قاعدة حرمة إهانة المحترمات في الدين

53 - قاعدة حرمة إهانة المحترمات في الدين 

 

قاعدة حرمة اهانة المحترمات في الدين ومن جملة القواعد الفقهية حرمة إهانة حرمات الله والاستخفاف بها، وفيها جهات من البحث: الاولى في بيان المراد من هذه القاعدة فنقول: أما الحرمة فمعلومة عند كل أحد وأنها أحد الاحكام الخمسة التلكيفية وهو طلب ترك الشيء وعدم رضاه بفعله، بحيث يلزم عليه الترك ولو فعل كان عاصيا يستحق العقاب عليه، وأما الاهانة فهي مصدر باب الافعال، والفعل أهان يهين، والمراد به الاستخفاف والاستحقار فأهانه أي استخف به وحقره وعده ذليلا. وأما الحرمات فقال في القاموس إن الحرمة بضمتين وكهمزة ما لا يحل انتهاكه (1) وذكر الزمخشري أيضا كذلك في الكشاف (2) في قوله تعالى حرمات الله. (3) والمراد ها هنا في هذه القاعدة مطلق ما هو محترم في الدين، وله شأن عند الله على اختلاف مراتبها كالكعبة المعظمة ومسجد الحرام وسائر المساجد والقرآن

 

(هامش)

 

1. القاموس المحيط ج 4، ص 96 (حرم). 2. الكشاف ج 3، ص 154. 3. الحج (22): 30. (*)

 

والنبي صلى الله عليه وآله والائمة المعصومين والضرائح المقدسة وقبور الشهداء والصالحين والعلماء والفقهاء والعاملين أحياء وأمواتا وكتب الاحاديث النبوية المروية من طرق أهل البيت أو من طرق غيرهم من الصحابة الاخيار إلى غير ذلك من ذوي الشؤن في الدين وشريعة سيد المرسلين ومن هذا القبيل التربة الحسينية وكتب الادعية والمنابر في المساجد الموضوعة للوعظ أو للخطبة لصلاة الجمعة. والحاصل أن مفاد هذه القاعدة والمراد منها أن كل ما هو من حرمات الله وله شأن في الدين لا يجوز هتكه ويحرم استحقاره وإهانته. الثانية في الدليل على هذه القاعدة فنقول: الدليل عليه من وجوه: الاول الاجماع على حرمة هتك ما هو من حرمات الله وشعائر الدين، فانهم ادعوا الاجماع على حرمة تنجيس المساجد وإدخال النجاسة المسرية فيها معللا بأنها مستلزم لهلكتها فكأنهم جعلوا حرمة الهتك أمرا مفروغا منه وأيضا قالوا بجواز إدخال النجاسة غير المسرية فيها ما لم يستلزم هكتها، فكأن حرمة ما يستلزم الهتك أمر مسلم عندهم، ومن المعلوم أن اتفاقهم على حرمة الهتك ليس لخصوصية في المساجد بل تكون لاجل أنها من حرمات الدين وشعائره، وذلك لان ما هو من حرمات الله وشعائره تعالى هتكه يؤل إلى هتك حرمة الله عزوجل، وهذا شيء ينكره العقل ويقبحه كما سنذكره في الدليل العقلي إنشاء الله. وأما كون شعائر الله عبارة عن مناسك الحج أو خصوص الهدى أو خصوص البدن وهكذا بالنسبة إلى حرمات الله كونها عبارة عن خصوص مناسك الحج فواضح البطلان، لان إطلاقها في القرآن الكريم على تلك الامور من باب إطلاق

 

الكلي على بعض المصاديق وليس من المجاز، لما تحقق في محله أنه من باب تعدد الدال والمدلول، لان الخصوصية تستفاد من دال آخر، وما ذكره اللغويون وبعض المفسرين لهذين اللفظين حرمات الله شعائر الله فهو من باب اشتباه المفهوم بالمصداق. فكل ما هو محترم عند الله ومن علائم الدين فهو من حرمات الله ومن شعائره عز وجل ويؤيد ما ذكرنا ما قاله الزمخشري في تفسير حرمات الله أنها ما لا يحل هتكه، فلوضوح ثبوت هذا الاثر لها عرفوها به، وكذلك اتفقوا على أن هتك المؤمن حرام حيا وميتا، وكذلك اتفقوا على حرمة هتك المشاهد المشرفة والضرائح المقدسة. وخلاصة الكلام أنه لا يمكن إنكار وجود الاجماع والاتفاق على عدم جواز هتك ما هو من المحترمات في الدين، بل ربما عد بعضهم هذا من ضروريات الدين، والفقيه المتتبع يجد هذا الاتفاق في موارد كثيرة من صغريات هذه القاعدة من غير نكير من أحد نعم اختلفوا في وجوب تعظيم هذه الامور وسنذكره إنشاء الله تعالى. الثاني ارتكاز ذهن المتشرعة قاطبة حتى النساء والصبيان على عدم جواز هتك حرمة هذه الامور، وإهانتها واستحقارها، ويعترضون على من يهينها ويستحقرها وينكرونها أشد الانكار، وإن كان بعضهم يفرطون في هذا الامر، ولا شك في أنه لو شرب أحد سيكارة أو شطبا في حرم أحد أولاد الائمة عليهم السلام ينكرون عليه أشد الانكار أو يدخل في حرمهم لابسا حذائه يصيحون عليه وأمثال ذلك. فالانصاف أنه لا يمكن أن ينكر ثبوت مثل هذا الارتكاز في أذهان المتشرعة ولا يمكن أيضا إنكار أن هذا الارتكاز كاشف عن ثبوت هذا الحكم في الشريعة، نعم تختلف مراتب إنكارهم بالنسبة إلى هذه الامور. فلو أهان شخص العياذ بالله بالكعبة المعظمة أو ضريح الرسول صلى الله عليه وآله أو القرآن الكريم، فانكارهم ربما

 

ينجر إلى قتله كما هو كذلك الحكم الوارد في الشرع بالنسبة إلى تلويث الكعبة المعظمة بل القرآن الكريم وضريح الرسول صلى الله عليه وآله لانه كاشف قطعي عن كفره أو ارتداده إن كان مسلما، أما لو أهان نعمة من نعم الله كما لو سحق الخبز برجله متعمدا من غير عذر ولا ضرورة ينكرون بالصيحة في وجهه لا أزيد من ذلك. والحاصل أن أصل الانكار بالنسبة إلى اهانة المحترمات في الدين من مرتكزاتهم وان كانت مراتبه مختلفة بالنسبة إلى مراتب المحترمات، نعم العوام كثيرا ما يشتبهون في تشخيص مراتب المحترمات كما هو شأنهم في كثير من الامور. الثالثة حكم العقل بقبح إهانة ما هو محترم عند المولى واستحقار ما هو معظم عنده ويرجع استحقار ما هو محترم عنده ومعظم لديه إلى الاستخفاف بالمولى فيستحق الذم والعقاب واستحقاق الذم والعقاب من اللوازم التي لا ينفك عن فعل الحرام أو ترك الواجب الذي هو أيضا حرام فكل فعل كان موجبا لاستحقاق العقاب فلا محالة يستكشف منه أنه حرام وذلك ببرهان الان اي استكشاف العلة من وجود المعلول والملزوم عن اللازم، وإن شئت قلت إذا حكم العقل بقبح شيء فيستكشف عنه حرمة ذلك الشيء بقاعدة الملازمة. ثم إن الاهانة واستحقار المحترمات والحرمات والشعائر والمشاعر تارة لا يتحقق إلا بالقصد فهي في هذا القسم من العناوين القصدية كالتعظيم الذي هو ضده فكما أن القيام لا يكون تعظيما ومن مصاديقه إلا بذلك القصد، وإلا لو كان لجهة اخرى أو للاستهزاء بمن يقوم له لا يصدق عليه أنه تعظيم فكذلك الامر في الاهانة والاستحقار لا يصدق على الفعل القابل لذلك كمد الرجل إلى أحد هذه الامور المحترمة أو وضعها عليه أو حرقها أو سحقها إلا أن يكون بقصد الاهانة والاستحقار، واخرى تكون بنفسه إهانة ولو لم يقصد كما أن في التعظيم أيضا يمكن أن يقال إن السجود لشخص أيضا تعظيم له قصده أو لم يقصد.

 

نعم هذا فيما لا يكون قصد آخر منافيا للتعظيم مثل أن يكون قاصدا لاستهزائه بذلك السجود، فكذلك الامر في الاهانة، فربما يكون نفس الفعل إهانة قصدها أو لم يقصد. نعم لابد وأن لا يقصد عنوانا آخر منافيا للاهانة كما أنه حكى أن بعضهم أدخل عورته في بعض الضرائح المقدسة استشفاء وطلبا للولادة، فان هذا الفعل القبيح إهانة لو لم يقصد شيء أصلا لا الاهانة ولا غيرها، وأما لو كان طلبا للاولاد وكان صادرا عن العوام، فهذا القصد مناف لكونه إهانة نعم لو لم يقصد شيء أصلا كان إهانة بنفسه من دون الاحتياج إلى قصدها، وربما يكون بعض الافعال إهانة وإن يقصد ما ينافيها بنظره بمعنى أن كونه إهانة لا تنفك عنه مثل الايلام الذي لا ينفك عن الضرب الشديد باي قصد كان ذلك الضرب. الرابع الآيات والاخبار: أما الآيات منها ما نزلت في تعظيم حرمات الله كقوله تعالى: ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه. (1) ومنها ما نزلت في تعظيم شعائر الله كقوله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب. (2) وتقريب الاستدلال بهذه الآيات بعد البناء على أن المراد من حرمات الله وشعائر الله مطلق ما هو محترم في الدين وتطبيقها على مناسك الحج ومشاعره من باب تطبيق الكلي على بعض مصاديقه كما أشرنا إلى ذلك، هو أنه إذا كان مفاد هذه

 

(هامش)

 

1. الحج (22) 30. 2. الحج (22) 32. (*)

 

الآيات وجوب تعظيم المحترمات في الدين فتدل على حرمة إهانتها بالاولوية. وذلك من جة أن الامر بالشئ بناء على أنه يدل على النهي عن ضده العام كما هو المشهور وإن كان لنا فيه كلام ذكرناه في كتابنا منتهى الاصول (1) في مبحث الضد فيكون ترك التعظيم حراما. فان قلنا إن التقابل بين الاهانة والتعظيم تقابل العدم والملكة، والاهانة عبارة من عدم التعظيم فتكون حراما وذلك واضح، وأما إن قلنا أنهما ضدان لان الاهانة أيضا أمر وجودي كالتعظيم، فان قلنا إنه لا ثالث لهما فتكون أيضا لا تنفك عما هو حرام، وهو ترك التعظيم لما فرضنا أنهما من الضدين اللذين لا ثالث لهما وأما إن قلنا بوجود الواسطة بينهما فربما يقال بأنه بناء على هذا لا ملازمة بين ترك التعظيم وتحقق الاهانة، إذ بناء على هذا لا يمكن أن لا يكون تعظيم ولا إهانة في البين. ولكن فيه أنه على تقدير القول بوجود الواسطة كما هو الصحيح يكون ترك التعظيم أعم، إذ يمكن تحقق ترك التعظيم بدون تحقق الاهانة، ولا يمكن تحقق الاهانة بدون ترك التعظيم وإلا يلزم اجتماع الضدين وارتفاع النقيضين وكلاهما محال، فدائما تكون الاهانة مقرونة مع ترك التعظيم الذي هو حرام. والجواب الصحيح عن هذا الدليل أن هذه الآيات لا ظهور لها في وجوب التعظيم وأما قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدى (2) إلى آخر الاية وإن كان النهي ظاهرا في التحريم كما قرر في الاصول، ولكن ليس المراد من إحلال شعائر الله هو إهانة ما هو محترم في الدين كي يكون دليلا على حرمة مطلق إهانة المحترمات، بل الظهار منها بقرينة فقرات البعد هي حرمة ترك فرائض الحج ومناسكه وأيضا حرمة عدم الاعتناء بالشهر الحرام أو

 

(هامش)

 

1. منتهى الاصول ج 1، ص 301. 2. المائدة (5): 2. (*)

 

القتال فيه إلى آخر الفقرات. قال الاردبيلي قدس سره في آيات أحكامه في مقام شرح هذه الآية: أي لا تجعلوا محرمات الله حلالا ومباحا ولا بالعكس يعني لا تتعدوا حدود الله. (1) ومورد نزول الآية أيضا يدل على أن المراد باحلال الشعائر القتال والنهب والغارة في الشهر الحرام، وهو أن الحطم بن هند البكري أحح د بني ربيعة أتى النبي صلى الله عليه وآله وحده وخلف خيله خارج المدينة، فقال: إلى ما تدعو؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لاصحابه: يدخل عليكم اليوم رجل من بني ربيعة يتكلم بلسان شيطان فلما أجابه النبي صلى الله عليه وآله قال: أنظرني لعلي اسلم ولي من أشاوره، فخرج من عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لقد دخل بوجه كافر وخرج بعقب غادر، فمر بسرح من سروح المدينة فساقه وانطلق به ويرتجز إلى آخر رجزه. ثم أقبل من عام قابل حاجا قلد هديا فأراد رسول الله أن يبعث إليه فنزلت هذه الآية ومنع الله تعالى رسوله عن القتال، وأخذ الهدي، وهذا قول عكرمة وابن جريح في بيان شأن نزول الآية. وقال ابن زيد: نزلت يوم الفتح في ناس يؤمون البيت من المشركين يهلون بعمرة، فقال المسلمون: يا رسول الله إن هؤلاء مشركون مثل هؤلاء، دعنا نغير عليهم فانزل الله تعالى هذه الآية أي منعهم عن الاغارة عليهم. (2) وعلى كل حال يكون المورد أيضا قرينة اخرى، على أن المراد بالشعائر في هذه الآية مناسك الحج لا مطلق المحترمات في الدين، فلا دلالة في هذه الاية على حرمة إهانة مطلق ما هو محترم في الدين. وأما الاخبار فما وجدنا رواية معتبرة تدل على حرمة إهانة ما هو محترم في

 

(هامش)

 

1. زبدة البيان في أحكام القرآن ص 295. 2. مجمع البيان ج 2، ص 153. (*)

 

الدين بهذا العنوان العام، نعم وردت روايات كثيرة تدل على حرمة إهانة بعض صغريات هذه القاعدة كما أنه في خصوص إهانة المؤمن وردت روايات تدل على حرمة إهانته حرمة مؤكدة، ففي التهذيب من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة (1) وأيضا من أهان لي وليا فقد أرصدني لمحاربتي. (2) نعم في الكافي عن ابن عمار قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا رميت الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن أو من البقرة وإلا فاجعل كبشا سمينا فحلا وإن لم تجد فما وجد من الضأن، فان لم تجد فما تيسر عليك، وعظم شعائر الله (3)، فان الامر بالتعظيم ظاهر في وجوبهه، فإذا كان واجبا يكون تركه حراما لما ذكرنا أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده العام وقد بينا أن الاهانة لا تنفك عن ترك التعظيم، فتكون ملازما مع ما هو حرام. وفيه أولا على فرض كونها لا تنفك عن الحرام لا يلزم أن يكون حراما لانه لا يلزم أن يكون المتلازمان في الوجود متحدين في الحكم، نعم لا يمكن أن يكون أحدهما واجبا والآخر حراما على تفصيل مذكور في محله. وثانيا أن الامر بالتعظيم هاهنا ظاهر في الاستحباب لا في الوجوب وذلك من جهة أنه لو كان المراد من الشعائر هي المحترمات في الدين، فمن المعلوم عدم وجوب التعظيم في كثير منها اللهم إلا أن يقال إن المراد بالتعظيم هي المعاملة اللائقة بها معها وعدم إزالتها عن مقامها، وبهذا المعنى يمكن الالتزام بوجوبها في جميع الموارد وبعدم

 

(هامش)

 

1. وجدناه في الكافي ج 1، ص 144، باب النوادر من كتاب التوحيد، ح 6، وج 2، ص 352، باب من اذى المسلمين واحتقرهم، ح 1، وسائل الشيعة ج 8، ص 588، أبواب أحكام العشرة، باب 146، ح 1. 2. وجدناه في الكافي ج 2، ص 351، باب من اذى المسلمين واحتقرهم، ح 3، 5 و 7، وسائل الشيعة ج 8، ص 588، أبواب أحكام العشرة، باب 146، ح 2. ونص الحديث هكذا: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي . 3. الكافي ج 4، ص 491، باب ما يستحب من الهدى وما يجوزونه وما لا يجوز، ح 14، وسائل الشيعة ج 10، ص 98، أبواب الذبح، باب 8، ح 4. (*)

 

ورود التخصيص عليها. الجهة الثالثة في موارد تطبيق هذه القاعدة، وهي كثيرة منتشرة في أبواب الفقه. فمنها إهانة الكعبة المعظمة زادها الله شرفا بتلويثها العياذ بالله باحدى النجاسات العينية عمدا عن اختيار بلا كره ولا اجبار ولا مرض ولا اضطرار، ولا يبعد أن يكون هذا العمل كفرا وانكارا لله الواحد القهار. وقد ورد عنهم عليهم السلام أنه يقتل كما في رواية أبي الصباح الكناني قال قلت لابي عبد الله عليه السلام أيهما أفضل الايمان أو الاسلام؟ إلى أن قال: فقال الايمان قال قلت فأوجدني ذلك، قال: ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمدا؟ قال قلت يضرب ضربا شديدا قال أصبت قال عليه السلام فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا؟ قلت: يقتل. قال أصبت ألا ترى أن الكعبة أفضل من المسجد، الحديث. (1) ومنها إهانة رسول الله صلى الله عليه وآله أو القرآن كما ورد أن من شتم النبي صلى الله عليه وآله يقتل فيما رواه هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن شتم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال عليه السلام يقتله الادنى فالادنى قبل أن يرفع إلى الامام. (2) ومنها قوله بما لا يليق وسوء الادب مع الله تعالى جل جلاله وأن يسأل بوجه الله: ففي رواية عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال جاء رجل إلى

 

(هامش)

 

1. الكافي ج 2، ص 26، باب ان الايمان يشرك الاسلام... ح 4، وسائل الشيعة ج 18، ص 579، أبواب بقية الحدود والتعزيرات، باب 6، ح 1. 2. الكافي ج 7، ص 259، باب حد المرتد، ح 21، تهذيب الاحكام ج 10، ص 141، ح 560، باب حد المرتد والمرتدة، ح 21، وسائل الشيعة ج 18، ص 554، أبواب حد المرتد، باب 7، ح 1. (*)

 

النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اني سألت رجلا بوجه الله فضربني خمسة أسواط فضربه النبي صلى الله عليه وآله وسلم خمسة أسواط اخرى وقال صلى الله عليه وآله: سل بوجهك اللئيم. (1) ومنها اهانة المسجد بأن يجعله القاص محلا لبيان قصته، ففي رواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام رأى قاصا في المسجد فضربه بالدرة وطرده. (2) ومنها الاهانة بأموات المؤمنين ففي رواية صفوان قال قال أبو عبد الله عليه السلام أبى الله أن يظن بالمؤمن الا خيرا وكسرك عظامه حيا وميتا سواء، (3) وأيضا عنه عن أبي عبد الله عليه السلام عن رجل كسر عظام ميت، فقال حرمته ميتا أعظم من حرمته وهو حي (4) وروايات اخر ذكرها في الوسائل التي بهذا المضمون في نفس هذا الباب الذي عقده لاحترام ميت المؤمن، وأن حرمة حيه وميته سواء. ومنها إهانة مكة المكرمة قولا أو فعلا وروى الكليني قده 4 رواية مفصلة قال: وروي أن معد بن عدنان خاف أن يدرس الحرم فوضع أنصابه وكان أول من وضعها ثم غلبت جرهم على ولاية البيت فكان يلي منهم كابر عن كابر حتى بغت

 

(هامش)

 

1. الكافي ج 7، ص 263، باب النوادر من كتاب الحدود، ح 18، تهذيب الاحكام ج 10، ص 149، ح 594، باب من الزيادات، ح 25، وسائل الشيعة ج 18، ص 577، أبواب بقية الحدود والتعزيرات، باب 2، ح 1. 2. الكافي ج 7، ص 263، باب النوادر من كتاب الحدود، ح 20، وسائل الشيعة ج 18، ص 578، أبواب بقية الحدود والتعزيرات، باب 4، ح 1. 3. تهذيب الاحكام ج 10، ص 272، ح 1067، باب دية الاعور ولسان الاخرس...، ح 12، الاستبصار ج 4، ص 297، باب دية من قطع رأس الميت، ح 3، وسائل الشيعة ج 19، ص 251، أبواب ديات الاعضاء، باب 25، ح 4. 4. تهذيب الاحكام ج 10، ص 272، ح 1068، باب دية الاعور ولسان الاخرس...، ح 13، الاستبصار ج 4، ص 297، ح 1116، باب دية من قطع رأس الميت، ح 4، وسائل الشيعة ج 19، ص 251، أبواب ديات الاعضاء، باب 25، ح 5. (*)

 

جرهم بمكة واستحلوا حرمتها، وأكلوا مال الكعبة، وظلموا من دخل مكة وعتوا وبغوا، وكانت مكة في الجاهلية لا يظلم ولا يبقى فيها ولا يستحل حرمتها ملك إلا هلك مكانه. الحديث. (1) وخلاصة الكلام أن من راجع الاخبار الواردة في حرمة إهانة المؤمن والاستخفاف به وكذلك الاخبار الواردة في عدم جواز الاستخفاف بالقرآن والكعبة والمسجد الحرام ومسجد النبي وضريحه المقدس وذاته الاقدس والمشاعر العظام المذكورة في كتاب الحج والاخبار الواردة في التربة الحسينية، وغيرها من المحترمات، يقطع بأن إهانة ما هو محترم وله مرتبة وشرف في الدين حرام، بل تعظيمها بمعنى حفظ مرتبتها واجب. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.

 

(هامش)

 

1. الكافي ج 4، ص 211، باب حج إبراهيم واسماعيل وبنائهما البيت، ح 18. (*)