باب علّة وجوب الزّكاة

1574-  قال ]الشّيخ السّعيد الفقيه[ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّيّ ]مصنّف هذا الكتاب[ رضي اللّه عنه و أسكنه جنّته روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه ع قال إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض الزّكاة كما فرض الصّلاة فلو أنّ رجلا حمل الزّكاة فأعطاها علانية لم يكن عليه في ذلك عيب و ذلك أنّ اللّه عزّ و جلّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به و لو علم أنّ الّذي فرض لهم لا يكفيهم لزادهم و إنّما يؤتى الفقراء فيما أوتوا من منع من منعهم حقوقهم لا من الفريضة

 -  و روى مبارك العقرقوفيّ عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع قال إنّما وضعت الزّكاة قوتا للفقراء و توفيرا لأموالهم

1576-  و روى موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع قال حصّنوا أموالكم بالزّكاة

1577-  و روى حريز عن زرارة و محمّد بن مسلم أنّهما قالا لأبي عبد اللّه ع أ رأيت قول اللّه عزّ و جلّ إنّما الصّدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلّفة قلوبهم و في الرّقاب و الغارمين و في سبيل اللّه و ابن السّبيل فريضة من اللّه أ كلّ هؤلاء يعطى و إن كان لا يعرف فقال إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعا لأنّهم يقرّون له بالطّاعة قال زرارة قلت فإن كانوا لا يعرفون فقال يا زرارة لو كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف لم يوجد لها موضع و إنّما يعطي من لا يعرف ليرغب في الدّين فيثبت عليه فأمّا اليوم فلا تعطها أنت و أصحابك إلّا من يعرف فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفا فأعطه دون النّاس ثمّ قال سهم المؤلّفة قلوبهم و سهم الرّقاب عامّ و الباقي خاصّ قال قلت فإن لم يوجدوا قال لا تكون فريضة فرضها اللّه عزّ و جلّ و لا يوجد لها أهل قال قلت فإن لم تسعهم الصّدقات قال فقال إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم و لو علم أنّ ذلك لا يسعهم لزادهم إنّهم لم يؤتوا من قبل فريضة اللّه عزّ و جلّ و لكن أتوا من منع من منعهم حقّهم لا ممّا فرض اللّه لهم و لو أنّ النّاس أدّوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير

 فأمّا الفقراء فهم أهل الزّمانة و الحاجة و المساكين أهل الحاجة من غير أهل الزّمانة و العاملون عليها هم السّعاة و سهم المؤلّفة قلوبهم ساقط بعد رسول اللّه ص و سهم الرّقاب يعان به المكاتبون الّذين يعجزون عن أداء المكاتبة و الغارمون المستدينون في حقّ و سبيل اللّه الجهاد و ابن السّبيل الّذي لا مأوى له و لا مسكن مثل المسافر الضّعيف و مارّ الطّريق و لصاحب الزّكاة أن يضعها في صنف دون صنف متى لم يجد الأصناف كلّها

1578-  و قال الصّادق ع لعمّار بن موسى السّاباطيّ يا عمّار أنت ربّ مال كثير قال نعم جعلت فداك قال فتؤدّي ما افترض اللّه عليك من الزّكاة فقال نعم قال فتخرج الحقّ المعلوم من مالك قال نعم قال فتصل قرابتك قال نعم قال فتصل إخوانك قال نعم فقال يا عمّار إنّ المال يفنى و البدن يبلى و العمل يبقى و الدّيّان حيّ لا يموت يا عمّار أما إنّه ما قدّمت فلن يسبقك و ما أخّرت فلن يلحقك

1579-  و في رواية أبي الحسين محمّد بن جعفر الأسديّ رضي اللّه عنه عن محمّد بن إسماعيل البرمكيّ عن عبد اللّه بن أحمد عن الفضل بن إسماعيل عن معتّب مولى الصّادق ع قال قال الصّادق ع إنّما وضعت الزّكاة اختبارا للأغنياء و معونة للفقراء و لو أنّ النّاس أدّوا زكاة أموالهم ما بقي مسلم فقيرا محتاجا و لاستغنى بما فرض اللّه عزّ و جلّ له و إنّ النّاس ما افتقروا و لا احتاجوا و لا جاعوا و لا عروا إلّا بذنوب الأغنياء و حقيق على اللّه عزّ و جلّ أن يمنع رحمته من منع حقّ اللّه في ماله و أقسم بالّذي خلق الخلق و بسط الرّزق أنّه ما ضاع مال في برّ و لا بحر إلّا بترك الزّكاة و ما صيد صيد في برّ و لا بحر إلّا بتركه التّسبيح في ذلك اليوم و إنّ أحبّ النّاس إلى اللّه عزّ و جلّ أسخاهم كفّا و أسخى النّاس من أدّى زكاة ماله و لم يبخل على المؤمنين بما افترض اللّه عزّ و جلّ لهم في ماله

1580-  و كتب الرّضا عليّ بن موسى ع إلى محمّد بن سنان فيما كتب إليه من جواب مسائله أنّ علّة الزّكاة من أجل قوت الفقراء و تحصين أموال الأغنياء لأنّ اللّه عزّ و جلّ كلّف أهل الصّحّة القيام بشأن أهل الزّمانة و البلوى كما قال اللّه تبارك و تعالى لتبلونّ في أموالكم و أنفسكم في أموالكم إخراج الزّكاة و في أنفسكم توطين الأنفس على الصّبر مع ما في ذلك من أداء شكر نعم اللّه عزّ و جلّ و الطّمع في الزّيادة مع ما فيه من الزّيادة و الرّأفة و الرّحمة لأهل الضّعف و العطف على أهل المسكنة و الحثّ لهم على المواساة و تقوية الفقراء و المعونة لهم على أمر الدّين و هو عظة لأهل الغنى و عبرة لهم ليستدلّوا على فقراء الآخرة بهم و ما لهم من الحثّ في ذلك على الشّكر للّه تبارك و تعالى لما خوّلهم و أعطاهم و الدّعاء و التّضرّع و الخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة في أداء الزّكاة و الصّدقات و صلة الأرحام و اصطناع المعروف

1581-  و قال أبو الحسن موسى بن جعفر ع من أخرج زكاة ماله تامّة فوضعها في موضعها لم يسأل من أين اكتسب ماله

1582-  و قال الصّادق ع إنّما جعل اللّه عزّ و جلّ الزّكاة في كلّ ألف خمسة و عشرين درهما لأنّه عزّ و جلّ خلق الخلق فعلم غنيّهم و فقيرهم و قويّهم و ضعيفهم فجعل من كلّ ألف خمسة و عشرين مسكينا و لو لا ذلك لزادهم اللّه لأنّه خالقهم و هو أعلم بهم