قاعدة لا شك في الإمام والمأموم مع حفظ الآخر

23 - قاعدة لا شك للامام والمأموم مع حفظ الاخر 

 

قاعدة لاشك للامام والمأموم مع حفظ الآخر * ومن جملة القواعد الفقهية المشهورة أنه لا شك للامام مع حفظ المأموم وكذلك بالعكس أي لا شك للمأموم مع حفظ الامام. وفيها جهات من البحث: الجهة الاولى في مدركها وهو أمران: الاول: الروايات: فمنها: مرسلة يونس عن الصادق عليه السلام المروية في الكافي والتهذيب عن يونس عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام سألته عن الامام يصلي بأربعة أنفس أو خمسة فيسبح إثنان على أنهم صلوا ثلاثة ويسبح ثلاثة على أنهم صلوا أربعا ويقول هؤلاء: قوموا ويقول هؤلاء: اقعدوا والامام مائل مع أحدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليه ؟ قال عليه السلام: ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام ولا سهو في سهو وليس في المغرب سهو ولا في الركعتين الاوليين من كل صلاة سهو ولا سهو في نافلة فإذا احتلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الاعادة والاخذ بالجزم 1.

 

(هامش) القواعد ص 241. (1) الكافي ج 3، ص 358، باب من شك في صلاته كلها ولم يدر زاد أو نقص...، ح 5، تهذيب الاحكام ج (*)

 

وخبر حفص بن البختري في الصحيح أو الحسن عنه أيضا قال عليه السلام: ليس على الامام سهو ولا على من خلف الامام ولا على السهو سهو ولا على الاعادة إعادة 1. وهاهنا أخبار كثيرة ذكرها في الوسائل 2، ولكن أغلبها يفيد معنى آخر غير ما نحن بصدده وان ذكرها صاحب الوسائل في هذا الباب. وفيما ذكرناه خصوصا مرسلة يونس غنى وكفاية فانها صريحة في أن المورد مورد شك الامام إما متساوي الطرفين أو الامام مائل إلى أحد الطرفين فأجاب الامام عليه السلام بأنه ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه باتفاق منهم فهذه الجملة تدل على عدم الاعتبار والاعتناء بشك الامام مع حفظ المأموم سهوه عليه فنزل عليه السلام حفظ المأموم سهو الامام عليه منزلة حفظ نفس الامام سهوه، والجملة الثانية - أي قوله عليه السلام: وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام تدل على أنه لا اعتبار بشك المأموم مع حفظ الامام سهوه عليه. فالجملتان تدلان دلالة واضحة على طرفي هذه القاعدة أي: عدم الاعتناء بشك الامام مع حفظ المأموم وعدم الاعتناء بشك المأموم مع حفظ الامام وحيث أن العمل بهذه الرواية متفق عليه بين الاصحاب ولم يخالف أحد منهم، فلا مجال للقول بأنها مرسلة وضعيف السند. الثانية: الاجماع فانه لم يخالف في هذا الحكم أحد من الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وقد تكرر الاشكال في مثل هذه الاجماعات التي لها مدارك

 

(هامش)

 

3، ص 54، ح 187، باب أحكام الجماعة...، ح 99 وفيهما: بايقان منهم بدل باتفاق منهم . (1) - الكافي ج 3، ص 359، باب من شك في صلاته ولم يدر زاد أو نقص...، ح 7، تهذيب الاحكام ج 2، ص 344، ح 1428، باب أحكام السهو، ح 16، وسائل الشيعة ج 5، ص 338، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 24، ح 3. (2) وسائل الشيعة ج 5، ص 338 - 341، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 24: باب عدم وجوب شيء بسهو الامام مع حفظ المأموم. (*)

 

معينة فلا نعيد. وقد بوجه آخر لاعتبار هذه القاعدة من الطرفين وهو أنه يستفاد من مجموع أخبار هذا الباب أن صلاة الامام مع صلاة المأموم كأنهما صلاة واحدة وصادرة من شخص واحد وبعبارة أخرى: كان المصلي واحد، ولذلك تكون قراءة الامام بدلا عن قراءة المأموم فكأنه هو قرأ فبناء على هذا يكون حفظ أحدهما حفظ الآخر فيجب على كل واحد منهما آثار حفظ نفسه - وإن كان شاكا - عند حفظ الآخر، لما ذكرنا من أن حفظ كل واحد منهما يكون بمنزلة حفظ الآخر فيجب على كل واحد منهما إلغاء شك نفسه وعدم الاعتناء بشكه إذا كان الآخر حافظا، فيرتب آثار الحفظ مع أنه شاك ويلغي آثار الشك. فلو شك أحدهما في الاوليين يلغي أثر الشك الذي هو البطلان ويراجع إلى حفظ الآخر فيبني على صحة صلاته، مع أنه شك في الاوليين. ولو شك في الاخيرتين يلغي أثر الشك وهو البناء على الاكثر والاتيان بصلاة الاحتياط منفصلة ومستقلة، بل يرجع إلى حفظ الاخر ويتم صلاته ولا شيء عليه لما ذكرنا من أن حفظ الآخر يحسب حفظه فكأنه ليس بشاك. ولكن أنت خبير بأن هذا الكلام وان كان استحسانا حسنا ولكن صرف الاستحسان والظن بالملاك لا يمكن أن يكون مدركا للحكم الشرعي ويحتاج إلى ورود دليل على ذلك وأن حفظ كل واحد منهما يحسب حفظا للآخر. نعم هذا الحكم في الجملة مورد الاتفاق وظاهر الروايات المعتبرة التي ذكرنا بعضها. [ الجهة ] الثانية في مفادها وتوضيح المراد منها وهو يتوقف على ذكر أمور:

 

الاول: في أنه هل يعتبر في رجوع الامام إلى المأموم أن يكون المأموم عادلا أو يجب الرجوع إليه وإلغاء شكه إن كان حافظا وان لم يكن عادلا ؟ وكذلك يعتبر في الرجوع إليه في شكه مع حفظه أن يكون رجلا أو يجب وان كان امرأة ؟ وكذلك يعتبر في الرجوع إليه أن يكون بالغا أو يجب الرجوع إليه وان كان صبيا ؟ وحيث أن العمدة في دليل هذه القاعدة الاخبار الواردة في هذا الباب فلابد من ملاحظتها أنه هل لها إطلاق يشمل الشقوق المذكورة الثلاثة أي كون المأموم فاسقا أو امرأة أو صبيا أم لا إطلاق لها بالنسبة إلى الجميع أولها إطلاق بالنسبة إلى بعضها دون بعض ؟ فنقول: لا شك في أن قوله عليه السلام في مرسلة يونس: ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه له إطلاق في حد نفسه يشمل الاقسام الثلاث أي الفاسق والصبي والامرأة لان عنوان من خلفه عنوان عام ينطبق على الاصناف الثلاث نحو انطباقه على ما يقابل هذه الاصناف. فشمول من خلفه للعادل وغير العادل وللبالغ وغير البالغ إذا كان مميزا خصوصا إذا قلنا بشرعية عباداته وللرجل والامرأة على نسق واحد ولا طريق لانكار الاطلاق إلا دعوى الانصراف - في الموصول في من خلفه - إلى غير هذه الاصناف الثلاثة وهو كما ترى، خصوصا الانصراف إلى المأموم العادل، مع أن الغلبة في المأمومين في أغلب الاعصار والامصار لغير العدول. وأما إدعاء أن اشتراط كونهم عدول في رجوع الامام إليهم لاجل حصول الوثوق والاطمئنان من قولهم - وغير العادل لا يحصل الوثوق من قوله - ففيه: أن الرجوع إلى المأمومين ليس من باب الشهادة ولا من باب حصول الوثوق والاطمئنان من قولهم ولذلك لو كانوا عدولا وكانوا حافظين على الامام سهوه يجب الرجوع إليهم ولو لم

 

يحصل الوثوق والاطمئنان من قولهم، بل ولو لم يحصل الظن من قولهم كما سيجئ ونتكلم فيه إن شاء الله بل حكم تعبدي يمكن أن يكون حكمته ما تقدم من أن صلاتهما كأنهما صدرت من شخص واحد ولذلك قراءة الامام تكون بدلا عن قراءته، فمن هذه الجهة جعل حفظ أحدهما بمنزلة حفظ الآخر ولو لم يحصل له ظن فضلا عن الوثوق والاطمئنان. والحاصل: أن ادعاء الانصراف إلى العدول أو كون مناط اشتراط كونهم عدولا في الرجوع إليهم حصول الوثوق والاطمئنان من قولهم بعيد عن الصواب. وأما الانصراف إلى البالغين وعدم شمول الموصول في من خلفه لغير البالغين فان قلنا بعدم شرعية عبادات الصبي وان كان مميزا عاقلا كاملا بل كان مجتهدا فهو كلام حق لا محيص عنه لعدم كون صلاته صلاة حقيقية بل هو صرف صورة الصلاة لاجل التمرين فليس بمأموم حقيقة حتى يرجع الامام إليه. نعم لو كان المناط حصول الوثوق ربما يحصل الوثوق من قول بعض الصبيان أكثر ولكن عرفت أنه ليس بمناط فادعاء الانصراف عن غير البالغين - خصوصا إذا كان أقل من زمان البلوغ بمدة قليلة مثل ساعة بل ومثل يوم - فلا شاهد له إنصافا وأما الانصراف عن المرأة فالظاهر أنه لا وجه له إلا غلبة الوجود بمعنى أن المأمومين غالبا هم الرجال والنساء قليلون. وهو كما ترى لان غلبة الوجود ليس موجبا للانصراف كما حقق في محله. فالحق شمول القاعدة للمأموم مطلقا عادلا كان أم غير عادل رجلا كان أو امرأة صبيا كان أو بالغا فالمراد ب‍ من خلفه أعم من جميع ذلك الثاني: أنه ما المراد من السهو في قوله عليه السلام: لا سهو للامام أو قوله: لا سهو للمأموم المستفاد من روايات الباب. فنقول: الظاهر من قوله عليه السلام ليس على الامام سهو إذا حفظ من خلفه عليه

 

سهوه في مرسلة يونس المراد به الشك يقينا لان الراوي سأل عن الامام المعتدل الوهم بالنسبة إلى مقالة كلتا الطائفتين من المأمومين حيث أن طائفة منهم يقولون: قوموا أي يدعون أن ما بيدهم هي الركعة الثالثة ولذلك يقولون: قوموا والطائفة الاخرى يقولون: أقعدوا أي يدعون أن ما بيدهم هي الرابعة والامام إما مائل إلى إحدى الطائفتين أو معتدل الوهم ومعلوم أن هذا فرض شك الامام لا فرض نسيانه هذا أولا. وثانيا: أنه لو كان المراد من السهو خصوص النسيان أو الاعم منه ومن الشك فيكون مفاد لا سهو أي لا حكم لسهوه أي إذا نسى جزء أو شرطا ركنا كان أو غيره فتذكر في المحل فلا يجب عليه أن يأتي به أو إذا كان له القضاء فلا يجب قضائه أو إذا كان موجبا لسجدتي السهو فلا يجب على الامام وهكذا سائر أحكام النسيان. وهذه الامور مما لا يمكن الالتزام بها. هذا مضافا إلى أن تعليق رفع حكم النسيان على حفظ المأمومين عليه نسيانه لابد وأن يكون المراد منه أن الناسي يرجع إلى حفظ المأمومين كما أنه لو كان المراد من السهو هو الشك معناه أنه لا يعتني بشكه بأن يعمل بحكم الشاك ويبني على الاكثر بل يرجع إلى حفظ المأمومين ويعمل على طبق حفظ المأمومين سواء كانوا قاطعين أو ظانين على تقدير صدق الحفظ على الظن. فلو كان المراد من السهو خصوص النسيان أو الاعم من الشك والنسيان فمعنى التعليق على حفظ المأمومين أنه يرجع فيما نساه إلى حفظهم. وهذا بالنسبة إلى الناسي غير معقول لان الناسي لا يلتفت إلى نسيانه بخلاف الشاك فانه يلتفت إلى كونه شاكا فيبني على حفظ المأمومين أي على ما اعتقدوا من عدد الركعات. وخلاصة الكلام: أنه لا ينبغي الشك في أن المراد من السهو في هذه القاعدة هو

 

 

الشك فتكون هذه القاعدة حاكمة على أدلة البناء على الاكثر في الشكوك الصحيحة أي يخرج شك الامام مع حفظ المأموم أو شك المأموم مع حفظ الامام عن موضوع البناء على الاكثر تعبدا فيجب البناء من كل واحد من الامام والمأموم على حفظ الآخر سواء كان المحفوظ طرف الاقل من شكه أو طرف الاكثر. الثالث: أن المراد بالحفظ هل هو خصوص اليقين أو يشمل الظن أيضا ؟ فلو شك الامام أو المأموم في عدد الركعات وظن الآخر قدرا معينا كالثلاث أو الاربع مثلا فيجب رجوع الشاك منهما إلى الآخر الظان لا يبعد أن يكون المراد منه ما هو الاعم من اليقين والظن وذلك من جهة حجية الظن في عدد الركعات إذا كان متعلقا باحدى الاخيرتين فإذا كان فالظن يقوم مقام العلم في إثبات متعلقه فيخرج في عالم الاثبات عن الترديد ويثبت عنده ما تعلق به الظن من العدد وهذا هو الحفظ لان المراد من الحفظ بالنسبة إلى عدد الركعات هو أن يكون العدد محفوظا عنده لا يحتمل أن يكون أقل منه ولا أكثر منه. وهذا المعنى في العلم وجداني وتكويني وفي الظن تعبدي وجعلي فهو - أي الظن - أيضا مصداق للحفظ تعبدا فبناء على هذا فلو شك الامام أو المأموم في أنه كم صلى يجب أن يرجع إلى ظن الآخر. الرابع: في أنه هل هذه القاعدة تجري في الشك في الافعال أو مخصوصة بالشك في عدد الركعات ؟ قال في الجواهر: ويظهر من صاحب المدارك بل هو المنقول عن جده أيضا بل ربما تبعه عليه بعض من تأخر عنه أنه لا فرق في الحكم بين الافعال والركعات. بل نسبه في المدارك إلى الاصحاب وهو لا يخلو من تأمل للشك في شمول الادلة لها انتهى 1. ومراده قدس سره من الادلة الاجماع والاخبار الواردة في هذا الباب.

 

(هامش)

 

(1) جواهر الكلام ج 12، ص 411. (*)

 

أما الاجماع على تقدير صحة الاستدلال به والاغماض عما استشكلنا عليه فغير معلوم التحقق في الشك في الافعال والقدر المتيقن على تقدير وجوده هو في الشك في الركعات. وأما الاخبار فعمدة الدليل منها على هذه القاعدة هو مرسلة يونس وصحيحة علي بن جعفر ومورد كليهما خصوص مورد الشك في عدد الركعات لا الشك في الافعال. إن قلت: إن الجواب في المرسلة الذي هو مدرك استفادة هذا الحكم عام يشمل الركعات والافعال لان قوله عليه السلام: ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه وكذلك في طرف المأموم قوله عليه السلام: وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام 1 لم يذكر متعلق السهو أنه خصوص الركعات أو الاعم منها ومن الافعال فلفظ السهو مطلق سواء أكان متعلقه الركعات أو الافعال. فمعنى رفع السهو - أي الشك - بناء على ما تقدم من معناه هو رفع الحكم المترتب شرعا على الشك والحكم المترتب شرعا على الشك إن كان متعلق الشك هو الركعات هو البناء على الاكثر إن كان الشك من الشكوك الصحيحة والخمسة المعروفة. فحفظ كل واحد منهما موجب لرفع وجوب البناء على الاكثر عن شك الآخر إذا كان شكه متعلقا بعدد الركعات. والحكم المترتب شرعا على الشك في وجود جزء أو شرط إذا كان الشك في المحل إتيان ذلك الجزء أو ذلك الشرط فحفظ كل واحد منهما يرفع هذا الاثر عن شك الآخر فلا يجب الاتيان به ولو كان الشك في المحل فلا قصور في دلالة المرسلة على العموم وشمولها للشك في الافعال أيضا.

 

(هامش)

 

(1) - تقدم تخريجه في ص 279، رقم (1). (*)

 

نعم لا يستفاد العموم من صحيحة علي بن جعفر 1 لان السائل سأل عن مورد خاص وانه هل هناك في مفروضه أثر لشكه ؟ فأجابه عليه السلام بقوله: لا فلا عموم في البين. قلنا: إن ما ذكرت صحيح ولكن وحدة السياق قرينة على الاخذ بخصوصية المورد وموجبة لعدم ظهوره في الاطلاق لان قوله عليه السلام بعد هذه الجملة: لا سهو في سهو وليس في المغرب سهو ولا في الركعتين الاوليين من كل صلاة سهو ولا سهو في نافلة كلها راجع إلى نفي حكم الشك في عدد الركعات أي صلاة الاحتياط ولا ربط لها بحكم الشك في الافعال أي الاتيان بالجزء أو بالشرط الذين شك في إتيانهما فليس دليل على رجوع الشاك منهما إلى الحافظ منهما في الافعال. وهذا أي عدم الدليل على رجوع الشاك منهما إلى الحافظ منهما في الافعال هي العمدة في اختصاص الرجوع بالشك في الركعات لانه لا يصح الرجوع إلى شخص آخر ورفع حكم الشك عن نفسه مع شمول عموم ما دل على لزوم إتيان ما شك في وجوده إذا كان شكه لم يتجاوز المحل إلا بدليل يكون حاكما على تلك القاعدة أو مخصصا فلو لم يكن دليل في البين لابد من الاخذ بذلك العموم. وأما ما ربما يقال من الفرق بين الركعات والافعال بأن رجوع الشاك إلى الحافظ في الاول موافق مع اعتبار دون الثاني وذلك من جهة اتحاد الركعة بين الامام والمأموم لان الركعة التي هي للامام هي بعينها ركعة المأموم وكذلك العكس فحفظ أحدهما لركعته حفظ للآخر لان هذه الركعة كما تكون له كذلك تكون للآخر. وبعبارة أخرى: هذه الركعة التي بيد الامام وبيد المأموم المقتدي بذلك الامام يحسب ركعة لكل منهما فهذه الركعة يصح أن ينسب إلى كل واحد منهما فحفظ كل

 

(هامش)

 

(1) تهذيب الاحكام ج 2، ص 350، ح 1453، باب أحكام السهو، ح 41، وج 3، ص 279، ح 818، باب فضل المساجد والصلاة فيها...، ح 138، وسائل الشيعة ج 5، ص 338، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 24، ح 1. (*)

 

واحد منهما لها يكون حفظا للآخر وهذا بخلاف الافعال فانه بناء على عدم لزوم المتابعة في الاقوال والافعال مع بقاء الاقتداء والجماعة فيمكن أن تكون السجدة الاولى لاحدهما والثانية للآخر. وفيه: أن المراد بوحدة الركعة التي يقتدي فيها المأموم مع الركعة التي يوجدها الامام إن كان أن ما يصدر من الامام واحد مع ما يصدر من المأموم بصرف أنه يتبعه في القيام والركوع فهذا واضح البطلان. وإن كان المراد وحدتهما من حيث مرتبة العدد مثلا ثالثة الامام وثالثة المأموم فهذا قد يكون وقد لا يكون لانه قد يكون ثالثة الامام أو رابعته والثانية أو الاولى من المأموم كما أنه لو اقتدى به والامام في الثالثة فيكون الاولى للمأموم والثالثة للامام وما بعدها الرابعة للامام والثانية للمأموم فلا يمكن التفرقة بين الركعات والافعال من هذه الجهة والقول بالرجوع في الاول دون الثاني. كما أنه لا وجه للاستدلال للعموم وشمول الافعال كالركعات بوحدة الملاك والمناط فيهما بأن يقال: مناط الرجوع في الركعات هو محفوظية الركعات عند الآخر فكأنه حفظ الآخر علة لرجوع الشاك منهما إليه والعبرة بعموم العلة لا بسعة الموضوع وضيقه. لان هذا الكلام صحيح فيما إذا كان الكبرى المجعول والملقى إلى المكلف هي العلة وانما يلقى إليه الاعم أو الاخص من العلة لنكتة إما لاهمية ذلك الفرد أو الصنف الملقي أو لخفاء مصداقيته للعلة أو لنكتة أخرى فقوله: لا تشرب الخمر لانه مسكر ففي الحقيقة الكبرى الملقى إلى الطرف لا تشرب المسكر وهذا في مقام الاثبات لابد وان يكون إما منصوص العلة بقوله لانه أو قوله فانه أو كان تنقيح المناط قطعيا الذي يقال له المستنبط العلة وفيما نحن فيه ليس إلا صرف استحسان. وبعبارة أخرى: يكون من باب تخريج المناط الظني فيكون حاله حال القياس

 

بل هو هو. فلا طريق إلى إثبات العموم والشمول للافعال مثل الركعات إلا إطلاق الادلة - أي الروايات - أو إطلاق معقد الاجماع وقد عرفت أن كليهما مفقودان. الخامس: في أنه هل تجري هذه القاعدة في الركعتين الاوليين أم مختصة بالاخيرتين ؟ الظاهر جريانها فيهما أيضا كالاخيرتين ولا وجه للمنع إلا ما ربما يتخيل من لزوم سلامتهما وانهما لو سلمتا سلمت الصلاة وان الشك فيهما يوجب البطلان. ولكن أنت خبير بأنه بعد حكم الشارع برجوع الشاك منهما إلى الحافظ منهما فيكون حفظه حفظا للشاك وبعبارة أخرى: يكون حاكما على الادلة التي تعتبر سلامتهما وان الشك فيهما يوجب البطلان. وأما الدليل على جريانها في الاوليين فهي الاطلاقات فان قوله عليه السلام: ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام فيه إطلاق بالنسبة إلى الشك في الاوليين والاخيرتين. ولا فرق بينهما في كون الشك من الامام أو المأموم مرفوع حكمه عن كل واحد منهما مع حفظ الآخر غاية الامر أن الحكم المرفوع في الركعين الاخيرتين هو البناء على الاكثر وفي الاوليين هو بطلان الصلاة وفي كلتا الصورتين يبني الشاك منهما على ما حفظه الآخر. السادس: هل يعتبر في رجوع الشاك منهما إلى الحافظ منهما حصول الظن للشاك بما أخبر به الآخر الحافظ أو يجب الرجوع إليه سواء حصل له الظن أم لا بل بقي بعد الرجوع أيضا على شكه ؟ الظاهر بل المسلم عدم اعتبار حصول الظن من قوله لان موضوع وجوب الرجوع هو كونه شاكا وكان هو الآخر حافظا ولم يعتبر الشارع شيئا آخر في موضوع حكمه.

 

هذا مضافا إلى أنه لو حصل له الظن وارتفع شكه فنفس الظن بعدد الركعات حجة وليس من باب رجوع الشاك إلى من هو حافظ للعدد. وحاصل الكلام: أن أخبار الباب مطلقات من هذه الجهة مفادها وجوب رجوع الشاك منهما إلى الآخر الذي هو حافظ للعدد سواء حصل له من رجوعه إليه الظن أم لا. السابع: هل إذا كان أحدهما ظانا والآخر متيقنا يجب رجوع الظان إلى المتيقن كرجوع الشاك إليه أم لا ؟ الظاهر عدم جواز الرجوع لان الظان هو بنفسه حافظ بواسطة حجية الظن في عدد الركعات فرجوعه إلى غيره وان كان ذلك الغير متيقنا يكون من قبيل تحصيل الحاصل. وبعبارة أخرى: هذه القاعدة حاكمة على قاعدة البناء على الاكثر فجريانها يكون في مورد لو لم تكن هذه القاعدة تكون وظيفته البناء على الاكثر. وهاهنا ليس الامر كذلك لان ظنه حجة، ولو لم تكن هذه القاعدة لم تكن وظيفته البناء على الاكثر بل كان يجب أن يعمل بظنه. واما احتمال أن يكون الحفظ منصرفا إلى الحفظ القطعي لا الظني مضافا إلى أن هذا الادعاء باطل - لما تقدم في الامر الثالث - لا ربط لها بالمقام لان هذا الكلام على فرض صحته تكون نتيجته عدم جواز الرجوع إلى الظان لا وجوب رجوع الظان إلى المتيقن الذي هو المدعى في المقام. الثامن: لو كان كل واحد من الامام والمأموم شاكا وقامت البينة على التعيين عند أحدهما فهل يجب عليه البناء على ما قامت عليه البينة أم لا ؟ ثم على تقدير وجوب بنائه على طبق البينة فهل يجب على الآخر الشاك الرجوع إلى من قامت عنده البينة أم لا ؟

 

أقول: أما الاول - أي وجوب البناء على طبق البينة بالنسبة إلى من قامت البينة عنده - فمما لا إشكال فيه أصلا وذلك لان دليل اعتبار البينة يخرجه عن كونه شاكا تعبدا ويجعله عالما وحافظا. وهذا معنى حكومة البينة على الادلة المتكفلة لبيان أحكام الشاك فالشاك بعد قيام البينة عنده على تعيين عدد ليس بشاك في عالم التشريع بل يكون عالما وحافظا للعدد فيجب البناء على ما علم بتوسط قيام البينة. ومما ذكرنا ظهر أنه يجب على الآخر الشاك الرجوع إليه لانه بواسطة قيام البينة عنده صار حافظا والمفروض أن مفاد الادلة هو رجوع الشاك منهما إلى الحافظ منهما. التاسع: أنه بعد الفراغ عن حجية الظن في عدد الركعات إذا قامت بينة عند الظان منهما على خلاف ظنه هل له أن يعمل على طبق البينة ويترك العمل على طبق ظنه أو لا يجوز بل يجب عليه العمل على طبق ظنه أو لا هذا ولا ذاك ؟ لانه من باب تعارض الامارتين كما أنه إذا قامت عنده بينتان مختلفتان إحديهما تقول إن ما بيدك هي الثالثة والاخرى تقول بأنها رابعة فيتساقطان وحينئذ إما يرجع إلى أمارة أخرى إن كانت وإلا يعمل عمل الشاك فيبني على الاكثر ؟ وجوه واحتمالات. ولكن الظاهر منها هو التساقط لانه حصل عنده أمارتان متعارضتان كان يجب عليه العمل على طبق كل واحد منهما لو لا التعارض فيتساقطان بعد عدم إمكان الجمع بينهما وعدم جواز الترجيح بلا مرجح فالنتيجة أنه يبقى على شكه فيعمل عمل الشاك. هذا فيما إذا كان الذي هو ظان تقوم أمارة عنده على خلاف ظنه. وأما لو كان أحدهما ظانا والآخر قامت عنده بينة على خلاف ما ظنه صاحبه فليس لكل واحد منهما أن يرجع إلى الآخر بل كل واحد يعمل على طبق الامارة التي عنده لانه بناء على هذا كلاهما حافظان فلا معنى لوجوب الرجوع إلى الحافظ

 

فيكون حالهما كما إذا قطع كل واحد منهما على خلاف الآخر فيعمل كل واحد منهما بقطعه. العاشر: لا شك في وجوب رجوع الامام إلى المأمومين إن كانوا متفقين في الحفظ بمعنى أن كلهم متفقون على أن ما بيدهم هي الركعة الثالثة أو الرابعة مثلا سواء كان منشأ اتفاقهم هو القطع أو الظن أو البينة. وأما إذا كانوا مختلفين فان كان بعضهم شاكا وبعضهم الآخر قاطعا فلا شبهة في وجوب رجوعه إلى القاطعين لانهم الحافظون واما الشاكون فحالهم مثل حاله لا حفظ لهم. وما في ذيل مرسلة يونس من قوله عليه السلام فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الاعادة والاخذ بالجزم 1 ليس المراد من الاختلاف هذا المعنى بل المراد اختلافهم في الحفظ بمعنى أن طائفة منهم قاطعون أو ظانون - بناء على أن الظن أيضا حفظ - على أن الركعة التي بيدهم مثلا هي الثالثة وطائفة أخرى قاطعون أو ظانون بأن ما في يدهم مثلا هي الرابعة وان كانوا كلهم حافظين ولكنهم مختلفون في الحفظ فهل له الرجوع إلى إحدى الطائفتين مخيرا أو ليس له الرجوع إليهم أصلا ؟ أما الرجوع إلى إحديهما معينا أي خصوص الطائفة التي يعتقد بالاقل أو خصوص الطائفة التي يعتقد بالاكثر فواضح البطلان لانه ترجيح بلا مرجح. الظاهر هو الثاني أما أولا: فلانهم إذا كانوا مختلفين في الحفظ فكل طائفة كما أنه يثبت ما اعتقده تنفي ما اعتقده الاخرى فبدلالة المطابقة إخباره بكون ما بيدهم مثلا هي الثالثة يثبت كونه ثالثة وبدلالة الالتزام ينفي قول الطائفة الاخرى فكل واحدة من الطائفتين لو كان حفظه واخباره حجه فتحصل عند الامام حجة على نفي الثالثة

 

(هامش)

 

(1) تقدم تخريجه في ص 279، رقم (1). (*)

 

من قول طائفة وحجة أخرى على نفي الرابعة من طائفة أخرى والواقع لا يخلو من احدهما فيتكاذبان في النفي والاثبات فيتساقطان. وأما ثانيا: فلما في مرسلة يونس من تقييد الرجوع إليهم بكونهم متفقين في الحفظ ومع اختلافهم فعلى الامام وعلى المأمومين في الاحتياط الاعادة والاخذ بالجزم حيث يقول عليه السلام فيها: ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه باتفاق منهم وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام - إلى أن يقول عليه السلام - فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم في الاحتياط الاعادة والاخذ بالجزم 1. بان هذه الرواية صريحة بأن رجوع الامام إلى المأمومين الحافظين على الامام مقيد بصورة اتفاقهم في الحفظ أي فيما قطعوا أو فيما ظنوا - بناء على أن الظن أيضا هو حفظ وهو كذلك كما تقدم - واما إذا اختلفوا فليس رجوع في البين بل على الامام والمأمومين جميعا غير القاطعين الاعادة من باب الاحتياط وأخذا بالجزم أي الامتثال اليقيني. ثم إنه بعد ما ظهر مما تقدم أن المأمومين لو كان بعضهم متيقنين والآخرون شاكون فالامام يرجع إلى المتيقنين منهم فهل بعد رجوع الامام إليهم وان صار حافظا بحفظهم فالشاكون عليهم الرجوع إلى الامام لانه صار حافظا بواسطة رجوعه إلى الحافظين منهم - أي المتيقنين منهم - أو يجب على الشاكين الرجوع إلى نفس المتيقنين أو لا هذا ولا ذاك ؟ احتمالات: أما الوجه الاول: أي الرجوع إلى الامام فلان مفاد الروايات كما تقدم رجوع المأموم الشاك إلى الامام الحافظ للعدد فقد يقال: إن الامام في المفروض وان كان شاكا من قبل نفسه فهو مثل المأموم الشاك فكيف يرجع المأموم الشاك إليه ولكن بعد رجوعه إلى تلك الطائفة المتيقنين من المأمومين يصير حافظا بواسطة الرجوع

 

(هامش)

 

(1) تقدم تخريجه في ص 279، رقم (1). (*)

 

إليهم فيوجد موضوع رجوع المأموم الشاك إلى الامام الحافظ. ولكن أنت خبير بأن ظاهر المرسلة هو نفي الشك عن المأموم إذا لم يسه الامام لقوله عليه السلام: وليس على من خلف الامام سهو إذا لم يسه الامام وهاهنا المفروض أن الامام أيضا سهي مثل المأموم اللهم إلا أن يقال: إن الشارع بعد أن حكم برجوعه إلى المتيقنين من المأمومين فكأنه ألغى سهوه وجعله في عالم التشريع غير شاك وحافظا فتحقق موضوع الرجوع إليه. وأما الوجه الثاني: أي رجوع المأمومين الشاكين إلى الطائفة الاخرى الذين هم متيقنون هو أن مناط الرجوع كون ذلك الشخص منهم الذي يرجع إليه حافظا مع اشتراكه مع الشاك في الركعة التي بيدهما ولا خصوصية لكون من يرجع إليه المأموم هو الامام فإذا كان مناط الرجوع هو الذى ذكرنا فهو موجود في المأمومين المتيقنين فيجب رجوع الشاكين منهم إليهم. وفيه: أنه بعد ما كان المصلي شاكا في عدد ركعات صلاته وقد جعل الشارع له حكما وهو البناء على الاكثر وتدارك ما يحتمل نقصه بصلاة الاحتياط فرفع اليد عن هذا الحكم وصرف النظر عنه لابد وأن يكون بدليل حاكم عليه أو مخصص له. والدليل الحاكم هيهنا عبارة عن هذه الروايات التي عرفت أن مفادها رفع السهو والشك عن الامام مع حفظ المأموم وعن المأموم مع حفظ الامام وليس هيهنا دليل يكون مفاده رفع الشك عن المأموم مع حفظ المأموم الآخر. وبعبارة أخرى: رجوع المأموم إلى المأموم لا دليل عليه وان كان أحدهما شاكا والآخر متيقنا. وأما وجه احتمال الثالث: هو عدم الدليل على رجوع المأموم الشاك إلى المأموم الآخر وأيضا عدم الدليل على رجوعه إلى الامام الذي هو في حد نفسه شاك ويجب عليه الرجوع إلى الغير فلا يجوز له الرجوع لا إلى الامام ولا إلى المأمومين المتيقنين.

 

والاوفق بالقواعد هو الاحتمال الثالث لان الدليل على رجوع كل واحد من الامام والمأموم إلى الآخر هذه الروايات لان الاجماع أيضا كما بينا بالآخرة ينتهي إلى هذه الروايات وهي لا تدل إلا على رجوع المأموم الشاك إلى الامام لا إلى المأموم الآخر المتيقن ولا إلى الامام الشاك ولو بعد رجوعه إلى المتيقنين من المأمومين كما شرحنا. ولكن مع ذلك كله الاحتمال الاول لا يخلو عن قوة لانه بعد رجوع الامام الشاك إلى المأموم المتيقن الحافظ لعدد الركعات وحكم الشارع بأنه صار بمنزلة المتيقن وألغى شكه فموضوع الرجوع إليه يوجد بحكم الشارع. وأما الاحتمال الثاني - أي رجوع المأموم الشاك إلى المأموم المتيقن - فخارج عن مدلول هذه الروايات قطعا لان مدلولها رجوع الامام إلى المأموم ورجوع المأموم إلى الامام لكن في صورة كون الذي يرجع إليه إماما كان أو مأموما حافظا لعدد الركعات واما رجوع المأموم إلى المأموم فلا أثر له في هذه الاخبار. وليس هاهنا دليل آخر يدل على رجوع المأموم إلى المأموم وما ذكرنا في وجه هذا الاحتمال ليس إلا استحسانا شبيها بالقياس. ومما ذكرنا ظهر الحال فيما إذا قامت بينة على تعيين الركعات عند بعض المأمومين دون بعضهم الآخر وأيضا قامت بينة عند الامام فهل المأموم الشاك الذي لم تقم عنده بينة يرجع إلى الامام لانه صار حافظا بواسطة قيام البينة أو يرجع إلى المأموم الذي قامت عنده لانه أيضا صار حافظا بواسطة قيام البينة أو لا إلى هذا ولا إلى ذاك ؟ وقد عرفت أن رجوع المأموم إلى المأموم لا دليل عليه إلا ما هو من قبيل الاستحسان الذي هو شبيه بالقياس. وأما احتمال الرجوع إلى الامام في هذا الفرض أقوى من الفرض السابق لان الامام بواسطة قيام البينة عنده يصير حافظا واقعا لان البينة من الامارات وتقوم

 

مقام العلم ويجوز أن يشهد على طبق مؤداها وان يحلف على طبق مؤداها مع أن الشهادة لا تجوز إلا عن علم والحلف أيضا هكذا لابد وأن يكون عن بت. فالامام في هذا الفرض يصير حافظا بواسطة قيام البينة بلا كلام وموضوع الرجوع إلى الامام هو أن يكون المأموم شاكا والامام حافظا والمفروض حصول كلا الامرين لان المأموم شاك على الفرض والامام في حكم العالم بواسطة قيام البينة. نعم لو قلنا بأن يقين المأموم بالعدد أمارة للامام على العدد فتصير الصورة المتقدمة أيضا مثل هذه الصورة. الحادي عشر: فيما إذا كان واحد منهما - أي الامام والمأموم - شاكا من دون أن يكون الآخر حافظا فان كان الامام وجميع المأمومين متفقين في الشك مثلا يكون شك كلهم بين الثلاث والاربع فجميعهم يعملون عمل الشك أي يبنون على الاكثر أي الاربع ويتممون الصلاة جماعة بمعنى أن الجماعة والاقتداء يبقى ولا يبطل لعدم اختلاف بينهما. نعم بعد أن أتموا الصلاة وسلموا ووصلت النوبة إلى صلاة الاحتياط هل يأتون بها أيضا جماعة أو فرادى ؟ فهي مسألة أخرى لا نتكلم عنها الآن وعلى كل تقدير لا رجوع في هذه الصورة لاحدهما إلى الآخر كما هو واضح. وأما إن كانوا مختلفين مثلا كان شك الامام بين الاثنتين والثلاث وكان شك المأمومين بين الثلاث والاربع. والاختلاف على قسمين: تارة: تكون بينهما رابطة واخرى: لا تكون. فالاول: أي ما كان بينهما رابطة أي قدر مشترك في البين أي الاكثر في أحد الشكين يكون من مراتب الاقل في الشك الآخر مثل أن يشك الامام مثلا بين الثلاث والاربع والمأموم بين الاربع والخمس فالمأموم قاطع بوجود الاربع ولكن يحتمل الزيادة.

 

والامام شاك في وجود الاربع فيرجع في ذلك إلى المأموم والامام قاطع بعدم الخمسة والمأموم شاك فيه فيرجع إلى الامام فيبني على عدمه والنتيجة أن كلاهما بعد رجوع كل واحد منهما فيما شك إلى ما تيقن به الآخر يبنون على الاربع ويتمون الصلاة جماعة ولا شيء عليهما لا حكم شك الامام وهو صلاة الاحتياط ولا حكم شك المأموم وهو سجدتا السهو إذا كان شكه بعد إكمال السجدتين. وأما الثاني: أي ما لم يكن بينهما رابطة أي قدر مشترك مثل أن يشك الامام مثلا بين الاثنتين والثلاث والمأموم بين الاربع والخمس فكل واحد منهما قاطع ببطلان شك الآخر وعدم مطابقته للواقع في طرفي شكه ففي هذه الصورة حيث أن الشكين لا رابطة بينهما أي ليس قدر مشترك بينهما بل كل واحد منهما أجنبي عن الآخر فكل واحد منهما يرتب حكم الشك على شكه فالامام في المثل المفروض يبني على الثلاث إذا كان شكه بعد إكمال السجدتين وإلا فصلاته باطلة والمأموم يبني على الاربع ويسجد سجدتي السهو إذا كان شكه بعد إكمال السجدتين وقهرا ينفردان فالامام يرتب حكم شكه في صلاة منفردا والمأموم أيضا كذلك. ثم إن الانفراد وترتيب كل واحد منهما حكم الشك على شكه في هذا القسم من المختلفين - أي ما لا رابطة بينهما بمعنى عدم قدر مشترك في البين - مسلم لا كلام فيه إنما الكلام في القسم الاول - أي ما كان بينهما رابطة وقدر مشترك في البين - وانه هل يرجع كل واحد منهما إلى ما تيقن به الآخر كما ذكرنا في المثال المتقدم أم لا بل لا رجوع في البين. أو يفصل بين ما يرتفع الشك بواسطة وجود الرابط والقدر المشترك بين الشكين كالمثال المذكور في القسم الاول من المختلفين وهو أن يكون الامام مثلا شاكا بين الثلاث والاربع والمأموم بين الاربع والخمس فالاربع قدر مشترك بين الشكين أي هو الطرف الاكثر من شك والاقل من شك آخر ففي هذا المثال بعد رجوع كل واحد منهما إلى ما تيقن به الآخر لا يبقى شك في البين ففي مثل هذه الصورة يقال بالرجوع - وبين ما لا يرتقع الشك بواسطة وجود الرابط أي القدر

 

المشترك في البين كما إذا شك أحدهما بين الاثنتين والثلاث والاربع والآخر بين الثلاث والاربع فالثلاث هو المتيقن في الشك الثاني فإذا رجع إليه وبنى على الثلاث لا يذهب شكه من البين بالمرة. نعم معنى رجوعه إلى المتيقن الذي هو الثلاث في المفروض إلغاء احتمال الاثنتين وأما احتمال الاربع لم يلغ وموجود فبعد الرجوع إلى قدر المتيقن من الشك الثاني يصير الشك الاول مثل الشك الثاني بين الثلاث والاربع فيصير الشكان من المتوافقين ففي مثل هذه الصورة يقال بعدم الرجوع. أما وجه هذا التفصيل فمن جهة أن المقصود من رجوع الشاك إلى الحافظ هو ارتفاع حكم الشاك وإلغائه وهذا إنما يكون فيما يرتفع الشك بالرجوع تعبدا حتى يرتفع حكمه بارتفاع موضوعه. وأما فيما لا يرتفع الشك ويبقى قهرا حكمه أيضا فلا أثر للرجوع ويكون لغوا مثلا في المثال الذي ذكرنا وهو أن يكون أحدهما شك بين الاثنتين والثلاث والاربع والآخر بين الثلاث والاربع فإذا رجع الاول إلى الثاني وألغى احتمال الاثنتين فعليه أن يبني على الاربع مثل الثاني ويعمل عمل الشاك بين الثلاث والاربع أي يأتي بصلاة الاحتياط فلم يترتب اثر على الرجوع وصار لغوا ولهذا فصل بين صورة بقاء الشك بعد الرجوع فقيل بعدم الرجوع وصورة ارتفاع الشك فقيل بالرجوع. ولكن أنت خبير بأنه لو كان هذا علة التفصيل فلا وجه له لان أثر الرجوع يظهر في صلاة الاحتياط فبناء على الرجوع تكون صلاة الاحتياط عبارة عن ركعة واحدة عن قيام وبناء على عدم الرجوع تكون عبارة عن صلاتين إحديهما ركعة عن قيام والاخرى ركعتان عن قيام فلا يكون الرجوع لغوا وبلا فائدة. نعم يبقى الكلام في أصل الرجوع، وإن كان فيما يرتفع الشك بالرجوع فنقول: مبنى هذه المسألة على أن المدار في رجوع الشاك منهما - أي الامام والمأموم إلى

 

الآخر كان حسب أخبار الباب - هو حفظ الآخر سهو الشاك عليه والظاهر أن المراد من حفظ سهوه عليه هو اليقين فيما شك فيه. فإذا شك شخص بين عددين مثل الثلاث والاربع أي يحتمل أن يكون المعدود ثلاثا ويحتمل أن يكون أربعا فإذا كان الشاك تروى ولم يجزم بأحد المحتملين أي بقى على احتماليه فإذا كان هناك من يعلم بأن ما أتى به هو المحتمل الفلاني مثلا هو الثلاث أو هو الاربع جزما ولا ترديد عنده فهذا معنى حفظ سهوه عليه بحيث لو كان إخباره حجة للشاك يخرج عن ترديده ويجزم جزما تعبديا بأحد المحتملين. وبعبارة أخرى: الشك عبارة عن عدم الجزم بثبوت النسبة التي بين المحمول والموضوع في القضية سواء أكانت القضية سالبة أو موجبة فمعنى الشك في عدد الركعة التي بيد المصلي مثلا في أنها رابعة أي غير جازم بانها رابعة ويحتمل أن يكون خامسة فيكون الشك بين الاربع والخمس أو يحتمل أن تكون ثالثة فيكون الشك بين الثلاث والاربع وإذا احتمل أن تكون خامسة أو ثالثة فيكون الشك بين الثلاث والاربع والخمس وهكذا صعودا ونزولا. ومعنى حفظ هذا الشك على صاحبه هو الجزم بأحد طرفيه أو أحد أطرافه ففي المثل الذي ذكرنا أن الامام مثلا إذا شك بين الثلاث والاربع فمعنى حفظ شكه عليه أن الحافظ يجزم بأحد محتمليه أي يجزم بأنه مثلا ثلاث أو يجزم بأنه أربع بحيث أنه لو كان اعتقاده في هذه القضية اعتقاد الحافظ كان يجزم بأحد المحتملين ويذهب شكه. والحاصل أن معنى حفظ سهوه عليه هو الجزم بتلك النسبة التي كان هو مرددا فيها وأين هذا من أن يشك في المثل المذكور أي فيما إذا شك الامام بين الثلاث والاربع والمأموم بين الاربع والخمس فيقال بأنه يعلم بأنها - أي الركعة المشكوكة - ليست ثالثة والامام يعلم بأنها ليست خامسة فكل واحد منهما يرجع في أحد محتمليه إلى الآخر كي يثبت بواسطة رجوع كل واحد منهما إلى الآخر أن الركعة

 

المشكوكة هي الرابعة. والانصاف أنه لا يصدق على مثل هذين الشاكين أن كل واحد منهما حافظ لشك الآخر كي يكونا مشمولين للروايات ويكون رجوع كل واحد منهما إلى الآخر واجبا لاثبات القدر المشترك. هذا كله فيما إذا لم يكن المأمومون مختلفين في شكوكهم. واما لو اختلفوا فتارة يكون بين شكوكهم وشك الامام رابطة واخرى لا يكون قدر مشترك بين شكوكهم وشك الامام فعلى الاول أي بناء على أن يكون بين شكوكهم وشك الامام رابطة أي قدر مشترك كما إذا شك الامام بين الاثنتين والثلاث وبعض المأمومين شك بين الثلاث والاربع وبعضهم الآخر شك بين الثلاث والخمس فالثلاث رابطة أي قدر مشترك بين الشكوك الثلاثة. فبناء على الرجوع والاغماض عما استشكلنا على صدق الحفظ على أمثال هذه الموارد فكل واحد من المأمومين يرجع إلى الامام أحدهما في نفي الرابعة والآخر في نفي الخامسة فقهرا يبقى لهما الثالثة وذلك لان الامام يعلم بعدم الرابعة والخامسة في المفروض ومن ذلك الطرف كل واحد منهما يعلم بعدم كون الركعة المشكوكة هي الثانية فالامام يرجع إليهما في الثانية. والنتيجة أن كلهم يبنون على الثلاث ويتممون الصلاة مع بقاء القدوة ومن دون الاحتياج إلى صلاة الاحتياط. واما على الثاني أي بناء على عدم الرابطة بين شكوكهم وشك الامام وحينئذ إن كان شكهم جميعهم موافقا للامام فكلهم يعملون عمل الشك من البناء والاتيان بصلاة الاحتياط أو إتيان سجدتي السهو فيما فيه السجدتان ويبقى القدوه أيضا إلى إتمام الصلاة.

 

واما إتيان صلاة الاحتياط جماعة أيضا فمبني على جواز الاقتداء والجماعة فيها ولا يستبعد خصوصا بناء على أنها ليست صلاة مستقلة بل جزع للصلاة التي وقع فيها الشك. وان كان بعضهم موافقا دون بعض فيبقى القدوة مع بعض الموافق واما البعض المخالف فينفرد ويعمل عمل الشك كالمنفرد وان كانوا كلهم مخالفين في الشك مع الامام والمفروض أنه لا رابطة أيضا بين شكهم وشك الامام فالجماعة تنحل من حين الشك قهرا لعدم التوافق بينهم وكلهم يعملون عمل الشك من البناء وصلاة الاحتياط. أو سجدتا السهو كل في محله المقرر له. وخلاصة مجموع ما ذكرنا في هذا الامر الحادي عشر هو أنه إذا شك كل واحد من الامام والمأموم فإذا كان بين شكيهما رابطة - أي قدر مشترك - فكل واحد منهما يرجع إلى ذلك القدر المشترك كما إذا كان ذلك القدر المشترك هو الاقل في أحد الشكين والاكثر في الشك الآخر وتبقى القدوة ويتمون الصلاة جماعة. وأما إذا لم يكن قدر مشترك بين الشكين إلا لبعض المأمومين دون جميعهم فالامام يرجع إلى ذلك البعض وبعد رجوعه إلى ذلك البعض وصيرورته حافظا بواسطة الرجوع إلى ذلك البعض يرجع إليه البعض الآخر ويتمون الصلاة لكن مع إشكال قوى في رجوع الامام إلى ذلك البعض ورجوع البعض الآخر إليه. وأما إن لم يكن بين شكوك المأمومين وشك الامام قدر مشترك ورابطة فحينئذ إما أن تكون شكوكهم كلهم موافقة للامام من دون أن يكون قدر مشترك في البين فكل واحد منهم من الامام والمأموم يعمل عمل الشك مع بقاء القدوة حتى في صلاة الاحتياط على الاصح. واما أن تكون مخالفة معه كلهم ففي هذه الصورة ينفردون كلهم ويعملون عمل الشك.

 

وإما أن يكون شك بعضهم مخالفا معه دون بعضهم الآخر فبالنسبة إلى الموافقين تبقى الجماعة وأما المخالفون فينفردون ولكن كلهم الامام والمأمومون جميعهم الموافق في شكه مع الامام والمخالف له يعملون عمل الشاك. واعلم أنه لا فرق فيما ذكرنا من أحكام شك الامام والمأموم بين أن يكونا من الشكوك المبطلة أو كانا من الصحيحة أو كانا مختلفين مثلا كان شك الامام من الشكوك الصحيحة وشك المأموم من الشكوك المبطلة أو كان بالعكس والوجه واضح. تذييل هذا الذي ذكرنا من أول القاعدة إلى هنا كان حكم شك الامام والمأموم. وأما سهوه أو سهو المأموم - بمعنى النسيان لا بمعنى الشك - ففيه صور ثلاث: سهو الامام وحده دون المأموم مثل أن ينسى الامام القراءة أو الركوع أو السجود مثلا والمأموم أتى بها. وسهو المأموم وحده من دون الامام كما إذا نسى المأموم أن يأتي بالمذكورات أو ببعضها وقد أتى الامام بها. وسهو هما معا كما إذا نسيا معا بعض المذكورات مثلا. أما الصورة الاولى: أي فيما إذا كان السهو مخصوصا بالامام فعليه أن يعمل بما هو وظيفة الناسي لو كان منفردا لانه لا فرق في شمول حكم الناسي للمصلي بين أن يكون إماما أو منفردا. وأما قوله عليه السلام: لا سهو للامام مع حفظ المأموم تقدم أن المراد من السهو هو الشك لا النسيان فان مورد الجواب بهذه العبارة هو السؤال عن حكم الشك وان

 

الامام مائل مع إحدى الطائفتين من المأمومين المختلفين في أن الركعة التي بيدهم هي الثالثة أو الرابعة أو يكون معتدل الوهم. مضافا إلى أن تقييد النفي بحفظ من خلفه عليه يلائم مع كون المراد من السهو هو الشك لا النسيان. فالادلة التي مفادها لزوم إتيان الناسي بعد تذكره الجزء أو الشرط المنسيان لو لم يتجاوز المحل - أي لم يدخل في الركن الذي بعد ذلك الجزء أو ذلك الشرط وان كان تجاوز محل التدارك فان كان له القضاء كالتشهد يقضيه وان لم يكن له القضاء وكان له سجدة السهو يسجد سجدتي السهو - تشمله. والحاصل: أنه بعد ما عرفت أن هذه الجملة التي صدرت عن الامام عليه السلام أي: لا سهو للامام مع حفظ من خلفه عليه 1 لا ربط لها بالنسيان بل المراد منها حكم شك الامام فلا فرق بين أن يكون الناسي إماما أو منفردا وتشمل العمومات كلاهما على نسق واحد وقد عرفت أن حكم الناسي هو الاتيان بالمنسي إذا كان تذكره قبل تجاوز المحل واما بعده فان كان له قضاء أو سجدتا السهو فيجب عليه أن يأتي بهما وإلا فلا شيء عليه لصحيحة: لا تعاد الصلاة إلا من خمسة 2. ثم إن المأموم الذي لم يسه هو بنفسه هل يجب عليه متابعة الامام الناسي حين ما يريد أن يتدارك المنسي أو يأتي بقضاء المنسي أو يأتي بسجدتي السهو أم لا ؟ فنقول: أما تدارك المنسي أو قضائه فلا موضوع لهما في حق المأموم الغير الناسي ولم يقل به أحد. واما الاتيان بسجدتي السهو فربما يتوهم لزوم متابعة الامام في مقام

 

(هامش)

 

(1) تقدم تخريجه في ص 279، رقم (1). وفيه: ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه . (2) الفقيه ج 1، ص 279، باب القبلة، ح 857، وص 339، باب أحكام السهو في الصلاة، ح 991، تهذيب الاحكام ج 2، ص 152، ح 597، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة...، ح 55، وسائل الشيعة ج 1، ص 260، أبواب الوضوء، باب 3، ح 8. (*)

 

الاتيان بهما لقوله عليه السلام: وعلى المأموم أن يتبع الامام في الركوع والسجود 1. ولكن أنت خبير بأن المراد من هذا الكلام وما هو الظاهر منه هو أنه يجب على المأموم متابعته فيما يجب على نفس المأموم من ركوعه وسجوده بمعنى أنه لا يأتي بما يجب عليه مستقلا ومن دون تبعيته للامام وذلك من جهة أن هذا مقتضى طبع الاقتداء والائتمام لان معنى الائتمام والاقتداء به في صلاته هو الاتيان بصلاته حال كونه تابعا في أفعاله التي من هذه الصلاة للامام لا مستقلا ومن دون تبعية وليس معناه أنه يجب عليه أن يأتي بكل ما يأتي به الامام ألا ترى لو أنه اقتدى في صلاته المغرب بصلاة العشاء لا يجب عليه أن يأتي بالرابعة تبعا للامام بل لو أتى بها كانت صلاته باطلة يقينا. لا يقال: إن أمثال هذا المورد يكون من باب التخصيص بدليل خاص وإلا فمقتضى دليل تبعية المأموم للامام أن يأتي بكل ما يأتي به الامام. وذلك لما ذكرنا من أن المتفاهم العرفي من دليل التبعية وعنوان الائتمام والاقتداء هو أن ما يجب عليه من أفعال صلاته - أي أجزائها - يأتي بها تبعا للامام لا مستقلا ومن دون تبعيته للامام. وبعبارة أخرى: لا يفهم العرف من دليل التبعية إلا كونه تابعا فيما يجب على نفسه لا فيما يجب على الامام ولعمري أن هذا في كمال الوضوح بل ينبغي أن يعد القول بمتابعة المأموم للامام في الموارد الثلاثة - أي إعادة المنسي إذا كان تذكر الامام في المحل وقضاء المنسي إذا كان المنسي مما له القضاء وسجدتا السهو فيما يجب فيه ذلك مع عدم نسيانه للمأموم - من المضحكات أو يذكر بعنوان المزاج. وإلا فكيف يمكن أن يقال: إنه وجب عليه قضاء ما لم يفت منه أو إعادة ما لم ينسه واتى به بعنوان أنه المنسي أو بوجوب سجدتا السهو عليه مع أنه لم يسه ما يوجبهما.

 

(هامش)

 

(1) لم نجدها في الكتب الاربعة ووسائل الشيعة وبحار الانوار ومستدرك الوسائل. (*)

 

نعم لا مانع من وجوب هذه الامور تعبدا لا بعنوان المنسى والمسهو ولكن يحتاج إلى دليل في مقام الاثبات وليس شيء في البين. وأما التمسك لوجوبهما على المأموم بسبب سهو الامام بموثق عمار عن الرجل يدخل مع الامام وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فسهى الامام كيف يصنع ؟ فقال عليه السلام: إذا سلم الامام فسجد سجدتي السهو فلا يسجد الرجل الذي دخل معه وإذا قام وبنى على صلاته واتمها وسلم سجد الرجل سجدتي السهو الى آخره 1. وتقريب الاستدلال به واضح فانه بظاهره يدل على وجوب سجدتي السهو على الرجل بسبب سهو الامام ولكن يمكن حمله على ما إذا كان الرجل أيضا سها تبعا لسهو الامام وان أبيت عن حمله على اشتراك المأموم مع الامام في السهو وقلت إن ظاهر نسبة السهو إلى الامام اختصاصه به فلابد من طرحه لاعراض المشهور عنه وعدم أخذهم بمضمونه. هذا كله فيما إذا كان السهو مختصا بالامام دون المأموم وقد عرفت أنه لا يجب على المأموم متابعة الامام الساهي في إتيانه المنسي بعد تذكره في المحل ولا في قضائه للمنسي إذا كان مما فيه القضاء ولا في سجوده للسهو إذا كان مما فيه سجود السهو. أما الصورة الثانية: أي فيما إذا كان السهو مختصا بالمأموم فتارة نتكلم في وجوب سجدتي السهو عليه أم لا واخرى في وجوب تدارك الاجزاء المنسية إذا تذكرها قبل تجاوز محلها وثالثة في قضائها إن تذكرها بعد تجاوز محلها إن كانت مما لها القضاء. اما الاول: أي وجوب سجدتي السهو عليه فيما يوجبهما عليه لو كان منفردا ففيه قولان: الاول عدم الوجوب وبه قال جمع من أعاظم الفقهاء والشيخ ادعى الاجماع

 

(هامش)

 

(1) تهذيب الاحكام ج 2، ص 354، ح 1466، باب أحكام السهو، ح 54، وسائل الشيعة ج 5، ص 339، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 24، ح 7. (*)

 

عليه 1. وتدل عليه عدة من الاخبار: منها: موثقة عمار عن الصادق عليه السلام عن الرجل سها خلف الامام بعد ما افتتح الصلاة فلم يقل شيئا ولم يكبر ولم يسبح ولم يتشهد حتى يسلم ؟ فقال عليه السلام: قد جاوزت صلاته وليس عليه شيء إذا سها خلف الامام ولا سجدتا السهو لان الامام ضامن لصلاة من خلفه 2. ومنها: موثقته الاخرى عنه عليه السلام أيضا عن الرجل ينسى وهو خلف الامام أن يسبح في السجود أو في الركوع أو نسى أن يقول شيئا بين السجدتين ؟ فقال عليه السلام: ليس عليه شيء 3. ومنها: خبر محمد بن سهل عن الرضا عليه السلام: الامام يحمل أوهام من خلفه إلا تكبيرة الاحرام 4. وفي رواية الكليني بدل تكبيرة الاحرام تكبيرة الافتتاح 5. هذا هو مستند القائلين بعدم الوجوب. وأما القائلون بالوجوب فأيضا مستندهم أخبار كثيرة:

 

(هامش)

 

(1) الخلاف ج 1، ص 463، مسالة 206. (2) الفقيه ج 1، ص 206، باب صلاة الجماعة، ح 1205، تهذيب الاحكام ج 3، ص 278، ح 817، باب فضل المساجد والصلاة فيها، ح 137، الاستبصار ج 1، ص 439، ح 1693، باب الامام إذا سلم ينبغي له أن لا يبرح من مكانه...، ح 2، وسائل الشيعة ج 5، ص 339، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 24، ح 5. (3) الفقيه ج 1، ص 405، باب صلاة الجماعة، ص 1203، تهذيب الاحكام ج 3، ص 278، ح 816، باب فضل المساجد والصلاة فيها..، ح 136، وسائل الشيعة ج 5، ص 339، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 24، ح 4. (4) الكافي ج 3، ص 347، باب السهو في افتتاح الصلاة، ح 3، الفقيه ج 1، ص 406، باب صلاة الجماعة، ح 1206، تهذيب الاحكام ج 2، ص 144، ح 563، باب تفصيل ما تقدم ذكره في الصلاة...، ح 21، وسائل الشيعة ج 4، ص 716، أبواب تكبيرة الاحرام، ح 6. (5) الكافي ج 3، ص 247، باب السهو في افتتاح الصلاة، ح 3. (*)

 

منها: صحيحة زرارة عن الصادق عليه السلام في السؤال عن الامام يضمن صلاة القوم ؟ قال عليه السلام: لا 1. ومنها: صحيحته الاخرى عن أحدهما عليهما السلام وفيها: ليس على الامام ضمان 2. ومنها: صحيح أبي بصير عن الصادق عليه السلام في السؤال عن ضمان الامام الصلاة ؟ قال عليه السلام: لا ليس بضامن 3. ومنها: ما رواه في التهذيب والفقيه عن الصادق عليه السلام في السؤال عن القراءة خلف الامام ؟ قال عليه السلام: لا إن الامام ضامن للقراءة وليس يضمن الامام صلاة من خلفه إنما يضمن القراءة 4. ومنها: صحيح معاوية بن وهب عن الصادق عليه السلام قال: قلت له عليه السلام: يضمن الامام صلاة الفريضة فان هؤلاء يزعمون أنه يضمن فقال عليه السلام: لا يضمن أي شيء يضمن إلا أن يصلي بهم جنبا أو على غير طهر 5. ومنها: صحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام عن الرجل يتكلم ناسيا

 

(هامش)

 

الكافي ج 3، ص 377، باب الصلاة خلف من يقتدى به...، ح 5، تهذيب الاحكام ج 3، ص 269، ح 769، باب فضل المساجد والصلاة فيها...، ح 89، وسائل الشيعة ج 5، ص 421، أبواب صلاة الجماعة، باب 30، ح 4. (2) الكافي ج 3، ص 378، باب الرجل يصلى بالقوم...، ح 3، الفقيه ج 1، ص 406، باب صلاة الجماعة، ح 1208، تهذيب الاحكام ج 3، ص 269، ح 772، باب فضل المساجد والصلاة فيها...، ح 92، الاستبصار ج 1، ص 440، ح 1695، باب الامام إذا سلم ينبغي له...، ح 4، وسائل الشيعة ج 5، ص 433، أبواب صلاة الجماعة، باب 36، ح 2. (3) الفقيه ج 1، ص 406، باب صلاة الجماعة، ح 1207، تهذيب الاحكام ج 3، ص 279، ح 819، باب فضل المساجد والصلاة فيها...، ح 139، وسائل الشيعة ج 5، ص 421، أبواب صلاة الجماعة، باب 30، ح 2. (4) الفقيه ج 1، ص 378، باب صلاة الجماعة، ح 1103، تهذيب الاحكام ج 3، ص 279، ح 820، باب فضل المساجد والصلاة فيها...، ح 140. (5) تهذيب الاحكام ج 3، ص 277، ح 813، باب فضل المساجد والصلاة فيها...، ح 133، وسائل الشيعة ج 5، ص 434، أبواب صلاة الجماعة، باب 36، ح 6. (*)

 

في الصلاة يقول: أقيموا صفوفكم ؟ قال عليه السلام: يتم صلاته ثم يسجد سجدتين 1. ومنها: خبر منهال القصاب عن الصادق عليه السلام قال: قلت له عليه السلام: أسهو في الصلاة وأنا خلف الامام فقال عليه السلام: إذا سلم فاسجد سجدتين ولا تهب 2. والظاهر أن قوله عليه السلام: ولا تهب أي لا تخف لان إتيانهما مخالف لما هو المشهور عند المخالفين. هذا بناء على أن يكون من هابه أي خافه واتقاه ويحتمل أن يكون من هب فيكون معناه: لا تسرع بالحركة والقيام عن مكانك. ثم إنه لا ينبغي أن يشك في أن الاقوى هو وجوب الاتيان بسجدتي السهو على المأموم إذا سها فيما إذا كان سهوه مما كان موجبا لاتيانهما لو كان منفردا أما أولا لقوة مستند هذا القول من الروايات الصحيحة لان خمسة من الروايات التي ذكرنا في مستند هذا القول من الصحاح وهي: صحيحتا زرارة وصحيح أبي بصير وصحيح معاوية بن وهب وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج. وثانيا: من جهة موافقتها للمشهور وثالثا: من جهة مخالفتها للعامة. وقد عرفت مما ظهر من هذه الروايات حال تدارك أجزاء المنسية إذا تذكر قبل تجاوز المحل وهكذا حال قضائها بعد السلام إذا كان المنسي مما له القضاء وذلك من جهة أن عمدة مدرك القائلين بعدم التدارك - إذا كان التذكر قبل التجاوز عن المحل أو عدم وجوب القضاء فيما له القضاء إذا كان التذكر بعد التجاوز عن المحل - هو أن الامام ضامن لما لم يأت بها المأموم. فلا يبقى موضوع للتدارك ولا القضاء بل ولا

 

(هامش)

 

(1) الكافي ج 3، ص 356، باب من تكلم في صلاته أو انصرف...، ح 4، تهذيب الاحكام ج 2، ص 191، ح 755، باب أحكام السهو في الصلاة...، ح 56، الاستبصار ج 1، ص 378، ح 1433، باب من تكلم في الصلاة ساهيا أو عامدا، ح 1، وسائل الشيعة ج 5، ص 313، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 4، ح 1. (2) تهذيب الاحكام ج 2، ص 353، ح 1464، باب أحكام السهو، ح 52، وسائل الشيعة ج 5، ص 339، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، باب 24، ح 6. (*)

 

لسجدتي السهو. ولكن كان مفاد هذه الروايات الصحيحة عدم ضمان الامام فانظر إلى صحيحتي زرارة وصحيح أبي بصير فانها تصرح بعدم ضمان الامام فلابد وأن تحمل الطائفة الاولى من الروايات - التي كان مفادها ضمان الامام أو أن الامام يحمل أوهام المأموم أو أن المأموم ليس عليه شيء - على التقية. كما هو صريح صحيح معاوية بن وهب: أنه سأل عن الصادق عليه السلام وقال: إن هؤلاء يزعمون أنه يضمن - أي الامام ومعلوم أن المراد من إن هؤلاء يزعمون هم المخالفون - فقال عليه السلام: لا يضمن الى آخره. فإذا قدمنا هذه الروايات للجهات التي تقدمت لا يبقى وجه للقول بعدم وجوب هذه الامور الثلاثة أي: التدارك إذا كان تذكره قبل تجاوز المحل والقضاء فيما له القضاء إذا كان التذكر بعد التجاوز عن المحل وسجدتا السهو في نسيان ما يوجب نسيانه سجدتي السهو. وأما الاجماع الذي ادعاه الشيخ قدس سره على عدم وجوب هذه الامور الثلاثة على المأموم فموهون بذهاب المشهور إلى خلافه. أما الصورة الثالثة: أي فيما إذا كان السهو مشتركان بينهما بمعنى أنهما معا سهوا عن جزء من أجزاء الصلاة. والكلام فيها في مقامين: أحدهما: في وظيفة كل واحد منهما بالنسبة إلى سهوه. والثاني: بقاء القدوة وعدمه. أما الاول: أي وظيفة كل واحد منهما بالنسبة إلى سهوه فيجب على كل واحد منهما أن يعمل بوظيفة الساهي لو كان منفردا من التدارك في المحل والقضاء فيما إذا كان تذكره بعد تجاوز المحل فيما له القضاء وسجود السهو فيما له سجدتا السهو.

 

ولا وجه لتوهم عدم وجوب الامور الثلاثة على المأموم في هذه الصورة لانه على فرض كون الامام ضامنا لما يفوت من المأموم من الاجزاء - وكان لا يجب عليه التدارك إذا كان تذكره قبل تجاوز المحل ولا القضاء إذا كان بعد تجاوز المحل ولا سجدتا السهو إذا كان المنسي مما له سجدتا السهو - يكون مورد ضمانه فيما إذا أتى الامام بذلك المنسي وأما إذا لم يأت به كما هو المفروض في المقام فالقول بكونه ضامنا مع أنه يجب عليه نفسه هذه الامور الثلاثة كل في محله لا يخلو من غرابة. وأما الثاني: أي بقاء الجماعة والقدوة فان كان بالنسبة إلى الاجزاء المنسية قبل تجاوز محل تداركها فيرجعان ويأتيان بها جماعة ولا وجه لتوهم بطلان الجماعة وعدم بقائها لعدم وجود شيء يكون مضرا بهذه الجماعة في هذه الصلاة مثلا إذا نسيا آية من آيات فاتحة الكتاب فيرجعان ويقرءان تلك الآية وما بعدها لحصول الترتيب. وأما إن كان بعد تجاوز المحل ففيما له القضاء إذا أرادا قضاءه بعد الصلاة أو فيما إذا أرادا سجدتي السهو إذا كان المنسي مما له سجدتا السهو فهل يجوز فيهما - أي في القضاء وفي سجدتي السهو - أن يأتيا بهما جماعة أم لا ؟ كما أن هذا الكلام جار في صلاة الاحتياط أيضا في مورد اشتراك شكهما أي: هل يجوز أن يأتيا بها جماعة أم لا ؟ فنقول: في جواز الاتيان بهذه الثلاثة جماعة وعدمه وفي التفصيل بين صلاة الاحتياط وبين الاجزاء المنسية وسجدتي السهو فالجواز في الاول والعدم في الآخرين أو بالعكس أو التفصيل بين الاجزاء المنسية فيقال فيها بالجواز والعدم بالنسبة إلى سجدتي السهو وصلاة الاحتياط أو التفصيل بين صلاة الاحتياط فيقال فيها بالجواز والآخرين فيقال فيها بالعدم إلى وجوه وأقوال. فلنذكر كل واحد من هذه الثلاثة منفردا فنقول:

 

أما قضاء الاجزاء المنسية من هذه الصلاة التي صلاها جماعة واشترك هو في السهو في هذه الصلاة مع هذا الامام فالاقوى هو جواز إتيانها جماعة مع هذا الامام لانه في الحقيقة من تتمة هذه الصلاة وهذه الجماعة لا أنه واجب آخر وجماعة أخرى. غاية الامر بواسطة السهو تبدل مكان الجزء المنسي ويجب الاتيان به خارج الصلاة وبهذه الجهة سمى إتيانه بعد السلام بالقضاء فكما أن في فوت الوقت واتيان الواجب في خارج وقته يسمى بالقضاء ففي فوت محله الذي عين له الشارع واتيانه في خارج محله ومكانه أيضا سمى بالقضاء. نعم لو كان قضاء هذا الجزء من صلاة أخرى صلاها منفردا أو جماعة مع إمام آخر أو مع هذا الامام في جماعة أخرى لا يبعد عدم جواز إتيانه جماعة في هذه الجماعة. وأما سجدتا السهو فالظاهر عدم جواز إتيانهما جماعة مطلقا سواء كان في هذه الجماعة مع هذا الامام أو في جماعة أخرى مع هذا الامام أو مع إمام آخر وسواء كان سببهما سهو في هذه الصلاة أو في صلاة أخرى. وذلك من جهة أن سجدتي السهو ليستا من أجزاء هذه الصلاة كي تعد الجماعة فيهما من تبعات الجماعة في هذه الصلاة. والقول بأنهما من لواحق هذه الصلاة أشبه بالخطابة وليس لادلة الجماعة إطلاق يدل على تشريعها في كل ما هو من لواحق الصلاة وتبعاتها بل الادلة قامت على استحباب الجماعة في الصلوات الواجبة. وأما صلاة الاحتياط فالاتيان بها جماعة ابتداء - بمعنى أن عليه ركعتين مثلا لانه شك بين الاثنتين والاربع بعد إكمال السجدتين ففي مقام أداء صلاة الاحتياط يقتدي بامام يصلي فريضه - لا يخلو عن إشكال لعدم إطلاق في أدلة الجماعة يتمسك به لجوازه.

 

وأما ما يقال: من أن قوله عليه السلام في صحيحة زرارة والفضيل: الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنة 1 وأمثاله يدل على استحباب في جميع الصلوات كلها إلا ما خرج بالدليل وهي النافلة. ففيه أولا: أن هذه الصحيحة المراد من الصلوات فيها خصوص الفرائض اليومية وان كانت في حد نفسها من ألفاظ العموم لانه جمع معرف بالالف واللام لقوله عليه السلام في صدر الحديث الصلوات فريضة . ومعلوم أن المراد بها فرائض اليومية لان جميع الصلات ليست بفريضة قطعا فالمراد بها في قوله عليه السلام: وليس الاجتماع بمفروض في الصلوت كلها أيضا هي اليومية. ومعلوم أن الاستدراك بكلمة ولكنه سنة بعد نفي الوجوب عن الاجتماع في اليومية إثبات كونه سنة فيما نفي عنه الوجوب وقد عرفت أنها اليومية. وثانيا: أن الاطلاقات سواء أكانت في هذا الرواية أو في غيرها - كما في صحيحة ابن سنان: الصلاة في جماعة تفضل على كل صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة 2 مسوقة لبيان تشريع الجماعة وفضلها وكثرة ثوابها وليس في مقام بيان أنها في أي نوع من الصلاة مشروعة. وثالثا: لا شك في ورود روايات معتبرة مستفيضة على عدم مشروعية الجماعة في النافلة وصلاة الاحتياط - على تقدير عدم النقص في الصلاة الاصلية - نافلة ووجوب الاتيان بها ليس لانها واجبة على كل حال بل لتحصيل اليقين بامتثال ذلك الواجب الاصلي ولذلك عبر عنها في الاخبار بالبناء على اليقين.

 

(هامش)

 

(1) الكافي ج 3، ص 372، باب فضل الصلاة في الجماعة، ح 6، تهذيب الاحكام ج 3، ص 24، ح 83، باب فضل الجماعة، ح 2، وسائل الشيعة ج 5، ص 371، أبواب صلاة الجماعة، باب 1، ح 2. (2) تهذيب الاحكام ج 3، ص 25، ح 85، باب فضل الجماعة، ح 4، وسائل الشيعة ج 5، ص 370، أبواب صلاة الجماعة، باب 1، ح 1. (*)

 

 

والحاصل: أنه لا شك في أنه مقتضى الاصل عدم جواز ترتيب آثار الجماعة على صلاة إلا بعد إحراز تشريع الجماعة فيها واحراز تشريع الجماعة في صلاة الاحتياط مشكل فمقتضى الاصل عدم جواز ترتيب آثار الجماعة. ثم إنه لا يخفى أنه بناء على ما رجحنا من عدم مشروعية الجماعة في صلاة الاحتياط لا فرق بين ائتمام الاحتياط بالفريضة أو بالاحتياط. وأما اقتداء الفريضة اليومية صلاة كاقتداء صلاة الصبح بصلاة الاحتياط فيما إذا كانت صلاة الاحتياط أيضا مثل صلاة الصبح ركعتين فهل يجوز أم لا ؟ يمكن أن يقال بالجواز وذلك لتشريع الجماعة في فريضة اليومية يقينا. ولكن وفيه: أن ظاهر أدلة تشريع الجماعة في الفريضة بعد انصرافها إلى اليومية لما ذكرنا في بيان المراد من الصلوات في صحيحة زرارة وفضيل أن يكون كلاهما من اليومية أي صلاة الامام وصلاة المأموم ومع الشك تجري أصالة عدم التشريع. ولا فرق فيما ذكرنا من عدم جواز الجماعة في صلاة الاحتياط بين أن نقول بأنها صلاة مستقلة يتدارك بها نقصان ملاك صلاة الاصلية على تقدير النقصان أو أصل الملاك بضميمة صلاة الاحتياط إلى الاصلية أو نقول بأنها جزء للصلاة الاصلية على تقدير النقصان وذلك من جهة عدم إحراز النقصان وكونها جزء منها واحتمال كونها زائدة ونافلة. هذا كله في الاقتداء ابتداء أما لو كان مقتديا وكان شكه مطابقا لشك الامام فبنى الاثنان على الاكثر وأراد الامام أن يأتي بصلاة الاحتياط فلا يبعد الجواز في هذه الصورة على إشكال أيضا.

 

الجهة الثالثة في موارد تطبيقها وقد عرفت جميعها مما تقدم فلا نعيد. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.