الباب في إمامة الإمام الثاني عشر (عليه السلام) من الأئمة الاثني عشر من طريق الخاصة

الصفحة 119 

وهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبنيه الأحد عشر الذين آخرهم القائم المنتظر المهدي، إمام هذا العصر والزمان من موت أبيه حتى يظهره الله عز وجل بعد غيبته في آخر الزمان، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، لنص رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليهم بعده بالإمامة والخلافة والوصاية من طريق الخاصة والعامة كما تقدم في هذا الكتاب وهذا الباب، فيه خصوص في إثبات إمامة الإمام الثاني عشر المهدي القائم المنتظر الإمام المعصوم

وفيه سبعة وعشرون حديثا

الأول: أبو جعفر بن بابويه قدس الله سبحانه وتعالى روحه في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في غيبة الإمام (عليه السلام) قال: حدثنا الحسن بن محمد سعيد الهاشمي قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي قال: حدثنا محمد بن علي بن أحمد الهمداني قال: حدثني أبو الفضل العباس بن عبد الله البخاري قال: حدثنا محمد بن القسم بن عبد الله بن إبراهيم القسم بن محمد بن أبي بكر قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما خلق الله خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه مني، قال علي (عليه السلام): فقلت: يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرائيل؟

فقال (صلى الله عليه وآله): يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك، فإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا، يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.

يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربنا عز وجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله، لأن أول ما خلق الله عز وجل أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتمجيده، ثم خلق الملائكة،

الصفحة 120 

فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمورنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون وأنه منزه عن صفاتنا، فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله، فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا الله لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال وأنه عظيم المحل، فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة قلنا:

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله: فقالت الملائكة: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا: الحمد لله لتعلم الملائكة ما لحق الله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه، فقالت الملائكة: الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفة الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده.

ثم إن الله تعالى خلق آدم وأودعنا صلبه، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون، وإنه لما عرج بي إلى السماء أذن جبرائيل مثنى مثنى ثم قال: تقدم يا محمد فقلت: يا جبرائيل أتقدم عليك؟ قال: نعم، لأن الله تبارك اسمه فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين، وفضلك خاصة، فتقدمت وصليت بهم ولا فخر، فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل (عليه السلام): تقدم يا محمد، وتخلف عني، فقلت: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ قال: يا محمد إن هذا انتهاء حدي الذي وضعه الله لي في هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدي حدود ربي جل جلاله، فزخ بي زخة في النور حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله عز وجل من ملكوته، فنوديت: يا محمد، فقلت: لبيك وسعديك تباركت وتعاليت.

فنوديت: يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فاعبد وعلي فتوكل فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي في بريتي، لمن تبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي ولشيعتك أوجبت ثوابي.

فقلت: يا رب ومن أوصيائي؟ فنوديت: يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق العرش، فنظرت وأنا بين يدي ربي إلى ساق العرش فإذا اثنا عشر نورا، في كل نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كل وصي من أوصيائي، أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي أمتي فقلت: يا رب أهؤلاء أوصيائي من بعدي؟ فنوديت: يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني، ولأعلين بهم كلمتي، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي، ولأمكنه مشارق الأرض

 

 

 

الصفحة 121 

ومغاربها، ولأسخرن له الرياح، ولأذللن له الرقاب الصعاب، ولأرقينه في الأسباب ولأنصرنه بجندي، ولأمدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي، ثم لأديمن ملكه ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة "(1).

الثاني: ابن بابويه أيضا قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو زياد سهل بن زياد الأدمي الرازي، حدثنا محمد بن آدم الشيباني عن أبيه آدم بن أبي إياس قال:

حدثني المبارك بن فضالة عن وهب بن منبه رفعه عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لما عرج بي إلى ربي جل جلاله أتاني النداء: يا محمد، قلت: لبيك يا رب العظمة لبيك فأوحى الله إلي:

يا محمد فيما اختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا علم لي يا إلهي فقال: يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا وأخا ووصيا من بعدك؟ قلت: يا إلهي ومن اتخذ؟ تخير لي أنت يا إلهي، فأوحى الله إلي: يا محمد قد اخترت لك من الآدميين علي بن أبي طالب، فقلت: إلهي ابن عمي؟ فأوحى الله إلي: يا محمد إن عليا وارثك ووارث العلم من بعدك وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة وصاحب حوضك، يسقي من ورد عليه من مؤمني أمتك، ثم أوحى الله إلي: يا محمد إني قد أقسمت على نفسي قسما حقا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذريتك الطيبين الطاهرين.

حقا حقا أقول يا محمد لأدخلن جميع أمتك الجنة إلا من أبى من خلقي، فقلت: إلهي هل واحد يأبى من دخول الجنة؟ فأوحى الله إلي: بلى، فقلت: وكيف يأبى؟ فأوحى الله: يا محمد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدك، وألقيت محبته في قلبك وجعلته أبا لولدك، فحقه بعدك على أمتك كحقك عليهم في حياتك، فمن جحد حقه فقد جحد حقك، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنة، فخررت لله عز وجل ساجدا شكرا لما أنعم علي، فإذا مناديا ينادي: إرفع يا محمد رأسك واسألني أعطك فقلت: إلهي اجمع أمتي من بعدي على ولاية علي ابن أبي طالب ليردوا جميعا على حوضي يوم القيامة، فأوحى الله عز وجل إلي: يا محمد إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم لأهلك به من أشاء وأهدي به من أشاء، وقد آتيته علمك من بعدك وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك وأمتك عزيمة مني لأدخل الجنة من أحبه، ولا أدخل الجنة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته بعدك، فمن أبغضه

____________

(1) كمال الدين 255 / ح 4.

الصفحة 122 

أبغضك ومن أبغضك أبغضني، ومن عاداه فقد عاداك ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبه فقد أحبك ومن أحبك فقد أحبني، فقد جعلت له هذه الفضيلة وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديا كلهم من ذريتك من البكر البتول، وأخرج رجلا منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم، يملأ الأرض عدلا كما ملئت منهم ظلما وجورا أنجي به من الهلكة وأهدي به من الضلالة، وأبرئ به من العمى وأشفي به المريض.

فقلت: إلهي ومتى يكون ذلك؟ فأوحى الله عز وجل إلي: يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل وكثر القراء وقل العمل، وكثر القتل وقل الفقهاء الهادون وكثر فقهاء الضلالة والخونة وكثر الشعراء، واتخذوا قبورهم مساجد، وحليت المصاحف، زخرفت المساجد وكثر الجور والفساد وظهر المنكر وأمر أمتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وصارت الأمراء كفرة وأولياؤهم فجرة وأعوانهم ظلمة وذوو الرأي منهم فسقه، وعند ذلك ثلاث خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وخراب البصرة على يد رجل من ذريتك يتبعه الزنوج، وخروج رجل من ولد الحسين بن علي وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان وظهور السفياني.

فقلت: إلهي ومتى يكون بعدي من الفتن؟ فأوحى الله إلي وأخبرني ببلاء بني أمية وفتنة ولد عمي العباس، وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، فأوصيت بذلك ابن عمي حين هبطت إلى الأرض فأديت الرسالة ولله الحمد على ذلك كما حمده النبيون، كما حمده كل شئ قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة "(1).

الثالث: ابن بابويه حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا أحمد بن بندار قال:

حدثنا أحمد بن هلال عن محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أسري بي إلى السماء أوحى إلي ربي جل جلاله وقال: يا محمد إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة واخترتك منها فجعلتك نبيا وشققت لك من اسمي اسما فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة، فمن قبلها كان عندي من المقربين، يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير

____________

(1) كمال الدين 1 / 250 / ح 1.

الصفحة 123 

كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتهم فما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي، يا محمد تحب أن تراهم؟.

قلت: نعم يا رب، فقال عز وجل: إرفع رأسك فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي ابن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب دري.

قلت: يا رب ومن هؤلاء؟ قال الأئمة وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، ويخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة الناس يومئذ بهما أشد من فتنة العجل والسامري "(1).

الرابع: ابن بابويه قال: حدثنا غير واحد من أصحابنا قالوا: حدثنا محمد بن همام عن جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال: حدثني الحسين بن محمد بن سماعة عن أحمد بن الحارث قال:

حدثني المفضل بن عمر عن يونس بن ظبيان عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: لما أنزل الله جل وعز على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله): *(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)*(2) قلت يا رسول الله، عرفنا الله ورسوله فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): " هم خلفائي، يا جابر وأئمة المسلمين من بعدي أولهم علي ابن أبي طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي المعروف في التوراة بالباقر، وستدركه يا جابر فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد ثم الحسن بن علي سميي وكنيي حجة الله في أرضه وبقيته في عباده ابن الحسن بن علي، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه للإيمان ".

قال جابر: فقلت: يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟

فقال (صلى الله عليه وآله): " أي والذي بعثني بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجللها سحاب، هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله ".

____________

(1) كمال الدين: 253.

(2) النساء: 59.

الصفحة 124 

قال جابر بن يزيد: فدخل جابر بن عبد الله الأنصاري على علي بن الحسين (عليه السلام)، فبينما هو يحدثه إذ خرج محمد بن علي الباقر من عند نسائه وعلى رأسه ذؤابة وهو غلام، فلما بصر به جابر ارتعدت فرائصه وقامت كل شعرة على بدنه ونظر إليه مليا ثم قال: يا غلام إقبل فأقبل ثم قال: ادبر فأدبر فقال جابر: شمائل رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورب الكعبة، ثم قام فدنا منه وقال له: ما اسمك يا غلام؟

فقال: محمد، قال: ابن من؟ قال: ابن علي بن الحسين.

قال: يا بني فدتك نفسي فأنت إذا الباقر؟ قال: " نعم " ثم قال: " فأبلغني ما حملك رسول الله (صلى الله عليه وآله) "

فقال جابر: يا مولاي إن رسول الله بشرني بالبقاء إلى أن ألقاك، فقال: إذا لقيته فاقرأه مني السلام، فرسول الله (صلى الله عليه وآله) يا مولاي يقرأ عليك السلام، فقال أبو جعفر (عليه السلام): " يا جابر على رسول الله السلام ما قامت السماوات والأرض، وعليك يا جابر بما بلغت السلام " فكان جابر بعد ذلك يختلف إليه ويتعلم منه، فسأله محمد بن علي عن شئ فقال له جابر: والله لا دخلت في نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقد أخبرني أنكم الأئمة الهداة من أهل بيته من بعده، أحكم الناس صغارا وأعلمهم كبارا وقال:

" لا تعلموهم فهم أعلم منكم " فقال أبو جعفر: " صدق جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والله إني لأعلم منك بما سألتك عنه، ولقد أوتيت الحكم صبيا، كل ذلك بفضل الله علينا ورحمته لنا أهل البيت "(1).

الخامس: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن علي بن ماجيلويه (رضي الله عنه) قال: حدثني عيسى بن محمد ابن أبي القاسم (رحمه الله) عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن جابر ابن يزيد الجعفي عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لعن المجادلون في دين الله على لسان سبعين نبيا، ومن جادل في آيات الله فقد كفر، قال الله عز وجل:

*(ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد)*(2) ومن فسر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب، ومن أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار " وقال عبد الرحمن بن سمرة فقلت: يا رسول الله أرشدني إلى النجاة.

فقال: " يا بن سمرة إذا اختلفت الأهواء وتفرقت الآراء فعليك بعلي بن أبي طالب فإنه إمام أمتي وخليفتي عليهم من بعدي وهو الفاروق الذي يميز به بين الحق والباطل، من سأله أجابه ومن استرشده أرشده ومن طلب الحق عنده وجده ومن التمس الهدى لديه صادفه، ومن لجأ إليها آمنه ومن استمسك به نجاه ومن اقتدى به هداه، يا بن سمرة سلم منكم من سلم له ووالاه،

____________

(1) كمال الدين 253.

(2) المؤمن: 4.

الصفحة 125 

وهلك من رد عليه وعاداه.

يا بن سمرة إن عليا روحه من روحي وطينته من طينتي وهو أخي وأنا أخوه وهو زوج ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وإن منه إمامي أمتي وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين، تاسعهم قائم أمتي، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما "(1).

السادس: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن سالم عن أبيه عن أبي حمزة عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني منها فجعلني نبيا، ثم اطلع الثانية فاختار منها عليا فجعله إماما، ثم أمرني أن أتخذه أخا ووليا ووصيا وخليفة ووزيرا، فعلي مني وأنا من علي، وهو زوج ابنتي وأبو سبطي الحسن والحسين، ألا وإن الله تبارك وتعالى جعلني وإياهم حججا على عباده، وجعل من صلب الحسين أئمة يقومون بأمري ويحفظون وصيتي، التاسع منهم قائم أهل بيتي ومهدي أمتي، أشبه الناس بي في شمائله وأقواله وأفعاله، يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مظلمة فيعلن أمر الله ويظهر دين الله عز وجل ويؤيد بنصر الله وينصر بملائكة الله ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما "(2).

السابع: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن موسى المتوكل (رحمه الله) قال: حدثني محمد بن أبي عبد الله قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد عن الحسين بن علي بن أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " حدثني جبرئيل عن رب العزة جل جلاله أنه قال: من علم أن لا إله إلا أنا وحدي، وأن محمدا عبدي ورسولي، وأن علي بن أبي طالب خليفتي، وأن الأئمة من ولده حججي أدخله الجنة برحمتي وأنجيه من النار بعفوي وأبحت له جواري وأوجبت له كرامتي وأتممت عليه نعمتي وجعلته من خاصتي وخالصتي، إن ناداني لبيته وإن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته وإن سكت ابتدأته وإن أساء رحمته وإن فر مني دعوته، وإن رجع إلي قبلته وإن قرع بابي فتحته.

ومن لم يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن محمدا عبدي ورسولي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي، أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده

____________

(1) كمال الدين 257.

(2) كمال الدين: 2 / 257.

الصفحة 126 

حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بآياتي وكتبي، إن قصدني حجبته وإن سألني حرمته وإن ناداني لم أسمع نداءه وإن دعاني لم استجب دعاءه وإن رجاني خيبته، وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلام للعبيد " فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين، ثم الباقر محمد بن علي وستدركه يا جابر، فإذا أدركته فاقرأه مني السلام، ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد ابن علي، ثم النقي علي بن محمد، ثم الزكي الحسن بن علي، ثم ابنه القائم بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي، من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني، بهم يمسك الله عز وجل السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها "(1).

الثامن: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن أحمد (رحمه الله) قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران عمه الحسين بن يزيد عن الحسين بن يزيد عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن يحيى بن أبي القاسم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم، هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على أمتي بعدي المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر "(2).

التاسع: ابن بابويه قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله ابن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه محمد بن خالد عن محمد بن داود عن محمد بن جارود العبدي عن الأصبغ بن نباتة قال: خرج علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ذات يوم ويده في يد ابنه الحسن (عليه السلام) وهو يقول: " خرج علينا رسول الله ذات يوم ويده في يدي هكذا وهو يقول: خير الخلق بعدي وسيدهم أخي هذا، وهو إمام كل مسلم ومولى كل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإني أقول: خير الخلق بعدي وسيدهم ابني هذا وهو إمام كل مؤمن ومولى كل مؤمن بعد وفاتي، ألا وإنه سيظلم بعدي كما ظلمت بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخير الخلق وسيدهم بعد الحسن ابني أخوه الحسين المظلوم بعد أخيه، المقتول في أرض كربلاء، أما إنه وأصحابه من سادة الشهداء يوم القيامة، ومن بعد الحسين تسعة من صلبه خلفاء الله في أرضه وحججه على عباده وأمناؤه

____________

(1) كمال الدين 258 / 3.

(2) كمال الدين 259 / ح 4.

الصفحة 127 

على وحيه وأئمة المسلمين وقادة المؤمنين وسادة المتقين، وتاسعهم القائم الذي يملأ الله به الأرض نورا بعد ظلمتها، وعدلا بعد جورها، وعلما بعد جهلها، والذي بعث محمدا أخي بالنبوة واختصني بالإمامة لقد نزل بذلك الوحي من السماء على لسان الروح الأمين جبرائيل، ولقد سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا عنده عن الأئمة بعده فقال للسائل: *(والسماء ذات البروج)*(1) إن عددهم بعدد البروج، ورب الليالي والأيام والشهور إن عدتهم كعدة الشهور، فقال السائل: فمن هم يا رسول الله؟ فوضع رسول الله يده على رأسي فقال: أولهم هذا وآخرهم المهدي، من والاهم فقد والاني ومن عاداهم فقد عاداني، ومن أحبهم فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني، ومن أنكرهم فقد أنكرني ومن عرفهم فقد عرفني، بهم يحفظ الله دينه وبهم يعمر بلاده، وبهم يرزق عباده وبهم ينزل القطر من السماء، وبهم تخرج بركات الأرض، هؤلاء أصفيائي وخلفائي وأئمة المسلمين وموالي المؤمنين "(2).

العاشر: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله) قال: حدثنا علي بن إبراهيم عن أبيه عن علي بن سعيد عن الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أحب أن يستمسك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب، وليعاد عدوه وليوال وليه، فإنه وصيي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد وفاتي، هو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي، قوله قولي وأمره أمري ونهيه نهي وتابعة تابعي وناصره ناصري وخاذله خاذلي، ثم قال (صلى الله عليه وآله): من فارق عليا بعدي لم يرني ولم أره يوم القيامة، ومن خالف عليا حرم الله عليه الجنة وجعل مأواه النار، ومن خذل عليا خذله الله يوم يعرض عليه، ومن نصر عليا نصره الله يوم يلقاه ولقنه حجته عند المسألة ثم قال (صلى الله عليه وآله): الحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما وسيدا شباب أهل الجنة، وأمهما سيدة نساء العالمين، وأبوهما سيد الوصيين، ومن ولد الحسين تسعة أئمة تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم والمضيعين لحقهم بعدي وكفى بالله وليا وناصرا لعترتي وأئمة أمتي، ومنتقما من الجاحدين لحقهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون "(3).

الحادي عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)

____________

(1) البروج: 1.

(2) كمال الدين 259 - 260 / ح 5.

(3) كمال الدين 261 / ح 6.

الصفحة 128 

عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أنا سيد من خلق الله عز وجل، وأنا خير من جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وحملة العرش وجميع ملائكة الله المقربين وأنبياء الله المرسلين، وأنا صاحب الشفاعة والحوض الشريف، وأنا وعلي أبوا هذه الأمة، من عرفنا فقد عرف الله عز وجل ومن أنكرنا فقد أنكر الله عز وجل، ومن علي سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين ومن ولد الحسين تسعة أئمة طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، تاسعهم قائمهم ومهديهم "(1).

الثاني عشر: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق (رضي الله عنه) قال: أخبرنا محمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا محمد بن هشام قال: حدثنا علي بن الحسن السايح قال: سمعت الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): " يا علي لا يحبك إلا مؤمن طابت ولادته، ولا يبغضك إلا من خبثت ولادته، ولا يواليك إلا مؤمن، ولا يعاديك إلا كافر ".

فقام إليه عبد الله بن مسعود وقال: يا رسول الله قد عرفنا علامة خبث الولادة والكافر في حياتك ببغض علي وعداوته، فما علامة خبث الولادة والكافر بعدك إذا أظهر الإسلام بلسانه وأخفى مكنون سريرته؟ فقال (صلى الله عليه وآله): " يا بن مسعود علي بن أبي طالب إمامكم بعدي وخليفتي عليكم، فإذا مضى فابني الحسن إمامكم بعده وخليفتي عليكم، فإذا مضى فابني الحسين إمامكم بعده وخليفتي عليكم، ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد أئمتكم وخلفائي عليكم، تاسعهم قائمهم قائم أمتي، يملأها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، لا يحبهم إلا من طابت ولادته ولا يبغضهم إلا من خبثت ولادته، ولا يتولاهم إلا مؤمن ولا يعاديهم إلا كافر، ومن أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ومن أنكرني فقد أنكر الله عز وجل، ومن جحد واحدا منهم فقد جحدني ومن جحدني فقد جحد الله عز وجل، لأن طاعتهم طاعتي وطاعتي طاعة الله ومعصيتهم معصيتي ومعصيتي معصية الله عز وجل، يا بن مسعود إياك أن تجد في نفسك حرجا مما أقضي فتكفر فوعزة ربي ما أنا متكلف ولا ناطق عن الهوى في علي والأئمة من ولده - ثم قال وهو رافع يديه إلى السماء -: اللهم وال من والى خلفائي وأئمة أمتي بعدي وعاد من عاداهم، وانصر من نصرهم وأخذل من خذلهم، ولا تخل الأرض من قائم منهم بحجتك ظاهرا أو خافيا مغمورا لئلا يبطل دينك وحجتك وبرهانك - ثم قال (صلى الله عليه وآله): - يا بن مسعود قد جمعت لكم في مقامي هذا ما إن

____________

(1) كمال الدين 261 / ح 7.

الصفحة 129 

فارقتموه هلكتم وإن تمسكتم به نجوتم، والسلام على من اتبع الهدى "(1).

الثالث عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أبي (رحمه الله) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى بن عبد الله بن مسكان عن أبان بن تغلب عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي (رحمه الله) قال: دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله) فإذا الحسين على فخذه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: " أنت سيد ابن سيد أنت إمام ابن الإمام أخو إمام أبو الأئمة، أنت حجة الله ابن حجته وأبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم "(2).

الرابع عشر: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عمر بن أذينة عن أبان بن عياش عن إبراهيم ابن عمر اليماني عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت سلمان الفارسي يقول: كنت جالسا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيها فدخلت فاطمة (عليها السلام)، فلما رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دموعها على خديها فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): " ما يبكيك يا فاطمة؟ " قالت:

" يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك " فاغرورقت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالبكاء ثم قال: " يا فاطمة أما علمت إنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإنه حتم الفناء على جميع خلقه، وإن الله تبارك وتعالى اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبيا، ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة ثانية فاختار زوجك وأوحى إلي أن أزوجك إياه وأن أتخذه وليا ووزيرا وأن أجعله خليفتي في أمتي، فأبوك خير أنبياء الله ورسله، وبعلك خير الأوصياء، وأنت أول من يلحق بي من أهلي، ثم اطلع إلى الأرض اطلاعة ثالثة اختارك وولديك، فأنت سيدة نساء أهل الجنة وابناك حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة كلهم هادون مهديون، وأول الأوصياء بعدي أخي علي ثم حسن ثم حسين ثم تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في الجنة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أخي(3)، أما تعلمين يا بنية أن من كرامة الله إياك أن زوجك خير أمتي وخير أهل بيتي، أقدمهم سلما وأعظمهم حلما وأكثرهم علما " فاستبشرت فاطمة (عليها السلام) وفرحت بما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله).

ثم قال: " يا بنية إن لبعلك مناقب: إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد لم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله عز وجل وسنتي، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي (عليه السلام)،

____________

(1) كمال الدين 262 / ح 8 باب 24.

(2) كمال الدين 262 / ح 9.

(3) في المصدر: أبي إبراهيم.

الصفحة 130 

وإن الله عز وجل علمني علما لا يعلمه غيري وعلم ملائكته ورسله علما، فكل ما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله أن أعلمه إياه ففعلت، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره، وإنك يا بنية زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا أمتي، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فإن الله عز وجل آتاه الحكمة وفصل الخطاب، يا بنية إنا أهل بيت أعطانا الله عز وجل ست خصال لم يعطها أحدا من الأولين كان قبلكم ولا يعطيها أحدا من الآخرين غيرنا: نبينا سيد الأنبياء والمرسلين وهو أبوك، ووصينا سيد الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك ".

قالت: " يا رسول هو سيد الشهداء الذين قتلوا معه ".

قال: " لا، بل سيد شهداء الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة، وابناك حسن وحسين سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة، ومنا - والذي نفسي بيده - مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ".

قالت: " وأي هؤلاء الذين سميتهم أفضل؟ ".

قال: " علي أفضل أمتي بعدي وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي وبعدك وبعد ابني وسبطي حسن وحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا وأشار إلى الحسين، منهم المهدي وإنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا "، ثم نظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال:

" يا سلمان أشهد الله أني سلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم، أما إنهم في الجنة معي " ثم أقبل على علي (عليه السلام) فقال: " يا أخي أنت ستبقى بعدي وستلقى من قريش شدة ومن تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة فإنك مني بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه وهم بمنزلة العجل ومن تبعه، يا علي إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، فلو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة ولا ينازع في شئ من أمره ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله، لو شاء لعجل النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الظالم ويعلم المحق أين مصيره ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى، فقال (عليه السلام)

 

 

 

الصفحة 131 

الحمد لله شكرا على نعمائه وصبرا على بلائه "(1).

الخامس عشر: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثني عمي محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن محمد بن علي القرشي عن ابن سنان عن المفضل ابن عمر بن أبي حمزة الثمالي عن محمد بن علي الباقر عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين ابن علي (عليه السلام) قال: " دخلت أنا وأخي على جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأجلسني على فخذه وأجلس أخي الحسن على فخذه الأخرى، ثم قبلنا وقال: بأبي أنتما من إمامين صالحين اختاركما الله مني ومن أبيكما وأمكما، واختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم، وكلهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء "(2).

السادس عشر: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثني محمد بن يحيى العطار وعبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن الحسين أبي الخطاب عن ابن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني عشر، آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد، وأربعة منهم علي(3).

السابع عشر: ابن بابويه قال: حدثنا حمزه بن محمد بن أحمد وجعفر بن أحمد بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: أخبرني القاسم ابن محمد بن جماد قال: حدثنا غياث بن إبراهيم قال: حدثنا الحسين بن زيد بن علي بن جعفر بن محمد عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " أبشروا ثم أبشروا، ثلاث مرات، إنما مثل أمتي كمثل غيث لا يدرى أوله خير أم آخره، إنما مثل أمتي كمثل حديقة أطعم منها فوج عاما ثم أطعم منها فوج عاما لعل آخرها فوجا أن يكون أعرضها بحرا وأعمقها طولا وفرعا وأحسنها جنى، وكيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر من بعدي من السعداء وأولي الألباب والمسيح عيسى ابن مريم آخرها ولكن يهلك بين ذلك نتج الهرج، ليسوا مني ولست منهم "(4).

الثامن عشر: ابن بابويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رحمه الله) قال: حدثنا أبي عن محمد بن عبد الجبار عن أبي أحمد محمد بن زياد الأزدي عن أبان بن عثمان عن ثابت بن دينار عن سيد العابدين علي بن الحسين عن سيد الشهداء الحسين بن علي عن سيد الأوصياء أمير

____________

(1) كمال الدين 262 - 264 / ح 10.

(2) كمال الدين 269 / ح 12.

(3) كمال الدين 269 / ح 13.

(4) كمال الدين 270 / ح 14.

الصفحة 132 

المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله عز وجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها "(1).

التاسع عشر: ابن بابويه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور (رضي الله عنه) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد بن أبي عمير عن أبي جميلة المفضل بن صالح عن جابر بن يزيد عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقا، تكون له غيبه وحيره تضل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما "(2).

العشرون: ابن بابويه قال حدثنا محمد بن الحسين وقال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن محمد بن جمهور عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن وهب عن أبي حمزة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال سول الله (صلى الله عليه وآله): " طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتم به في غيبته قبل قيامه ويتولى أولياءه ويعادي أعداءه، ذلك من رفقائي وذوي مودتي وأكرم أمتي علي يوم القيامة "(3).

الحادي والعشرون: ابن بابويه قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد (رضي الله عنه) قال: حدثنا أبو عمر البلخي عن محمد بن مسعود قال: حدثني خلف بن جابر عن سهل بن زياد عن محمد بن أسلم الجبلي عن الخطاب بن مصعب عن سدر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يأتم به وبأئمة الهدى من قبله ويتبرأ إلى الله عز وجل من عدوهم، أولئك رفقائي وأكرم أمتي علي "(4).

الثاني والعشرون: ابن بابويه قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن المتوكل (رضي الله عنه) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ومحمد بن يحيى العطار جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى وإبراهيم بن هاشم قالوا: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب جميعا قالوا: حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن أبي بصير عن الصادق جعفر بن محمد عن آبائه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " المهدي من ولدي، اسمه اسمي وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقا، تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن

____________

(1) كمال الدين 282 / ح 35.

(2) كمال الدين 286 / 1.

(3) كمال الدين 286 / 2.

(4) كمال الدين 287 / 3.

الصفحة 133 

أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا "(1).

الثالث والعشرون: ابن بابويه قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه سيد العابدين علي بن الحسين عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي عن أبيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء (عليهم السلام) فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما "(2).

الرابع والعشرون: ابن بابويه بهذا الإسناد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):

أفضل العبادة انتظار الفرج "(3).

الخامس والعشرون: ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه الله) قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي عن علي بن عثمان عن محمد بن الفرات عن ثابت بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن علي بن أبي طالب إمام أمتي وخليفتي عليها من بعدي ومن ولده القائم المنتظر الذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر " فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟

قال: " أي وربي ليمحص الذين آمنوا ويمحق الكافرين، يا جابر إن هذا الأمر من أمر الله وسر من سر الله مطوي من عباد الله فإياك والشك فيه فإن الشك في أمر الله عز وجل كفر "(4).

السادس والعشرون: ابن بابويه قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المرواردي بمرو الروذ قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا أبو يزيد أحمد ابن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي قال: حدثنا محمد بن حاتم القطان عن حماد بن عمر عن الإمام جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) في حديث طويل ووصية النبي (صلى الله عليه وآله) يذكر فيها أن رسول لله (صلى الله عليه وآله) قال له: " يا علي واعلم أن أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي، وحجبت عنهم الحجة

____________

(1) كمال الدين 287 / 4.

(2) كمال الدين 287 / 5.

(3) كمال الدين 287 / 6.

(4) كمال الدين 288 / 7.

الصفحة 134 

فآمنوا بسواد على بياض "(1).

السابع والعشرون: ابن بابويه بإسناده عن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، ثم ساق الحديث عنه في القائم (عليه السلام) وذكر في آخر الحديث وجعل عمر العبد الصالح أعني الخضر (عليه السلام) دليلا على عمره يعني القائم (عليه السلام) وقال (عليه السلام) في آخر الحديث: " وأما العبد الصالح " أعني الخضر (عليه السلام) فإن الله ما طول عمره لا لنبوة قدرها له ولا كتاب ينزله عليه ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ولا لطاعة يفرضها له، بل إن الله تبارك وتعالى لما كان في سابق علمه يقدر من عمر القائم ما يقدر [ من عمر الخضر، وما قدر في أيام غيبته ما قدر و ](2) علم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول قدر(3) عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك إلا لعلة الاستدلال به على عمر القائم وليقطع بذلك حجة المعاندين لئلا يكون للناس على الله حجة(4).

قالوا: الروايات في إمامة الإمام المنتظر الحجة القائم وهو الثاني عشر من الأئمة (عليهم السلام) وآخرهم محمد بن الحسن العسكري من طريق الخاصة قد صنفت فيها الكتب، منها كتاب كمال الدين وتمام النعمة لابن بابويه، وكتاب محمد بن إبراهيم النعماني الشهير بالغيبة، وكتاب الغيبة للشيخ أبي جعفر الطوسي، وقد ملئت كتب العامة، الخاصة في الكتب الكثيرة بالروايات في إمامته وغيبته (عليه السلام)، بل صرحت العامة بتواتر الروايات عندهم بذلك كما قدمناه في هذا الكتاب، وأما عند الخاصة فإمامته عندهم وغيبته مما علم من الدين ضرورة صلوات الله عليه وعلى آبائه، فاقتصرنا في هذا الكتاب من الروايات على قليل من طريق الخاصة لأنه لا يليق به إلا ذكر القليل، لأن ذكر كثير من ذلك يؤدي إلى الإطناب والإسهاب، والله سبحانه وتعالى هو الموفق.

____________

(1) كمال الدين 288 / 8.

(2) لم ترد في المصدر.

(3) في المصدر: طول.

(4) كمال الدين 352 - 357 / ح 53.