن معاوية عن أبيه ميسرة عن أبيه شريح قال ميسرة: تقدمت إلى شريح: امرأة فقالت: إني جئتك مخاصمة، فقال لها: وأين خصمك؟

فقالت: أنت خصمي فأخلى لها المجلس وقال لها: تكلمي فقالت: إني امرأة لي إحليل ولي فرج فقال: قد كان لأمير المؤمنين في هذا قضية ورث من حيث جاء البول قالت: إنه يجئ منهما جميعا، فقال لها: من حيث سبق البول قالت: ليس منهما شئ يسبق، يجيئان في وقت واحد

____________

(1) التهذيب 10: 314 / 1168.

(2) التهذيب 10: 47 / 169.

(3) التهذيب 6: 281 / 774.

الصفحة 274 

وينقطعان في وقت واحد.

فقال لها: إنك لتخبرين بعجب، فقالت: أخبرك بما هو أعجب من هذا، تزوجني ابن عم لي وأخذ مني خادما فوطيتها فأولدتها، وإنما جئتك لما ولد لي لتفرق بيني وبين زوجي فقام من مجلس القضاء فدخل على علي (عليه السلام) فأخبره بما قالت المرأة، فأمر بها فأدخلت وسألها عما قال القاضي فقالت: هو الذي أخبرك، قال: فأحضر زوجها، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): " هذه امرأتك وابنة عمك "؟

قال: نعم.

قال: " قد علمت ما كان قد أخدمتها خادما فوطئها فأولدتها ثم قال وطئتها بعد ذلك "؟

قال: نعم.

قال له علي (عليه السلام): " لأنت أجرى من خاصي الأسد، علي بدينار الخصي " وكان معدلا وبامرأتين فأتى بهم فقال لهم: " خذوا هذه المرأة إن كانت امرأة فادخلوها بيتا وألبسوها نقابا وجردوها من ثيابها وعدوا أضلاع جنبيها " ففعلوا ثم خرجوا إليه فقالوا له: عدد الأيمن اثنا عشر ضلعا والجنب الأيسر أحد عشر ضلعا، فقال علي (عليه السلام): " الله أكبر ائتوني بالحجام " فأخذ من شعرها وأعطاها رداء وحذاء وألحقها بالرجال، فقال الزوج: يا أمير المؤمنين امرأتي وابنة عمي ألحقتها بالرجال، ممن أخذت هذه القضية؟

فقال (عليه السلام): " إني ورثتها من أبي آدم، وحواء خلقت من ضلع آدم، وأضلاع الرجال أقل من أضلاع النساء بضلع، وعدوا أضلاعها أضلاع رجل " فأمر بهم فأخرجوا(1).

____________

(1) التهذيب 9: 355 / 1272.