فصل في وصف الإمام بالنص وفضائلهوما يتصل بذلك من فضائل أهل البيت وشيعتهم ومحبيهم 1

الباب الأول 

في قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1)

أنزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم

 

من طريق العامة وفيه احدى وأربعون حديثا(2)

 

 

____________

 

(1) الأحزاب: 33.

 

(2) ذكر جملة من علماء العامة اختصاص الآية بأصحاب الكساء الخمسة فإليك بيانه:

 

 

 

أقوال العلماء باختصاص الآية بأصحاب الكساء (عليهم السلام)

 

 

* قال أبو بكر النقاش في تفسيره: أجمع أكثر أهل التفسير أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (جواهر العقدين: 198 الباب الأول، وتفسير آية المودة: 112).

 

* وقال سيدي محمد بن أحمد بنيس في شرح همزية البوصيري: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أكثر المفسرين أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنين رضي الله عنهم (لوامع أنوار الكوكب الدري: 2 / 86).

 

* وقال العلامة سيدي محمد جسوس في شرح الشمائل: ثم جاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معهم، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) " وفي ذلك إشارة إلى أنهم المراد بأهل البيت في الآية (شرح الشمائل المحمدية: 1 / 107 ذيل باب ما جاء في لباس رسول الله).

 

* وقال السمهودي: وقالت فرقة منهم الكلبي: هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة للأحاديث المتقدمة (جواهر العقدين: 198 الباب الأول).

 

* وقال الطحاوي في مشكل الآثار بعد ذكر أحاديث الكساء: فدل ما روينا في هذه الآثار مما كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أم سلمة مما ذكرنا فيها لم يرد أنها كانت مما أريد به مما في الآية المتلوة في هذا الباب، وأن المراد بما فيها هم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين دون ما سواهم (مشكل الآثار: 1 / 230 ذيل ح 782 باب 106 ما روي عن النبي في الآية).

 

وقال بعد ذكر أحاديث تلاوة النبي (صلى الله عليه وآله) الآية على باب فاطمة: في هذا أيضا دليل على أن هذه فيهم (مشكل الآثار:

 

1 / 231 ح 785 باب 106 ما روي عن النبي في الآية).

 

* قال الفخر الرازي: وأنا أقول: آل محمد (صلى الله عليه وسلم) هم الذين يؤول أمرهم إليه، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم

 

=>

 

الصفحة 174 

____________

 

 

<=

 

الآل، ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أشد التعلقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أن يكونوا هم الآل.

 

أيضا اختلف الناس في الآل فقيل هم الأقارب، وقيل هم أمته، فإن حملناه على القرابة فهم الآل، وإن حملناه على الأمة الذين قبلوا دعوته فهم أيضا آل، فثبت أن على جميع التقديرات هم الآل، وأما غيرهم فهل يدخلون تحت لفظ الآل؟

 

فمختلف فيه، وروى صاحب الكشاف أنه لما نزلت هذه الآية [ المودة ] قيل يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟

 

فقال (صلى الله عليه وسلم): " علي وفاطمة وابناهما ".

 

فثبت أن هؤلاء الأربعة أقارب النبي (صلى الله عليه وسلم)، وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم ويدل عليه وجوه.

 

إلخ (تفسير الفخر الرازي: 27 / 166 مورد آية المودة (23) من سورة الشورى).

 

* وقال أبو بكر الحضرمي في رشفة الصادي: (والذي قال به الجماهير من العلماء، وقطع به أكابر الأئمة، وقامت به البراهين وتظافرت به الأدلة أن أهل البيت المرادين في الآية هم سيدنا علي وفاطمة وابناهما وما كان تخصيصهم بذلك منه صلى الله عليه وآله وسلم إلا عن أمر إلهي ووحي سماوي... والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وبما أوردته منها يعلم قطعا أن المراد بأهل البيت في الآية هم علي وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم، ولا التفات إلى ما ذكره صاحب روح البيان من أن تخصيص الخمسة المذكورين عليهم السلام بكونهم أهل البيت من أقوال الشيعة، لأن ذلك محض تهور يقتضي بالعجب، وبما سبق من الأحاديث وما في كتب أهل السنة السنية يسفر الصبح لذي عينين - إلى أن يقول - وقد أجمعت الأمة على ذلك فلا حاجة لإطالة الاستدلال له) (رشفة الصادي من بحر فضائل بني النبي الهادي: 13 - 14 - 16 الباب الأول - ذكر تفضيلهم بما أنزل الله في حقهم من الآيات).

 

* وقال ابن حجر: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة الحسن والحسين (الصواعق المحرقة: 143 ط. مصر - و ط. بيروت: 220 الباب الحادي عشر، في الآيات الواردة فيهم الآية الأولى).

 

* وقال في موضع آخر بعد تصحيح الصلاة على الآل:. فالمراد بأهل البيت فيها وفي كل ما جاء في فضلهم أو فضل الآل أو ذوي القربى جميع آله (صلى الله عليه وسلم) وهم مؤمنوا بني هاشم والمطلب... وبه يعلم أنه (صلى الله عليه وسلم) قال ذلك كله فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظه الآخر، ثم عطف الأزواج والذرية على الآل في كثير من الروايات يقتضي أنهما ليست من الآل، وهو واضح في الأزواج بناء على الأصح في الآل أنهم مؤمنوا بني هاشم والمطلب، وأما الذرية فمن الآل على سائر الأقوال، فذكرهم بعد الآل للإشارة إلى عظيم شرفهم (الصواعق المحرقة: 146 ط. مصر و 224 - 225 ط.

 

بيروت باب 11، الآيات النازلة فيهم - الآية الثانية).

 

* وقال النووي بشرح مسلم: وأما قوله في الرواية الأخرى: " نساؤه من أهل البيت ولكن أهل بيته من حرم الصدقة ".

 

قال: وفي الرواية الأخرى: " فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا ".

 

فهاتان الروايتان ظاهرهما التناقض، والمعروف في معظم الروايات في غير مسلم أنه قال: " نساؤه لسن من أهل بيته "

 

فتتأول الرواية الأولى على أن المراد أنهن من أهل بيته الذين يسكنونه ويعولهم... ولا يدخلن فيمن حرم الصدقة.

 

=>

 

الصفحة 175 

____________

 

 

<=

 

(صحيح مسلم بشرح النووي: 15 / 175 ح 6175 كتاب الفضائل - فضائل علي).

 

* وقال السمهودي: وحكى النووي في شرح المهذب وجها آخر لأصحابنا: أنهم عترته الذين ينسبون إليه (صلى الله عليه وسلم) قال: وهم أولاد فاطمة ونسلهم أبدا، حكاه الأزهري وآخرون عنه. انتهى. (جواهر العقدين: 211 الباب الأول، وبهامشه:

 

شرح المهذب: 3 / 448).

 

* وقال الإمام مجد الدين الفيروزآبادي: المسألة العاشرة: هل يدخل في مثل هذا الخطاب (الصلاة على النبي) النساء؟ ذهب جمهور الأصوليين أنهن لا يدخلن ونص عليه الشافعي، وانتقد عليه وخطئ المنتقد (الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر: 32 الباب الأول).

 

* وقال سراج الدين: ذهب الجمهور أن الآل من حرمت عليهم الصدقة، فالآل الوارد ذكرهم في الصلاة الإبراهيمية المراد بهم من حرمت الصدقة عليهم، وذهب بعض العلماء إلى أن المراد أزواجه وذريته، وقال في مورد آخر:

 

ولا شك أن الحق مع الجمهور (الصلاة على النبي: 184 - 185).

 

* وقال الملا علي القاري: الأصح أن فضل أبنائهم على ترتيب فضل آبائهم إلا أولاد فاطمة رضى الله تعالى عنها فإنهم يفضلون على أولاد أبي بكر وعمر وعثمان، لقربهم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فهم العترة الطاهرة والذرية الطيبة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (شرح كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة: 210 مسألة في تفضيل أولاد الصحابة).

 

* وقال السمهودي بعد ذكر الأحاديث في إقامة النبي آله مقام نفسه وذكر آية المباهلة وأنها فيهم: وهؤلاء هم أهل الكساء فهم المراد من الآيتين (المباهلة والتطهير) (جواهر العقدين: 204 الباب الأول).

 

* وقال الحمزاوي: واستدل القائل على عدم العموم بما روي من طرق صحيحة: " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جاء ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين " وذكر أحاديث الكساء، إلى أن قال: ويحتمل أن التخصيص بالكساء لهؤلاء الأربع لأمر إلهي يدل له حديث أم سلمة، قالت: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي. (مشارق الأنوار للحمزاوي: 113 الفصل الخامس من الباب الثالث - فضل أهل البيت).

 

* وقال: أبي منصور ابن عساكر الشافعي: بعد ذكر قول أم سلمة: " وأهل البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين " هذا حديث صحيح... والآية نزلت خاصة في هؤلاء المذكورين (كتاب الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين: 106 ح 36 ذكر ما ورد في فضلهن جميعا).

 

وقال ابن بلبان (739 هـ) في ترتيب صحيح ابن حبان: ذكر الخبر المصرح بأن هؤلاء الأربع الذين تقدم ذكرنا لهم هم أهل بيت المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، ثم ذكر حديث نزول الآية فيهم عن واثلة (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 9 / 61 ح 6937 كتاب المناقب).

 

* وقال ابن الصباغ من فصوله: أهل البيت على ما ذكر المفسرون في تفسير آية المباهلة، وعلى ما روي عن أم سلمة:

 

هم النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (مقدمة المؤلف: 22).

 

* وقال الحاكم النيشابوري بعد حديث الكساء والصلاة على الآل وأنه فيهم: إنما خرجته ليعلم المستفيد أن أهل البيت والآل جميعا هم (مستدرك الصحيحين: 3 / 148 كتاب المعرفة - ذكر مناقبهم).

 

* وقال الحافظ الكنجي: الصحيح أن أهل البيت علي وفاطمة والحسنان (كفاية الطالب: 54 الباب الأول).

 

* وقال القندوزي في ينابيعه: أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين لتذكير ضمير عنكم

 

=>

 

الصفحة 176 

____________

 

 

<=

 

ويطهركم (ينابيع المودة: 1 / 294 ط. استانبول 1301 هـ و 352 ط. النجف باب 59 الفصل الرابع).

 

* وقال محب الدين الطبري: باب في بيان أن فاطمة والحسن والحسين هم أهل البيت المشار إليهم في قوله تعالى:

 

(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وتجليله (صلى الله عليه وسلم) إياهم بكساء ودعائه لهم (ذخائر العقبى: 21).

 

* وقال القاسمي: ولكن هل أزواجه من أهل بيته؟ على قولين هما روايتان عن أحمد أحدهما أنهن لسن من أهل البيت ويروى هذا عن زيد بن أرقم (تفسير القاسمي المسمى محاسن التأويل: 13 / 4854 مورد الآية ط. مصر = عيسى الحلبي).

 

* وقال الآلوسي: وأنت تعلم أن ظاهر ما صح من قوله (صلى الله عليه وسلم): " إني تارك فيكم خليفتين - وفي رواية - ثقلين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ".

 

يقتضي أن النساء المطهرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين. (تفسير روح المعاني: 12 / 24 مورد الآية).

 

* وقال الشاعر الحسن بن علي بن جابر الهبل في ديوانه:

 

 

آل النبي هم أتباع ملته   من مؤمني رهطه الأدنون في النسب

هذا مقال ابن إدريس الذي روت الأعلام عنه فمل عن منهج الكذب

وعندنا أنهم أبناء فاطمة وهو الصحيح بلا شك ولا ريب

 

 

(جناية الأكوع: 28).

 

* وقال توفيق أبو علم: فالرأي عندي أن أهل البيت هم أهل الكساء علي وفاطمة والحسن والحسين ومن خرج من سلالة الزهراء وأبي الحسنين رضي الله عنهم أجمعين (أهل البيت: 92 ذيل الباب الأول، و: 8 - المقدمة).

 

وقال في موضع الرد على عبد العزيز البخاري: أما قوله: إن آية التطهير المقصود منها الأزواج، فقد أوضحنا بما لا مزيد عليه أن المقصود من أهل البيت هم العترة الطاهرة لا الأزواج (أهل البيت: 35 الباب الأول).

 

* وقال: وأما ما يتمسك به الفريق الأعم والأكبر من المفسرين فيتجلى فيما روي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " نزلت هذه الآية في خمسة: في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة " (أهل البيت: 13 - الباب الأول).

 

* وقال الشوكاني في إرشاد الفحول في الرد على من قال أنها بالنساء: ويجاب عن هذا بأنه قد ورد بالدليل الصحيح أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنين (إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق في علم الأصول: 83 البحث الثامن من المقصد الثالث، وأهل البيت لتوفيق أبو علم: 36 - الباب الأول).

 

* وقال أحمد بن محمد الشامي: وقد أجمعت أمهات كتب السنة وجميع كتب الشيعة على أن المراد بأهل البيت في آية التطهير النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلي وفاطمة والحسن، لأنهم الذين فسر بهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المراد بأهل البيت في الآية، وكل قول يخالف قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من بعيد أو قريب مضروب به عرض الحائط، وتفسير الرسول (صلى الله عليه وسلم) أولى من تفسير غيره، إذ لا أحد أعرف منه بمراد ربه (جناية الأكوع: 125 الفصل السادس).

 

=>

 

الصفحة 177 

الحديث الأول: من مسند أحمد بن حنبل روى عبد الله أبو عبد الرحمن بن أحمد بن حنبل عن والده أحمد قال: حدثنا محمد بن مصعب - وهو القرساني - قال: حدثنا الأوزاعي عن شداد بن عمارة قال: دخلت على واثلة بن الأصقع وعنده قوم قد ذكروا عليا (عليه السلام) فشتموه فشتمته معهم فقال:

 

ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله؟ قلت: بلى قال: أتيت فاطمة (عليها السلام) أسألها عن علي (عليه السلام) فقالت:

 

" توجه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) " فجلست انتظره حتى جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجلس ومعه علي وحسن وحسين رضي الله تعالى عنهم أخذا كل واحد منهما بيده حتى دخل فأدنى عليا وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه أو قال: " كساء " ثم تلا هذه الآية: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي أحق "(1).

 

الحديث الثاني: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا ابن نمير قال: حدثنا عبد الملك قال حدثنا عطا بن أبي رياح قال: حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان في بيتها فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة فيها خزيرة فدخلت بها عليه فقال: " ادعي لي زوجك وابنيك " قالت:

 

____________

 

 

<=

 

* وقال الشيخ الشبلنجي: هذا ويشهد للقول بأنهم علي وفاطمة والحسن والحسين ما وقع منه (صلى الله عليه وسلم) حين أراد المباهلة هو ووفد نجران كما ذكره المفسرون (نور الأبصار: 122 ط. الهند و 223 ط. قم الباب الثاني - مناقب الحسن والحسين).

 

* وقال العلامة الحلي: أجمع المفسرون وروى الجمهور كأحمد بن حنبل وغيره: أنها نزلت في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله عليهم) (نهج الحق وكشف الصدق: 173).

 

* هذا والعامة قاطبة في مصنفاتهم يطلقون هذا الاسم المبارك على علي وفاطمة والحسن والحسين وأبنائهم صلوات الله عليهم أجمعين، ويفردون لنساء النبي بابا خاصا، راجع مسند أحمد 1: 199 - و 6: 29 ط. م.

 

وكذلك ابن حجر في صواعقه من الفصل الثالث، وكذا الترمذي في صحيحه 5: 662 كتاب المناقب - ط.

 

دار الحديث مصر مناقب أهل البيت، وكذا كل من ألف في أهل البيت فإنه يحصر ذكر مناقبهم، كالشيخ محمود الشرقاوي وتوفيق أبو علم في كتابهما: " أهل البيت "، وكذا ابن العربي في أحكام القرآن: 3 / 1538 حيث ذكر تحت عنوان " المسألة السادسة قوله: أهل البيت " حديث نزول الآية في أصحاب الكساء وتلاوة الرسول الآية على بابهم فقط، ومحب الدين الطبري في الذخائر عنوان: أن فاطمة وعلي والحسن والحسين هم أهل البيت، وكذا السندي في كتابه " دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب "، والسيد المرشد بالله كما في ترتيب آماليه تحت عنوان: " فضل أهل البيت "، وكذا الشبلنجي في نور الأبصار والصبان في إسعاف الراغبين والخوارزمي، والقندوزي، وابن أبي الحديد، والمسعودي، وابن الصباغ، إضافة إلى ما ذكره المصنف هنا.

 

* وهذا يدل - من ما يأتي - على أن الأمة مجمعة على أن أهل البيت هم: علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، أو لا أقل شهرته فيهم!؟.

 

(1) مسند أحمد: 4 / 107.

 

الصفحة 178 

فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه وجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء له خيبري قالت: وأنا في الحجرة أصلي فأنزل الله تعالى هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء وقال: " هؤلاء أهل بيتي وخاصتي اللهم فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قال فأدخلت رأسي البيت وقلت: أنا معكم يا رسول الله؟ قال: " إنك إلى خير، إنك إلى خير "(1).

 

الحديث الثالث: بهذا الإسناد قال: وحدثني بها أبو سلمة مثل حديث عطا سواء(2).

 

الحديث الرابع: بهذا الإسناد قال عبد الملك: وحدثني داود بن أبي عوف الحجاف عن شهر ابن حوشب عن أم سلمة بمثله سواء(3).

 

الحديث الخامس: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا شداد بن عمار عن واثلة بن الأصقع: أنه حدثه قال: طلبت عليا في منزله فقالت فاطمة: " ذهب يأتي برسول لله " قال:

 

فجاءا جميعا فدخلا ودخلت معهما فأجلس عليا عن يساره وفاطمة عن يمينه والحسن والحسين بين يديه ثم التفع عليهم بثوبه وقال: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، اللهم إن هؤلاء أهلي اللهم أهلي أحق اللهم أهلي أحق " قال واثلة فقلت: من ناحية البيت وأنا من أهلك يا رسول الله؟ " وأنت من أهلي " قال واثلة: فذلك أرجا ما أرجو من عملي(4).

 

الحديث السادس: عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الله بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر الحنفي قال: حدثنا عمر بن يونس قال: حدثنا سليمان بن أبي سليمان الزهري قال: حدثنا أبو كثير حدثنا عبد الرحمن بن أبي عمر وحدثني شداد بن عبد الله قال: سمعت واثلة بن الأصقع وقد جئ برأس الحسين بن علي (عليهما السلام) قال: فلقاه رجل من أهل الشام فأظهر سرورا فغضب واثلة وقال: والله لا أزال أحب عليا وحسنا وحسينا أبدا بعد إذ سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في منزل أم سلمة يقول فيهم ما قال: قال واثلة: رأيتني ذات يوم وقد جئت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في منزل أم سلمة وجاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله، وجاء الحسين (عليه السلام) فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه ثم دعا بعلي (عليه السلام) فجاء ثم أغدف

 

____________

 

(1) مسند أحمد: 6 / 291.

 

(2) مسند أحمد: 6 / 291.

 

(3) مسند أحمد: 6 / 292.

 

(4) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 632 ح 1077.

 

الصفحة 179 

عليهم كساء خيبريا كأني أنظر إليه ثم قال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * " قلت لواثلة ما الرجس فقال: الشك في الله عز وجل(1).

 

الحديث السابع: عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: حدثنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا أبو بلخ قال: حدثنا عمرو بن ميمون قال: إني لجالس إلى ابن عباس (رضي الله عنه) إذ أتاه تسعة رهط والخبر طويل ذكرنا منه موضع الحاجة في هذا الباب وذكرناه بطوله في باب خبر غدير خم، وذكر عشر خصال في أمير المؤمنين، ونذكره بطوله في باب خبر الراية إن شاء الله تعالى قال ابن عباس: وأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثوبه فوضعه على علي وفاطمة والحسن والحسين وقال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(2).

 

الحديث الثامن: عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال:

 

حدثنا عبد الحميد يعني ابن مهران حدثني سهل: قال: قالت أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) حين جاء نعي الحسين بن علي (عليه السلام): لعنت أهل العراق، ثم قالت: قتلوه قتلهم الله، غروه وذلوه لعنهم الله، فإني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد جاءته فاطمة غدية ببرمة قد صنعت له فيها عصيدة تحمله في طبق لها حتى وضعتها بين يديه فقال لها: " أين ابن عمك؟ " قالت: " هو في البيت " قال: " اذهبي فأدعيه وائتني بابنيه " قالت: فجاءته تقود ابنيها كل واحد منهما بيد وعلي يمشي في أثرها حتى دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأجلسهما في حجره وجلس علي على يمينه وجلست فاطمة إلى يساره قالت:

 

أم سلمة فاجتذب (صلى الله عليه وآله) من تحتي كساء خيبريا كان بساطا لنا على المدامة في المدينة فلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخذ بشماله طرفي الكساء وألوى بيده اليمنى إلى ربه عز وجل وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قلت: يا رسول الله ألست من أهلك؟ قال: " بلى "

 

فأدخلني في الكساء قالت فدخلت في الكساء بعد ما قضى دعاءه لابن عمه علي وابنيه وابنته فاطمة (عليهم السلام)(3).

 

الحديث التاسع: عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال:

 

حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا علي بن زيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة: " ائتيني بزوجك وابنيك " فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكيا، قالت ثم وضع يده عليه وقال: " اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد،

 

____________

 

(1) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 672 ح 1149.

 

(2) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 683 ح 1168.

 

(3) مسند أحمد: 6 / 298.

 

الصفحة 180 

إنك حميد مجيد " قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال: " إنك على خير "(1).

 

الحديث العاشر: أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال:

 

حدثنا عوف بن أبي المعدل عن عطية الطفاوي عن أبيه أن أم سلمة حدثته قالت: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيتي يوما إذ قالت الخادمة: إن عليا وفاطمة (عليهما السلام) في السدة قالت فقال لي: " قومي فتنحي عن أهل بيتي " قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريبا فدخل علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهما السلام) وهما صبيان صغيران قالت: فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما واعتنق عليا بإحدى يديه وفاطمة باليد الأخرى وقبل فاطمة وأغدف عليهم خميصة سوداء وقال: " اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي " قالت: قلت: وأنا يا رسول الله؟ قال: " وأنت "(2).

 

الحديث الحادي عشر: من صحيح البخاري من الجزء الرابع منه على أحد كراسين من آخر الجزء وأجزاء البخاري من ثمانية وأجزاء مسلم من ستة وهذا من المتفق عليه منهما صحيح البخاري وأخبر الشيخ الإمام أبو بكر عبد الله بن منصور بن عمران الباقلاني المقري صدر الجامع بواسط العراق في رجب من سنة أربع وثمانين وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ الإمام الحافظ أبو الوقت عبد الأول بن شعيب عن الرجال المتصلين إلى الشيخ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري يرفعه إلى مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: قالت عائشة خرج النبي (صلى الله عليه وآله) غداة غد وعليه مرط مرحل(3) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(4).

 

الحديث الثالث عشر: مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه قال: حدثنا أبو بكر بين أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير واللفظ لأبي بكر قالا: حدثنا محمد بن بشر عن زكريا عن مصعب ابن شيبه عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: خرج ذات غداة وعليه مرط مرحل وذكر

 

____________

 

(1) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 602 ح 1029.

 

(2) فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 583 ح 986.

 

(3) مرط مرحل بالحاء المهملة هو الموشى المنقوش عليه صورة رحال الإبل، وروي مرجل بالجيم عليه صور المراجل وهي القدور ونقل عن كتاب (العين للخليل بن أحمد في باب الحاء المهملة المرحل ضرب من برود اليمن سمي مرحلا لأن عليه تصاوير الرحل وما يشبهه المجع (مجمع البحرين) (هامش المخطوط).

 

(4) لا يوجد في صحيح البخاري المطبوع نعم هو في العمدة عن البخاري: 43 / ح 30 وكذلك الطرائف: 123 / ح 187.

 

الصفحة 181 

الحديث السابق بعينه(1).

 

الحديث الثالث عشر: أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي في تفسيره في تفسير قوله تعالى * (طه) * قال: قال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): * (طه) * أي طهارة أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) من الرجس ثم قرأ: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(2).

 

الحديث الرابع عشر: قال: روى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال: " في الجنة لؤلؤتان إلى بطنان العرش: أحدهما بيضاء، والأخرى صفراء في كل واحدة منهما سبعون ألف غرفة أبوابها وأكوابها من عرق واحد، فالبيضاء لمحمد وأهل بيته والصفراء لإبراهيم وأهل بيته "(3).

 

الحديث الخامس عشر: ومن تفسير الثعلبي قال: أخبرني عقيل بن محمد الجرجاني أخبرنا المعافي بن زكريا البغدادي أخبرنا محمد بن حرير حدثني المثنى حدثني أبو بكر بن يحيى بن ريان المغنوي حدثنا مندل عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

 

" نزلت هذه الآية في خمسة: في وفي علي وفي حسن وحسين وفاطمة * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(4).

 

الحديث السادس عشر: الثعلبي قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن فجويه حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا عبد الملك يعني بن سليمان عن عبد الله بن أبي رياح حدثني من سمع أم سلمة - رض الله عنها: إن النبي (صلى الله عليه وآله):

 

كان في بيتها فأتته فاطمة صلوات الله عليها ببرمة فيها حريرة فدخلت بها عليه فقال لها: " ادعي لي زوجك وابنيك " قالت فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة وهو وهم على منام له على دكان تحته كساء خيبري قالت: وأنا في الحجرة أصلي فأنزل الله هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قالت: فأخذ فضل الكساء فتغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال: " هؤلاء أهل بيتي وخاصتي اللهم فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قالت: فأدخلت رأسي في البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟

 

قال: " إنك إلى خير "(5).

 

____________

 

(1) صحيح مسلم: 6 / 145.

 

(2) تأويل الآيات: 1 / 309 ح 1 عن الثعلبي.

 

(3) تأويل الآيات: 1 / 146 ح 4.

 

(4) بحار الأنوار: 31 / 222 ح 30 عن الثعلبي.

 

(5) بحار الأنوار: 31 / 220 ح 27 عن الثعلبي.

 

الصفحة 182 

الحديث السابع عشر: الثعلبي قال أخبرني الحسين بن محمد الثقفي حدثنا عمر بن الخطاب حدثنا عبد الله بن الفضل حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا العوام بن حوشب حدثني ابن عم لي من بني الحرث بن تيم الله يقال له: (مجمع) قال: دخلت مع أمي على عائشة فسألتها أمي قالت: أرأيت خروجك يوم الجمل قالت: إنه كان قدرا من الله تعالى، فسألتها عن علي فقالت: سألتني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقد رأيت عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقد جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يغدف عليهم ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطيرا " قالت: قلت يا رسول الله أنا من أهلك؟ فقال: " تنحي فإنك على خير "(1).

 

الحديث الثامن عشر: الثعلبي قال: أخبرني الحسين بن محمد حدثنا ابن حبش المقري حدثنا أبو ذرعة حدثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة أخبرني أبو نديك حدثني ابن أبي ملائكة عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر الطيار عن أبيه قال: لما نظر رسول الله إلى الرحمة هابطة من السماء قال: " من يدعو " مرتين قالت زينب: أنا يا رسول الله فقال: " ادعي لي عليا وفاطمة والحسن والحسين " قال فجعل حسنا عن يمينه وحسينا عن شماله وعليا وفاطمة تجاهه ثم غشاهم كساء خيبريا ثم قال: " اللهم إن لكل نبي أهلا وهؤلاء أهل بيتي " فأنزل الله عز وجل * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فقالت زينب: يا رسول الله ألا أدخل معكم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " مكانك فإنك إلى خير إن شاء الله "(2).

 

الحديث التاسع عشر: الثعلبي قال: أخبرني الحسين بن محمد حدثنا عمر بن الخطاب حدثنا عبد الله بن الفضل حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن مصعب عن الأوزاعي عن شداد بن عمار قال: دخلت على وأيلة بن الأصقع وعنده قوم فذكروا عليا فشتموه فشتمه معهم فلما قاموا قال لي لم شتمت هذا الرجل قلت رأيت القوم يشتمونه فشتمته معهم فقال: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمة صلوات الله عليها أسألها عن علي فقالت: " توجه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) " فجلست أنتظر حتى جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه علي وحسن وحسين أخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل وأدنى عليا وفاطمة فأجلسهما بين يديه وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه أو قال: كساه ثم تلا هذه الآية: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * " قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وأهل بيتي "(3).

 

____________

 

(1) الطرائف: 30 عن الثعلبي.

 

(2) بحار الأنوار: 31 / 222 ح 30 عن الثعلبي.

 

(3) بحار الأنوار: 31 / 217 ح 24 عن الثعلبي.

 

الصفحة 183 

الحديث العشرون: الثعلبي أبو عبد الله حدثنا أبو سعيد أحمد بن علي بن عمر بن حبيش الرازي حدثنا أحمد بن عبد الرحيم السناني أبو عبد الرحمن حدثنا أبو نويب حدثنا هشام بن يونس عن أبي إسحاق عن نفيع عن أبي داود وعن أبي الحمراء قال: أقمت بالمدينة تسعة أشهر كيوم واحد وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يجئ كل غداة فيقوم على باب علي وفاطمة (عليهما السلام) فيقول: " الصلاة يرحمكم الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(1).

 

الحديث الحادي والعشرون: الثعلبي قال: أخبرني أبو عبد الله حدثنا عبد الله بن أحمد بن يوسف بن مالك حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد حدثنا الحرث بن عبد الله الحارثي حدثنا قيس ابن الربيع عن الأعمش عن عباية بن ربيعي عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " قسم الله الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما فذلك قوله تعالى: * (وأصحاب اليمن ما أصحاب اليمين) *، فأنا من خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلثا فذلك قوله تعالى: * (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون) * فأنا من السابقين وأنا من خير السابقين، ثم جعل إلا ثلاث قبائل فجعلني من خيرها قبيلة، قذلك قوله تعالى * (شعوبا وقبائل) * فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني من خيرها بيتا فذلك قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(2).

 

الحديث الثاني والعشرون: الحميدي قال: الرابع والستون من المتفق عليه من الصحيحين عن البخاري ومسلم من مسند عائشة عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: خرج النبي (صلى الله عليه وآله) ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * " أوليس لمصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة في مسند من الصحيحين غير هذا(3).

 

الحديث الثالث والعشرون: ومن الجمع بين الصحاح الستة من موطأ مالك بن أنس الأصبحي وصحيح مسلم والبخاري وسنن أبي داود السجستاني وصحيح الترمذي والنسخة الكبيرة من صحيح النسائي من جمع الشيخ أبي الحسن رزين بن معاوية العبداري السرقسطي الأندلسي

 

____________

 

(1) بحار الأنوار: 31 / 223 ح 30 عن الثعلبي.

 

(2) العمدة: 42 / 28 عن الثعلبي.

 

(3) الجمع بين الصحيحين: 4 / 224 ح 3435.

 

الصفحة 184 

من صحيح أبي داود السجستاني وهو كتاب السنن في تفسير قوله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * عن عائشة قالت: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله قال: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قال: وعن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أن هذه الآية نزلت في بيتها * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قالت: وأنا جالسة عند الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟

 

فقال: " إنك إلى خير إنك من أزواج رسول الله " قالت: وفي البيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة وحسن وحسين (عليهم السلام) فجللهم بكساء وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "(1).

 

الحديث الرابع والعشرون: في سنن أبي داود وموطأ مالك عن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يمر بباب فاطمة إذ خرج إلى صلاة الفجر حين نزلت هذه الآية قريبا من ستة أشهر يقول: " الصلاة يا أهل البيت * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(2).

 

الحديث الخامس والعشرون: ومن الجزء الثالث من الكتاب - أعني جمع رزين - أيضا في باب مناقب الحسن والحسين (عليهما السلام) من صحيح أبي داود وهو السنن بالإسناد المقدم عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي (عليه السلام) فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(3).

 

الحديث السادس والعشرون: مسلم بن الحجاج في صحيحه قال: حدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني أبو حيان حدثني بزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيبا بماء يدعي خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: " أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه - ثم قال -: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ".

 

فقال: حصين ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل

 

____________

 

(1) سنن أبي داود: 2 / 255 ح 4032 والعمدة: 44 / 31 عن الجمع.

 

(2) العمدة: 45 / 32 عن الجمع.

 

(3) العمدة: 45 / 33 عن الجمع.

 

الصفحة 185 

بيته من حرم الصدقة بعده(1).

 

الحديث السابع والعشرون: مسلم بن الحجاج أيضا في صحيحه قال: حدثنا يزيد بن الريان حدثنا حسان - يعني إبراهيم بن سعيد هو ابن مسروق - عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إني تارك فيكم الثقلين: أحدهما كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة " فقلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا وأيم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أهلها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة من بعده(2).

 

الحديث الثامن والعشرون: موفق ابن أحمد صدر الأئمة عند المخالفين خطيب الخطباء في كتابه (فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)) قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصفهاني أخبرنا بكير بن أحمد بن سهل الصوفي بمكة حدثنا موسى ابن هارون قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب حدثنا عبد الله بن سالم الملائي عن أبي الجحاف عن عطية عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاء إلى باب علي (عليه السلام) أربعين صباحا بعدما دخل على فاطمة فيقول: " السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته الصلاة يرحمكم الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(3).

 

الحديث التاسع والعشرون: موفق بن أحمد من أعيان علماء العامة في كتابه هذا عن أبي سعيد الخدري أنه قال: لما نزل قوله: * (وأمر أهلك بالصلاة) *(4) وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتي باب فاطمة وعلي (عليهم السلام) تسعة أشهر في كل صلاة فيقول: الصلاة يرحمكم الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(5).

 

الحديث الثلاثون: موفق بن أحمد هذا بالإسناد المتقدم عن أحمد بن الحسين عن البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسين القاضي وأبو عبد الرحمن السلمي قالوا:

 

حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا عثمان بن عمر حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن شريك بن أبي نمر عن عطا بن يسار عن أم سلمة - رضي الله

 

____________

 

(1) صحيح مسلم: 7 / 123.

 

(2) صحيح مسلم: 7 / 123.

 

(3) المناقب: 60 / 28.

 

(4) طه: 132.

 

(5) المناقب: 60 / 29.

 

الصفحة 186 

عنها - قالت: في بيتي نزلت * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قالت:

 

فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: " هؤلاء أهلي " فقلت: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ فقال: " بلى إن شاء الله "(1).

 

الحديث الحادي والثلاثون: إبراهيم بن محمد أعيان علماء المخالفين في كتاب (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين (عليهم السلام)) قال: حدثني الشيخ الإمام نجم الدين أبو عمر عثمان بن الموفق بقرائتي عليه بإسفراين أواخر جمادى الآخرة سنة خمس وستين وستمائة والمشايخ الأئمة فريد الدين داود بن محمد بن روزبهان أبو أحمد الشيرازي وكمال الدين محمد بن عمر بن المظفر أبو المكارم المروزي، وقدوة الحكماء محمد بن عثمان بن أبي بكر بن الحاحي الخورشاهي المتطيب الخوريدي إجازة بروايتهم عن والدي شيخ شيوخ الإسلام سلطان الأولياء والمحققين سعد الحق والدين محمد بن المؤيد بن أبي بكر الحمويني (رضي الله عنه) وأرضاه إجازة بروايته عن شيخه شيخ الإسلام نجم الحق والدين أبي الجناب أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله الصوفي الحموقي المعروف بكبرى إجازة إن لم يكن سماعا قال: أنبأنا محمد بن عمر بن علي الطوسي بقرائتي عليه بنيسابور، أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي الفضل السمعاني أنبأنا أبو سعيد محمد بن طلحة الجنابذي قال أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأنصاري بدمشق نبأنا أبو عبد الله أحمد بن عطار الروذباري حدثني علي بن محمد بن عبيد حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي حدثنا يحيى بن معين حدثنا أبو عبيدة نبأنا طريف بن عيسى حدثني يوسف بن عبد الحميد قال: قال لي ثوبان مولى رسول الله: أجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن والحسين على فخذيه وفاطمة في حجره واعتنق عليا (عليه السلام) ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي "(2).

 

الحديث الثاني والثلاثون: إبراهيم بن محمد الحمويني قال: أخبرنا الإمام المفتي جلال الدين أحمد بن محمد عبد الجبار البكراني الأبهري بقرائتي عليه بداره في السابع عشر من شوال سنة سبع وثمانين وستمائة قال: أخبرني الإمام والدي نجم الدين محمد بن محمد وأخبرني الإمام نجد الدين أبو الفضائل محمد بن عبد الله بن الحسن الخراطي الآملي مشافهة بمدينة آمل طبرستان سنة ست وستين وستمائة قال: أنبأنا والدي الإمام مظهر الدين أبو الفضائل عبد الله بن الحسن إجازة وأخبرني إمام الدين يحيى بن الحسين بن عبد الكريم الكرخي إجازة بهمدان في شهور سنة إحدى وسبعين وستمائة قالوا: أخبرنا الإمام رضي الدين أبو الخير أحمد بن الحسين الطالقاني

 

____________

 

(1) المناقب: 61 / 30.

 

(2) فرائد السمطين: 2 / 14 / ب 2 / ح 360.

 

الصفحة 187 

القزويني إجازة قال: أنبأنا الشيخان أبو سعيد ناصر بن سهل بن أحمد البغدادي وأبو محمد محمد ابن المنتصر بن أحمد بن حفص المتولي قالا: أنبأنا القاضي أبو سعيد محمد بن سعيد الفرخزادي أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال: أخبرني الحسين بن محمد حدثنا ابن حبش المقري نبأنا أبو زرعة حدثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة أخبرني ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ملائكة عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر عن أبيه قال: لما نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الرحمة هابطة من السماء قال: " من يدعو " مرتين، قالت زينب: أنا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لي: " ادعي إلي عليا وفاطمة والحسن والحسين " قال: فجعل حسنا عن يمناه وحسينا عن يسراه وعليا وفاطمة وجاهه ثم غشاهم كساء خيبريا ثم قال: " اللهم إن لكل نبي أهل بيت وهؤلاء أهلي فأنزل الله عز وجل * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * " فقالت زينب: يا رسول الله ألا أدخل معك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكانك فإنك إلى خير إن شاء الله تعالى "(1).

 

الحديث الثالث والثلاثون: إبراهيم بن محمد الحمويني هذا أخبرني الإمامان ابن عمي الشيخ الزاهد نظام الدين محمد بن علي بن المؤيد الحمويني والقاضي نصير الدين محمد بن علي البناكتي ثم الإسفرائيني إجازة بروايتهما عن والدي شيخ الإسلام سلطان الأولياء والمحققين سعد الحق والدين محمد بن المؤيد الحمويني (رضي الله عنه) قال: البناكتي قراءة عليه بإسفراين قال: أنبأنا شيخ الشيوخ تاج الدين عبد السلام بمدينة رها قال أنبأنا أبي شيخ الشيوخ عماد الدين عمر بن شيخ الإسلام نجم الدين أبي الحسن بن محمد بن حمويه قال أنبأنا الإمام الأجل قطب الدين مسعود بن محمد النيسابوري قال: أنبأنا الشيخ عبد الجبار بن محمد الخواري قال: أنبأنا الإمام الحافظ شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي قال: أنبأنا أبو محمد جناح بن نذير بن جناح القاضي بالكوفة قال: نبأنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم قال: نبأنا إبراهيم بن إسحاق الزهري قال: نبأنا جعفر يعني ابن عون ويعلى عن أبي حيان التيمي عن يزيد بن حيان قال: سمعت زيد بن أرقم قال: قام فينا ذات يوم رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول الله فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فاستمسكوا بكتاب الله وخذوا به فحث على كتاب الله عز وجل ورغب فيه ثم قال:

 

وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلاث مرات " فقال له حصين: يا زيد من أهل بيته أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: بلى إن نسائه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده قال: ومن

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 2 / 18 / ب 3 / ح 362.

 

الصفحة 188 

هم؟ قال آل علي وآل جعفر وآل العباس وآل عقيل فقال: كل هؤلاء يحرم الصدقة؟ قال: نعم.

 

قال: الشيخ أحمد البيهقي قلت قد بين زيد بن أرقم أن نسائه من أهل بيته واسم أهل البيت للنساء تحقيق وهو متناول الآل واسم لآل لكل من حرم الصدقة من أولاد هاشم وأولاد المطلب لقول النبي (صلى الله عليه وآله) " إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد " وإعطاؤه الخمس الذي عوضهم من الصدقة بني هاشم وبني عبد المطلب وقد يسمي أزواجه آلا بمعنى التشبيه فأراد تخصيص الآل من أهل البيت بالذكر ولفظ النبي (صلى الله عليه وآله) في الوصية بهم عامة يتناول الآل والأزواج وقد أمرنا بالصلاة على جميعهم(1).

 

الحديث الرابع والثلاثون: الحمويني هذا: قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، نبأنا محمد بن يحيى بن منده نبأنا حميد بن سعد، نبأنا حيان الكرماني عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان قال: دخلنا على زيد بن أرقم فقال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: إني تارك فيكم الثقلين: أحدهما كتاب الله عز وجل من معه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة ثم أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي " ثلاث مرات قلنا: من أهل بيته نساؤه؟ قال: لا، أهل بيته عصبته الذين حرموا الصدقة بعده آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل(2).

 

الحديث الخامس والثلاثون: الحمويني هذا بأسانيد إلى الحافظ أبي بكر البيهقي قال: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ قال: أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب صاحب كتاب النسب ببغداد قال: أنبأنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) قال: حدثني الحسين بن زيد بن علي عن عمه عمر بن علي ابن الحسين عن أبيه (عليهم السلام) قال: خطب الحسن بن علي (عليهما السلام) حين قتل علي (عليه السلام) فقال: " لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون وما ترك على ظهر الأرض صفرا ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطاياه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ثم قال " ألا يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا ابن النبي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبرائيل (عليه السلام) ينزل فينا ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأنا من أهل البيت

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 2 / 233 / ب 46 / ح 513.

 

(2) فرائد السمطين: 2 / 250 / ب 48 / ح 520.

 

الصفحة 189 

الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم ثم قرأ * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) * فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت "(1).

 

الحديث السادس والثلاثون: ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء المعتزلة قال: قد بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) عترته من هي لما قال: " أنا تارك فيكم الثقلين " فقال: " وعترتي أهل بيتي " وبين في مقام آخر من أهل بيته حين طرح عليهم الكساء وقال حين نزل * (إنما يريد الله) *: " اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس " ثم قال ابن أبي الحديد: فإن قلت فمن هي العترة التي عناها أمير المؤمنين بهذا الكلام؟ قلت: نفسه وولديه.

 

والأصل في الحقيقة نفسه لأن ولديه تابعان له ونسبتهما إليه مع وجوده كنسبة الكواكب المضيئة مع طلوع الشمس المشرقة، وقد نبه النبي (صلى الله عليه وآله) على ذلك بقوله: " وأبوكما خير منكما "

 

قوله: " وهم أزمة الحق " جمع زمام كأنه جعل الحق دائرا معهم حيث ما داروا ذاهبا معهم حيث ذهبوا كما أن الناقة طوع زمامها وقد نبه الرسول (صلى الله عليه وآله) على صدق هذه القضية بقوله: " وأدر الحق معه حيث دار " قوله: " وألسنة الصدق من الألفاظ الشريفة القرآنية قال الله تعالى: * (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) * " لما كان لا يصدر عنهم حكم ولا قول إلا وهو موافق للحق والصواب جعلهم الله كأنهم ألسنة الصدق لا يصدر عنها قول كاذب أصلا، بل هي كالمطبوعة على الصدق قوله:

 

" فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن " تحته سر عظيم وذاك أنه أمر المكلفين بأن يجروا العترة في إجلالها وإعظامها والانقياد لها والطاعة لأوامرها مجرى القرآن ثم قال ابن أبي الحديد: فإن قلت:

 

فهذا القول منه (صلى الله عليه وآله) يشعر بأن العترة معصومة فما قول أصحابكم في ذلك قلت: نص أبو محمد بن مويه (قدس سره) في كتاب (الكفاية) على أن عليا (عليه السلام) معصوم، وأن لم يكن واجبا العصمة ولا العصمة شرط في الإمامة لكن أدلة النصوص قد دلت على عصمته والقطع على باطنه ومغيبه وإن ذلك أمر اختص هو (عليه السلام) به دون غيره من الصحابة والفرق ظاهر بين قولنا: زيد معصوم وبين قولنا: زيد واجب العصمة لأنه إمام ومن شرط الإمام أن يكوم معصوما، فالاعتبار الأول مذهبنا والاعتبار الثاني مذهب الإمامية(2).

 

الحديث السابع والثلاثون: المالكي في كتاب الفصول المهمة عن الواحدي في كتابه المسمى ب (أسباب النزول) يرفعه بسنده إلى أم سلمة - رضي الله عنها - أنها قالت: كان النبي في بيتها يوما

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 2 / 120 / ب 26 / ح 421.

 

(2) شرح نهج البلاغة: 6 / 375.

 

الصفحة 190 

فأتته فاطمة ببرمة فيها عصيدة(1) فدخلت بها عليه فقال لها: " أدع لي زوجك وأبيك " فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا فجلسوا يأكلون والنبي (صلى الله عليه وآله) جالس على دكة تحته كساء خيبري قالت:

 

وأنا في الحجرة قريبا منهم فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) الكساء فغشاهم به ثم قال: " اللهم أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قالت: فأدخلت رأسي [ في ] البيت وقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟ قال: " إنك إلى خير " فأنزل الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(2).

 

الحديث الثامن والثلاثون: المالكي أيضا قال: ذكر الترمذي في جامعه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان وقت نزول هذه الآية إلى قرب ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمر بباب فاطمة ثم يقول: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(3).

 

الحديث التاسع والثلاثون: أبو المؤيد موفق بن أحمد العامي المتقدم في كتاب (فضائل علي) (عليه السلام) قال: أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبد الملك بن علي بن محمد الهمداني إجازة أخبرني محمد بن الحسين بن علي البزاز أخبرني أبو منصور محمد بن علي بن عبد العزيز أخبرني هلال بن محمد بن جعفر حدثنا أبو بكر محمد بن عمرو الحافظ حدثني أبو الحسن علي بن موسى الجزاز من كتابه حدثني الحسن بن علي الهاشمي حدثني إسماعيل بن أبان حدثني أبو مريم عن ثوير بن أبي فاختة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبي دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) ففتح الله تعالى على يده وأوفقه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة وقال: له: " أنت مني وأنا منك " وقال له: " تقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل "، وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وقال له " أنا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت "، وقال له " أنت العروة الوثقى "، وقال له: " أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم من بعدي "، وقال له: " أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي "، وقال له: " أنت الذي أنزل الله فيك * (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) *(4) "، وقال له: " أنت الآخذ بسنتي والذاب عن ملتي "، وقال له: " أنا أول من تنشق الأرض عنه وأنت معي "، وقال له: " أنا عند الحوض وأنت

 

____________

 

(1) العصيدة: دقيق يلت بالسمن ويطبخ.

 

(2) أسباب النزول للواحدي: 267 ط. مصر، والفصول المهمة: 24 - 152.

 

(3) الفصول المهمة: 152 - 524، وسنن الترمذي: 5 / 31 ح 3259.

 

(4) التوبة: 3.

 

الصفحة 191 

معي "، وقال له: " أنا أول من يدخل الجنة وأنت معي تدخلها أنت والحسن والحسين وفاطمة "

 

وقال له: " إن الله تعالى أوحى إلي أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه "

 

وقال له: " اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " ثم بكى (صلى الله عليه وآله) فقيل له: ممن بكاؤك يا رسول الله؟

 

قال: " أخبرني جبرائيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده وأخبرني جبرائيل (عليه السلام) عن الله عز وجل أن ذلك الظلم يزول إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الأمة على محبتهم وكان الشاني لهم قليلا والكاره لهم ذليلا وكثر المادح لهم، وذلك حين تغير البلاد وتضعف العباد واليأس من الفرج فعند ذلك يظهر القائم فيهم " قال لنبي (صلى الله عليه وآله) " اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي هو من ولد ابنتي يظهر الله الحق بهم، ويخمد الباطل بأسيافهم ويتبعهم الناس راغبا إليهم وخائف منهم " قال: وسكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: " معاشر الناس أبشروا بالفرج فإن وعد الله لا يخلف وقضاؤه لا يرد وهو الحكيم الخبير، وإن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهلي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم وارعهم وكن لهم وانصرهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنك على ما تشاء قدير "(1).

 

الحديث الأربعون: موفق بن أحمد هذا قال: أخبرني سيد الحفاظ شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إلي من همدان أخبرني أبو علي قال: أخبرني أبو نعيم أخبرني علي بن أحمد المصيصي حدثنا أحمد بن خليد الحلبي أخبرني أبي توبة الربيع بن نافع حدثني يزيد بن ربيعة عن يزيد بن أبي مالك عن أبي الأزهر عن واثلة بن الأسقع قال: لما جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) تحت ثوبه قال: " اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم، اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم " قال واثلة: كنت واقفا بالباب فقلت وعلي يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال: " اللهم وعلى واثلة "(2).

 

الحديث والحادي والأربعون: ومن كتاب (المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة)(3) حدث عبد الكريم بن روح عن عباد بن صهيب عن سعد بن أويس بن يحيى عن شريك بن عبد الله قال:

 

رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) ذات يوم وهو قائم وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلوس وهو يقول لهم:

 

____________

 

(1) المناقب: 61 / 31.

 

(2) المناقب: 63 / ح 32.

 

(3) للسيد الرضي ينقل عنه في مدينة المعاجز كثيرا.

 

الصفحة 192 

" أنشدكم الذي لا أعظم منه أفيكم أخ لرسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري "؟ قالوا: لا، قال: " أنشدكم الله أفيكم من آمن بالله ورسوله قبلي؟ " فقالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله أفيكم أحد صلى القبلتين وبايع البيعتين قبلي " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله أفيكم من له عم كعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء وغسيل الملائكة " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله أفيكم أحد له زوجة تشبه زوجتي سليلة المصطفى ونبعة العلى ومريم الكبرى وفاطمة الزهراء وسيدة نساء العالمين؟ " قالوا: لا، قال:

 

" فأنشدكم الله أفيكم أحد له ولد يشبه ولدي الحسن والحسين سيد شباب أهل الجنة؟ " فقالوا: لا، فقال: " أنشدكم الله أفيكم أحد أقرب من محمد رسول الله غيري؟ " قالوا: لا قال: " فأنشدكم الله هل فيكم أحد غسله غيري؟ " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله هل فيكم أحد غمض عيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) غيري؟ " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله فيكم أحد فدى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه ونام على فراشه وبذل مهجته دونه غيري؟ " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله أفيكم أحد كان إذا قاتل كان جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله غيري؟ " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله هل فيكم أحد أمر الله بمودته حيث قال:

 

* (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * غيري؟ " قالوا: لا.

 

قال: " فأنشدكم ألا هل فيكم من طهره الله تعالى في كتابه حيث قال: * (إنما يرد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * غيري وأهل بيتي؟ " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله هل فيكم أحد أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده يوم غدير خم وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري؟ " قالوا: لا، قال: " فأنشدكم الله هل فيكم أحد كان يأخذ ثلاثة أسهم: سهم القرابة وسهم الخاصة وسهم الهجرة غيري؟ "

 

قالوا: لا.

 

قال: " فأنشدكم الله هل فيكم من أمر الله رسوله (صلى الله عليه وآله) فتح بابه حيث سدت الأبواب غيري، حتى قام عمي وقال: يا رسول الله أمرت بسد أبوابنا وفتحت باب علي؟ فقال: والله ما أسكنت عليا بل الله أسكنه وأخرجكم "

 

فقالوا: صدقت، فقال: " اللهم اشهد وكفى بالله شهيدا "(1).

 

____________

 

(1) لم نجده في المصادر، نعم في البحار ما يقرب منه: 31 / 362 ح 17، والروضة في المعجزات: 137.


الصفحة 193


الباب الثاني

في قوله تعالى * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(1)
نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين وبنيه التسعة والأئمة (عليهم السلام)

من طريق الخاصة وفيه أربعة وثلاثون حديثا

 

الحديث الأول: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن فضال عن المفضل بن صالح عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * يعني الأئمة (عليهم السلام) وولايتهم من دخل فيها دخل في بيت النبي (صلى الله عليه وآله)(2).

الحديث الثاني: محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس وعلي ابن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير قال:

سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز جل: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * فقال " نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين " فقلت له: إن الناس يقولون فما له لم يسم عليا وأهل بيته في كتاب الله عز وجل؟ فقال: " قولوا لهم: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا سبعا حتى كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو الذي فسر ذلك لهم ونزلت * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * نزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، وقال (صلى الله عليه وآله): أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة فلو سكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يبين من أهل بيته لادعاها آل فلان وآل فلان ولكن الله عز وجل أنزله في كتابه تصديقا لنبيه (صلى الله عليه وآله) * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فكان

____________

(1) الأحزاب: 33.

(2) الكافي: 1 / 423 ح 54.


الصفحة 194


علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) فأدخلهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت: أم سلمة ألست من أهلك؟

فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإقامته للناس وأخذ بيده فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا أحد من ولده إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك وأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك، وبلغ فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي (عليه السلام) كان الحسن أولى بها لكبره فلما تولى لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عز وجل يقول: * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين (عليه السلام):

أمر الله تبارك وتعالى بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك وبلغ في رسول الله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، ولو أراد أن يصرفا الأمر عنه، ولم يكن ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين (عليه السلام) فجرى تأويل هذه الآية * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) *، ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي ابن الحسين إلى محمد بن علي، وقال: * (الرجس) * هو الشك والله لا نشك في ربنا أبدا "(1).

الحديث الثالث: محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي عن أيوب بن الحر وعمران بن علي الحلبي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثل ذلك(2).

الحديث الرابع: محمد بن الحسن الصفار في (بصائر الدرجات) عن محمد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " الرجس هو الشك ولا نشك في ديننا أبدا "(3).

الحديث الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قالا:

حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا النضر بن

____________

(1) الكافي: 1 / 287 ح 1.

(2) الكافي: 1 / 288 ذيل ح 1.

(3) بصائر الدرجات: 206 / 13.


الصفحة 195


شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قال: " الرجس هو الشك "(1).

الحديث السادس: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن محمد قال: حدثنا هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا عيسى بن موسى الهاشمي بسر من رأى قال: حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عن علي (عليه السلام) قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة وقد نزلت عليه هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فقال، رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي هذه الآية فيك وفي سبطي والأئمة من ولدك فقلت: يا رسول الله وكم الأئمة بعدك؟

قال: أنت يا علي ثم الحسن والحسين وبعد الحسين علي ابنه وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد جعفر ابنه وبعد جعفر موسى ابنه موسى علي ابنه وبعد وبعد علي محمد ابنه وبعد محمد علي ابنه وبعد علي الحسن ابنه والحجة من ولد الحسن هكذا أسماؤهم مكتوبة على ساق العرش فسألت الله تعالى عن ذلك فقال: يا محمد هذه الأئمة مطهرون معصومون وأعداؤهم ملعونون ".

الحديث السابع: ابن بابويه قال: حدثنا أبي قال: حدثني سعد بن عبد الله عن الحسن بن موسى الخشاب عن علي بن حسان الواسطي عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما عنى الله عز وجل بقوله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *؟ قال:

" نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) فلما قبض الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله) كان أمير المؤمنين ثم الحسن والحسين، ثم وقع تأويل هذه الآية * (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * وكان علي بن الحسين (عليه السلام) إماما ثم جرت في الأئمة من ولد الأوصياء (عليهم السلام) فطاعتهم طاعة الله ومعصيتهم معصية الله عز وجل "(2).

الحديث الثامن: ابن بابويه عن علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلت عن الرضا (عليه السلام) في حديث المأمون والعلماء وسؤالهم الرضا في الفرق بين آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأمة فكان في الحديث قال (عليه السلام): " فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم " فقال المأمون: من العترة الطاهرة؟

فقال الرضا (عليه السلام) " الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال جل وعز: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *، وهم الذين قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني مخلف فيكم الثقلين:

كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني

____________

(1) معاني الأخبار: 138 / ح 1.

(2) علل الشرائع: 1 / 205 / ح 2 / ب 156.


الصفحة 196


فيهما يا أيها الناس لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ".

وفي الحديث قالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام):

" فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وموطنا فأول ذلك قوله تعالى:

* (وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين) * هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود، وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله بذلك الآل فذكره رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذه واحدة، والآية الثانية في الاصطفاء قول الله عز وجل: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد معاندا أصلا لأنه فضل بعد طهارة تنتظر " وهذه الثانية وساق الحديث بذكر الاثني عشر(1).

الحديث التاسع: ابن بابويه قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قالا:

حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفي عن أبي الجارود وهشام أبي ساسان وأبي طارق السراج عن عامر بن واثلة قال: كنت في البيت يوم الشورى فسمعت عليا (عليه السلام) وهو يقول: " استخلف الناس أبا بكر وأنا والله أحق بالأمر وأولى به منه، واستخلف أبو بكر عمر وأنا والله أحق بالأمر وأولى به منه إلا أن عمر جعلني مع خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لهم علي فضلا ولو شاء لا احتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم المعاهد منهم والمشرك تغيير ذلك "

ثم ذكر (عليه السلام) ما احتج به على أهل الشورى فقال في ذلك: " نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كساء خيبريا فضمني فيه وفاطمة والحسن والحسين ثم قال: يا رب إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قالوا: اللهم لا(2).

الحديث العاشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسني قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد قال: حدثني أحمد بن التغلبي قال: حدثني محمد بن عبد الحميد قال: حدثني حفص بن منصور العطار قال: حدثنا أبو سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال:

لما كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له وفعلهم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) ما كان لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه انقباضا فكبر ذلك على أبي بكر فأحب لقاءه واستخراج ما عنده والمعذرة لما

____________

(1) أمالي الصدوق: 616 / مجلس 79 / ح 1.

(2) الخصال: 553 / ح 31.


الصفحة 197


اجتمع الناس عليه وتقليدهم إياه أمر الأمة وقلة رغبته في ذلك وزهده فيه أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة وقال له: والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطاة مني ولا رغبة فيما وقعت فيه ولا حرصا عليه ولا ثقة بنفسي فيما يحتاج إليه الأمة لا قوة إلي بمال ولا كثرة العشيرة ولا ابتزاز له دون غيري فما لك أن تضمر لي ما لا استحق منك وتظهر لي الكراهة فيما صرت إليه وتنظر إلي بعين السأمة مني قال: فقال له علي (عليه السلام): " فأحملك عليه إذا لم ترغب فيه، ولا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به وبما يحتاج منك فيه " فقال أبو بكر بحديث سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) " إن الله لا يجمع أمتي على ضلال " ولما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى وأعطيتهم قود الإجابة ولو علمت أن أحدا يختلف لامتنعت قال: فقال علي (عليه السلام): " إما قولك ما ذكرت من حديث النبي (صلى الله عليه وآله) لا تجتمع أمتي على ضلال أفكنت من الأمة أو لم أكن "؟ قال: بلى وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان وعمار وأبي ذر والمقداد وابن عبادة ومن معه من الأنصار قال: كل من الأمة فقال علي (عليه السلام): " فكيف تحتج بحديث النبي (صلى الله عليه وآله) وأمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك وليس في الأمة فيهم طعن ولا في صحبة الرسول ونصيحته منهم تقصير " قال: ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر وخفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين وكان ممارستهم إلي أن أجبتهم أهون مؤونة على الدين وأبقى له من ضرب الناس بعضه بعضهم فيرجعون كفارا وعلمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم قال علي (عليه السلام): " أجل ولكن أخبرني عن الذي يستحق الأمر بما يستحقه؟ " فقال أبو بكر:

بالنصيحة والوفاء ورفع المداهنة والمحاباة وحسن السيرة وإظهار العدل والعلم بالكتاب والسنة وفصل الخطاب مع الزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها وإنصاف المظلوم من الظالم القريب والبعيد ثم سكت فقال علي (عليه السلام): " أنشدتك الله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو في؟ " قال: بل فيك مما جاء فيه عن الله سبحانه وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي كل ذلك يعترف له أبو بكر بذلك إلى أن قال علي (عليه السلام) فيما احتج به عليه: " فأنشدتك الله إلي ولأهل بيتي وولدي آية التطهير من الرجس أم لك ولأهل بيتك؟ " قال: بل لك ولأهل بيتك، قال: " فأنشدتك بالله أنا صاحب دعوة رسول الله وأهلي وولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت؟ " قال بل: أنت وأهلك وولدك.

وذكر له علي (عليه السلام) سبعين منقبة ثم ذكر في الحديث بعد السبعين المنقبة فلم يزل (عليه السلام) يعد مناقبه التي جعلها الله عز وجل له دونه ودون غير فقال له أبو بكر: بهذا وشبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد (صلى الله عليه وآله) فقال له علي (عليه السلام): " فما الذي غرك عن الله وعن رسوله وعن دينه وأنت خلو مما يحتاج


الصفحة 198


إليه أهل دينه " قال: فبكى أبو بكر وقال: صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا فأدبر ما أنا فيه وما سمعت منك قال: فقال له علي (عليه السلام): " لك ذلك يا أبا بكر " فرجع من عنده وخلا بنفسه يومه ولم يأذن لأحد إلى الليل وعمر يتردد في الناس لما بلغه خلوته بعلي (عليه السلام) فبات في ليلته فرأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في منامه متمثلا له في مجلسه فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه فولى وجهه فقال أبو بكر: يا رسول الله هل أمرت بأمر فلم أفعل فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أرد السلام عليك وقد عاديت الله ورسوله وعاديت من ولاه الله ورسوله رد الحق إلى أهله " قال: فقلت من أهله؟ قال: " من عاتبك عليه وهو علي " قال فقد رددت عليه يا رسول الله بأمرك قال: فأصبح وبكى وقال لعلي (عليه السلام) أبسط يدك فبايعه وسلم إليه الأمر وقال له: أخرج إلى مسجد رسول الله فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي وما جرى بيني وبينك فأخرج نفسي من هذا الأمر وأسلم عليك بالإمرة قال فقال له علي (عليه السلام): " نعم " فخرج من عنده متغيرا لونه فصادفه عمر وهو في طلبه فقال له: ما حالك يا خليفة رسول الله؟ فأخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بينه وبين علي (عليه السلام) فقال له عمر: أنشدك بالله خليفة رسول الله أن تغتر بسحر بني هاشم فليس بأول سحر منهم، فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو فيه وأمره بالثبات عليه والقيام به؟! قال: فأتى علي (عليه السلام) المسجد للميعاد فلم ير فيه أحد فأحس بالشر منهم فقعد إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمر به عمر فقال له: يا علي دون ما ترومه خرط القتاد فعلم بالأمر وقام ورجع إلى بيته(1).

الحديث الحادي عشر: ابن بابويه بالإسناد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي إسحاق عن الحارث عن محمد بن الحنفية وعمرو بن أبي المقدام عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن علي (عليه السلام) في حديث طويل قال (عليه السلام): " وقد قبض محمد (صلى الله عليه وآله)، وإن ولاية الأمة في يده وفي بيته لا في يد الأولى تناولوها ولا في بيوتهم ولأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أولى بالأمر من بعده من غيرهم في جميع الخصال " ثم التفت (عليه السلام) إلى أصحابه فقال: " أليس كذلك؟ " قالوا: بلى يا أمير المؤمنين(2).

الحديث الثاني عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن موسى الدقاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلي ابن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا سليمان بن حكيم عن ثور بن يزيد

____________

(1) الخصال: 548 / ح 30.

(2) الخصال: 374 / ح 58 / ب 7.


الصفحة 199


عن مكحول قال: قال أمير المؤمنين أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام): " لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا قد شركته فيها وفضلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم " قلت: يا أمير المؤمنين فأخبرني بهن فذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) المناقب إلى أن قال (عليه السلام): " وأما السبعون فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نام ونومني وزوجني فاطمة وابني الحسن والحسين وألقى علينا عباءة قطوانية فأنزل الله تبارك وتعالى فينا * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * وقال جبرائيل: أنا منكم يا محمد فكان سادسنا جبرائيل (عليه السلام) "(1).

الحديث الثالث عشر: علي بن إبراهيم قال حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن عيسى وحماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث فدك قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبي بكر: " يا أبا بكر تقرأ الكتاب؟ " قال: نعم، قال: " فأخبرني عن قول الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فيمن نزلت فينا أم في غيرنا؟ " قال: بل فيكم(2).

الحديث الرابع عشر: محمد بن العباس بن ماهيار الثقة في تفسير القرآن فيما نزل في أهل البيت قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد عن الحسن بن علي بن بزيع عن إسماعيل بن يسار الهاشمي عن قنبر بن محمد الأعشى عن هاشم بن البريد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أم سلمة فأتى بحريرة فدعا عليا (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين (عليه السلام) فأكلوا منها ثم جلل عليهم كساء خيبريا ثم قال: " * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فقالت: أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: " أنت إلى خير "(3).

الحديث الخامس عشر: محمد بن العباس هذا قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن جعفر بن محمد بن عمارة قال: حدثني أبي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن الله عز وجل فضلنا أهل البيت وكيف لا يكون كذلك والله عز وجل يقول: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فقد طهرنا الله من الفواحش ما ظهر منها وما بطن فنحن على منهاج الحق "(4).

الحديث السادس عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا عبد الله بن علي بن عبد العزيز عن إسماعيل بن محمد عن علي بن جعفر بن محمد عن الحسين بن يزيد عن عمر بن علي قال: خطب الحسن بن علي (عليهما السلام) الناس حين قتل علي (عليه السلام) فقال: " قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون

____________

(1) الخصال: 572 / ح 1.

(2) تفسير القمي: 2 / 156.

(3) بحار الأنوار: 25 / 213 ح 3.

(4) بحار الأنوار: 25 / 214 ح 4.


الصفحة 200


بعلم ولا يدركه الآخرون ما ترك على ظهر الأرض صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله - ثم قال - أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن البشير النذير الداعي إلى الله بإذنه والسراج المنير، أنا من أهل البيت الذي كان ينزل فيه جبرائيل ويصعد، وأنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "(1).

الحديث السابع عشر: محمد بن العباس قال: حدثنا مظفر بن يونس بن مبارك عن عبد الأعلى ابن حماد عن محمود بن إبراهيم عن عبد الجبار عن العباس عن عمار الذهبي عن عمرة بنت أفعى عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، وفي البيت سبعة جبرائيل وميكائيل ورسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) قالت: وكنت على الباب فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: " إنك إلى خير، إنك من أزواج النبي " وما قال: إنك من أهل البيت(2).

الحديث الثامن عشر: الشيخ الطوسي في أماليه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد - يعني المفيد - قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر (قدس سره) قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة قال: حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي قال: حدثنا محمد بن فرات عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي (عليه السلام) قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يأتينا كل غداة فيقول الصلاة رحمكم الله الصلاة * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(3).

ورواه: الشيخ المفيد في أماليه قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر وساق الحديث بباقي السند والمتن(4).

الحديث التاسع عشر: الشيخ في أماليه عن أبي عمر قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن بن محمد الأزدي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد النور بن عبد الله بن شيبان قال: حدثنا سليمان بن قرم قال: حدثني أبو الجحاف وسالم بن أبي حفصة عن نفيع أبي داود عن أبي الحمراء قال: " شهدت النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين صباحا يجئ إلى باب علي وفاطمة فيأخذ بعضادتي الباب ثم يقول: " السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته الصلاة يرحمكم الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * "(5).

____________

(1) بحار الأنوار: 25 / 214 ح 5.

(2) بحار الأنوار: 25 / 214 ح 6.

(3) أمالي الطوس: 89 / ح 138.

(4) أمالي المفيد: 318 / ح 4.

(5) أمالي الطوسي: 251 / المجلس 9 / ح 39.


الصفحة 201


الحديث العشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن مهدي قال: حدثنا أحمد بن محمد يعني - ابن سعيد بن عقدة - قال: أخبرنا أحمد بن يحيى قال:

حدثنا عبد الرحمن قال: حدثنا أبي عن أبي إسحاق عن عبد الله بن المغيرة مولى أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) أنها قالت: نزلت هذه الآية في بيتها * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أرسل إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فلما أتوه اعتنق عليا بيمينه والحسن بشماله والحسين على بطنه وفاطمة عند رجله ثم قال: " اللهم هؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "(1).

الحديث الحادي والعشرون: الشيخ في أماليه بإسناده عن علي بن الحسين (عليه السلام) عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي وفي يومي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندي فدعا علي وفاطمة والحسن والحسين وجاء جبرائيل فمد عليهم كساء فدكيا ثم قال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " قال: جبرائيل وأنا منكم يا محمد؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " وأنت منا يا جبرائيل " قالت أم سلمة: فقلت يا رسول الله وأنا من أهل بيتك فجئت لأدخل معهم، فقال: " كوني مكانك يا أم سلمة إنك إلى خير أنت من أزواج نبي الله (صلى الله عليه وآله) " فقال جبرائيل: اقرأ يا محمد * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)(2).

الحديث الثاني والعشرون: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا الحفار قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي الحافظ قال: حدثني أبو الحسن علي بن موسى الخزاز من كتابه قال: حدثني الحسن ابن علي الهاشمي قال: حدثني إسماعيل بن أبان قال: حدثنا أبو مريم عن ثوير بن أبي فاختة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبي: دفع النبي (صلى الله عليه وآله) الراية يوم خيبر إلى علي بن أبي طالب وفتح الله عليه وأوقفه يوم غدير خم فأعلم الناس أنه مولى كل مؤمن ومؤمنة قال له: " أنت مني وأنا منك "، وقال له: " تقاتل على التأويل كما قاتلت أنا على التنزيل " وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وقال له: " أنا سلم لمن سالمت وحرب لمن حاربت " وقال له:

" أنت العروة الوثقى " وقال له: " أنت تبين لهم ما اشتبه عليهم بعدي "، وقال له: " أنت إمام كل مؤمن ومؤمنة وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي "، وقال له: " أنت الذي أنزل الله فيه وأذان من الله ورسوله إلى

____________

(1) أمالي الطوسي: 263 / المجلس 10 / ح 20 اختصر المصنف.

(2) أمالي الطوسي: 368 / المجلس 13 / ح 34.


الصفحة 202


الناس يوم الحج الأكبر " وقال له: " أنت الآخذ بسنتي والذاب عن ملتي " وقال له: " أنا أول من تنشق الأرض عنه وأنت معي " وقال له: " أنا عندك الحوض وأنت معي " وقال له: " أنا أول من يدخل الجنة وأنت بعدي تدخلها والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) " وقال له: " إن الله أوحى إلي أن أقوم بفضلك فقمت به في الناس وبلغتهم ما أمرني الله بتبليغه " وقال له: " اتق الضغائن التي لك في صدور من لا يظهرها إلا بعد موتي أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ثم بكى النبي (صلى الله عليه وآله) فقيل له:

مم بكاؤك يا رسول الله؟.

قال: " أخبرني جبرائيل (عليه السلام) أنهم يظلمونه ويمنعونه حقه ويقاتلونه ويقتلون ولده ويظلمونهم بعده، وأخبرني جبرائيل (عليه السلام) عن ربه عز وجل أن ذلك يزول إذا قام قائمهم وعلت كلمتهم واجتمعت الأمة على محبتهم وكان الشاني لهم قليلا والكاره لهم ذليلا وكثر المادح لهم وذلك حين تغير البلاد وتضعف العباد والإياس من الفرج، فعند ذلك يظهر القائم فيهم " فقيل له ما أسمه قال لنبي (صلى الله عليه وآله): " اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي وهو من ولد ابنتي يظهر الله الحق بهم ويخمد الباطل بأسيافهم ويتبعهم الناس بن راغب فيهم وخائف لهم " قال: وسكن البكاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: معاشر المؤمنين أبشروا بالفرج فإن وعد الله لا يخلف وقضاؤه لا يرد وهو الحكيم الخبير فإن فتح الله قريب، اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم وارعهم وكن لهم واحفظهم وانصرهم وأعنهم وأعزهم ولا تذلهم واخلفني فيهم إنك على كل شئ قدير "(1).

وقد تقدم هذا من طريق المخالفين في الباب السابق.

الحديث الثالث والعشرون: الشيخ في كتاب (المجالس) قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن بن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال: حدثنا الربيع بن يسار قال: حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (قدس سره) أن عليا (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم وأجلهم بينهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة (عليهم السلام) على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): " إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوه، وإن يكن باطلا فأنكروه " قالوا: قل فذكر من فضائله عن الله سبحانه

____________

(1) أمالي الطوسي: 351 / المجلس 12 / ح 66.


الصفحة 203


وعن رسوله الله (صلى الله عليه وآله) وهم يوافقونه ويصدقونه فيما قال وكان فيما قال (عليه السلام): " فهل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث يقول الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * غيري وزوجتي وابني "

قالوا: لا(1).

الحديث الرابع والعشرون: الشيخ في مجالسه قال: حدثنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن أبي معشر السلمي الحراني بحران قال: حدثنا أحمد بن الأسود أبو علي الحنفي القاضي قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن حفص العائشي التيمي قال: حدثني أبي عن عمر بن أذينة العبدي عن وهب بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي قال: حدثنا أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن أبيه أبي الأسود قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب جعل الأمر بين ستة نفر علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن مالك وعبد الله بن عمر معهم يشهد النجوى وليس له في الأمر نصيب وذكر حديث المناشدة نحوه(2).

الحديث الخامس والعشرون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:

حدثنا محمد بن عبد الله بن جوريه الجندي سابوري من أصل كتابه قال: حدثنا علي بن منصور الترجماني قال: أخبرنا الحسن بن عنبسة النهشلي قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي القاضي عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي أنه ذكر عنده علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: إن قوما ينالون منه أولئك هم وقود النار ولقد سمعت عدة من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) منهم حذيفة بن اليمان وكعب بن عجرة يقول كل رجل: منهم لقد أعطي علي ما لم يعطه بشر هو زوج فاطمة سيدة نساء الأولين والآخرين فمن رأى مثلها أو سمع أن تزوج بمثلها أحد في الأولين والآخرين وهو أبو الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين فمن له أيها الناس مثلهما ورسول لله (صلى الله عليه وآله) حموه وهو وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أهله وأزواجه وسدت الأبواب التي في المسجد كلها غير بابه وهو صاحب باب خيبر وهو صاحب الراية يوم خيبر، وتفل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يومئذ في عينيه وهو أرمد فما اشتكاهما من بعد ولا وجد حرا أو بردا بعد يوم ذلك، وهو صاحب يوم غدير خم إذ نوه رسول الله (صلى الله عليه وآله) باسمه وألزم أمته ولايته وعرفهم بخطره وبين لهم مكانه فقال يومئذ: " أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم؟ " قالوا: الله ورسوله، قال: " فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه وهو صاحب العباء ومن أذهب الله عز وجل عنه الرجس وطهرهم تطهيرا " وهو صاحب الطائر حين

____________

(1) أمالي الطوسي: 545 / مجلس 20 / ح 4.

(2) أمالي الطوسي: 556 / مجلس 20 / ح 7.


الصفحة 204


قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اللهم آتني بأحب خلقك إليك يأكل معي " فجاء علي (عليه السلام) فأكل معه وهو صاحب سورة براءة حين نزل بها جبرائيل (عليه السلام) على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد سار أبو بكر بالسورة فقال له:

يا محمد إنه لا يبلغها إلا أنت أو علي إنه منك وأنت منه، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) منه في حياته وبعد وفاته وهو عيبة علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن قال له النبي (صلى الله عليه وآله): " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها كما أمر الله فقال: * (وأتوا البيوت من أبوابها) *(1) وهو مفرج الكرب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحروب، وهو أول من آمن برسول الله (صلى الله عليه وآله) وصدقه واتبعه، وهو أول من صلى فمن أعظم فريه على الله وعلى رسول الله ممن قاس به أحدا أو شبه به بشرا (عليه السلام)!(2).

الحديث السادس والعشرون: الشيخ في مجالسه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد ابن المفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام) قال: " لما أجمع الحسن بن علي (عليه السلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن (عليه السلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة ثم تكلم معاوية وقال: أيها الناس هذا الحسن بن علي وابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا قد أتانا ليبايع طوعا، ثم قال: قم يا حسن فقام الحسن (عليه السلام) فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء وصارف الشدائد والبلاء عند الفهماء وغير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه وعلوه من لحوق الأوهام ببقائه المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته ووجوده ووحدانيته صمدا لا شرك له فردا لا ظهير له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله اصطفاه وانتجبه وارتضاه وبعثه داعيا إلى الحق وسراجا منيرا وللعباد مما يخافون نذيرا ولما يأملون بشيرا فنصح للأمة وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة أقرب وأخبر، وأقول: معشر الخلائق فاسمعوا ولكم أفئدة وأسماع فعوا إنا أهل بيت أكرمنا الله بالإسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا وأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، والرجس هو الشك فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا وطهرنا من كل أفن وغية، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما فأدت الأمور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) للنبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه

____________

(1) البقرة: 189.

(2) أمالي الطوسي: 558 / مجلس 20 / ح 8.

 

الصفحة 205 

ثم أمره بالدعاء إلى الله عز وجل فكان أبي (عليه السلام) أول من استجاب لله تعالى ولرسوله وأول من آمن وصدق الله ورسوله وقد قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: * (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) * فرسول الله الذي على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه.

وقد قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة سربها يا علي فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني وأنت هو يا علي، فعلي من رسول الله ورسول الله منه، وقال له نبي الله (صلى الله عليه وآله) حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة أما أنت يا علي فمني وأنا منك وأنت ولي كل مؤمن بعدي فصدق أبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه ثم لم يزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل موطن يقدمه ولكل شديدة يرسله ثقة منه به وطمأنينة إليه لعلمه بنصيحة الله عز وجل وإنه أقرب من الله ورسوله، وقد قال الله عز وجل * (والسابقون السابقون أولئك المقربون) * فكان أبي سابق السابقين إلى الله عز وجل وإلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقرب الأقربين وقد قال الله تعالى، * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة) * فأبي كان أولهم إسلاما وإيمانا أولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا وأولهم على وجده ووسعة نفقة قال سبحانه * (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) * فالناس من جميع الأمم يستغفرون له لسبقه إياهم إلى الإيمان بنبيه (صلى الله عليه وآله) وذلك أنه لم يسبقه إلى الإيمان أحد وقد قال الله تعالى: * (والسابقون السابقون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم) * فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله عز وجل فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين فضل سابق السابقين على السابقين وقد قال الله عز وجل: * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله حقا) * فكان أبي المؤمن بالله واليوم الآخر والمجاهد في سبيل الله حقا وفيه نزلت هذه الآية وكان ممن استجاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) عمه حمزة وجعفر ابن عمه فقتلا شهيدين رضي الله عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فجعل الله تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم وذلك لمكانهما من رسول الله ومنزلتهما وقرابتهما منه (صلى الله عليه وآله) وصلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

 

وكذلك جعل الله تعالى نساء النبي (صلى الله عليه وآله) للمحسنة منكن أجرين وللمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهن من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعل الصلاة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بألف صلاة في سائر

الصفحة 206 

المساجد إلا مسجد إبراهيم خليله (عليه السلام) بمكة، وذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ربه وفرض الله عز وجل الصلاة على نبيه (صلى الله عليه وآله) على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ فقال:

 

قولوا " اللهم صل على محمد وآل محمد " فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) فريضة واجبة.

 

وأحل الله تعالى خمس الغنيمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وأوجبها له في كتابه وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له وحرم عليه الصدقة منه وحرمها علينا منه فأدخلنا فله الحمد فيما أدخل فيه نبيه وأخرجنا ونزهنا مما أخرجه منه ونزهه عنه كرامة أكرمنا الله عز وجل بها وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد فقال الله تعالى لمحمد حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه: * (فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الأنفس معه أبي ومن البنين أنا وأخي ومن النساء فاطمة أمي من الناس جميعا فنحن أهل ولحمه ودمه ونفسه ونحن منه وهو منا وقد قال الله تعالى: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فلما أنزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنا وأخي وأمي وأبي فجعلنا ونفسه في كساء لأم سلمة خيبري وذلك في حجرتها وفي يومها فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وهؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت: أم سلمة رضي الله عنها أنا أدخل معهم يا رسول الله؟ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يرحمك الله أنت على خير وإلى خير وما أرضاني عنك، ولكنها خاصة لي ولهم، ثم مكث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر ويقول: الصلاة يرحمكم الله * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسد الأبواب الشارعة في مسجده غير بابنا فكلموه في ذلك فقال: إني لم أسد أبوابكم وافتح باب علي من تلقاء نفسي ولكن اتبع ما أوحي إلي وإن الله أمر بسدها وفتح بابه فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويولد فيه غير رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبي (عليهما السلام) تكرمة من الله تعالى لنا وتفضلا اختصنا به على جميع الناس وهذا باب أبي قرين باب رسول الله في مسجده ومنزلنا بين منازل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك إن الله أمر نبيه (عليه السلام) أن يبني مسجده فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لأبي فها هو لبسبيل مقيم والبيت هو المسجد المطهر.

 

وهو الذي قال الله تعالى (أهل البيت) فنحن أهل البيت ونحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا أيها الناس إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله عز وجل وخصنا به من

الصفحة 207 

الفضل في كتابه وعلى لسان نبيه لم أحصه، وأنا ابن النبي النذير البشير والسراج المنير الذي جعله الله رحمة للعالمين وأبي علي ولي المؤمنين وشبيه هارون، وأن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية وأيم الله لأنا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا ونزل على رقابنا وحمل الناس على أكتافنا ومنعنا سهمنا في كتاب الله من الفئ والغنائم ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها إنا لا نسمي أحدا.

 

ولكن أقسم بالله قسما تاليا لو أن الناس سمعوا قول الله عز وجل ورسوله لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها ولما اختلف في هذه الأمة سيفان ولأكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة وما طمعت فيها يا معاوية ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، وزحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، وترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك قد قال رسول الله ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا وقد تركت بنو إسرائيل وكانوا أصحاب موسى هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم وهم يعلمون أنه خليفة موسى.

 

وقد سمعت هذه الأمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول ذلك لأبي (عليه السلام): إنه مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وقد رأوا رسول الله حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه ونادى له بالولاية ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب وقد خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) حذارا من قومه إلى الغار لما أجمعوا على أن يمكروا به وهو يدعوهم لما لم يجد عليهم أعوانا ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم وقد جعل في سعة كما جعل النبي (صلى الله عليه وآله) في سعة وقد خذلتني الأمة وبايعتك يا بن حرب ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك وقد جعل الله عز وجل هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا وأبي في سعة حين تركتنا الأمة وتابعت غيرنا ولم نجد عليهم أعوانا، وإنما هي السنن والأمثال تتبع بعضها بعضا أيها الناس إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبوه وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تجدوا غيري وغير أخي فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم وأنى ذلك منكم إلا وأني قد بايعت هذا وأشار إلى معاوية وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين أيها الناس أنه لا يعاب أحد بترك حقه وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له وكل صواب نافع وكل خطأ ضار لأهله وقد كانت القضية فهمها سليمان فنفعت سليمان ولم

الصفحة 208 

تضر داود، وأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع قال رسول الله لعمه أبي طالب وهو في الموت قل: لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له إلا ما يكون منه على يقين وليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا أعني أبا طالب يقول الله عز وجل * (وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما) *(1) أيها الناس اسمعوا وعوا واتقوا الله وراجعوا وهيهات منكم الرجعة إلى الحق وقد صارعكم النكوص وخامركم الطغيان والجحود أنلزمكموها وأنتم لها كارهون، والسلام على من اتبع الهدى قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتى اظلمت على الأرض، وهممت أن أبطش به ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية "(2).

 

الحديث السابع والعشرون: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:

 

حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي عن أبيه عن عثمان أبي اليقضان عن أبي عمر زادان قال: لما ودع الحسن بن علي (عليه السلام) معاوية صعد معاوية المنبر وجمع الناس فخطبهم وقال: إن الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا وكان الحسن (عليه السلام) أسفل منه بمرقات فلما فرغ من كلامه قام الحسن فحمد الله تعالى بما هو أهله ثم ذكر المباهلة فقال: " فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الأنفس بأبي ومن الأنبياء بي وبأخي ومن النساء بأمي، وكنا أهله ونحن له، وهو منا ونحن منه، ولما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كساء لأم سلمة - رضي الله عنها - خيبري ثم قال:

 

اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فلم يكن أحد في الكساء غيري وأخي وأبي وأمي ولم يكن أحد يجنب في المسجد ويولد له فيه إلا النبي (صلى الله عليه وآله) وأبي تكرمة من الله تعالى لنا وتفضيلا منه لنا وقد رأيتم مكان منزلها من رسول الله وأمر بسد الأبواب فسدها وترك بابنا فقيل له في ذلك فقال: أما إني لم أسدها وافتح بابه ولكن الله عز وجل أمرني أن أسدها وافتح بابه وإن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا فكذب معاوية نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، ولم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وآله)، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا وتوثب على رقابنا وحمل الناس علينا ومنعنا سهمنا من الفئ، ومنع أمنا ما جعل لها سول (صلى الله عليه وآله) وأقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعطتهم السماء قطرها والأرض بركتها وما طمعت فيها يا معاوية فلما خرجت من معدنها تنازعتها قريش بينها فطمعت فيها الطلقاء وأبناء الطلقاء أنت وأصحابك، وقد قال رسول

 

____________

 

(1) النساء: 18.

 

(2) أمالي الطوسي: 561 / مجلس 21 / ح 1.

 

الصفحة 209 

الله (صلى الله عليه وآله): ما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا فقد تركت بنو إسرائيل هارون، وهم يعلمون أنه خليفة موسى فيهم واتبعه السامري، وقد تركت هذه الأمة أبي وبايعوا غيره، وقد سمعوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.

 

فقد رأوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) نصب أبي يوم غدير خم وأمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد هرب رسول الله من قومه وهو يدعوهم إلى الله تعالى حتى دخل الغار ولو وجد أعوانا ما هرب، وقد كف أبي يده حين ناشدهم واستغاث فلم يغث فجعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه، وجعل الله النبي في سعة من الله حين دخل الغار ولم يجد أعوانا وكذلك أبي وأنا في سعة من الله حين خذلتنا الأمة وبايعوك يا معاوية، وإنما هي السنن والأمثال يتبع بعضها بعضا.

 

أيها الناس إنكم لو التمستم فيما بين المشرق والمغرب أن تجدوا رجلا ولده نبي غيري وأخي لم تجدوا وأني قد بايعت هذا، " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين "(1).

 

الحديث الثامن والعشرون: الشيخ في مجالسه قال أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي بن مهدي بن صدقة البرقي إملاء على من كتابه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الرضا أبو الحسن علي بن موسى قال: " حدثني أبي، موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: لما أتى أبو بكر وعمر إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السلام) وخاطباه في البيعة وخرجا من عنده خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد فحمد الله وأثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت إذ بعث فيهم رسولا منهم وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم قال: إن فلانا وفلانا أتياني وطالباني للبيعة لمن سبيله أن يبايعني أنا ابن عم النبي وأبو ابنيه والصديق الأكبر وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يقولها أحد غيري إلا كاذب، وأسلمت وصليت وأنا وصيه وزوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد وأبو الحسن والحسين سبطي رسول، الله ونحن أهل بيت الرحمة بنا هداكم الله وبنا استنقذكم من الضلالة، وأنا صاحب يوم الدوح وفي سنه سورة من القرآن، وأنا الوصي على الأموات من أهل بيته (عليهم السلام)، وأنا بقيته على الأحياء من أمته فاتقوا الله يثبت أقدامكم ويتم نعمته عليكم، ثم رجع إلى بيته "(2).

 

الحديث التاسع والعشرون: الشيخ في (مجالسه) قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال:

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 559 / مجلس 20 / ح 9.

 

(2) أمالي الطوسي: 568 / مجلس 22 / ح 1.

 

الصفحة 210 

حدثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدر قال: حدثنا محمد بن حميد الرازي قال: حدثنا جرير عن أبي أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:

 

كنت عند معاوية وقد نزل بذي طوى فجاء سعد بن أبي وقاص فسلم عليه فقال معاوية: يا أهل الشام هذا سعد وهو صديق علي قال: فطأطأ القوم رؤوسهم وسبوا عليا (عليه السلام) فبكى سعد فقال له معاوية: ما الذي أبكاك؟ قال ولم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسب عندك ولا أستطيع أن أغير وقد كان في علي خصال لأن تكون في واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها أحدها: إن رجلا كان باليمن فجاءه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال: لأشكونك إلى رسول الله فقدم علي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسأله عن علي (عليه السلام) فثنى عليه فقال: " أنشدك الله الذي أنزل علي الكتاب واختصني بالرسالة اعن سخط تقول ما تقول في علي (عليه السلام) " قال: نعم يا رسول الله، قال: " ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم " قال: بلى قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " والثانية إنه بعث يوم خيبر عمر ابن الخطاب إلى القتال فهزم وأصحابه فقال (صلى الله عليه وآله): " لأعطين الراية غدا إنسانا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " فقعد المسلمون وعلي (عليه السلام) أرمد فدعاه فقال: " خذ الراية " فقال: " يا رسول الله إن عيني كما ترى " فتفل فيها فقام فأخذ الراية ثم مضى بها فتح الله عليه.

 

والثالثة خلفه في بعض مغازيه فقال علي: " يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان " فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".

 

والرابعة سد الأبواب في المسجد إلا باب علي.

 

والخامسة نزلت هذه الآية * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) وحسنا وحسينا وفاطمة (عليهم السلام) فقال: " اللهم هؤلاء أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "(1).

 

الحديث الثلاثون: أبو علي الطبرسي (قدس سره) قال: ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال: حدثني شهر ابن خوشب عن أم سلمة - رضي الله عنها - قال: جاءت فاطمة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) تحمل حريرة لها فقال لها: " ادعي زوجك وابنيك " فجاءت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء خيبريا وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا " فقلت: يا رسول الله وأنا معهم؟ قال:

 

" أنت إلى خير "(2).

 

الحديث الحادي والثلاثون: علي بن إبراهيم في تفسيره قال: في رواية أبي الجارود عن أبي

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 598 / مجلس 26 / ح 17.

 

(2) مجمع البيان: 8 / 156.

 

الصفحة 211 

جعفر (عليه السلام) في قوله: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * قالت:

 

" نزلت هذه الآية في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وذلك في بيت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله) فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ثم ألبسهم كساء له خيبريا ودخل معهم فيه ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي الذين وعدتني فيهم ما وعدتني اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا نزلت هذه الآية فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ فقال: أبشري يا أم سلمة إنك إلى خير " قال أبي الجاورد: وقال زيد بن علي بن الحسين:

 

إن جهالا من الناس يزعمون إنما أراد بهذه الآية أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) وقد كذبوا وأثموا وأيم الله لو عنى بها أزواج النبي (صلى الله عليه وآله) لقال: ليذهبن عنكن الرجس ويطهركن تطهيرا ولكان الكلام مؤنثا كما قال:

 

* (واذكرن ما يتلى في بيوتكن ولا تبرجن،... ولستن كأحد من النساء) *(1)(2).

 

الحديث الثاني والثلاثون: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أبي (قدس سره) قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) من آل محمد قال: " ذريته " قلت: من أهل بيته قال: " الأئمة الأوصياء " قلت: من عترته؟ قال: " أصحاب العباء " فقلت: من أمته؟ قال: " المؤمنون الذين صدقوا بما جاء به من عند الله عز وجل المستمسكون بالثقلين الذين أمروا بالتمسك بهما كتاب الله وعترته أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وهما الخليفتان على الأمة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) "(3).

 

الحديث الثالث والثلاثون: ابن بابويه في أماليه قال: حدثنا أبي (قدس سره) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا علي بن أسباط قال: حدثنا علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: " يا أبا بصير نحن شجره العلم ونحن أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) وفي دارنا مهبط جبرائيل (عليهم السلام) ونحن خزان علم الله ونحن معادن وحي الله من تبعنا نجى ومن تخلف عنا هلك حقا على الله عز وجل "(4).

 

الحديث الرابع والثلاثون: محمد بن علي بن شهرآشوب في كتاب (المناقب) قال: نزلت في علي (عليه السلام) بالإجماع * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *(5).

 

____________

 

(1) الأحزاب: 34.

 

(2) تفسير القمي: 2 / 193.

 

(3) أمالي الصدوق: 312 / مجلس 42 / ح 10.

 

(4) أمالي الصدوق: 383 / مجلس 50 / ح 15.

 

(5) مناقب آل أبي طالب: 2 / 24.

 

الصفحة 212 

 

الباب الثالث

 

في قوله تعالى * (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم

فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم) *(1)

 

من طريق العامة وفيه تسعة عشر حديثا

 

 

الحديث الأول: من صحيح مسلم من الجزء الرابع في ثالث كراس من أوله في باب فضائل علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وتقاربا في اللفظ قالا: حدثنا حاتم وهو ابن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ قال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول حين خلفه في بعض مغازيه فقال له علي (عليه السلام): " يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله):

 

" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وسمعته يقول يوم خيبر:

 

" لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " قال فتطاولنا لها فقال: " ادعو إلي عليا "

 

فأتي به أرمد العين فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله على يده، ولما نزلت هذه الآية * (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل) * دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي "(2).

 

الحديث الثاني: من صحيح مسلم من الجزء المذكور سابقا في آخره على حد كراسين قال:

 

حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد تقاربا في اللفظ قالا: حدثنا حاتم - وهو ابن إسماعيل - عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال له: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبه لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له حين خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله: " خلفتني مع النساء والصبيان فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي " وسمعته يقول يوم خيبر: " لأعطين الراية رجلا

 

____________

 

(1) آل عمران: 61.

 

(2) صحيح مسلم: 7 / 121.

 

الصفحة 213 

يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " قال: فتطاولنا لها فقال: " ادعو إلي عليا " فأتي به أرمد فبصق في عينيه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية * (ندع أبنائنا وأبنائكم) * دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي "(1).

 

الحديث الثالث: الثعلبي في تفسيره قال: قال مقاتل والكلبي: لما قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذه الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة فقالوا له: حتى نرجع وننظر في أمرنا ونأتيك غدا فخلا بعضهم إلى بعض فقالوا للعاقب - وكان ديانهم وذا رأيهم -: يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى إن محمد نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفضل من أمر صاحبكم والله ما لاعن قوم قط نبيا فعاش كبيرهم، ولا نبت صغيرهم ولئن فعلتم ذلك لتهلكن وإن أبيتم إلا تلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فودعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد غدا رسول الله محتضنا الحسن وأخذ بيد الحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم: " إذ ا أنا دعوت فآمنوا " فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى: إن لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض من نصراني إلى يوم القيامة قالوا: يا أبا القاسم لقد رأينا أن لا نلاعنك وأن نتركك على دينك ونثبت على ديننا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " فإن أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم " فأبوا فقال: " فإني أنابذكم "

 

فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة ولكنا نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة ألف في صفر وألف في رجب فصالحهم النبي (صلى الله عليه وآله) على ذلك وقال: " والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي عليهم نارا ولاستأصل الله تعالى نجران وأهله حتى الطير على الشجرة ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا فقال الله تعالى * (إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وأن الله لهو العزيز الحكيم) * فإن تولوا أعرضوا عن الإيمان * (فإن الله عليم بالمفسدين) *(2)(3).

 

الحديث الرابع: أبو الحسن الفقيه ابن المغازلي الواسطي في مناقبه قال: أخبرني محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الوراق قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال:

 

____________

 

(1) صحيح مسلم: 7 / 121.

 

(2) آل عمران: 63.

 

(3) العمدة: 189 / 290 عن الثعلبي.

 

الصفحة 214 

حدثنا يحيى بن حاتم العسكري قال: حدثنا بشر بن مهران قال: حدثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قدم وفد نجران على النبي (صلى الله عليه وآله) العاقب والطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا: أسلمنا يا محمد قبلك قال: " كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام؟ " قالا: فهات أنبئنا قال: " حب الصليب وشرب الخمر وأكل الخنزير "

 

فدعاهما إلى الملاعنة فوعداه أن يغادياه بالغداة فغدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخذ بيده علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه فأقرا له بالخراج فقال النبي (صلى الله عليه وآله): " والذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لأمطر عليهما الوادي نارا " قال جابر: فيهم نزلت هذه الآية فقال * (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم...) * الآية قال الشعبي * (أبنائنا) * الحسن والحسين * (ونسائنا) * فاطمة * (وأنفسنا) * علي بن أبي طالب (عليه السلام)(1).

 

الحديث الخامس: أبو المؤيد الموفق بن أحمد في كتاب فضائل علي وهو من أعيان علماء العامة قال أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن عمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب؟ قال: أما ذكرت ثلاثا قالهن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأن تكون إلي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي وخلفه في بعض مغازيه أعود قال له علي: " يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي "، وسمعته يقول يوم خيبر: " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله "

 

قال فتطاولنا لها فقال: " ادعو إلي عليا " فأتي علي وبه رمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ونزلت هذه الآية * (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم...) * الآية دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المباهلة عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ثم قال: " اللهم هؤلاء أهلي ".

 

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه قال له (صلى الله عليه وآله): " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى " أخرجه الشيخان في صحيحة بطرق كثيرة. انتهى كلام موفق ابن أحمد(2).

 

الحديث السادس: أبو نعيم صاحب حلية الأولياء بإسناده عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا (عليهم السلام) فقال: " اللهم هؤلاء

 

____________

 

(1) مناقب ابن المغازلي: 171 / ح 310.

 

(2) المناقب: 108 / ح 115.

 

الصفحة 215 

أهل بيتي "(1).

 

الحديث السابع: أبو نعيم الحافظ بإسناده عن الشعبي عن جابر قال: قدم على رسول لله (صلى الله عليه وآله) العاقب والطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا: أسلمنا يا محمد قبلك فقال: " كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام " فقالا: هات أنبئنا قال: " لحب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير " قال جابر: فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه إلى أن يغادياه بالغداة فغدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخذ بيد علي والحسن والحسين (عليهم السلام) وفاطمة فأرسل إليهما فأبيا أن يجيباه وأقرا له بالخراج فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " والذي بعثني بالحق نبيا لو فعلا لأمطر الله عليهما الوادي نارا " قال جابر: فيهم نزلت * (ندع أبناءنا وأبنائكم) * قال جابر * (أنفسنا وأنفسكم) * رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي * (وأبناءنا) * الحسن والحسين (عليهما السلام) * (ونسائنا) * فاطمة (عليها السلام)(2).

 

الحديث الثامن: أبو نعيم الحافظ بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: لما جاء أهل نجران وأنزل الله تعالى: * (فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم) * جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام) وقال: " إذا أنا دعوت فآمنوا " فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية(3).

 

الحديث التاسع: من الجزء الثاني من كتاب (المغازي) عن ابن إسحاق قال: لما قدم وفد نجران على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليهم الحلل وخواتيم الذهب فسلموا على النبي (صلى الله عليه وآله) فلم يرد عليهم وتصدوا لكلامه (عليه السلام) نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب فانطلقوا يبتغون عثمان ابن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكانوا بمعرفة لهما [ فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس فقالوا: يا عثمان ويا عبد الرحمن ] إن نبيكم قد كتب إلينا كتابا فأقبلنا إليه وسلمنا عليه فلم يرد علينا السلام وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمنا فما رأيكما أنعود أم نرجع؟ فقالا لعلي (عليه السلام): ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم، فقال علي لعثمان ولعبد الرحمن: " أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم ويلبسوا ثياب سفرهم ثم يعودوا إليه "، ففعل وفد نجران ذلك فوضعوا حللهم وخواتيمهم وأتوا النبي (صلى الله عليه وآله) فسلموا فرد سلامهم ثم قال: " والذي بعثني بالحق لقد أتوا المرة الأولى وإن إبليس لمعهم " ثم سألهم وسألوه فلم يزل به وبهم المسألة حتى قالوا: ما تقول في عيسى؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى ليسرنا إن كنت نبيا أن نعلم ما تقول فيه؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما عندي فيه شئ هذا فأقيموا حتى أخبركم ما يقال لي في عيسى " فأصبح من الغد وقد

 

____________

 

(1) بحار الأنوار: 31 / 261.

 

(2) بحار الأنوار: 31 / 262.

 

(3) بحار الأنوار: 31 / 264.

 

الصفحة 216 

أنزل الله تعالى عليه * (إن مثل عيسى عند لله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * فأبوا أن يقروا بذلك فأصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله) مشتملا على علي والحسن والحسين [ في خميل له ] وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة [ وله يومئذ عدة نسوة ](1) فقال شرحبيل لصاحبه: يا عبد الله بن شرحبيل ويا جبار ابن فض قد علمتم أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلا عند رأيي فإني والله أرى أمرا مقفلا(2) والله إن كان هذا الرجل ملكا مبعوثا فكنا أول العرب طعن في عيبته ورد عليه أمره، ولا يذهب لنا من صدور قومه حتى يصبونا بجائحة، وإنا لأدنى العرب منهم جوازا ولئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك.

 

فقال له صاحباه: فما الرأي يا أبا مريم فقد وضعتك الأمور على ذراع فهات رأيك؟ فقال: رأيي أن أحكمه فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا فقالا: أنت وذاك، فتلقى شرحبيل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال:

 

إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك فقال: " وما هو " فقال: شرحبيل حكمك اليوم وليلتك إلى الصباح فبما حكمت فينا فهو جائز، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لعل ورائك أحد يثرب عليك ".

 

فقال له شرحبيل: سل صاحبي، فسألهما فقالا: ما يورد الوادي ولا يصدر إلا عن رأي شرحبيل وداعه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " كافر جاحد موفق " فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يلاعنهم حتى إذا كان من الغداة أتوه وكتب لهم هذا الكتاب:

 

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتبه محمد (صلى الله عليه وآله) لنجران: أن كان عليهم حكمه في كل ثمرة وكل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فأفضل عليهم وترك ذلك كله على ألفي حلة في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة أو قيمه ما زادت حلل الخرج أو نقصت [ إلى أن قال: بعثه رسول الله إلى نجران ]. ليجمع صدقاتهم ويقدم عليهم بجزيتهم "(3).

 

الحديث العاشر: إبراهيم بن محمد الحمويني في كتاب (فرائد السمطين) وهو من أعيان علماء العامة قال: أنبأني عبد الحميد بن فخار عن أبي طالب بن عبد السميع إجازة عن شاذان بن جبرئيل قراءة عليه عن محمد بن عبد العزيز عن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو منصور محمود بن

 

____________

 

(1) زيادة من البداية والنهاية.

 

(2) في البداية: ثقيلا.

 

(3) البداية والنهاية: 5 / 65 ط. دار إحياء التراث، وطبقات ابن سعد: 1 / 288 - 358 بتفاوت، وفتوح البلدان:

 

76، والبحار: 21 / 360 مختصرا.

 

الصفحة 217 

إسماعيل بن محمد الصيرفي: قال أنبأنا أبو الحسين بن فاذشاه قال: أنبأنا سليمان بن أحمد قال:

أنبأنا أحمد بن داود المكي ومحمد بن زكريا الغلابي قالا: أنبأنا بشر بن مهران الخصاف قال: حدثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر قال: قدم على النبي (صلى الله عليه وآله) العاقب الطيب فدعاهما إلى الإسلام فقالا أسلمنا يا محمد قال: " كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام " قالا: فهات أنبئنا قال: " حبكما الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير " قال جابر فدعاهما إلى الملاعنة وواعداه أن يغادياه بالغداة فغدا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخذ بيده علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فأرسل إليهما فأبيا أن يجيباه وأقرا له فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

 

" والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر عليهما الوادي نارا " قال جابر فيهم نزلت: * (ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم) * قال الشعبي: قال جابر: * (وأنفسنا وأنفسكم) * قال: رسول الله وعلي صلوات الله عليهما * (ونسائنا) * فاطمة (عليها السلام) * (وأبناؤنا) * الحسن والحسين صلوات الله عليهما(1).

 

الحديث الحادي عشر: أبو المؤيد موفق بن أحمد المتقدم في الباب عن ابن عباس (رضي الله عنه) والحسن والشعبي والسدي قالوا في حديث المباهلة: إن وفد نجران أتوا النبي (صلى الله عليه وآله) ثم تقدم الأسقف فقال: يا أبا القاسم موسى من أبوه؟ قال: " عمران " فقال: يوسف من أبوه؟ قال: " يعقوب "

 

قال: فأنت من أبوك؟ قال: " عبد الله بن عبد المطلب " قال: فعيسى من أبوه؟ فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ينتظر الوحي من السماء فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية: * (إن مثل عيسى عند لله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) * فقال الأسقف لا نجد هذا فيما أوحي إلينا قال: فهبط جبرئيل (عليه السلام) بهذه الآية * (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * قال:

 

أنصفت متى نباهلك؟ قال: " غدا إن شاء الله تعالى " فانصرفوا القوم ثم قال الأسقف لأصحابه انظروا أن خرج في عدة من أصحابه فباهلوه، فإنه كذاب، وإن خرج في خاصة من أهله فلا تباهلوه فإنه نبي ولئن باهلنا لنهلكن وقالت النصارى: والله إنا لنعلم أنه النبي الذي كنا ننتظره ولئن باهلناه لنهلكن ولا نرجع إلى أهل ولا مال قالت اليهود والنصارى: كيف نعمل؟ قال أبو الحرث الأسقف: رأيناه رجلا كريما نغدوا عليه فنسأله أن يقيلنا فلما أصبحوا بعث النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أهل المدينة ومن حولها فلم تبق بكر لم تر الشمس إلا خرجت وخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي بن يديه والحسن عن يمينه، قابضا بيده والحسين عن شماله وفاطمة خلفه ثم قال: " هلموا فهؤلاء أبناءنا الحسن والحسين

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 2 / 23 / ب 4 / ح 365.

 

الصفحة 218 

وهؤلاء أنفسنا لعلي ونفسه وهذه نسائنا لفاطمة " قال: فجعلوا يستترون بالأساطين ويستر بعضهم ببعض تخوفا أن يبدأهم بالملاعنة ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه وقالوا: أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم قال (صلى الله عليه وآله): " أقلتكم " وصالحوا على ألفي حلة(1).

 

الحديث الثاني عشر: إبراهيم بن محمد الحمويني المتقدم من كتابه قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الرحمن بن عيسى الدهقان في الكوفة من أصل كتابه قال: نبأنا الحسين بن الحكم الحبري قال: حدثنا الحسن بن الحسين العرني قال: نبأنا حبان بن علي العنزي قال: نبأنا الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل: * (تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) * نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) نفسه * (ونسائنا ونسائكم) * في فاطمة (عليها السلام) * (وأبنائنا وأبنائكم) * في حسن وحسين صلوات الله عليهما والدعاء على الكذابين نزلت في العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابه(2).

 

الحديث الثالث عشر: الحمويني هذا قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الحميد الصنعاني قال: نبأنا محمد بن بور عن ابن جريج في قوله: * (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) * بلغنا أن نصارى نجران قدم وفدهم على النبي (صلى الله عليه وآله) فمنهم: السيد والعاقب وأخبرت أن معهما عبد المسيح وهما يومئذ سيدا أهل نجران فقالوا: يا محمد بم تشتم صاحبنا؟ قال: " ومن صاحبكم؟ "

 

قال: عيسى ابن مريم تزعم أنه عبد قال النبي (صلى الله عليه وآله): " أجل هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم " فغضبوا وقالوا إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويخلق من الطين كهيئة الطير ولكنه الله فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) حتى جاءه جبرئيل فقال: يا محمد * (لقد كفروا الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم) * قال النبي (صلى الله عليه وآله): " إنهم قد سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى " قال جبرائيل: * (إن مثل عيسى عند لله كمثل آدم خلقه من تراب... فمن حاجك فيه) * في عيسى يا محمد من بعد هذا فقل * (تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم...) * الآية * (إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله هذه) * الآية، فأخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بيد علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم وجعلوا فاطمة (عليها السلام) وراءهم ثم قال: " هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا فهلموا أنفسكم وأبنائكم ونسائكم ونجعل لعنة الله على الكاذبين " فأبى السيد وقالوا: نصالحك فصالحوه على ألف حلة كل عام في كل رجب ألف حلة وقال النبي (صلى الله عليه وآله): " والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول ومنهم بشر إلا أهلك الله

 

____________

 

(1) المناقب: 159 / ح 189.

 

(2) فرائد السمطين: 2 / 205 / ب 40 / ح 484.

 

الصفحة 219 

الكاذبين "(1).

 

الحديث الرابع عشر: الحمويني هذا قال: حدثنا أبو جعفر بن محمد بن نصير الخلدي قال:

 

أنبأنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية * (ندع أبنائنا وأبنائكم) * دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا صلوات الله عليهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " اللهم هؤلاء أهلي "(2).

 

الحديث الخامس عشر: المالكي في (الفصول المهمة) قال: روى مسلم والترمذي أن معاوية قال لسعد بن أبي وقاص: ما منعك أن تسب عليا أبا تراب؟ فقال: أما ذكرت ثلاثة قالهن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلن أسبه ولئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول وقد خلفه في بعض مغازيه فقال علي: " خلفتي مع النساء والصبيان " فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أما ترضى أن تكن مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وسمعته يقول: يوم خيبر:

 

" لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " فتطاولنا إليها فقال: " ادعو لي عليا " فأتي به أرمد فبصق في عينيه فبرأ ودفع إليه الراية ففتح الله على يديه، ولما نزلت هذه الآية * (فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) * دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: " اللهم هؤلاء أهلي "(3).

 

الحديث السادس عشر: المالكي في فصول المهمة وهو من أعيان علماء العامة قال أهل البيت على ما ذكره المفسرون في تفسير المباهلة وعلى ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها هم النبي (صلى الله عليه وآله) علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) أما آية المباهلة وهي قوله تعالى: * (إن مثل عيسى عند لله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قل له كن فيكون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * وسبب نزول هذه الآية أنه لما قدم وفد نجران على رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخلوا عليه مسجد بعد صلاة العصر وعليهم ثياب الحبرات وأردية الحرير، لابسين الحلل متختمين بخواتم الذهب، يقول من رآهم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله): ما رأينا قبلهم وفد مثلهم وفيهم ثلاثة من أشرافهم يؤول أمرهم إليهم وهم: العاقب واسمه عبد المسيح كان أمير القوم وصاحب رأيهم ومشورتهم لا يصدرون إلا عن رأيه والسيد وهو الأيهم وكان ثمالهم وصاحب رأيهم ومجتمعهم، وأبو حاتم بن

 

____________

 

(1) فرائد السمطين: 2 / 205 / ب 40 / ح 485.

 

(2) فرائد السمطين: 2 / 377 / ب 69 / ح 307.

 

(3) الفصول المهمة: 120 و 22، وصحيح مسلم: 7 / 121، وسنن الترمذي: 5 / 301 ح 3808.

 

الصفحة 220 

علقة وكان أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم وكان رجلا من العرب من بني بكر بن وائل ولكنه تنصر فعظمته الروم وملوكها وشرفوه، وبنوا له الكنائس ومولوه وأخدموه، لما علموا من صلابته في دينهم، وقد كان يعرف [ أمر ] رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشأنه وصفته [ بما علمه ] من الكتب المتقدمة، ولكنه حمله جهله على الاستمرار في النصرانية لما رأى من تعظيمه ووجاهته عند أهلها.

 

فتكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أبي حاتم بن علقة والعاقب عبد المسيح وسألهما وسألاه، ثم إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد أن تكلم مع هذين الحبرين منهم دعاهم إلى الإسلام، فقالوا: قد أسلمنا فقال:

 

" كذبتم إنه يمنعكم من الإسلام ثلاثة: عبادتكم الصليب، وأكلكم الخنزير، وقولكم: لله ولدا "

 

فقالوا: هل رأيت ولدا بغير أب فمن أبو عيسى؟ فأنزل الله تعالى * (إن مثل عيسى عند لله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) *... الآية فلما نزلت هذه الآية مصرحة بالمباهلة دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفد نجران إلى المباهلة وتلا عليهم الآية فقالوا: حتى ننظر في أمرنا ونأتيك غدا، فلما خلا بعضهم ببعض قالوا للعاقب صاحب مشورتهم: ما ترى في الرأي؟ فقال: [ والله لقد عرفتم يا معاشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم ] والله ما لاعن قوم قط نبيا إلا هلكوا عن آخرهم، فاحذروا كل الحذر أن يكون آفة الاستئصال منكم، وإن أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة عليه فوادعوا الرجل وأعطوه الجزية ثم انصرفوا إلى مقركم، فلما أصبحوا جاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخرج وهو محتضن الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة خلفه وعلي خلفهم وهو يقول:

 

" اللهم هؤلاء أهلي، إذا أنا دعوت آمنوا " فلما رأى وفد نجران ذلك وسمعوا قوله قال كبيرهم: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألت من الله تعالى أن يزيل جبلا لأزاله لا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني منكم إلى يوم القيامة، فأقبلوا الجزية، فقبلوا الجزية ثم انصرفوا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " والذي نفس محمد بيده إن العذاب قد نزل على أهل نجران ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولأضرم الوادي عليهم نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر ولم يحل الحول على النصارى حتى هلكوا "(1)(2).

 

 

الحديث السابع عشر: المالكي أيضا: قال جابر بن عبد الله (رضي الله عنه): * (أنفسنا وأنفسكم) * محمد (صلى الله عليه وآله)

 

____________

 

(1) الفصول المهمة: 23، المقدمة ط. النجف.

 

(2) ورواه الثعلبي بتفاوت، في التفسير المخطوط مواد الآية.

 

الصفحة 221 

وعلي (عليه السلام) * (وأبناءنا وأبناؤكم) الحسن والحسين * (ونساؤنا) * فاطمة رضوان الله عليهم أجمعين(1).

 

الحديث الثامن عشر: المالكي أيضا عن الحاكم في مستدركه عن علي بن عيسى وقال صحيح على شرط مسلم مثله(2).

 

الحديث التاسع عشر: المالكي أيضا عن أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الشعبي مرسلا مثله(3).

 

____________

 

(1) الفصول المهمة: 23.

 

(2) الفصول المهمة: 24.

 

(3) الفصول المهمة: 25.

 

الصفحة 222 

 

الباب الرابع

 

فيمن نزلت فيه آية المباهلة

 

من طريق الخاصة وفيه خمسة عشر حديثا:

 

 

الحديث الأول: علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره: قال حدثني أبي عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام): " إن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان سيدهم الأهتم والعاقب والسيد وحضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون بالناقوس وصلوا فقال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا رسول الله هذا في مسجدك؟ فقال: " دعوهم " فلما فرغوا دنوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا له: إلى ما تدعونا؟ فقال: " إلى شهادة أن لا إله الله، وأني رسول الله وأن عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث " فقالوا من أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: قل لهم: ما تقولون في آدم أكان عبدا مخلوقا يأكل وشرب وينكح؟ فسألهم النبي (صلى الله عليه وآله) فقالوا: نعم فقال: " فمن أبوه "

 

فبهتوا فبقوا ساكتين فنزل الله * (إن مثل عيسى عند لله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون إلى قوله فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " فباهلوني فإن كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم، وإن كنت كاذبا نزلت علي " فقالوا: أنصفت فتواعدوا للمباهلة فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساءهم السيد العاقب والأهتم: إن باهلنا بقومه باهلناه، فإنه ليس بنبي وإن باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله، فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا وهو صادق فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فقال النصارى: من هؤلاء؟ فقيل لهم: هذا ابن عمه ووصيه وختنه علي بن أبي طالب وهذه ابنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين، فعرفوا فقالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة فصالحهم رسول الله على الجزية وانصرفوا "(1).

 

الحديث الثاني: الشيخ الطوسي في أماليه بالإسناد قال: حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد الصائغ قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حاتم بن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال:

 

____________

 

(1) تفسير القمي: 1 / 104.

 

الصفحة 223 

سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي ثلاث: فلأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي وقد خلفه في بعض مغازيه فقال: " يا رسول الله تخلفني مع النساء والصبيان "؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " وسمعته يقول يوم خيبر: " لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله "

 

قال: فتطاولنا لها فقال: " ادعوا لي عليا " فأتى علي (عليه السلام) أرمد العين، فبصق في عينيه، ودفع إليه الراية ففتح الله تعالى عليه ولما نزلت هذه الآية * (ندع أبنائنا وأبنائكم) * دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا (عليهم السلام) وقال: " اللهم هؤلاء أهلي "(1).

 

الحديث الثالث: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال حدثني أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني بالكوفة قال: حدثنا محمد بن الفضل بن إبراهيم بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال: حدثنا عبد الرحمن بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين (عليه السلام) عن عمه الحسن (عليه السلام) قال: قال:

 

الحسن (عليه السلام): " قال الله تعالى لمحمد (صلى الله عليه وآله) حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه فقل: * (تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * فأخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الأنفس معه أبي ومن البنين أنا وأخي ومن النساء فاطمة أمي من الناس جميعا فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ونحن منه وهو منا "(2).

 

الحديث الرابع: الشيخ المفيد في كتاب (الإختصاص) عن محمد بن الحسن بن أحمد - يعني ابن الوليد - عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن إسماعيل العلوي قال:

 

حدثني محمد بن الزبرقان الدمغاني الشيخ قال: قال أبو الحسن موسى (عليه السلام) قال: " اجتمعت الأمة برها وفاجرها أن حديث النجراني حين دعاه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المباهلة لم يكن في الكساء إلا النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين فقال الله تبارك وتعالى * (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) * فكان تأويل أبنائنا الحسن والحسين ونسائنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالب "(3).

 

الحديث الخامس: الشيخ في مجالسه قال: أخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الحسن ابن علي بن زكريا العاصمي قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله العدلي قال: حدثنا الربيع بن يسار قال:

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 306 / المجلس 11 / ح 63.

 

(2) أمالي الطوسي: 564 / المجلس 21 / ح 1.

 

(3) الإختصاص: 56.

 

الصفحة 224 

حدثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد يرفعه إلى أبي ذر (رضي الله عنه) أن عليا (عليه السلام) وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص أمرهم عمر بن الخطاب أن يدخلوا بيتا ويغلقوا عليهم بابه ويتشاوروا في أمرهم وأجلهم ثلاثة أيام فإن توافق خمسة على قول واحد وأبى رجل منهم قتل ذلك الرجل، وإن توافق أربعة وأبى اثنان قتل الاثنان فلما توافقوا جميعا على رأي واحد قال لهم علي بن أبي طالب (عليه السلام): " إني أحب أن تسمعوا مني ما أقول لكم، فإن يكن حقا فاقبلوا، وإن يكن باطلا فأنكروه " قالوا: قل وذكر فضائله عليهم وهم يعترفون به قال لهم: " فهل فيكم أحد أنزل الله عز وجل فيه وفي زوجته وولديه آية المباهلة وجعل الله عز وجل نفسه نفس رسوله غيري "؟

 

قالوا: لا(1).

 

الحديث السادس: الشيخ المفيد في (الإختصاص) قال: حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم العلاف الهمداني بهمدان قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان البزار قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن سعيد البزاز المعروف ب (ابن المطبقي) وجعفر الدقاق قالا: حدثنا أبو الحسن محمد بن الفيض بن فياض الدمشقي بدمشق قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام الصنعاني قال: حدثنا معمر بن راشد قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن أبيه عن جده قال: لما قدم السيد والعاقب أسقفا نجران في سبعين راكبا وفدا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كنت معهم فبينا كرز يسير وكرز صاحب نفقاتهم إذ عثرت بغلته فقال: تعس من نأتيه - يعني النبي (صلى الله عليه وآله) - فقال له صاحبه وهو العاقب فقال له صاحبه وهو العاقب: بل تعست وانتكست. فقال: فلم ذلك؟ قال لأنك أتعست النبي الأمي أحمد قال: وما عملك بذلك؟

 

قال: أما تقرأ من المفتاح الرابع من الوحي إلى المسيح أن قل لبني إسرائيل ما أجهلكم تتطيبون بالطيب لتطيبوا به في الدنيا عند أهلها وأهلكم وأجوافكم عندي كجيفة الميتة(2) يا بني إسرائيل آمنوا برسولي النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان وصاحب الوجه الأقمر والجمل الأحمر المشرب بالنور ذي الجناب الحسن والثياب الخشن وسيد الماضين عندي وأكرم الباقين على المستن بسنتي والصابر في ذات جنبي، والمجاهد بيده المشركين من أجلي فبشر به بني إسرائيل، ومر بني إسرائيل أن يعزروه، وأن ينصروه قال عيسى (عليه السلام): " قدوس قدوس من هذا العبد الصالح الذي قد أحبه قلبي ولم تره عيني؟ قال: هو منك وأنت منه وهو صهرك على أمك قليل الأولاد كثير الأزواج يسكن مكة من موضع أساس من وطئ إبراهيم نسله من مباركة وهي ضرة أمك في الجنة له

 

____________

 

(1) أمالي الطوسي: 545 / المجلس 20 / ح 4.

 

(2) في المصدر: كالجيفة المنتنة.

 

الصفحة 225 

شأن من الشأن تنام عيناه، ولا ينام قلبه يأكل الهدية ولا يقبل الصدقة له حوض من شفير زمزم إلى مغيب الشمس حيث يغرب فيه شرابان من الرحيق والتسنيم فيه أكاويب عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يضمأ بعدها أبدا وذلك بتفضلي إياه على سائر المرسلين.

 

يوافق قوله فعله وسريرته علانيته فطوبى له وطوبى لأمته الذين على ملته يحيون وعلى سنته يموتون ومع أهل بيته يميلون آمنين مؤمنين مطمئنين مباركين ويظهر في زمن قحط وجدب فيدعوني فترخي السماء عزاليها حتى يرى أثر بركاتها في أكنافها وأبارك فيما يضع فيه يده قال:

 

" إلهي سمه " قال: نعم، هو أحمد وهو محمد رسولي إلى الخلق كافة وأقربهم مني منزلة وأحضرهم عندي شفاعة لا يأمر إلا بما أحب وينهى لما أكره قال له صاحبه فأين تعدينا على من هذه صفته قال: نشهد أحواله وننظر أيامه، فإن يكن هو هو ساعدناه بالمسالمة ونكفه بأموالنا عن أهل ديننا من حيث لا يشعر بنا، وإن يكن كاذبا كفينا بكذبه على الله عز وجل قال: ولم إذا رأيت العلامة لا تتبعه قال: أما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم أكرمونا ومولونا ونصبوا لنا الكنائس واعلوا فيه ذكرنا، فكيف تطيب النفس بالدخول في دين يستوي فيه الشريف والوضيع.

 

فلما قدموا المدينة قال من رآهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما رأينا وفدا من وفود العرب كانوا أجمل منهم لهم شعور وعليهم ثياب الحبر، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) متنائي عن المسجد وحضرت صلاتهم فقاموا فصلوا في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) تلقاء المشرق فهم بهم رجال من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنعهم، فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: " دعوهم " فلما قضوا صلاتهم جلسوا إليه وناظروه فقالوا: يا أبا القاسم حاجنا في عيسى قال: " هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه "

 

فقال أحدهما: بل هو ولده وثاني اثنين، وقال آخر: بل هو ثالث ثلاثة أب وابن وروح القدس، وقد سمعناه في قرآن نزل عليك يقول فعلنا وجعلنا وخلقنا، ولو كان واحد لقال: خلقت وجعلت وفعلت فتغشى النبي (صلى الله عليه وآله) الوحي فنزل عليه صدر سورة آل عمران إلى قوله رأس الستين منها * (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) * إلى آخر الآية فقص عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) القصة وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض قد والله أتاكم بالفضل من خبر صاحبكم، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن الله عز وجل قد أمرني بمباهلتكم ".

 

فقالوا: إذا كان غدا باهلناك، فقال القوم بعضهم لبعض: حتى ننظر بما يباهلنا غدا بكثرة اتباعه من أوباش الناس أم بالقلة من أهل الصفوة والطهارة، فإنهم وشج الأنبياء وموضع نهلهم، فلما كان

الصفحة 226 

من الغد غدا النبي (صلى الله عليه وآله) بيمينه علي وبيساره الحسن والحسين ومن ورائهم فاطمة (عليها السلام) عليهم النمار النجرانية(1)، وعلى كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله) كساء قرقف رقيق خشن ليس بكثيف ولا لين فأمر بشجرتين فكسح ما بينهما ونشر الكساء عليهما وأدخلهم تحت الكساء وأدخل منكبه الأيسر معهم تحت الكساء معتمدا على قوسه النبع ورفع يده اليمنى إلى السماء للمباهلة وأشرف الناس ينظرون وأصفر لون السيد والعاقب وكرا حتى كان أن يطيش عقولهما، فقال أحدهما لصاحبه: أنباهله؟

 

قال: أو ما علمت أنه ما باهل قوم قط نبيا فنشأ صغيرهم أو بقي كبيرهم، ولكن أره إنك غير مكترث وأعطه من المال والسلاح ما أراد فإن الرجل محارب، وقل له أبهؤلاء تباهلنا لئلا يرى أنه تقدمت معرفتنا بفضله وفضل أهل بيته، فلما رفع النبي (صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء للمباهلة قال أحدهما لصاحبه وأي رهبانية دارك الرجل فإنه إن فاه بهبلة لم نرجع إلى أهل ولا مال فقالا: يا أبا القاسم أبهؤلاء تباهلنا قال: " نعم هؤلاء أوجه من على وجه الأرض بعدي إلى الله عز وجل وجهة وأقربهم إليه وسيلة " قال: فبصبصا - يعني ارتعدوا وكرا - وقالا له: يا أبا القاسم نعطيك ألف سيف وألف درع وألف حجفة وألف دينار كل عام على أن الدرع والسيف والحجفة عندك إعارة حتى يأتي من ورائنا من قومنا فنعلمهم بالذي رأيناه وشاهدناه فيكون الأمر على ملأ منهم فأما الإسلام، وإما الجزية وإما المقاطعة في كل عام، فقال النبي (صلى الله عليه وآله) " قد قبلت ذلك منكم أما والذي بعثني بالكرامة لو باهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم الله عز وجل عليكم الوادي نارا تأجج تأججا حتى يساقها إلى من ورائكم أسرع من طرفة عين فأحرقتهم " فهبط عليه جبرائيل الروح الأمين فقال: يا محمد الله يقرئك السلام ويقول لك وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لو باهلت بمن تحت الكساء أهل السماوات وأهل الأرض لسقطت السماء كسفا متهافتة ولتقطعت الأرضون زبرا سائحة فلم يستقر عليها بعد ذلك فرفع النبي (صلى الله عليه وآله) يديه حتى رأي بياض إبطيه ثم قال وعلى من ظلمكم حقكم وبخسني الأمر الذي افترضه الله فيكم عليهم بهلة الله تتابع إلى يوم القيامة(2).

 

الحديث السابع: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد ابن مسرور (رضي الله عنه) عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن الريان بن الصلب عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) في حديثه (عليه السلام) مع المأمون والعلماء في الفرق بين العترة والأمة وفضل العترة على الأمة واصطفاء العترة وذكر الحديث بطوله والحديث قالت العلماء: هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام): " فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وذكر

 

____________

 

(1) أي: جرة وشملة فيها خطوط بيض وسود.

 

(2) الإختصاص: 112 - 116.

 

الصفحة 227 

المواضع من القرآن " وقال (عليه السلام): " وأما الثالثة حين ميز الله تعالى الطاهرين من خلقه وأمر نبيه (صلى الله عليه وآله) بالمباهلة بهم في الآية الابتهال فقال عز وجل: * (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) * "

 

قالت العلماء: عنى به نفسه؟ قال أبو الحسن (عليه السلام) " غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب، ومما يدل على ذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله) حين قال لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي - يعني علي بن أبي طالب - وعنى بالأبناء الحسن والحسين وعنى بالنساء فاطمة (عليها السلام) فهذه خصوصية لا يتقدم فيها أحد وفضل لا يلحقهم فيه بشر وشرف لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي كنفسه فهذه الثالثة وأما الرابعة " وساق الحديث بذكر الاثني عشر موضعا من القرآن(1).

 

الحديث الثامن: ابن بابويه قال: حدثنا أبو أحمد هاني بن أبي محمد بن محمود العبدي (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبي بإسناده رفعه إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث له مع الرشيد قال الرشيد له (عليه السلام) كيف قلتم: إنا ذرية النبي والنبي لم يعقب وإنما العقب للذكر لا للأنثى وأنتم ولد البنت ولا يكون لها عقب فقلت: " أسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه إلا ما أعفيتني عن هذه المسألة " فقال: لا، أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد علي وأنت يا موسى يعسوبهم وإمام زمانهم كذا أنهي إلي ولست أعفيك في كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله أنتم تدعون معشر ولد علي أنه لا يسقط عنكم منه شئ ألف ولا واو إلا وتأويله عندكم واحتججتم بقوله عز وجل: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * وقد استغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم فقلت: " تأذن لي في الجواب؟ "

 

فقال: هات.

 

قلت: " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم * (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس) * من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليس له أب.

 

فقلت: " إنما ألحقه بذراري الأنبياء (عليهم السلام) من طريق مريم (عليها السلام)، وكذلك ألحقنا الله تعالى بذراري النبي (صلى الله عليه وآله) من قبل أمنا فاطمة (عليها السلام) أزيدك يا أمير المؤمنين؟ "

 

قال: هات.

 

قلت: " قول الله عز وجل * (فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * ولم يدع أحد أنه أدخل

 

____________

 

(1) أمالي الصدوق: 618 / المجلس 79 / ح 1.

 

الصفحة 228 

النبي (صلى الله عليه وآله) تحت الكساء عند المباهلة مع النصارى إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فكان تأويل قوله عز وجل أبناءنا الحسن والحسين ونساءنا فاطمة وأنفسنا علي بن أبي طالب "(1).

 

الحديث التاسع: العياشي في تفسيره بإسناده عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن أمير المؤمنين سئل عن فضائله فذكر بعضها ثم قالوا له زدنا فقال: " إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه حبران من أحبار النصارى من أهل نجران فتكلما في أمر عيسى فأنزل الله هذه الآية * (إن مثل عيسى عند لله كمثل آدم) * إلى آخر الآية فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ بيد علي والحسن والحسين وفاطمة ثم خرج ورفع كفه إلى السماء وفرج بين أصابعه ودعاهم إلى المباهلة - قال -: وقال أبو جعفر (عليه السلام): وكذلك المباهلة يشبك يده في يده يرفعهما إلى السماء فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه: والله لئن كان نبيا لنهلكن، وإن كان غير نبي كفانا قومه فكفا وانصرفا "(2).

 

الحديث العاشر: العياشي عن محمد بن سعيد الأزدني عن موسى بن محمد بن الرضا عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) أنه قال في هذه الآية: * (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) * ولو قال تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيبون للمباهلة وقد علم أن نبيه مؤد عنه رسالاته وما هو من الكاذبين "(3).

 

الحديث الحادي عشر: العياشي بإسناده عن أبي جعفر الأحول قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): " ما تقول قريش في الخمس؟ قال: قلت: تزعم أنه لها، قال: " ما أنصفوا والله لو كان مباهلة ليباهلن بنا ولئن كان مبارزة ليبارزن بنا ثم نكون وهم على سواء "(4).

 

الحديث الثاني عشر: العياشي بإسناده عن الأحول قال: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: سيما مما أنكر به الناس فقال: " قل لهم إن قريشا قالوا: نحن أولوا القربى الذين هم لهم الغنيمة فقل لهم كان رسول الله لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته، وعند المباهلة جاء بعلي الحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)، أفيكون لنا المر ولهم الحلو "(5).

 

الحديث الثالث عشر: العياشي بإسناده عن المنذر قال: حدثنا علي (عليه السلام) قال: لما نزلت هذه الآية * (فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم...) * الآية قال: " أخذ بيد علي وفاطمة وابنيهما (عليهم السلام) فقال رجل

 

____________

 

(1) عيون أخبار الرضا: 1 / 81.

 

(2) تفسير العياشي: 1 / 176 ح 54.

 

(3) تفسير العياشي: 1 / 176 ح 55.

 

(4) تفسير العياشي: 1 / 176 ح 56.

 

(5) تفسير العياشي: 1 / 177 ح 57.

 

الصفحة 229 

من النصارى: لا تفعلوا فتصيبكم عنت فلم يدعوه "(1).

 

الحديث الرابع عشر: العياشي بإسناده عن عامر بن سعد قال: قال معاوية لأبي ما يمنعك أن تسب أبا تراب؟ قال: لثلاث رويتهن عن النبي (صلى الله عليه وآله) لما نزلت آية المباهلة * (قل تعالوا ندع أبنائنا...) * الآية أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيد علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، قال: " هؤلاء أهلي "(2).

 

الحديث الخامس عشر: الشيخ في أماليه قال: أخبرنا أبو عمر قال: أخبرنا أحمد قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا أبي فقال حدثنا هاشم بن المنذر عن الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن علي (عليه السلام) قال: " خرج رسول الله حين خرج لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم "(3).

 

____________

 

(1) تفسير العياشي: 1 / 177 ح 58.

 

(2) تفسير العياشي: 1 / 177 ح 59.

 

(3) أمالي الطوسي: 259 / مجلس 10 / ح 7.