دعاؤه عليه السلام في المهمات من هم أو ضر أو عدو أو فقر

روي اليسع بن حمزة القمي، قال: اخبرني عمرو بن مسعدة وزير المعتصم الخليفة إنه: جاء عليّ بالمكروه الفظيع حتى تخوفت على اراقة دمي وفقر عقبي، فكتبت الى سيدي ابي الحسن العسكري (عليه السلام) اشكو اليه ما حل بي. فكتب اليّ: لا روع عليك ولا بأس، فادع الله بهذه الكلمات يخلصك الله وشيكاً (1) مما وقعت فيه ويجعل لك فرجاً، فإن آل محمد يدعون بها عند اشراف البلاء وظهور الأعداء وعند تخوف الفقر وضيق الصدر. قال اليسع بن حمزة: فدعوت الله بالكلمات التي كتب اليّ سيدي بها في صدر النهار، فوالله ما مضى شطره حتى جائني رسول عمرو بن مسعدة.  فقال لي: أجب الوزير. فنهضت ودخلت عليه، فلما بصر بي تبسم الي وأمر بالحديد، ففك عني، وبالاغلال، فحلت مني، وامرني بخلعة من فاخر ثيابه واتحفني بطيب، ثم أدناني وقربني وجعل يحدثني ويعتذر اليّ ورد عليّ جميع ما كان استخرجه مني واحسن رفدي، وردني الى الناحية التي كنت اتقلدها واضاف اليها الكورة التي تليها.  قال: وكان الدعاء: «يا من تحل باسمائه عقد المكاره، ويا من يفل (2) بذكره حد الشدائد، ويا من يدعى بأسمائه العظام من ضيق المخرج الى محل الفرج، ذلت لقدرتك الصعاب، وتسببت بلطفك الأسباب، وجرى بطاعتك القضاء، ومضت على ذلك (3) الاشياء، فَهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة، وبارادتك دون نهيك منزجرة، وانت المرجو للمهمات، وانت المفزع للملمات (4)، لا يندفع منها الا ما دفعت، ولا ينكشف منها الا ما كشفت. وقد نزل بي من الامر ما فدحني (5) ثقله، وحل بي منه ما بهظني (6) حمله، وبقدرتك اوردت عليّ ذلك، وبسلطانك وجهته اليّ. فلا مصدر لما اوردت،‌ ولا ميسر لما عسرت، ولا صارف لما وجهت، ولا فاتح لما اغلقت، ولا ناصر لمن خذلت الا انت، صل على محمد وآل محمد وافتح لي باب الفرج بطولك، واصرف عني سلطان الهم بحولك، وانلني حسن النظر فيما شكوت، وارزقني حلاوة الصنع فيما سألتك، وهب لي من لدنك فرجاً وحياً (7)، واجعل لي من عندك مخرجاً هنيئاً، ولا تشغلني بالاهتمام عن تعاهد فرائضك واستعمال سنتك. فقد ضقت بما نزل بي ذرعاً، وامتلات بحمل ما حدث عليّ جزعاً، وانت القادر على كشف ما بليت به و دفع ما وقعت فيه، فافعل ذلك بي وان كنت غير مستوجبه منك، يا ذا العرش العظيم وذا المن الكريم، فانت قادر يا ارحم الراحمين، امين رب العالمين».
*******
(1) وشيكاً: سريعاً.
(2) فل القوم: كسرهم.
(3) ذكرك (خ ل).
(4) الملمة: النازلة الشديدة من نوازل الدنيا.
(5) فدحه الامر: اثقله وبهظه.
(6) بهظني: اثقلني.
(7) وحياً: سريعاً.