فصل في وصف الإمام بالنص وفضائلهوما يتصل بذلك من فضائل أهل البيت وشيعتهم ومحبيهم 3

الباب الثامن عشر

 

في قوله * (وآت ذا القربى حقه والمسكين...) *

 

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

 

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن محمد بن عبد الله عن بعض أصحابنا أظنه السياري عن علي بن أسباط قال: لما ورد أبو الحسن (عليه السلام) على المهدي رآه يرد المظالم فقال: " يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد "؟ فقال: وما ذاك يا أبا الحسن قال: " إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه (صلى الله عليه وآله) فدك وما والاها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) * (وات ذا القربى حقه) * فلم يدر رسول الله من هم فراجع في ذلك جبرائيل، وراجع جبرائيل ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة (عليها السلام) فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: يا فاطمة إن الله أمرني أن ادفع إليك فدك فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما ولي أبو بكر أخرج منها وكلاءها فأتته فسألته أن يردها عليها فقال: ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك فأتت بأمير المؤمنين (عليه السلام) وأم أيمن، فشهدوا لها فكتب لها بترك التعرض فخرجت والكتاب معها فلقاها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتبه إلي ابن أبي قحافة قال: أرينيه، فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه ثم تفل فيه ومحاه وخرقه وقال لها:

 

____________

 

(1) الإسراء: 26.

 

(2) العمدة: 28، والبحار: 23 / 252 ح 31 كلاهما عن الثعلبي.

 

الصفحة 285 

هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب فضعي الحبال في رقابنا.

 

فقال له المهدي: يا أبا لحسن حدها لي فقال: " حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل " فقال: كل هذا؟ قال: " نعم يا أمير المؤمنين هذا كله، إن هذا كله مما لم يوجف على أهله رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخيل ولا ركاب " فقال: كثير وانظر فيه.(1)

 

الحديث الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (رضي الله عنه) عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت عن الرضا (عليه السلام) قال: قول الله تعالى: * (وآت ذا القربى حقه...) * " وهذه خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ادعوا لي فاطمة فدعيت له فقال: يا فاطمة قالت: لبيك يا رسول الله فقال (صلى الله عليه وآله) هذه فدك وهي مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به، فخذيها لك ولولدك "(2).

 

الحديث الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يزيد قال:

 

حدثني أبو نعيم قال: حدثني صاحب عبد الله بن زياد عن علي بن الحسين (عليهما السلام) أنه قال لرجل من أهل الشام: " أما قرأت * (وآت ذا القربى حقه...) * قال: بلى قال: " فنحن هم "(3).

 

الحديث الرابع: العياشي بإسناده في تفسيره عن عبد الرحمن عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لما أنزل الله تعالى * (وآت ذا القربى حقه والمسكين...) * قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا جبرئيل قد عرفت المسكين فمن ذوي القربى؟ قال: هم أقاربك فدعا حسنا وحسينا وفاطمة فقال: إن ربي أمرني أن أعطيكم مما أفاء علي قال: أعطيتكم فدك "(4).

 

الحديث الخامس: العياشي بإسناده عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة فدكا؟ قال: كان وقفها فأنزل الله * (وآت ذا القربى حقه...) * فأعطاها رسول الله حقها قلت: رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعطاها قال: " بل الله أعطاها "(5).

 

الحديث السادس: العياشي بإسناده عن أبان بن تغلب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أكان رسول

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 543 ح 5.

 

(2) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): 2 / 211 ح 1.

 

(3) أمالي الصدوق: 230 / ح 242.

 

(4) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 46.

 

(5) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 47.

 

الصفحة 286 

الله (صلى الله عليه وآله) أعطى فاطمة فدكا قال: " كان لها من الله "(1).

 

الحديث السابع: العياشي بإسناده عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " أتت فاطمة أبا بكر تريد فدكا فقال: هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك قال: فأتت بأم أيمن فقال لها: بما تشهدين؟ قالت: أشهد أن جبرائيل أتى محمدا فقال: فإن الله يقول: * (وآت ذا القربى حقه...) * فلم يدر محمد من هم، فقال: يا جبرائيل سل ربك من هم؟ فقال: فاطمة ذو القربى فأعطاها فدكا فزعموا أن عمر محى الصحيفة وقد كان كتبها أبو بكر "(2).

 

الحديث الثامن: العياشي بإسناده عن عطية العوفي قال: لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وآله) خيبر وأفاء الله عليه فدكا وأنزل الله عليه * (وآت ذا القربى حقه...) * قال: " يا فاطمة لك فدك "(3).

 

الحديث التاسع: العياشي بإسناده عن عبد الرحمن بن فلح كتب المأمون إلى عبيد الله بن موسى العبسي يسأله عن قصة فدك فكتب إليه عبيد الله بن موسى بهذا الحديث(4).

 

الحديث العاشر: العياشي بإسناده عن الفضل بن مرزوق عن عطية أن المأمون رد فدكا على ولد فاطمة (عليها السلام)(5).

 

الحديث الحادي عشر: العياشي بإسناده عن أبي الطفيل عن علي (عليه السلام) قال يوم الشورى: أفيكم أحد تم نوره من السماء، وحين قال * (وآت ذا القربى حقه والمسكين...) * قالوا: لا.(6)

 

____________

 

(1) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 48.

 

(2) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 49.

 

(3) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 50.

 

(4) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 51.

 

(5) تفسير العياشي: 2 / 287 ح 51.

 

(6) تفسير العياشي: 2 / 288 ح 52.

 

الصفحة 287 

 

الباب التاسع عشر

 

في قوله تعالى * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى) *(1)

 

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

 

الثعلبي في تفسيره في تفسير هذه الآية قال: قال ابن عباس (رضي الله عنه): وهي قريظة والنضير وهما بالمدينة وفدك وهي من المدينة على ثلاثة أميال وخيبر وقرى عرسه وينبع جعلها الله تعالى لرسوله يحكم فيها ما أراد واختلفوا فيها فقال أناس: هلا قسمها؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى) * قرابة رسول (صلى الله عليه وآله) وقوله تعالى * (من أهل القرى) * يعني: من أموال كفار أهل القرى، واختلف الفقهاء في وجه استحقاقهم سهمهم من المال الفئ والغنيمة، فقال قوم: أنهم يستحقون ذلك بالقرابة ولا تعتبر فيهم الحاجة وعدم الحاجة، وإليه ذهب الشافعي وأصحابه، وقال آخرون: إنهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة.

 

وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، فإذا قسم ذلك فضل الذكور على الإناث كالحكم في الميراث فيكون للذكر سهمان وللأنثى سهم.

 

وقال محمد بن الحسن يسوي بينهم ولا يفضل الذكور على الإناث(2).

 

قال يحيى بن الحسن صاحب (العمدة): الأقوى ما ذهب إليه الشافعي وهو الصحيح، ويشهد بصحته ظاهر الكتاب العزيز لقوله تعالى: * (ولذي القربى) * فأوجب لهم سهما معلوما، ولم يفرق بين من كان له حاجة وغير ذي حاجة، ومن ذهب إلى أنهم يستحقون ذلك بالحاجة لا بالقرابة فمخالف لظاهر الكتاب العزيز، لأنه لو كان الاستحقاق لمجرد الحاجة لقد كان يوجد في غيرهم من هو أحوج منهم، وإذا وجد من هو أحوج منهم وكان مجرد الاستحقاق حاصلا فيه، وهو وجود الحاجة دون القربى كان أحق به، وهذا خلاف ورود النص في لفظ الآية لأن لفظ الآية متضمن لفظ * (القربى) * ولفظ * (القربى) * حاصل فيهم لا في غيرهم، وقوله: يقسم بينهم قسمة الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين مخالف أيضا لظاهر الكتاب العزيز، وعلى كلا الوجهين فهو مستحق لهم من جانب الميراث أولا للفظ القرآن أنه لهم، لأنهم أولوا القربى، والثاني لموافقة أبي حنيفة على قسمته للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا ثبت ذلك لم يبق إلا وجوب الميراث لهم (عليهم السلام) ولا حجة لمن دفعهم عنه انتهى كلامه(3).

 

____________

 

(1) الحشر: 7.

 

(2) العمدة: 55 / 56 عن الثعلبي.

 

(3) العمدة: 56 / ذيل ح 56.

 

الصفحة 288 

 

الباب العشرون

 

في قوله تعالى * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى...) *

 

من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث

 

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم ابن عمر اليماني عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول:

 

" نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه وبنبيه (صلى الله عليه وآله) فقال: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) * منا خاصة، ولم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس "(1).

 

الحديث الثاني: الشيخ في (التهذيب) بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن علي عن أبي جميلة قال: وحدثني محمد بن الحسن عن أبيه عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء) * قال: " الفئ من كان من أموال لم يكن فيها هراقة دم أو قتل، والأنفال مثل ذلك هو بمنزلته "(2).

 

الحديث الثالث: الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن عن السندي بن محمد عن علاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول " الفئ والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة من الدماء، وقوم صولحوا وأعطوا بأيديهم، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كله من الفئ فهذا لله ولرسوله، فما كان لله فهو لرسوله يضعه حيث شاء، وهو للإمام بعد الرسول (صلى الله عليه وآله):

 

وقوله * (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) * قال: ألا ترى هو هذا وأما قوله: * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى...) * فهذا بمنزلة المغنم كان أبي (عليه السلام) يقول: ذلك وليس لنا فيه غير سهمين سهم الرسول وسهم القربى ثم نحن شركاء الناس فيما بقي "(3).

 

الحديث الرابع: محمد بن العباس الثقة في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 539 ح 1.

 

(2) تهذيب الأحكام: 4 / 133 / ح 5.

 

(3) تهذيب الأحكام: 4 / 134 / ح 10.

 

الصفحة 289 

محمد بن عيسى عن علي بن حديد ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وجميعا عن منصور بن حازم عن يزيد بن علي (عليه السلام) قال: قلت له جعلت فداك قول الله عز وجل * (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى...) * قال: " القربى هي والله قرابتنا "(1).

 

الحديث الخامس: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن هودة عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن حماد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل:

 

* (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) * فقال أبو جعفر (عليه السلام): " هذه الآية نزلت فينا خاصة فما كان لله وللرسول فهو لنا ونحن ذووا القربى ونحن المساكين لا تذهب مسكنتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبدا ونحن أبناء السبيل فلا يعرف سبيل الله إلا بنا والأمر كله لنا "(2).

 

____________

 

(1) بحار الأنوار: 23 / 258 ح 6.

 

(2) بحار الأنوار: 23 / 258 ح 7.

 

الصفحة 290 

 

الباب الحادي والعشرون

 

في قوله تعالى * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *

 

من طريق العامة وفيه حديثان

 

 

الحديث الأول: الفقيه أبو الحسن ابن المغازلي الشافعي في كتاب الفضائل في معنى الآية قال:

 

أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن الطيب الواسطي أذنا قال: حدثنا أبو القاسم الصفار قال:

 

حدثنا عمر بن أحمد بن هارون قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا يعقوب ابن يوسف قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثنا مسعود بن سعد عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * قال: " نحن الناس والله "(1).

 

الحديث الثاني: ابن شهرآشوب عن أبي الفتوح الرازي بما ذكره عبد الله المرزباني عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي علي (عليه السلام) قال: وحدثني أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان) المراد بالناس النبي وآله وقال أبو جعفر (عليه السلام): " المراد بالفضل فيه النبوة، وفي علي الإمامة "(2).

 

 

الباب الثاني والعشرون

 

في قوله تعالى * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *

 

من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث

 

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد بن عامر الأشعري عن معلى بن محمد قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائد عن ابن أذينة عن بريد العجلي قال:

 

سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * فكان جوابه:

 

* (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) * يقولون لأئمة الضلالة والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد

 

____________

 

(1) مناقب ابن المغازلي: 173 / ح 314.

 

(2) مناقب آل أبي طالب: 3 / 15.

 

الصفحة 291 

سبيلا * (أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا أم لهم نصيب من الملك) * يعني:

 

الإمامة والخلافة فإذا * (لا يؤتون الناس نقيرا) * نحن الناس الذين عنى الله، والنقير النقطة التي في وسط النواة * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * نحن الناس المحسودون على ما أتانا الله من الإمامة دون خلق الله أجمعين * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكا عظيما) * يقول: جعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون به في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه وآله) * (فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما) * "(1).

 

الحديث الثاني: ابن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن محمد بن فضيل عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله تبارك وتعالى: * (أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله) * قال: " نحن المحسودون "(2).

 

الحديث الثالث: ابن يعقوب عن معلى بن محمد عن الوشاء عن حماد بن عثمان عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * فقال: " يا أبا الصباح نحن والله الناس المحسودون "(3).

 

الحديث الرابع: ابن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن بريد العجلي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) * " جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمة فكيف يقرون في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمد (صلى الله عليه وآله) " قال: قلت: * (وآتيناهم ملكا عظيما) * قال: " الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم "(4).

 

الحديث الخامس: ابن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (وآتيناهم ملكا عظيما...) * قال: " الطاعة المفروضة " وهذا الباب قد تقدم بزيادة كثيرة في المقصد الأول وكذا سابقه(5).

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 205 ح 1.

 

(2) الكافي: 1 / 206 ح 2.

 

(3) الكافي: 1 / 206 ح 4.

 

(4) الكافي: 1 / 206 ح 5.

 

(5) الكافي: 1 / 186 ح 4.

 

الصفحة 292 

 

الباب الثالث والعشرون

 

في قوله تعالى * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) *

 

من طريق العامة وفيه حديثان

 

 

الحديث الأول: ابن الفقيه المغازلي الشافعي في كتاب (الفضائل) قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن عبد الوهاب إجازة أن أبا أحمد عمر بن عبد الله شوذب أخبرهم حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال: حدثنا محمد بن الصباح الدولائي قال: حدثنا الحكم ابن ظهير عن السدي في قوله تعالى: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * قال: المودة في آل محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

 

وفي قوله * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * قال: رضى محمد أن يدخل أهل بيته الجنة(1).

 

الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال: أخبرني أحمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عبد السميع إجازة عن شاذان القمي قرأه عليه عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسين الحداد قال:

 

نبأنا أبو نعيم قال: نبأنا أبو بكر بن البراء قال: نبأنا محمد بن أحمد الكاتب قال: نبأنا عيسى بن مهران قال: نبأنا حفص بن عمر قال: نبأنا الحكم بن ظهير عن أبي الزناد عن زيد بن علي في قوله عز وجل:

 

* (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * فقال: إن من رضى رسول الله أن يدخل أهل بيته وذريته في الجنة(2).

 

____________

 

(1) مناقب ابن المغازلي: 195 / ح 360.

 

(2) درر السمطين: 2 / 295 / ب 61 / ح 553.

 

الصفحة 293 

الباب الرابع والعشرون

 

في قوله تعالى * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) *

 

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

 

 

محمد بن العباس عن أحمد بن محمد النوفلي عن أحمد بن محمد الكاتب عن عيسى بن مهران بإسناده إلى زيد بن علي (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (ولسوف يعطيك ربك فترضى) * قال: إن رضا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إدخال أهل بيته وشيعتهم الجنة، وكيف لا، وإنما خلقت الجنة لهم(1) والنار لأعدائهم، فعلى أعدائهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين(2).

 

____________

 

(1) ويؤيده ما روي في ذلك:

 

 

 

لولاك ما خلقت الأفلاك

 

 

عن سليمان بن عساكر في حديث قدسي: " لقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي، ولولاك ما خلقت الدنيا " (لوامع أنوار الكوكب الدري: 1 / 15).

 

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث: " أنا وأنت من شجرة واحدة ولولانا لم يخلق الله الجنة ولا النار ولا الأنبياء ولا الملائكة " (بحار الأنوار: 26 / 349 ح 23، والهداية الكبرى: 101).

 

* أقول: أحاديث " لولاك ما خلقت الأفلاك - فلولا محمد (صلى الله عليه وآله) ما خلقت آدم ولا الجنة ولا النار " ونحوهما، مروي عند الخاصة والعامة بطرق متكثرة (الخصائص الكبرى: 1 / 7 باب خصوصيته بكتب اسمه على العرش، وإلزام الناصب: 1 / 40 الثمرة الخامسة، وعيون أخبار الرضا: 1 / 205 باب 26 ح 22، ولوامع أنوار الكوكب الدري: 1 / 15، والفتاوى الحديثية: 134، ومناقب الخوارزمي: 318، ومقتل الخوازمي: 1 / 15، والفردوس بمأثور الخطاب: 1 / 77 ح 8031، وجامع الأحاديث: 1 / 77 ح 369، وكنز العمال: 11 / 431 ح 32025، وقصص الأنبياء: 25، والمستدرك: 2 / 615، وإرشاد القلوب: 2 / 414، والأنوار النعمانية: 1 / 243، وإثبات الوصية:

 

77).

 

 

لولاكم ما استدارت الأكر         ولا استنارت شمس ولا قمر

ولا تدلى غصن ولا ثمر ولا تندى ورق ولا خضر

 

 

ولا سرى بارق ولا مطر (مشارق أنوار اليقين: 246 - 247).

 

(2) بحار الأنوار: 16 / 142 ح 10.

 

الصفحة 294 

 

الباب الخامس والعشرون

 

في قوله تعالى * (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة

فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة) *(1)

 

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

 

محمد بن الصباح الزعفراني عن المزني عن الشافعي عن مالك بن حميد عن أنس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: * (فلا اقتحم العقبة) *: " إن فوق الصراط عقبة كؤودا طولها ثلاثة آلاف عام ألف عام هبوط وألف عام شوك وحسك وعقارب وحيات وألف عام صعود أنا أول من يقطع تلك العقبة وثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب " وقال بعد كلام " لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد وأهل بيته " الخبر(2).

 

 

الباب السادس والعشرون

 

في قوله تعالى * (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة) *

 

من طريق الخاصة وفيه أحد عشر حديثا

 

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن يونس قال: أخبرني من رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة) * يعني بقوله * (فك رقبة) * " ولاية أمير المؤمنين فإن ذلك فك رقبة "(3).

 

الحديث الثاني: ابن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن أبيه عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك * (فلا اقتحم العقبة) * قال: " من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة، ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا " قال: فسكت فقال لي:

 

" هل أفيدك حرفا خير لك من الدنيا وما فيها؟ " قلت: بلى جعلت فداك قال: قوله: * (فك رقبة) * ثم

 

____________

 

(1) البلد: 11 - 14.

 

(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 6.

 

(3) الكافي: 1 / 422 ح 49.

 

الصفحة 295 

قال: " الناس كلهم عبيد النار غيرك وأصحابك فإن الله فك رقابهم من النار بولايتنا أهل البيت "(1).

 

الحديث الثالث: ابن بابويه في كتاب (بشارات الشيعة) عن أبيه قال: حدثني سعد بن عبد الله قال: حدثني عباد بن سليمان عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: جعلت فداك * (فلا اقتحم العقبة) * وذكر الحديث السابق بعنيه(2).

 

الحديث الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا عبد الله ابن موسى عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله:

 

* (فك رقبة) * قال: " بنا تفك الرقاب وبمعرفتنا، ونحن المطعمون في يوم الجوع وهو المسغبة "(3).

 

الحديث الخامس: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره عن الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس بن يعقوب عن يونس بن زهير عن أبان قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن هذه الآية * (فلا اقتحم العقبة) * قال: " يا أبان هل بلغك من أحد فيها شئ؟ " فقلت لا فقال: " نحن العقبة فلا يصعد إلينا إلا من كان منا " ثم قال: " يا أبان ألا أزيدك فيها حرفا خيرا لك من الدنيا وما فيها "؟ قلت: بلى قال: " فك رقبة الناس مماليك النار كلهم غيرك وغير أصحابك ففكهم الله منها "

 

قلت: بما فكنا منها؟ قال: " بولايتكم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) "(4).

 

الحديث السادس: محمد بن العباس عن أحمد بن القاسم عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن محمد بن عمر عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى: * (فك رقبة) * قال: " الناس كلهم عبيد النار إلا من دخل في طاعتنا وولايتنا فقد فك رقبته من النار والعقبة ولايتنا "(5).

 

الحديث السابع: محمد بن العباس قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد الطبري بإسناده عن محمد بن فضيل عن أبان بن تغلب قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: * (فلا اقتحم العقبة) * فضرب بيده على صدره وقال: " نحن العقبة التي من اقتحمها نجا " ثم سكت ثم قال: " ألا أفيدك كلمة خير لك من الدنيا وما فيها " وذكر الحديث الذي تقدم(6).

 

الحديث الثامن: محمد بن العباس عن محمد بن القاسم عن عبيد بن كثير عن إبراهيم بن

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 430 ح 88.

 

(2) فضائل الشيعة للصدوق: 25 / ح 19.

 

(3) تفسير القمي: 2 / 423.

 

(4) بحار الأنوار: 24 / 281 ح 2.

 

(5) بحار الأنوار: 24 / 281 ح 3.

 

(6) بحار الأنوار: 24 / 281 ح 4.

 

الصفحة 296 

إسحاق عن محمد بن فضيل عن أبان بن تغلب عن الإمام جعفر بن محمد (عليه السلام) في قوله عز وجل: * (فلا اقتحم العقبة) * قال: " نحن العقبة ومن اقتحمها نجا وبنا فك الله رقابكم من النار "(1).

 

الحديث التاسع: روي عن الباقر (عليه السلام) أنه قال: " نحن العقبة التي من اقتحمها نجا ثم سكت ثم قال لي ألا أزيدك كلمة هي خير لك من الدنيا وما فيها قوله تعالى فك رقبة الناس كلهم عبيد النار ما خلا نحن وشيعتنا فك الله رقابهم من النار "(2).

 

الحديث العاشر: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: قوله: * (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة) * قال: قال: " العقبة الأئمة من صعدها فك رقبته من النار " قال: " لا يقيه من التراب شئ "(3).

 

الحديث الحادي عشر: علي بن إبراهيم قال: خبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إسماعيل بن عباد عن الحسين بن أبي يعقوب عن بعض أصحابه عن أبي جعفر (عليه السلام): " * (أيحسب أن لن يقدر عليه أحد) * يعني يقتل في قتله بنت النبي (صلى الله عليه وآله) * (يقول أهلكت مالا لبدا) * يعني الذي جهز به النبي (صلى الله عليه وآله) في جيش العسرة * (أيحسب أن لم يره أحد) * قال:

 

فساد كان في نفسه * (ألم نجعل له عينين) * يعني رسول الله * (ولسانا) * يعني أمير المؤمنين * (وشفتين) * يعني الحسن والحسين * (وهديناه النجدين) * إلى ولايتهما * (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة) * يقول: ما أعلمك وكل شئ في القرآن وما أدراك فهو ما أعلمك * (ويتيما ذا مقربة) * يعني رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمقربة قرباه * (أو مسكينا ذا متربة) * يعني أمير المؤمنين متربا بالعلم "(4).

 

____________

 

(1) بحار الأنوار: 24 / 282 ح 5.

 

(2) بحار الأنوار: 24 / 281 ح 4.

 

(3) تفسير القمي: 2 / 423.

 

(4) تفسير القمي: 2 / 423.

 

الصفحة 297 

 

الباب السابع والعشرون

 

في قوله تعالى * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) *(1)

 

من طريق العامة وفيه أحد عشر حديثا

 

 

الحديث الأول: ابن شهرآشوب من طريق المخالفين عن أبي بكر الهذلي عن الشعبي أن رجلا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله علمني شيئا ينفعني الله به قال: " عليك بالمعروف فإنه ينفعك في عاجل دنياك وآخرتك " إذا قبل علي (عليه السلام) فقال: يا رسول الله فاطمة تدعوك قال: " نعم "

 

فقال الرجل من هذا يا رسول الله قال: " هذا من الذين أنزل الله فيهم * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * "(2).

 

الحديث الثاني: ابن شهرآشوب أيضا عن ابن عباس وأبي برزة وابن شراحيل والباقر (عليه السلام) قال:

 

" قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي مبتدئا: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * أنت وشيعتك وميعادي وميعادكم الحوض إذا حشر الناس جئت أنت وشيعتك غرا محجلين "(3).

 

الحديث الثالث: إبراهيم الإصفهاني فيما نزل في القرآن في علي (عليه السلام) بالإسناد عن شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث قال علي (عليه السلام): نحن أهل بيت لا نقاس بالناس " فقام رجل فأتى ابن عباس فأخبره بذلك فقال: صدق علي، أوليس النبي لا يقاس بالناس، وقد نزل في علي (عليه السلام): * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) *(4).

 

الحديث الرابع: أبو بكر الشيرازي في كتاب (نزول القرآن في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام)) في حديث مالك بن أنس عن حميد عن أنس بن مالك قال: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) * نزلت في علي صدق أول الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) * (وعملوا الصالحات) * تمسكوا بأداء الفرائض * (أولئك هم خير البرية) * يعني عليا أفضل الخليقة بعد النبي إلى آخر السورة(5).

 

الحديث الخامس: الأعمش عن عطية عن الخدري وروى الخطيب الخوارزمي عن جابر أنه لما

 

____________

 

(1) البينة: 7.

 

(2) مناقب آل أبي طالب: 2 / 266.

 

(3) مناقب آل أبي طالب: 2 / 266.

 

(4) مناقب آل أبي طالب: 2 / 267.

 

(5) مناقب آل أبي طالب: 2 / 267.

 

الصفحة 298 

نزلت هذه الآية قال النبي (صلى الله عليه وآله): " علي خير البرية " وفي رواية جابر كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أقبل علي قالوا: جاء خير البرية(1).

 

الحديث السادس: أبو المؤيد موفق بن أحمد في كتاب (المناقب) قال: أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهر دار بن شيرويه بن شهر دار الديلي فيما كتب لي من همدان حدثنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني إجازة عن الشريف أبي طالب الفضل بن محمد بن طاهر الجعفري (رضي الله عنه) بداره بأصبهان في سكة الخوز، أخبرنا الشيخ الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى ابن مردويه بن فورك الإصبهاني حدثنا أحمد بن محمد بن السري أخبرنا المنذر بن محمد بن المنذر حدثني أبي حدثني عمي الحسين بن سعيد عن أبيه عن إسماعيل بن زياد البزاز عن إبراهيم ابن مهاجر حدثنا يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب علي قال: سمعت عليا - كرم الله وجهه - يقول:

 

" حدثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا مسنده إلى صدري فقال أي علي ألم تسمع قول الله تعالى: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين "(2).

 

الحديث السابع: الحبري يرفعه إلى ابن عباس قال: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * في علي (عليه السلام) وشيعته(3).

 

الحديث الثامن: في (كتاب شواهد التنزيل) للحاكم أبي إسحاق الحسكاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ بالإسناد المرفوع إلى يزيد بن شرحيل الأنصاري كاتب علي قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: " قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا مسنده إلى صدري فقال: يا علي ألم تسمع قول الله * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * هم شيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا اجتمع الأمم للحساب تدعون غرا محجلين ".(4)

 

الحديث التاسع: مقاتل ابن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله: * (هم خير البرية) * قال: نزلت في علي وأهل بيته(5).

 

الحديث العاشر: صاحب كتاب (الأربعين) وهو الثامن والعشرون من أحاديث الأربعين قال:

 

أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن الحسن الصفار بقرائتي عليه قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال

 

____________

 

(1) مناقب آل أبي طالب: 2 / 267.

 

(2) المناقب: 265 / ح 247.

 

(3) تفسير فرات عنه: 583، والدر المنثور: 6 / 79، وشواهد التنزيل: 2 / 466 ح 1136.

 

(4) شواهد التنزيل: 2 / 459 ح 1125.

 

(5) شواهد التنزيل: 2 / 473 ح 1146.

 

الصفحة 299 

أخبرنا أبو العباس بن عقبة قال: حدثنا محمد بن أحمد القطوني قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فقال النبي: " قد أتاكم أخي " ثم التفت إلى الكعبة فضربها(1) بيده ثم قال: " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة " ثم قال: " إنه أولكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية " قال: فنزلت * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * قال فكان أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: قد جاء خير البرية(2).

 

الحديث الحادي عشر: أبو نعيم الأصفهاني يرفعه إلى تميم بن جذلم عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال:

 

لما نزلت هذه الآية قال النبي (صلى الله عليه وآله): " هم أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوكم غضابا مقمحين(3) "(4).

 

____________

 

(1) في الينابيع: فمسها.

 

(2) تاريخ دمشق: 42 / 371 ط. دار الفكر.

 

(3) الإقماح: رفع الرأس وغض البصر.

 

(4) المعجم الأوسط: 4 / 187، وكنز العمال: 13 / 156 ح 36483.

 

الصفحة 300 

 

الباب الثامن والعشرون

 

في قوله تعالى * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) *

 

من طريق الخاصة وفيه سبعة أحاديث

 

 

الحديث الأول: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسيره عن أحمد بن الهيثم عن الحسن ابن عبد الواحد عن الحسن بن الحسين عن يحيى بن مساور عن إسماعيل بن زياد عن إبراهيم بن مهاجر عن يزيد بن شراحيل كاتب علي (عليه السلام) قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول: " حدثني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا مسنده إلى صدري وعائشة عن أذني فأصغت عائشة لتسمع ما يقول فقال: يا أخي ألم تسمع قول الله عز وجل: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جثت الأمم تدعون غرا محجلين شباعا مرويين "(1).

 

الحديث الثاني: محمد بن العباس عن أحمد بن هودة عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن عمرو بن شمر عن أبي مخنف عن يعقوب بن يزيد ثم أنه وجد في كتب أبيه أن عليا (عليه السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: " * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * ثم التفت إلي وقال: هم أنت يا علي وشيعتك وميعادك وميعادهم الحوض تأتون غرا محجلين متوجين " قال يعقوب: فحدثت بهذا الحديث أبا جعفر (عليه السلام) فقال: " هكذا هذا هو عندنا في كتاب علي (عليه السلام) "(2).

 

الحديث الثالث: محمد بن العباس عن أحمد بن محمد الوراق عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن أبي عبد الله عن مصعب بن سالم عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة (عليها السلام): " يا بنية بأبي أنت وأمي أرسلي إلى بعلك فأدعيه لي " فقالت فاطمة للحسن (عليه السلام): " انطلق إلى أبيك فقل له: إن جدي يدعوك " فانطلق إليه الحسن فدعاه فأقبل أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة عنده وهي تقول: " واكرباه لكربك يا أبتاه " فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " لا كرب على أبيك بعد هذا اليوم يا فاطمة إن النبي لا يشق عليه الجيب ولا يخمش عليه الوجه ولا يدعى عليه بالويل ولكن

 

____________

 

(1) بحار الأنوار: 23 / 389 ح 99.

 

(2) بحار الأنوار: 23 / 390 ح 100.

 

الصفحة 301 

قولي كما قال أبوك على إبراهيم: تدمع العين وقد يوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ولو عاش إبراهيم لكان نبيا - ثم قال -: يا علي ادن مني فدنا منه فقال أدخل أذنك في فمي " ففعل فقال: " يا أخي ألم تسمع قول الله عز وجل في كتابه: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * قال: " بلى يا رسول الله " قال: " هم أنت وشيعتك تجيئون غرا محجلين شباعا مرويين ألم تسمع قول الله عز وجل في كتابه: * (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) * قال: " بلى يا رسول الله ".

 

قال: " هم أعداؤك وشيعتهم يجيؤون يوم القيامة مسودة وجوههم ظماء مظمئين أشقياء معذبين كفارا منافقين ذلك لك ولشيعتك وهذا لعدوك وشيعتهم "(1).

 

الحديث الرابع: محمد بن العباس عن جعفر بن محمد الحسيني ومحمد بن أحمد الكاتب قال:

 

حدثنا محمد بن علي بن خلف عن أحمد بن عبد الله عن معاوية بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع أن عليا (عليه السلام) قال لأهل الشورى: " أنشدكم بالله هل تعلمون يوم أتيتكم وأنتم جلوس مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: هذا أخي قد أتاكم ثم التفت إلى الكعبة وقال: ورب الكعبة المبنية إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ثم أقبل عليكم وقال أما إنه أولهم إيمانا، وأقومكم بأمر الله وأوفاكم بعهد الله وأقضاكم بحكم الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية فأنزل الله سبحانه * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * فكبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكبرتم وهنأتموني بأجمعكم فهل تعلمون أن ذلك كذلك "؟ قالوا: اللهم نعم(2).

 

الحديث الخامس: الشيخ الطوسي في أماليه قال: قرأ علي أبي القاسم بن شبل بن أسد الوكيل وأنا أسمع في منزله ببغداد في الربض بباب المحول في صفر سنة عشر وأربعمائة حدثنا ظفر بن حمدون بن أحمد بن شداد البادرائي أبو منصور ببادرايا في شهر ربيع الآخر من سبع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي الأحمري في منزله بفارسفان من رستاق الأسفيدهان من كورة نهاوند في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائتين قال: حدثنا عبد الله ابن حماد الأنصاري عن عمرو بن شمر عن يعقوب بن ميثم الثمار مولى علي بن الحسين قال:

 

دخلت على أبي جعفر (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك يا بن رسول الله إني وجدت في كتب أبي أن عليا قال: لأبي ميثم: " أحبب حبيب آل محمد وإن كان فاسقا زانيا، وأبغض مبغض آل محمد وإن كان

 

____________

 

(1) بحار الأنوار: 24 / 263 - 264 ح 22.

 

(2) بحار الأنوار: 31 / 346 ح 21.

 

الصفحة 302 

صواما قواما فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * ثم التفت إلي وقال: " هم والله أنت وشيعتك يا علي وميعادهم الحوض غدا غرا محجلين متوجين " فقال أبو جعفر: " هكذا هو عيانا في كتاب علي "(1).

 

الحديث السادس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن القطواني قال: حدثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري قال: حدثني إبراهيم بن جعفر بن عبد الله ابن محمد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده " ثم قال: " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة " ثم قال: " إنه أولكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم بالسوية وأعظمكم عند الله مزية قال: فنزلت * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * قال: فكان أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) إذا أقبل علي (صلى الله عليه وآله) قالوا: قد جاء خير البرية(2).

 

الحديث السابع: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبدون المعروف ب (ابن الحاشر) قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال قال: أخبرنا العباس بن عامر قال: حدثنا أحمد بن رزق عن يحيى بن العلا الرازي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دخل علي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في بيت أم سلمة فلما رآه قال: " كيف أنت يا علي إذا جمعت الأمم ووضعت الموازين وبرز لعرض خلقه ودعى الناس إلى ما لا بد منه؟ قال فدمعت عين أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما يبكيك يا علي؟ تدعى والله أنت وشيعتك غرا محجلين رواء مرويين مبيضة وجوههم ويدعى بعدوك مسودة وجوههم أشقياء معذبين أما سمعت إلى قول الله: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * أنت وشيعتك * (والذين كفروا بآياتنا أولئك هم شر البرية) * عدوك يا علي "(3).

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 495 / مجلس 14 / ح 57.

 

(2) أمالي الطوسي: 251 / مجلس 9 / ح 40.

 

(3) أمالي الطوسي: 671 / مجلس 36 / ح 21.

 

الصفحة 303 

 

الباب التاسع والعشرون

 

في قوله تعالى * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) *

 

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

 

أبو المؤيد موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة قال: أنبأني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار ابن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلى من همدان قال: أخبرنا عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني من كتابه حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد البزاز ببغداد حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون بن محمد الضبي حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ أن محمد بن أحمد القطواني حدثهم قال: حدثنا إبراهيم بن أنس الأنصاري حدثنا إبراهيم بن جعفر ابن عبد الله بن محمد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي أبي طالب (رضي الله عنه) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فقد أتاكم أخي، ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال: " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ".

 

الصفحة 304 

 

الباب الثلاثون

 

في قوله تعالى * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) *(1)

 

من طريق الخاصة وفيه خمسة أحاديث

 

 

الحديث الأول: ابن بابويه قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة قال: حدثنا إسماعيل بن علي بن رزين بن أخي دعبل بن علي الخزاعي عن أبيه قال: حدثنا الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) قال: حدثني أبي عن آبائه عن علي بن أبي طالب قال: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلا هذه الآية * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) * فقال (صلى الله عليه وآله) أصحاب الجنة من أطاعني وسلم لعلي بن أبي طالب بعدي وأقر بولايته وأصحاب النار من سخط الولاية ونقض العهد وقاتله بعدي "(2).

 

الحديث الثاني: الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلا هذه الآية * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) * فقال: " أصحاب الجنة من أطاعني وسلم لعلي بن أبي طالب بعدي، وأقر بولايته " فقيل: وأصحاب النار قال: " من سخط الولاية ونقض العهد وقاتله بعدي "(3).

 

الحديث الثالث: الطوسي في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر الرزاز قال: حدثنا جدي محمد بن عيسى القيسي قال: حدثنا إسحاق بن يزيد الطائي قال:

 

حدثنا سعد بن ظريف الحنظلي عن عطية بن سعد العوفي عن محدوج بن زيد الذهلي فكان في وفد قومه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) تلا هذه الآية * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) * قال: فقلنا: يا رسول الله من أصحاب الجنة؟ قال: " من أطاعني وسلم لهذا من بعدي "

 

قال: وأخذ رسول الله بكف علي وهو يومئذ إلى جنبه فرفعها فقال: " ألا إن عليا مني وأنا منه فمن حاده فقد حادني ومن حادني أسخط الله عز وجل " ثم قال: " يا علي حربك حربي وسلمك سلمي وأنت العلم بيني وبين أمتي " قال عطية: فدخلت على زيد بن أرقم منزله فذكرت له حديث

 

____________

 

(1) الحشر: 20.

 

(2) عيون أخبار الرضا: 2 / 253 ح 22 باب 27.

 

(3) أمالي الطوسي: 363 / مجلس 13 / ح 13.

 

الصفحة 305 

محدوج بن زيد قال: ما ظننت أن بقي ممن سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول هذه غيري أشهد لقد حدثني به رسول الله ثم قال: لقد حاده رجال سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله هذا وقد ردوا(1).

 

الحديث الرابع: صاحب الأربعين الحديث في الحديث التاسع والعشرين قال: أخبرنا أبو علي ابن محمد بن محمد المقري (رضي الله عنه) بقرائتي عليه قال: حدثنا السيد أبو طالب يحيى بن الحسين هارون العلوي الحسني إملاء قال: حدثنا أبو أحمد أبو محمد بن علي (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن جعفر القمي قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثنا الحسن بن محبوب عن صفوان ابن يحيى قال: قال جعفر بن محمد (عليه السلام): " من اعتصم بالله تبارك وتعالى هدي ومن توكل على الله عز وجل كفي، ومن قنع بما رزقه الله أغني ومن اتقى الله نجا، فاتقوا الله عباد الله ما استطعتم وأطيعوا الله وسلموا الأمر لأهله تفلحوا، واصبروا إن الله مع الصابرين * (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) * الآية * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) * وهم شيعة علي (عليه السلام) حدثني بذلك أبي عن أبيه عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أنها قالت: قرأني رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) * فقلت: يا رسول الله من أصحاب النار؟ قال: مبغض علي وذريته ومنقصوهم، فقلت: يا رسول الله فمن الفائزون؟ قال شيعة علي هم الفائزون "(2).

 

الحديث الخامس: صاحب كتاب الأربعين قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن الحسن الصفار بقرائتي عليه قال: أخبرنا أبو عمران مهدي قال: أخبرنا أبو العباس ابن عقدة قال: حدثنا محمد بن أحمد القطواني قال: حدثنا [ إبراهيم بن أنس حدثنا ] إبراهيم بن جعفر عن عبد الله بن محمد بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي فأقبل علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " قد أتاكم أخي " ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده فقال: " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة " ثم قال: " إنه أولكم إيمانا معي وأوفاكم بعهد الله وأقومكم بأمر الله وأعدلكم في الرعية وأقسمكم في السوية وأعظمكم عند الله مزية قال ونزلت: * (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) * "(3).

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 485 / مجلس 17 / ح 32.

 

(2) البحار: 66 / 399 ح 92، وبشارة المصطفى عن الأربعين: 155 / ح 115.

 

(3) بشارة المصطفى عن الأربعين: 149 ح 104.

 

الصفحة 306 

الباب الحادي والثلاثون

 

في قوله تعالى * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة

فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) *(1)

 

من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث

 

 

الحديث الأول: إبراهيم بن محمد الجويني في كتاب (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين) وهو من علماء العامة قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الفامي، أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي ببغداد نبأنا أبو بكر محمد بن الحسين البيهقي السبيعي بحلب حدثني الحسين بن إبراهيم الجصاص ابن حسين بن الحكم بن إسماعيل ابن أبان عن فضيل بن الزبير عن أبي داود السبيعي عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على علي ابن أبي طالب (عليه السلام) فقال: " يا أبا عبد الله ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة والسيئة التي من جاءها أكبه الله في النار ولم يقبل معها عملا؟ " قلت: بلى قال: " الحسنة حبنا والسيئة بغضنا * (فله خير منها) * أي من هذه الحسنة أي فله من هذه الحسنة خير يوم القيامة، وهو الثواب والأمن " قال ابن عباس: * (فله خير منها) * أي يصل إليه الخير، وعن ابن عباس أيضا * (فله خير منها) * يعني الثواب لأن الطاعة فعل العبد، والثواب فعل الله تعالى وقيل: هو أن الله تعالى يقبل إيمانه وحسناته وقبول الله سبحانه خير من عمل العبد وقيل: * (فله خير منها) * أي رضوان الله تعالى قال الله تعالى: * (ورضوان من الله أكبر) * وقال محمد بن كعب وعبد الرحمن بن زيد * (فله خير منها) * أي الأضعاف أعطاه الله تعالى بالواحدة عشرا فصاعدا فهذا خير منها ولقد أحسن ابن كعب وابن زيد في تأويلهما، لأن للأضعاف خصائص، منها: أن العبد يسأل عن عمله ولا يسئل عن الأضعاف، ومنها أن للشيطان سبيلا إلى عمله ولا سبيل إلى الأضعاف، ولأنه لا يطمح للخصوم في الأضعاف، ولأن دار الحسنة دار الدنيا ودار الأضعاف الجنة، ولأن الحسنة على استحقاق العبد والتضعيف كما يليق بكرم الرب سبحانه(2).

 

الحديث الثاني: الحمويني هذا أخبرني أحمد بن إبراهيم بن عمر إجازة عن عبد الرحمن بن

 

____________

 

(1) النمل: 89 - 90.

 

(2) فرائد السمطين: 2 / 297 / باب 61 / ح 554.

 

الصفحة 307 

عبد السميع إجازة عن شاذان بن جبرئيل قرأه عليه، أنبأنا محمد بن عبد العزيز القمي أنبأنا حاكم الدين محمد بن أحمد بن علي أبو عبد الله قال: نبأنا أبو علي الحداد قال: نبأنا أبو نعيم قال: نبأنا بن سهيل قال: نبأنا أحمد بن محمد بن شيبة أبو العباس قال: نبأنا محمد بن الحسين الخثعمي قال: نبأنا أرطاة بن حبيب قال: نبأنا فضيل ابن الزبير الرسان عن عبد الملك عن زادان وأبي داود عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي علي صلوات الله عليه وآله: " يا أبا عبد الله ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من الفزع الأكبر يوم القيامة وبالسيئة التي من جاء بها كبت وجوههم في النار فلم يقبل منها عمل ثم قرأ * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار) * ثم قال: " يا أبا عبد الله الحسنة حبنا والسيئة بغضنا "(1).

 

الحديث الثالث: الحمويني هذا أخبرني شيخنا الإمام مجد الدين محمد بن يحيى بن الحسين أبو الحسن الكرخي إجازة أن لم يكن سماعا بقرائتي عليه قال: أنبأنا الرضي المؤيد بن محمد بن علي إجازة أنبأنا جدي لأمي محمد بن العباس العصاري أبو العباس سماعا عليه، أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي قال: أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال في تفسير قوله تعالى: * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) * قوله: * (من جاء) * أي: من وافى الله تعالى(2).

 

الحديث الرابع: والحبري يرفعه إلى أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على علي (عليه السلام) فقال: " يا أبا عبد الله ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة وفعل به والسيئة التي من جاء بها أدخله الله النار ولم يقبل له معها عمل " قال: قلت: بلى يا أمير المؤمنين فقال: " الحسنة حبنا والسيئة بغضنا "(3).

 

الحديث الخامس: أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال علي (عليه السلام): " ما السيئة التي من جاء بها كبت وجوههم في النار فلم يقبل معها عمل ثم قرأ * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) *؟ قال: يا عبد الله الحسنة حبنا والسيئة بغضنا "(4).

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 2 / 299 / باب 61 / ح 555.

 

(2) فرائد السمطين: 2 / 297 / باب 61 / ح 554.

 

(3) ينابيع المودة: 1 / 291، وتفسير الحبري: 68.

 

(4) بحار الأنوار: 24 / 42 ذيل ح 3، وشواهد التنزيل: 1 / 552.

 

الصفحة 308 

 

الباب الثاني والثلاثون

 

في قوله تعالى * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة

فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) *

 

من طريق الخاصة وفيه أربعة عشر حديثا

 

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن وارمة ومحمد بن عبد الله عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): " دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل: * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) *؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك فقال:

 

الحسنة معرفة الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت "(1).

 

الحديث الثاني: ابن يعقوب عن علي بن محمد عن علي بن العباس عن علي بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * قال: " من تولى الأوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الأولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم (عليه السلام) وهو قول الله عز وجل: * (من جاء بالحسنة فله خير منها...) * يدخله الجنة وهو قول الله عز وجل: * (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) * يقول أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة "(2).

 

الحديث الثالث: علي بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن مسلمة قال: حدثنا يحيى بن زكريا اللؤلؤي عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قوله: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * قال: " هي للمسلمين عامة والحسنة الولاية فمن عمل من حسنة كتبت له عشر فإن لم تكن ولاية رفع عنه بما عمل من حسنة في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق "(3).

 

الحديث الرابع: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني إجازة قال: حدثنا إسماعيل بن موسى بن بنت

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 185 ح 14.

 

(2) الكافي: 8 / 389 ح 574.

 

(3) تفسير القمي: 2 / 131.

 

الصفحة 309 

السدي الفزاري الكوفي قال: حدثنا عاصم بن حميد الحناط عن فضيل الرسان عن نفيع أبي داود السبيعي قال: حدثني أبو عبد الله الجدلي قال: قال لي علي بن أبي طالب (عليه السلام): " ألا أحدثك يا أبا عبد الله بالحسنة التي من جاء بها أمن فزع يوم القيامة، والسيئة التي جاء بها أكب الله وجهه في النار؟

 

قلت: بلى يا أمير المؤمنين.

 

قال: " الحسنة حبنا والسيئة بغضنا "(1).

 

الحديث الخامس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا محمد بن محمد - يعني المفيد - قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار بن موسى الساباطي قال:

 

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن أبا أمية يوسف بن ثابت حدث عنك أنك قلت: " لا يضر مع الإيمان عمل ولا ينفع من الكفر عمل " فقال: " إنه لم يسألني أبو أمية عن تفسيرها إنما عنيت بهذا أنه من عرف الإمام (عليه السلام) من آل محمد وتولاه ثم عمل لنفسه بما شاء من عمل الخير قبل منه ذلك وضوعف له أضعافا كثيرة، فانتفع بأعمال الخير مع المعرفة فهذا ما عنيت بذلك وكذلك لا يقبل الله من العباد الأعمال الصالحة التي يعملونها إذا تولوا الإمام الجائر الذي ليس من الله تعالى " فقال له عبد الله ابن أبي يعفور أليس الله تعالى قال: * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) * فكيف لا ينفع العمل الصالح من تولى أئمة الجور؟ فقال أبو عبد الله (عليه السلام): " وهل تدري ما الحسنة التي عناها الله تعالى في هذه الآية هي والله معرفة الإمام وطاعته وقد قال الله عز وجل:

 

* (ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) * وإنما أراد السيئة إنكار الإمام هو الذي من الله تعالى " ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): " من جاء يوم القيامة بولاية إمام جائر ليس من الله وجاء منكرا لحقنا جاحدا لولايتنا أكبه الله تعالى يوم القيامة في النار "(2).

 

الحديث السادس: محمد بن العباس قال: حدثنا المنذر بن محمد عن أبيه عن الحسين بن سعيد عن أبيه عن أبان بن تغلب عن فضيل بن الذمي عن أبي الجارود عن أبي داود السبيعي عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): " يا أبا عبد الله هل تدري ما الحسنة التي من جاء بها فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار "؟ قلت: لا قال: " الحسنة مودتنا أهل البيت والسيئة عداوتنا أهل البيت "(3).

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 493 / مجلس 17 / ح 49.

 

(2) أمالي الطوسي: 417 / مجلس 14 / ح 87.

 

(3) بحار الأنوار: 24 / 41 ح 2.

 

الصفحة 310 

الحديث السابع: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن ابن جبلة الكناني عن سلام بن أبي حمزة الخراساني عن أبي الجارود عن أبي عبد الله الجدلي قال: قال لي أمير المؤمنين (عليه السلام): " ألا أخبرك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة والسيئة التي من جاء بها كب على وجهه في نار جهنم؟ " قلت نعم يا أمير المؤمنين قال: " الحسنة حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا أهل البيت "(1).

 

الحديث الثامن: محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن عمار الساباطي قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسأله عبد الله بن أبي يعفور عن قول الله عز وجل: * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) * فقال: " وهل تدري ما الحسنة؟ إنما الحسنة معرفة الإمام وطاعته وطاعته من طاعة الله "(2).

 

الحديث التاسع: محمد بن العباس بالإسناد المذكور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " الحسنة ولاية أمير المؤمنين " محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عبد الله عن إبراهيم بن محمد عن إسماعيل ابن بشار عن علي جعفر الحضري عن جابر الجعفي أنه سأل أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار) * قال: " الحسنة ولاية علي والسيئة عداوته وبغضه "(3).

 

الحديث العاشر: أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب (المحاسن) عن أبن فضال عن عاصم بن حميد عن فضيل الرسان عن أبي داود عن أبي عبد الله قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " يا أبا عبد الله ألا أحدثك بالحسنة التي من جاء بها أمن من فزع يوم القيامة وبالسيئة التي من جاء بها أكبه الله على وجهه في النار؟ قلت: بلى قال: " الحسنة حبنا والسيئة بغضنا "(4).

 

الحديث الحادي عشر: أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان) قال: حدثنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسني قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله الحسكاني قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن يحيى بن أحمد قال: حدثني عبد الرحمن بن الفضل قال: حدثني جعفر بن الحسين قال: حدثني محمد بن زيد بن علي عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام): يقول " دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عز وجل * (من جاء بالحسنة) *... إلى

 

____________

 

(1) بحار الأنوار: 24 / 42 ح 3.

 

(2) بحار الأنوار: 24 / 42 ح 4.

 

(3) بحار الأنوار: 24 / 42 ح 5.

 

(4) المحاسن: 1 / 150 ح 69.

 

الصفحة 311 

قوله * (تعملون) *؟ قال: بلى جعلت فداك قال: الحسنة حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا "(1).

 

الحديث الثاني عشر: الطبرسي أيضا قال: حدثنا السيد أبو الحمد قال: حدثنا الحاكم أبو القاسم قال: خبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد الحميري قال حدثنا جدي أحمد بن إسحاق الحميري قال: حدثنا جعفر بن سهل قال: حدثنا أبو زرعة عثمان بن عبد الله القرشي قال: حدثنا أبو لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يا علي لو أن أمتي صاموا حتى صاروا كالأوتار، وصلوا حتى صاروا كالحنايا ثم أبغضوك لأكبهم الله على مناخرهم في النار "(2).

 

الحديث الثالث عشر: علي بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن بن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمرو بن أبي شيبة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: " ابتداء منه إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه ويجمعهم لما لا بد منه أمر منادي ينادي فتجتمع الإنس والجن في أسرع من طرفة عين ثم أذن لسماء الدنيا فتنزل وكان من وراء الناس وأذن للسماء الثانية فتنزل وهي ضعف التي تليها، فإذا رآها أهل سماء الدنيا قالوا: جاء ربنا قالوا لا وهو آت يعني أمره حتى تنزل كل سماء تكون كل واحدة منها من وراء الأخرى وهي ضعف التي تليها ثم ينزل أمر الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ثم يأمر الله مناديا * (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) * " قال: وبكى (عليه السلام) حتى إذا سكت قال: قلت: جعلني الله فداك يا أبا جعفر وأين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وشيعته قال أبو جعفر (عليه السلام): " رسول الله وعلي (عليهما السلام) وشيعته على كثبان(3) من المسك الأذفر على منابر من نور يحزن الناس ولا يحزنون ويفزع الناس ولا يفزعون ثم تلا هذه الآية: * (من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون) * فالحسنة ولاية علي (عليه السلام) ثم قال: * (لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون) * "(4).

 

الحديث الرابع عشر: علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى الحسنة: قال: " والله ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) "(5).

 

____________

 

(1) مجمع البيان: 7 / 410.

 

(2) مجمع البيان: 7 / 410.

 

(3) وهو التل من الرمل.

 

(4) تفسير القمي: 2 / 77.

 

(5) تفسير القمي: 2 / 131.

 

الصفحة 312 

 

الباب الثالث والثلاثون

 

في قوله تعالى * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) *(1)

 

من طريق العامة وفيه حديثان

 

 

الحديث الأول: علي بن الجعد عن شعبة عن حماد بن سلمة عن أنس قال النبي (صلى الله عليه وآله): " إن الله خلق آدم من طين كيف يشاء " ثم قال * (ويختار) * أن اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا فجعلني الرسول وجعل علي بن أبي طالب الوصي " ثم قال: " ما كان لهم الخيرة يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا ولكني أختار من أشاء فأنا وأهل بيتي صفوة الله وخيرته من خلقه ثم قال: * (سبحان الله) * يعني تنزيها لله عما يشركون به كفار مكة "(2).

 

الحديث الثاني: الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من تفاسير الاثني عشر وهو من مشايخ أهل السنة في تفسير قوله تعالى: * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) * يرفعه إلى أنس بن مالك قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن هذه الآية فقال: " إن الله خلق آدم من الطين كيف يشاء ويختار وإن الله تعالى اختارني وأهل بيتي على جميع الخلق فانتجبنا فجعلني الرسول وجعل علي بن أبي طالب الوصي، ثم قال * (ما كان لهم الخيرة) * يعني ما جعلت للعباد أن يختاروا ولكني أختار من أشاء فأنا وأهل بيتي صفوته وخيرته من خلقه ثم قال سبحان الله يعني تنزها لله عما يشركون به كفار مكة ثم قال: * (وربك) * يعني يا محمد * (يعلم ما تكن صدورهم) * من بغض المنافقين لك ولأهل بيتك وما يعلنون بألسنتهم من الحب لك ولأهل بيتك "(3).

 

____________

 

(1) القصص: 68.

 

(2) مناقب آل أبي طالب: 1 / 220.

 

(3) مناقب آل أبي طالب: 1 / 220، وبحار الأنوار: 32 / 47 ذيل ح 152.

 

الصفحة 313 

 

الباب الرابع والثلاثون

 

في قوله تعالى * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) *

 

من طريق الخاصة وفيه حديث واحد

 

 

محمد بن يعقوب عن أبي القاسم (رضي الله عنه) رفعه عن عبد العزيز بن مسلم وروى ابن بابويه في كتاب (معاني الأخبار) قال أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن أحمد بن محمد بن علي الهاروني قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الزمام قال: حدثني القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم واللفظ لمحمد بن يعقوب قال كنا مع الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة. وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي (عليه السلام) فأعلمته خوض الناس في ذلك فتبسم (عليه السلام) ثم قال: " يا عبد العزيز جهلوا القوم وخدعوا عن أديانهم إن الله عز وجل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل لهم الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا وقال عز وجل: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره (صلى الله عليه وآله) * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا بينة فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر.

 

هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال: * (إني جاعلك للناس إماما) * فقال الخليل (عليه السلام) سرورا بها: * (ومن ذريتي) *؟ قال الله تبارك وتعالى: * (لا ينال عهدي الظالمين) * فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة فصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها الله في ذريته أهل

الصفحة 314 

الصفوة والطهارة فقال: * (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) *.

 

فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله عز وجل النبي (صلى الله عليه وآله) فقال جل وتعالى * (إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) * فكانت له خاصة فقلدها رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) بأمر الله عز وجل على رسم ما فرضها الله فصارت في ذريته الأوصياء الذين أتاهم الله العلم والإيمان بقوله جل وعلا: * (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث) * فهي في ولد علي (عليه السلام) خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله) فمن أين يختار هؤلاء الجهال الإمامة.

 

إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء إن الإمامة خلافة الله وخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وميراث الحسن والحسين (عليهما السلام)، لقوله عز وجل * (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) * إن الإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الإمامة أس الإسلام النامي وفرعه السامي بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفئ والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف والإمام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة بالحجة البالغة والإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار، والإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادي في غياهب الدجى، والبلدان القفار ولجج البحار، والإمام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى المنجي من الردئ، الإمام النار على اليفاع(1) الحار لمن اسطلى والدليل في المهالك من فارقه فهالك.

 

الإمام السحاب الماطر والغيث الهاطل والشمس المضيئة والسماء الظليلة والأرض البسيطة والعين الغزيرة والغدير والروضة الإمام الأنيس الرفيق والوالد الشفيق والأخ الشقيق والأم البرة بالولد الصغير ومفزع العباد في الداعية الناد، الإمام أمين الله في خلقه وحجته على عباده وخليفته في بلاده والداعي إلى الله والذاب عن حرم الله، والإمام المطهر من الذنوب المبرأ من العيوب المخصوص بالعلم الموسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار

 

____________

 

(1) في الحديث: " الإمام النار كلما اليفاع " أي يضئ القريب والبعيد " للحار لمن اصطلى " أي لمن أراد الانتفاع، واليفاع ما ارتفع من الأرض، واليفاع ما ارتفع من كل شئ مجمع البحرين (هامش المخطوط).

 

الصفحة 315 

الكافرين، والإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم لا يوجد عنه بدل ولا له مثل ولا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟ هيهات هيهات ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الألباب وخسئت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الألباء وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعيت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف بكله أو ينعت بكنهه أو يفهم شئ من أمره أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه.

 

لا وكيف وأنى وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين ووصف الواصفين فأين الاختيار من هذا؟! وأين العقول عن هذا؟! وأين يوجد مثل هذا أظنوا أن ذلك يوجد في غير آل محمد (صلى الله عليه وآله) كذبتهم والله أنفسهم ومنتهم الأباطيل فارتقوا مرتقا صعبا دحضا تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم راموا إقامة الإمام بعقول جائرة بائرة ناقصة وآراء مضلة فلم يزدادوا منه إلا بعدا قاتلهم الله أنى يؤفكون ولقد راموا صعبا وقالوا إفكا وضلوا ضلالا بعيدا ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة * (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين) * ورغبوا عن إختيار الله واختيار رسوله إلى اختيارهم والقرآن يناديهم * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) *.

 

وقال عز وجل: * (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وقال ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون أم لكم إيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون سلهم أيهم بذلك زعيم أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين) *.

 

وقال عز وجل: * (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها أم طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون أم قالوا سمعنا وهم لا يسمعون إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون أم قالوا سمعنا وعصينا بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) * فكيف لهم باختيار الإمام؟! والإمام عالم لا يجهل وداع لا ينكل معدن القدس والطهارة والنسك والنزاهة والعلم والعبادة مخصوص بدعوة الرسول (صلى الله عليه وآله) ونسل الطاهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب في النسب من قريش والذروة من هاشم والعترة من الرسول (صلى الله عليه وآله) والرضا من الله جل وعز شرف الأشراف والفرع من عبد مناف نامي العلم كامل

الصفحة 316 

الحلم مضطلع بالإمامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر الله عز وجل ناصح لعباد الله عز وجل حافظ لدين الله، إن الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم ليكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله جل وتعالى: * (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون) * وقوله تبارك وتعالى:

 

* (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) * وقوله في طالوت: * (إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم) * وقال لنبيه (صلى الله عليه وآله) * (أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) * وقال في الأئمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله عليهم: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آيتنا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) *.

 

وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لأمور عباده شرح لذلك صدره وأودع قلبه ينابيع الحكمة وألهمه العلم إلهاما، فلم يع بعده بجواب ولا يحير فيه عن صواب فهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطأ والزلل والعثار، ويخصه بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه * (وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) * فهل يقدرون على مثل هذا؟ فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه بعدوا وبيت الله من الحق * (ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون) * وفي كتاب الله الهدى والشفاء فنبذوه واتبعوا أهواءهم فذمهم الله ومقتهم وأنفسهم فقال جل وتعالى: * (فمن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين) * وقال:

 

* (فتعسا لهم وأضل أعمالهم) * وقال: * (كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) * وصلى الله على النبي وآله وسلم تسليما كثيرا "(1).

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 198 ح 1، معاني الأخبار: 96 - 101 / 2.

 

الصفحة 317 

 

الباب الخامس والثلاثون

 

في قوله تعالى * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) *(1)

 

من طريق العامة وفيه حديث واحد

 

 

أبو نعيم الإصفهاني صاحب (حلية الأبرار) بإسناده إلى عون بن أبي جحيفة عن أبيه في قوله تعالى: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " إلى ولايتنا "(2).

 

 

الباب السادس والثلاثون

 

في قوله تعالى * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) *

 

من طريق الخاصة وفيه اثني عشر حديثا

 

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال جميعا عن أبي جميلة عن خالد بن عمار عن سدير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي ثم استقبل البيت فقال: " يا سدير إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله تعالى: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * ثم أومأ بيده إلى صدره إلى ولايتنا " ثم قال: " يا سدير فأريك الصادين عن دين الله " ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد فقال: " هؤلاء الصادون عن دين الله تعالى بلا هدى من الله ولا كتاب مبين إن هؤلاء الأخابث لو جلسوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(3).

 

الحديث الثاني: محمد بن الحسن الصفار في كتاب (بصائر الدرجات) عن محمد بن عيسى عن

 

____________

 

(1) طه: 82.

 

(2) بحار الأنوار: 32 / 166 ح 151.

 

(3) الكافي: 1 / 393 ح 3.

 

الصفحة 318 

صفوان عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * قال: " ومن تاب من ظلم وآمن من كفر وعمل صالحا ثم اهتدى إلى ولايتنا " ثم أومأ بيده إلى صدره(1).

 

الحديث الثالث: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله عن أبيه عن محمد بن خالد قال: حدثنا سهل بن زياد الفارسي قال: حدثنا محمد بن منصور عن عبد الله بن جعفر عن محمد ابن الفيض بن المختار عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال:

 

" خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وهو راكب، وخرج علي (عليه السلام) وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن أما أن تركب وإما أن تنصرف " وذكر الحديث إلى أن قال فيه: " والله يا علي ما خلقت إلا لتعبد ربك وليشرف بك معالم الدين ويصلح بك دارس السبيل ولقد ضل من ضل عنك ولن يهتدي إلى الله عز وجل من لم يهتد إليك وإلى ولايتك وهو قول ربي عز وجل: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * يعني إلى ولايتك "(2).

 

الحديث الرابع: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثنا أحمد بن علي بن محمد قال: حدثنا الحسن بن عبيد الله عن السندي بن محمد عن أبان عن الحارث بن يحيى عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * " ألا ترى كيف اشترط ولم تنفعه التوبة والإيمان والعمل الصالح حتى اهتدى والله لو جهد أن يعمل بعمل ما قبل منه حتى يهتدي " قال:

 

قلت: إلى من جعلني الله فداك؟

 

قال: " إلينا "(3).

 

الحديث الخامس: محمد بن العباس قال: حدثنا علي بن عباس البلخي قال: حدثنا عباد بن يعقوب عن علي بن هاشم عن جابر بن الحر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى:

 

* (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * قال: " إلى ولايتنا "(4).

 

الحديث السادس: محمد بن العباس قال: حدثنا الحسين بن عامر عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله عز وجل: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * قال: " إلى ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) "(5).

 

____________

 

(1) بصائر الدرجات: 78 / 6.

 

(2) أمالي الصدوق: 583 / 803.

 

(3) تفسير القمي: 2 / 61.

 

(4) بحار الأنوار: 24 / 148 ح 26.

 

(5) بحار الأنوار: 24 / 148 ح 27.

 

الصفحة 319 

الحديث السابع: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: أخبرنا - أحمد يعني ابن عقدة - قال: أخبرنا الحسن بن علي بن بزيع قال:

 

حدثنا القاسم بن الضحاك قال: حدثنا شهر بن خوشب أخو العوام عن أبي سعيد الهمداني عن أبي جعفر (عليه السلام) * (إلا من تاب وآمن وعمل صالحا) * قال: " والله لو أنه تاب وآمن وعمل صالحا ولم يهتد إلى ولايتنا ومودتنا ومعرفة فضلنا ما أغنى عنه ذلك شيئا "(1).

 

الحديث الثامن: محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) في قول الله عز رجل: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * قال: " إلى ولايتنا "(2).

 

الحديث التاسع: أحمد بن محمد بن خالد البرقي في (المحاسن) عن أبيه عن حماد بن عيسى فيما أعلم عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله عز وجل: * (إلا من تاب وآمن وعمل صلحا ثم اهتدى) * قال: " إلى ولايتنا والله أما ترى كيف اشترط الله عز وجل "(3).

 

الحديث العاشر: أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان) قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): " * (ثم اهتدى) * إلى ولايتنا [ أهل البيت فوالله ] لو أن رجلا عبد الله عمره ما بين الركن والمقام ثم مات ولم يجئ بولايتنا إلا أكبه(4) الله في النار على وجهه "(5).

 

الحديث الحادي عشر: الطبرسي قال: روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده وأورده العياشي في تفسيره من عدة طرق(6).

 

وعن محمد بن سليمان بإسناد عن داود بن كثير البرقي قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك قوله تعالى: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * فما هذا الاهتداء بعد التوبة والإيمان والعمل الصالح؟ فقال: " معرفة الأئمة والله إمام بعد إمام "(7).

 

الحديث الثاني عشر: علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الفضيل عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى * (ثم اهتدى) * قال: " اهتدى إلينا "(8).

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 259 / 468.

 

(2) بحار الأنوار: 24 / 150 ح 34.

 

(3) المحاسن: 1 / 142 ح 35.

 

(4) في المصدر: لأكبه.

 

(5) مجمع البيان: 7 / 45.

 

(6) مجمع البيان: 7 / 45.

 

(7) فضائل الشيعة: 26 / ح 22، تأويل الآيات: 1 / 316 ح 9.

 

(8) تفسير القمي: 2 / 61.

 

الصفحة 320 

 

الباب السابع والثلاثون

 

في قوله تعالى * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك

وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *(1)

 

من طريق العامة وفيه تسعة أحاديث

 

 

الحديث الأول: الثعالبي في تفسير هذه الآية قال: قال أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): " معناه * (بلغ ما أنزل إليك من ربك) * في فضل علي بن أبي طالب (عليه السلام) " وفي نسخة أخرى أنه (عليه السلام) قال: " * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك في علي) * وقال: هكذا نزلت " رواه جعفر بن محمد: " فلما نزلت هذه الآية أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه "(2).

 

الحديث الثاني: الثعالبي قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد القاضي حدثنا أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين عن حسان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * الآية نزلت في علي بن أبي طالب أمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن يبلغ فيه فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) وقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه "(3).

 

الحديث الثالث: (كشف الغمة) عن زر عن عبد الله قال: كنا نقرأ على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك أن عليا مولى المؤمنين فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس "(4).

 

الحديث الرابع: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة في كتاب (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين) قال: أخبرني السيد النسيب الحسيب برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم بن عمر بن محمد الحسني المدني أبوه أذنا في سنه لما قدم علينا ببحر أباد قال: أنبأنا الإمام جمال الدين محمد بن أسعد البخاري حيلولة وأخبرني الشيخ الإمام مجد الدين عبد الله ابن محمود بن مردود الموصلي وبدر الدين محمد بن محمد بن أسعد البخاري إجازة بروايتهم عن أبي

 

____________

 

(1) المائدة: 67.

 

(2) العمدة: 99 / 132 عن الثعلبي.

 

(3) العمدة: 100 / 134 عن الثعلبي.

 

(4) كشف الغمة: 1 / 326.

 

الصفحة 321 

المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم السمعاني إجازة وأنبأنا الشيخ عبد الحافظ بن بدران بقرائتي عليه قلت له: أخبرك عبد الخالق بن الأنجب بن المعمر التستري إجازة بروايتهما عن أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد والواحد بن أبي قاسم القشيري قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن إسماعيل التفليسي سماعا عليه، أنبأنا أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي الصيدلاني قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن القطان أنبأنا الفضل بن العباس نبأنا عاصم بن عبد الله نبأنا إسماعيل بن زياد عن أبي معشر عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ليلة أسري بي إلى السماء سمعت نداء من تحت العرش أن عليا (عليه السلام) راية الهدى وحبيب من يؤمن بي بلغ عليا (عليه السلام) " فلما نزل النبي (صلى الله عليه وآله) من السماء نسي ذلك فأنزل الله عز وجل * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) *(1).

 

الحديث الخامس: محمد بن أحمد بن شاذان من طريق المخالفين بحذف الإسناد في المناقب المائة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (عليه السلام):

 

" ليلة أسري بي إلى السماء السابعة سمعت نداء من تحت العرش: إن عليا آية الهدى وحبيب من يؤمن بي بلغ عليا فلما نزل عن السماء نسي ذلك فأنزل الله تعالى * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * في علي * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * الآية(2).

 

الحديث السادس: صاحب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة) عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: " لما انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوادع نزل أرضا يقال لها (ضوجان) فنزلت هذه الآية * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * فلما نزلت عصمته من الناس نادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس إليه فقال (صلى الله عليه وآله): من أولى منكم بأنفسكم، فضجوا بأجمعهم وقالوا: الله ورسوله، فأخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله، فإنه مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وكان آخر فريضة فرضها الله تعالى على أمة محمد (صلى الله عليه وآله).

 

ثم أنزل الله تعالى على نبيه * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * قال أبو جعفر: فقبلوا: " من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلما أمرهم من الفرائض في الصلاة والصوم والزكاة والحج وصدقوه على ذلك " قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر ما كان ذلك؟ قال: " لتسع

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 1 / 158 / ب 32 / ح 120.

 

(2) مائة منقبة: 90 / منقبة 56.

 

الصفحة 322 

عشر ليلة خلت من ذي الحجة ستة عشرة عند منصرفه من حجة الوداع، وكان بين ذلك وبين وفاة النبي مائة يوم وكان سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم اثني عشر رجلا "(1).

 

الحديث السابع: الحافظ أبو نعيم الفضل أحمد بن عبد الله بن إسحاق بن موسى بن مهران الإصفهاني في كتابه الموسوم ب (نزول القرآن في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)) بإسناده يرفعه إلى عون بن عبيد بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو نائم إذ يوحى إليه وإذا حية في جانب البيت فكرهت أن أقتلها وأوقظه فاضطجعت بينه وبين الحية، فإن كان منها سوء كان لي دونه فاستيقظ وهو يتلو هذه الآية * (إنما وليكم الله ورسوله) * ثم قال: الحمد لله الذي أكمل لعلي منيته وهنيئا لعلي بتفضيل الله إياه ثم التفت فرآني إلى جانبه فقال: " ما اضطجعت هاهنا " قلت: لمكان هذه الحية؟ قال: " قم إليها فاقتلها " فقتلتها ثم أخذ بيدي فقال: " يا أبا رافع سيكون بعدي قوم يقاتلون عليا حق على الله جهادهم فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ليس وراء ذلك شئ وقد قال الله تعالى: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) *(2).

 

الحديث الثامن: أبو نعيم في الكتاب المذكور يرفعه إلى علي بن عامر عن أبي الحجاف عن الأعمش عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * وقد قال الله تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *(3).

 

الحديث التاسع: المالكي في الفصول المهمة قال روى الإمام أبو الحسن الواحدي في كتابه المسمى ب (أسباب النزول)(4) يرفعه بسنده إلى أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) هذه الآية * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * يوم غدير خم في علي بن أبي طالب، وقوله: بغدير خم، هو بضم الخاء المعجمة وتشديد الميم مع التنوين: اسم لغيطة على ثلاثة أميال من الجحفة عندها غدير مشهور يضاف إلى الغيطة، هكذا ذكره الشيخ محيي الدين النووي(5).

 

____________

 

(1) تفسير الميزان عن المناقب: 5 / 194.

 

(2) بحار الأنوار: 29 / 305 ذيل ح 270.

 

(3) البحار: 33 / 178 ح 15، وتفسير الميزان عنه: 6 / 58.

 

(4) ذكره مسندا راجع أسباب نزول الآيات: 135 ط. القاهرة.

 

(5) الفصول المهمة: 42.

 

الصفحة 323 

 

الباب الثامن والثلاثون

 

في قوله تعالى * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك

وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *

 

من طريق الخاصة وفيه ثمانية أحاديث

 

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن منصور بن يونس عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " فرض الله عز وجل على العباد خمسا أخذوا أربعا وتركوا واحدة " قلت: أتسميهن لي جعلت فداك؟ فقال: " الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون فنزل جبرائيل (عليه السلام) فقال: يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم، ثم نزلت الزكاة فقال: يا محمد أخبرهم عن زكاتهم ما أخبرتهم عن صلاتهم، ثم نزل الصوم فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان يوم عاشوراء بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال ثم نزل الحج فنزل جبرائيل (عليه السلام) فقال: أخبرهم عن حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) * وكان كمال الدين بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال عند ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أمتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل، فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني فأتتني عزيمة من الله عز وجل بتلة أوعدني أن لم أبلغ أن يعذبني فنزلت * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) * فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي (عليه السلام) فقال: يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله تعالى ثم دعاه فأجابه فأوشك أن ادعي فأجيب، وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون فقالوا: نشهد إنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين " فقال: " اللهم اشهد " ثلاث مرات.

 

ثم قال: " يا معشر المسلمين هذا وليكم بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب " قال أبو جعفر:

 

" كان والله أمين الله على خلقه وعيبة علمه ودينه الذي ارتضاه لنفسه، ثم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حضره

الصفحة 324 

الذي حضره فدعا عليا فقال: يا علي إني أريد أن ائتمنك على ما ائتمني الله عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه فلم يشرك والله فيها يا زياد أحدا من الخلق وإن عليا حضر الذي حضره فدعا ولده فكانوا اثني عشر ذكرا.

 

فقال لهم: يا بني إن الله عز وجل قد أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب وأن يعقوب دعا ولده وكانوا اثنا عشر ولدا ذكرا، فأخبرهم بصاحبهم ألا وإني أخبركم بصاحبكم، ألا إن هذين ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين (عليهما السلام) فاسمعوا لهما وأطيعوا ووازروهما، فإني قد أتمنتهما على ما أئتمنني عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) مما أئتمنه الله عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه، فأوجب لهما من علي (عليه السلام) ما أوجب لعلي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكن لأحد منهما فضل على صاحبه إلا بكبره وإن الحسين كان إذا حضر الحسن (عليه السلام) لم ينطق في ذلك المجلس حتى يقوم، ثم إن الحسن (عليه السلام) حضره من حضره فسلم ذلك إلى الحسين (عليه السلام) ثم إن الحسين حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة، وكان علي بن الحسين مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا "(1).

 

الحديث الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن خالد البرقي قال: حدثنا سهل بن المرزبان الفارسي قال: حدثنا محمد بن منصور عن عبد الله بن جعفر عن محمد بن الفيض بن المختار عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده قال: " خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وهو راكب، وخرج علي (عليه السلام) وهو يمشي، فقال له: يا أبا الحسن إما أن تركب وإما أن تنصرف، فإن الله عز وجل أمرني أن تركب إذا ركبت وتمشي إذا مشيت وتجلس إذا جلست إلا أن يكون حدا من حدود الله لا بد لك من القيام والقعود فيه، وما أكرمني بكرامة إلا وقد أكرمك بمثلها وخصني الله بالنبوة والرسالة، وجعلك وليي في ذلك تقوم في حدوده، وفي صعب أموره.

 

والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما آمن بي من أنكرك ولا أقر بي من جحدك ولا آمن بالله من كفر بك، وإن فضلك لمن فضلي وأن فضلي لك لفضل الله وهو قول الله عز وجل: * (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) * يعني ففضل الله نبوة نبيكم ورحمته ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) فبذلك قال بالنبوة والولاية فليفرحوا يعني الشيعة * (هو خير مما يجمعون) * يعني

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 290 - 291 ح 6.

 

الصفحة 325 

مخالفيهم من الأهل والمال والولد في دار الدنيا، والله يا علي ما خلقت إلا ليعبد ربك ولتعرف بك معالم الدين ويصلح بك دارس السبيل ولقد ضل من ضل عنك، ولن يهتدي إلى الله عز وجل من لم يهتد إليك وإلى ولايتك، وهو قول ربي عز وجل: * (وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى) * يعني إلى ولايتك ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى أن افترض من حقك ما افترضه من حقي، وأن حقك لمفروض على من آمن بي ولولاك لم يعرف حزب الله، وبك يعرف عدو الله ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشئ، ولقد أنزل الله عز وجل إلي * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) * يعني في ولايتك يا علي * (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * ولو لم أبلغ بما أمرت به من ولايتك لحبط عملي، ومن لقي الله عز وجل بغير ولايتك فقد حبط عمله وعد ينجز لي أقول إلا قول ربي تبارك وتعالى، وإن الذي أقول لمن الله عز وجل أنزله فيك "(1).

 

الحديث الثالث: سعد بن عبد الله عن علي بن إسماعيل ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن علي بن النعمان عن محمد بن مروان عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * قال: " هي الولاية "(2).

 

الحديث الرابع: العياشي في تفسيره بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس و [ جابر بن ] عبد الله قالا: أمر الله محمدا (صلى الله عليه وآله) أن ينصب عليا (عليه السلام) للناس ليخبرهم بولايته فتخوف رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقولوا: حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك [ عليه ] فأوحى الله إليه * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * فقام رسول الله [ بولايته ] يوم غدير خم(3).

 

الحديث الخامس: العياشي بإسناده عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لما نزل جبرائيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع بإعلان أمر علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) *... إلى آخر الآية قال: فمكث النبي (صلى الله عليه وآله) ثلاثا حتى أتى الجحفة فلم يأخذ بيده فرقا من الناس فلما نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له: (مهيعة) فنادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فقال النبي (صلى الله عليه وآله): من أولى بكم من أنفسكم قال: فجهروا فقالوا: الله ورسوله ثم قال لهم الثانية فقالوا: الله ورسوله ثم قال لهم الثالثة فقالوا: الله ورسوله فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من

 

____________

 

(1) أمالي الصدوق: 583 / 803.

 

(2) مختصر بصائر الدرجات: 64.

 

(3) تفسير العياشي: 1 / 332 ح 152.

 

الصفحة 326 

خذله فإنه مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبي من بعدي "(1).

 

الحديث السادس: العياشي بإسناده عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) ابتدأ منه:

 

" العجب يا أبا حفص لما لقي علي بن أبي طالب إنه كان له عشرة آلاف شاهد لم يقدر على أخذ حقه والرجل يأخذ حقه بشاهدين إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج من المدينة حاجا وتبعه خمسة آلاف ورجع من مكة وقد شيعه خمسة آلاف من أهل مكة فلما انتهى إلى الجحفة نزل جبرائيل بولاية علي وقد كانت نزلت ولايته بمنى وامتنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) من القيام بها لمكان الناس فقال: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * مما كرهت بمنى فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقمت السمرات(2) فقال رجل من الناس: أما والله ليأتينكم بداهية فقلت لعمر: من الرجل فقال: الحبش(3) يعني عمر بن الخطاب.

 

الحديث السابع: العياشي بإسناده عن زياد بن المنذر أبي الجارود صاحب الزيدية الجارودية قال: كنت عند أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام) بالأبطح وهو يحدث الناس فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له: (عثمان الأعشى) كان يروي عن الحسن البصري فقال: يا بن رسول الله جعلت فداك إن الحسن البصري يحدثنا حديثا يزعم أن هذه الآية نزلت في رجل ولا يخبرنا من الرجل * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * تفسيرها أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس، فقال أبو جعفر (عليه السلام): " ما له لا قضى الله دينه يعني صلاته أما إن لو شاء أن يخبر به أخبر به أن جبرئيل هبط على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له: إن ربك تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك على صلاتهم فدله على الصلاة واحتج بها عليه فدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمته عليها واحتج بها عليهم.

 

ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من زكاتهم على مثل ما دللتهم عليه من صلواتهم فدله على الزكاة، واحتج بها عليه فدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمته على الزكاة، واحتج بها عليهم.

 

ثم أتاه جبرئيل فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من صيامهم على مثل ما دللتهم عليه من صلواتهم وزكاتهم شهر رمضان بين شعبان وشوال يؤتى فيه كذا ويجتنب فيه كذا فدله على الصيام واحتج به عليه فدل رسول الله أمته على الصيام واحتج به عليهم، ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك في حجهم علي مثل ما دللتهم عليه في صلواتهم وزكاتهم

 

____________

 

(1) تفسير العياشي: 1 / 332 ح 153.

 

(2) السمرات: جمع سمرة، أي شجرة.

 

(3) تفسير العياشي: 1 / 332.

 

الصفحة 327 

وصيامهم فدله على الحج واحتج به عليه فدل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمته على الحج واحتج به عليهم.

 

ثم أتاه فقال: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تدل أمتك من وليهم على مثل ما دللتهم عليه في صلواتهم وزكاتهم وصيامهم وحجهم، قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ربي أمتي حديثوا عهد بجاهلية فأنزل الله * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) * تفسيرها أتخشى الناس فالله يعصمك من الناس فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) فرفعها فقال:

 

من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأحب من أحبه وابغض من أبغضه "(1).

 

الحديث الثامن: العياشي بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " لما أنزل الله على نبيه * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين) * قال: " فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد على فقال: يا أيها الناس إنه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمر ثم دعاه الله فأجابه وأوشك أن ادعي فأجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل ما جزى المرسلين، فقال: اللهم اشهد ثم قال: يا معشر المسلمين ليبلغ الشاهد الغائب، أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي إلا أن ولاية علي ولايتي ولا تدري عهدا عهده إلي ربي وأمرني أن أبلغكموه ثم قال: هل سمعتم ثلاث مرات يقولها فقال قائل: قد سمعنا يا رسول الله "(2).

 

____________

 

(1) تفسير العياشي: 1 / 333.

 

(2) تفسير العياشي: 1 / 334.

 

الصفحة 328 

 

الباب التاسع والثلاثون

 

في قوله تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي

ورضيت لكم الإسلام دينا) *

 

من طريق العامة وفيه ستة أحاديث

 

 

الحديث الأول: صدر الأئمة عند المخالفين أبو المؤيد موفق بن أحمد في كتاب (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)) قال أخبرني سيد الحفاظ شهردار بن شيرويه ابن شهردار الديلمي فيما كتب لي من همدان أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي حدثنا الحسن بن عليل العنزي حدثنا محمد بن عبد الرحمن الذراع حدثنا قيس بن حفص حدثنا علي بن الحسن حدثنا أبو هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وآله) يوم دعا الناس إلى غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم، وذلك يوم الخميس يوم دعا الناس إلى علي وأخذ بضبعه ثم رفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه (عليه السلام)، ثم لم يفترقا حتى نزلت هذه الآية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الله أكبر على إكمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي " ثم قال:

 

" اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " وقال حسان بن ثابت:

 

أتأذن لي يا رسول الله أن أقول أبياتا قال: " قل ببركة الله تعالى " فقال حسان بن ثابت:

 

 

يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم وأسمع بالنبي مناديا

بأني مولاكم نعم ونبيكم  فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا

إلهك مولانا وأنت ولينا  ولا تجدن في الخلق للأمر عاصيا

فقال له قم يا علي فإنني  رضيتك من بعدي إماما وهاديا(1)

 

 

الحديث الثاني: إبراهيم بن محمد الحمويني من أعيان علماء العامة قال: أنبأني الشيخ تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عثمان بن عبيد الله الخازن قال: أنبأنا الإمام برهان الدين ناصر ابن أبي المكارم المطرزي إجازة قال: أنبأنا الإمام أخطب خوارزم أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي

 

____________

 

(1) المناقب: 135 / ح 152.

 

الصفحة 329 

الخوارزمي قال: أخبرني سيد الحفاظ فيما كتب إلي من همدان، أنبأنا الرئيس أبو الفتح كتابة حدثنا عبد الله بن إسحاق البغوي: أنبأنا الحسن بن عليل العنزي نبأنا محمد بن عبد الله الذارع نبأنا قيس ابن حفص قال: حدثني علي بن الحسن العبدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وآله) يوم دعا الناس إلى علي في غدير خم أمر الناس بما كان تحت الشجرة من الشوك فقم، وذلك يوم الخميس ثم دعا الناس إلى علي (عليه السلام) فأخذ بضبعه فرفعها حتى رأى الناس إلى بياض أبطيه (صلى الله عليه وآله) ثم لم يفترقا حتى نزلت هذه الآية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فقال رسول الله: " الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي (عليه السلام) " ثم قال: " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " فقال حسان بن ثابت: يا مشيخة قريش اسمعوا شهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم أنشأ يقول ثم أنشد الأبيات المتقدمة(1).

 

الحديث الثالث: الحمويني أيضا عن سيد الحفاظ وهو أبو منصور شهردار ابن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد المقرئ الحافظ أحمد بن عبد الله بن أحمد قال: نبأنا محمد بن أحمد بن علي قال: نبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: نبأنا يحيى الحماني قال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا الناس إلى علي (عليه السلام) في غدير خم وأمر تحت الشجرة من الشوك فقم وذلك يوم الخميس، فدعا (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض أبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي " ثم قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " فقال حسان بن ثابت: ائذن لي يا رسول الله فأقول في علي (عليه السلام) أبياتا تسمعها فقال: " قل على بركة الله " فقام حسان بن ثابت فقال: يا معشر مشيخة قريش اسمعوا قولي شهادة من رسول الله (عليه السلام) بالولاية الثابتة فقال:

 

 

يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم وأسمع بالرسول مناديا

 

 

الأبيات المتقدمة وهذه الأبيات، والحديث المشهور في كتب العامة والخاصة، وقال الحمويني عقيب هذا الحديث والأبيات هذا حديث له طرق كثيرة إلى أبي سعيد سعد بن مالك الخدري

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 1 / 72 / ب 12 / ح 39.

 

الصفحة 330 

الأنصاري(1).

 

الحديث الرابع: أبو نعيم في كتابه الموسوم ب (ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)) يرفعه إلى علي بن عامر عن أبي الحجاف عن الأعمش عن عطية قال: نزلت هذه الآية على رسول الله في علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك) * وقد قال الله تعالى:

 

* (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *(2).

 

الحديث الخامس: أبو نعيم هذا يرفعه إلى قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا الناس إلى علي (عليه السلام) في غدير خم، وأمر بما تحت الشجر من شوك فقم وذلك في يوم الخميس، فدعا عليا (عليه السلام) فأخذ بضبعيه فرفعهما حتى نظر الناس بياض أبطي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الآية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الله أكبر على إكمال الدين وتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي (عليه السلام) من بعدي " ثم قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " قال حسان بن ثابت ائذن لي يا رسول الله فأقول في علي أبياتا تسمعهن، فقال: " قل على بركة الله " فقام حسان فقال: يا معشر قريش اسمعوا قولي بشهادة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الآية الماضية فقال:

 

يناديهم يوم الغدير نبيهم، وذكر الأبيات السابقة وقال في آخر الأبيات:

 

 

فقال له قم يا علي فإنني  رضيتك من بعدي إماما وهاديا

فمن كنت مولاه فهذا وليه         فكونوا له أنصار صدق مواليا

هناك دعا اللهم وال وليه وكن للذي عادا عليا معاديا(3)

 

 

الحديث السادس: صاحب (المناقب الفاخرة) عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: " لما انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع نزل أرضا يقال لها: (ضوجان) نزلت هذه الآية * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك فإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * فلما نزلت عصمة من الناس نادى الصلاة جامعة فاجتمع الناس إليه، وقال (عليه السلام): من أولى منكم بأنفسكم، فضجوا بأجمعهم، وقالوا: الله ورسوله، فأخذ بيد علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 1 / 74 / ب 12 / ح 40.

 

(2) بحار الأنوار: 33 / 178 ح 65.

 

(3) بحار الأنوار: 33 / 179 ح 65.

 

الصفحة 331 

خذله، لأنه مني وأنا منه وهو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وكانت آخر فريضة فرضها الله تعالى على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) ثم أنزل الله تعالى على نبيه * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * " قال أبو جعفر: " فقبلوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلما أمرهم الله من الفرائض في الصلاة والصوم والزكاة والحج وصدقوه على ذلك ".

 

قال ابن إسحاق: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ما كان ذلك قال: " لتسعة عشر ليلة خلت من ذي الحجة سنة عشرة عند منصرفة من حجة الوداع، وكان بين ذلك وبين وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) مائة يوم وكان سمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم اثنا عشر "(1).

 

____________

 

(1) تفسير الميزان عن المناقب: 5 / 194.

 

الصفحة 332 

الباب الأربعون

 

في قوله تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *

 

من طريق الخاصة وفيه خمسة عشر حديثا

 

 

الحديث الأول: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: حدثني أبي عن صفوان بن يحيى عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " آخر فريضة أنزلها الله الولاية، ثم لم ينزل بعدها فريضة ثم أنزل * (اليوم أكملت لكم دينكم) * بكراع الغميم فأقامها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالجحفة فلم ينزل بعدها فريضة "(1).

 

الحديث الثاني: ابن بابويه قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن علي الهاروني قال: حدثني أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم بن الرقام قال: حدثني القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم قال:

 

كنا في أيام الرضا (عليه السلام) بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي (عليه السلام) فأعلمته بما خاض الناس في ذلك فتبسم (عليه السلام) وقال: " يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز وجل: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمرة (صلى الله عليه وآله) * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض (عليه السلام) حتى بين لأمته معالم دينهم وأوضح لهم سبله وتركهم على قصد الحق، وأقام لهم عليا (عليه السلام) علما وإماما وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا بينه فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل ومن رد كتاب الله عز وجل فهو كافر ".

 

وروى هذا الحديث محمد بن يعقوب في الكافي عن أبي محمد القاسم بن أبي العلاء (رحمه الله) رفعه عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضا (عليه السلام) وذكر الحديث وهو طويل ذكرناه بتمامه في الباب

 

____________

 

(1) تفسير القمي: 1 / 162.

 

الصفحة 333 

الرابع والثلاثين في قوله تعالى: * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) *(1) من طريق الخاصة وهو في وصف الإمام ونعوته فليؤخذ من هناك وهو حديث حسن.

 

الحديث الثالث: أبو علي الطبرسي في (مجمع البيان) في تفسير هذه الآية قال: حدثنا السيد العالم أبو الحمد مهدي بن نزار الحسني قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن عبد الله الحسكاني قال: أخبرنا أبو عبد الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو بكر الجرجاني قال: أخبرنا أبو أحمد البصري قال:

 

حدثنا أحمد بن عمار بن خالد قال: حدثنا يحيى بن عبد العزيز الحماني قال: حدثنا قيس بن الربيع عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نزلت هذه الآية قال: " الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضا رب برسالتي وولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعدي، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله "(2).

 

الحديث الرابع: أبو علي الطبرسي: والمروي عن الإمامين عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) أنه لما أنزل الله بعد أن نصب النبي (صلى الله عليه وآله) عليا علما للأنام يوم غدير خم عند منصرفه من حجة الوداع قالا: " وهي آخر فريضة أنزلها الله تعالى لم ينزل بعدها فريضة "(3).

 

الحديث الخامس: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان (رضي الله عنه) قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا أبي قال:

 

حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): " أعطيت تسعا لم يعطها أحد قبلي سوى النبي (صلى الله عليه وآله) لقد فتحت لي السبل وعلمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، ولقد نظرت إلى الملكوت بإذن ربي فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي، فإن بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم، وأتم عليهم النعم ورضي لهم إسلامهم، إذ يقول يوم الولاية لمحمد (صلى الله عليه وآله): يا محمد أخبرهم إني أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم النعمة ورضيت لهم إسلامهم كل ذلك من الله علي فله الحمد "(4).

 

الحديث السادس: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو محمد الفضل بن محمد بن المسيب الشهراني بجرجان قال: حدثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز بن

 

____________

 

(1) الكافي: 1 / 198 ح 1.

 

(2) مجمع البيان: 3 / 274.

 

(3) مجمع البيان: 3 / 274.

 

(4) أمالي الطوسي: 205 / مجلس 8 / ح 1.

 

الصفحة 334 

محمد أبو موسى المجاشعي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد عن أبيه أبي عبد الله (عليه السلام) قال المجاشعي: وحدثنا الرضي علي بن موسى عن أبيه موسى (عليهما السلام) عن أبيه جعفر بن محمد وقالا جميعا عن آبائهما عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: بني الإسلام على خمس خصال: على الشهادتين والقرينتين قيل له: أما الشهادتان فقد عرفناهما فما القرينتان؟ قال: الصلاة والزكاة فإنه لا يقبل أحدهما إلا بالأخرى، والصيام وحج بيت الله من استطاع إليه سبيلا وختم ذلك بالولاية فأنزل الله عز وجل * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * "(1).

 

الحديث السابع: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله - يعني الغضائري - عن علي ابن محمد العلوي قال: حدثنا الحسين بن صالح عن شعيب الجوهري قال: حدثنا محمد ابن يعقوب الكليني عن علي بن محمد عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري عن الصادق جعفر ابن محمد (عليهما السلام) عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: حدثنا الحسن بن علي (عليه السلام): " إن الله عز وجل بمنه ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه * (لا إله إلا هو يميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم) * ولتتسابقوا إلى رحمته ولتتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والصوم والولاية وجعل لكم بابا لتفتحوا به أبواب الفرائض، ومفتاحا إلى سبيله.

 

ولولا محمد (صلى الله عليه وآله) والأوصياء من ولده (عليهم السلام) كنتم حيارى كالبهائم لا تعوفون فرضا من الفرائض، وهل تدخلون قرية إلا من بابها فلما من عليكم بإقامة الأولياء بعد نبيكم (صلى الله عليه وآله) قال: * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * ففرض عليكم لأوليائه حقوقا وأمركم بأدائها إليهم * (ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم ويعرفكم بذلك البركة والنماء والثروة ليعلم من يطيعه منكم بالغيب) * ثم قال عز وجل: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربة فاعملوا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه إن الله هو الغني وأنتم الفقراء إليه فاعلموا من بعد ما شئتم فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين) * سمعت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:

 

" خلقت من نور الله عز وجل، وخلق أهل بيتي من نوري، وخلق محبيهم من نورهم، وسائر الناس في النار "(2).

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 518 / مجلس 18 / ح 41.

 

(2) أمالي الطوسي: 654 / مجلس 34 / ح 5.

 

الصفحة 335 

الحديث الثامن: محمد بن مسعود العياشي في تفسيره بإسناده عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام):

 

" آخر فريضة أنزلها الله الولاية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فلم ينزل من الفرائض شئ بعدها حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ".

 

الحديث التاسع: العياشي بإسناده عن جعفر بن محمد الخزاعي عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " لما نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عرفات يوم الجمعة أتاه جبرائيل (عليه السلام) فقال له: يا محمد أن الله يقرؤك السلام ويقول لك: قل لأمتك: * (اليوم أكملت لكم دينكم) * بولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) * (وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * ولست أنزل عليكم بعد هذا فريضة قد أنزلت عليكم الصلاة والزكاة والصوم والحج وهي الخامسة ولست أقبل هذه الأربعة إلا بها "(1).

 

الحديث العاشر: العياشي بإسناده عن ابن أذينة قال: سمعت زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام): " إن الفريضة كانت تنزل، ثم تنزل الفريضة الأخرى فكانت الولاية آخر الفرائض فأنزل الله * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فقال أبو جعفر (عليه السلام): " يقول الله: لا أنزل عليكم بعد هذه الفريضة فريضة "(2).

 

الحديث الحادي عشر: العياشي بإسناده عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " تمام النعمة دخول الجنة "(3).

 

الحديث الثاني عشر: سليم بن قيس الهلالي ومن كتابه نسخت قال: صعد أمير المؤمنين (عليه السلام) المنبر في عسكره وجمع الناس وبحضرته [ من النواحي ] المهاجرون والأنصار فحمد الله وأثنى عليه وقال: " أيها الناس إن مناقبي أكثر من أن تحصى أو تعد ما أنزل الله في كتابه [ من ذلك ] وما قال في رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكتفي بها عن جميع مناقبي وفضلي، أتعلمون أن الله في كتابه الناطق، السابق إلى الإسلام - في غير آية من كتابه - على المسبوق وإنه لم يسبقني إلى الله ورسوله أحد من الأمة؟ قالوا: اللهم نعم.

 

قال: أنشدكم الله سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن قوله: * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) * فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنزلها الله عز وجل في الأنبياء وأوصيائهم، وأنا أفضل أنبياء الله ورسله وعلي أخي وصيي أفضل الأوصياء " فقام نحو من سبعين رجلا من أهل بدر كلهم من الأنصار وبقية من المهاجرين منهم، من الأنصار: منهم أبو الهيثم بن التيهان، وخالد بن زيد، وأبو أيوب الأنصاري،

 

____________

 

(1) تفسير العياشي: 1 / 293 ح 21.

 

(2) تفسير العياشي: 1 / 293 ح 22.

 

(3) تفسير العياشي: 1 / 293 ح 23.

 

الصفحة 336 

ومن المهاجرين: عمار بن ياسر وغيره قالوا: نشهد أنا [ قد ] سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك.

 

قال: " فأنشدكم الله في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * وقال: * (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) *.

 

وقال: * (لا تتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) * فقال الناس: يا رسول الله أخاصة لبعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم، وأن يفسر لهم من الولاية ما فسرهم من صلواتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، فنصبني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم فقال: إن الله عز وجل أرسلني برسالة ضاق بها صدري، وظننت أن الناس يكذبوني وأوعدني لأبلغها أو ليعذبني، ثم نادى بأعلى صوته بعدما أمر أن ينادي الصلاة جامعة، فصلى بهم الظهر ثم قال: أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم [ ألا ] من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقام إليه سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله ولاؤه ماذا؟ فقال ولاؤه كولايتي من كنت أولى به من نفسه [ فعلي أولى به من نفسه ] فأنزل الله عز وجل * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) *.

 

فقال سلمان: يا رسول الله هذه الآيات في علي خاصة؟ فقال: نعم فيه وفي أوصيائه إلى يوم القيامة، فقال سلمان: يا رسول الله سمهم لي؟ فقال: علي أخي ووزيري وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي وأحد عشر إماما [ من ولده أولهم ]: ابني الحسن وابني الحسين، ثم التسعة من ولده واحدا بعد واحد القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه حتى يردوا علي الحوض ". فقام اثني عشر من البدريين فشهدوا أنا سمعنا ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما قلت سواء لم تزد فيه، ولم تنقص منه [ حرفا ]، وقال بقية السبعين: قد سمعنا كما قلت ولم نحفظ منه كله " وهؤلاء الاثني عشر خيارنا وأفضلنا.

 

قال: " صدقتم ليس كل الناس يحفظ بعضهم أحفظ من بعض " فقام من الاثني عشر أربعة: أبو الهيثم بن التيهان وأبو أيوب الأنصاري وعمار وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، فقالوا: نشهد أنا قد حفظنا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ [ وهو قائم ] وعلي قائم إلى جنبه: " يا أيها الناس إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم ووصيي فيكم وخليفتي من أهل بيتي من بعدي، والذي فرض الله طاعته على المؤمنين في كتابه فأمركم فيه بولايته، فراجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم فأوعدني لأبلغها أو ليعاقبني.

 

الصفحة 337 

[ ثم قال ] يا أيها الناس إن الله جل ذكره أمركم في كتابه بالصلاة وقد بينتها لكم وسننتها، والزكاة والصوم والحج فبينتها وفسرتها لكم، وأمركم في كتابه بولايته، وأني أشهدكم أيها الناس أنها خاصة لعلي وأوصيائي من ولدي وولده أولهم ابني حسن ثم ابني حسين ثم لتسعة من ولد الحسين لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض.

 

يا أيها الناس قد أعلمتكم المهدي بعدي(1) ووليكم وإمامكم وهاديكم بعدي وهو أخي علي ابن أبي طالب، وهو فيكم بمنزلتي فيكم فقلدوه [ دينكم ] وأطيعوه في جميع أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله وأمرني أن أعلمه إياه وأن أعلمكم أنه عنده فسألوه وتعلموا منه ومن أوصيائه ولا تعلموهم ولا تتخلفوا ولا تختلفوا عنهم فإنهم مع الحق والحق معهم لا يزايلونه ولا يزايلهم "(2).

 

الحديث الثالث عشر: الشيخ أحمد بن علي بن أبي منصور الطبرسي في كتاب (الاحتجاج) قال: حدثنا السيد العالم العابد أبو جعفر مهدي بن أبي حرث الحسيني (رضي الله عنه) قال: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي قال: أخبرنا الشيخ السعيد الوالد أبو جعفر - قدس الله روحه - قال: أخبرني جماعة عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن همام قال: أخبرنا على السوري قال: أخبرنا أبو محمد العلوي من ولد الأفطس وكان من عباد الله الصالحين قال: حدثنا محمد بن موسى الهمداني قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثنا سيف بن عميرة وصالح بن علقمة جميعا عن قيس بن سمعان عن علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال: " حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المدينة، وقد بلغ جميع الشرائع قومه غير الحج والولاية " وساق شرح قصة غدير خم وخطبتها بطولها، وفي خطبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) طول(3).

 

وروى هذا الحديث وقصة غدير خم والخطبة بطولها الشيخ الفاضل المتكلم أبو علي محمد ابن أحمد بن علي الفتال المعروف ب (ابن الفارسي) في (روضة الواعظين) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: " حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من المدينة، وقد بلغ جميع الشرائع قومه ما خلا الحج والولاية " وساق الحديث والخطبة بطولها، وتقدم ذلك بتمامه في الباب السابع عشر في باب أحاديث غدير خم من

 

____________

 

(1) في المصدر: مفزعكم بعدي.

 

(2) كتاب سليم بن قيس: 297 - 298 وفيه تفاوت بسيط.

 

(3) الإحتجاج: 1 / 68.

 

الصفحة 338 

طريق الإمامية، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الخطبة: " معاشر الناس هذا علي أخي ووصيي وداعي علمي وخليفتي على أمتي وعلى تفسير كتاب الله عز وجل والداعي إليه والعامل بما يرضاه والمحارب لأعدائه والموالي على طاعته والناهي عن معصيته، خليفة رسول الله وأمير المؤمنين والإمام الهادي بأمر الله، أقول ما يبدل القول لديه بأمر ربي أقول اللهم وال من والاه وعاد من عاداه والعن من أنكره وجحد حقه واغضب على من جحده.

 

اللهم إنك أنت أنزلت الإمامة لعلي وليك عند تبيين ذلك بتفضيلك إياه بما أكملت لعبادك من دينهم وأتممت عليهم نعمتك ورضيت لهم الإسلام دينا، فقلت * (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) * اللهم إني أشهدك أني قد بلغت "(1).

 

الحديث الرابع عشر: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال:

 

حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد الأسدي عن أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي عن عبد الله بن عباس قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري به إلى السماء انتهى إلى نهر يقال له: (النور) وهو قول الله عز وجل: * (وجعل الظلمات والنور) * فلما انتهى به إلى ذلك النهر قال له جبرائيل: يا محمد أعبر على بركة الله قد نور الله لك بصرك، ومد لك أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل غير أن لي في كل يوم اغتماسة فيه، ثم أخرج منها فأنفض أجنحتي، فليس من قطرة تقطر من أجنحتي إلا خلق الله تبارك وتعالى منها ملكا مقربا له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان يلفظ كل لسان بلغة لا يفقهها الآخر، فعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهى إلى الحجب والحجب خمسمائة حجاب من الحجاب إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام.

 

ثم قال: تقدم يا محمد فقال لجبرائيل: ولم لا تكون معي؟ قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان فتقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما شاء الله أن يتقدم حتى سمع ما قال الرب تبارك وتعالى، فقال تبارك وتعالى:

 

أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي، فمن وصلك وصلته ومن قطعك تبكته، أنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا وأنك رسولي وأن عليا وزيرك فهبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكره أن يحدث الناس بشئ كراهة أن يتهموه، لأنهم كانوا حديثي عهد بالجاهلية حتى مضى لذلك ستة أيام، فأنزل الله تبارك وتعالى * (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك) * فاحتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك حتى كان يوم الثامن فأنزل الله تبارك وتعالى عليه

 

____________

 

(1) روضة الواعظين: 89 - 94.

 

الصفحة 339 

* (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " تهديد بعد وعيد لأمضين أمر الله عز وجل فإن يتهموني ويكذبوني فهو أهون علي من أن يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والآخرة قال: وسلم جبرائيل (عليه السلام) على علي بأمرة المؤمنين " فقال علي (عليه السلام): " يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحسن الروية " فقال: " يا علي هذا جبرائيل أتاني من قبل ربي بتصديق ما وعدني ".

 

ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بأمرة المؤمنين، ثم قال: يا بلال ناد في الناس أن لا يبقى غدا أحد إلا عليل إلا خرج إلى غدير خم " فلما كان من الغد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بجماعة أصحابه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: " أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسلني إليكم برسالة وأني ضقت بها ذرعا مخافة أن تتهموني وتكذبوني حتى أنزل الله علي وعيدا بعد وعيد فكان تكذيبكم إياي أيسر علي من عقوبة الله إياي، إن الله تبارك وتعالى أسرى بي واسمعني، وقال: يا محمد أنا المحمود وأنت محمد شققت اسمك من اسمي فمن وصلك وصلته ومن قطعك تبكته أنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إياك، وأني لم أبعث نبيا إلا جعلت له وزيرا، وأنك رسولي وأن عليا وزيرك ".

 

ثم أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي بن أبي طالب فرفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما ولم تريا قبل ذلك ثم قال: " أيها الناس إن الله تبارك وتعالى مولاي وأنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله " فقال الشكاك والمنافقون والذين في قلوبهم مرض وزيغ: نبرأ إلى الله من مقالة ليس بحتم ولا نرضى أن يكون علي وزيره، هذه منه عصبية، فقال سلمان والمقداد وأبو ذر وعمار بن ياسر: والله ما برحنا العرصة حتى نزلت هذه الآية * (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) * فكرر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك ثلاثا ثم قال: " إن كمال الدين وتمام النعمة ورضا الرب بإرسالي إليكم بالولاية بعدي لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) "(1).

 

الحديث الخامس عشر: ابن بابويه قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي قال:

 

حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات قال: حدثنا محمد بن ظهير قال: حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم غدير خم:

 

" أفضل أعياد أمتي، وهو اليوم الذي أمرني الله تعالى ذكره بنصب أخي علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 

____________

 

(1) أمالي الصدوق: 435 / مجلس 56 / ح 10.

 

الصفحة 340 

علما لأمتي يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتم على أمتي فيه النعمة ورضى لهم الإسلام دينا " ثم قال: " معاشر الناس علي مني وأنا من علي خلق من طينتي وهو إمام الخلق بعدي يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي، وهو أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين وخير الوصيين وزوج سيدة نساء العالمين، وأبو الأئمة المهديين.

 

معاشر الناس من أحب عليا أحببته ومن أبغض عليا أبغضته ومن وصل عليا وصلته ومن قطع عليا قطعته ومن جفا عليا جفوته ومن والى عليا واليته ومن عادى عليا عاديته، معاشر الناس أنا مدينة الحكمة وعلي ابن أبي طالب (عليه السلام) بابها، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض عليا معاشر الناس والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ما نصبت عليا علما لأمتي في الأرض حتى نوه الله باسمه في سماواته، وأوجب ولايته على جميع ملائكته "(1).

 

____________

 

(1) أمالي الصدوق: 187 / مجلس 26 / ح 8.